ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 03/10/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

إسرائيل المحاصرة بالوجود الفلسطيني الجريح...وأنتم المحاصرون بجراحنا وآلامنا وسلمية ثورتنا

نوال السباعي

اسرائيل ..العدو المتسرطن المتغول في قلب منطقتنا ، إسرائيل المستوطنة ...تحكم قبضتها على الشعب الفلسطيني منذ ستين عاما ، بالقتل والسحل والاعتقال والتعذيب وتجفيف منابع حياته وفكره وثورته ،

ولم تستطيع على الرغم من استكبارها واستعلائها واستعانتها بالعالم كله بما فيه أنظمة الحكم الاستبدادي في المنطقة العربية والتي تحكمنا بالنيابة عن الاستعمار ، لم تستطع على الرغم من ذلك أن تفعل شيئا كثيرا سوى اغتصاب الأرض بالقوة ، وطرد الناس من بيوتهم وأراضيهم بالقوة ، ليخرجوا وينزرعوا في أرض أخرى واوطان اخرى ،

ثم ينزل المطر ........ فتنتش الحبوب وتخرج سنابل وأزهارا وأشجار سروٍِ وزيتون فلسطينة ..حمل النازحون والمهاجرون والمهَجرون الفلسطينيون بذور الوجود الفلسطيني معهم اينما رحلوا ، لينبتوا حيثما زُرعوا فلسطينا جديدة ، تزلزل راحة وأمن إسرائيل المعتدية ، وتحرم ساساتها ورجالها من النوم ..والدعة...والاستقرار.

امتدت "فلسطين " بأجساد أبنائها وأسمائهم ووجوههم وعيونهم ..لتصبح بحجم خارطة الظلم في هذه الارض الموبوءة بالقهر .

وخارطة فلسطين...هي خارطة هذه المنطقة من المحيط إلى الخليج

خارطة الاستبداد والظلم والتغييب القسري للمواطن والتدمير المنهجي للأوطان ، وسلخ جلد الإنسان غذا مااكتشف أنه إنسان

 

وإسرائيل دخيلة.. وعدوة ..ومحتلة ..ومستوطِنة ، لالغتها لغتنا ، ولادينها ديننا ، ولاوجهها وجهنا !!؟ فماذا سيفعل النظام السوري "القذر" "المجرم" بعد كل هذا الحجم من القتل والإجرام وسفك الدماء واستباحة أعراض الفتية والفتيات في سورية ؟؟، ماذا سيفعل بعد كل هذا الحجم من التدمير والسلب والنهب واستباحة المدن والقرى والحرمات؟؟، ماذا سيفعل بعد كل هذا الحجم من الكذب والتلفيق والبهتان ؟؟

ماذا سيفعل بشعب هو شعبه ؟ وبلد هي بلده؟ ولغة هي لغته؟

ماذا سيفعل بعد كل هذا الذي ارتكبته يداه؟

هل وقف هؤلاء القوم من الأوباش مصاصي الدماء ليفكروا ولو لحظو واحدة ، كيف سيواجهون هذا الشعب بعد كل هذا الذي فعلوه فيه ...وفقط لانه وقف بعد ثلاثين عاما من الذبح الصامت ليقول "كفى"؟

هل فكروا في الطريقة التي سيقومون فيها بحكم هذا البلد بعد أن دمروا البلد على رؤوس أهلها؟

هل فكروا كيف سينظرون في عيون من تبقى من أهله بعد الذي صنعوه بأهله؟ أم أنهم ظنوا أن باستطاعتهم إعادة الكرة ؟ وتعميم مافعلوه بحماة قبل ثلاثين عاما وأهلها ، على كل أرجاء سورية ؟؟

ألم يفكر هؤلاء الحمقى بأن مافعلوه في حمياة وأهلها في الثمانينات هو الذي فجر هذه الثورة اليوم ، بعد ثلاثة عقود ؟ وأن الشعوب أبدا لاتسكت ، ولم صمتت لبعض الوقت؟

وأن الشعوب أبدا لاتمنح لنفس الجلاد فرصتين ليذبحها مرتين ، حتى لو ظن أنه يفعل ، فالجلادون والمجرمون ودائما..يذبحون ضحاياهم في المرة الأولى ، لكنهم ينتحرون وبنفس السكين في المرة الثانية

!!.

هل يعتقد هذا النظام "الغبي" أن بإمكانه السيطرة على هذا الوضع؟ من الغضب العارم ، والثورة المتدفقة ، وعشرات الآلاف من البيوت التي امتلات دموعا ودماءا وقهرا ومآس في طول البلاد وعرضها؟ إنه إذن لغبي مغرق في الغباء

وإذا كانت غسرائيل المعتدية المغتصبة المتسرطنة في منطقتنا ، لم تستطع وخلال ستين عاما أن تكون ، كما تريد أن تكون ، ومازال اسمها مقترنا بمعاني الاستلاب والاغتصاب ، ووجودها محاطا بمشاعر الكراهية والرفض والاحتقار ، ليس من قبل شعوب المنطقة ، التي تنتظر فرصة ما ، وبفارغ الصبر للانقضاض عليها ، وتصحيحي مسار التاريخ والجغرافيا ، إذا كان هذا وضع إسرائيل المعتدية المتكئة إلى كل قوى الشر والاستعمار في عالمنا ؟ بل في أذهان الأحرار جميعا في قريتنا العالمية هذه التي تدور حول الشمس وكانها هباءة!

فاين مكانكم أيها القتلة في هذه المعادلة التي استعرتموها من حلفائكم الإسرائيليين ، وأحسنتم استنساخها منهم ، وكأنكم انتم هم ، وهم أنتم؟!

أين ستكونون في ذاكرة الشعب السوري ، وكل أشقائه من شعوب المنطقة؟

لقد

 خرج الشعب من قمقمه ، وانتفض على جلادية ، من أقصى المنطقة العربية إلى أقصاها ، من البحرين وحتى الدار البيضاء وأسمرة ، ومالم تقم الشعوب بتغييره بيدها ، يسارع اليوم ساستها وملوكها وأمراؤها إلى تغييره ، قبل أن يدهسهم قطار الثورة الكبرى التي ستهز العروش والقلوب والعقول ، كما ستزلزل القهر والظلم والاستبداد والارتكاس الى الأرض .

السوريون ليسوا وحدهم أيها القتلة ، وأنتم محاصرون بسلميتهم وثباتهم وصبرهم ودمائهم وأشلائهم ، محاصرون بجراحات أطفال درعا ، وآلام حمزة الخطيب وثامر الشرعي ، محاصرون بجلد ابراهيم وزينب الذي سلختموه وكأنكم جزارون مختصون في مجزرة الشرف والمروءة والإنسانية ، محاصرون بابتسامات غياث مطر ، ومحمد الرفاعي ، ورامي فاخوري

أنتم محاصرون بنا ، انتم بقوتكم وبطشكم وجبروت ثمالتكم بمعادلات القوة في المنطقة ، محاصرون بنا ، بضعفنا ، بأحزاننا ، بسلميتنا ، بأننا عزل من السلاح ، بدموع أمهاتنا وآبائنا ، بآلام الأحباب والاخوة والأصدقاء

محاصرون بشعب يملك إيمانه وتصميمه على محاصرتكم وإسقاطكم

محاصرون بشباب ولدوا وعاشوا وتربوا في مدرارس اختطفتم مناهج التدريس فيها ليستمر الشعب في الركوع والسجود لكم

محاصرون بمآذننا التي تقصفونها لأنها تنادي بالله أكبر منكم ، بكنائسنا التي تدكونها لأنها تسعف الجرحى

أنتم أيها القتلة ...أيها المارون في أزقة تاريخنا العتيد العظيم القديم ...أيها الغرباء من جلدنا ولحمنا وأحشائنا

أنتم أيها المشاركون لنا أسماءنا وألقابنا وكنياتنا ..كما سماءنا وأرضنا وهواءنا ووجودنا

أنتم...ياأيها الغرباء منا ، أنتم أيها الساقطون في آنية سمننا ودهننا ، ياأشواكا في أفنية بيوتنا تنبت بين ورودنا ورياحيننا

أنتم ...يابعضنا...أيها القتلة ...يامن استطعتم أن تسلخوا جلودنا ، ثم تريدون أن تستمروا في حكمنا ، والنظر في أعيننا بعد هذا

لقد انتهيتم ...وسقطتم...وأعلنتم قرار انتحاركم الأخير

بقي أن نسلخكم منا كما سلختم جلودنا من جلودنا

بقي أن ننزعكم عن كاهلنا كما كسرتم مفاصلنا في مفاصلنا

بقي أن نمد أيدينا الى وجوهنا لنقلعكم من ابصارنا كما انتزعتم أعيننا من اعيننا

بقي لكم أن ترحلوا...وسترحلون ..

لقد سقطتم...وبقي أن نركلكم بأقدامنا لتدفنوا في الحفرة التي حفرتموها بأيديكم القذرة ..وظننتم أنكم ستدفنون فيها هذا الشعب ، الذي جاء من الموت ليحيا

رغم أنوفكم وانف إسرائيل حليفتكم المحاصرة بكل جبروت قوتها وحلفائها بالوجود الفلسطيني المستنزف المنهك

 إسرائيل ..حليفتكم السرية- العلنية ، والتي من أجل بقائها ، ذُبحنا ، وعُذبنا، وقُهرنا، واستُبحنا مائة عام

وقد آن الأوان..لقبلة البوعزيزي أن تفعل فعلها في وجداننا لننهض ونستيقظ ونرفع صوتنا مغنيين للحياة والحرية والخلاص

===========================

بين المجلس الوطني السوري وثورة الشعب في سورية .. خطوة تاريخية هامّة.. والأهمّ هو فيما يمكن أن ينبني عليها

نبيل شبيب

أعلن يوم 2/10/2011م في اسطنبول، بعد مخاض طويل عن ولادة أشبه بالولادة القيصرية، للمجلس الوطني السوري، ولا يقلّل ذلك من قيمته الذاتية، أي كونه هيئة مستقلة ذات سيادة، وفق التعبير الوارد في الإعلان الرسمي عن ذلك، وأنّه هيئة تمثل القطاع الأكبر من "المعارضة السياسية".

 

مشروعية الثورة أولا

في العلاقة بين المجلس الوطني في سورية وبين ثورة شعب سورية، يجب توضيح أمر أساسي من البداية:

ليس السؤال المحوري: هل يؤيّد ثوار سورية هذا المجلس تأييدا كاملا أو ناقصا، وهل يقبل هو بتمثيلهم فيه بما يناسب دورهم في تحرير سورية من الاستبداد القمعي الفاسد؟..

بل السؤال المحوري هو: هل يمثّل المجلس الثوار والثورة، ليقبل به الشعب الثائر، وليكون قادرا على أداء المهمة السياسية المطلوبة منه في هذه المرحلة؟..

منذ اللحظة الأولى لانطلاق الثورة الشعبية في سورية سقط موقع "العنصر السياسي" في صناعة مستقبل الشعب ووطنه، وظهر "العنصر الثوري".. فدور العنصر السياسي في أي وقت من الأوقات هو التحرك "نيابة" عن الشعب لتحقيق مصالحه العليا وأهدافه، ووجد شعب سورية في لحظة من اللحظات أنّ عليه أن يتحرّك بنفسه، رغم إدراك ما يعنيه ذلك من ثمن باهظ يتمثل في التضحيات البطولية التي يقدمها.. أي لجأ إلى الثورة الشعبية على "واقع" مرفوض، ليصنع بنفسه واقعا جديدا.

هذه اللحظة التاريخية تعني:

1- وضع حدّ نهائي للزيف المتمثل في أن الحكم الاستبدادي.. يؤدي مهمة سياسية صادرة عن الإرادة الشعبية، وبتعبير آخر: هذا حكم لا مشروعية له، وهذه حاله منذ نشأته الأولى، إنّما تعطي الثورة الشهادة الحاسمة على تأبينه، بعد أن بقيت جميع منافذ التعبير عن هذه الإرادة، كالانتخابات والاستفتاءات، مغلقة لزمن طويل، وتثبّت الثورة أنّ المشروعية الأصيلة مرتبطة بإرادة الشعب فقط، وهذا ممّا تجسده عبارة: الشعب يريد..

2- اقتران ذلك التحرّك الشعبي الذاتي، بخلوّ الثورة من أي "صبغة سياسية" لأي جهة معروفة من قبلُ، توجّهها، ناهيك عن أن تقودها وتمثلها، أي: إنهاء التوكيل الشعبي المفترض لأي طرف سياسي موجود، ويعتبر نفسه "معارضة"، بحق أو دون حق، ليتحدث أو يتصرف "الآن" باسم الشعب.. فالشعب يتحدّث مباشرة ويتصرف الآن مباشرة.

لم تعد مرجعية المشروعية المرتبطة بإرادة الشعب ممثلة في أي جهة من الجهات.. فالمندوب أو الوكيل أو المفوض أو النائب أو السلطة المنتخبة.. أو المعارضون، جميع ذلك ليس له على كل حال "مشروعية أصيلة" بل "تفويضية" بالنيابة عن صاحب الحق الأصيل.. ومقيدة زمنيا وموضوعيا، إن وجدت.

الشعب يخرج إلى الشوارع، مدينة بعد مدينة، يوما بعد يوم، ويدفع الثمن من دمائه، ويتابع طريقه: ثورة حتى النصر.

الشعب يخوض معركته السلمية البطولية التاريخية ضدّ القمع الاستبدادي الذي بلغ درجة حرب شاملة تخوضها ميليشيات مسلّحة ضدّ جماهير غير مسلّحة إلا بطاقتها الثورية ..

الشعب يكوّن هيئات ومجالس وتنسيقيات ولجانا ووسائل إعلام.. تمثله، يشكلها بنفسه، ويختار عناصرها من أوساطه، بغض النظر عن وجود ما تشكل بأسماء مشابهة عبر جهات سياسية معارضة موجودة على الساحة، فيكون الترحيب الشعبي بها، بقدر ما "تشارك" في عملية توثيق المشروعية الثورية الشعبية.

الشعب يقرّر بنفسه، مباشرة، بأن هذا المجلس.. أو هذه المبادرة.. أو هذا التحرك، سيان عمّن يصدر، يمثل الثورة جزئيا أو كليا أو لا يمثلها، ويخطو خطوات ويتخذ مواقف ويعلن بيانات ويصنع تشكيلات ما، وجميعها فيه عناصر إيجابية منسجمة مع مشروعية الثورة والثوار والشعب الثائر، فتحظى بتأييد، وفيه عناصر سلبية، لا تنسجم مع مشروعية الثورة والثوار والشعب الثائر، فتجد الرفض، وفي الحالتين لا تصبح لها مشروعية توكيلية "مكتسبة" إلا بقدر تلك الإيجابيات، ولا يمكن أن تتحوّل إلى "مشروعية توكيلية مشروطة كاملة" إلا بعد أن تبلغ الثورة غايتها، وتتشكل الدولة الجديدة المنشودة في سورية على أنقاض النظام القمعي الاستبدادي المنهار، أي بعد استرداد الوطن وتحرير الشعب، وترسيخ دعائم مستقبلية جديدة لصناعة القرار الشعبي عبر الأجهزة.

 

المجلس الوطني السوري الجديد

ليس السؤال الحاسم في العلاقة بين المجلس والثورة إذن: "كم" هو حجم تمثيل الثورة؟.. أي تمثيل الهيئات المعبرة عنها ميدانيا، في المجلس، بل السؤال الحاسم هو عن "نوعية" هذا التمثيل، على افتراض قبولها بأن تكون طرفا فيه..

ليست الهيئات الثورية هيئات سياسية، ولكنها هي مصدر التعبير سياسيا وإعلاميا عن الثورة.

وليس المجلس الوطني هو الشعب، بل هو إطار للسياسيين، الذين يريدون وضع أنفسهم في خدمة الثورة وشعبها.

لا يمكن ربط الشعب بمجلس، أيّ مجلس، وبإرادته، بل يجب ربط المجلس، أيّ مجلس، بالشعب وإرادته.

لا يتحقق ذلك من خلال الكلمات، من خلال البيانات والتصريحات، بل من خلال آليات العمل.

وجميع ما سبق لا يعني إطلاقا التهوين من أهمية المجلس الوطني السوري، بل يعني تحديد موقعه في هذه المرحلة، وبالتالي نوعية "مشروعية" ما يصدر عنه من مواقف وبيانات وتصرفات، ابتداء من لحظة تشكيله، إلى أن تبلغ الثورة غايتها المذكورة.

إن المجلس الوطني السوري المعلن عنه في اسطنبول هو -حتى الآن- أكبر وأشمل ما جرى تشكيله خلال ستة شهور ونيف، وهو أقرب من جميع ما سبقه (ويتزامن معه) إلى الثورة والثوار، وهو المرشح للقيام بدور فعال في المرحلة المقبلة، وجميع ذلك مرتبط بقدرته على الارتفاع بأهدافه وأقواله وأعماله إلى مستوى الشعب الثائر وثواره، وليس بقدرته على كسب تأييد رسمي من أي جهة عربية أو إقليمية أو دولية، دون الانتقاص من أهمية هذا التأييد وضرورته.

مستقبل المجلس -وليس مستقبل سورية وشعبها- مرتبط بهذه المعادلة ما بين علاقاته بالثورة وعلاقاته الأخرى، ما بين الوصول -وراء الثورة- إلى أهدافها، وبين توظيف جهوده السياسية الخارجية خاصة في نطاق ما يخدم وصوله وراء الثورة إلى أهدافها.

النجاح الكبير الذي حققه المجلس حتى الآن هو "جمع" نسبة عالية من أطياف المعارضة السياسية، وعدد من الممثلين السياسيين مكوّنات الشعب في سورية.

والنجاخ التالي المطلوب من المجلس هو طرح رؤى سياسية مستقبلية لسورية، يتلاقى عليها السياسيون بالتركيز على الكليات الكبرى والقواسم المشتركة وتجاوز التفاصيل الجزئية والاختلافات السياسية، إلى مرحلة مقبلة.. إلى ما بعد قيام دعائم الدولة الجديدة.

أما النجاح الأكبر الذي يمكن اعتباره هو الامتحان الأهم على أرض الواقع، فهو ما يتمثل في أن يتمكن من تجسيد الإرادة الشعبية عبر المشروعية الثورية، وجعل ذلك هو المحور الحاسم في رؤاه السياسية المستقبلية تلك، والعمل من أجل تحقيقها عبر العلاقات مع القوى العربية والإقليمية والدولية، ولا يتحقق هذا النجاح الأكبر والأهمّ، إلاّ "مع" الثورة الشعبية وممثليها، وليس "بمشاركة رمزية أو صغيرة أو كبيرة" ضمن المكونات السياسية العديدة للمجلس نفسه.

 

هامة الشعب وإرادته هي الأعلى

لا يزال "صوت الثورة السياسي" خافتا رغم ارتفاعه خلال الأيام الماضية بشكل ملحوظ بالمقارنة مع ما كان عليه من قبل، وليس المقصود بالصوت السياسي: الإعلان عن الأهداف، فهي معلنة معروفة من اليوم الأول بل هي معروفة من قبل انلاع الثورة، فما اندلعت إلا لتحقيقها.. إنّما المقصود أن تتمكن الهيئات الميدانية والإعلامية التي تمثل الثورة، ولا سيما كبراها: الهيئة العامة للثورة السورية، من أن توجد لنفسها صيغة تنظيمية وآلية عملية لتطرح مواقفها من الأحداث والتطورات والمواقف الآنية حولها، خارج سورية وداخلها، ولتتعامل بصفتها الذاتية مع مختلف الجهات الأخرى، السياسية، السورية وسواها.

ليس هذا سهلا.. وهو ما يتبيّن من أن الخطوات الأولى المتحققة على هذا الطريق استغرقت شهورا، فالمهمة المطلوبة مطلوبة في ظروف الثورة، وضغوط الواقع الاستبدادي القمعي في الداخلي، وكذلك في نطاق ما تمثله التحركات السياسية للمعارضة في الداخل والخارج، سلبا وإيجابا.

إذا كان المطلوب من المجلس الوطني السوري من موقعه السياسي المتميز الذي حققه يوم 2/10/2011م، أن يتحرك سياسيا وراء الثورة والثوار لتحقيق أهداف الثورة والثوار، فالمطلوب من الثورة والثوار أن يتمكنوا من تحديد اتجاه السير بأنفسهم.. بصورة مباشرة، واضحة، قاطعة، من خلال الصيغة التنظيمية والآلية العملية التي يضعونها لأنفسهم.

ذاك ما يمثل الدعم الأهم والأكبر الذي يحتاج إليه المجلس الوطني السوري ليؤدّي مهمته السياسية على الوجه الأمثل، وذاك ما يعتبر إنجازا كبيرا يتطلب جهودا كبيرة، إنّما تستمد الثورة والثوار القدرة على ذلك من الشعب الثائر في سورية، ولقد أثبت أنّ طاقاته بلغت به وبثورته العلياء في تاريخ الشعوب، في تاريخ البشرية، وهي معين لا ينضب لمزيد من الإنجازات بإذن الله.. لتتوافر لأجيال المستقبل في سورية حياة الكرامة والعزة والحرية، في ظل سيادة الشعب في وطنه، وسيادة إرادته في صنع قراره في دولته.. وسيادة مشروعية ثورته عبر دماء شهدائه وعذابات ضحاياه، على كل طرف من الأطراف مهما بلغ علوّ هامته السياسية ومكانته وبلغ إخلاصه، فالثورة تجسّد الشعب ومكانته في عالم السياسة والسياسيين، وإنّ هامة الشعب وسيادته وسيادة إرادته في وطنه هي الأعلى من كل هامة سياسية على الإطلاق.

========================

الدعاية الموجهة في الإعلام الصهيوني...!!!

د.خالد ممدوح العزي*

في الجلسة العمومية لهيئة الامم المتحدة المنعقدة في3 ايلول "سبتمبر" 2011 عمدى بنيمين نتانياهو الى تسويق دعاية صهيونية في هيئة الامم في محاولة لتهرب من طلب الدعوى المقدمة من الجانب الفلسطيني من اجل الحصول على عضوية كاملة في هيئة الامم بالوقت الذي يعني بنيمين نفسه من ازمة اجتماعية داخلية تعصف بالمجتمع الصهيوني لكنه لم يستطيع تسويق دعايته الصهيونية الشوفانية مقارنة مع كلمة محمود عباس الوجدانية التي نالت قسما كبيرا من التصفيق والتعاطف الدولي كنها كالعادة تفتقد الى تسويق دعائي عربي وفلسطيني عالمي .

 

الجانب الدعائي الصهيوني:

يحتل الجانب الدعائي حيزا هاما في النشاط الصهيوني الإعلامي الموجه من خلال اجهزة

ووسائل الإعلام الاسرئيلية: يقول الحاخام يريتسورن في اجتماع سري نظمه اليهود في عام 1869م في سويسرا : «إذا كان الذهب هو القوة الاولى في العالم، فإن الصحافة هي القوة الثانية. ولكنها لا تعمل من غير الأولى وعلينا بواسطة الذهب أن نستولي على الصحافة، وحينما نستولي عليها نسعى جاهدين لتحطيم الحياة العائلية والاخلاقية والدين والفضائل الموجودة لدى البشرية عامة». ولهذا تجهد الماكينة الصهيونية لبت روح الدعاية واحيائها في المجتمع الإسرائيلي أو التوجه إلى الخارج من خلال امتلاك أكبر عدد ممكن من المؤسسات الإعلامية ووكالات الانباء الوطنية والعالمية (1).

تتركز الدعاية الصهيونية على التالي :

1- تخطيط دعائي منظم من جانب وزارة الخارجية الإسرائيلية، أعد سابقا بناء على أسس علمية منظمة، ومن ثم يتم تنفيدها.

2- استغلال الأقلية التي ترتبطه بالمجتمع اليهودي «التقاليد التاريخية».

3- وجود خلفية تاريخية، في المواقف المتميزة ضد البلاد العربية؛ وعدم وجود دعاية عربية مضادة أو «عكسية»، وإذا وجدت فهي ليست على المستوى المطلوب للمواجهه، لان الوضع العربي الراهن يفتقر إلى إستراتيجية موحدة من» التماسك»(2) الإعلامي والسياسي.

 

فالتوجه السياسي العام للإعلام الإسرئيلي، الذي له دوائره الحكومية المختصة بمسألتين هامتين: الاولى من خلال النشاط الرسمي المتمثل بوزارة الخارجية حيث تجمع "إسرائيل" في إحدى أقسامها، مهام وزارة الإعلام. والثانية في كيفية سيطرة أجهزة الأمن الإسرائيلية على الإعلام حيث تشرف إدارة الحرب النفسية بوزارة الدفاع على الإعلام الموجه للمنطقة العربية، إلى سكان الاراضي الفلسطنية، وعرب 1948 «العرب الفلسطينيين الذين يعشون على الاراضي الفلسطينية المعروفة باسم اراضي 1948». بهدف زرع اليأس في نفس الانسان العربي وزعزعة ثقته بنفسه وأمته وتاريخه وحاضره ومستقبله، فضلا عن شن الحرب النفسية المتواصلة ضد العرب، لتحقيق سياسة «إسرائيل» الهدامة في المنطقة. ببساطة فإن ترتيب الاخبار من خلال فبركة الحقائق وتزييف المعلومات واللعب على الالفاظ لبعض الجمل والعبارات التي تغير المعنى الجوهري للمضمون، ولان الدولة العبرية اصبحت اليوم ذات خبرة عالية وقدرة كافية لها في ادارة المعارك الإعلامية الموجهة.

إن قدرة الدعاية الصهيونية على نشر روح الإشاعات، وفبركة الاحداث، والتضليل الإعلامي، وعدم المصداقية المهنية في بث الخبر وتزوير الحقائق، ما هي إلا دلالة حقيقية حول الصراع القائم في الاراضي الفلسطينية، وتزييف الحقائق الأساسية لطبيعة للصراع العربي- الإسرائيلي.

إذا رصدنا الوسائل الإعلامية العبرية الموجهة، التي تبثها الدعاية والإعلام الإسرائيلية اليوم على قنوات التلفزيون، وعبر أثير الإذاعات، والمواقع الإلكترونية المختلفة، وصفحات الجرائد اليومية، بلغاتها ال16 التي يتوجه الإعلام العبري به إلى مواطنيه، بالرغم من التركيز الأساسي على اللغات الثلاثة الأساسية: العبرية، والعربية والروسية إضافة إلى الإنكليزية التي تعتمدها "إسرائيل" كلغة دبلوماسية خارجية في مخاطبة الرأي العام الأمريكي والاوروبي والعالمي، اما العربية التي تعتبر الثانية والمتداولة في "إسرائيل" بسبب وجود الاقلية العربية التي تشكل حوالي 20 في المئة من إجمال سكان الدولة العبرية، الموجودة في دولتها المصطنعة، والتي من خلالها تعمد الدعاية الإسرائيلية لمخاطبة العالم العربي والإسلامي عامة والشعب الفلسطيني خاصة، كان في الداخل أو مناطق الشتات المختلفة مستغلة بعض العرب العاملين في أجهزتها الإعلامية.

 

تستخدم "إسرائيل" البث الموجه بالعربي على الموجة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي «العربي» وأثير الإذاعة العربية الإسرائيلية الرسمية على الموجة الطويلة وتتحكم بهما أجهزة المخابرات العبرية في بث الإشاعات وفبركة الاخبار، ناهيك عن الدوريات والنشرات اليومية والصحافة المكتوبة والمدونات على الانترنت لتشويه صورة الفلسطيني والعربي(3) بكافة الامكانيات والمجالات المتاح لهذا الإعلام من استخدامها. الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن معركة حامية بين مصر والجزائر على أثر التصفيات التي تدور من اجل الفوز بمقعد لبطولة العالم لكرة القدم في دورة 2010 والتي سوف تقام في جنوب افريقيا(4) متناسيا هذا الإعلام بان هذه الجماهير الجزائرية المشجعة لبلدها بالفوز هي نفسها هتفت في الشوارع ضد الحلف الثلاثي الموجه ضد مصر عام 1956. وعام 1967، و1973 اثناء الحرب الإسرائيلية– العربية ونصرة لمصر وشعبها، وفي الجانب الثاني هي نفس الجماهير المصرية التي هتفت في الشوارع، لثورة المليون شهيد وللشعب في حربه ضد الاستعمار الفرنسي. الكرة هي الكرة. و"إسرائيل" وشعبها يقومان بذلك، ولكن الإعلام الإسرائيلي مهمته الالتفاف على كل شيء في الدول العربية واستغلاله إعلاميا.

 

* سياسة "إسرائيل" الدعائية :

تعتمد "إسرائيل" في سياستها الإعلامية والدعائية على فبركة الاحداث والمعلومات الخاطئة والتضليل الإعلامي الموجهه والتستر والتعتيم على سير ومجرى الاحداث والاخبار الهامة، التي تخص الدولة العبرية وافعالها تجاه الفلسطينيين والعرب، كما حصل في معركة غزة الاخيرة بما يخدم ذلك مصالح "إسرائيل" كدولة اولا واخيراً. هذه المحطات الإعلامية هي إسرائيلية بالدرجة الأولى ولمصلحة «إسرائيل»، كدولة وللمجتمع والشعب» اليهودي» تعمل، وهي تخدم السياسة والمصلحة العبرية معا، الموجهة اصلا ضد المصالح الفلسطينية والعربية عامة(5).

تسيطر المخابرات الإسرائيلية وتوجه الإعلام والدعاية في الدولة بالرغم من الادعاء الصهيوني والعبري وتفاخره الدائم، بالديمقراطية والحرية والعدالة والكلمة الحرة. بالرغم من وجود اقلية عربية تدعي "إسرائيل" بانها تستفيد من كل هذا المجال والمناخ الديمقراطي المتاح لها. وكذلك لها الحق المطلق في معرفة المعلومات وإبداء الرأي والتعبير والاعتراض لكونها ايضا جزءا من مكونات هذه الدولة الهجينة المركبة والمجمعة من كل بقاع العالم. والعرب يعملون: (اي السكان الأساسيين والذين باتوا يعرفون بعرب 1948). في محطاتها العبرية المختلفة «لكن الإعلام الإسرائيلي يغيب الديمقراطية في الإعلام والسياسة، ولا كما تزعم المؤسسة الإسرائيلية التي تتغنى بالديمقراطية، لان الدولة والمجتمع في "إسرائيل" تم بناؤهما ليس على أساس الديمقراطية والعدالة، والحقيقية. وانما على المبادئ الصهيونية القائمة على ان اليهودية هي فوق كل شيء. وهنا بالطبع تتعارض الديقراطية المروج لها عبريا، مع اي شكل يبطل تلك الافكار. عندها الديمقراطية تصبح يهودية واليهودية ديمقراطية، وهذا شأن الاحزاب السياسية ايضاً في "إسرائيل" وكل ما سواها يبقى خارجا عن الديمقراطية(6). الإعلام العبري هو بحد ذاته إعلام مقاطع للعرب والفلسطينيين ويمارس بحق قضينا وبحقنا المعادلة التالية «العصى أو الجزرة «.

 

* الديمقراطية الإعلامية الإسرائيلية المزعومة :

الإعلام الذي تمارسه "إسرائيل" هو احتواء الاشياء وكل الاشياء، احتواء دور التيارات السياسية والديمقراطية والقومية والوطنية والنيابية في الداخل والخارج(7)، الإعلام الذي يمارس ويحلل مواضيع مختلفة بعيدا عن الواقع والمنطق مثلما يقال: «ماذا يرد الفلسطينيون في اراضي 1948، ما هي السلطة التي يجب ان تقوم في اراضي 1967، هؤلاء نواب عرب في الكنيست الإسرائيلي، وزراء عرب أيضا في الحكومات الإسرائيلية، وهذه مظاهرات عربية تؤيد أو تعارض، واحزاب عربية مختلفة في الدولة من ناحية. ومن ناحية اخرى نرى كيف يمارس الإعلام ديمقراطيته في زرع الدسائس واختراعها بوجه التيارات الديمقراطية العربية وضد شخصياته وقيادته السياسية والوطنية بواسطة تزييف وتزوير الحقائق والاقوال والمعلومات الذي يبثها وينشرها بصورة مغيرة للواقع ومن واقع عالم الخيال. وهنا لابد للإعلام الإسرائيلي ان يروج لاعتبار حركة الشيخ رائد صلاح حركة ارهابية ويجب معاقبتها وحلها وطرد الشيخ صلاح من اراضي «الدولة». ذنب الشيخ صلاح بانه جاء للدفاع عن الاراضي المقدسة ومسجدها الشريف من تدنيس الصهاينة والصهيونية.

الدعاية الموجهة ضد الفلسطينيين مثلا تقول تسيبي ليفني في جلسة الكنيسة الإسرائيلي بتاريخ 28-12- 2008، لاخذ الموافقة على حرب غزة في اليوم الاول للمجزرة اليهودية: «اخرجوا هؤلاء النواب(8) -اي النواب العرب- إلى خارج القاعة لعدم التشويش على الجلسة « امام كاميرات الصحافة، وفي فترة البث المباشر على المحطات الفضائية اثناء النقل لوقائع الجلسة البرلمانية، اذا... اين هي ديمقراطية «إسرائيل» الإعلامية والسياسية في مجتمع يعتبر فيه سكان 1948 الفلسطينيون جزءاً من تركيبة الدولة والكيان العبري ولهم الحق في التعبير عن رأيهم ورفع صوتهم عالياً لانهم يدفعون الضرائب لخزينة الدولة، في هذا المجتمع الإسرائيلي... لكننا نجد ردا إسرائيلياً يومياً معللا لكل الذي اشرنا اليه.

إن اهم إنجاز تم تحقيقه على المستوى العربي العام في الرد على الإعلام العبري، ومناجاة الصوت الفلسطيني والتوجه نحوه، هو وجود الفضائيات العربية وتطورها، التى من خلالها تم البدء بمخاطبة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وعن طريق الاستفادة من تطور التقنية الإعلامية والفضائية والربط الاصطناعي من الخارج وربط الداخل بالخارج لان الداخل يعيش داخل سجن واسع جدا... ونحن بعيدون جدا عن معاناتهم وهمومهم.

لنعمل معا جميعا من أجل ايجاد افضل تقنية إعلامية للربط مع عرب الداخل، وإلى تطوير كل وسائلنا الإعلامية والدعائية في الرد على الإعلام العبري وكبح كل تبجحاته واكاذيبه المفبركة. كفى أن نعمل ضد بعضنا البعض في قنواتنا العربية واعلامنا المختلف وترك الفضاء الإعلامي مفتوحا للاعلام الصهيوني، والشعب الفلسطيني لقمة سهلة له.

________

1- د.حامد ربيع،فلسفة الدعاية الإسرائيلية، منظمة التحريرالفلسطنية، بيروت، 1970 الطبعة الاولى، ص 40-47-52.

2- رفيق سكر، دراسة في الرأي العام والإعلام والدعاية، بروس برس، بيروت، 1983، ص 118.

3- أمجد احمد جبريل، تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة: نمط جديد من التفاعلات في المنطقة أم استمرار الوضع السابق، مجلة شؤون عربية القاهرة، عدد137 ربيع 2009، ص 41-57.

4- لمباريات الفاصلة، التي قامت في السودان بين الجزائر ومصر في 18-11-2009. من اجل التأهل لبطولة العالم بكرة القدم في جنوب افريقيا عام 2010 والمؤسف وقوع الفريقين العربيين.

5- خالد العزي، " صوت إسرائيل" باللغة الروسية انفصام بين الصدر والاقامة، جريدة السفير اللبنانية، 6-6-2001، ص21.

6- د.عزمي بشارة، من يهودية الدولة حتى شارون دراسة تناقض الديمقراطية الإسرائيلية، دارالشروق القاهرة، 2005، ص 230-224.

7- المرجع نفسه ص 239.

8- اسعد التلحمي، جلة الكنيس الإسرائيلي، جريدة المستقبل، بيروت، 29-12- 2008.

*كاتب صحافي وباحث إعلامي ،ومختص بالإعلام السياسي والدعاية

Dr_izzi2007@hotmail.com

========================

الحرب النفسية

مجاهد مأمون ديرانية

لو أننا حاربنا النظام بالسلاح فإنه سوف يحاربنا بالسلاح، وبما أن سلاحه أقوى وأكثر من أي سلاح يمكننا امتلاكه فلا بد أن يَهزم سلاحُه سلاحَنا، لكننا نتفوق عليه بالأعداد؛ نحن كثيرون وهو وجنوده وعبيده قلّة، فلماذا لا نبتدع أسلحة نستفيد فيها من كثرتنا لنغلب بها قلّتَه، أسلحة لا يستطيع انتزاعها من أيدينا ولا يستطيع منعنا من استعمالها ضده، ومع ذلك فإن أثرها فيه شديد؟

هذه المقالة إعلان حرب؛ سوف نبدأ بشن الحرب على النظام منذ اليوم، ليس حرب الميادين التي هي حرب أسلحة لا طاقة لنا بها، بل الحرب النفسية التي هي حرب عقول وقلوب، فلئن كانت أيدينا قاصرة عن السلاح وعدوّنا متفوقاً علينا به فإنه لن يتفوق علينا بالعقل والإرادة إن شاء الله، ولن يستطيع أن يسلبنا سلاحنا الذي قررنا أن نحاربه به حرباً منظمة شاملة، إنه سلاح لا طاقة له بالرد عليه لأنه سلاح خفي لا يراه. لا تستهينوا بهذه الحرب، إن أعظم القادة العسكريين يحرصون على التخطيط الجيد لها قبل التخطيط للمعارك الفعلية، حتى إن الجنرال مونتغمري (الذي هزم رومل في العلمين وصار من أشهر القادة العسكريين في التاريخ) يعتبر أن ربح المعركة النفسية هو الطريق إلى ربح المعركة العسكرية، يقول: “إن المعارك تُحسَم في قلوب الرجال قبل أن تُحسم على الأرض”.

تعالوا نتعاون في ابتكار خطة وأسلحة وأدوات الحرب، ولكن لاحظوا أولاً أمراً مهماً: إن الحرب النفسية تحتاج إلى تركيز كالحرب الحقيقية تماماً. لو شنّت دولةٌ من الدول الحربَ على أخرى فإنها تخترق حدودها من ثلاثة محاور أو أربعة، لا يُعقل أن تهاجمها عبر كل ميل من الحدود المشتركة بينهما لأن الجيش يتشتت في هذه الحالة ولا يبقى له أثر. وهكذا فنحن في حربنا النفسية مع مرتزقة وعبيد النظام سوف نركز هجومنا على عدد محدود من المحاور، ولكننا سنبدع -بإذن الله- في تركيز الحملة واستثمار كل أداة ممكنة لتنفيذها. أقترح أن نركز على المعاني التالية في حربنا ضدهم:

(1) الثورة أقوى منكم ومن أسلحتكم، لن تستطيعوا قهرها بإذن الله: إنكم تحاربوننا بكل القسوة والإجرام منذ ستة شهور، هل استطعتم أن توقفوا الثورة الشعبية؟ لن تستطيعوا ولو مارستم القتل والتنكيل مئة سنة بإذن الله لأننا أقوى منكم.

(2) الثوار أشجع منكم ومن نظامكم: إنكم تواجهون الجماهير التي تخرج بلا سلاح بالرصاص والقتل والاعتقال والتنكيل، هلاّ واجهتمونا مواجهة الرجال الشجعان، مواجهة رجل لرجل؟ لن تفعلوا لأنكم أجبن من أن تفعلوا.

(3) النظام السوري يقترب من حتفه، أنتم خاسرون وزائلون: العالم كله يقف اليوم ضد النظام، إنه نظام ضعيف وحيد معزول لا أمل له بالبقاء وسوف ينهار قريباً، وعندما يسقط النظام تغرق سفينته بكل من فيها، كل من ساعد النظام ووقف معه سوف يخسر المعركة. أنتم أول الخاسرين.

(4) سيتخلى رؤساؤكم عنكم وتبقون وحيدين: رأس النظام وكبار معاونيه يخونون أتباعهم دائماً ويتخلّون عنهم عندما يخسرون. سوف يهربون ويتركونكم وراءهم لتواجهوا سوء المصير.

(5) سوف تحاكَمون قريباً على جرائمكم وينفَّذ فيكم حكم العدالة: الثورة وثّقت جرائم النظام وحصرت المجرمين بالأسماء، وبعد سقوط النظام سيحاكم الشعب كل المسؤولين الذين شاركوا في الجريمة، وعلى رأسهم عناصر أجهزة الأمن الذين قتلوا وعذبوا الأبرياء.

الأفكار السابقة مجرد مقترحات، ومن وجد أصلح منها فلا يتردّدْ في استعمالها. المهم أن نهاجمهم بها هجوماً مركَّزاً وأن نستغل كل وسيلة متاحة في الهجوم. أقترح بعض الوسائل وأترك لخيالكم المبدع ابتكار غيرها:

(1) أبرزوا الأفكار السابقة في المظاهرات، احملوها في اليافطات العريضة أو رددوها في الهتافات.

(2) رشّوها على الجدران بالخط العريض (كما يصنع “الرجل البخّاخ” في إبداعاته).

(3) ادخلوا إلى صفحات العبيد والعملاء واملؤوها بالتعليقات. أنا أصنع ذلك بين وقت وآخر، أحياناً أدخل إلى صفحة من صفحاتنا فأجد أنهم سرقوها أو اخترقوها، فلا أغادرها حتى أعلّق فيها بما يفتحه الله عليّ (ضمن المعاني السابقة)، وأحياناً أصل مصادفةً إلى صفحة من صفحات الأعداء، فإذا كنت في فسحة من وقتي فإنني أسجل إعجابي بالصفحة وأعبث بهم قليلاً ببعض التعليقات، ثم ألغي الإعجاب وأنصرف في حال سبيلي.

(4) لو استطعتم أن تصلوا إلى أرقام هواتف مجرمي النظام -كبارهم وصغارهم- أو عناوينهم البريدية فشنّوا عليهم الحرب من خلالها. هذا الأمر صنعه بعض الثوار غيرَ مرة، وقد سمعت تسجيلات صوتية لاتصالات مستفزّة مع بعض الأبواق الإعلاميين وبعض ضباط الفروع الأمنية، كانت ظريفة جداً وأغضبتهم تماماً. ومرة قرأت لواحد من نشطاء الحرب النفسية تقريراً موجزاً بما يصنعه هو وجماعة من أصحابه، بارك الله فيه وفيهم، قال: “أنا أقوم بالاتصال أكثر من عشرين مرة يومياً ببعض مخافر الشرطة في أنحاء سوريا لتوعيتهم وإطلاعهم على حقيقة ما يجري من القتل والتنكيل الذي تمارسه أجهزة الأمن بحق الشعب السوري الأعزل، وأقول لهم بأن ما تصنعونه في مدينة ليست مدينتكم وبأهل ليسوا أهلكم في مكان خدمتكم هناك عناصر مثلكم في مدينتكم وقريتكم قد يمارسون بأهلكم نفس الشيء، فاتقوا الله في أهليكم. إضافة إلى أنني أقوم مع مجموعة كبيرة جداً بنشر نفس هذه الحملة التوعوية لكل من نعرفه من أهالي وأصدقاء وأقرباء وأبناء المجندين في الجيش العربي السوري”.

أنا نفسي أتيحت لي ذات مرة فرصة لم أستطع تجاهلها، فقد قرأت في صفحة شبكة أخبار حلب وإدلب قبل شهرين تحذيراً من استعمال عنوان بريدي لأن المخابرات استولت عليه، فكتبت رسالة وجهتها إلى “عناصر المخابرات الذين سيقرؤون تلك الرسالة” قلت لهم فيها إنني سررت جداً بقراءة ذلك الخبر لأنني أبحث من وقت طويل عن وسيلة للتواصل معهم، وحيث إن تلك الرسالة ستصل إليهم فلا بد أن يقرؤوها… وبعدما ركزت على المعاني السابقة ختمت رسالتي بنصيحة صغيرة، قلت لقارئها: لو كنت مكانك لخرجت من الفرع فوراً وأوقفت أول سيارة أجرة فذهبت إلى بيتي ولم أتركه حتى يسقط النظام، لعل انسحابي المبكر (نسبياً) من جهاز الأمن سيخفف من عقوبتي بعد انتصار الثورة.

* * *

لنركز -أخيراً- على واحدة من أهم أدوات الحرب النفسية، وهي الإشاعة. إنها سلاح الضعفاء، لا تكلف إلا صياغتها بشكل جيد وإطلاقها أول مرة، وبعد ذلك ستمشي وحدها وتنتشر في الناس، العدو منهم والصديق على السواء، فأما الصديق فإنه يُسَرّ بها وترفع معنوياته، وأما العدو فتصنع فيه العكس.

النظام يستخدم ضدنا هذا السلاح ويسخّر من أجله آلته الإعلامية وعملاءه الكثيرين، فلنردّ عليه بالمثل. لقد تتبعت عدداً من الأخبار المخيّبة للآمال خلال الشهور الماضية، ووجدت دائماً أنها تصدر من مواقع حكومية أو موالية، فتيقنت أنها إشاعات يلعبون بها بأعصاب الثوار ومعنوياتهم. منها ما أشيع قبل مدة عن حوادث اغتصاب وقعت في مخيمات اللاجئين في تركيا، ولما كان هذا الخبر مُنكَراً بحيث يصعب تصديقه فقد أتعبت نفسي في تعقبه في الشبكة فوجدته -كالعادة- منسوخاً في عشرات أو مئات المواقع والصفحات، وبعد بحث مُضنٍ وجدت أن أصله خبر منشور في موقع من مواقع النظام (أي من مواقع الشبيحة الإلكترونيين)!

هذا السلاح الفعال سلاح فردي، أي أنه لا يحتاج لإطلاقه إلاّ إلى شخص واحد يصوغ إشاعة مُحكَمة ثم يطلقها بأي طريقة كانت، تعليقاً في أحد المنتديات أو في واحدة من صفحات الفيسبوك أو تغريدة عبر تويتر، يمكن أن يُسِرّ بها فقط إلى صديق والصديق سينقلها إلى غيره فتنتشر بسرعة، والنساء أفضل في هذا من الرجال (بلا حساسيات بالطبع) ويمكنهنّ أن يستعملنَ هذا السلاح بفعالية أكبر. المهم أن يبقى تداول الإشاعات بين الأفراد ولا تتبناه صفحات ومواقع الثورة حفاظاً على مصداقيتها، ولكن لا مانع من استغلال تعليقات الأعضاء لنشرها لأن إدارات الصفحات ليست مسؤولة بالضرورة عن صحة كل ما يكتبه الأعضاء والقرّاء.أعصاب

الإشاعات التي يمكننا اختراعها لا حدود لها، المهم أن تشترك كلها في أهداف الحرب النفسية، وهي إضعاف المعنويات، ودفع العدو إلى اليأس، وتشكيك أطراف العدو بعضهم ببعض والإيقاع بينهم… أيّ إشاعة تضعف النظام ستكون مناسبة جداً. ولا حاجة لأن تكون الإشاعات كلها مخترَعات، بل كثيراً ما يناسب أن نلتقط طرف خبر صحيح أو جزءاً من قصة حقيقية ونشتغل بترويجها وإذاعتها طالما أنها تؤذي العدو وتضعفه. هذه بعض الأمثلة، وهي قليل من كثير جداً يمكن أن تتفتّق عنه خيالات الثوار:

(1) بشار الأسد يعاني من انهيار نفسي، سمعت أنه تحت المراقبة الطبية وأن طبيبه منعه من اللقاءات والزيارات، وأنه يتناول سبعة أنواع من المهدئات.

(2) يقال إن أسماء تعيش في رعب قاتل بسبب اقتراب الثورة من الانتصار وتلحّ على زوجها بالإسراع بمغادرة سوريا قبل أن تزداد الأمور سوءاً.

(3) وصلني من مصادر من داخل القصر الجمهوري أن الخلافات تزايدت مؤخراً بين بشار وماهر وكل واحد يلوم الآخر على النتيجة التي وصلت إليها الأمور، ويقال إنهما يتبادلان التهديد والشتائم.

(4) علمت من مصدر موثوق أن هشام بختيار (الذي يترأس مكتب الأمن القومي) يلحّ على الرئيس الأسد لإقالة اللواء عبد الفتاح قدسية رئيس شعبة المخابرات العسكرية، وذلك بسبب فشله في احتواء الانشقاقات المتزايدة في الجيش.

(5) تسريبات مؤكدة تقول إن أحد كبار قادة الأجهزة الأمنية قد التقى سراً بالسفير الأميركي وأن الطرفين ناقشا خطة لتنفيذ انقلاب على القيادة السورية الحالية.

(6) بعض الأصدقاء العلويين المطّلعين أكدوا لي أن عدداً من كبار ضباط الطائفة العلوية جهزوا خطة للتخلص من عائلة الأسد، وذلك لحماية الطائفة من سقوط النظام الذي يقولون إنه بات قريباً جداً.

(7) علمت من مصادر موثوقة في مطار دمشق أن كبار الضباط والمسؤولين يهرّبون زوجاتهم وأولادهم خارج البلاد، ويبدو أنهم يستعدون للهرب هم أنفسهم في أقرب وقت والتخلي عن الضباط الصغار والعناصر والأفراد.

(8) قال لي موظف كبير يعمل في المصرف المركزي إن عدداً من الأشخاص الكبار حولوا أموالاً كثيرة إلى الخارج مؤخراً، وأنهم يستعدون لمغادرة البلاد هرباً من الثورة المتنامية.

أكثروا من الإشاعات وأطلقوا منها العشرات كل يوم. المهم أن تركز الإشاعة على نقطة ضعف، ولتكن واضحة وقصيرة، ومما يقوّيها أن تطعَّم ببعض الأسماء ولا سيما أسماء الكبار. استعينوا بالإشاعات مع أدوات الحرب النفسية الأخرى لإضعاف النظام والضغط عليه، ولتشكيك الموالين بسلامة موقفهم وتخويفهم من المستقبل. إن الإشاعات رصاصٌ مجاني يملك كل شخص إطلاقه بأمان، صحيح أن الذي يطلق تلك الرصاصات لا يبصر مصرع خصمه، لكنها رصاصات تصيب أهدافها بالتأكيد بإذن الله.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ