ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 19/02/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

ما هكذا تُحكم الدول يا أسد..!!

د.صابر جيدوري

سُئل "ديمتري بيسرايف" هل يستطيع المرء أن يقتل أمه؟ فأجاب: ولم لا إذا كنت أريد ذلك وأجده مفيداً.. هكذا اغتصب العنف أعز الولاءات بإعلانه الخاص الذي يضغط بالغلبة للقطيعة مع كل القيم إلا ما يخص إرضاء الذات والنفع الخاص.. إن صاحب الإجابة الفاجعة هو أحد المتطرفين الروس في القرن التاسع عشر الذين وسعوا مساحة الدمار والإنكار والتحلل من كل القيم بهوس الانتهاك، فأباحوا ممارسة القتل انتصاراً لعقل أناني نرجسي يتنصل من كل ما حوله ويعتصم فقط بقيمة وحيدة هي الذات.. تماماً كما تفعل "طيور الظلام" في حمص ودرعا وادلب وحماة وبقية المدن السورية المنتفضة على سلطة الاستبداد.. نعم هكذا تفعل طيور الظلام في وطني، وهي تسعى لإذلال الإنسان السوري وكسر شوكته وامتهان إنسانيته، والقضاء على كل مصادر المقاومة لديه، من الكلمة إلى لقمة العيش مروراً بدواء الجريح..

 لقد أصبح واضحاً لمن يفهم ولمن لا يفهم أن هذه الهجمة الهولاكية التي تُمارسها قوات الأمن والشبيحة على الثوار السوريين، ما هي إلا محاولة لتعويض إخفاقها في القضاء على الثورة السورية، فعلى الرغم من جسامة التضحيات التي شهدتها المدن السورية المنتفضة، فإن نظام الاستبداد لم يقتنع بعد أن هدفه لن يتحقق مهما أسال من دماء الشهداء الطاهرة، ومهما كثف من اعتقالات ودمر من عمران وموروثات حضارية وتاريخية.. لقد مارس نظام الاستبداد أبشع صور العدوان بمختلف مآسيها على الثوار المنتفضين ضد القهر والاستلاب والحرمان.. ومع ذلك لم يستسلم الشعب لهذه الهجمة الهولاكية، بل لم يعد يقبل أن يكون هذا النظام وصياً عليه وعلى مستقبله، بعد أن أدرك حقه في حياة كريمة عزيزة خالية من الظلم والاستبداد، وبعد أن انتصر على ثقافة كاتم الصوت وبدأ يُردد ما قاله شاعر الثورة العرابية عبد الله النديم:

لنا جلد على جلد يقينا إذا زاد البلا زدنا يقينا

لهذه الأسباب وغيرها كثير أقول: ما هكذا تُحكم الدول يا أسد.. نعم الدول لا تُحكم بالدبابات وراجمات الصواريخ ومدافع الهاون.. ثم إن الدول لا تُحكم بقتل الشرفاء والأحرار والمعارضين السلميين.. نعم الدول لا تُحكم بقتل الأطفال والنساء والشيوخ.. ولا بترويع الأطفال الرضع والشيوخ الركع والنساء الحوامل.. كما أن الدول لا تُحكم يا أسد بإهدار كرامة الأطباء والصيادلة والمهندسين والمعلمين.. لقد مارس قطاع الطرق المتواجدين على الحواجز العسكرية التي قطعت بها أوصال البلاد والعباد كل ما ذكرته وأكثر.. لهذا لا بد وأن أُذكر الديكتاتورية الحاكمة في سوريا أن الدول تُحكم بالعدل.. العدل الذي لا يختلف عليه اثنان.. لأن العدل هو أن يفوز كل صاحب حق بحقه.. الدول تُحكم باحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية التي أقرتها الشرائع السماوية والمواثيق والإعلانات الدولية.. نعم باحترام الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى بقوله: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (الإسراء: 70) نعم هكذا تُحكم الدول.. الدول لا تُحكم بنظام الحزب الواحد.. ولا برقابة بوليسية شديدة.. ولا باستيلاء فئة قليلة على جميع الوسائل العسكرية.. ولا بإدارة الاقتصاد والتحكم به من قبل مجموعة من اللصوص.. ولا بتركيز جميع وسائل الدعاية والإعلام بأيدي الطبالين والزمارين والصعاليك من كتبة التقارير.. هؤلاء الذين يتميزون بالغباء والبلادة والبلاهة.. هؤلاء الذين أسهموا عن غير وعي بتأجيج الثورة السورية.. هؤلاء الذين لم يصدقهم حتى الأطفال في سوريا.. والسبب في ذلك تهافت الخطاب الإعلامي الذي اكتشف الأطفال في سوريا قبل الكبار زيفه وانحطاطه، منذ أن أخرج التلفزيون السوري فيلم قرية البيضا، مروراً بأسلحة المسجد العمري، وليس انتهاءً بفيلم وزير الخارجية عن العصابات المسلحة..

 لقد كتبت لك أيها الرئيس منذ بداية الثورة مقالاً شرحت فيه لماذا ردد أبناء حوران شعار الموت ولا المذلة.. وطلبت منك القيام بتشكيل لجان تحقيق نزيهة وموضوعية ومقتدرة، تنظر في شكاوى الذين تعرضوا للقتل والقهر والظلم.. من أجل أن يتحقق العدل في فضاءات المجتمع السوري.. العدل الذي ينفي أخطاراً كثيرة.. ينفي الظلم والتمييز وحالة الاستلاب التي يحدثها القاهر للمقهور.. طلبت ذلك في لحظة تاريخية كنت اعتقد جازماً أنك لو فعلت ذلك لما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه الآن.. لذلك أتساءل اليوم ويتساءل معي الكثير من السوريين: كيف ستحكم سوريا بعد الذي فعلته في البلاد والعباد؟ لا أعرف إن كنت تمتلك تقاريراً دولية أو محلية تؤكد لك أن حكمك لسوريا سوف يستمر بعد كل الذي حصل، وإنه لا مشكلة في الدماء التي سالت على تراب الوطن.. ولكن ما أعرفه ومتأكد من معرفته هو أنك لن تحكم سهل حوران بعد اليوم.. أقول هذا بعد أن أصبحت جميع قرى حوران ومن دون استثناء قرى منكوبة.. أقول هذا لأنه لم يعد يوجد قرية في حوران إلا وتم ارتكاب مجازر وحشية فيها.. أقلها يشبه مجزرة دير ياسين وأخواتها من المجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني.. ثم أقول هذا لأنني أعرف الخلفيات الاجتماعية والنفسية والدينية لأبناء هذه المنطقة.. كما أعرف أهمية الدم المسال بالنسبة لأولياء الدم.. نعم أعرف كل ذلك.. ولذلك عنونت مقالي هذا ما هكذا تُحكم الدول يا أسد..

=========================

ماذا يريد ثوار سوريا من أصدقاء سوريا ؟

د.هشام الشامي

لو تأملنا في نتيجة الاقتراع الذي حصل ليلة أمس في الجمعية العامة للأمم المتحدة لوجدنا أن أصدقاء النظام السوري هم روسيا و إيران و الصين و كوريا الشمالية و بضعة دول ديكتاتورية شمولية لم يتجاوزوا اثنا عشر دولة بما فيهم النظام الأسدي نفسه ، بينما أصدقاء الشعب السوري مئة و سبع و ثلاثون دولة بما فيهم جميع الدول العربية و الإسلامية ، لكن أصدقاء النظام السوري متورطون بشكل مباشر بدماء السورين و خاصة إيران التي تدعم النظام بالمال و الرجال و المعلومات و المشورات و روسيا التي تدعمه أمنياُ و عسكرياٌ و أممياُ ، بينما أصدقاء الشعب السوري الكثر مازالوا مترددين و خائفين و خجولين في دعم هذا الشعب الثائر الأعزل

بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير الأسبوع الفائت و في اتصال لقناة الجزيرة الإخبارية سُأل صالح الحموي الموجود داخل حماة المحتلة و المحاصرة بالدبابات و المجنزرات العسكرية منذ أشهر ، عن رأيه في قرارات هذا الاجتماع ، و الذي اعتبرت القرارات الصادرة عنه طفرة في مجال العمل الدبلوماسي العربي ، أجاب صالح الحموي وهو الناطق باسم الهيئة العامة للثورة السورية : نحن نشكر مواقف إخواننا العرب على مواقفهم و إن جاءت متأخرة ، و أقول إن الشعب السوري يحتاج عاجلاً لا آجلاُ لأربع ضرورات و هي :

1-        السلاح

2-        الخبز

3-        الدواء

4-        الأكفان.

فقد أجمع أكثر الثوار في سوريا أنهم لا يرغبون بتدخل دولي عسكري في سوريا ، لأن مثل هذا التدخل له عواقب سيئة على مستقبل سوريا ، و ثوار سوريا قادرون بأنفسهم على تحرير سوريا من عصابات الأسد ، إذا ما تم دعمهم بالسلاح و الذخيرة .

فرغم أن الجيش السوري الحر لا يملك إلا الأسلحة الخفيفة التي انشق بها ، و يجابه كتائب الأسد المدججة بأسلحتها المتوسطة و الثقيلة المتطورة ، فقد استطاع دحرها في أكثر من جبهة ، و لكن ما كان يقصم ظهر الجيش الحر و يجبره على التراجع التكتيكي هو عدم توفر الذخيرة لديه بالكميات المناسبة ، و خصوصاُ أن هذه الذخيرة لم تعد متوفرة في الأسواق السورية المراقبة بدقة ، إضافة إلى ارتفاع ثمنها ، فبينما كانت طلقة البندقية الروسية بأربعين ليرة قبل اندلاع الثورة ، أصبحت اليوم بمائة و خمسين ليرة إضافة لعدم توفرها ، و لعل مشكلة الذخيرة أهم مشكلة ملحة يجب على أصدقاء الشعب السوري علاجها ، أما إذا ما تم تطبيق منطقة عازلة و حظر جوي على أجزاء من سوريا فهذا سيشجع كثيراُ على زيادة وتيرة الانشقاقات عن الجيش الأسدي ، إضافة لإمكانية الانشقاق بالأسلحة المتوسطة و الثقيلة مما سيسرع في سقوط نظام الأسد و سيوفر الكثير من دماء السوريين المهدورة

أما الخبز فسيساعد توفره على صمود الشعب ، الذي خرج يطالب بحريته و كرامته ، و خصوصاً بعد الغلاء الفاحش في الأسعار ، فقد وصل سعر ربطة الخبز – 2 كيلو غرام – لثمانين ليرة و كذلك ثمن كيلو الرز و السكر إلى أكثر من سبعين ليرة مع عدم توفر هذه المواد الأساسية بشكل كاف في المناطق الساخنة ، و قس على ذلك بقية المواد الغذائية عداك عن ارتفاع أسعار و عدم توفر الغاز و المازوت و بقية المحروقات في شتاء سوريا القارص

أما الدواء فقد أدى شحه إلى استشهاد الكثير من الجرحى و المصابين بنيران كتائب الأسد حتى و لو كانت إصاباتهم سطحية و بسيطة ، إما بسبب النزف المستمر ، أو بسبب التجرثم و التقيح و عدم توفر المعقمات و المضادات الحيوية المناسبة ، هذا بالإضافة إلى خوف المصابين من العلاج داخل المستشفيات الحكومية خشية الاعتقال و التصفية من قبل الكتائب الأسدية المجرمة الني تتخذ من المراكز الطبية معقلا لها ، و تفضليهم تلقي العلاج في المستشفيات الميدانية الغير مؤهلة لاستقبال مثل هذه الحالات إن كان من حيث الإمكانيات أو من حيث الكوادر ، أما عن شح حليب الأطفال و شرابات و علاجات الأطفال فذلك وجه آخر للمأساة السورية

و أخر احتياجات الثوار في سوريا هي الأكفان ، فهؤلاء الأبطال الذين خرجوا بصدورهم العارية يواجهون أعتى و أجرم و أظلم و أطغى نظام ألا يستحقون قطعة قماش بيضاء تكفن أجسادهم العارية و هم الذين ضحوا من أجل أن ينعم إخوانهم في سوريا و أبناءهم من بعدهم بالأمن و الأمان و الحرية و الكرامة التي حرمهم منها نظام الأسد على مدى أكثر من أربعة عقود ، بل إنهم ضحوا من أجل إخوانهم و جيرانهم من عرب و مسلمين ، فكم عانى اللبنانيون و الفلسطينيون و الأردنيون و العراقيون و حتى الأتراك و أبناء الخليج من إجرامهم و إرهابهم المباشر أو غير المباشر عن طريق دعمهم لمنظمات إرهابية محلية و عالمية

لهذا كله يجب على كل الأحرار في العالم الذين خذلوا الشعب السوري المظلوم بعد ما يقارب العام على اندلاع ثورته المباركة ، و لم يفعلوا شيء سوى الكلام و الاستنكار و الإدانة ، إضافة لإحصاء عدد القتلى و المصابين و الأسرى و المهجرين ، و كأن الشعب السوري أصبح مجرد أرقام ليس إلا ، وجب عليهم أن يصحوا قبل فوات الأوان من غفلتهم و ترددهم و يقدموا كل ما يستطيعون من مساعدات مادية و معنوية بالمال و بالعتاد و المعلومات ، و بالإعلام و داخل المنظمات الدولية السياسية والحقوقية و الطبية بما فيها الممرات الآمنة الإنسانية و كل من يتقاعس عن ذلك فهو شريك مباشر مع النظام الأسدي في قتل السوريين

و يبقى الواجب الأكبر في هذا المجال على التجار و الميسورين السوريين داخل الوطن و المغتربين منهم خارج الوطن ، ثم على إخواننا العرب و المسلمين ، ثم على كافة الأحرار في هذا العالم المتحضر المتخاذل

و يبقى السؤال المطروح بقوة اليوم هو : هل سيتحول أصدقاء سوريا الذين سيجتمعون الأسبوع القادم في تونس الخضراء من الأقوال إلى الأفعال ؟؟!!

مركز الدراسات الإستراتيجية لدعم الثورة السورية

=========================

إذا أنت لم تَنْفع فلا تضرّ!

أ.د/ عبد الرحمن البر

عميد كلية أصول الدين والدعوة بجامعة الأزهر بالمنصورة وعضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين وعضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين

كان الأوسُ والخزرجُ قبل الهجرة النبوية قد اتفقوا على إيقاف الحرب بينهم، واجتمعوا على تسمية عبد الله بن أُبَيّ ابن سَلُول (سَلُول هي أمُّه، لا جدَّه) ملكا توافقيا عليهم، فلما بايع الأنصار من الأوس والخزرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على الهجرة إليهم وأدركوا فضل الله عليهم في اجتماع أمرهم وكلمتهم به وكان ابن أُبَيٍّ ينتظر التتويج؛ رأى أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد سلبه ملكا كان ينتظره ويتوقعه، ونسي أنه كان رائد مشروع عملي لسفك الدماء ووحدة الكلمة، وغلبته طبيعتُه النفسية وأنانيتُه الذاتية، ومن ثَمَّ رفض ما اجتمعت عليه كلمةُ الأمة من الأوس والخزرج وأَبَى أن يُقِرَّ برسالة النبي صلى الله عليه وسلم في البداية، فلما رأى انتصار المسلمين في بدر وحالة النجاح العظيمة التي تحققت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين في المدينة لم يجد بُدًّا من الإقرار الظاهري بما اجتمعت عليه كلمة قومه، لكن بقي ضميره مطويا على الرفض وقلبه منطويا على الحقد، وصار جُلُّ همِّه التربص بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالمسلمين وتَصَيُّد ما يمكن أن يُسوِّقه على أنه أخطاء، وصار أحرصَ على التواصل مع أعداء الإسلام منه على التواصل مع النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين، بل صار يرفض أن يمد يده لتصافح اليد التي يمدها النبي والمسلمون، ولم يَرَ حرجا في التآمر مع اليهود على الأمة التي كادت أن توليه أمرها يوما ما!

ولئن كان من النادر أن تتكرر حالة عبد الله بن أُبَيّ؛ إلا أن هذه الحالة النفسية من الانقلاب على الأفكار والمبادئ والسعي للإضرار بالأمة التي كان يدعو لرفعتها ويجاهد في سبيل وحدتها –ظاهرا على الأقل- هذه الحالة النفسية وما يترتب عليها من سعي في الإضرار تتكرر في أحوال كثيرة من أناس ظاهرهم الإخلاص لأوطانهم، لكن إذا أعرض الشعب عن اختيارهم يرون أن حضورهم في المشهد العام بشكل مؤثر لا يكون إلا عبر الإضرار بالوطن والإساءة للآخرين من شركاء الوطن، وشعارهم: إذا لم تكن إماماً فيِ الخير فلا يفوتك أن تكون إماما في الشرّ، وإذا لم ترفع في الخير شعاراً فارفع في الشر شناراً.

إذا أنت لم تَنْفع فضُرَّ فإنما=يُرَجَّى الفَتى كيما يُضرَّ وَيَنْفَعا

ومن الطبيعي أن يتم تغليف هذه الأفكار الضارة بعبارات منمقة ظاهرها الرحمة وحب الوطن والسعي في مصالحه، وباطنها الكيد لشركاء الوطن، كائنة ما كانت العواقب التي يمكن أن تحيق بالوطن، ولذلك تجد هذه الدعوات للإفساد آذانا صاغية من كثيرين من المتحمسين الذين قد لا يدركون ما وراء هذه الدعوات وما قد يترتب عليها من مفاسد ومهالك إلا متأخرا، وفي مثل هذه الأجواء يجد البلطجية والمجرمون فرصة سانحة للاندساس بين الجماهير والإساءة إلى الوطن، والسعي في تخريب منشآته، وإثارة الفتنة بين أبنائه، ويرحم الله من قال في أمثال هؤلاء:

قومٌ إذا الشرُّ أبدَى ناجِذَيه لهم     طارُوا إليه  زَرافات وَوُحْدانـا

لا يَسألون أخاهم  حين يَنْدُبهم     في النَائبات على ما قال بُرْهانا

على أن هؤلاء الذين أعرض الشعب عن التجاوب مع آرائهم ورفض السير خلف دعواتهم يبالغون في الخصومة مع شركاء الوطن لحد الفجور أحيانا بحيث لا يمنعهم وازع من دين أو ضمير عن الافتراء التماس العيوب للبرآء، وهذا من أشد الأمور على نفوس المخلصين الذين لا تسمح لهم أخلاقهم بمعاملة هؤلاء بالمثل، ولله در القائل:

بــلاءٌ ليـس يُشبههُ بلاء    عداوةُ  غير ذي حسـبٍ ودينِ

يُبيحُكَ منهُ عِرْضاً لم يصنْهُ    ويرتعُ منك في عِرض مَصون

ومنتظر الخير أو الإنصاف من هؤلاء كمنتظر بيضة الديك (بالمناسبة أوردت بعض وكالات الأنباء خبراء عن أحد الديوك الصينية الذي يبيض، فلعل هذا يعطينا أملا في عودة بعض هؤلاء إلى الإنصاف).

وعلى الجانب الآخر فإن المخلصين لهذا الوطن والمستشعرين لمسئوليتهم الوطنية والأخلاقية والتاريخية يحرصون على عدم الدخول في صدامات، ولا يضيعون الأوقات في مهاترات، بل يحصرون جهدهم في العمل الجاد للنهوض بهذا الوطن:

كريم له عينان عينٌ عن الخَنَا    تنام وأخرى في المكارم تسهرُ

وهم لا يفعلون ذلك ضعفا عن مواجهة الظلم والافتراء، ولكن حرصا على مصلحة البلاد والعباد، وشعارهم :

لكنَّ قَوْمي وإن كانوا ذَوي عـدَدٍ     ليسُوا من الشر في شيء وإن هانا

يَجْزُون من ظُلْم أهل الظُّلم مَغْفِرَةً     ومِن إسَاءَةِ أهْل السُّوءِ إحْســاناً

كأنّ رَبَّك لــم يَخْلُقْ لخشــيته     سواهُم من  جميع الناس إنسـانا

ورسالتهم إلى الذين يفترون عليهم ويتلمسون لهم العيوب ويتصيدون لهم ما يزعمونه أخطاء:

قل ما بَدَا لك من زور ومن كذب     حلمي أصم وما أذني بصماءَ

ويوجهون إخوانهم وأحباءهم إلى الدفع بالتي هي أحسن، وعدم الالتفات إلى الإساءات والافتراءات التي يحترفها من يريدون إشغال الأمة بما لا يفيد في دين ولا دنيا:

أَعْرِضْ عن العوراءِ إن أُسْمِعْتَها     واسكُتْ كأنَّك غافلٌ لم تَسْمَعِ

دعوة وأمل:

في ظل هذه الأجواء التي تعيشها مصرنا العزيزة ومحاولات الاستقطاب الإعلامي الحاد، ومحاولات الضغوط الغربية والأمريكية عبر المعونات والمساعدات الاقتصادية التي يريدون من خلالها ابتزاز الأمة وإملاء الشروط عليها، وفي ظل حاجة الأمة إلى الخروج من الأزمات المفتعلة

=========================

صباح الخير أيها الزبداني

شعر : د. خير الله سعيد

لي رفقة ٌ هناك

وأصدقاء أعزُّ من الإخوة

كنتُ غريباً فآنسوني

أشعروني بالإنتماء إليّ

عَرفتهم بقوّة اليقين

وصرامة المبدأ

كنا نختلفُ في الآراء من ( السلطة )

والجبهة الوطنية ،

ومغالطات الأفكار المُدجنة

*****

كان ( البطشُ) من علامات السلطة

مبطناً بشتّى الوسائلِ

في الترغيبِ

والترهيبِ تارةً

والتوظيفِ .. والإعتقالِ

 تارةً أخرى

كنا نقول : تلك من سمات الديكتاتورية

كان البعضَ يقول :

تلك سلطة وطنية... ما دامت تتحالف مع الشيوعيين!!

كانت أفعالها تقتربُ من لجمِ كل الأصوات

واليسار يبرّرُ لها ذلك

وساحةُ الشعبِ محوّطةِ الأسوار

فلا ( جريدة معارضة )

ولا صوت ينتقدِ السلطة

و( الإخوان ) يغرّدون خارج الوطن

*****

 تقاطعات الوعيِّ ،

 ترسمها جبهات المنشقين عن الأحزاب المخصية

وصوت ( المقاهي ) الخافتِ

حذِرٌ من اختراقات السلطة

في الوسطِ الثقافي

فكلِّ شئٍ تحكمهُ (المخابرات)

الثقافةِ والإعلام

ودوائرِ الدولةِ الأخرى

والخوفُ تسرمدَ في كلّ النفوسِ !

*****

 مثقفون يتملقون السلطة

و( يساريون ) يمسحون أحذيتها

و ( قوميون ) فاشلون يبررون أوهامها

وأسئلةِ الوجود ، كان الشارع السوري يطلقها

بصمتِ الملسوع

ونتحسسها نحنُ الغرباء

والسلطةُ تخشى همسنا

*****

 الأسئلةُُ ُ كانت حيرى في شفاه الناس

 لكنها مرسومةٌ على الوجوه

وأكثرُ إشراقاً في المدنِ البعيدةِ عن المركز

*****

 في حمص ....

كان الوعي المعارضُ أعلى من دمشق

وفي ( حوران ) تستعرِ النفوس

بعدَ ( التوريثِ) تلاشى اليسار

وأصبحَ نسياً منسيا

والوعيُ عاد الى ( معاقلِ الثورة السورية)

يثور أحفاد ( إبراهيم هنانو) في جبل الزاوية

وينتقلُ الهدير الى ( باب عمرو)

ويتسعُ الصدى ليتجاوز حدود الوطن

*****

 كانَ الطفلُ الشهيد ( حمزة الخطيب )

يبولُ بذكرهِ المقطوع على كل السياسيين

الذينَ صمتوا عن جريمة العصر

 وهادنوا الطغاة

وكانت ( حنجرة ) إبراهيم قاشوش

هي المعادل الأوحد والأعلى

ضدَّ الأصواتِ الخرِسة

فهي البركان الذي لايهدأ ويخشاهَ النظام

*****

 ثمنُ الحريةِ أغلى من الحياة

وعند كسرِ القيود

لا فضاءَ يتسع لمدياتها الأرحب

وحين يثبت المقاتلون

على شرفات الزبداني

فعلى الموتِ أن يندحِر

*****

كندا 15-شباط- 2012م

=========================

الغضب العارم على نظام الأسد

جان كورد

البارحة، قال المجتمع الدولي كلمته بصدد ما جرى ويجري في سوريا من مجازر وجرائم ضد الإنسانية، وأسقط النظام الأسدي في يديه، رغم كل أكاذيب مندوبه إبراهيم الجعفري في القاعة الكبرى للجمعية العامة للأمم المتحدة، هذا الشيطان الذي ارتدى عباءة الملائكة، وحاول بكل السبل إظهار نظام سيده الأسد مظلوماً من قبل شعبه وعاملاً على تحرير سوريا من براثن "الحركات المسلحة والعصابات الإرهابية"، فلم يصدقه أحد، رغم إجادته الحديث والكذب، وحصل نتيجة غبائه على ما يزيد عن 10 أصواتٍ مؤيدة له فقط، في حين أن 137 مندوباً من شتى أنحاء العالم وقفوا في وجهه كالطود الراسخ وأيدوا مشروع المجموعة العربية التي فيها العديد من نقاط الاستنكار لما يحدث على أيدي جلاوذة النظام الأسدي من استهتار بالقيم الإنسانية، وطلب محاسبة هذا النظام على جرائمه ضد الإنسانية.

الجمعية العامة للأمم المتحدة لم تقم بالتصويت على اجراءات أو قرارات ملزمة، ولكنها دافعت عن الشعب السوري الذي يصرخ صباح مساء أثناء مسيراته ومظاهراته " ما لنا غيرك يا ألله" فيدمي بذلك قلوب الذين لايزال في صدورهم ذرة من إنسانية...

الجمعية العامة للأمم المتحدة اعلنت بتصويتها البارحة عن رياء ونفاق الحكومتين الصينية والروسية، اللتين راحتا تلحسان جراحهما في خزي وعار، لدى محاولة مندوب كل منهما تبرير مواقفهما السابقة في مجلس الأمن الدولي، حيث وقفا بنذالة لا مثيل لها إلى جانب الدكتاتورية، والظلم والاستبداد، ضد حرية الشعب السوري وحقه في تغيير نظامه السياسي بالشكل الذي يريده.

واليوم، يتساءل المرء عما إذا كان المجتمع الدولي سيقف عند هذا الحد أم أنه سيخطو خطوات أخرى لتعزيز جبهة الحرية والديموقراطية وحق الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه. وبالتأكيد ستكون هناك خطوات أشد حزماً وفعالية على طريق قهر هذا الظلم الكبير وانهاء هذا الليل الداجي في تاريخ الشعب السوري.

خسر النظام الأسدي وزنه السياسي وقيمته داخلياً، عندما رفض الإذعان لكلمة الشعب الهادرة، وشرع في التقتيل والتعذيب بالجملة، وعندما صفع الشباب الثائر صور الرئيس بالأحذية ورموا بهياكل أبيه أرضاً وداسوا عليها هاتفين للحرية، وخسر النظام عربياً عندما حاول العرب إنقاذ عنقه بمبادرة خجولة وودية، فتصرف طائشاً واستكبر وسار على نهجه الدموي، غير آبه بكل نداءاتهم اللطيفة الداعية إلى النعقل، وطن أن الترس الثلاثي (يران، روسيا، الصين) سيحميه من كل أذى، وها هو قد خسر معظم دول العالم بعد أن فقد أي ارتباط له بالواقع السياسي، وتجرأ على عدم سماع نداءات العالم له بوقف المذابح ضد شعبه في سوريا، ظناً منه أنه أقوى من أن تتم محاسبته دولياً، فظهر أنه أضعف مما كان يتصور، وأن العالم لايمكنه قبول كل هذا الانحراف عن جادة الصواب والعقلانية في التعامل مع شعبٍ يريد الحرية ومستعد لدفع التمن لذلك.

الخطوة التالية ستكون مؤلمة للنظام الأسدي، وقد تكون مزيلة له، ويتم بعدها إحضار رؤسه ورموزه رغماً عنهم إلى المحكمة الدولية لمحاسبتهم على ما اقترفت يداهم من جرائم ضد الإنسانية، أو أن الشعب السوري سيتخلص منهم كما تخلص العراقيون من صدامهم الدموي وزمرته المجرمة، وكما تخلص الليبيون من قذافهم الطائش المجنون واتباعه. وعندها سيندم الاسد وسيطلب العفو إن أسعفه الحظ على طلبه ذاك. ولكن هل سيعفو شعب أريقت دماء أبنائه وبناته بشكل وحشي للغاية عن قتلة مجرمين لم يرحموا طفلاً أو امرأة أوشيخاً مسناً؟ لا أدري.

أما الذي أدريه، فهو أن نهاية الطغاة المستبدين مؤلمة في معظم الأحيان، وأن الله لايهدي القوم الظالمين، بل يمدهم في طغيانهم يعمهون... وأن الله لايصلح عمل المفسدين.

=========================

يوم مشهود في تاريخ دمشق

بدرالدين حسن قربي

في وسط بقعة دمشقية مباركة يرقد على جنباتها بعض أكرم الخلق وأطهرهم، فإن قصدت الأنبياء فمنهم يحيى عليه السلام (يوحنا المعمدان)، وإن أردت كراماً فمنهم صلاح الدين، وإن عنيت أبراراً أطهاراً فهم بعضٌ من آل بيت النبوة الكرام، وإن كنت ممن يحب الصالحين ففيها مقام سِيدي عامود الذي حمل المكان اسمَه قبل أن يحمل حديثاً مسمّى (الحريقة). وإن أردت الكل معاً أصلاً وفصلاً وفخراً، فهنا كان التاريخ ومن هنا عبر العظماء وشهودنا أحياء، من أنبياء كرام إلى رجالات عظام إلى مباني ومقابر وآثار وأسواق ومساجد وكنائس وأحياء.

من سيدي عامود الحي الدمشقي العريق(الحريقة)، وعند ظهيرة يوم الخميس 17 شباط/فبراير 2011، انطلقت شرارة الغضب السوري عندما دخل شاب السوق يبحث عن مصفٍ لسيارته، ولم ير فيه شرطي المرور إلا حيواناً، فقال له بأدبه الجمّ: امش ياحمار..! فردّ عليه الشابّ بنفس لغته المهذبة التي أغضبته، فضربه بعصا المرور التي يحملها، وهو ما دفع بالشاب إلى ردّ الإهانة، غير أن تدخل اثنين من الشرطة الموجودين في المكان ومشاركتهما في ضرب الشاب حتى إدمائه بشكل وحشي مهين، أشعل غضباً غير متوقع. فاستغاثة الشاب المدمى عماد نَسَب وهو ابن أحد أصحاب المحلات التجارية في المنطقة بمن حوله وصراخه، أدّت إلى تجمع المارة والمتسوقين والتجار الذين أغلقوا محلاتهم، ليغدو الأمر تظاهرةً عفوية قدّرت بأربعة آلاف، استمرت ثلاثة ساعات، وانطلق فيها للمرة الأولى نداء الثورة السورية الأشهر والأجلّ:الشعب السوري مابينذل.

حضور وزير الداخلية بنفسه على غير العادة، وتدخله ووعده بمحاسبة الشرطة، وأخذه الشاب العشريني معه، أنهى المسألة فيما خيّل إليهم، ولاسيما عندما ختم حضوره بسؤال المتجمهرين:( يعني) أنتم متظاهرون..!؟ وقيل له: أبداً..لأ..! ومع ذلك، فقد تبع التظاهرة يوم الأربعاء التالي 23 شباط وقوف أحد العاملين في السوق في وضح النهار في منتصف ساحة الحريقة محتجاً صامتاً، ورافعاً لافتةً كَتب عليها: طفح الكيل يابشار أنقذنا من العصابة.

وللتذكير، فإن ثورات الربيع العربي كانت حتى تاريخه مستمرة في اليمن، وإنما انتهت بهرب ابن علي في تونس، وتنحّي مبارك في مصر، في حين أن الثورة الليبية كان قدر انطلاقتها الملتهبة مع تظاهرة الحريقة الدمشقية في يومٍ ووقت واحد.

ونشير هنا أيضاً إلى أن كل ماكتب وقيل في ذاك الوقت في تنبيه النظام السوري وتحذيره باعتبار تركيبته والأنظمة المتهاوية واحدة ومتقاربة، وفي دعوته لتدارك أمره بالإصلاح والتغيير الفوري والعاجل كان بلا فائدة البتة أمام قناعته الضلالية والعقيمة أن حالته بالمقاومة والممانعة عصيّة حتى على احتمال امتداد الاضطراب السياسي، وأنه غير عن تونس ومصر. ولكن لم تأخذ المسألة أكثر من أسابيع ثلاثة حتى خرجت مظاهرة درعا في 15 آذار، لتؤكد عقم قناعات النظام المستبد المتألّه وفساده، وزاد في آثار الانفجار الشعبي وامتداده صلف الطغمة المتسلطة وغرورها الذي جعل تدميرها في تدبيرها.

إن ماحصل في سيدي عامود الحريقة قبل عام، وتوهم البعض أنه أنهى مظلومية الشاب الذي ضرب وأهين أبشع أنواع الإهانة، وعمى قلوب وعقول عتاولة النظام وجلاوزته عن أن المسألة أعظم من أن تكون ظلامة فردٍ، وأكبرَ من مكانٍ اسمه الحريقة، بل هم ملايين السوريين في دوّامة الظلم والقمع والامتهان والتجويع على امتداد الوطن.

إن تظاهرة الحريقة التي انطلقت بشعارها الأحلى والأجمل معطّرة بروائح الياسمين الشامي، وما خافه وزير الداخلية منها، فهي قد كانت وقد فاتهم بعدها القطار، لتتوالى بعدها المظاهرات السلمية تباعاً، وتزداد مع قمع النظام وتوحشه في القتل وسفك الدماء قوة وامتداداً على أرض البطولات حتى بلغ عددها 650 مظاهرة في يوم الجمعة السابقة المسمّاة: جمعة روسيا تقتلنا. وهو رقم مفاده واضح، أن حكم مافيا القمع والقتل في سوريا قد سقط وانتهى إلى الأبد. فقد قضي بالحق بين النظام المتوحش وبين شعبه الذي صبر عليه أكثر من أربعين عاماً، وقيل الحمد لله رب العالمين.

_________

المظاهرة التاريخية الأولى في سيدي عامود- الحريقة/دمشق يوم 17 شباط/فبراير 2011

http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=NykGjfKn3TU

http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=QlHoZbUdxmM

مظاهرة في حي المزة/دمشق يوم 16 شباط/فبراير 2012

http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=8hVe6KhwKpw

http://www.youtube.com/watch?v=0sK-7P0qT1Q&feature=player_detailpage

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ