ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 11/10/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

انتصار السلمية أم غلبة السلاح

بقلم الشيخ : نور الدين قرة علي

عندما لمعت سيوف القادسية ، فإنها لا تزال حتى الآن تلمع فوق رؤوس المتغلبين مجدا ، وفوق رؤوس المغلوبين قهرا ، وهكذا عندما يتدخل السيف لفصل الأمور بين حق وباطل ، وظالم ومظلوم ،

إن أمر السيف عندما يُستدعى لهذا الفصل ، يحتاج إلى دقة معايير ، وتداخل ضوابط ، يجتمع بعضها إلى بعض ، فهناك الضوابط الواقعية ، والتقادير الشرعية ، والمشاعر الإنسانية ، هناك واقع وشريعة ، ومصالح ومفاسد ، ومشاعر ونوازع ، وعلاقات وروابط ، ومن هذه كلها توازنات لا بد من مراعاة نسبها بكل دقة ، وترابطات لا بد من عقد أواصرها بأعلى درجات المسئولية ،

ولهذا فإن ديننا العظيم من خلال تكريمه للنوع الإنساني في الوجود ، باعتباره الكائن الوحيد الذي تتمركز فيه تجليات أسماء الله الحسنى ، قوة وعلما ، ورحمة وحلما ، وجبروتا وعزا ، وعطاءً ومنعاً ، وإرادة وقوة .. وإلى غير ذلك مما لا مجال لحصره ، فإن تشريع رب العالمين قد سطر من الأحكام - في مجالات فصل الخصومات ، وفض المنازعات ، والدفاع عن الحقوق الأساسية والفرعية – ما يُلزم أتباعه أن يتحروا في مواقفهم وقت تطبيقها ، بما يحقق الحفاظ على أعظم الخصائص الإنسانية التي منحهم الله إياها ، تكريما لشأنهم ، وتنظيما لدورهم في في هذه الحياة ،

 بل جعل هذه التشريعات مهما اشتدت في تطبيقها ، ألا تكون ضربتها إلا لبناء الحياة الإنسانية الكريمة وتدعيم أركانها ، وألا يكون جَلدُها إلا لإيقاظ أكرم المعاني في نفوس مخالفيها ، وأن لا يكون قطعها إلا من أجل شد وتقوية اللُّحمة الإنسانية فيما بينها ، وألا يقوم قصاص إلا من أجل حياة ، وألا تُعلن حرب إلا من أجل كرامة وحرية ، وألا يُرفع سوط أو سيف إلا من أجل حماية أعظم الحقوق الإنسانية ، وفتح السُّبُل لسير القافلة البشرية ، وإزالة كل العوائق أمام موكب المحبة والعدالة ، الذي يضم الخلق جميعا على صراط السواء ، ولهذا جاء التشريع الإسلامي العظيم ،

ولكن .. كانت مثالية الإسلام تؤكد دائماعلى دفع الإساءات بالمصابرات ، وأعلنت عدم التساوي بين الحسنة والسيئة ، وأمرت بأن ندفع بالتي هي أحسن ، وضمنت بذلك تبشيرا بأن هذا السبيل يقلب العدو إلى صديق حميم وولي كريم ، وأن هذا هو الحظ العظيم الذي ينبغي أن يصابر المسلم مشاعره لأجل الوصول إليه ونيله في كل مواقفه مع خصومه ،

كما قررت الشريعة بأن التنازع فشل ، وأن الصلح خير ، وأن الجنوح إلى السلم دائما مطلوب ، طالما توفر الصدق في ذلك لدى الآخرين ، وأن الحدود تُدفع بالشبهات ، وأن إساءة الظن حركة سلبية في النفوس يجب أن تُدفع بالتماس الأعذار ، وأن التربية الربانية تقوم على توسيع آماد التوبة بالتذكير والتربية ، وأن الله يبسط يديه بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يديه بالنهار ليتوب مسيء الليل ، أي أن الفرصة لا يُغلق بابها ، ولا يُردّ خيرها عن طلابها ، وأنه لا يُقام حد إلا بعد البحث عن ألف شبهة تدفعه ، وإعطاء ألف فرصة للهروب منه ، إلى أن يفتح باب الهروب ليلا ونهارا .. فهلا تركتموه فعسى أن يتوب ..

ولقد كا ن السيف يُطلب امتشاقه من قبل المسيء ، والحاكم يدفعه إلى جرابه مؤجلا موعد البث في مسألة العقوبة ، إلى زمن الوضع من بعد حمل ، والرضاع من بعد وضع ، وإلى الفطام من بعد رضاع ، والمتهم بين هذا وذاك يطلب السيف ان ينال الحياة ، والإسلام يدفع السيف إلى غمده ليعطي الحياة ،

وها هو الدين يتمكن من القصاص من مخالفيه والمعتدين على شرعه ، والمستكبرين على أتباعه ، وبعد أن ألحقوا أشد الأذى ، وبكل أنواع الأذى ، ليقول لهم في لحظة التمكن والظفر – بعد أن استنطق رأيهم في مصيرهم وقالوا أخ كريم ، أي شرع كريم ودين قويم – فقال : اذهبوا فأنتم الطلقاء ... ولو كان أخ قوم لقتل القوم بسيف القرابة ، ولكن كان رسول قوم فأطلق الإنسان إلى ساحة الكرامة ،

أيها الأحبة ، نقول هذا ولا نريد أن نسهب فيه ، لنذكر بأن بوارق سيوف القادسية لا تزال تحرك خصوم القادسية بذكراها ، لأن للسيف مع إقامة العدل بريقا يشوّش رؤية هذه العدالة ، ويُذكر بمرارات الهزيمة أمام هتاف الآخر بالتفوق ، ويتحول نصر المبادئ في النفوس أحيانا إلى الشعور بالغلبة ،

وفرق بين المبادئ تعلو نصرا ، وبين الجموع تتغلب قوة وعددا ، وها هي شعوب تمثل قارة في شرق آسيا عندما دخلت الشريعة من باب الدعوة ، فإنها تتلألأ في نفوس المؤمنين هناك بكل أنوارها .. نعيما وحمدا ، وتزداد بالشكر تقدما ومجدا ،

وإننا نطلب اليوم من شبابنا أن يثبتوا وبعزم في ساحات مطالباتهم السلمية ، يرفعون هامات عزتهم دون أن يتلمظوا لرفع بريق سيوفهم ، فدعوتهم للحق والمطالبة بالكرامة والحرية ستحقق لهم نصرا ، ويكونون به للعالمين قدوة ، وأن لا يستجيبوا للمحرضات التي تريد أن تدفعهم لحمل السلاح في هذه المعركة ليكون الأمر غلبة لا نصرا ،

فإن الغالب في ساحة السيف قد لا يكون المنتصر ، بل وكم مرة كان المغلوب في التاريخ هو سيد المنتصرين،

نعم فكروا وتدبروا وتأملوا وافقهوا ، فالفرق كبير بين الغلبة والنصر ، ففي النصر قد يكون المقتول هو المنتصر ، وفي ميدان المبادئ قد يكون الغالب هو القاتل ، واسمعوا ما سطره قرآنكم عن غلام مثلكم من شباب الانتفاضة على الظلم ، والذود عن الحرية والمبادئ ، كيف تحير الطاغية في عملية مجابهته ، فاستخدم الجند والشبيحة لتلقي بالثورة من أعلى الجبال الشاهقة ، فهوت قائمة على أقدام مصابرتها ، ثم القاها في بحار الدعاية والإعلام ليمزق شأنها ، فخرجت من الأمواج قائمة البنيان ،

ثم نادته بصوت قيادتها الثابتة على المقاومة السلمية ، أتريد هزيمتنا ، أتريد قتلنا بسلاحك أيها الجبان ، نحن ندلك على ذلك ، احمل سهمك ، اي أشرع سلاحك ، نعم .. إنها الحنكة وإنها روعة الإدارة للمعركة ،

أشهر سيفك ، وأخرج الدبابات من جحورها ، وأرسل طائراتك في سماء عزتنا ، وادفع بكتائب المُستَعبدين تطاردنا ، في حمص ، والرستن ، وحماه ، ودرعا ، وإدلب ، و...... ،

ووَجِّه الأمر إلى المفتي الأعظم ، والبوق المعمم ، والنائب صغير العقل واللحية ، وليقرؤوا لك تعاويذ المعركة المخزية ، وليوجهوا كل النداءات حتى تتراجع إلى الخلف باسم رب الغلام ،

 فإن تحققت حياتنا باستشهادنا ، ولئن اجتمعت لقيام كمالنا في الجنة أشلاؤنا ، ولئن حُفرت الأخاديد قبورا جماعية لدفن جموعنا المتراصة ، رجالا ونساء واطفالا ، شيبا وشبانا ، ولئن وقفت مزهوا بجندك وشيوخك وحزبك وجموعك ، فإننا نسمع من ربنا أنك أنت القاتل وأنك أنت الظالم ، ونحن الأحياء لأننا الأحرار ،

وإذا ما أراد شيوخك أن يقرؤوا علينا فإنهم سيرددون " قُتل أصحاب الأخدود.... " أي سيرتد دعاء بلعام بن باعوراء - حسون الزمان - في حلقه ، ليُعلن على العالمين بأن الذي مات هو النظام ، وأن الذي سقط هو النظام ، وأن القاتل هو النظام ، وأن المغلوب هو المنتصر ، وأن الهزيمة لمن ظن نفسه بأنه دمر المدن ، وملأ السجون ، ومزق الزيانب ، وقطع أعضاء الشباب ، وأغلق المساجد ، وضرب رؤوس العلماء ، وأجبر الشيخ الصياصنة الشيخ المهيب على الاعتذار ، وأخرج طالب ابراهيم ليتحدى الله ، وحرك علماء السوء لتمجد حزب السفهاء ،

أيها الشباب .. ليكن ما ينقموه منا أننا آمنا بالله وطالبنا بالحرية وأردناها حياة كريمة ، لينقموا منا صدورنا المكشوفة وهتافاتنا الصادقة وحناجرنا التي تشق الفضاء ،

لينقموا منا خروج أطفالنا وفتياننا وفتياتنا وحرائر نسائنا يهتفن للمجد ، للبطولة ، للعزة ، للكرامة ، وليكن أمضى سلاح نجابه به هو أن نترك كل سلاح خلف ظهورنا ، ونستقبل انهزام سلاحهم وهو يدك مدينتنا ،فسقوط الملك والسلطان والقوة والعتاد هو عندما تحتل كل حي ، وكل مسجد ، وكل قرية في البلاد وبين العباد ،

" وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ، وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد "

=================

مصنع للجرائم، والأكاذيب أيضا!

بقلم: بروفسور سليمان جبران

في سورية البعث الأسدي، كلّ يوم يأتي بجديد. لا مسلسل الإجرام والقتل والتنكيل ينتهي، ولا مسلسل الألاعيب والأكاذيب. منعوا وسائل الاتّصال العربيّة والدوليّة من دخول سورية، متوهّمين أن الميدان خلا لحميدان، قتلا وكذبا وتزويرا. لكنّهم لم يأخذوا في الحساب أن كلّ شابّ وطني قد ينقلب صحافيّا، وكلّ تلفون خلوي قد يغدو "شاهد عيان" لجرائمهم يعلنها على الفضائيّات بالتفصيل، أو كاميرا تنقل بالصورة "أفانين" الأمن والشبيحة إلى العالم بأسره. لم يبقَ أمامهم إلا زرع الكمائن والأحابيل في طريق وسائل الاتّصال، ظانّين أنّهم قادرون على ضعضعة الثقة بمصداقيّتها في نقل وقائع جرائمهم المروّعة. لم يفقه هؤلاء الأغبياء أن السحر سينقلب في نهاية المطاف على الساحر، والأكاذيب إذ تُفتضح تغدو بومرانج ترتدّ إلى راميها فتُرديه!

 من ألاعيب النظام الغبيّ كانت تمثيليّة مفضوحة باسم لمياء شكّور. السيّدة المذكورة هي سفيرة سورية في باريس؛ امرأة مثقّفة، تجيد الفرنسية إجادتها العربية، وتشارك في كلّ مقابلة صحافيّة تدعى إليها، فتُبلي خير بلاء. اتّصلوا بالسفارة من القناة الفرنسيّة "فرانس 24"، طالبين مشاركة السفيرة لمياء في أحد البرامج السجاليّة على الهواء، فحصلوا على موافقة السفيرة المبدئيّة، وعلى تلفونها الشخصي من الملحق الإعلامي في السفارة. في الموعد المحدّد، اتّصلوا بالسفيرة على الرقم المذكور، وإذا بها تعلن استقالتها من السفارة، وتنقد النظام القمعي في دمشق دون هوادة. فرحت "فرانس 24" طبعا بهذه المفاجأة/ السبق، وأذيع خبر الاستقالة على العالم كلّه في غضون دقائق معدودة. بعد زمن غير طويل، فوجئ العالم كلّه مرّة ثانية بنفي السفيرة استقالتها، وبالذات على الجزيرة والعربية "الكاذبتين" هذه المرّة. طبعا، لم تكن المرأة تلك، على التلفون، لمياء شكور السفيرة؛ كانت امرأة أخرى/كمينا نصبته المخابرات البعثية "الذكيّة" لوسائل الاتّصال الأجنبيّة والعربيّة، لتثبت أن كل ما يذاع عن سورية في الفضائيّات، العربيّة والأجنبيّة، لا يختلف عن قضيّة السفيرة شكّور. لكنّ الحكاية انفضحت أخيرا، والبالون الإعلامي تفجّر في وجوه أصحابه، وقناة "فرانس 24" عازمة على مقاضاتهم في المحكمة. مسألة واحدة فقط لم تتّضح بعد: هل كان للسفيرة شكّور دور في هذه التمثيليّة الهابطة، أم كانت هي الأخرى مغفّلة، استغلّتها مخابرات البعث في تنفيذ ألاعيبها. مهما يكنْ من أمر، على نفسها جنت براقش، أو بكلمات الشاعر أحمد شوقي: إذا كان الرماة رماة سوءٍ / أحلّوا غيرَ مَرْماها السهاما!

 إذا كانت حكاية السفيرة لمياء شكّور تمثيليّة كوميديّة سخيفة، فحكاية الفتاة الحمصيّة زينب الحصني مسرحيّة تراجيكوميديّة؛ مسرحيّة مكتوبة بالدم فصولها كلّها، وإن كان في غباء مُخرجيها ما يدعو إلى الضحك أيضا. للفتاة زينب، أوّلا، أخ اسمه محمّد، شارك في المظاهرات المناهضة للنظام القمعي، فأخذ رجال الأمن والشبيحة يبحثون عنه. لم يعثروا عليه أوّل الأمر، فاختطفوا أخته زينب، بشهادة أخيها يوسف، من الشارع في حمص. وهي وسيلة بعثيّة معروفة تتلخّص في اعتقال أحد أفراد العائلة وتعذيبه إذا لم يستطيعوا القبض على "المخالف" المطلوب. لكن يبدو أنّ الشبيحة أفلحوا، بعد اختطاف زينب، في القبض على أخيها محمّد أيضا. باختصار: وقع الشابّ محمّد وأخته زينب في أيدي رجال الأمن، فلم يكنْ أمام عائلة الحصني سوى الانتظار لمعرفة مصير ولديها.

 تروي أمّ زينب، دلال الحصني، أنّ رجال الأمن استدعوها لكي تتسلّم جثّة ولدها محمّد من المستشفى العسكري. طبعا ادّعى رجال المخابرات البعثية أنّ الشابّ اغتالته "العصابات المسلّحة"، وهو الاسم المستعار الذي يُنسب إليه قتل كلّ من يموت تحت التعذيب في سجون النظام القمعي. وصلت الأمّ إلى المستشفى، فأخبروها هناك أنّ ابنتها زينب أيضا في المشرحة ، ودعوها للتعرّف عليها. وكيف تتعرّف امرأة على جثة مقطوعة الرأس والأطراف، مسلوخة الجلد؟! أذعنت الأمّ للمصير الدامي، فتسلّمت "ابنتها"، ومعها تسلّمت طبعا شهادة وفاة رسميّة تحمل كلّ التواقيع والشهادات المطلوبة في مثل هذه الحالة، فكان أن تحوّلت جنازة الفتاة زينب إلى مظاهرة حاشدة ضدّ النظام، وحكايتها الدامية انتشرت في وسائل الاتّصال كلها، العربيّة والأجنبيّة، وعلى كلّ لسان.

 إزاء هذه الجريمة الفضيحة، كان النظام مطالبا بالردّ، فكان ردّه حكاية أخرى غريبة من تأليف عباقرة المخابرات، نوردها كما رأيناها في التلفزيون السوري: جاءت المخابرات البعثية إلى التلفزيون السوري بفتاة محجّبة، يظهر عليها الذلّ والانكسار، وأشهرت بطاقة هويّة أيضا تحمل صورتها واسمها، لتثبت أنّها زينب الحصني "المتوفّاة". ذكرت الفتاة أنّها هربت من البيت بسبب تعذيب إخوتها، وكانت طوال مدّة غيابها في بيت أحد الأقارب. إلا أنّها حين سمعت قصّتها في "القنوات الكاذبة"، قرّرت الذهاب إلى قسم الشرطة لتكشف الحقيقة، "لأنها ستتزوّج في المستقبل القريب، وتنجب أطفالا وتتمكّن من تسجيلهم". الرسالة التي أراد مخرج هذه التراجيكوميدية توصيلها من هذا المشهد هي أن كلّ ما أذيع عن قتل زينب وتعذيبها، ثمّ قطع رأسها وبتر أطرافها وسلخ جلدها، هو من تلفيق المعارضة والفضائيّات ولا أساس له من الصحّة؛ فها هي زينب أمامكم بشحمها ولحمها، تكذّب بلسانها كل ما أشيع عنها زورا وبهتانا!

 

 هذه الألاعيب قد تنطلي على السذّج، أو تقنع المقتنعين أصلا بأضاليل النظام البعثي، إلا أنّها من ناحية أخرى تثير تساؤلات كثيرة كلّها إدانة للنظام وجرائمه:

1) إذا كانت زينب هي الفتاة التي عرضوها على المشاهدين في التلفزيون، فمن هي صاحبة الجثّة التي سلّموها للأمّ دلال؟ هل لديهم "احتياطي" من الجثث النسائية يبرزونها متى شاءوا وكيفما شاءوا، وفقا لمقتضيات المسرحيّة؟ وما معنى شهادة الوفاة الرسميّة، بكلّ التواقيع الرسميّة التي تحملها؛ هل كانت كلّها تزويرا في تزوير؟ إلى هذا الحدّ وصل استهتار النظام بأرواح الناس وبالوثائق الرسميّة؟!

2) الاحتمال الثاني أن تكون زينب هي التي دُفنت فعلا، وبذلك تكون فتاة التلفزيون "بديلة" (double)، كما في السينما، جاءوا بها لتقوم بالدور المطلوب. لست خبيرا في التشخيص فأجزم بفروق بين صورتي الفتاتين، لكنّه احتمال وارد؛ ومن يقرأ سيرة صدام حسين، الرأس السابق للنظام الإجرامي البعثي العراقي، لا يستغرب الأمر من النظام البعثي السوري. إنّه احتمال، على كلّ حال، يشهد للنظام، إذا كان تحقّق فعلا، بالخبرة الفائقة في الإجرام والتمثيل معا!

3) الاحتمال الأخير يبدو غريبا، يجب أن نعترف، لكن لا يُستبعد شيء في نظام العجائب والغرائب الأسدي. فقد يكون الشبيحة المتمرّسون في الإجرام قاموا بتصوير الفتاة زينب، وإملاء ما صرّحت به عليها، قبل أن تموت تحت التعذيب، من باب "الاحتياط" لكلّ طارئ. وإذ تطوّرت الأمور كما تطوّرت، أبرزوا الفيدو المذكور لتكذيب الفضائيات، ومنظّمات حقوق الإنسان، والتنسيقيات الثورية، وأهل الفتاة جميعا. أكرّر أنّه احتمال غريب، لكن لا غريب في نظام اللا معقول البعثي!

إنها احتمالات ثلاثة، لا رابع لها، وكلّها إدانة لنظام القمع والكذب والألاعيب البعثي، مفردة أو مجتمعة. أرأيتم كيف غدت دمشق في ظلّ هذا النظام "القومي" مصنعا متطوّرا للجرائم، والأكاذيب أيضا!

jubrans3@gmail.com

===================

مشعل تمو القائد الكردي،شهيد الحرية والمستقبل في سورية الجديدة...!!!

د.خالد ممدوح العزي*

لقد تحول يوم 8 أكتوبر يوم كردي بامتياز في سورية ،بسبب تشيع جنازة الشهيد القائد مشعل تمو من خلال مهرجان شعبي وعرس وطني "كردي وعربي" بامتياز، لقد واكبت الشهيد إلى مثواه الأخير جماهير كثيفة أكثر من نصف مليون مشيع،بالرغم من محاولات القمع وإطلاق النار ضد المشيعين من قبل القوات الأمني السورية، ضد الجماهير المتظاهرة ،بالطبع المدن العربية لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الجريمة البشعة ،لقد انتفضت العرب لشهيد سورية وقائدها الكردي، فالنظام السوري حاول تغيب الكتلة الكردية عن لعب دورا مميزا في قيادة الشارع الكردي الذي حاول النظام مغازلة قيادتهم وأحزابهم من اجل إبعادهم عن المشاركة في حركة التغير العاصفة بربيع سورية ،فالنظام الذي حاول ويحاول اللعب على الورقة الكردية وجزها في سوق العرض والطلب الرخيص ،من خلال إعطائها بعض الامتيازات للأكراد ك"الجنسية وتحسين الأوضاع المعيشية وإشراك بعض أحزاب الكرد في سلطة الأسد"والمحاولة المستميتة للنظام في استعمال الورقة الكردية مجددا في التفاوض مع تركيا كما كان يستعملها والده الراحل ،فالأسد الأب،طرح معادلة قديمة"حزب العمال الكردي مقابل حركة الإخوان المسلمين"وهذه المعادلة، كادت أن تشعل نار الحرب بين تركيا وسورية والتي انتهت بتسليم رأس عبدالله أوجلان الزعيم القومي الكردي المعتقل لدى أنقرة، فالابن الأسد سر أبيه لقد حاول اللعب مجددا بعد الثورة السورية محاول إعادة طرح تلك المعادلة السابقة "حزب العمال الكردي مقابل المعارضة السورية"لكن هذه المعادلة الرخيصة، وكذلك كل المحاولات المطروحة من قبل النظام لم تلقى صدى فعلي لدى نفوس الأكراد. فكان اغتيال مشعل تمو هي رسالة أولى للأكراد وللمعارضة السورية الداخلية بشكل عام .

لماذا اغتيل التمو: مشعل نهايت التمو، الناطق الرسمي باسم تيار المستقبل الكردي، المنطوي تحت لواء لجنة التنسيق الكردية، والتي تضم إضافة إلى تيار المستقبل، حزب يكيتي الكردي في سوريا، وحزب أزادي الكردي في سوريا، ولجنة التنسيق خارج إطار إعلان دمشق. ويعد من أبزر القيادات السياسية الكردية الشابة، الناشطة في الشأن السوري العام والكردي بشكل خاص، وهو يحظى باحترام كافة شرائح المجتمع السوري، من مواليد الدرباسية 1958 يقيم في مدينة القامشلي، مهندس زراعي، متزوج وأب لستة أبناء. شارك مشعل التمو بفعالية في الثورة السورية الكبرى منذ اندلاعها في آذار 2011، و اختير عضواً في المجلس الوطني الذي أنشأ في الخارج ليكون ممثلاً للشعب السوري و داعماً للثورة،

“بتاريخ 18"اب"2008 أحال قاضي دمشق مشعل التمو إلى محكمة الجنايات بتهمة إثارة الفتنة لإثارة الحرب الأهلية المنصوص عنها في المادة 298 من قانون العقوبات السوري، ويعاقب بالأشغال الشاقة مؤبداً على الاعتداء الذي يستهدف الحرب الأهلية أو الاقتتال الطائفي بتسليح السوريين أو بحملهم على التسليح بعضهم ضد البعض الآخر وإما بالحض على التقتيل والنهب في محلة أو محلات، ويقضي بالإعدام إذا تم الاعتداء، إضافة إلى اتهامه بالنيل من هيبة الدولة وإضعاف الشعور القومي .

بتاريخ 11 أيار"مايو" 2009 أصدرت محكمة الجنايات حكماً بالسجن لمدة 3 سنوات ونصف بحق مشعل التمو الناطق باسم تيار المستقبل الكردي في سوريا وجرمته بتهم (النيل من هيبة الدولة وإضعاف الشعور القومي ووهن نفسية الأمة .

في بداية حزيران من هذا العام اطلق النظام سراح التمو من السجن ،فيما بعدعرض النظام عليه المشاركة في الحوار التي تديره السلطة السورية ،لكن رفض المشاركة في الحوار التي تديره السلطة وتحاور بيد وترفع المسدس بالاخرة.

بتاريخ 8-ايلول-2011 الساعة الرابعة بعد الظهر , الناطق باسم التيار مشعل التمو إلى محاولة اغتيال من قبل مجموعة من الشبيحة يوم الجمعة 7 أيلول 2011 قامت مجموعة مسلحة باطلاق النار على مشعل التمو و كان برفقة ابنه مارسيل و ناشطة كردية اسمها زاهدة رش كيلو، مما أدى إلى استشهاد مشعل التمو على الفور و إصابة ابنه مارسيل في بطنه و زاهدة في رجلها، و قد وحمّل اتحاد تنسيقيات شباب الكرد الأجهزة الامنية السورية مسؤولية اغتيال تمو، وقال الناشطون إن مسلحين مجهولين في القامشلي (شمال شرق سوريا) اغتالوا المعارض التمو الناطق باسم تيار المستقبل الكردي.

فالقاعدة الشعبية الكردية ملتزمة بطرح المعارضة السورية التي تعتبر نفسها جزءا أساسيا من مكونات الشعب السوري،فالحركة الشبابية الكردية تعتبر نفسها معنية بتغير نظام البعث وكل محاولة النظام ما هي إلا أهزوجة جديدة يحول تغريدها بواسطة أحزاب الكرد ، ومن خلال هذا الطرح تفرد مشعل تمو الذي تميز بحزبه تيار المستقبل مع حزب أزادي"الحرية"وحزب يكيتي ،الذين يشكلون الأغلبية الساحقة في الساحة الكردي وهذه الكتلة الكردية لا تختلف في طرحهم عن طرح الشعب السوري الثائر من اجل الحرية والتغير ، والأكراد هم من هذا التغير وليس إعاقة له ،لأن الشعب الكردي والقومية الكردي بظل التغير سوف يكون حاله أفضل وأجمل دون سلطة القمع و البعث والعائلة الحكمة ، التي حرمتهم من حقوقهم المدنية والسياسية والقومية وليس العرب من ظلمهم بل سلطات القمع والبطش العربية هي التي ظلمتهم إلى جانب ظلم الشعوب العربية الأخرى.

مشعل تمو شهيد سورية ومستقبلها القادم الذي عمد الدم الكردي بالدم العربي لان قادة الكرد هم قادة العرب وشهداء العرب هم شهداء الكرد ،فالقادة الحاليين ليس قيادة لأحد وإسقاطهم واجب قومي وعربي وديني وأخلاقي وأنساني وسياسي.

لينتبه الكرد لمأرب النظام السوري ،وليعرفوا جيدا مستقبلهم الفعلي في التغير والحرية لهم ولكل شعب سورية والوطن العربي والإسلامي.

فالشعب السوري تلقى تشكيل المجلس بصدمة ايجابية بالرغم الصدمة السلبية من الفيتو الروسي والصيني ،والتي عبرت فيها تنسيقيات الثورة السورية في لافتات المتظاهرين تقول بان:" الدب الروسي، والتنين الصيني، انظموا إلى غابة الأسد"،فالثوار السوريون يعرفون جيدا بان ثمن الثورة الحرية غالي جدا وثمنه الدم والشباب السوري،لان بشار الأسد لن يسلم السلطة ويرحل بسلام وأمان ،فالأسد لن يحرق العرش فقط من اجل الكرسي ،بل سوف يحرق الشعب من اجل بقاءه في السلطة الساقطة ،فكل شيء مسموح في مملكة الأسد ليس حرق الشرق الأوسط وفتح جبهات عسكرية التي يهدد العالم بها وتدفيع إسرائيل الثمن الباهظ ،لكن العكس بل انه مصصم على حرق الشعب السوري وقتل الأطفال والشباب الثائر ،ومشعل تمو هل هو البداية الانتقامية لقادة سورية ومعارضيها،بشار الأسد قرر قرارا نهائيا أو الأسد أو سورية .

لكن السؤال الذي يطرح نفسها أمام هذه الجريمة البشعة الذي ارتكبها النظام السوري بحق الشهيد تمو،كيف سيكون رد الشعب الكردي وتنسيقياتها في التعاطي مع مسار الثورة السورية ،فهل ستكون كما قال فارس تم في كلمتها التي شيع بها ذاك الأسد الفعلي الراحل بجثثه والخالد فينا كلنا ،بأنها ابتدأت ثورة الكرد الفعلية التي لا عودة عنها ابد ،ودن التراجع مهما كلف الدرب لا الثمن دم الشهيد تم الذي تم دفعه سلفا،واحتلال السفارات السورية في أوروبا هي البداية التصعيدية الفعلية لطرح إستراتيجية فعالة مع الثورة السورية.

لقد حان الوقت ليكون رد فعل الأكراد هو الاندماج الحقيقي بالثورة السورية بشكل أكثر واكبر، لأنهم إحدى ومكونتها، فالتلاقي الكردي العربي في الشارع السوري من اجل هدف واحد هو إسقاط النظام ،وبناء سورية الجديدة التي من حق كل أبناءها النقاش الفعلي والفعال في الإستراتيجية القادمة لسورية المتنوعة والمتعددة ،وعلى الأكراد طرح كل الأفكار لمناقشتها وليس للعرقلة لا مشعل التمو كان قائد حلول وليس معاكس ،فالمعارضة السورية مطالبة اليوم بوضع برنامج سياسي قادم يخاطب كل الفئات والإطراف كي تعرف دورها وموقعها في سورية الجديدة ،لكي يتم وضع نقطة نهائية للخوف الكامن في المستقبل والتي يلعب عليها النظام الحالي .

الجميع معني بإسقاط هذا النظام وسلطته السياسية والأمنية والاقتصادية والأخلاقية،فالمجلس الوطني السوري الانتقالي وضع أمام أزمة فعلية من خلال اغتيال مشعل تمو الزعيم الكردي والسوري المعارض عضو المجلس الانتقالي المنافس للسلطة السورية الحالية،والذي بدأ انتزاع زمام المبادرة السورية.

عندما سأل أحد الضباط الفرنسيين المجاهد الكردي ابراهيم هنانو (قائد ثورة جبل الزاوية) : " أنت كردي, فلماذا تدافع عن العرب؟". فرد عليه هنانو: " أنا أدافع عن وطني "واليوم يستشهد التموالكردي دفعا عن بلده سورية القابعة تحت سيطرت نظام و ظلم الاسد.

*صحافي وباحث إعلامي،و مختص بالإعلام السياسي والدعاية.

Dr_izzi2007@hotmail.com

=====================

المهمة الأساس للمجلس الوطني السوري

الدكتور قصي غريب

في 2 تشرين الأول 2011 أعلن في مدينة اسطنبول التركية عن تشكيل المجلس الوطني السوري، من أجل اسقاط النظام الاستبدادي في سورية واقامة النظام الديمقراطي، وقد ورد ان المجلس الوطني السوري يشكل اطاراً موحداً للمعارضة السورية يضم كل الاطياف السياسية، وهو العنوان الرئيس للثورة السورية، ويمثلها في الداخل والخارج، ويوفر الدعم اللازم لتحقيق تطلعات الشعب السوري باسقاط النظام القائم بكل أركانه بما فيها رأس النظام، واقامة دولة مدنية ديمقراطية من دون تمييز، وانفتاحه على جميع السوريين الملتزمين بمبادئ الثورة السلمية وأهدافها، ورفضه أي تدخل خارجي يمس السيادة الوطنية، مع مطالبة المنظمات والهيئات الدولية بتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب السوري، والعمل على حمايته من الحرب المعلنة عليه، ووقف الجرائم والانتهاكات الخطرة بحقوق الانسان التي يرتكبها النظام عبر كل الوسائل المشروعة، ومنها تفعيل المواد القانونية في القانون الدولي، وادانة سياسات التجييش الطائفي من قبل النظام، الذي يدفع بالبلاد نحو الحرب الأهلية والتدخل الخارجي، واعرب عن أمله في انضمام تيارات اخرى للمجلس.

ومن هذا المنطلق يعد تشكيل المجلس الوطني السوري خطوة ايجابية جادة ومسؤولة في حالة تطور المعارضة السورية أمام تحمل المسؤولية الوطنية للاعتبارات الآتية :

الاعتبار الأول : ان المجلس الوطني السوري قد أعلن على ان كيانه السياسي هو الواجهة السياسية للانتفاضة الشعبية، وانه يمثلها في الداخل - امام النظام المستبد - والخارج - امام المجتمع الدولي -، ويوفر الدعم اللازم لتحقيق أهدافها في اسقاط النظام برمته، واقامة الدولة المدنية الديمقراطية لكل السوريين.

الاعتبار الثاني : ان المجلس الوطني السوري قد جاء تلبية وتحقيقاً لمطلب ورغبة الانتفاضة الشعبية، فمنذ اندلاعها في 15 اذار 2011، ويطالب المنتفضون من كافة قوى المعارضة السورية في الداخل والخارج بالوحدة تحت راية واحدة من أجل اسقاط النظام الباغي.

الاعتبار الثالث : ان المجلس الوطني السوري هو نواة لمحاولة تأطير جامع مانع لكافة قوى المعارضة السورية في الداخل والخارج، من أجل أن تكون واجهة سياسية للانتفاضة الشعبية السلمية، وبديل سياسي عن النظام المستبد.

الا أن هنالك الكثير من قوى المعارضة السورية في الداخل والخارج ما تزال خارج اطاره الكياني السياسي، وهذا ما يجعل منه يفتقر الى التفويض والقدرة التمثيلية السياسية التامة للشعب السوري وانتفاضته الشعبية الى حين، ولهذا ومن أجل أن يتمتع المجلس الوطني السوري بهذا التفويض والتمثيل السياسي التام من قبل أغلبية الشعب السوري، ويكون له حق تمثيله على المستوى الدولي والاقليمي والعربي، وينال الاعتراف به وبسرعة كبديل سياسي عن النظام المجرم في هذه المرحلة، وانسجاماً بما أعلن عنه المجلس الوطني السوري نفسه بانه الاطار الموحد لكافة قوى المعارضة السورية في الداخل والخارج، وانفتاحه على جميع السوريين الملتزمين بمبادئ الثورة السلمية وأهدافها، وأمله في انضمام تيارات اخرى للمجلس، فان الواجب والمسؤولية الوطنية تفرض على أهل الحل والعقد فيه وبالسرعة القصوى أن يدعوا بروح وطنية شفافة، وبعيداً عن استخدام أساليب المناورات والتي ليس محلها الآن كافة قوى المعارضة السورية في الداخل والخارج للانضمام اليه، عبر الدخول في حوار وتفاهم وتوافق وطني جاد ومسؤول معهم، وخاصة ان المرحلة هي انتقالية وستنتهي بعد فترة قصيرة.

وكذلك ان يبقى المجلس الوطني السوري على تواصل دائم ومستمر مع قيادات الانتفاضة الشعبية في الداخل، من خلال مواصلة التشاور والتحاور والتنسيق معهم، وخاصة ان الكثير من المنتفضين يؤيدون تشكيل المجلس الوطني السوري في هذه المرحلة الحرجة جداً من تغول النظام وارتكابه الفظائع والجرائم ضد الشعب السوري امام صمت دولي وعربي مخزي، ولاسيما بعد أن أعلن من كيانه السياسي بانه العنوان الرئيس للثورة السورية، ويمثلها في الداخل والخارج.

ان قيام المجلس الوطني السوري بهذه المهمة الوطنية الكبيرة والمسؤولة تعد من أهم مهامه الكثيرة، اذ بها سيكون قد خطى الخطوة التاريخية المطلوبة على المستوى الوطني، بحيث ستكون وراء تقدمه في المجال الدولي والاقليمي والعربي، من خلال الاعتراف به رسمياً بانه المتحدث باسم الانتفاضة الشعبية، والممثل لتطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة، ومن ثم فان هذا يسرع من اسقاط النظام الطائفي المتخلف، والشروع في تأسيس بناء الدولة السورية المدنية الديمقراطية الحديثة لكافة السوريين، والقائمة على مبدأ سيادة القانون، وقيم المواطنة، والحرية والكرامة، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش المشترك الكريم، والمساواة، وتكافؤ الفرص، والتعددية السياسية، وتداول السلطة سلمياً، والشعور بالأمن والاستقرار، في ظل نظام وطني سياسي واقتصادي واجتماعي عادل.

ولكن على الرغم من ذلك فان المجلس الوطني السوري الذي أصبح يمثل خيار ورهان وطني للكثير من أبناء الشعب السوري وفي مقدمتهم الانتفاضة الشعبية، سيبقى ادائه الوطني والدولي والاقليمي والعربي مراقباً من قبل الكثير من الغيورين على المصلحة الوطنية، وخاصة على تحقيق تطلعات الشعب السوري وانتفاضته الشعبية بالحرية والكرامة، ومن ثم سيثنى عليه اذا أصاب، وسينتقد اذا أخطأ.

======================

!.. شعوب اختارت الموت، ترفض الذل ، لتبني أوطانا نظيفة

بقلم : رضا سالم الصامت

منذ انطلاقة ثورة تونس و مصر و الآن ليبيا و اليمن و سوريا و بعض الشعوب الأخرى العربية و الغربية ،لم نعد نعرف من الذي على صواب الحكام و النظام أم الشعوب؟

الشعوب لم تعد تخاف الآلة العسكرية، بل تواجهها بصدور عارية ، رغم تعرضهم لأبشع أساليب القمع ،و بالرغم من أن احتجاجاتهم سلمية فإنهم لا يحملون لا سكاكين ،و لا أسلحة نارية.

هم يحملون أفكارا يريدون بها تغيير حكام التصقوا بكراسيهم و نهبوا ثروات بلدانهم ، يحملون مطالب من أجل تحسين ظروفهم الحياتية و المعيشية ... مطلبهم الوحيد تغيير النظام ، و استعادة كرامتهم الإنسانية التي هدرت على مدى سنوات حكم جائر.

فما يحصل الآن في سوريا أو في اليمن ،شيء مرعب ، و حسب ما تتناقله القنوات الفضائية فان المواطن العربي يشاهد يوميا صورا لشباب يافع يتظاهرسلميا احتجاجا على أوضاعه المتردية، يحملون على أكتافهم نعوشا داخلها شهداء سقطوا بنيران البوليس بدم بارد ،يحملون لافتات مكتوب عليها " الشعب يريد تغيير النظام " أو كلمة " ارحل Dégage " ولا أحد يستجيب لمطالبهم المشروعة .

 خلال هذه الثورات يلاحظ المرء بالملموس تعمد الحكام على قمع مواطينيهم بأسلحة فتاكة و محرمة دوليا ، مما أثار سخط المجتمع الدولي . على سبيل المثال لا الحصر ، أن ما حدث في تونس و مصر و ليبيا و اليمن و سوريا و بعض البلدان الأخرى تقريبا نفس الشيء ، حدثت اقتحامات متكررة للمدن والقرى الواحدة تلو الأخرى من حملات تمشيطية ومداهمات للمنازل و ترويع الآمنين من السكان العزل و استهداف ممنهج للأطفال والنساء والشيوخ و اقتراف جرائم وحشية وتعذيب الناس والتنكيل بهم على مرأى العالم وسمعه....! و هو ما خلف مآسي و أحزان كان من الممكن تفاديها..

بحيث هذه الشعوب اختارت الموت و رفضت الذل و الهوان و حياة الاستبداد و القمع ، و لم يعد يرهبها الرصاص و الدبابات و القنابل ، هذه الشعوب الحرة تريد الحرية و الكرامة لتبني أوطانا نظيفة من كل رجس و خونة و طواغيت.

*كاتب صحفي و مستشار إعلامي

========================

العلمانية التركية وأزمة الربيع العربي

محمد زاهد جول

لا يزال التقارب التركي نحو العرب يثير من الارتياح أو الارتياب ما يثيره عند هذا الطرف أو ذاك، بل عند هذه الدولة أو تلك ، فبين متخوف مما يصفونه بالعثمانية الجديدة ومن يراه إنقاذاً للأمة العربية، وأملاً في الخروج من المأزق العربي الحاضر، بعد إسقاط عدد من الأنظمة المستبدة، وآخرون يرون التقارب نوعاً من التنافس التركي الإيراني على المنطقة العربية، ترحب به بعض الأنظمة أو الأحزاب أو القوى العربية، إما لنصرة التوجه المذهبي السني مقابل التمدد الشيعي بحسب قولهم، وإما من باب التنافس الاقتصادي أو النفوذ السياسي بينهما، وآخرون يرون الاهتمام التركي بالعرب تدخلاً أو مؤامرة لصالح الغرب وأمريكا تحديداً، وغيرها من التكهنات والتخيلات ، وكأنه لا يوجد ما يبرر هذا التقارب من العلاقات الأخوية بين الشعبين، من الشراكة التاريخية لأكثر من اثني عشر قرناً، في الانتماء لنفس الدين والعقيدة والشريعة والأمة والهوية والحضارة، والمشاركة في القيادة السياسية في أعلى المراتب السلطانية.

فإذا افترضنا أنه كان لبعض هذه الظنون ما يسندها قبل ثورات الربيع العربي، فإنا نرى أنه لم يعد لها مكان بعد الربيع العربي، فقد تكشفت مواقف تركيا من العرب ومستقبلهم أكثر ما يكون أثناء هذه الثورات المجيدة وبعد انتصارها، وهذا يتبدى مما تخطط له الحكومة والبرلمان والرئاسة التركية من مساعدات وتعاون مع الدول العربية، في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أيضاً، أي أن أغلب هذه الظنون والشكوك لم يعد لها ما يبررها، وهي إما تستند إلى جهل بطبيعة التغييرات الحاصلة في المنطقة، أو جهل بطبيعة التفكير التركي الحديث وتوجهات الشعب التركي قاطبة، ممثلة في البرلمان والرئاسة والحكومة التركية، في ظل حزب العدالة والتنمية وما أحدثه من تجديد ونجاح في المجتمع التركي، من انفتاح اجتماعي وقومي، ومن نجاح وتطور اقتصادي في تركيا وخارجها، إضافة إلى توسع دورها السياسي الفاعل على الساحة الإقليمية والدولية.

ومما أثبته الربيع العربي أن هؤلاء المتشككين من التقارب هم قلة ، بدليل أن مواقف الشارع العربي بعمومه يرحب بالتقارب التركي العربي، ومن مؤشرات ذلك مواقف شباب الثورات العربية المنتصرة في تونس ومصر وليبيا وسوريا وغيرها، فهؤلاء الشباب يقدرون التوجهات التركية التقاربية نحو العرب بكل احترام وارتياح وإكبار وتعظيم، فهؤلاء الشباب اللذين أتيح لهم حرية التعبير خرجوا إلى الشوارع يرفعون لافتات الترحيب دون أن يطلب منهم أحد ذلك، وبالأخص أنهم من شباب الثورات الجديدة التي أنجحت فيها ثورات الربيع العربي، وبالأخص بعد الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى مصر وتونس وليبيا، وما استقبل به من ترحاب بالغ وهتافات البطولة والشجاعة والمساندة والتأييد.

ويرى البعض أن أردوغان قد كشف في زيارته الأخيرة لدول الربيع العربي المنتصرة على أنظمة الاستبداد عن أهدافه الأيديولوجية في التقارب، وهي إلحاق الدول العربية الجديدة بالغرب أيديولوجياً وثقافياً، بعد دعوته إلى الديمقراطية والعلمانية، وإعلانه ان لا تعارض بين الإسلام والديمقراطية من جهة، ولا مع العلمانية من جهة أخرى، وأنه هو شخصياً إنسان مسلم ولكنه يحكم دولة علمانية وحكومة علمانية وحزباً علمانياً، وأن لا تعارض في ذلك، وأن هذا النموذج التركي من الممكن الاستفادة منه للخروج من أزمة الربيع العربي، التي تبدو في التعارض بين الأطروحات الإسلامية التقليدية والأطروحات الليبرالية المعارضة لها، والتي تتنافس الآن في الشارع العربي لتحديد هوية المستقبل ودولته ونظامه، فرئيس الوزراء التركي المسلم أردوغان يدعو العرب إلى تبني دستور علماني، وهو أمر قد يرفضه البعض أو يستغربه آخرون، فهل قامت ثوراتهم من أجل العلمانية، أم من أجل الحرية والعدالة ورفع الظلم وزوال الاستبداد، ومن أجل المشاركة السياسية، وإقرار الحقوق الدينية والسياسية معاً، ولماذا يقوم أردوغان بهذا الدور الثقافي والاجتماعي، وهو رجل السياسة الدولية وليس الشؤون الداخلية، حتى أن البعض اعتبر التصريحات الأردوغانية تدخلاً في الشؤون الداخلية، فهل أردوغان هو رسول العلمانية الغربية إلى العرب؟

إن أردوغان وهو يشارك في المستقبل الاجتماعي في الوطن العربي "، فإنما يقوم بذلك من باب النصيحة فقط، فهو لا يفرض له رأياً، وهو بنصيحته يعرض التجربة التركية لا أكثر ، فيبين للعرب ماهية العلمانية التركية، وليس العلمانية الغربية، فهو يقول ويقرر ويعرف العرب أن العلمانية ليست مسألة في الرياضيات بحيث تحكم فيها على أن اثنان ضرب اثنان تعطي النتيجة أربع، وإنما العلمانية مسألة إنسانية واجتماعية وسياسية، وبذلك فهي عرضة لأكثر من تفسير نظري، وأكثر من تطبيق عملي.

إن مبعث الإشكال في الطرح الأردوغاني هو أن معنى مصطلح العلمانية في الفكر الإسلامي العربي بقي ولأكثر من ثمانية عقود لا يعني إلا فصل الدين عن الدولة، أو فصل الدين عن السياسة، وأن الدولة العلمانية هي الدولة اللادينية، أو الدولة التي تبعد الدين من كل مجالات الحياة فيها، وتجعله في أضيق نطاق فردي، وسبب ذلك الترجمة الخاطئة للكلمة من أصلها الانجليزي السيكيولارية أو من اصلها الفرنسي اللائكية، وكلاهما تعني الدنيوية، ولا تعني اللادينية، وقد بين ذلك عدد من المفكرين العرب من أمثال عبدالوهاب المسيري وحسن حنفي والجابري وعادل طاهر وغيرهم، وهذا المعنى الضيق للعلمانية المعادي للدين ربما لم يطبق في أوروبا نفسها، فضلاً عن ان تقبل به دول كل سكانها أو معظمهم من المسلمين، سواء كانوا عرباً أو أتراك أو إيرانيين أو اندونيسيين أو ماليزيين أو من غيرهم.

إن الدعوة التي وجهها أردوغان إلى المصريين لصياغة دستور حديث يقوم على مبادىء العلمانية لا تعني إطلاقاً هذا المعنى الراسخ في العقلية العربية لمعنى العلمانية، وإنما يرى أن هذه الفترة الانتقالية في مصر وما بعدها ستمكن المصريين من إقامة الديمقراطية وبشكل جيد، وأن المصريين سوف يرون عند ذلك أن الدول العلمانية لا تعني اللادينية، وإنما تعني احترام كل الأديان وإعطاء كل فرد الحرية في ممارسة دينه.

وأوضح أردوغان أن العلمانية لا تعني أن يكون الأشخاص بصفتهم الفردية علمانيين ، بل يمكن أن يكونوا غير علمانيين بصفتهم الفردية وضرب مثلاً على نفسه، بأنه غير علماني بصفته الفردية، ولكن بصفته الوظيفية هو يمارس عمل علماني، بوصفه رئيس دولة علمانية، فالمقصود بالعلمانية بالمفهوم التركي أن الدولة تقف من كافة المواطنين عند نفس النقطة، من حيث الحقوق والواجبات، وهو ما يقره الإسلام في نصوصه ومبادئه، ويؤكده التاريخ الإسلامي في الماضي.

إن المشكلة الأولى التي تواجه العلمانية في التفكير العربي هو حصرها بالمعنى الغربي الضيق، والذي إما لم يطبق إطلاقاً، أو طبق في بعض الدول العلمانية المتشددة مثل فرنسا، وهذا المعنى ليس معنى ثابتاً ولا ملزماً لكل من يأخذ بالعلمانية حلاً لمشاكله الداخلية، والمشكلة الثانية هي أن الدول العربية الاستبدادية ادعت جميعها أنها دول علمانية ولم تمارس إلا الاستبداد والفساد معاً، واضطهدت كافة القوى السياسية سواء كانت إسلامية أو ليبرالية، فاقترن اسم العلمانية من الناحية الواقعية في العقود الأخيرة بالأنظمة العربية والتركية الدكتاتورية والمستبدة، فكان سلوكها سبباً في كراهية الناس لها، وعدم قبولهم فكرة العلمانية أن تحكم مرة أخرى، وآخرون لا يرون الدولة العلمانية إلا الدولة التي تبيح المحرمات وترخص للفواحش باسم الحريات، وهذا المعنى مما يروج له من يحصرون معنى العلمانية على المعنى الغربي فقط، والحريات الشخصية بالمفهوم الغربي أيضاً.

إن التعريف الايديولوجي للعلمانية ليس واحداً، ومن حق المعنيين بصياغة أي دستور عربي جديد بعد ثورات الربيع العربي، أن يتوافقوا على معنى للعلمانية يوافق عليه الشعب نفسه قبل إقراره، سواء عن طريق تصويت عام، أو من خلال نواب البرلمان المنتخب من الشعب نفسه، ولكل أهل ثقافة أو هوية أو دين أو حضارة أن يتفقوا على معنى للعلمانية، بحيث لا تكون الدولة بيد طائفة واحدة من أبناء الدولة، فمثلاً عرف الدستور التركي العلمانية بأنها:" تتعامل مع أفراد الشعب على مسافة متساوية من جميع الأديان"، أي أن الدولة لا تنشر اللادينية، ولا تحارب التدين، بل إن عليها أن تحترم الدين وتحميه من الاعتداء، وكما أن العلمانية التركية غير العلمانية الانجلوسكسونية وغير العلمانية الفرنسية وغير العلمانية الأمريكية وغير العلمانية في العديد من الدول الأوروبية، فكذلك يمكن للعلمانية العربية أن تكون ذات معنى خاص بمكونات الهوية العربية الدينية والحضارية والمكونات الثقافية والقومية، وهذا أمر منوط بالعرب أن يستخلصوه بأنفسهم، دون أن يقيدوا أنفسهم بالمعنى التركي ولا المعنى الأمريكي ولا الفرنسي ولا غيرها، وكل هذه الشعوب والدول قدمت التضحيات من أجل أن تصل إلى المفهوم الذي يحفظ الحقوق لشعبها، بكافة مكوناته الدينية والعرقية واللغوية وغيرها، فالعلمانية حلاً لمشكلة إدارية وليس توليداً لمشكلة.

*كاتب تركي

mohdzahidgol@hotmail.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ