ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 21/12/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

هل الإسلاميون بحاجة إلى شهادة حسن سلوك من أمريكا؟

صالح النعامي

saleh1000@hotmail.com

يبدي قادة الحركات الإسلامية حماساً كبيراً للانفتاح على الغرب بشكل واضح في أعقاب الثورات العربية، وتحديداً بعد أن أسفرت الانتخابات التي أجريت في بعض الدول العربية عن فوز كبير للإسلاميين. بعض قادة الحركات الإسلامية أخذ يطوف العواصم الغربية، وتحديداً واشنطن لشرح وجهة نظر الحركات الإسلامية وتبيان منطلقاتها الأيدلوجية ومواقفها السياسية ورؤها المجتمعية، كما حرص بعض المسؤولين في الغرب على زيارة عواصم الدول التي فاز فيها الإسلاميون وعقدوا لقاءات معهم وطلبوا استفسارات منهم حول بعض المواقف. إن انفتاح الإسلاميين على الغرب، وتحديداً الرأي العام هناك، وشرح مواقفهم ورؤاهم خطوة محبذة، بل ومطلوبة، حيث تعمدت أنظمة الاستبداد والكثير من النخب الغربية تشويه صورة الإسلاميين، مما يوجب محاولة تبيان هذه الصورة كما هي، سيما الموقف من الديموقراطية والإلتزام بالتداول السلمي للسلطة، وموقف الإسلاميين من الآخر.

" إسرائيل " كلمة السر

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا بقوة: هل حقاً ما يعني النخب الحاكمة في الغرب الإطمئنان على مستقبل الديمقراطية وحقوق الإنسان، أم إن هناك أسباب أكثر وجاهة تحث الغرب على حوار الإسلاميين. في حكم المؤكد إن الإسلاميين المتحمسون لهذه الحوارات سرعان ما يكتشفون إن كل ما يعني الغرب، وتحديداً في واشنطن هو أن يقدم الإسلاميون مواقف " مطمئنة " بشأن القضية الفلسطينية والموقف من إسرائيل والاتفاقات الموقعة معها. إن ادعاء الغرب الحرص على مستقبل الديمقراطية ومكانة المرأة والأقليات في الوطن العربي بعد الثورات العربية هو ادعاء كاذب ومحض نفاق، فقد تعايش الغرب ويتعايش مع أنظمة الاستبداد في الوطن العربي، بل إن هذه الأنظمة كانت أوثق حلفائه، ولم يشكل المس بحقوق الإنسان ومصادرة الحريات العامة وإهدار كرامة المواطن العربي والتمييز ضد النساء العربيات مسوغاً كافياً لأن يعيد الغرب تقييم علاقاته مع الأنظمة الديكتاتورية. إن كل ما يسعى له الغرب هو أن يتلقى من الإسلاميين ضمانات بشأن إسرائيل، بحيث لا يتحول صعود الإسلاميين للحكم مصدر قلق للكيان الصهيوني. ما تسعى له واشنطن هو أن يلتزم الإسلاميون بتوفير البيئة الاستراتيجية التي تمكن الكيان الصهيوني من مواصلة سياساته الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته، فيستمر الاستيطان والتهويد وشن العدوان والعربدة دون أن تحرك الحكومات العربية التي يديرها الإسلاميون ساكناً. إن الغرب لا ينتظر من الإسلاميين أن ينتهجوا السلوك نفسه الذي سلكته أنظمة الاستبداد التي تواطأت مع إسرائيل على حصار الفلسطينيين وشن الحروب عليهم والتنكيل بهم وتعاونت مع الصهاينة أمنياً واستخبارياً، لأن هذه الأنظمة كانت تعتبر قبول الغرب هو مصدر الشرعية الأساس بالنسبة لها؛ لكن في المقابل سيسعى الغرب لإلزام الحكومات العربية التي يديرها الإسلاميون بالإنشغال بالأوضاع الداخلية وتجاهل ما تقوم به إسرائيل ضد الفلسطينيين.

وماذا عن " الديمقراطية " الإسرائيلية؟

لا يحق للولايات المتحدة أن تكون حكماً يصدر شهادات حسن سير وسلوك لهذا الطرف العربي أو ذاك بقدر اقترابه أو اقترابه من " الديموقراطية " حسب المعايير الأمريكية. فالنخب الأمريكية الحاكمة مردت - ومازالت - على تبرير علاقاتها الخاصة بإسرائيل بالقول إن إسرائيل تمثل " واحة الديمقراطية " في محيط من الديكتاتوريات. لكن " الديمقراطية " الإسرائيلية التي تتغنى بها أمريكا هي التي تتيح التمييز على أساس عنصري ضد الفلسطينيين، وتحديداً ضد فلسطينيي 48. على الإسلاميين الذين يحاورون الأمريكيين أن يبلغوا محاوريهم أنه قبل أن يستفسروا عن مواقف الحركات الإسلامية بشأن الديمقراطية، عليهم أن يجيبوا على الأسئلة التالية: لماذا لم تحرك أمريكا ساكناً أمام سيل التشريعات العنصرية التي أصدرها البرلمان الإسرائيلي مؤخراً والهادفة بشكل أساسي للتضييق على الفلسطينيين لكونهم فلسطينيين؟ وما موقف الإدارة الأمريكية من المعطيات التي تصدرها منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية بشأن التمييز المنهجي الذي تتبعه الحكومات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين؟، وهل حدث إن احتجت الإدارة الأمريكية مجرد احتجاج على الفتاوى التي تدعو لقتل الفلسطينيين التي تصدرها مرجعيات دينية يهودية تنتسب لأحزاب تشارك في الائتلاف الحاكم؟. بإمكان قادة الإسلاميين أن يستندوا لنتائج التحقيق الذي أجراه الصحافي الإسرائيلي عكيفا إلدار، والذي أظهر فيه أن الولايات المتحدة تعفي رجال الأعمال اليهود الأمريكيين الذين يقدمون تبرعات مالية كبيرة للجمعيات اليهودية المتطرفة التي تتولى عمليات تهويد القدس، علاوة على التبرعات الأمريكية المعفاة من الضرائب – حسب نتائج التحقيق – التي تصل إلى المؤسسات الدينية التي تديرها تحديداً المرجعيات الدينية التي تدعو لقتل الفلسطينيين لكونهم عرباً، وتحديداً المؤسسة التي يديرها الحاخام إسحاق شابيرا، الذي ألف كتاب " شريعة الملك "، الذي ضمنه عدداً كبيراً من الفتاوى، التي أباح بعضها قتل حتى الرضع الفلسطينيين. لا يتردد الأمريكيون عن تمويل ماكنة الكراهية والعنصرية الإسرائيلية، ومع ذلك يرون إن من حقهم التعامل وكأنهم رقباء على الحكومات العربية في زن التحول الديمقراطي.

 

لا للخطاب الاعتذاري

لقد كان لافتاً ما قاله الدكتور محمود غزلان، المتحدث بإسم جماعة " الإخوان المسلمين " في معرض تعليقه على ما دار من نقاش بين قيادات الجماعة والسانتور الديموقراطي جون كيري مؤخراً، حيث أشار غزلان إلى إن الأمريكيين لا يستفسرون عن العبارات والجمل الواردة في أحاديث الإسلاميين، بل يطلبون تفسيرات حول كل كلمة في هذه التصريحات. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: من المطالب بأن يقدم تفاسير وإجابات: الإسلاميون أم الغرب وتحديداً الولايات المتحدة. لقد تزامن لقاء كيري بقادة جماعة " الإخوان المسلمين " مع التصريحات التي أطلقها زعيم الأغلبية الجمهورية في الكونغرس نيوث غينغريش، الأوفر حظاً للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية، الذي قال: " الشعب الفلسطيني تم اختراعه ولا وجود له "، وفي موطن آخر، قال: " الفلسطينيون هم مجموعة من الإرهابيين ". إن غينغريتش يمكن أن يكون الرئيس القادم للولايات المتحدة، وبالتالي فإن مثل هذه التفوهات تكتسب أهمية وخطورة هائلة، لذا، فإن الأمريكيين – وليس الإسلاميون – هم الطرف المطالب بتقديم تفسيرات.

على الإسلاميين أن يطلبوا تفسيرات لهذا التراث المديد والبشع من التحيز الأمريكي الأعمى لإسرائيل، الذي مكنها من ممارسة القتل والتشريد ضد الفلسطينيين واغتصاب أراضيهم، على الإسلاميين أن يقولوا للقادة الأمريكيين ما عكفوا على قوله دائماً بأن الشعوب العربية التي استعادت حريتها بالدماء والعرق والدموع ترى في الولايات المتحد شريكاً رئيساً لإسرائيل في جرائمها ضد الفلسطينيين والعرب، وأن أية علاقة سوية بين الوطن العربي والولايات المتحدة ستنشأ فقط في حال أعادت الولايات المتحدة تقييم سياساتها تجاه الصراع العربي الإسرائيلي.

لا أحد يطالب الحكومات التي يديرها الإسلاميون أن تعلن الآن الحرب على إسرائيل ولا أن تقدم على خطوات استفزازية تجاه أمريكا، ولكن هذه الحكومات مطالبة بأن ترسي علاقاتها مع الغرب على أساس الاحترام المتبادل وليس على أساس التبعية، كما كانت عليه الحال في ظل الأنظمة الاستبدادية، وعليها أن تذكر أن مصدر شرعيتها هو صندوق الانتخاب الذي يمثل الإرادة الشعبية التي تعتبر قضية فلسطين قضيتها الرئيسة.

===========================

مسؤولية الجالية السورية في الخارج

د. عماد الدين خيتي

أكملت الثورة المباركة في سورية التسعة أشهر، وقد سطر فيها الشعب أروع الصور في البذل والتضحية في النفس والمال والجهد، فنقلوا هذه الثورة من مجرد فكرة كان السوريون لا يحلمون بها إلى واقعٍ ملموسٍ لم يستطع النظام تجاوزه أو التعامل معه.

وقد أفرزت هذه الثورة المباركة عددًا كبيرًا من النتائج والثمار، ولعل من أهمها: روح التلاحم والتآلف والتعاضد بين أفراد المجتمع، فصدم بتآزره وتعاونه أزلام النظام وزبانيته.

كما أنَّ ثوار الداخل قد أدوا واجبهم على أفضل وجه، ولم يبخلوا في سبيل الثورة بنفسٍ أو مالٍ، وهم ماضون في ذلك وقد حسموا خياراتهم في إزالة هذا النظام، وإحلال نظامٍ آخر بديل عنه يوفر العدالة للمجتمع.

الجالية السورية في الخارج:

والمقصود بالجالية هنا: عموم السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم وتحزباتهم.

وأهم ما يُلحظ في هذا الجانب: أعداد الجالية الكبيرة التي تعيش في الخارج، وتوزعها على معظم بلدان العالم، بل وتركز الكثير منها في البلدان ذات التأثير والنفوذ السياسي أو الاقتصادي.

وقد قدَّمت هذه الجاليات الكثير من التضحيات: المالية، والإغاثية، والدعم الإعلامي بالإسهام في توصيل صوت الثوار للخارج، وذلك تحت مسميات عديدة (تنسيقية، اتحاد، تجمع، رابطة...).

غير أنَّ من أهم ما يُلحظ على جهود الجالية حول العالم: تعدد تلك التجمعات التي تعمل تحتها، وضعف التنسيق بينها، مما يُسهم في تشتت جهودها، وعدم بروزها قوة فاعلة ومؤثرة.

إنَّ جهود الأحزاب التقليدية والجهات السياسية الرئيسة في دعم ثوار الداخل ومواجهة هذا النظام البائس غير كافية، ولا تعفي الجاليات السورية في الخارج من القيام بمسؤولياتها السياسية الكاملة تجاه الثوار ومستقبل الوطن.

فلا بد لهذه الجاليات أن توحِّد جهودها بالانضواء في تجمعات كبيرة بحسب كل إقليم أو دولة تعيش فيها _بغض النظر عن انتماءاتها_ لما يحققه ذلك من أهداف جليلة وعظيمة، ومن أهمها:

1_ توحيد الجهود المبذولة وعدم تشتتها، فما يبذله السوريون في الخارج كبير ومؤثر، لكنه غير منظم.

2_ سيادة ثقافة التعاون والتلاحم، والاستعداد للتنازل عن المكتسبات الشخصية لصالح الجماعة ووحدتها.

3_ غرس بذور ثقافة سياسية واجتماعية واعية بين أبناء الجالية مما سيعود بالنفع على المرحلة القادمة بعد سقوط النظام.

4_ إظهار قيادات اجتماعية وسياسية جديدة قد لا تكون مرتبطة بالفعاليات السياسية التقليدية، ما سيوسع من دائرة الأفكار والآراء السياسية والاجتماعية ويثريها، أو تكون رافدًا لها بالخبرات والدماء الشابة.

5_ إظهار وحدة الشعب السوري: بحيث يظهر للعالم أنَّ الثورة لا تقتصر على بضع أفراد يتظاهرون في الداخل، بل إنها تشمل السوريين في الداخل والخارج.

6_ إظهار الوحدة والتلاحم مع الشعب في الداخل، بإيصال الرسائل المباشرة له بأنَّ الجالية في الخارج تقف معه في تضحياته وآلامه، وتعمل على تحقيق آماله وطموحاته، مما يسهم في دعمه نفسيًا ومعنويًا، وإشعاره بأنهم شركاء في البذل والتضحية، لا في قطف الثمرات فقط.

7_ تكوين قيادات وجهات للتواصل مع الحكومات التي تعيش فيها هذه الجاليات، تقوم بإيصال صوت الشعب ورعاية مصالحه، وعدم ترك الساحة لشبيحة السفارات وأزلام النظام.

8_ دعم مواقف الفعاليات السياسية الحالية في مواقفها المختلفة في المحافل الدولية، بحيث يظهر أن الموقف من النظام الحالي ليس مقتصرًا على هذه الجهات لحسابات خاصة بها كما يزعم النظام، بل هي مطالب لكافة فئات المجتمع.

9_ تقديم النصح والمشورة للفعاليات السياسية الموجودة باختلاف أطيافها، بل ونقد مواقفها والاعتراض عليها بشكلٍ منظم وواضح فيما لو بدا منها ما يخالف تطلعات الشعب ورغباته، فالوطن لكافة الشعب، وهو المقصود بجميع هذه الجهود، فلا ينبغي ترك توجيه مستقبله لفئة قليلة مهما حسنت مسالكها وأساليبها، فضلاً عن وجود توجهات أو تحالفات أو ضغوط غير مقبولة.

10_ رفع الحرج عن الفعاليات السياسية المختلفة في بعض المواقف التي قد لا يؤيدها المجتمع الدولي أو يضغط في عدم تبنيها، وذلك بإظهار أنَّ هذه المطالب شعبية عامة، وليست مجرد آراء نخبوية.

إنَّ أهم ما عمل النظام المجرم على ترسيخه في العقود الماضية بمنظومته الأمنية التسلطية: محاولة تحطيم الحياة الاجتماعية من خلال زرع ثقافة الخوف من بقية أفراد المجتمع، بحيث أصبح كل سوري شخصية مستقلة بذاتها لا علاقة لها بأفراد المجتمع، وبالتالي: فإن أعظم إنجاز مضاد يمكن تحقيقه هو القضاء على هذه الفرقة والاختلاف بالتوحد والاجتماع، وإذا كانت معارضة الداخل بظروفها الأمنية والاجتماعية والاقتصادية الشديدة الصعوبة قد تجاوزت هاتين العقبتين: فلا يليق بالجالية في الخارج أن تبقى دون توحد وتنظيم للقيام بحقوق ثوار الداخل وما بذلوه من تضحيات، على أقل تقدير.

===========================

انتهى عهد الدكتاتور وتونس صنعت الدستور و للرئاسة انتخب الدكتور

بقلم: رضا سالم الصامت*

تونس تصنع المستقبل ، فمن المعروف أنها مرت بظروف صعبة جدا بسبب اندلاع ثورة 1 يناير 2011 التي نتج عنها إنهاء حكم الديكتاتور بن علي و رغم المصاعب الجمة التي أثرت في البلاد و العباد ، استطاعت تونس أن تتغلب عليها بفضل حكمة الحكومة المؤقتة التي دعت إلى انتخابات نزيهة للمجلس الدستوري و وقعت في 23 اكتوبر2011 حيث فازت حركة النهضة بأغلبية مقاعد المجلس و أحزاب أخرى كحزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي حاز على المركز الثاني و نال ثقة الشعب الذي أقدم على هذه الانتخابات بكثافة ...و في أعمال جلسات المجلس الوطني التأسيسي و بدعوة من رئيس الجمهورية المؤقت فؤاد المبزع تنعقد الجلسة الأولى الافتتاحية للمجلس الوطني بالمقر السابق لمجلس النواب بباردو .كانت جلسات المجلس حماسية ..تابعها الشعب عبر شاشة التلفزيون مباشرة ... جلسات هذا المجلس وصفت بأنها خطوة أولى نحو بناء الجمهورية الثانية .رئيس الجمهورية المنتهية ولايته السيد فؤاد المبزع في كلمة أمام أعضاء المجلس قال فيها بالخصوص أن هذه الجلسة موعد فعلي للانتقال الديمقراطي و لحظة فارقة في تاريخ تونس و طالب أعضاء المجلس بالالتزام والوفاء لدماء شهداء ثورة الكرامة و تغليب المصلحة العامة و الانتماء إلى الوطن.. الجدير بالذكر أن السيد الباجي قائد السبسي الوزير الأول المؤقت المنتهية ولايته كان حاضرا وأعضاء حكومته ، بالإضافة إلى رئيس الجمهورية الجديد السيد المنصف المرزوقي و رئيس الوزراء الجديد السيد حمادي الجبالي و رئيس المجلس التأسيسي السيد مصطفى بن جعفر. كما حضر جلسة المجلس التأسيسي التونسي عدد من عائلات شهداء ثورة الكرامة تتقدمهم والدة البوعزيزي مفجر ثورة 14 يناير 2011

رئيس مجلس النواب المؤقت السيد الطاهر هميلة أعلن عن افتتاح الجلسة التي انعقدت بقصر باردو غرب العاصمة التونسية ، حيث قال في كلمة طويلة قاطعها عدة مرات عدد من النواب ، أن هذه هي اللحظة التاريخية التي نضع فيها حجر الأساس لجمهورية ثانية من أجل دولة الحرية و العدل و الكرامة تعمل من أجل تحقيق أهداف الثورة التونسية و تم أداء القسم و وصف مقر انعقاد الجلسة بكونه " محراب الحرية " بعد كلمة الرئيس التونسي المؤقت السيد فؤاد المبزع تم تليق الجلسة قبل انتخاب رئيس المجلس التأسيسي و نائبي الرئيس ثم البدء في الاتفاق على وضع نظام المجلس الداخلي و التنظيم المؤقت للدولة "الدستور الصغير لحين وضع دستور جديد" وقد اتفقت الأحزاب الرئيسة الثلاثة في المجلس " النهضة 89 مقعدا والمؤتمر 29 مقعدا والتكتل 20 مقعدا " على ترشيح زعيم التكتل السيد مصطفى بن جعفر لرئاسة المجلس الوطني التأسيسي، علما و أن السيدة مية الجريبي الأمينة العامة لحزب الديمقراطي التقدمي قدمت هي الأخرى ترشحها لرئاسة المجلس الوطني التأسيسي. وكانت هذه الأحزاب التي تشكل غالبية في المجلس اتفقت على ترشيح السيد منصف المرزوقي زعيم المؤتمر من اجل الجمهورية لرئاسة الجمهورية والأمين العام لحزب النهضة السيد حمادي الجبالي لرئاسة الحكومة الانتقالية الجديدة. كما توافقت على توزيع الحقائب الوزارية.

انه ليوم تاريخي و إنجاز عظيم، المصادقة على القانون المنظم للسلط العمومية و كل أعضاء المجلس التأسيسي يهنؤون بعضهم البعض في لحظة غابت فيها كل مشاهد الحزازيات و الحسابات الضيقة ....

و بعد انتخابه كرئيس للجمهورية التونسية أدى محمد المنصف المرزوقي اليمين الدستورية أمام أعضاء المجلس الوطني التأسيسي بحضور كبار مسؤولي الدولة، واضعا يده على المصحف الشريف و هو يقول : "اقسم بالله العظيم أن أحفظ المصالح الوطنية ودولة القانون والمؤسسات وان أكون وفيا للشهداء وأهداف الثورة".و وعد المرزوقي الذي وضع برنسا تقليديا تونسيا بلون بني فاتح على سترة زرقاء وقميص ابيض وبدا فخورا وهادئا، بان يكون "رئيسا لكل التونسيين" وان لا "يوفر أي جهد" من اجل تحسين مستوى عيش مواطنيه.

 كما تعهد بضمان "الحق في الصحة والحق في التعليم وحقوق المرأة. و ترحم المرزوقي في تأثر باد على أرواح "شهداء الثورة" التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وقال والدمعة في عينيه "بدون تضحياتهم ما كنت لأوجد في هذا المكان. المرزوقي يبلغ من العمر66 عام أول رئيس لتونس يخلف فؤاد المبزع الذي تولى رئاسة البلاد مؤقتا بعد سقوط نظام بن علي.

ولد منصف المرزوقي يوم 7 يوليو/ تموز 1945 في مدينة قرمبالية ، أصيل قبيلة المرازيق من جنوب تونس ،سافر إلى فرنسا 1964 وأقام هناك 15 سنة ، في عام 1970 شارك المرزوقي في مسابقة عالمية للشبان بمناسبة مئوية المهاتما غاندي لتقديم نص عن حياة الرجل وفكره، فازت مشاركة المنصف ليحلّ ضيفاً على الحكومة الهندية لمدة شهر وليتجول فيها من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. في سنة 1975 سافر إلى الصين ضمن وفد لمعاينة تجربة الطب في خدمة الشعب في الصين.

عاد المرزوقي إلى تونس عام 1979 رغم إلحاح أقربائه على بقائه في فرنسا، وعمل أستاذاً مساعداً في قسم الأعصاب في جامعة تونس. شارك في تجربة الطب الشعبي الجماعي في تونس قبل وقف المشروع. اعتقل في مارس 1994 ثم أطلق بعد أربعة أشهر من الاعتقال في زنزانة انفرادية، وقد أفرج عنه على خلفية حملة دولية وتدخل من نيلسون مانديلا. أسس مع ثلة من رفاقه المجلس الوطني للحريات فى10 ديسمبر من عام1997 بمناسبة الذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

اختير أول رئيس للجنة العربية لحقوق الإنسان من عام 1997 حتى 2000. غادر إلى المنفى في ديسمبر 2001 ليعمل محاضراً في جامعة باريس. حيث بقي هناك حتى أعلن عن عزمه العودة بدون أخذ الإذن من السلطات التونسية.

ثم أعلن عن عودته إلى تونس يوم 21 أكتوبر لمشاركة التونسيين في نضالهم. وعاد في ذلك التاريخ.

عاد المنصف المرزوقي إلى تونس يوم18 يناير 2011 . شارك في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر 2011 مع حزبه المؤتمر من أجل الجمهورية الذي حاز على المركز الثاني ب29 مقعد بعد حركة النهضة الإسلامية وقد تحصّل الدكتور منصف المرزوقي على مقعد في دائرة نابل 2. انتخب رئيسا مؤقتا لتونس يوم الاثنين 12 ديسمبر 2011 وهكذا فان تونس صنعت مستقبلها و أنهت عهد الديكتاتور و بالدستور جاء إلى الرئاسة الدكتور " محمد المنصف المرزوقي "

* كاتب صحفي و مستشار إعلامي و إخباري متعاون

===========================

العراق الجديد : فوضى جديدة،أو انتصار حقيقي...!!!

د.خالد ممدوح العزي*

انتصار العراق،وخسارة أمريكا:

احتفل العراق رسميا في 15 ديسمبر كانون الأول ،2011، بإنزال العلم الأمريكي ،ورفع العلم الذي العراقي رفرف فوق كافة الأراضي ، بعد احتلال دام 9 سنوات ، سيطر به الاحتلال على مفاصله الحياة العسكرية والأمنية،الاقتصادية،والاجتماعية على بلد وقع رزحت تحت احتلال أدى إلى انهيار الحياة وتشرذم المكونات الوطنية التي دخلت في أهلية ضروس كانت ضحاياها أكثر بكثير من فوائد الاحتلال الذي لم يحقق أهدافه الذي وعد العالم بها عند احتلاله لدولة عضو في هيئة الأمم المتحدة بسبب رغبات بعض الأشخاص الذين نفذوا أحلامهم ورغباتهم الشخصية من خلال هذا الوجود .

فالانتصار الذي يعتبره العراق رسميا يحتفل به لتعزية نفسه بأنه انتصر على فلول البعث ،والإرهاب الدولي،لكن الإرهاب قد غزى العراق بعد الاحتلال الأمريكي ، وهنا السؤال الفعلي الذي يطرح نفسه هل انتصر العراق ،وخسرت أمريكا فعليا.

فالاحتفال الوحيد بالنصر هو انتصار الفلوجة وأهلها، الذين انتصروا في حرب أبقتهم موجدين على خريطة العراق السياسية ،بعد تعرضهم لحربين في ابريل 2004، نتيجة إعدام أربعة جنود من قوات النخبة الأمريكية وتعليقهم على عواميد الشوارع ،لترد أمريكا ردا عنيفا على أهل الفلوجة وتستخدم أسلحة محظورة دوليا انتقاما لجنودها لتدم الفلوجة على سكانها ،ولم تمضي عدة شهور حتى قامت الولايات المتحدة بشن هجوم جديد ضد الفلوجه وأهلها تحت حجج وأعذار مختلفة،بمباركة من رئيس الوزراء السابق إياد علاوي،وتترك لوحده في قبضة المحتل دون التضامن معها من قبل المدن العراقية الأخرى لأسباب عدة أهمها العامل الطائفي الذي ساد على العراق الجديد وقيادته ،لقد ذهب ضحيتها المئات من الجنود الأمريكيين والألف من المدنيين والمقاتلين العراقيين .

أهداف الاحتلال الأمريكي :

لقد دخلت أمريكا في حربها الغير متكافئة ضد العراق المنهمك بحصار طال دوام 13 سنة وقيادة مربكة سياسية ،وتحالف إقليمي ساهم بوصول الأمريكي إلى بغداد لأهداف خاصة وتوازنات دولية جديدة ،وضعف صمت عربي كامل ،دخل الأمريكي العراق منطلقا من شعارات وهمية ابتدأت من وجود سلاح نووي ودمار شامل وارتباط مع تنظيم القاعدة لتنتهي بشعارات حقوق الإنسان وحرية التعبير والتعددية الحزبية ،لقد أتى الاحتلال بأشخاص أتوا على ظهر الدبابة الأمريكية ليمارسوا اكبر عملية انتقام في بلاد الحضارات والتعددية العرقية ليسلموا سلطة في العراق مدعومة من الاحتلال الأمريكي والدول الإقليمية مؤلفة من مليشيات تم تشكيلها على أسس مذهبية وطائفية مارست أبشع الأعمال الحربية التي دمرت العراق الجديد، بعيدة عن الديمقراطية والحرية . فإذا كان صدام قد اعدم نتيجة قتله140 شيعي في عملية الدجيل الشهيرة ،فمن يحاكم الذين قتلوا أكثر من مليونيين عراقي والذي خاضوا معركة ضد المدن الشيعية كاملة في "البصرة ومدينة الصدر"، تحت اسم صولة الشجعان.

خسائر الحرب في العراق :

1-الخسائر الأمريكية:

وحسب مصادر الصحافة الأجنبية تعتبر وخصوصا صحيفة الاندبندنت بتاريخ 16 ديسمبر 2011 وفي تقريرها الص3ادرة بمناسبة خروج القوات الأمريكية من العراق تشير بان الكلفة العالمية للحرب العراقية من قبل أمريكيا كانت على الشكل التالي :

1-خسارة عسكرية لجنود قتلوا في الحرب بين 4500-5000 جندي.

2- جرحى حرب في ميدان المعركة تراوح عدده مابين 33500.

3- لقد دفعت أمريكا في الحرب نفقات مادية مابين 800مليار إلى 2تريليون دورا أمريكا مما ساهم في التأثير الفعلي على الاقتصاد الأمريكي .

4- بالإضافة إلى فضائح سجن أبو غريب السيئ الذكر،معري أخلاق الديمقراطية الأمريكية ونشرها بين العالم .

2-الخسائر العراقية :

لقد فاقت الخسائر العراقية أكثر بكثير من الخسائر الأمريكية لقد دمر العراق ونهبت ثرواته المالية والطبيعية وقتل علماءه ومفكريه ، وتهجر شعبه ،وترملت نساءه ويتم أطفاله ،وبالرغم من أراء الكثير تصر على أن ثروات العراق النفطية سوف تمكنه في المستقبل القريب من النهوض السريع وبناء بنيته التحتية التي لم يتمكن الأمريكيون من بناءها بعد أن هدمتها الحرب .لكن خسائر العراق طوال هذه السنوات كانت قاسية جدا، وحسب تقرير صحيفة الفانشال تايمز ، بالرغم من اعتبار العالم وأمريكا بان العراق بدون صدام أفضل بكثير لكن الثمن كان غاليا جدا ودون تحقيق المطلوب:

-1 لقد كانت خسائر العراق بلغة في الرواح ،وصل تعدادها إلى أكثر من مليون قتيل عراقي .

2-لقد بلغ عدد القتلى من الأطفال العراقيين أكثر 25000.

 3- وصل عدد الأرامل إلى نحو 3 مليون أرملة عراقية.

لاجئو العراق لا يزال مصيرهم مجهول :

إضافة إلى موضوع اللاجئين التي فرضت الحرب عليها أوزرها طوال هذه المدة ،وحسب تحقيق صحافي لجريدة الاندبندنت البريطانية في 16 ديسمبر 2011 عن أوضاع اللاجئين العراقيين الذي شرذمتهم الحرب والأوضاع المعيشية والحالة الطائفية والمذهبية .

لقد بلغ عدد اللاجئين العراقيين خارج العراق 2،5 مليون لاجئ وهم ينتشرون ما بين الأردن وسورية وبلاد الغرب، ولاجئون في مدن العراق نفسه هربا من الحروب الطائفية والمذهبية ،وسعيا وراء الحياة المعيشية لهما، ولقد بلغ عددهم أكثر من 1،5 مليون ونصف مهجر عراقي ،إضافة إلى مجموعة صغيرة تبلغ تعدادها حوالي 70 ألف موظف كانوا يعملون مع الأمريكان وتم وعدوا باللجوء، و إعطاء هم تأشيرات لأمريكا ولم يحصلوا عليها.

العراق الحالي ونور المالكي:

بالرغم من خروج الأمريكان من العراق فالحياة السياسية العراقية تعني من الاحتقان الداخلي بين القوى المتصارعة التي تعبر عن أزمة نظام ،فالمالكي يحاول التفرد بالسلطة والقرارات السياسية العراقية وتنفيذ السياسة الإيرانية ،ويحاول إقناع اوباما بضرورة إبقاء الرئيس السوري في الحكم خوفا على عدم تدهور الأوضاع والذهاب نحو حروب طائفية ،بالوقت الذي هو يدين بوجوده للدبابة الأمريكية التي فرضته على رأس سلطة هو وحزبه وفرقه الأمنية "كتائب الموت التي تلاحق حزب البعث التي يعتبرها المالكي معركته الشخصية ، فهو الذي جاء بواسطة الغرب لمحاربة نظام البعث يرفض تدخل الغرب في سورية ويحاول إبقاء البعث في سلطة سورية رغما عن انف الشعب السوري وأكثريته الرافضة لبقاء الأسد ونظامه،يخوض حرب دستورية ضد المحافظات التي تعلن نفسها إقليم مستقلة بالوقت الذي قبل بقاء إقليم كردستان الكردي على كيانه الحالي،المالكي يحارب القائمة العراقية التي جمدت أعمالها النيابية والسياسية وسوف تخرج من الائتلاف الحكومي .

المالكي ينتصر بالوقت الذي أدار العراق بتحالف مع أمريكا والدول الإقليمية،التي تدعمه دون إطلاق أي طلقة فعلية ضد الاحتلال الذي جثم 9 سنوات على صدور العراقيين ،فمن انتصر المقاومة التي حاربت ضد الأمريكان وأنزلت خسائر بالمحتل أو النظام الذي وجد وعاش بظل هذا الاحتلال. إلا يحق للمقاومة العراقية في دولة المالكي أن تشكل دويلة تفرض شروطها على الدولة كما هي الدويلة في لبنان.

الانسحاب الأمريكي :

لكن الانسحاب الأمريكي من العراق ، قد وضع المنطقة مكشوفة على كل الاحتمالات المحتملة للقوى الإقليمية والدول المجاورة التي تسهر على مصالحها الخاصة بظل تدهور الأوضاع الإقليمية،وبظل فورة الدبابير لتأجيج الصراع الطائفي والمذهبي ،عوضا عن نو الديمقراطية وإحلالها محل الأنظمة الدكتاتورية والشمولية . فالاحتلال الذي جاء إلى العراق ليزرع الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان،وهاهو يتركه منهكا مشتتا ما بين إقليم كردي في الشمال وشيعي في الجنوب وسني في الغرب ،وأقليات مبعثرة محرجة ،لقد انسحب الأمريكي وليس لديه ورقة عمل واضحة لتنفيذها مستقبلا بعد الانتهاء من الانسحاب الأمريكي ،لكن العديد من الأسئلة التي تطرح نفسها على العراق ،فهل تملئ إيران الفراغ الأمني في العراق بعد الخروج الأمريكي ،وتدخل في وحل العراق ، حل ندخل في حرب الإقليم والتمرد على سلطة المالكي ، هل تخوض أمريكا الحرب الناعمة في العراق ضد إيران بالوقت التي أضحت واشنطن اقوي وأجدر في حربها القادمة من خلال قبضتها القوية على السياسيين العراقيين .

لكن الذي انتصر حقيقيا من خلال الانسحاب الأمريكي هو نفسه الرئيس برابك اوباما الذي وعد الشعب الأمريكي بالانسحاب ،ونفذ عملية الانسحاب لكونه كان ضد حرب العراق منذ بدايتها ،واليوم يستخدمها ورقة قوية في انتخاباته الثانية ،وبحال الانتكاسات الأمنية في العراق سوف يدفع ثمنها الرئيس اوباما نفسه.

وبنفس الوقت لن تستطع إيران من التحرك بحرية في عراق يسوده التوتر، والنار لا تزال تحت الرماد،وبظل وضعها الحالي، ولن يكون بوسعها خوض معركة ناعمة بوجه الولايات المتحدة التي تتمتع بقدرات أمنية ودبلوماسية ومالية وثقافية هائلة ، وبظل سفارة تعتبر من اكبر السفارات في العالم التي تدير مهام أمريكية خاصة،وخاصة في العراق الجديد والمنطقة التي بات العراق وراقة بيد أمريكا بظل كل التغيرات الحالية في المنطقة.

*كاتب صحافي ومختص بالإعلام السياسي والدعاية.

dr_izzi2007@hotmail.com

===========================

تعريف العصيان المدني

اقتباس الدكتور خالد أحمد الشنتوت

يعرف بير هيرنجرين العصيان المدني في كتابه ‘طريق المقاومة ..ممارسة العصيان المدني’ بأنه:

نشاط شعبي متحضر (1). يعتمد أساساً على مبدأ اللاعنف.

أنشطة العصيان المدني هي عبارة عن تحدٍ لأمر ما أو لقرار ما حتى ولو كانت غير مقيدة بالقانون.

هدف النشاط المباشر هو أن يحافظ على ظاهرة معينة أو أن يغير ظاهرة معينة في المجتمع.

النتائج أو التبعات الشخصية هي جزء مهم من النشاط ولا ينظر إليها على أنها نتيجة سلبية.

ويجب الانتباه! إلى أن العصيان المدني تقوم أنشطته على التحدي، فلا تقيده قوانين النظام، أوقراراته، وإن كان أحياناً يتم عبر القوانين. ومن ثم لا يستطيع النظام أن يفرض على حركة العصيان نشاطاً بعينه أو يمنعها من نشاط، أو يفرض عليها ميداناً بعينه.

من المستهدف من حركة العصيان؟ الجمهور هو المستهدف

إن المقاومة يجب أن توجه خطابها إلى المواطنين المذعنين. و يعتقد ‘ثوراو’ أن المواطنين هم الذين يشكلون ويصنعون الجزء الأهم في جماعة العصيان المدني. كما يري أن أكبر الداعمين للأنظمة الجائرة والذين يمثلون أخطر وأكبر المعوقات أمام حركة المقاومة هم أولئك الذين يعترضون ثم يذعنون ويقدمون للنظم الولاء والدعم في النهاية.وينبغي ألا تنشغل حركة العصيان المدني بتوجيه خطابها إلى الحاكم أوالنظام، وتغفل عن اختيار خطاب مناسب للجماهير، يدعوهم للمشاركة في العصيان، ويحرضهم عليه، ويربط مستقبلهم بنجاحه. طالما أنها قررت المقاومة … وليس الاحتجاج.

لقد أوضح المهاتما غاندي – الذي قاد النضال ضد الاستعمار البريطاني في الهند – بشكل لا يقبل الشك أن العصيان يقوض من سلطة الدولة إلى حد بعيد، إذ يقول ‘لو أن الرجل يشعر أنه ليس من الرجولة أن يطيع القوانين الجائرة فلن يستطيع أي طاغية أن يستعبده’.

وتكمن المشكلة الحقيقية في إذعان أكثر المواطنين وكونهم ضمن شريحة المجتمع المطيعة، وحين يستطيع ناشطو العصيان المدني تحفيز الآخرين علي تحدي القوانين والتعليمات الجائرة عن طريق استثمار النتائج والعواقب المترتبة على الممارسة الحقيقية لأنشطة العصيان المدني، فإنهم ينجحون في مساعدة الجمهور كي يتغلب على كسر حاجز الخوف من العقوبات الشخصية.

إن العصيان المدني ينبغي أن ينظرله كوحدة متكاملة، حيث تكون العقوبة بنفس أهمية الأنشطة. إن العقوبات أو بالأحرى التغلب على الخوف من العقوبة هو أساس رئيسي في مبدأ العصيان المدني.

إن العصيان المدني لا يهدف فحسب إلى التأثير في الرأي العام؛ ولكنه يتجاوز ذلك ليصبح طريقة لتحفيز المواطنين على العصيان. والفعل أو النشاط وحده لا يكفي لتحقيق هذا الهدف. ولكن امتزاج عنصر الأنشطة بعنصر العقوبات يحدث الحافز القوي للعصيان والتغلب على الخوف من العقوبات.

لذلك فاكتساب الجماهير يتم من خلال تقديم النموذج، الذي يرفض الانصياع للأوامر، وكلما صمد هذا النموذج أمام العقوبات كلما ازداد عدد المنضمين للعصيان. وعادة ما يكون دور حركات العصيان هو إشعال فتيل المقاومة وتقديم النموذج ليتبعها الأحرار.

 

يقول جون راؤول في كتابه ‘نظرية العدالة’:

‘ليس من الصعب أن! تبرر حالة العصيان المدني في نظام غير عادل لا يتبع رأي الأغلبية، ولكن حينما يكون النظام عادلاً إلى حد ما تبرز مشكلة ألا وهي أن من يقوم بالعصيان المدني يصبح من الأقلية وتغدو عملية العصيان المدني وكأنها موجهة ضد رأي الأغلبية في المجتمع’.

لذلك تستفيد حركات العصيان من الظلم والتسلط، وتوظفهما في عملية التحريض، وكلما ازداد الظلم كلما كان ذلك في صالح حركات العصيان، وكلما زادت الجرائم المعلنة للنظام كلما كان ذلك سبيلاً إلى اجتذاب الجماهير. لذلك تستفيد حركات العصيان من أخطاء النظام، وتوظفها بشكل دقيق لجذب المزيد من الأحرار، ولتسقط شرعيته وهيبته.

 

وسائل العصيان لا تعرف السرية

تبعاً لقواعد العصيان المدني فإن المشاركين لا يتعمدون إخفاء وسائل أنشطتهم عن السلطة، ولذلك ينبغي لحركات العصيان أن تعي هذه النقطة جيداً.. أن المواطنين هم المستهدف الرئيسي للعصيان، أن يرى الناس أفراداً من الشعب يمارسون العصيان جهاراً…ويتحملون عواقبه .. والأعمال التي تتم في جنح الظلام لا تشجع الآخرين على أن يقوموا بنفس العمل.. لذلك قد لا تعد عصياناً.. فالعصيان هو رفض للنظام وكسر لقانون أو وضع ما جائر دون تخفي.

وتكون مهارة الحركة في أن يستثمر جهازها الإعلامي( يشمل الوسائل الاعلامية المتاحة تلفزيون راديو اداعة انترنت… الخ )هذه الأنشطة السرية، وكلما زاد القمع وبدأ التحرش بالمشاركين، كلما كان ذلك مؤشراً على نجاح العصيان. وحينها يستفيد الجهاز الإعلامي المقاوم من كل تحرش، أو صدام، أو كلمة نابية، أو فلتة لسان، أو عمل لا أخلاقي، أو مقتل لأحد المقاومين ليمتلك ورقة رابحة ودليلاً دامغاً على أن الشعب قرر العصيان. وإذا فوت الجهاز الإعلامي هذه الأحداث يكون قد فرط في أداة قوية من أدوات نجاح العصيان. إن قوة النشاط في فقه العصيان قد تكمن في العقوبة التي ستوجه إلى المقاومين!، والتي سيستثمرها إعلام المقاومة.

المقاومة والاحتجاج

يورد بير هيرنجرين حكاية له مع أخيه الصغير وهو طفل: ‘من الدروس الأولى التي تعلمتها في العصيان المدني كان عند ولادة أخي الصغير … ولقد كنت مفتوناً بإصراره البريء على تنفيذ ما يشاء وبالطريقة التي يشاء، وعندما لا يرغب في عمل شئ فإنه ببساطة يرفض ولا يساوم على هذا الرفض وهو ما كان مغايراً تماماً لما كنت عليه حيث أنني كنت ابناً مطيعاً جداً.

ولا أقصد بهذا أنني لم أكن أحتج (protest) فلقد كنت أصيح بشكل عنيف وأصرخ وأجادل، ولكن عندما ينتهي هذا الاحتجاج والصراخ فإنني أنصاع في نهاية الأمر. كان هذا هو التباين بيني وبين أخي والذي ساعدني كثيراً في أن أفهم بوضوح الاختلاف بين مفهوم المقاومة (resistance) ومفهوم الاحتجاج (protest).’

وتتسم كلمة المقاومة اليوم بالنمطية وذلك لأن كل أشكال الاحتجاج – وللأسف – أصبحت فجأة تسمى مقاومة.

إن الاحتجاج قد يكون مجرد تعبير عن موقف إزاء قانون ما، أو موقف ما، ثم العودة والإذعان. أما المقاومة فتسعى إلى إلغاء! القرار، أو تحدي القانون. إنها ترفض الإذعان أو الطاعة.

إن المقاومة في جوهرها هي العصيان. وقد يكون الاحتجاج أكثر قبولاً في بعض الحالات إلا أن تأثيره ليس كتأثير المقاومة (رغم أن الاحتجاج بالنسبة لنظام دكتاتوري يُعتمد شكلاً من أشكال المقاومة لأنه عمل غير مشروع في نظر الديكتاتورية شأنه شأن المقاومة).

جذور العصيان المدني

كان أول من استعمل مصطلح العصيان المدني وأشار إلى فكرته هو الكاتب الأمريكي هنري دايفيد ثوراو في مقاله الشهير ‘العصيان المدني’ المنشور في سنة 1849. وقد كتب مقاله الشهير هذا عقب امتناعه عن دفع ضرائب الحرب احتجاجاً على العبودية والقمع والاضطهاد والحرب التي كانت تخوضها الولايات المتحدة ضد المكسيك. ولم يكن الامتناع عن دفع الضرائب بالفكرة الجديدة وإنما استعملها مناهضو الاسترقاق وآخرون غيرهم. وكذلك لجأ كارل ماركس إلى هذه الفكرة حين حاول أن ينظم حملة لإقناع الأوربيين بعدم دفع الضرائب خلال الثورة التي اجتاحت أوروبا عام 1848م.

أحسن ما يوصف به العصيان المدني أنه عبارة عن حوار، حوار مع الخصم من خلال أنشطة المقاومة والمحاكمات، كما أنه حوار مع المواطنين من خلال تحفيزهم للمشاركة في أنشطة المقاومة. وعادة ما تبدأ المقاومة بشكل تدريجي، فتبدأ حملة المقاومة مثلاً بالمفاوضات -ان اتيح هدا الامر- ثم تُصَعَّدْ تدريجياً (أو تبتكر أساليب أخرى) إذا لم تنجح عملية الحوار في لفت انتباه الخصم وإقناعه بضرورة الاصلاح والتغيير. وقد شبه غاندي هذه العملية بارتقاء درجات السلم، ففي مسيرة الملح الشهيرة عندما كسر الهنود قانون الاستعمار البريطاني وبدأوا يستخلصون الملح من البحر سأل أحد الصحفيين غاندي ماذا سيفعل لو لم تستجب السلطات لذلك.. فأجاب: ‘عندئذ سأُصُعِّدْ الحملة’. وذلك حتى يستمر الحوار بين المقاومة والنظام.

ومن الضروري أن يستمر هذا الحوار وألا يتوقف وألا يتم تجاهله، وأن يستهدف جر المجتمع كله من مسئولين ومواطنين إلى حوار مكثف، ذلك أن استمرار الحوار يعني استمرار الحركة في تحقيق أهدافها وازدياد قوتها، وفي توقف الحوار تعزيز لموقف النظام وازدياد قوته. وعلى الحركة ونشطائها أن يعوا أن عدم التهيب من السلطة يجب ألا يؤدي إلى قطع الحوار الذي قد ينشأ نتيجة الحماس في دفع المقاومة إلى الأمام بشكل غير مدروس. أما إذا كان الخصم هو البادئ في قطع الحوار – لأسباب تكتيكية – فسيزيد ذلك من إمكانية خلق حوار مباشر بين مجموعة النشطاء من جهة وبين المواطنين من جهة أخرى. وهذا التطور هو الشائع في مثل هذه المواقف.

إن استجابة الخصم جزء ضروري في ! عملية المقاومة بغض النظر عما إذا كانت هذه الاستجابة سلبية أو إيجابية، جزئية أو كلية.

العصيان المدني والعمل المباشر

وبحسب استجابة الخصم تكون طبيعة النشاط . فقد يكون من الضروري أحياناً أن يأخذ العصيان المدني صورة العمل المباشر الرمزي، بمعنى أن يصبح الهدف هو الوسيلة. ومن الأمثلة على الفعل المباشر الرمزي ما قامت به حركة السلام في السويد عندما قامت بإعاقة جدية لتصدير السلاح في عام 1983، حيث تمكنت مجموعة من النشطاء – رغم ضعفها التنظيمي – من تعطيل سفينة محملة بالسلاح لمدة ساعة، مرسلة برسالة رمزية بضرورة وقف تصدير السلاح كليةً، وفي نفس الوقت فقد حققت هدفها بشكل رمزي ومنعت تصدير السلاح فعلاً في هذا النشاط.

وعندما تقوم حركة ما بإيواء مجموعة من المشردين ممن لا مأوى لهم فإنها بذلك تسلط الضوء على قضية المشردين، وفي نفس الوقت تحقق هدفاً من أهدافها ألا وهو إيجاد مأوى لهؤلاء المشردين.

وعندما ينام عدد من النشطاء على شريط سكة حديد معترضين سير قطار محمل بأغذية مسرطنة، فهم إنما يمنعون ذلك بأجسادهم، كما يعبرون عن ضرر هذه الأغذية وعن رفضهم لها.

ويجب الإشارة هنا إلى أن العمل المباشر لا يحظر الاستعمال الرمزي للقوة. فلقد قامت مجموعة من النشطاء المسيحيين بربط أنفسهم بالسلاسل، ومن ثم ربطوا هذه السلاسل بأبواب قواعد عسكرية معروفة في بريطانيا. وهم لا يعنون بذلك أن يحققوا هدفاً باستخدام قوة السلاسل؛ وإنما يريدون أن تصل رسائلهم إلى الرأي العام البريطاني والعالمي.

وهنا يبرز سؤال هام عن أخلاقيات حركة العصيان المدني ومبرراته.

أخلاقيات حركة العصيان المدني

يجب أن يمثل العصيان المدني حافزاً أخلاقياً للمواطنين ليكون جديراً بثقتهم. وتبدو هذه الثقة مستحيلة إذا هددت حركة المقاومة باستعمال العنف، مما يخلق عند الناس حالة ذهنية من الهلع تحول بينهم وبين الاستجابة للحافز الأخلاقي، وبهذا يصبح العصيان مصدراً للخوف بدلاً من الثقة. فالعصيان إذا ما كان مصحوباً بالعنف فانه يعزز قوة الخصم.

إن إدخال عنصر القوة الجسدية في المقاومة – خاصة في البداية مع ضعف الحركة – يؤدي إلى عزل الكثيرين من النشطاء عن المقاومة – خاصة الذين لا يمتلكون قوة جسدية. وبذلك تصبح حركة العصيان المدني قائمة على مجموعة مختارة بمواصفات محددة، وهو ما يضعف الحركة أمام قوة الطرف الآخر. ومشاركة المجموعات النسائية في أعمال العصيان المدني خير مؤيد لوجهة النظر هذه. [2]

و يجب الانتباه إلى أن العصيان المدني لا يكون مؤثراً أو فعالاً إلا بمبررات أخلاقيةً نابعة من عدالة المهمة التي قام من أجلها. فمثلا حين يتعارض القانون المدني مع القيم الأخلاقية والدينية للمجتمع، أو يقوم النظام بمنع الحقوق الدستورية للمواطنين مثل حق التجمع السلمي وحق التظاهر أو حرية الاعتقاد الديني، أو فرض ضرائب على أفراد المجتمع واستخدامها في حروب ظالمة أو سرقتها لصالح أسرة النظام وحزبه؛ يجد العصيان المدني مبررات قوية لقيامه بأنشطته! . فتحقيق العدل يفوق الالتزام بأي قانون جائر.

إن مسئولية الفرد تجاه مجتمعه ومطالبته بحقه الطبيعي في تلبية نداء الضمير يؤكد على وجوب مقاومة النظم الديكتاتورية وعدم السماح لها بالتحكم في تصرفاتنا وسلوكنا أو أن تملي علينا مالذي يمكننا أو لا يمكننا عمله.

إننا عادةً ما نسمح للنظام بالتحكم في تصرفاتنا وسلوكنا من خلال مانتصوره ممكناً أو غير ممكن، غير أنه من خلال أنشطتنا فقط تتأكد لدينا إمكانية الفعل أو استحالته. ففي مفاوضات نزع السلاح مثلاً فمن المنطقي والطبيعي أن تكون السلطة أو الحكومة وحدها هي القادرة على تحديد أي الأسلحة تنزع وأيها يدمر، ولكن عندما يقوم عمال مصانع الأسلحة من نشطاء العصيان المدني بإبطال فعالية هذه الأسلحة أو نزعها بأنفسهم تتغير حينها! قناعاتنا حول من بإمكانه أيضاً أن يقوم بالعمل الذي ترفض الحكومة القيام به. فأشياء تبدو لأول وهلة أنها مستحيلة لكنها تحدث، وأمور تبدو في يد النظام وحده، لكن مجموعة بسيطة تستطيع أن تثبت عكس ذلك.

ولهذا لكي تصح تصوراتنا عن الإمكانية الحقيقية لفعل ما فلابد من إخضاعه للتجربة وهي وحدها الحكم الذي يقرر الإمكانية من عدمها. ولا ينبغي أن نكتفي بانهزام الإرادة والتسليم لإيهامات الخصم بأن كل شيء في قبضته وأننا يجب ألا نتخطى الخطوط الحمراء التي وضعها.

وبالمثل فإن رؤيتنا التقليدية لما هو صحيح وما هو خطأ تتحكم بسلوكنا إلى حد كبير، فطاعة القانون مثلاً وعدم تخريب الممتلكات مبدآن أخلاقيان متجذران في ثقافة المجتمع، ولكن حين يقوم نشطاء البيئة في أوروبا بتفكيك الآلات المضرة بالبيئة والتي يحميها القانون – أي يحمي الإضرار بالبيئة وتخريب الطبيعة – سيكون من المعقد جداً أن نفهم هذا التعارض بين القضيتين. ماهو الصواب وما هو الخطأ. وعندما تقوم حركة العصيان المدني بالدعوة إلى الامتناع عن دفع الضرائب، فإنها لا تدعو لعمل غير أخلاقي – رغم أن ظاهره قد يبدو كذلك، فقد يكون الهدف من وراء هذا الامتناع هو إيقاف عمليات الرشاوى والفساد التي ! تتم تحت مظلة ‘الضرائب’.

قد يتحدث الكثيرون عن أخلاقيات العصيان المدني، لكن هذه الأخلاقيات تختلف بحسب النظرة إلى ما هو ممكن وغير ممكن، وما هو صواب أو خطأ، والمطلوب هو إخضاع هذه الأعراف والقناعات للتجربة بالحوار مع الخصم ومن ثم كل المجتمع عن طريق أنشطة واستراتيجيات العصيان المدني.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ