ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 25/10/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

روسيا والدول العربية: وكالة حصرية لحماية الدكتاتوريات، أو حماية مصالح مالية... سورية نموذج...!!!

(2-3)

د.خالد ممدوح العزي*

الجزء الثاني

الخلاف السياسي الداخلي الروسي في التعامل مع الازمة السورية:

المراقب الفعلي للمواقف الروسي والمطلع على السياسة الروسية والمواكب الفعلي للإعلام الروسي وتحديدا المكتوب يستطيع أن يلمس التخبط الفعلي للسياسة الروسية مع سير الثورات العربية والتعاطي معها وتحديدا مع إدارة ملف الأزمة السورية، لذلك يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام:

1-مواقف الرئيس الروسي الملتبسة :

مما لا شك فيه بان الموقف الروسي الملتبس في تعاطيه مع الأزمة السورية الحالية ناتج بالأساس عن عدم إطلاع صحيح لما يحدث في سورية والمنطقة العربية بشكل عام ،فروسيا التي سيطر عليها الخوف وعلى مصالحها ،والخوف أيضا من انتشار ثورات الربيع العربي التي قد تمتد إلى روسيا، تركها تتخبط في تصريحات ومواقف تدفع ثمنها لاحقا مع شعوب هذه المنطقة التي أضحت تنظر لسياسة روسيا بعين من الشك والانتقام وعدم الاطمئنان لها. لكن المواقف التي تصدر عن القادة الروس تبرهن عن مدى التخبط السياسي وعمق الأزمة الفعلية التي أنتجتها ثورات الربيع العربي في الطبقة السياسية العليا ،فروسيا التي تقول على لسان رئيسها ديمتري ميدفيديف بان أي عقوبات دولية يجب ان تدين"النظام والمعارضة" أي الجلاد والضحية بنفس الوقت،كما قال سابقا:" بأنه في ليبيا أضحى نظاميين ويجب التفاوض فيما بينهما ومحاورة نظام ألقذافي،بالوقت الذي أضحى الثوار في طرابلس على مشارف باب العزيزية، وفي اليوم الأول من أيلول سبتمبر 2011 هو شخصيا يعترف بالمجلس الانتقالي ويذهب ميدفيديف إلى باريس للمشاركة في المؤتمر المنعقد لأعمار ليبيا بتاريخ 1ايلول سبتمبر 2011،ميدفيديف نفسه يرسل دعوة للمعارضة السورية لزيارة موسكو ،ويتهم المعارضة بأنها إرهابية ،فالرئيس الروسي بتاريخ 29 تموز "يوليو" 2011 يرسل مبعوثه الشخصي إلى سورية، نائب وزير الخارجية سرغي بغدانوف ،ويعطي مهلة للنظام السوري مدة أسبوعين لتطبيق الإصلاحات الذي وعد بها النظام ،وهو نفسه يرسل فيما بعد فريق دبلوماسي ونيابي وإعلامي إلى سورية لتقصي الحقائق والكشف الميداني عن طبيعة الإجرام الذي يمارس في سورية ،فالنظام يمنع هذا الوفد من لقاء المعارضة السورية ، بدواعي أمنية ويتم تنفذ حملات عسكرية عديدة أثناء وجود الوفد الروسي في سورية،يسقط أثناءها العشرات من القتلى والجرحى،روسيا نفسها التي تستعمل الفيتو إلى جانب الصين ضد إدانة النظام السوري ،تحول فيما بعد أن تبرر لنفسها هذا الموقف ،وتشيع في العالم ،بان استعمال الفيتو ليس تصريح اخضر للنظام بممارسة القتل والعنف ضد المدنيين،كما جاء على لسان المبعوث الروسي مرغيلوف بتاريخ 11اكتوبر "تشرين"،وإنما هو إنذار أخير للنظام السوري من اجل تنفيذ وعوده الإصلاحية بسرعة، وباء عليه قامت روسيا بتوجيه دعوة إلى المعارضة السورية في الخارج والداخل لزيارة موسكو لكي تعمل على طرح مبادرة سياسية تجمع جميع أطراف الصراع في سورية ، على طاولة مستديرة للتوصل إلى حل جدي للازمة في سورية من خلال الحوار،ولا تمانع بان تكون وزارة الخارجية الروسية مكانها ، فالرئيس ميدفيديف بتاريخ6 اب "اغسطس "2011، هو الذي قال للأسد بان يسرع بتنفيذ الإصلاحات خوفا من تلقي مصيرا محزنا ، الرئيس ميدفيديف بتاريخ 7 اكتوبر تشرين الاول 2011،هو نفسه الذي يقر، و يعترف بحق الشعب السوري بالتغير الداخلي دون الاستعانة بالخارج وبان روسيا سوف تعيق أي مشروع أممي يحاول الإطاحة بالحكومات الحالية.

2-مواقف الخارجية الروسية :

فالموقف الروسي أضحى موقفا متصلبا ومتشدد نحو الأزمة السورية والذي بات يتبنها كليا ويدافع عن نظامها بعد تلين موقفه في أزمة ليبيا، والذي خسر فيها المراهنة على نظام ألقذافي ومصالح روسيا الاقتصادية فيها ،فسورية التي يشتد فيها التصعيد الشعبي ويضيق الخناق الدولي على النظام ،لكونه يرتكب فيها أبشع الممارسات الاضطهادية، فروسيا تقف إلى جانب النظام،والخارجية الروسية تعيق كل المحاولة الأممية التي تفكر بإدانة ممارسات النظام إنسانية والغير أخلاقية بحق شعبه الأعزل ،لكن مع سقوط النظام الليبي في أواخر شهر أب"أغسطس" بدأت اللهجة الروسية تزداد قسوة وشراسة نحو العالم الذي يحاول الضغط على نظام سورية ،وبالتالي باتت تشكل غطاء فعلي له وعقبة فعلية في التعامل معه، والتي باتت واضحة من خلال تصريحات وزير الخارجية الروسية سرغي لافروف بناء للتالي :

1أيلول "سبتمبر" 2011 :" استعمال "القوة" ضد السكان المدنيين في سورية ب " غير المقبول", منددا في الوقت ذاته بمواقف الدول العظمى

3 أيلول "سبتمبر" 2011 :رفض روسيا الانضمام للعقوبات الجديدة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي ضد النظام السوري الذي وضعت ضد قطاع النفط ،ولا فروف يقول :"بان هذه العقوبات لا تفيد بل تزيد من المشاكل الداخلية ولا تساعد أبدا على حل الأزمة أبدا،وخاصة بان النظام بحاجة لفترة جديدة لتنفذ الإصلاحات.

5 أيلول "سبتمبر" 2011 : أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال لقاء مع نظيره البرازيلي انطونيو دي أغيارا باتريوتا في موسكو يوم الأحد 4 أيلول إن دول مجموعة دول بركس تؤيد حوار المعارضة مع النظام.

20 أيلول "سبتمبر" 2011:أعلن سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي أن موسكو مستعدة لدعم قرار مجلس الأمن الدولي بشأن سورية، إلا أنه يعتبر سعي بعض الدول للتركيز على العقوبات امرأ مرفوض،

20 أيلول "سبتمبر" 2011: روسيا لا تريد تكرار السيناريو الليبي في سورية، لأنه ليس لمصلحة احد، لدى روسيا شروطها الخاصة في مجلس الأمن بشان سورية، فالسعي لإيقاف العنف والبحث في الحوار بين المعارضة والسلطة هو الأساس.

20 أيلول "سبتمبر" 2011 : نيويورك- حاولت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الاثنين إقناع نظيرها الروسي سيرغي لافروف بان قرارا في الأمم المتحدة سيكون ضروريا

21 أيلول "سبتمبر" 2011 : انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المحاولات التي تقوم بها الدول الغربية لإقرار عقوبات ضد سورية.

21أيلول "سبتمبر"2011 كسورية حجر أساس في الشرق الأوسط.

في22 أيلول "سبتمبر" 2011 : وكان لافروف أكد في وقت سابق أن سورية تعتبر حجر الزاوية في بنية الشرق الأوسط ويتوقف عليها إلى حد كبير الحفاظ على السلام والأمن في المنطقة.

22أيلول "سبتمبر" 2011 :جدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عبر شبكة "سي إن إن" دعوته للمعارضة السورية إلى عدم رفض الحوار مع الرئيس الأسد، كما رفض لافروف فكرة العقوبات على سورية ...

24 أيلول "سبتمبر" 2011 : لافروف يجدد رفضه دعم الموقف الأمريكي تجاه سورية ويدعو المعارضة للحوار.

27 أيلول"سبتمبر" 2011 : أعلن سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي في مقابلة مع قناة "روسيا  24" الإخبارية يوم 27 سبتمبر"أيلول أن بلاده لن تؤيد مشروع القرار الذي طرحته في مجلس الأمن .

28 أيلول "سبتمبر" 2011 : انتقد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الثلاثاء النظام السوري بسبب ما سماه إخفاقه في تطبيق إصلاحات سياسية ومنع وسائل الإعلام الدولية من التواجد في سورية .

28 أيلول- "سبتمبر"2011: روسيا تقديم مشروع إلى مجلس الأمن الدولي يرفض التصويت عليه ويتم استخدام الفيتو الروسي والصيني في 5 أكتوبر في مجلس الأمن من قبل مندوب روسيا الدائم فتالي تشورين.

29 أيلول "سبتمبر" 2011:أعلن سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي أن بلاده لن تؤيد مشروع قرار في مجلس الأمن طرحته الدول الغربية ضد سورية.

4أكتوبر "تشرين الأول" 2011:روسيا لن تسمح بتمرير قرار في مجلس الأمن بإدانة سورية،وسوف تستخدم حقها في استخدام الفيتو.

5اكتوبر "تشرين الأول" 2011:مندوب روسيا في مجلس الأمن يستخدم حق النقض.

10 تشرين الأول "أكتوبر" 2011 : وزير الخارجية الروسي يقول إن بلاده والصين مستعدتان لاقتراح مشروع قرار لمجلس الأمن أكثر توازنا من المشروع الأخير الذي واجه الفيتو.

3-المواقف المعارضة لادارة ملف الازمة السورية:

لكن لبد من التوقف أمام الخلاف الفعلي الذي يقوم بين وزارة الخارجية الروسية الممثل بالوزير سرغي لافروف ،والمبعوث الشخصي للرئيس الروسي للشرق الأوسط مارغيلوف،الذي انتقد محاضرة بثينة شعبان غي الخارجية الروسية من بيروت بتاريخ 12 أيلول وبرده الساخر بان شعبان تذكرنا بمحاضرات سابق للدولة السوفيتية ،و برفض مرافقة الوفد الروسي الذاهب إلى سورية بزيارة لتقصي الحقائق وكذلك رفض النائب الثاني لوزير الخارجية سلطانوف ومندوب روسيا في منظمة المؤتمر الإسلامي اصلاخانوف مرافقة الوفد ،فموقفهم واضحة وتدل على أن النظام السوري يستخدم روسيا ،و بان النظام السوري كاذب ويناور ويحاول أيهام روسيا بأنه ينفذ إصلاحاته،كما صرح الأسد للوفد الروسي أثناء زيارته في دمشق بتاريخ 13-17 أيلول "سبتمبر2011 بقوله :"بان النظام السوري كلما سار نحو تنفيذ إصلاحات داخلية يوجه بمعارضة داخلية شديدة وضغوطات خارجية". الأسد الذي يخبر الوفد الروسي الزائر بتاريخ 13-17 أيلول "سبتمبر2011 "بأنه لن يسمح للمظاهرات السلمية في سورية أن تخرج ،لان السماح لها ستكون في اليوم الثاني ستحاصر القصر الجمهوري"فهذه المواقف من جانب النظام السوري تدل على النظام في أزمة ،وهذا حسب تعبير الخبير الروسي والمختص بالشؤون العربية اندريه ستيبانوف بتصريح لقناة روسيا اليوم الناطقة بالعربية بتاريخ 19ايلول "سبتمبر " 2011 بقوله:"بأنه ليس بإمكان روسيا أنقاض النظام السوري،و ان حل الازمة في سورية بيد النظام السوري من خلال وقف استخدام القوة واللجوء الى الحوار، حيث ان جذور الازمة تقع داخل سورية بالاساس وليس بتأثير قوى خارجية كما يدعي النظام". بالطبع هناك مواقف روسيا كثيرة تعارض سقوط النظام وتسليمه لأمريكا ،كما أمثال الرفيق بريماكوف العربي الشهير والمبعوث الروسي الدائم للشرق الأوسط الذي يقول " بأننا لن نتنازل عن سورية "،وهناك أصوات تعارض حماية الأسد وفقدان سورية نهائيا بسبب السقوط الحتمي للنظام السوري ،وبالتالي الخوف الروسي على مصالحها الشخصية سوف يؤدي حتما إلى ضياع سورية وخروج روسيا من الشرق الأوسط وخسارتها لمصالحها في الدول الخليجية ،والإعلام السورية التي تحرق في الساحات ما هي إلا إنذار فعلي من الشعب السوري الذي يقول للساسة الروس ادعموا الأسد قدر ما استطعتم ،ولكن سوف اقطع علاقتي بكم ،عندما يذهب صديقكم ونظامه ويبقى الشعب.

المبادرات الروسية المفقودة نحو سورية :

لروسيا قلعة كبيرة من الخبراء والعاملين والإعلاميين والأصدقاء والعملاء الذين يقدمون لها كل المعلومات والأخبار لما يجري في سورية،فهي أضحت محرجة جدا من تصرفات الأسد ومن كثرة وعوده وخاصة روسيا التي ترسل دعوات لاستقبل المعارضة السورية فيها،إضافة لمحاولة دولية كثيرة تناقش مع روسيا الأزمة السورية وتحاول أن تقنعها بالسير في الخط الدولي الذاهب نحو تحجيم النظام وتصرفاته العنجهية ،و تمثلت الزيارة إلى موسكو بزيارة من الرئيس الفرنسي سركوزي بتاريخ 8ايلول "سبتمبر"،و لرئيس وزراء البريطاني ديفيد كاميرون بتاريخ 12 أيلول "سبتمبر"،لكن موسكو مقتنعة تماما ومصرة على إيجاد مخرج للنظام السوري يخرجه من أزمته وعزلته ومحنته، لذلك أرسلت نائب وزير خارجيتها سرغي بغدانوف إلى دمشق بتاريخ29 تموز "يوليو" 2011، وتحميله رسالة خاصة من الرئيس

الروسي ميدفيديف ،مفادها بان روسيا تمهل النظام السوري أسبوعين من اجل تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها الأسد ،وإذا تعذر سوف يكون لموسكو موقف مغير،ضنا منها بان الأسد سوف يفي بوعوده أمام روسيا التي تشكل له إحدى مظلات الحماية ،لان روسيا تعرف جيدا كذب ونفاق النظام السوري،

فورا قدوم وفد المعارضة الثاني لزيارة روسيا بتاريخ 8 أيلول ،وبعد دعوة ممثلة النظام السوري بثينة شعبان في 11 أيلول، والتي قررت روسيا مجددا على أثارها ، إرسال وفدا روسيا برلمانيا إعلاميا سياسيا بتاريخ 13 أيلول "سبتمبر"لزيارة سورية مهمته تقصي الحقائق والاطلاع على الأوضاع الميدانية دون وساطة النظام ،والاجتماع بالمعارضة في الداخل، إضافة لزيارة المدن السورية التي كانت تحتلها الدبابات العسكرية،لكن المهمة فشلت لان الوفد لم يسجل أي شيء ولم يلتقي بالمعارضة السورية الداخلية،خوفا على امن هذه المعارضة كما برر النظام نفسه ،فالقتل لم يتوقف بل ازداد بشكل اكبر، والقمع أضحى اشد ،فعاد الوفد بعد لقاءه مع الأسد بتاريخ 17 أيلول ،لتتلقى موسكو صفعة جامدة من النظام الحليف وعدم تمكينها من السير بالوصول إلى طرح مبادرة فعلية ،لحل الخلاف بين الطرفين حسب اعتقادها ، فالنظام الذي يبكي ويشتكي لموسكو لا يسمح لها بطرح أية مبادرة لا تعجبه ،فهو المعرقل الأساسي لأي دور تحاول موسكو أن تلعبه ،وبالتالي موسكو تفهم هذا الوضع جيدا بالرغم من إصرارها المستمر وقتالها المميت لبقى النظام السوري،لكن روسيا تعلم جيدا بان سورية بالنسبة لها ورقة تفاهم وضغط على مواضيع أخرى، فإذا تم التفهم عليها تغير روسيا موقفها سريعا من النظام السوري .

روسيا التي لا تزال تحاول على الحوار بين الطرفين وجلوسهم على طاولة واحدة وهي مستعدة لاستقبالهم ،لكنها تفقد أي مشروع أو مبادرة يمكن أن تطرح وبالتالي روسيا أحالت هذا إلى جامعة الدول العربية للخروج بمبادرة قد تساندها روسيا وتسير بها ،كما هي المبادرة الخليجية التي وافقت روسيا على إقرارها في مجلس الأمن الدولي بتاريخ 21 أكتوبر 2011 .

القرار الدولي لادانة سورية:

لقد قطعت روسيا الطريق أمام أي مشروع في مجلس الأمن الدولي غير المشروع التي تقدمت به روسيا من خلال استخدامها للفيتو،فالمشروع الروسي الذي طرح في 28 أيلول "سبتمبر "الماضي من هذا العام ،يقوم على محاولة إصلاح النظام السوري وتشكيل حكومة من المعارضة وتحديدا من أسماء سوريين يطالبون بإسقاط النظام الأمني السوري وإبقاء الرئيس بشار الأسد ومن بين هؤلاء الأسماء الأكثر بروزا اسم هيثم مناع الحقوقي السوري.فالمشرع الروسي لا يختلف عن المشروع الأوروبي المقدم للمجلس للنقاش لا يختلفان إلا بالمضمون ،المشروع الروسي يقر المئات من القتلة الذين سقطوا في سورية بينما المشروع الأوروبي يقر بالآلاف ،المشروع الروسي يحاول المساواة بين الضحية والجلاد من خلال إدانة الطرفيين ،المشروع الروسي يحاول إعفاء النظام السوري من تطبيق قرار مجلس الأمن ،الأوروبي حاول الخروج بقرار لا يفرض عقوبات على النظام السوري إرضاء لروسيا ،بينما الأوروبي يعطي مهلة معينة لسورية ونظامها ولدول الأعضاء لتنفيذ القرار خلال شهر ومن ثم يقوم مندوب الأمين العام بتقديم تقريره إلى مجلس الأمن،والذي يفرض عقوبات سريعة من خلال المجلس بحال تعذر التنفيذ ،بينما الروسي لا يحدد مهلة معينة تلزم النظام ،وعدم إلزامه بعقوبات مستقبلية وفترة زمنية ،ويصر على تفعيل دور مجلس الجامعة العربية لتقوم بدورها بالوقت التي تعاني هذه الجامعة من مشاكلها الخاصة ، المشروع الروسي يمنع الحظر الجوي وعدم فرض حظر على بيع الأسلحة المصدرة لسورية، المشروع الأوروبي يتضمن 10 فقرات بينما المشروع الروسي يقوم على 5 فقرات مقتضبة. المشروع الأوروبي تلقى 9 أصوات من مجموع الأعضاء 15، ولكن الفيتو الروسي والصيني هما اللذان حالا دون إدانة سورية ونظامها في استعمل العنف ضد المتظاهرين السلميين.

أزمة الفيتو الروسي

الفيتو الروسي الذي استخدام في 5 أكتوبر "تشرين الأول" من هذا العام يدل على أن روسيا خالفت العالم كله،كي تعرف كما يقول المثل العربي"خالف تعرف" ، لكن الحقيقة الفعلية القائمة على الحقيقة المرة المطروحة بوجه روسيا وهي :"بان روسيا خسرت فعليا سورية ،وخسرت مراهناتها على النظام السوري من خلال دعوتها المباشرة بعد إعاقة قرار مجلس الأمن في استخدام حق النقض بدعوتها السريعة للمعارضة السورية لزيارة موسكو والاستماع إليها ومعرفة مطالبها وطرحها مجددا بشكل رسمي بالوقت التي زارت هذه المعارضة موسكو مرتين ضمن وفد سوري معارض ،بالرغم من الدعوة شملت المعرضة في الداخل والخارج ،لكن السؤال الحقيقي يبقى في جعبة روسيا ، فهل روسيا تحاول مفاوضة المجلس الانتقالي للإقرار بحقوقها الاقتصادية والسياسية ،والحفاظ علي استثماراتها المالية الموجودة في سورية في حقول النفط والمرافئ ،والبالغة 4 مليارات دولار.بالإضافة إلى إبقاء سوق التسليح السوري أمام روسيا بشكل خاص ،والتي يعتمد على هذا السلاح الجيش بالدرجة الأولى .

لقد بدأ الصراع الفعلي مع الغرب ضمنيا وشكليا على سورية ، موسكو تحاول التفاوض مع الغرب على دمشق ولكنها تفاوض على أماكن أخرى تحقق لها مكاسب إستراتيجية كبيرة،لذلك تصر على إبقاء سورية مكان تجاذب ، لتمكينها من تحقيق مطالبها الدولية، وهذا ما برر انسحاب روسيا من اتفاقية الحد من انتشار الدرع الصاروخية المبرمة بين روسيا وأمريكا ،وهذه الاتفاقية التي تشكل للكريملين أزمة حقيقية بنشر أمريكا منظمتها الدفاعية في أوروبا والتي تهدد امن روسيا القومي،الدرع الصاروخية موجهه ضد موسكو وليس ضد امن أي دولة أو كيان أخر ،لان روسيا التي تحارب ضد نشرها في أوروبا،فكان استقبل تركيا لأجزاء منها.

فان عملية استخدام الفيتو من قبل روسيا لم يستطيع احد من الخبراء والمحللون تفسيره ،أو تحليل مغزاه ،وإنما يدل على رخص الموقف الروسي وخوفه من الثورات العربية ،والذي ترك انطباعا سيئا لدى العالم كله والعربي منه، وبالتالي سوف تدفع روسيا ثمنا غاليا لهذا الموقف فيما بعد والذي يتمثل بفقدانها لموقعها الاستراتيجي الحالي في سورية ودول الشرق الأوسط،فالمعارضة السورية بدأت تهدد روسيا علنا بإلغاء قاعدتها العسكرية في مدينة طرطوس في المستقبل .

لكن السؤال الذي يطرح نفسه إمام الموقف الروسي في التعامل من القضايا العربية وحمايته الحصرية للدكتاتوريات العربية ،كيف مرر قرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بموسكو، وماذا وعدت موسكو المعارضة اليمنية التي كانت في ضيافتها بتاريخ19 اكتوبر "تشرين اول 2011، قبل التصويت على قرار مجلس الأمن بتاريخ 18اكتوبر "تشرين الاول "2011، الذي يجبر النظام على التوقيع السريع على المبادرة العربية التي تسحب الغطاء والشرعية الدولية عن صالح بموافقة روسية والتي حاولت موسكو استقطاب الشارع العربي المحتقن ضد سياسة روسيا وخصوصا بعد استخدام حق النقض لحماية سورية .

*كاتب صحافي وباحث في الشؤون الروسية ودول الكومنولث.

dr_izzi2007@hotmail.com

يتبع

=========================

مراحل السلمية في الثورة السورية (السلمية الواقعية أو المنضبطة ) - 2

شامي متحضر( د. فارس )

لقد أسست مرحلة السلمية العفوية لمرحلة نشأت فوقها يمكن أن نطلق عليها السلمية الواقعية, وهي كانت كذلك من خلال التنظيم والحماية اللتان بدأتا تصبحان السمة الأساسية بحكم ضرورة المرحلة المفروضة من قبل السلطة, أن هذه المرحلة تكون في بدايتها فاعلة ومفيدة لكنها تصبح مع مرور الزمن خطيرة جداً ,كون باب الحماية الذي بدأ بالأساس لتأمين المظاهرات السلمية وكقوة ردع تجاه الشبيحة والأمن إن هم أوغلوا في القتل, وذلك لإرباك صفوفهم ومساعدة المتظاهرين السلميين على الفرار, ولهذه الحماية أوجه منها:

_ الحواجز والمتاريس التي كانت تغلق الشوارع في وجه عصابات الشبيحة.

- تعطيل الآليات التي تحمل عناصر القتل من خلال وضع المسامير ثلاثية الرؤوس في طريقها.

_ وفي بعض الأحيان يتم استخدام السلاح كرد فعل تجاه القتل المفرط في صفوف المتظاهرين السلميين والممارس من جانب أذرع الموت التابعة للسلطة.

ظهور السلاح في هذه المرحلة يعتبر مصدر الخطورة الحقيقية على المسار اللاعنفي للثورة فهو - استخدام السلاح - يبدأ بشكل بسيط ألا انه وفي ظل غياب هيكلية سابقة التنظيم لدى الثوار تمتلك الخبرة في كبح جنون استعماله, وعدم الوصول إلى حالة فوضى استخدام السلاح التي ستحرق الأخضر واليابس أن هي حصلت -لا قدر الله- ونكون بذلك قد منحنى السلطة الفرصة التي طالم بذلت وسعها لكي تتحقق فتكون مبرراً لتدمير البلد بمن فيه.

هذه المرحلة لاتزال مستمرة وهي الآن مصدر خطر حقيقي على سلمية الثورة وعلى الثورة نفسها بل وعلى البلد ككل لعدة أسباب:

1- تكرار حالات الاختطاف التي تطال الفتيات, وما يلحق بذلك من ممارسات لإنسانية, تدفع بالأهالي إلى الانتقام الذي قد يأخذ شكلاً طائفياً أن لم يحصل الآن فلن تأمن عدم حصوله في المستقبل.

2- قيام السلطة بتسلح أطراف بعينها في مناطق شديدة الحساسية, مما يؤكل سعيها لأثارت الإنتمات الطائفية, وقد ظهر ذلك جلياً منذ أول تصريح لمستشارة الرئيس بعد اندلاع الثورة, عندما هددت بالحرب الطائفية.

3- المواجهات التي يخوضها عناصر من الجيش المنشق مع قوات السلطة في معركة غير متكافئة, سواء أكان ذلك من جانب العدد أو العتاد.

4- النجاح النسبي الذي حققته السلطة في تقليص عدد المتظاهرين في كل من حماة ودير الزور واللتان كانتا تحشدان ما يقارب المليون في مظاهرات الجمع, وذلك بعد العملية العسكرية الشرسة التي طالت كل منهما.

5- عدم التمكن من إلحاق حلب بركاب الثورة رغم كل المحاولات التي جهدت لاستنهاض همم أهل حلب, وقصور المظاهرات في مدينة دمشق على عدد محدود جدا من الأحياء.

لذا يطلب الآن منا أن ننتقل إلى المرحلة التالية وهي مرحلة السلمية الفاعلة:

يتبع ... في المقال القادم مرحلة السلمية الفاعلة

=========================

استئنافا لما كتبه الإخوة في "تنسيقية الشباب العلوي الثائر في حمص".. ومنظومتنا الاخلاقية المفقودة

نوال السباعي

استئنافا لما كتبه الإخوة في "تنسيقية الشباب العلوي الثائر في حمص" :

إننا بحاجة حقيقية إلى ثورة حقيقية في منظومتنا الاخلاقية التي ندّعي اننا استقيناها من حضارتنا العظيمة ، إننا في حاجة ماسة إلى إحداث إعادة نظر شاملة في أخلاقنا ، وطريقة رؤيتنا للأمور ، من قال بأن هذا النظام المجرم الذي حكمنا اربعين عاما ، لانتشابه معه في الكثير جدا من الامور ؟؟،

وهذا قانون رباني ، كما تكونوا يول عليكم ،

لم يتمكن الشعب التونسي من التغلب على ذلك النظام إلا عندما اصبح خيرا منه ومختلفا عنه،

وكذلك الامر في مصر ، وليبيا ، واليمن ، وفي سورية .

لايمكن لشعب أن يتخلص من طغاته المفسدين ، إلا عندما يتخلص هو من طغيان أفراده ، وإفسادهم .

الثورة حركة شاقولية وافقية في المجتمع ، فإما ان تحدث التغيير في شعبها الثلاث : الفكرية ، والأخلاقية ، والاجتماعية

، وإما ان تتكور الثورات على نفسها ككرة من نار ، تلتهم في طريق جريانها كل شيء .

مفاهيمنا التي نظن انها "إسلامية" بحاجة إلى كثير وكثير جدا من التمحيص ، لنردها إلى روح الشرع ،

فأن يكتب أحد الإخوة "إن من الإسلام قتل الاسرى" !!! فهذه كارثة حقيقية ، في الوقت الذي أتى ذكر الاسير بالاسم في القرآن ، والتوصية به

إطعام الأسير الذي جاء في القرآن "ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا" ، يعني تمكينه ، وحمايته ، ومنحه الامان

ينبغي ان نخرج من "الظاهرية" في فهم الإسلام وأحداثه التاريخية ، إلى الوعي الحقيقي بأن الإسلام نزل لكل زمان ومكان وإنسان !..

كثيرون يفهمون أن أوامر الرسول بقتل اولئك القوم ، وهم معلقون باستار الكعبة ، على انه انتقام !! ولم يكن كذلك ، ولم يكونوا اسرى ، ولم تسر عليهم احكام الاسير ، وعلى الرغم من ذلك عفى الرسول عن نصفهم .

نحن بحاجة إلى مراجعة ديننا وفهمنا لديننا وفهمنا لاخلاق الإسلام ، قبل ان نفكر في المستقبل الذي لانراه إلا من أضيق منظور فكري سياسي لحاكميةٍ ٍ ، لايمكن أن تتحقق قبل أن نعيد فهم الإسلام كحضارة وكأخلاق وكإنسان.

المحنة لاتكون في الظلم السياسي فحسب ، بل قد تكون في الظلم الاخلاقي الذي تفشى

وتغيير الإسلام ، بإسلام ليس فيه من الإسلام إلا الاسم وبعض الشكليات

أليس في بلادنا تنتشر مدارس تحفيظ القرآن؟؟ وكان أكثر أهل البلاد تقاعسا عن نصرة المظلومين في سورية ، أهل تلك المناطق التي تنتشر فيها تلك المدارس ...حيث يحفظ الاولاد والكبار والصغار القرآن عن ظهر قلب ، لايتجاوز ترقواتهم

رحم الله ابن حزم ...لو علم بظاهرية هذه الايام لتبرا من مذهبه!

===========================

الانسحاب الأمريكي وإيران

رائد الحامد

بعد حرب الخليج الثانية 1991، كان هناك شكل من الرضا الأمريكي على الموقف الإيراني من العمليات العسكرية ضدّ العراق، والدور الإيراني المباشر في خلق حالة الفوضى التي عمَّت مدن وسط وجنوب العراق بعد انسحاب الجيش العراقي من الكويت مباشرة في آذار 1991، في حين أوحت للآخرين بأنها قد تناست حربها مع العراق باتخاذها موقفاً معلناً ضدّ شنّ الحرب، حتّى إذا اطمأنت إليها الحكومة العراقية آنذاك، قامت بإيداع أكثر من مائة وثلاثين طائرة عسكرية ومدنية لحمايتها من احتمالات تدميرها من قبل قوات التحالف الدولي على أمل إعادتها إلى العراق بعد نهاية العمليات العسكرية، إلاَّ أنَّ إيران لم تفِ بوعودها فتمسّكت بها واستولت عليها ورفضت إعادتها بحججٍ شتى، مما زاد من حالة الاطمئنان الأمريكي إلى صدق الموقف الإيراني في انحيازه إلى جانب الولايات المتحدة.

بلغت أعلى مراحل التنسيق بين الولايات المتحدة وإيران بعد أحداث 11 أيلول ضمن المسعى الأمريكي في حربها الكونية على الإرهاب (الإسلام)، ولم يكن الرئيس الإيراني الإصلاحي محمد خاتمي العاتب على الإدارة الأمريكية، لعدم وفاءها بالتزاماتها تجاه إيران لموقفها من غزوّ العراق، لم يكن هذا أقلّ صراحةً من نائبه للشؤون القانونية محمّد علي أبطحي، الذي قال في ختام أعمال مؤتمر الخليج وتحديّات المستقبل في 15 كانون الثاني 2004، الذي ينظمه مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية في أبي ظبي، (إنّ إيران قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربيهم ضدّ أفغانستان والعراق)، وأضاف (أنّه لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابل وبغداد بهذه السهولة، لكنّنا بعد أفغانستان حصلنا على مكافأة، فأصبحنا من ضمن محور الشرّ، وبعد العراق نتعرض إلى هجمة إعلامية أمريكية شرسة)، فالدور الإيراني في احتلال أفغانستان وإسقاط طالبان بات معروفا ، وقد كافأت الإدارة الأمريكية إيران باختيارها عبد الكليم خليلي، من حزب الوحدة الموالي لإيران، نائباً للرئيس الأفغاني حامد كرزاي، يعطي دليلاً إضافياً مهما على مصداقية أبطحي، أما في العراق فأنّ الولايات المتحدة لم تعترض على تعاظم النفوذ الإيراني في العراق لأسباب على صلة بالدعم العسكريّ الإيراني للولايات المتحدة في عملية إسقاط نظام صدام حسين، من خلال تعاون الحرس الثوريّ الإيراني قبل الاحتلال ، واستمرار هذا التعاون إلى سنوات بعد الاحتلال .

عبَّر غزوّ العراق واحتلاله من قبل القوات الأمريكية، والمتحالفين معها، عن فرصةٍ ذهبيةٍ ونصرٍ لإيران التي تنظر إلى جارها الغربي تاريخياً بأنّه مصدر تهديد لأمنها ووجودها على مرِّ العصور، فمنه انطلقت طلائع الفتح الإسلامي التي أطاحت بعرش الإمبراطور كسرى، إمبراطور أقوى العروش الفارسية، وأعلاهم مكانةً لدى الفرس حتى اليوم، ومنه تصدّى العراقيون لمشروع تصدير الثورة الذي نادى به قائد الثورة الإسلامية السيد الخميني عام 1979، والذي يرى بأنّ تحرير القدس يمر عبر تحرير كربلاء، أي احتلال العراق، فتمكنّ العراقيون من تأجيل ذلك المشروع بحرب ضروس امتدت لثمانية أعوام دون التمكن من إسقاطه، حيث عاد ليرى النور من جديد بعد احتلال العراق عام 2003 وإسقاط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، واستبداله بنظام يتكوّن من الحلفاء الأساسيينَ لأمريكا في احتلال العراق، والذين يرتبطون بعلاقات وثيقة مع إيران تضمن لها إبقاء السياسات العراقية متناغمة ومتصالحة مع الأهداف الإيرانية، حتى وإنْ أبدت الولايات المتحدة امتعاضاً من بعض الأطراف التي صنعتها بنفسها ثم تمرّدت عليها لتبدي ولائها لإيران أكثر منها.

بات مقبولاً أن تكون إيران هي القوّة الأولى واللاعب الأقوى في العراق والمنطقة، وهو ما كرَّسه الاحتلال الأمريكي للعراق بالقوّة العسكرية أو القوّة الصلبة، في مقابل السماح بنفوذ إيراني شامل ومهيمن قريب الشبه باحتلال يستخدم القوّة الناعمة على شكل عقود تجارية واقتصادية، وسياحة دينية ومراكز فكرية وثقافية، ومنظمات اجتماعية ومدارس دينية وغيرها، ودعم لكافة الألوان السياسيّة الشيعية والسنيّة على حدٍّ سواء ، وإنْ كان بانتقائية وحذرٍ يختلف بين لونٍ وآخر، فهي تراهن على الحصان الرابح ولا بأس من الرهان على حصان يبدو خاسرا، فقد يكون رابحاً في وقتٍ ما وظرفٍ ما، فما يهم إيران هو من يخدم مصالحها في العراق سواء من أطراف العملية السياسيّة أو المقاومة المسلحة، أو الميليشيات التي أنشاتها قبل الاحتلال، أو تلك التي باشرت بدعمها فور احتلال العراق وتشكيلها بأعداد كبيرة وزجّها في الأجهزة الأمنيّة لتكون عماد وزارتي الداخلية بالدرجة الأولى والدفاع بالدرجة الثانية، ولتكون يدّ إيران الضاربة في العراق ضدّ مناوئي سياساتها والمتصدين لنفوذها الحالي، أو الانتقام من الذين شاركوا في الحرب الإيرانية العراقية من كبار الضباط العسكريين والطيارين السابقين .

شكّل خطر الميليشيات وفرق الموت، المدعومة من إيران، تهديدا حقيقيا لوجود العرب السنّة في بغداد ، خاصةً بعد أحداث سامراء شباط 2006، التي أتُّهم بها السنّة فور وقوعها مع الإقرار بعدم إمكانية تفجيرها من قبلهم، بسبب أنّ المراقد آنذاك تحت حماية الحرس الوطني ومغاوير الداخلية التي تسيطر عليها الميليشيات الشيعية، ومن الناحية الفنية، لا يمكن لفصائل مقاومة تنفيذها لحاجة العملية إلى ساعات طويلة من السيطرة على المرقدين لعمل الثقوب في أعمدة القبّة وحشوها بالمواد المتفجِّرة ، وهو ما لا يتوفر للمقاومة، كما أنّ المدينة تخضع لقرار حظر التجول المفروض من قبل القوات الأمريكية والقوات الحكومية من الساعة الثامنة مساءاً حتى السادسة صباحاً، وبعد انتهاء فترة حظر التجول وحتى لحظة وقوع التفجير، منعت قوات الشرطة أهالي سامراء من ممارسة نشاطاتهم اليومية المعتادة في ذلك الصباح، خلافا لغيره من الأيام ، وبعد أقلّ من ساعة توالت صدور فتاوى من المراجع الدينية اتَّهمت النواصب والتكفيريين والبعثيين بالوقوف وراء التفجير، وأوصت بالتظاهر والاحتجاج مع عدم المساس بمقدسات الآخرين، أي السنّة ، وتحديداً مسجدي أبو حنيفة النعمان وعبدالقادر الكيلاني لما لهما من مكانةٍ دينية لدى عموم المسلمين السنّة في العالم ، وفُسرت بأنّها فتاوىً تبيح استهداف غيرهما من الأماكن، طالما أنّ الجماهير المعبّأة طائفيا وعاطفيا ستخرج بتظاهرات احتجاجيّة دعت إليها المرجعيات الدينية مع حدادٍ معلنٍ .

مع كلِّ ما صدر من توصيات بضبط النفس والتهدئة، انطلقت حملات انتقاميّة منظَّمة من قبل الأحزاب والحركات الدينية، بالتواطؤ مع الأجهزة الحكومية التي تسيطر عليها الميليشيات الموالية لإيران، طالت عموم المناطق السنيّة في بغداد، وفي محافظات أخرى كالبصرة مثلا ، وشملت تلك الحملات عمليات الاغتيال والخطف والقتل على الهوية، وإحراق المساجد وغيرها، كما وثَّقتها بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة للعراق .

بعد أنْ أفاق الرأي العام من هول الصدمة، وتخلّص قليلا من وطأة الحملات الإعلامية المكثّفة المؤججة للفتنة وروح الانتقام، بات اتهام إيران بالمسؤولية عن التفجير مباشرة، أو من خلال أياديها في العراق، أمراً مقبولاً من طيف واسع من العراقيين الحكوميين وغير الحكوميين ، وهو ما تقرّ به أيضا حركات وشخصيات وأحزاب وميليشيات موالية لإيران دون التصريح بالاسم، إذ لا مصلحة للعراقيين أيّاً كانت توجهاتهم الفكرية والسياسيّة في عملٍ كهذا يؤدي إلى إشعال فتيل حربٍ أهليّةٍ لا تخدم شيعةَ العراق الذين عاشوا وتعايشوا وتصاهروا مع السنّة طيلة قرون، ولا مصلحة للسنّة في استعداء الشيعة في وقت كانت مدنهم تتعرض لحصارات وقصف وتدمير وقتل واعتقالات تنفذها القوات الأمريكية والحكومية، وبالتأكيد سوف لن تكون هناك مصلحة للمقاومة في الحرب الأهلية، بل هناك ضرر فادح سيلحق بفصائلها المنشغلة بقوات الاحتلال والحكومة العراقية والميليشيات في ظروفٍ قاسيةٍ جداً، وهي التي لم تفعل حين كانت تفرض سيطرتها على كامل مدينة سامراء منذ إرغام القوات الأمريكية على الخروج نهائيا من المدينة عام 2005 وحتى قبل ثلاثة أشهر من التفجير، حيث مارست القوات الحكومية حملة من التنكيل والاعتقالات على الطرق المؤدية إلى سامراء وفي ضواحيها بحجة إيواء الإرهابيين، ممّا جعل المقاومة تتخذ قرار ترك المدينة لقوات شرطة وجيش، تعهّدت الحكومة بأنْ تكون من أهل سامراء، وليس من خارجها، وهو ما لم تفِ به الحكومة التي استقدمت مغاوير الداخلية والحرس الوطني الحكوميين.

بعد أنْ كانت مناطق عدّة في محيط العاصمة وخارجها تحت السيطرة الكاملة للمقاومة في العراق تنظِّم منها هجمات شرسة ضدّ قوات الاحتلال، بات أمر الدفاع عن بغداد من السقوط الكامل بيد أذرع إيران في العراق أمراً يحتل أولوية متقدمة على الاستمرار في مواجهة الاحتلال، بعد أنْ أوغلت تلك الميليشيات في الدماء وإحراق المساجد وتهجير العرب السنّة للسيطرة على بغداد ، وهو ما دفع باتجاه تغيير أولويات أعداء المقاومة، واعتبار إيران العدوّ الأخطر والأشدّ على العراق من أمريكا، مع عدم توقف إيران عن دعمها وتمويلها وتدريبها لتلك الميليشيات، وعدم الضغط عليها باتجاه وقف نشاطاتها ضدّ السنّة وإشغال المقاومة وتشتيت جهدها ضدّ قوات الاحتلال، ولا خلاف على قدرة إيران على ذلك ، هذا وغيره أفقد الحجّة لدى القائلين بحقيقة العداء بين إيران والولايات المتحدة في العراق، أو حُسن نوايا الدعم الإيراني لحركات التحرر ضدّ الاحتلال عموما، وفي العراق خصوصا، إذ أنّ تلك السياسة الإيرانية، إلى جانب عوامل أخرى، أرغمت قيادات المجتمع السنّي والمقاومة، حمايةً لوجودهم المستهدف ، إلى انتهاج سياسة جديدة تتضمن تحييّد قوات الاحتلال، والاتفاق معها على وقف خطر النفوذ الإيراني والميليشيات الطائفية، والأخرى المعروفة بالمجاميع الخاصة الممولة من إيران، مقابل تكفّل المقاومة بالنيابة بقتال تنظيم القاعدة، العدوّ الأول للاحتلال الأمريكي، وتمّ تشكيل مجالس الصحوات العشائرية نهاية 2006 ، بالاتفاق مع الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الأمريكية حينذاك، وبتأييد من بعض فصائل المقاومة لعشائر الأنبار، لقتال تنظيم القاعدة الذي كان يفرض سيطرته الكاملة على الكثير من المناطق المحررة، كمحافظة الأنبار التي سقطت سريعا بأيدي الصحوات، ثُمَّ انتقلت ساحة القتال إلى العاصمة بغداد في معاقل تنظيم القاعدة، في أبي غريب والرضوانية، ثم في العامرية المحرّمة على قوات الاحتلال والحكومة، والغزالية التي لقبت بالغزالية العصيّة على القوات الأمريكية، والحكومية أيضاً، وغيرهما من مناطق سيطرة المقاومة ببغداد وحولها.

بدا أمر التفاوض بين واشنطن وطهران حول العراق، أشبه بالأمر الواقع الذي لا مناص منه أمام الولايات المتحدة، إنْ لم تكن مرغمة على الدخول فيه، فالولايات المتحدة في تلك الفترة كانت تعيش أسوأ أيامها في العراق بسبب تعرضها اليومي لمئات العمليات العنيفة من فصائل المقاومة المسلحة، وفي ذات الوقت كانت بغداد تنزلق نحو حربٍ أهليّة سنيّة شيعية شاملة أفقدت الولايات المتحدة القدرة على التحكم بالأمن، وبدت خارج مديات التأثير على الأرض إلا بمواصلة استخدام القوّة الغاشمة ضدّ مناطق المقاومة يروح ضحيتها عادةً مدنيون أبرياء، وإنّ التأثير الحقيقي في الجانبين السياسي والأمني هو لإيران التي يتطلب التعاطي معها أمريكياً الأخذ بعين الاعتبار مصالحها في العراق، والتخفيف من الضغوط الدولية لوقف البرنامج النووي الإيراني، طالما أنّه لا يشكل أيّ خطرٍ أو تهديدٍ على الدول الأوربية أو الولايات المتحدة أو إسرائيل ، بل على جيران إيران فقط ، واعتماد الوسائل الدبلوماسية عبر حوارات، تشترك بها سوريا أيضاً مع مجموعة دولية تضم دول جوار العراق، إضافة إلى مصر، وضرورة طمأنة إيران بعدم لجوء الولايات المتحدة للخيارات العسكرية ضدّها، كما أوصت لجنة دراسة الأوضاع في العراق ، والاستفادة من تجربة التعاون بينها وبين إيران فيما يتعلق بأفغانستان عبر مفاوضات مباشرة، وهو ما تم تكراره في العراق بعد أنْ أعربت إيران عن استعدادها للدخول في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة التي ردّتْ عليه بالموافقة، وتخويل سفيرها ببغداد زلماي خليلزاد آنذاك ، للعمل على وقف النشاط الإيراني الذي يسعى إلى زعزعة الاستقرار الأمني عبر أذرعها في العراق للزج بالقوات الأمريكية في وضع لا يسمح لها بالتفكير باتخاذ أيّة إجراءات عسكرية ضدّها حتى إكمال انسحابها من العراق، وزوال التهديد الأمريكي المفترض، مع الإبقاء على السيطرة الكاملة في الجانبين الأمني والسياسي للحكومة الموالية لها ، خشية انفلاتٍ يؤدي إلى سيطرة القوى الجهادية المعادية لها وللولايات المتحدة في العراق، أو إلى تقسيم العراق إلى دويلات تشجع الحركات الانفصالية للأقليات الإيرانية المتعددة على المطالبة بالانفصال.

كما في أفغانستان، تنظر إيران إلى الوجود الأجنبي في العراق، والمنطقة، بأنَّه هو السبب الرئيسي في عدم الاستقرار ، مما يعني، من وجهة النظر الإيرانية، إنّ الانسحاب الأمريكي سيعقبه استقرار في العراق والمنطقة، وهو خلاف ما يراه الآخرون من العراقيين والعرب وغيرهم ممن يخشون فرض إيران هيمنتها على الخليج وشبه الجزيرة والعراق، الذي لم يخفِ الرئيس الإيراني إعلانه استعداد بلاده لملء الفراغ الذي ستخلفه القوات الأمريكية المنسحبة منه، وبالتالي جرِّ المنطقة إلى صراع بين دولها على النفوذ في العراق ، وباقي دول المنطقة ، إلاَّ أنَّ إيران هي الرابح الأول في كل ما قد يحدث، حيث باتت هي القوّة الإقليمية الكبرى دون منازع بعد غياب قوّة العراق ، وليس يعني كثيراً سواء أصدقت الرؤية الإيرانية بتحقيق الاستقرار بزوال السبب، الذي هو الوجود الأجنبي ، أو صدقت الرؤية المناقضة التي ترى أن الانسحاب الأمريكي من العراق سيؤدي إلى فرض هيمنة إيرانية أحادية الجانب، ودخول العراقيين في صراعات سنية شيعية، أو عربية كردية، واحتمالات انتشارها إلى دول الجوار العربي والإقليمي ، مما سيؤدي إلى إعادة رسم جغرافية الشرق الأوسط الجديد بتشكل دويلات عرقية وطائفية، بدءاً من العراق، إلى تركيا وإيران وسوريا والكويت والسعودية وباقي دول الخليج العربي واليمن .

بعد الاحتلال الأمريكي مباشرة، استثمرت السياسة الإيرانية إقرار الولايات المتحدة العملية السياسية لضمان هيمنة الأحزاب الدينية الشيعية على السلطة والنفوذ في العراق من خلال صناديق الاقتراع، كوسيلة مثلى تتفق تماما مع وجهة نظر المرجعيات الدينية في العراق ، كما ساهمت إيران في إزعاج الوجود الأمريكي طيلة الثلاث سنوات الأخيرة للضغط على الحكومة العراقية، ومنعها من الارتماء الكلي في خدمة السياسات الأمريكية، مما أتاح لإيران فرصة بناء ركائز نفوذ متداخل في المناحي السلطوية، السياسيّة والأمنيّة والاقتصادية، يصعب على الولايات المتحدة الخلاص منها في المدى المنظور، فقد أبدت الولايات المتحدة، وما تزال، عجزاً كبيراً في مواجهة تصاعد التأثير الإيراني في العراق والمنطقة، في مقابل تراجع التأثير الأمريكي إلى مستويات متدنية باتت فيه الولايات المتحدة مثار سخرية حتى السياسيين الذين جاؤوا معها بعد الاحتلال، والذين لم يأبهوا للمقترحات الأمريكية التي جاء بها جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي شخصياً لحل أزمة تشكيل الحكومة، فيما كانت الولايات المتحدة تفرض إملاءاتها على السياسيين العراقيين عبر الهاتف، كما في تعديل قانون الانتخابات وغيره، وأبرز ملامح الاستهانة بالولايات المتحدة هو ما شهدته نتائج انتخابات آذار 2010 وفرض مرشحين موالين لإيران، أو ينالون رضاها، على النقيض من العملية الديمقراطية التي أساسها الاحتكام إلى صناديق الاقتراع ونتائجها، وهي العملية التي بشَّرت بها الولايات المتحدة العراق والمنطقة، كما حرصت على الإعلان عن حمايتها وتضمين هذا في الاتفاقية الأمنيّة الموقعة بينها وبين الحكومة العراقية ، وهو ما يفسَّر على أنّه تخلي أمريكي عن حلفائها وبعض أهدافها في العراق سيُخل بمصداقيتها في المنطقة والعالم، وإنها قدمت المزيد من التضحيات البشرية والمادية لتقدم العراق على طبق من ذهب إلى إيران الذي لم يعد ثمَّة من يختلف على سقوط العراق بالكامل في دائرة النفوذ الإيراني، جغرافياً وسياسياً وأمنياً واقتصادياً وفكريا وغيره، وهو ما تنفيه الإدارة الأمريكية فقط .

شباط 2011

=============================

فؤاد الرازم... سنرجع يوماً الى حينا

بقلم: مأمون شحادة

لم تستطع مدينة القدس وقباب مسجدها من احتضان عميد الأسرى المقدسيين "فؤاد الرازم" وهي تنظر الى باب العامود منتظرة الافراج عنه ضمن صفقة التبادل بالفرح والتهليل والتبريك، ولم تنتظر دموع الفرح ان تطرق ابواب مقل العيون للانسياب على وجنتي الاب والام والاخوة والاصدقاء، فرحاً بملامسة اقدام اسيرنا ثرى فلسطين الطهور.

هكذا بدت ملامح الحزن المغلف بالفرح اثناء توافد الجموع الغفيرة وهي تردد الاهازيج على انغام الشبابة ابتهاجاً بقدومه ولو لم يكن "الرازم" قد وطأ ثرى القدس الطهور، لكنه احتضن ثرى غزة هاشم، كهاشم من قبل.

هكذا هي المعادلة وحش يقتل او يسجن ثائر، وارض القدس تنبت الف ثائر، فالفارق بين الوحش ومن تنبته الارض: ان الاول يشبه "ابوللو" بقيثارته اليونانية، اما الثاني فيشبه الراعي مارسياس بنايه اليوناني المصنوع من عشب البوص، وما بين الاثنين تتجسد قصة جريمة ارتكبتها القيثارة بقتلها الناي الحزين، ولكن الاخير اصبح بعد الممات نبراساً وثورة لعشق الحرية والاوطان.

فؤاد الرازم، انا اعرف انك لو استطعت الغناء لغنيت للقدس مثلما غنى سميح شقير: " كنت امد يدي .. لأعانق منك يدا وانا العاشق .. وانا الصوت وأنت صدى "، ولكنك تجيد الشعر وتحب مطلع اغنية فيروز لبنان: "سنرجع يوماً الى حينا".

ان شمس الصباح وغروبها يا "رازم" هي تماماً مثل التي تشرق وتغرب في القدس، وكذلك هي نفسها في الحرم الإبراهيمي وغزة هاشم وصولاً الى أي بقعة مكانية، فالاماكن لن تكون حاجزاً بينك وبين بوصلتك المقدسية، فنبراسك مسجدها، ووجدانك بواباتها، وعزيمتك صخرتها.

عميد الاسرى المقدسيين، "سنرجع يوماً الى حينا"، فباحات الاقصى ومصاطبها العلمية مشتاقة لركوعك وسجودك وتلاوة ايات من الذكر الحكيم، وستجلس على جبل الطور لتطل على جبل المكبر، لتكتب قصيدة درويش:"سجل انا عربي".

wonpalestine@yahoo.com

______________

فؤاد الرازم: اسير مقدسي اصدر بحقه حكماً بالسجن المؤبد مدى الحياة، يلقب بعميد الاسرى المقدسيين، افرج عنه ضمن صفقة شاليط، حيث ابعدته سلطات الاحتلال الاسرائيلي الى قطاع غزة بعد ان امضى في سجون الاحتلال 31 عاماً .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ