ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 24/12/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

للمرة المليون..أيها الأغبياء: لاتسقطوا غصن الزيتون من أيدي شبابنا!

نوال السباعي

كم حذرنا العالم من مغبة هذا الذي يجري في سورية أمام صمته وعجزه

هذا الذي يجري بتدبير ودفع وإصرار من هذا النظام الذي فاقت قدرته على الاجرام كل تخيل

المجزرة ماضية في سورية بأيدي النظام المجرم ، وبتدبيره،

والجميع مشاركون في هذه المجزرة ..الجامعة العربية ، والاتحاد الأوربي ، والولايات المتحدة الأمريكية ، والصين ، وروسيا، وإسرائيل ، وإيران …..و..تركيا

***

هذه هي نتيجة المهل التي منحوها للنظام ، أمهلوه حتى خطط ودبّر وأعدّ

وحشر المعتقلين في حاويات ، وأرسلهم الى عرض البحر ، ربما ليخفيهم عن أنظار عالم يرى ولايريد أن يرى ن وربما ليرميهم في البحر كما فعلت حكومة تشيلي القذرة في السبعينات ، حيث القت بآلاف المعتقلين الأحرار في عرض البحر لتتخلص من وجودهم ومشكلتهم وجثثهم!

ثم…أعدّ وخطط لهذه التفجيرات التي ألصقها بالقاعدة ، وقتل فيها وجرح مايقارب المائتين من أبناء أحياء أهل دمشق العاصمة الذين كانوا صامتين ساكتين ، ولم يشاركوا في اي من المظاهرات والانتفاضات والثورة. !!!!!

كأن بصيرا في هذا العالم لم يعد يعرف أن القاعدة أصبحت فزاعة الأنظمة المتهالكة المتهاوية تتشبث بقشة القاعدة لتنجو أمام أربابها !!!!!

ثم أعدّ وخطط فطلى الدبابات والمصفحات وملابس الجند ووجوه الأغوال وضمائر القتلة باللون الأزرق !! وكأنه يخاطب عالما أحمق غبياً!!!

***

أمهلوا هذا النظام القاتل المتوحش …ثم أمهلوه…ثم أمهلوه ، ليقمعوا الثورة - التي سماها البعض "تمردا"!!- ، وليسحقوا انتفاضة الشعب بعد ثلاثين عاما من الذل والإكراه، وليخرسوا صوت الحرية في النفوس الأبية ، وليكبتوا نداآت الكرامة في القلوب الحيّة

يريدون لهذا الشعب أن يبقى صامتاً راكعاً .. يعيش الذل والهوان والقمع والقهر وهو صامت

كما أرادوا له الذبح عندما قام يسترد كرامة أبنائه ونسائه المهدورة في درعا

***

كم تحدثنا عن الزلازل التي ستضرب المنطقة والعالم بأسره إذا بقي الحال على ماهو عليه من الذبح والسحل والتعذيب والقمع المتغول ؟!! زلازل بآثار ارتدادية سوف تعمّ العالم ،تدمر وتخرب ، وستكون فيها حروب رهيبة كالحرب الأهلية اللبنانية أو حرب البلقان الأخيرة ، والتي ستكون بالمقارنة مع مايمكن ان يجري في المنطقة ، مجرد أمثلة صغير ة غير ذات أهمية !!!

لكن العرب والعالم أصموا آذانهم عن تحذيراتنا ، إكراما لعيون إسرائيل، وأمن إسرائيل الذي كانت تضمنه هذه الأنظمة القذرة

 !!.

لم يسمع تحذيرنا ويأخذه بعين "السرقة" إلا هذا النظام "السرّاق" !، فكما سرقوا كل شيء في هذه الثورة ،بدءا من رفع الاعلام ، وحتى أغنية القاشوش !! ، فقد سرقوا تحذيرنا ذاك وادّعوه ، والتزموه …باعتباره استراتيجية إعلامية ناجعة لتخويف العالم من الزلازل القادمة في المنطقة العربية إن سقط النظام! .

هذا التحذير أعرفه تماما ، وأعرف أبعاده، وأعرف حقيقته ،لانني كنت من أوائل الذين أطلقوه ، وقد حذرت منه وبالتفصيل في احدى مقالاتي في شهر نيسان الماضي !.

النظام يخوف العرب والعالم من حرب الميليشيات الطائفية المنتشرة في بعض الدول العربية التي كان يعيث فيها فسادا بتفجيراته ولعبه فيها بالنار !!،

اما نحن فقد حذرنا -ونحذر- العالم من غضبة الشعوب ، غضبة الشعوب التي ستفتح على الانظمة نيران جهنم الحقيقية !!

النظام يلعب بورقة "القاعدة" …وسينقلب لعبه هذا وأقرب مما يظن إلى جدّ لاهزل فيه أبداً!!!!

لن يكون هناك تنظيم "جهادي" واحد يهز الأرض تحت أقدام النظام العالمي الأخرس هذه المرة ، بل سيكون هناك الآلاف المؤلفة ، والتي ستأتي من كل حدب وصوب للنصرة..ليس لنصرة الشعب السوري وحده ، بل لنصرة الشعب الفلسطيني المظلوم والذبيح ، والذي طالما حاصرته هذه الأنظمة العميلة بجيوشها الجرارة التي إعدّتها للجم شعوبها إذا مافكرت بالنهوض والقيامة والثورة والانتفاضة !!كما لحماية حدود إسرائيل ،

فلسطين المحاصرة بعمالة الأنظمة كما بطول خنوع وركوع وصمت الشعوب ، سنكون في عين الحدث ن وفي قلوب الزاحفين للنصرة! !.

ماحذرنا منه اصبح قاب قوسين أو أدنى بسبب تغول النظام السوري واستكباره وكذبه "وفبركاته " وتلفيقاته المعروفة للقاصي والداني واستقوائه بالعدو الخارجي

….وإذا كان بعض شباب الإسبان والفرنسيين والألمان والايكوادوريين ومن البيرو وتشيلي …فضلا عن الباكستانيين والبوسنيين والأندونيسيين .. …يريدون ويطلبون الذهاب الى سورية للقتال دون الشعب الذي يذبح ، فما بالكم بشباب المنطقة العربية والعالم الأسلامي؟ ؟؟والذين تقاطروا بعشرات الآلاف في حينه لنصرة أهل البوسنة الذين استبيحت دماؤهم وحرماتهم في حرب البلقان ؟؟ !.

للمرة الثانية ..نحذركم أيها القتلة بالفعل ..كما بالصمت والسكوت والإهمال..لاتسقطوا غصن الزيتون من أيدي شباب الأمة ، لانه إن سقط هذه المرة ، فإن كفرهم بالتغيير السلمي سيكون مزلزلا حقا وصدقا!.

النظام العالمي متورط بدمنا وبالمجازر التي تجري في سورية ، لأنه لو أراد إيقافها لاستطاع إيقافها منذ الأسبوع الاول

لكنه خشي التغيير …خشي أن يأتي التغيير بحكومة تنزل لدى إرادة الشعب في قلب موازين الأمور لغير مصلحة إسرائيل على الارض ! فترك الشعب السوري يذبح وحده ،هناك في عراء هذا القهر الحاقد

ولم يحسب حسابا لحسابات التاريخ والحق والإنسان

بين تواطؤ النظام العالمي ،وصمت النظام السياسي العربي وعجزه،وتوحش النظام السوري وإيغاله في الدم وقدرة هذا الشعب على الاحتمال ، تُطبخ بهدوء وإصرار ومن حيث يدرون ولايدرون

ثورة من نوع جديد ، سوف تعم العالم كله بموجة من التطهير …ولاأقول "الإرهاب"

تطهير سوف يزلزل الارض ونظامها واهلها والقائمون عليه ، ليعيد المركب الى مساره الصحيح …طريق الحق والعدل وكرامة وحرية الإنسان في منطقتنا

التي يتآمر الجميع لإخراسه ولجمه وإبقائه راكعا حتى يستطيعون الاستحواذ على كل شيء فيها

لقد استفاق المارد أيها القتلة..لقد استفاق …ولاعودة أبدا إلى الخلف

لقد استفاق المارد …وخرج من القمقم

ولاعودة

================

نظام الإجرام والمساومة

محمود صالح عودة

قبل بداية الثورة العربيّة كانت تعتبر سوريا دولة ضمن ما سمّي محور المقاومة والممانعة في المنطقة، إلى جانب إيران ولبنان وغزّة، وكان في مواجهة أولئك محور دول "الاعتدال" بقيادة نظام حسني مبارك المخلوع في مصر.

 

كان كثير من العرب - وكاتب هذه السطور منهم - ينظرون إلى سوريا بخلاف ما ينظرون إلى باقي الدول العربيّة نظرًا لمواقفها العلنيّة الداعمة للمقاومة في ظلّ الواقع المرير آنذاك، إلاّ أنه لم يكن هناك جدال حول طبيعة النظام البعثيّ الاستبداديّة والبوليسيّة. فكانت سوريا في نظر العرب أقلّ سوءًا من باقي الدول العربيّة، ولكنّها ظلّت مبنيّة على نفس الأسس الاستبداديّة القمعيّة.

 

إنطلاق الثورة في العالم العربيّ الإسلاميّ غيّر الواقع بشكل كبير، وسوريا لم تكن استثناءً، لأنّ الأسباب في سوريا موجودة، والمطالب محقّة، ولم يعد أيّ مجال للانتظار أو البحث عن الأعذار للنظام كي يقوم بإصلاحات حقيقيّة وجذريّة في بلاده، فحالة الغليان هناك بلغت ذروتها ولم يعد المواطن السوريّ يساوم على كرامته وحريّته.

 

ثمّة علامات استفهام كثيرة حول حقيقة "مقاومة" و"ممانعة" النظام في سوريا، وأوّلها ما يخصّ قضيّة فلسطين التي يزعم النظام أنّه من أوّل أنصارها، وهذه بعض الأسباب: 1) النظام السوريّ شارك في قتل الفلسطينيّين في الحرب الأهليّة اللبنانيّة. 2) النظام السوريّ بقيادة حافظ الأسد كان على وشك تحقيق اتفاقيّة سلام مع إسرائيل في عهد رابين، وبقيادة بشار الأسد قبل بضع سنوات بوساطة تركيّة مع الحكومة الإسرائيليّة مقابل استعادة الجولان، ممّا يعني رفع العلم الصهيوني في سماء دمشق، والسير على خطى السادات، الذي يخوّنه النظام السوريّ. 3) النظام السوريّ لم يطلق رصاصة واحدة باتجاه الجولان منذ حرب أكتوبر، ولم يحرّره عندما كانت الظروف متوفّرة في الحرب، وخيّر جنوده بين الانسحاب أو الإعدام (صفقة؟). 4) النظام السوريّ "الممانع" لم يتعرّض لطائرات "عدوّه" عندما حلّقت فوق القصر الرئاسي في دمشق يوم عيد ميلاد بشّار، ولا حين قصفت مفاعل دير الزور النوويّة المزعومة. 5) أرملة عماد مغنيّة اتهمت النظام بالتورّط في قتل زوجها، وما يقوّي ادّعاءها هو عدم نشر التحقيقات حول مقتله بعدما أعلن النظام أنه سوف ينشرها، وهو ما يضع علامات استفهام كبيرة حول الاغتيالات المتتالية في ظلّ نظام البعث الأسديّ.

 

هل يدعم النظام السوريّ حزب الله وغيره ليحاربوا إسرائيل أم ليعزّز نفوذه في لبنان؟ وهل يستقبل قيادة المقاومة الفلسطينية عنده لحبّه بالمقاومة أم ليبقي لديه أوراق مساومة في اللعبة الإقليمية؟ أسئلة مشروعة في ظلّ الوقائع التي قام ويقوم بها نظام الأسد.

 

إنّ الوقوف إلى جانب النظام السوريّ هو وقوف إلى جانب كلّ أنظمة الاستبداد بالضرورة، فهو وقوف إلى جانب نظامي القذافي وصالح اللذان دعمهما الأسد ماديًا (دعمه المادي للقذافي في قتاله ضدّ شعبه بحاجة إلى تأكيد، ودعمه نظام صالح ب"فنيّين" مؤكد إذ اعترف نظامه بمقتل 8 وإصابة آخرين بعدما أعلن اليمنيون عن عملية استشهادية قام بها الطيّار اليمني عبد العزيز الشامي). كما أنّ الوقوف إلى جانب الأسد يعني تبنّي الرواية النظاميّة القائلة بأنّ كلّ الثورة العربيّة الإسلاميّة عبارة عن "مؤامرة أمريكيّة - صهيونيّة"، وهو ما يعارض تقارير أجهزة استخبارات إسرائيل، التي أذهلتها الثورة العربيّة الإسلاميّة وأسقطت عملاؤها وزلزلت عرشها، وما زالت.

 

لسنا بصدد الدفاع عن كلّ المعارضين لنظام الأسد، فمنهم الصالح ومنهم الطالح، ومنهم الوطنيّ ومنهم دون ذلك، إنما كلّ ذلك لا ينقص من أحقّية الثورة السوريّة ومشروعيّتها، فإخفاقات وأخطاء الأشخاص لا تلغي المطالب العادلة. جدير بالذكر أنّ كلّ صوت يطالب بتدخّل عسكريّ في سوريا يتحمّل مسؤوليته النظام، الذي يخيّر شعبه بين "سرطان" سلطانه و"كيماوي" الناتو كما ذكر الكاتب فايز أبو شمالة. إنّ الموقف الغربيّ واضح ومكشوف، فالدول الغربيّة بقيادة أمريكا وقفت في العلن ضدّ كلّ الأنظمة التي تشهد بلادها الثورة، ولكنها سعت لإنقاذها بكلّ قوّة في السرّ، وحاولت وما زالت تحاول ركوب الموجة الثوريّة، وسوريا ليست استثناءً؛ إذ يدعم الغرب بعض الشخصيّات التي يرضى عنها ومنظمات المجتمع المدنيّ التي تتبع ديمقراطيّته، لكن ذلك لن يغيّر شيئًا في النتائج كما رأينا في تونس ومصر، إذ فازت هناك حركات إسلاميّة كانت تعتبرها أمريكا وحلفاؤها حتى الأمس القريب متطرّفة وراعية للإرهاب.

 

ثمّ إنّ الدول الغربيّة مضطرّة إلى دعم التحوّل الديمقراطيّ في العالم العربيّ وتأييد المطالب الشعبيّة ولو فقط في العلن، حتى لا تورّط نفسها في أزمة "أخلاقيّة" وسياسيّة تهزّ أركان بنيانها الأيديولوجيّ لنظام الحكم، وكي لا تظهر ازدواجيّة المعايير لديها بشكل أكبر ممّا تظهر فيه في تعاملها مع "محميّتها" إسرائيل.

 

إنّ أسمى أهداف المقاومة هي الحريّة والكرامة، ومن يسلبهما من شعبه لن يكون أبدًا حاضنًا لهما مع غيره. وتاريخ نظام البعث الأسديّ وممارساته الإرهابيّة باتت مكشوفة، وقتله عشرات الآلاف من أبناء الشعب السوريّ في الثمانينيات، والآلاف اليوم، لا يبقي مجالاً للشك لدى أيّ عاقل وحرّ ووطنيّ شريف بأنّه نظام إجرام ومساومة، وليس نظام مقاومة وممانعة.

=====================

الإنسان.. والإنسان الآخر.. عشيّة عامٍ آخر

صبحي غندور*

لقد انقسم الناس، في كلّ الأزمنة والأمكنة، على أنفسهم: بين "الأنا" و"الآخر". فكانت الصراعات، وما زالت، بين الأفراد والجماعات والأمم تخضع لاختلاف الرؤى وتناقض المصالح، بين من هو في موقع "الأنا" ومن هو في الموقع "الآخر". هكذا هي سيرة البشرية، منذ تناقض مفاهيم قابيل مع شقيقه هابيل، وكلاهما من أبناء آدم عليه السلام.

 وغالباً ما يقع الناس في أحد محظورين: تسفيه الإنسان الآخر والتعامل معه بأقلّ من قيمته كإنسان، فيتمّ استعباده واستغلاله والتحكّم بمصادر رزقه وإهانة كرامته، لمجرّد التواجد في موقع آخر.. موقع أقلّ قدرة أو أكثر حاجة. أمّا المحظور الآخر، فهو حينما ينظر الإنسان إلى بعض الناس وكأنّهم يفوقون البشر، فيقدّسون هذا الإنسان أو يرفعون من شأنه ومن قيمته إلى ما يفوق بشريته، مهما تحلّى به من صفات كريمة أو طبيعة خاصّة.

هناك، في الحالتين: التسفيه أو التقديس للإنسان الآخر، ظلمٌ يحدث. فإمّا هو ظلم الإنسان للآخر من خلال تحقيره وامتهان كرامته، أو هو ظلمٌ للنفس من خلال تقديس من هم بشرٌ مثلنا، مهما علا شأنهم، أو عظُم في هذه الحياة دورهم الفكري أو العملي.

ولقد سبقت الرسالات السماوية حالاتٌ كثيرة لدى شعوب مختلفة، فيها رؤى وممارسات احتقرت وأهانت الإنسان الآخر من جانب، أو جرى فيها تقديس وعبادة لأناسٍ آخرين. لذلك جاءت الرسالات السماوية واضحة في دعوتها للناس بعبادة إلهٍ واحد هو خالق كل شيء، وبالتأكيد على إنسانية الإنسان مهما ارتفع أو تدنّى في حدود القيمة الإنسانية.

لكن أين هي هذه المفاهيم في واقع وسيرة الناس، أفراداً كانوا أم جماعاتٍ وأمما؟ صحيحٌ أنّ الرسالات السماوية وضعت الكثير من ضوابط السلوك الإنساني، تجاه الآخر والطبيعة عموماً، لكن البشر الذين أكرمهم الله أيضاً بمشيئة الاختيار بين الخير والشر، بين الصالح والطالح، لا يحسنون دوماً الاختيار، فتتغلّب لديهم الغرائز على القيم، والمصالح على المبادئ، والأطماع على الأخلاق. فتكون النظرة إلى "الأنا" قائمة على مدى استغلال "الآخر" وتسخيره، وليس على المشترَك معه من مفاهيم وقيم إنسانية.

ولعلّ في لائحة المفردات التي تشمل: الاستعباد، العنصرية، الاستغلال، الأستبداد، الاحتقار، الكراهية .. وغيرها الكثير من التعابير، التي تصف رؤية أو ممارسات بعض الناس تجاه البعض الآخر، ما يلخّص مشكلة خروج الإنسان عن فهمه لنفسه، وعن فهمه أيضاً للآخر.

وكم من حروبٍ وصراعاتٍ دموية حصلت وتحصل لمجرّد وجود الإنسان "الآخر" في موقع طائفي أو مذهبي أو عرقي أو مناطقي مختلف، دون حتّى أي معرفة مباشرة بهذا الإنسان "الآخر"!!

فنفي وجود "الآخر" ونكران حقوقه هي مشكلة من لا يرى في الوجود إلا نفسه، ومن لا يرى في الآخر إنساناً له حقّ التكريم الذي منحه إيّاه الخالق تعالى، ولا يمكن أن تنزعه عنه إرادةُ أيٍّ من البشر.

وكم يغفل الكثير من الناس عن حقيقة الوجود الإنساني في الحياة الأولى، وعمّا هو موعودٌ يوم الحساب في الحياة الآخرة. فكلُّ البشر هم تواصلٌ مع الإنسان الأول ومن سلالته، وحياتهم مرتبطة بحياة الإنسان الآخر، بينما تُحاسب في الآخرة كلُّ نفسٍ عن أعمالها فقط، فتنفصل عند لحظة الموت المسؤولية المشتركة عن الحياة، ليكون الثواب والعقاب تبعاً لميزان العدل مع النّفس ومع الآخر، أو بتعبيرٍ آخر، بمقدار ظلم النّفس وظلم "الآخر".

***

وقد انشغل العالم في العقدين الماضيين بمقولتي الديمقراطية السياسية والعولمة، بعدما انهارت تجربة الأنظمة الشيوعية التي اهتمّت بمسألة العدل الاجتماعي فقط، ووقفت سلباً ضدّ قضايا الدين والقوميات والحرّيات العامّة وصيغ نظام الحكم الديمقراطي.

وهاهو العالم اليوم يعاني من تصاعد ظاهرة الجماعات العنصرية، ومن تجاهل مسألة "العدالة الاجتماعية"، ومن غياب العدل بين النّاس، وحق كل إنسان في لقمة العيش والعمل والسكن والضمانات الصحّية والاجتماعية، بعدما انشغلت الأمم وتنشغل في صراعات حول قضايا "الدين والقومية والديمقراطية"، في ظلّ مشكلة انحسار المفاهيم الصحيحة لهذه القضايا الكبرى، المعنيُّ بها كلّ البشر. فالرسالات السماوية كلّها حضّت على العدل بين الناس، وعلى كرامة الإنسان وعلى رفض الظلم والطغيان والجشع والفساد واستعباد البشر، وعلى إقرار حقّ السائل والمحروم، بينما نجد الآن بعض "رجال الدين والسياسة" يحضّون أتباعهم على التعصّب والتزمّت ورفض "الآخر" حتى لو كان أحياناً من صلب عقيدتهم!!

ليست هي المرّة الأولى الّتي يعاصر فيها العالم هذه المشاعر السلبية تجاه "الآخر"، فالتّاريخ الإنساني حافل بهذه المشاعر بين جماعات وشعوب ودول. لكن عالم اليوم "تعولمت" فيه مشاعر رفض "الآخر" والخوف منه وصيحات الكراهية ضدّه. وربّما يتحمّل مسؤوليّة هذه "العولمة السلبيّة" التطوّر العلمي في وسائل الإعلام وفي التقنيّة المعلوماتيّة. إذْ يبدو أنَّ العالم يقترب من بعضه البعض إعلاميّاً وخبريّاً، لكنّه يتباعد ثقافيّاً واجتماعيّاً، ويعيش الخوف من "الآخر" كإنسان أو طائفة أو مجتمع مختلف في ثقافته أو لونه أو معتقده.

 

* أمثولة من القمر إلى البشر

وحكاية البشر مع القمر هي حكاية الغزل والحب والجمال... فالقمر رمزٌ لكلِّ وصفٍ جميل. لكنْ هل فكّرنا مرَّةً واحدة في أمثولة هذا الشغف الإنساني، المتواصل عبر التاريخ، بكوكبٍ صخري داسته أقدام الأميركي "نيل أرمسترونغ"، ولم تجد عليه سوى صخورٍ سوداء!

إنَّ الإعجاب الإنساني بالقمر لا يتأثّر بحجم ضوئه. فالهلال له جماله كما البدر الكامل. ودائماً نقول: "سبحان الله ما أجمل القمر"! مهما كانت مساحة الضوء الظاهرة فيه. فماذا يحدث لو تمعنَّا بأمثولة العلاقة بين البشر والقمر، وطبَّقناها على العلاقة بين البشر أنفسهم؟

إنَّ النَّاس ينظرون دائماً إلى "إيجابيات" القمر، ويرون فيه الجانب المضيء فقط، ولا يسألون عن حجم مساحة الظلام، بل يعشقون هلاله كما يتغزّلون في اكتماله.. وينسى الناس حتماً أنَّ البدر هو "كمال" نسبي للقمر، حيث نصفه الآخر غير المرئي للأرض يسوده ظلام دامس. فالكمال لله وحده عزَّ وجلّ.

أمَّا على الأرض، فالبشر ينظرون إلى بعضهم البعض من رؤيةٍ مختلفة ومعاكسة تماماً. إنَّ الهمّ الأول لبعض النَّاس هو الانتباه لما عند غيرهم من سلبيات، وما فيها من زوايا معتمة، وليس لما هنالك من إشعاع نور، ولو بصيص محدود يستحيل انعدامه عند معظم الناس – إنْ لم نقل كلّهم.

فما نراه عادةً من سلبيات في الإنسان الآخر إنْ هي إلا الجزء المظلم في كلِّ إنسان، ولو أخذنا بأمثولة التطلّع إلى القمر، لتطبيقها في مجال العلاقة مع الآخرين، لتحوّلت علاقاتنا بهم إلى انشدادٍ طبيعي لإيجابياتٍ موجودة عندهم حتماً، مهما اختلف حجمها أو حجم الاختلاف مع أصحابها.

ومع اقتراب حلول عام جديد، ولمناسبة عيد الميلاد المجيد، تُشعشع المدن والقرى في دول عديدة بأنوار وزينة، تُفرح النظر وتُخفّف من وطأة عتمة موسم الشتاء، لكن تبقى خلف هذه الأنوار المصطنعة على الأرض ظلمة المشاعر السلبية نحو "الآخر"، فعالم اليوم أصبح يخشى من الغدّ، بدلاً من أن يكون كلّ يوم جديد، وكل عام جديد، مبعثاً لأملٍ جديد في حياةٍ أفضل.

*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن

Sobhi@alhewar.com

======================

النيران عدو تراثنا العربي

سامي الأخرس

مات نيرون وما ماتت رومّا المدينة الأوروبية التي التهمتها نيران الحقد والديكتاتورية، فماتت الديكتاتورية، وازدهرت روما وعادت من بعيد للحياة، بتاريخها وموروثها وتعافت وازدهرت وسارت على درب التاريخ والحضارة.

> إنّ حُرقت روما ولا زال مجتمعها يَذكر تلك الحادثة، فإن أمتنا العربية لا زالت تُشعل بذاكرتها ونهجها النيران، فَحُرقِت بغداد الحضارة، ونهبت في عهد " هولاكو"، وأعيد إحراقها مرة أخرى، كما نهبت الحضارة العراقية في عهد" بوش الابن" ولم تَبكِ العروبة قطرة دمع أو دم على بغداد، ولم نتساءل معًا وبصوت مسموع، لماذا حُرق تراث العراق وحضارته وتاريخه، وأمن النفط؟!!

> كما حُرقت قاهرة المعز وأشعلت بها النيران، ولا زال التاريخ يعلمنا أنّ النيران إلتهمتها من قبل، وكادت أنّ تقطف ثمار حضارتها، وتاريخها، وموروثها، ولم نستكن أو نضمد الجرح حتى عادت المشاهد تشعل لهب قلوبنا، وذاكرتنا ووجداننا، ونحن نرى النيران تلتهم المجمع العلمي في قاهرة المعز، ذاك الذي يحمل الهوية الحضارية والتاريخية لمصر؟، ذو المعاني والدلالات العظيمة في الوجدان الإنساني، وأعيد لتكرار السؤال لماذا حُرق المجمع وأمنت باقي المؤسسات السيادية الأخرى؟

> أصبحنا نتحدث بلغة السياسة التي تعلمنا أبجدياتها تلقائيًا من خضم الأزمة السياسية الدائمة التي خُلقنا وترعرعنا نقتات منها، ونتزود بزادها، ونلتهم أثدائها وضرعها الغني بلبن مسمم بنظرية المؤامرة التي نحاول تجنبها، والابتعاد عنها، ولكن سرعان ما تلفحنا، وتصفعنا، وتعيدنا إلى الطريق الوعر الذي لا نريد أنّ نسلكه في مسيرتنا الثورية المشبعة بنفايات سامة تصنف ضمن السموم القاتلة للعقل الحضاري والإنساني المتعلق بعرب ومسلمين.

> المشهد الذي نصبح ونمسي عليه أصبح يتخذ من اللهب وألسنته الممتدة في أحشائنا نهجًا لا بد وأنّ نعتاشه ونراه، كقانون ثابت ناظم لا يتغير أو غير قابل للتغيير، ألاّ وهو النيران. فانطلقت الحركات الاجتماعية العربية من مشهد مأساوي لشاب تلتهمه ألسنة النيران، وبغداد تحررت وفق العرف الديمقراطي الأمريكي تحت وقع النيران والنهب والحرق للموروث التراثي والحضاري، وها هي قاهرة المعز تشهد إحراق مجمعها العلمي الذي يمثل جزء من الهوية والكينونة النابضة بالتاريخ والحضارة.

> إنّ الحالة العربية الممتدة عبّر النيران تستجدي الذاكرة بإعادة إنتاج قراءة ما لم تقرأه، والإطلاع على جزء من التاريخ والحضارة يؤكدان أن يدي الثوري لا تحرق ولا تعيث فسادًا بأرض يطالب بحريتها، وإنسان ينطلق لأجل الحرية، إذن فمن يحرق؟!!

> يمكن إستدارك جزء من الحقيقة ومعرفة من يحرق ومن يشعل النيران بالوجدانية الإنسانية الموروثة، التي تمنحنا وسام المقدمة بين الأمم.

> تُقرع الأجراس، وتصدح المآذن بالدعاء والاستغاثة بأن تصحو هذه الأمة من غفوتها، وتدرك أنّ نظرية المؤامرة ليست مشهد سريالي، أو حكاية من فلسفة الميتافيزيقيا، أو مقطع من دراما صاغها سينارست لإضفاء جزء من الواقعية، بل هي مشهد أصبح جزء من مؤامرة تُحيط بهذه الأمة سياسيًا، واقتصاديًا، وحضاريًا، وعلميًا، وتمتد بنا لباقي مكوناتنا الحضارية، لتؤكد أن الشعوب الهوجاء لا تستحق حرية. فهل يتحدى الشباب العربي تلك السريالية البكائية التي تحيط بنا؟!

====================

إلى دمشق مع انتفاضتنا

محمد هيثم عياش

وتدخل انتفاضة الشعب السوري شهرها العاشر والشعب يزداد قوة ولم يفت عنف النظام السوري وبطشه ضد هذا الشعب من عزيمته التي تكمن بكسب حريته وطرد هذا النظام الذي لم يكن في يوم من الايام شرعيا فهو نظام استلب حكم هذا البلد من ابناءه الشرفاء ، كان على اهل سوريا القضاء على هذا النظام قبل ان يستفحل خطره على الشعب السوري والامة الاسلامية والشعوب العربية الا أن قضاء الله وقدره اذا جاء لن يؤخر . فقد مضى على هذا النظام اكثر من اربعين عاما وهو عُمر جيل واحد فقد قضى الله تعالى على بني اسرائيل التيه في الارض اربعين عاما لانهم خالفوا أوامره تعالى وأوامر سيدنا موسى عليه السلام بدخول الارض المقدسة ، التيه كان من اجل موت الجيل الجبان وولادة جيل أبي يتطلع الى الحرية والعيش الكريم وها هو الجيل السوري الجديد الذي يصارع السلاح والعتاد بقوة الايمان لم يعد يهمهم الدبابات والاسلحة الحديثة العتاد مصممون على منازلة الطاغية حتى النصر.

ونحن قوم لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين او القبر

وقد استطاع هذا الجيل كسب احترام الاعداء قبل الاصدقاء فما من يوم يمر في المانيا الا وتعقد فيه ندوة اوندوتين عن انتفاضة شعوب مصر وتونس وليبيا واليمن وفي مقدمتها انتفاضة الشعب السوري والكل يطالب بدعم هذا الشعب مهما اوتي العالم من سُبُل الدعم . ولكن هناك أسئلة كانت ولا تزال تنهار عليَّ لماذا لم تتحرك دمشق بشكل قوي وصريح الى الآن ، فالعاصمة السورية تستطيع ان تقول لا للظلم لا لعائلة اسد ولا لحزب البعث ، هل أهل دمشق جبناء فقد كانوا مثلا للقوة ومثالا للأباء والحرية هم قادوا ثورة الشعب السوري ضد الاحتلال الفرنسي وخرجت فرنسا صاغرة من سوريا ولبنان ؟ هذه الاسئلة كنت أجيب عليها بالمواراة خشية الشماتة بأهل دمشق ، كفنت اقول ان جميع فوهات المدافع والدبابات التي اشتراها الشعب السوري لحماية بلاده واصبحت تحت سيطرة جيش النظام السوري الذي يقتل بها شعبنا موجهة نحو دمشق وتنتظر من يأمر بضرب دمشق وهدمها عن بكرة أبيها وكانوا يقولون لي انتم الدمشقيون جبناء فأقول لهم ان الدمشقيين لا يعرفون للجبن معنى وهم أول من انتفض ضد هذه النظام ألا تذكرون حادثة حي الحريقة بوسط دمشق في وقت سابق من أوائل عام 2011 الحالي وابان انتفاضة اهل مصر وتونس فقد ابى الدمشقيون الذل والهوان ومن حي المدان الدمشقي كانت اول شرارة لانتفاضة شعبنا الأبي .

لقد أعادت حادثة الحريقة / سميت الحريقة لأن فرنسا أحرقتها اثناء الثورة السورية ، فقد كان هذا الحي يضم بيوتات أفاضل عائلات دمشق مثل عائلة مردم بك وغيرها / الى ذاكرتي يوم اعتقلني عناصر من المخابرات من صيدلية حي باب البريد الذي يقع الى جانب الجامع الاموي فقد كنت اعمل بها اثناء عطلة المدارس وكنت اقوم بتوزيع منشورات ضد حافظ اسد ونظامه ، كان ذلك في عام 1979 ، ولما رآى بعض الذين كانوا يعرفونني وانا بيد المخابرات قاموا عليهم وكادوا ان يبطشوا بهم ماذا تريدون من هذا الولد اليتيم المسكين واذا بهم يشهرون اسلحتهم ويقولون لهم هذا ارهابي . كانت حادثة الحريقة شرارة الانتفاضة التي لن تنطفأ قبل ان ينال شعبنا حريته .

فيا أهل دمشق آزروا حي الميدان الذي ولدتُ به ولا تشمتوا الناس اين أنتم يا أهل العمارة ويا اهل القنوات والعقيبة وسوق صاروجه وباب سريجة والشاغور هل تريدون ان تروا اهل الميدان والقدم وأهالي الغوطة التي يطلق عليها حاليا ريف دمشق يُقْتلون أمام أعينكم هل نسيتم با اهل العقيبة كيف استطاع الشيخ محمد كامل القصاب مع الشيخ محمد الاشمر الميداني وغيرهما من اهل الفضل والكرم أبناء دمشق ان يلقنوا فرنسا دروسا لم ينسوها ولن ينسوها على مدى التاريخ هل نسيتم مجاهدة الشيخ علي الطنطاوي وحسن حبنكه وعبد الكريم الرفاعي وامين السباعي ومحمد عوض وغيرهم من الافاضل نظام الطاغية حافظ وابنه ؟

يا أهل دمشق لا تشمتوا الاعداء بنا فان مشاركتكم اهالي حمص وادلب وحماة ودرعا واهالي حوران بأكمله واهالي المدن السورية الاخرى سيعطي للانتفاضة طابعا جديدا. ان النظام يا أهل دمشق يحتمي بكم فهل ستستمرون بحماية قتلة ابناءكم وشعبكم ، أونسيتم قول الله تعالى وهو يستنفركم / انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا في سبيل الله باموالكم وانفسكم في سبيل الله ذلكم خيرٌ لكم ان كنتم تعلمون – التوبة 41 / وأمره لكم بالنُصرة / وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر – الانفال 72 / وها هم اهالي المدن السورية يستنصروكم الم تسمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : / مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد ان اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى . يا أهل دمشق الستم الذي قال بكم جرير :

ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح

فأين نخوتكم يا أهل دمشق ؟

ابنكم

محمد هيثم عياش

======================

المراقبون إلى سوريا .. مناورة ذكية أم سلاح ذو حدين؟

عريب الرنتاوي

توقيع النظام السوري على “بروتوكول المراقبين”، كان له وقع المفاجأة على كثيرٍ من مراقبي الأزمة السورية والمنخرطين فيها ومتتبعيها... المفاجأة كانت من النوع السار بالنسبة لمؤيدي النظام الذين رأوا فيها بداية مخرج من الاستعصاء... أما معارضو النظام، فقد حمل إليهم التوقيع، نذر استطالة أمد الأزمة وتطاولها، إذ رأوا فيه، خديعة جديدة تضاف إلى إرث متطاول من المراوغة والخداع والكذب، الذي ميّز النظام، وفقاً لأغلب تصريحات قادة المعارضة ورموزها.

نحن نعلم، أن النظام ما كان ليقبل بوضع توقيعه على بروتوكول من هذا النوع، إلا تحت أقسى الضغوط وأشدها وقعاً، خصوصاً تلك التي هبّت عليه من العواصم الحليفة له، وهي على أية حال، تعد على أصابع اليد الواحدة... فالنصيحة الروسية – الصينية، والحث الإيراني على هذه الخطوة هما اللذان أقنعا النظام بالتوقيع، وليس كما قيل وتردد، بأن “المفاوض” حصل قبل التوقيع، على “تعديل” يحفظ سيادة سوريا ولا يمس استقلالها.

نحن الآن بانتظار ما الذي ستخرج به فرق المراقبين العرب، الذين قد يُطعّمون بخبراء دوليين... والأهم، كيف ستسير مهمتهم على الأرض، وما إذا سيكون بمقدورهم الوصول إلى البؤر الساخنة والسجون والمستشفيات، وهي الأماكن التي يتعين عليهم أن يمارسوا فيها خبراتهم في البحث والاستقصاء وجمع الوقائع وتوثيقها.

ثم بعد ذلك تأتي الخطوة التالية: ما الذي ستفعله الجامعة العربية، ومن خلفها المجتمع الدولي، إن جاءت نتيجة الاستقصاء والاستطلاع، لتؤكد مقارفة نظام الأسد، جرائم ضد الإنسانية (ضد شعبه)، وأن ما حصل خلال الأشهر العشر الفائتة، يرقى إلى مستوى الإقرار بتحويل الملف إلى محكمة الجنايات الدولية وتفعيل القانون الدولي الإنساني؟.

 

لا شك أن النظام بتوقيعه البروتوكول في ربع الساعة الأخير، كان يدرك تمام الإدراك، أن “لعبته” هذه هي سلاح ذو حدين... من جهة سيكون بمقدوره شراء بعض الوقت، بضعة أشهر لا أكثر.... لكنه من جهة ثانية، كان يعلم علم اليقين، بأن “السحر قد ينقلب على الساحر”، وإن “المناورة” التي أريد بها شراء بعض الوقت، قد تصبح وسيلة لتسريع رحيله، ودفع “المترددين” لحسم ترددهم، والانتقال إلى “الخطوة التالية”.

لسنا نصدق الرواية التي تتحدث عن “قناعة” راودت النظام، بأن حصاد أعمال خمسمائة مراقب، سوف تصب لصالحه.... فلدينا من الشواهد والمعلومات والشهادات الفردية، ما يكفي للجزم بأن ما حصل سيجرّم النظام، وسيأخذ العديد من كبار أركانه، إن لم يكن جميعهم، إلى “أقفاص الاتهام الدولي”... ونعتقد كما يعتقد كثيرون غيرنا، بأن النظام سيعمد إلى أخذ المراقبين إلى حيث يريد لهم أن يتوصلوا إليه من خلاصات ونتائج.

ومما يزيدنا اقتناعاً بصحة هذه الفرضية، ما شهدناه خلال الأيام القليلة التي أعقبت التوقيع، من تزايد خطير في أعداد القتلى والجرحى، ومن عمليات إعدام واسعة طالت منشقين عن الجيش والأجهزة الأمنية السورية... لكأن النظام يريد أن “يُسعّر” في قادمات الأيام، حالة المواجهة العسكرية مع المنشقين والمحتجين غير السلميين، للبرهنة على إطروحته الأولى، التي لخّص فيها “المسألة السورية” على أنها إرهاب تقوده عصابات مسلحة وخارجون على القانون... وليس مستبعداً، والحالة كهذه، أن يعمد النظام إلى رفع وتيرة القتل والقتل المضاد... ما يعني أن المعدل اليومي للقتلى والجرحى سيتضاعف في الايام القادمة، مثلما تضاعف الآن عن معدله في الأيام الفائتة.

لا أحسب أن فريق المراقبين سيكون من السذاجة والخفّة، بحيث يكتفي بتفحص وقائع الأيام الأخيرة فحسب... في ظني أنهم سيجمعون مئات الشهادات الحيّة والملموسة عن وقائع الأشهر العشر الفائتة جميعها... وعندها ستكون “توصياتهم” في الغالب الأعم، مغايرة تماماً لما أراده النظام وخطط له، طائعاً أو مكرهاً... عندها، وعندها فقط، ستجد المنظومة العربية نفسها أمام واحد من اختباراتها القاسية... فهذه التوصيات ستكون واجبة النفاذ، وإن لم تقوَ الجامعة العربية على ترجمتها، فإن الباب سوف يفتح على مصراعيه، على شتى أشكال واحتمالات التدخل الدولي، وبغطاء عربي واسع.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ