ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 18/12/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

صرخة البوعزيزي!!

حسام مقلد *

hmaq_71@hotmail.com

من كان يظن أن محمد البوعزيزي ذلك الشاب التونسي الفقير المهمش سيغير وجه التاريخ؟! من كان يتصور أنه سيقلب عالمنا العربي رأسا على عقب بهذه السرعة؟!

بدأت القصة حين لم يجد ذلك الشاب الجامعي المسكين عملا يتكسب منه رزقه سوى بيع الخضار على عربة في الشارع، لكن السلطة لم ترحم ضعفه وفاقَتَه وقلة حيلته، وطلبت منه شرطية إزاحة عربته من الطريق، فرفض لأنه لا يجد غيرها وسيلة لكسب قوت يومه، فصفعته المرأة مستغلة سلطتها وأزاحت عربته بكل عنجهية، عندئذ أضرم النار في جسده احتجاجا على واقعه البائس وعلى إهانة امرأة له بهذا الشكل المذري، لكنه  رحمه الله  لم يحرق نفسه فقط بل أشعل معه نيران التغيير في كل ديار العرب!!

بالقطع لم يكن البوعزيزي وهو يحرق جسده يفكر في إزاحة زين العابدين بن علي من الحكم وإسقاط نظامه في تونس، وإجلاس المنصف المرزوقي وحزب النهضة الإسلامي مكانه، ولم يدُرْ بخلده آنذاك أن مبارك والقذافي سيلحقان بابن علي سريعا، ولم تكن أولوياته الحديث عن الحرية والديمقراطية وتداول السلطة، وربما كان أقصى ما يتمناه أن يقابل أي مسئول في ولاية سيدي بوزيد ليشرح له مشكلته عله يساعده في إيجاد عمل يناسب تخصصه الجامعي، لكن صفعة المرأة له أشعرته بالخزي والمهانة والقهر، فلم يجد وسيلة لإعلان غضبه وحسرته واحتجاجه سوى إحراق نفسه، لكن النيران امتدت في هشيم طغاة العرب وحكامهم المستبدين، فسقطت أنظمة حديدية، واهتزت عروش، ورحلت أسماء ووجوه كثيرة كنا نظن أنها قدرنا المحتوم!!

تُرى ماذا كان سيحدث لو لم يصرخ البوعزيزي؟! ماذا كان سيحدث لو تعامل مع صفعة المرأة له بشكل تقليدي؟! إنها لم تصفعه كامرأة بل صفعه غرور السلطة، وكان يمكنه ابتلاع الإهانة وقبول الأمر الواقع؟! كما كان بإمكانه من البداية رشوة الشرطية أو مسئولي البلدية لتركه يبيع الخضار بعربته في الشارع، لكنه رفض فعل ذلك ولم يخف، وكان إيجابيا، وطالب بحقه في الحياة الكريمة والعيش الشريف، وعندما صُفِع وأهين لم يكن سلبيا فأعلن بطريقة مدوية احتجاجه على القهر والغبن والإذلال!

إن محمد البوعزيزي يشكل رمزا صارخا لغياب الحرية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان في عالمنا العربي، وقد استطاع رغم فقره ورقة حاله إيصال الرسالة التي فشلت نخبنا العربية في إيصالها طوال عقود وهي: أن غياب الحرية والعدالة والمساواة يعني باختصار سلب الإنسان العربي كرامته، لقد أزاح البوعزيزي  رحمه الله  بصيحته المدوية الستار عن بشاعة وفظاعة ما تتعرض له الشعوب العربية من الظلم والقمع والطغيان، ولعل الدماء السورية وقتل بشار الأسد الوحشي يوميا للعشرات من أبناء شعبه أسطع برهان على ذلك!!

رحم الله البوعزيزي فقد أضرم النار في جسده تعبيرا عن مشاعر الحسرة بسبب القهر والإذلال، لكن كتلة اللهب تحولت إلى بقعة ضوء أنارت درب ملايين العرب، وألهبت حماستهم فخرجوا من أنفاق الظلم والطغيان، وحطموا أغلالهم، وكسروا قيودهم، وانطلقوا نحو نور الحرية، نعم لقد أحرق البوعزيزي جسده لكن روحه ألهبت حماسة الجماهير، وأيقظت إحساس الإنسان العربي بذاته وكرامته؛ فثار على القهر والذل والهوان والفقر، وخرجت الملايين إلى الشوارع تنشد الحرية والخلاص والانعتاق من ظلام هذا القمع والاستبداد.

وفي أول مواجهة حقيقية اكتشفت جماهيرنا العربية الثائرة أن هؤلاء الحكام الطغاة المتجبرين مجرد نمور من ورق أو تماثيل من شمع، ورغم آلاف الشهداء والجرحى إلا أن جدار الخوف قد تحطم وسقطت الأسطورة، ولن تَرْهَبَ أو تخشى الجماهيرُ الحاشدة هؤلاء الحكام الظالمين الفاسدين بعد الآن، فقط سيفجرون فيهم براكين الغضب وسيواجهونهم بكل قوة وحسم وصلابة، وسيجابهون كل ما يجدونه من حيف وظلم واستبداد، وستظل فرائص جميع الأنظمة العربيّة ترتعد خوفا من غضبة شعوبها وثورتها التي لن تهدأ إلا بإسقاط النظام!

 لقد هبت رياح التغيير العربي من سيدي بوزيد، ومن أعماق الذل والتهميش خرجت الوجوه الغاضبة لتباغت الطغاة المستبدين منهية عهودا كئيبة من سرقة الإنسان العربي وإهدار كرامته، وكان يجب أن يحدث ذلك منذ أمد بعيد فلم يكن طبيعيا أن تبقى شعوبنا العربية طوال هذه العقود خائفة خانعة متقلبة في الذل الهوان، مستعذبة مرارة الفقر والحرمان!

ستظل روح البوعزيزي حية بيننا، وستبقى صرخته مدوية فينا، ولن تتمكن الأنظمة العربية الفاسدة المستبدة من خداع شعوبها ثانية، لن تفلح في منع الجماهير من الثورة والمطالبة بحريتهم وكرامتهم، فلم يعد بوسع الطغاة استعبادنا بعد الآن!!

* كاتب مصري.

======================

نظرات في مسألة الهوية

محمد ابريجا

brijja@hotmail.com

استهلال:

لطالما شهدنا صراعات ونزاعات على مستويات عدة بين فردية، ومحلية قبلية وإقليمية ووطنية، وأحيانا كونية، وغالبا ما كان وقود هذه النزاعات والصراعات أشخاصا يحملون ويرفعون شعار تحصين وحماية "الهوية"، وإذا كان من غير الممكن المجادلة في أهمية الهوية في تشكيل الوجدان والقيم والمبادئ، لدى الأشخاص والجماعات على حد سواء، فإنه من غير الممكن كذلك غض الطرف عن المصاعب التي يطرحها مفهوم الهوية خاصة وأننا أمام مفهوم تكويني دائم التشكل، وهذا لا يند في شيء عن طبيعة الإنسان النامية والمكتملة بالتدرج، ولذلك فإن مسألة الهوية تتطلب نقاشا عميقا وهادئا، كما تتطلب وضع أصول للتعامل مع هذه القضية سواء في بعدها الذاتي أو الغيري، حتى نستطيع التمييز بين الهوية الأصيلة والهوية المزيفة، وبين المشاكل الحقيقة وأشباه المشاكل في هذه القضية الشائكة، وذلك حتى نضمن أصالة الذات ونجنبها الذوبان والاستلاب، أو في المقابل التسلط والإقصاء الموجه ضد الآخرين.

1- الأخوة الإنسانية:

 من أصول الفلسفة القول أن الكل واحد، وهذا يعني البحث عن نقطة ارتكاز وعن مبدأ أصيل للأشياء مهما تعددت وتنوعت، وإن الناس مهما اختلفوا وتنوعت مشاربهم الدينية، وتكاثرت لغاتهم وألسنتهم، وتمايزت أعراقهم وتعددت ثقافتهم، يرجعون إلى أصل واحد ألا وهو الإنسانية، فالأخوة الإنسانية مبدأ وأصل، وتنوع الثقافات والأديان واللغات والأعراق متفرعات عن ذلك الأصل الثابت، ومن أجمل ما قيل في هذا الباب، ما جاء في خطبة حجة الوداع للنبي الكريم سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يقول (( يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَٰرَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَٰكُمْ )) (الحجرات:13) فليس لعربي على عجمي فضل، ولا لعجمي على عربي فضل، ولا لأسود على أحمر فضل، ولا لأحمر على أسود فضل إلا بالتقوى. يا معشر قريش لا تجيئوا بالدنيا تحملونها على رقابكم، وتجيء الناس بالآخرة، فإني لا أغني عنكم من الله شيئاً. أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عُبِّية الجاهلية وتعاظمها بآبائها فالناس رجلان: رجل تقي كريم على الله، وفاجرٌ شقي هين على الله، والناس بنو آدم، وخلق الله آدم من تراب(1) " وقد جادت الفلسفة بتصورات أخلاقية معتبرة تدعو إلى اعتبار الإنسان قيمة وغاية في ذاته، ولذلك فما ينبغي أن يكون هو احترام الإنسان لمجرد أنه إنسان دون أن يؤدي بنا اختلاف الآخر عنا من حيث اللغة أوالدين أو الثقافة أو العرق إلى احتقاره وازدراءه، فعندما نزدري ونحتقر شخصا من الأشخاص فإننا نحتقر الإنسانية جمعاء ونسيء إلى رابط الأخوة الإنسانية.

2- الاختلاف سنة من سنن الكون:

لاشك أنه رغم إرجاع الإنسان إلى أصل واحد، أن الكون ينطوي على اختلاف وتنوع كبيرين، ولذلك فالاختلاف بين عناصر تعود لأصل واحد يقتضي وجود التكامل، إلا أن المشكل لا يرتبط بهذا الاختلاف في حد ذاته، وذلك لأنه سنة إلهية كونية، وقانون طبيعي، وإنما يرتبط أساسا في عدم الاعتراف بالحق في الاختلاف، فالاعتراف للآخر بالحق في اختلافه عني لا يعني إفقادي خصوصيتي وما يجعلني مختلفا عنه، بل إن ذلك يؤدي إلى خلق مجال للتعايش والاستفادة المتبادلة، مع الاحتفاظ على ما يجعل كل واحد متميزا عن الآخر على اعتبار عناصر الاختلاف عناصر غنى للإنسانية جمعاء ، ولعل هذه الفكرة يمكن أن تفهم عندما ننظر في عضوية الإنسان الفرد فرغم كونه ينطوي على اختلاف كبير نفسيا ووجدانيا وعضويا بحيث يتوزع بين الوعي واللاوعي، وجسديا حيث تتعاقب عليه حالات الضعف وحالات القوة والصحة والسقم، والغنى والفقر، إلا أنه في جميع الحالات يبقى " ذات منقسمة داخل وحدة لا مثيل ولا نظير لها" هذا على مستوى الذات الواحدة وهكذا ينبغي أن يكون عليه الأمر في وضعية تتعدد فيها الذوات، ولعل هذا ما تؤكده أبيات ابن عربي حين يقول قابلا للاختلاف كتجل من تجليات الرحمة الإلهية في الكون:

كنت قبل اليوم أنكر صاحبي    إذا لم يكن ديني إلى دينه دان

لقد صار قلبي قابلا كل صورة    فمرعى لغزلان ودير رهبان

وبيت لأوثان وكعبة طائف     وألواح توراة ومصحف قرآن(2)

وذلك ما نجده كذلك كحقيقة قرآنية حين يصرح القرآن ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ (3) وهذا معناه أن الاختلاف إرادة إلهية، ولذلك يقرر القرآن مبدأ اللا إكراه بحيث نجد في قوله تعالى((لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي))(4)

 

3- الهوية درجات والولاء مراتب:

ثمة هناك بعض الطروحات ترجع الهوية وتؤسسها على عنصر واحد سواء كان هذا العنصر دينا أو لغة أو عرقا أو انتماء جغرافيا... والتاريخ يبين زيف هذه الطروحات فهي لم تؤدي إلا إلى خلق صراعات وأزمات، أدت إلى إزهاق الكثير من الأرواح، وطمس هويات والقضاء على إرث وانتاجات كثير من الأمم والثقافات، ولذلك فإننا نعتقد أن مسألة الهوية لا تقوم على عنصر أو مكون واحد، بل هي درجات، ففي الغالب نجد أن الهوية تتكامل فيها مجموعة من المكونات والعناصر، فنجد الإنسان يتكلم لغة ويدين بدين ومنتمي إلى حضارة، كما نجد الناس مختلفين في ولاءهم لكل عنصر من العناصر، إضافة إلى أن هذه المكونات تخدم بعضها بعضا، فقد نجد لغة محدودة وانتشرت بفضل دين من الأديان، والعكس صحيح. ولذلك يجب أن نعي هذا التدرج في مسألة الهوية، ونعطي كل مكون حقه ومستحقه وذلك بحثا عن التكامل، ويجب كذلك ألا نتعصب لعنصر على حساب آخر ولا أن نتعصب لما نختلف عنه مع الآخرين.

4- الطابع التكويني للهوية:

ليست الهوية قدرا مقدورا، ولا هي شبيهة بالصورة الفوتوغرافية في ثباتها وصنميتها، بل هي ذات طابع تكويني، وهنا تبدو كل ذات أصيلة في تكوين هويتها انطلاقا من كونها مشروعا قابلا للتحقق إذا تميزت الذات بالقدرة على الفعل والإبداع وتجاوزت وعيها الذاتي وتمركزها حول ذاتها وانغلاقها، لتعانق الآخرين وتتقاسم معهم الأفراح والأتراح، ولكي تكون عملية التكوين عملية ناجحة فهي تتوقف على عدة شروط أساسية أهمها:

- استشعار الذات لأصالتها في غير انغلاق أو تزمت، وأصالة الذات داخل الجماعة حد وسط بين الذوبان في الذات الجماعية، وبين التمرد والإفراط في التعالي على هذه الذات إلى درجة القطيعة.

- الإبداع والقدرة على التجاوز، وهذا يتطلب تفاعلا ايجابيا للذات مع محيطها قائم على مبدأ الأخذ والعطاء، فصحيح أن مجيئنا للعالم ماديا ومعنويا مجيء سمته العري، ولدتنا أمهاتنا عراة من كل شيء اللهم نعمة الوجود السابق عن كل إضافة. والصفات اللاحقة على هذا الوجود إنما تنضاف بالاكتساب والإبداع وتجاوز الضعف إلى القوة، والعجز إلى الاجتهاد، والخضوع إلى التحرر والجهل إلى الوعي.

------------

1- رواه الترمذي في سننه واللفظ له.

2- محي الدين بن عربي

3- قرآن كريم سورة هود الآية: 118

4- القرآن الكريم، البقرة،256

=========================

تأييد الشارع السوري للمجلس الوطني ليس شيكا على بياض!!

الطاهر إبراهيم

كاتب سوري

بينما يستعد أعضاء المجلس الوطني السوري للتوافد على تونس لعقد أول مؤتمر لهم ، تثور في الساحة السورية أسئلة كثيرة لم يستطع المجلس الوطني أن يجيب إلا على النذر اليسير منها. هذه الأجوبة لم تغط إلا أمورا جانبية، تاركة أسئلة كثيرة تدور في أذهان المتظاهرين السوريين من دون أجوبة داخل سورية وخارجها، قد تؤدي إلى مواقف يصعب على المجلس الوطني ببنيته الهشة أن يحتويها.

ففي مقابلة مع قناة الجزيرة في نشرة الساعة الحادية عشرة مساء بتوقيت مكة المكرمة يوم 15 كانون أول الجاري، وقد أشارت المذيعة إلى الكم الهائل من التحديات التي تواجه لقاء المجلس الوطني في تونس خصوصا مع انبثاق عدة جبهات سورية معارضة، أراد الدكتور "عماد الدين رشيد" أن يذكّر المشاهدين بأن الثورة السورية أيدت المجلس الوطني، كأنه يقول أن من يسعى ليكون معارضا سوريا عليه أن ينضوي داخل خيمة المجلس، الذي أيده الثوار عندما رفعوا لافتات تقول "المجلس الوطني يمثلني". وبدورنا نلفت نظر الدكتور"رشيد" والمجموعة التي ينتمي إليها في المجلس الوطني إلى عدة حقائق:

إن تأييد الثورة السورية للمجلس "ليست شيكا على بياض". فما لم يقم المجلس بما يجب عليه وما هو مطلوب منه من المهام كان متوقعا أن يقوم بها ويتصدى لها، فإن التفويض الممنوح له يصبح تفويضا لاغيا وإن الثوار سيفتشون على من يقوم بتلك المهام. وحتى الآن لم يشعر المتظاهرون بنتائج إيجابية من التحركات التي يقوم بها المجلس، إلا مقابلات تجريها هذه القناة أو تلك مع أعضاء في المجلس، لم تؤد إلى توقف القتل ولم تمنع الاعتقال.

مع أن أعضاء في المجلس الوطني حاولوا أن يشعروا محاوريهم في القنوات الفضائية أنهم الوحيدون على ساحة المعارضة السورية. إلا أن الواقع يقول غير ذلك، حيث إن أعداد المعارضين السوريين خارج المجلس الوطني أكثر بكثير من المنضوين في خيمة المجلس الوطني، لكن أعضاء في المجلس يرفضون الاعتراف بذلك .

نعيد إلى الأذهان أن مؤتمرات عدة للمعارضة السورية عقدت في تركيا وفي أوروبا، لم يفلح أي منها في أن يجعل للمعارضة السورية كيانا موحدا ينطق باسمها في مواجهة دول العالم. ما دعا جماعة من شباب معارضين أن يحاولوا تغطية الفجوة،فعملوا على تشكيل نواة مجلس وطني. وقبل أن يكتمل لهم البنيان فوجئوا بصخرة ألقيت في بحيرة المعارضة الساكنة تمثلت بقدوم شاب سوري اسمه "ضياء الدين دغمش" إلى أنقرة، حيث عقد مؤتمرا صحفيا أعلن فيه عن تأسيس مجلس وطني برئاسة البروفيسور "برهان غليون" يضم شخصيات من اتجاهات عدة. هذا الإعلان دفع مجموعة الشباب هذه التي أشرنا إليها آنفا إلى المسارعة بالإعلان من اسطنبول عن مجلس وطني يضم قرابة 70 عضوا. هذه المجموعة قامت بتزيين المجلس الجديد بشخصيات معارضة لها مكانتها على ساحة المعارضة خارج سورية، وذلك لتدفع عن نفسها صبغة المناطقية الضيقة.

لكن هذا الإعلان لم يقنع الشارع السوري المتظاهر بهذا المجلس، فلم يعلن تأييده له، ما دفع المجموعة إلى إجراء مباحثات شاقة خصوصا مع الإخوان المسلمين، الذين وافقوا على تقديم تنازلات مؤلمة في سبيل الوصول إلى مجلس معارض موحد باسم المجلس الوطني, ولسمعة الإخوان التاريخية فقد رفع المتظاهرون لافتات كتب فيها: "المجلس الوطني يمثلني".

خلال ثلاثة أشهر من عمر المجلس الوطني كانت خطواته تتعثر في أن يقوم بما هو مطلوب منه، إلا ما كان من ظهور أعضاء فيه بالتناوب على القنوات الفضائية للتعليق على أحداث تجري على الساحة السورية، هذه التعليقات وإن كانت مفيدة بعض الشيء، إلا أن الإنجاز على الساحة في سورية كان أبلغ من المقال.

نؤكد أن استكمال تكوين المجلس الوطني شابه نواقص عدة. منها أن معارضة الداخل ما تزال لم تنخرط بعد في المجلس الوطني، بسبب اعتراض أعضاء فيه على إدراجها إلا عدد محدود من معارضي الداخل. وهذا ما أشار إليه المعارض "عبد العزيز الخيّر" من القاهرة في حوار مع الجزيرة من أنهم مكثوا في القاهرة 12 يوما بانتظار قدوم أعضاء في المجلس الوطني إلى القاهرة للحوار تلبية لدعوة الأمين العام للجامعة العربية.

من الأمور التي فشل فيها المجلس الوطني هو عدم استيعابه لشخصيات هامة في المعارضة يعرفها الجميع ولا نريد أن نسميها. فقط نؤكد أن إدراج اسم شيخ الحقوقيين المعارض "هيثم المالح"، و"وليد البني" خريج معتقلات النظام واجه معارضة شديد من بعض مكونات المجلس الوطني. كما أن هناك فعاليات هامة لم تدرج أسماؤها في المجلس الوطني منها على سبيل المثال لا الحصر عدم تمثيل كتاب معارضين للنظام زادت مقالات بعضهم عن 600 مقالا في بيان ما كان يجري في سورية من قمع وتنكيل.

لم أتجن على المجلس الوطني عندما عنونت للمقال ب"تأييد الشارع السوري للمجلس الوطني ليس شيكا على بياض!". فهذا الناطق الإعلامي للثورة السورية في إدلب "علاء الدين يوسف يشكو للجزيرة مر الشكوى من تقصير المجلس الوطني في جمعة: "الجامعة العربية تقتلنا".

كما أن "عبد الباسط ساروت" بلبل الثورة وحارس مرمى الكرامة في حمص، وقد أصيب بطلقة كادت تؤدي لاغتياله أشاد بحماية الجيش السوري الحر للمتظاهرين. ثم وجه كلامه للمجلس الوطني بقوله: نحن أيدنا المجلس الوطني ونحن نسقطه، فعليه أن يقوم بما عليه.

يبقى أن أقول، ما لم يستدرك المجلس الوطني أخطاء وقعت في تشكيله، ولا يكتفي بالظهور على الفضائيات فقط ومقابلة الجهات الأجنبية، فإن الشعب السوري سيقول فيه ما قاله "علاء الدين يوسف" وما قاله "عبد الباسط ساروت".

=========================

المُقابَلة .. حديث الطرشان

شعر: طريف يوسف آغا

كاتب وشاعر عربي سوري مغترب

قابَلوهُ ... ويالَيتهُمْ ماقابَلوهْ!

وحاوَروهُ ... ويالَيتهُمْ ماحاوَروهْ!

قالوا عنهُ أنَّهُ يجيدُ اللغَةَ

فلا شَفِعتْ لهُ اللغةُ ولاالقتلى سامِحوهْ

وقالوا أنَّهُ طبيبٌ مختصٌ مِنَ الخارجِ

ربَّما إلى الخارجِ يجبُ أنْ يُعيدوهْ

إنْ كانَ (آخِّرُ الطِبِ الكَيَّ) فطبيبنا

منذُ اليومِ الأولِ أمرَ أنْ يَستعملوهْ!

ولما سَألوهُ عَنْ رأيهِ بلقبِ الديكتاتورِ؟

قالَ لايَهُمُهُ مادامَ ناسُهُ يُحبِّوهْ!

فسَألوهُ ولماذا سَمَحَ بكلِ ماحصلْ؟

فتحداهُمْ بِما حصلَ أنْ يُخبِروهْ

ولما أخبَروهُ عَنِ الثَورةِ أنكَرَها

فقالوا أنَّ الرجلَ إمّا مجنونٌ أو معتوهْ!

وإمّا مُنقطِعٌ عَنِ العالَمِ

وبِما يجري مِنْ حولهِ، أعوانُهُ لمْ يُعلِموهْ

قالوا لهُ كلُّ العالَمِ قاطَعَهُ

حتى جيرانهُ وأصدقائهُ مِمَنْ سانَدوهْ

فقالَ لايَهمّهُ مادامَ الشَعبُ لمْ يقاطِعَهُ

فناسُ الداخلِ همْ فقطْ مَنْ يَهُمّوهْ

وأنَّهُ يَحظى بدَعمِ الأغلبيةِ!

فهوَ ماقَبِلَ بالرئاسةِ إلا لأنَّهمْ يُحبّوهْ!

فقالوا لهُ أنَّ الناسَ تُقتَلُ بالآلافِ

فسَألهمْ عَنِ الدليلِ الذي يَملِكوهْ؟

قالوا أنَّها قواتُهُ فأجابَ ليسَتْ بقواتِهِ!

فهوَ مُجَردُ رئيسٍ الناسُ اختاروهْ!

مُجَردُ رئيسٍ ولكنْ ليسَ بملكٍ!

والدليلُ أنَّهُمْ استفتوا عليهِ ولمْ يتوِّجوهْ

"لايُنتخبُ الرئيسُ عندنا" قالها بلا خجلٍ

ثمَّ قالَ أيضاً أهلهُ للحكمِ لمْ يُورِّثوهْ

وسألوهُ عَمّا جَرى للأطفالِ؟

فقالَ أنَّ أهلَ الأطفالِ قابلوهُ وبَرّأوهْ

وعَنْ رسامِ الثورةِ قالَ بأنَّهُ ليسَ

بمسؤولٍ عَنْ كُلِ الذينَ رسموهْ

وعمَّنْ قتلَ شَحرورَ الثورةِ قالَ

لايعرفُهُ ولايعرِفُ الذينَ قتلوهْ

فسألوهُ إنْ كانَ ضميرُهُ يُعَذِّبهُ؟

وهلْ لأمثالِهِ ضميرٌ حتى يَسألوهْ؟

ولمّا ذكَّروهُ بحقوقِ الانسانِ ضحكَ

وكأنَّهمْ قطعوا المُحيطَ إليهِ ليُضحِكوهْ!

وفيما إذا كانَ يشعرُ بالذنبِ، ضحكَ أيضاً

أما للرجلِ أعوانٌ للمُقابلاتِ يُحَضِّروهْ؟

فمنْ أولِ المقابلةِ إلى نهايتِها، لا يبدو أنَّ

مُحاوريهِ مَرّةً واحدةً صَدَّقوهُ أو قَبضوهْ

جوابٌ مِنَ الشَرقِ وجوابٌ مِنَ الغربِ

إنْ ظنَّهُ ذكاءً، فالذكاءُ آخِرُ ماظنّوهْ

وظنَّ البعضُ أنَّ المقابلَةَ فيها رِسالة

رِسالتي لأهلِهِ أنْ بلا رقابَةٍ لاتتركوهْ

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ