ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 22/09/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

حتى لا يصبح التشدد خياراً: من يحمي الأكثرية من طغاة الأقليات

حسان القطب

مدير المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات

hasktb@hotmail.com

الكثير من السياسيين والإعلاميين ورجال الدين في لبنان وسوريا يتحدثون عن التشدد والتطرف وعن ضرورة مواجهته ومكافحته، وعن خطورته وتداعياته ونتائجه، وبعضهم يحذر الانزلاق إليه، وآخرون يحذرون من وصول المتطرفين للسلطة حتى لا ينفجر الوضع السياسي والأمني في المنطقة مما يسمح بتدخل دولي وإقليمي في دول شرقنا العزيز، وحدوث فوضى تودي بالحياة السياسية والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وتؤدي إلى تفتيت النسيج العرقي والديني، والخبثاء منهم من يستغلون مخاوف بعض المواطنين في الداخل من أفكار وأطروحات بعض المتطرفين للتحريض عليهم أو لدفعهم لتجاهل أخطاء النظام وما يرتكبه والتمسك به والحفاظ عليه كخيار وحيد وأوحد رغم مساوءه.. ولتحذير الدول الغربية وغيرها وإفهامها بوضوح أنهم وحدهم ضمانة الاستقرار في المنطقة، ومحاسبتهم على سلوكهم والرغبة في تغييرهم أو التخلي عنهم معناه انتقال السلطة من أنظمة ديكتاتورية تحكمها أقليات دينية أو سياسية أو أحزاب حاكمة بسلطة مطلقة إلى المتطرفين يؤدي حتماً إلى انفجار الوضع الأمني في الداخل بين فئات المواطنين، وانشغال العالم أجمع بمكافحة الإرهاب وخطر التطرف الذي لا يعرف مكافحته سوى هذا القائد أو ذاك الديكتاتور..وهذا ما لا يرغب العالم أجمع في رؤيته أو حتى التعايش معه..

لكن لم يتحدث احد من هؤلاء عن أسباب التطرف ونشأته، وما هي العوامل التي تدفع بعض المواطنين سواء من عامة الشعب أو من المثقفين للانخراط في هذا النهج وسلوك هذا الطريق. أليست السياسات الظالمة التي ينتهجها هذا الحاكم أو هذا الحزب أو هذه الأقلية الدينية أو الأكثرية الدينية، هي السبب، فالتطرف ليس حكراً على الطائفة السنية كما ذكر البعض في خطبهم الأخيرة، وحركات التغيير الإسلامي وغير الإسلامي التي انخرطت في العمل السياسي ورفضت حمل السلاح في ثورة مصر أو في ثورة سوريا الناهضة اليوم لتحقيق التغيير المنشود نحو الديمقراطية والتعددية لا يمكن اتهامها بالتطرف ولا يمكن القول أن ما تعرضت له على امتداد سنوات من التغييب والتهجير والسجن والتعذيب وأحجام الإعدام بحق ناشطيها كانت بهدف إنساني وسياسي نبيل، بل من الضروري الاعتراف بأن هذه الحركات قد تجاوزت جراحها وآلامها وعذابات مؤيديها وانخرطت في ثورة سلمية تواجه أقلية دينية تحكم سوريا باسم العلمانية ومتحالفة مع دولة دينية مذهبية ديكتاتورية هي دولة إيران تؤمن لها الدعم والمساعدة للاستمرار في قمع شعبها وتأمين استقرارها والاستمرار في السلطة لا لخدمة شعب سوريا وطموحاته بل لتحكم من خلالها ليس شعب سوريا فقط بل لبنان والأردن وفلسطين أيضا؟ً؟؟

كما لم يتحدث أحد من هؤلاء عن التطرف من حيث مفهومه وطبيعة ممارساته، فالتطرف ليس ممارسة أو فعل تقوم به طائفة أو أتباع دين أو مذهب محدد بعينه أو مناصري حزب سياسي دون سواه.. منظمة (بادر ماينهوف) الأوروبية مارست التطرف والعمل الإرهابي في دولة ألمانيا الغربية إبان فترة الحرب الباردة في السبعينات وهي تحمل الفكر اليساري الماركسي.. ومنظمة الألوية الحمراء مارست التطرف ونفذت تفجيرات في اليابان لسنوات خلال القرن المنصرم.. وحزب الدعوة الإسلامي الشيعي مارس التطرف والعمل العسكري ضد نظام البعث في العراق قبل وخلال عهد صدام حسين، بهدف تغيير النظام وتحويل العراق إلى دولة دينية، واليوم قد ارتضى هذا الحزب أن يتسلم بالفعل السلطة في العراق ورئيس وزراء العراق الحالي هو نوري المالكي أحد قادةحزب الدعوة في العراق .. وحكومته جاءت تحت وصاية الدبابات الأميركية وتحظى برعاية بريطانية وموافقة ودعم إيراني وصمت مطبق نحو المالكي وحزبه من قبل حزب الله اللبناني الذي يحارب الشيطان الأكبر وحلفائه في لبنان وسوريا والكويت والبحرين وغزة، إلا في العراق..

وإذا كانت حركات التحرر في سوريا حركات إرهابية وهي لا تملك ميليشيا مسلحة، إرهابية أو أنها تشجع التطرف، فما هو تقييم وتوصيف حركة بدر الشيعية المسلحة، وجيش المهدي وعصائب أهل الحق وحزب الله في العراق..؟؟ أليست كلها حركات مسلحة وذات طابع ديني ومذهبي..؟؟ وكيف اتفق أنها لا تشكل خطر على الأقليات الدينية في العراق ودول الجوار بينما حركات الانتفاضة السورية وضعها مختلف..؟؟ أليس حزب الله في لبنان هو حزب ديني ويمثل قوة ضاربة لأقلية دينية في لبنان والمنطقة وسبق له أن قام بعمليات على أراضي الدول العربية وفي الكويت تحديداً خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي (مصطفى بدرالدين)واستعمل السلاح في الداخل لحماية السلاح.. وهو يعلن صراحةً تأييده لنظام سوريا ومظاهرات البحرين والحوثيين في اليمن ويؤيد سياسات إيران في المنطقة مهما كانت تداعياتها..؟؟ ولو كان الشعار العلني المرفوع وهو(المقاومة) فقط لما كان هناك من ضرورة ليتورط هذا الحزب أو غيره في مواقف من هذا النوع .. إذ إن مشروع المقاومة لا يتطلب تأييد الحوثيين في اليمن أو معارضتهم وكذلك البحرين ونظام سوريا.. اللهم إلا إذا كان هناك تقاطع ديني ومذهبي وسياسي بين هذه الحركات وأهداف التحركات.. والموقف الإيراني من سوريا والذي اتخذ بعداً دينياً ألا يعتبر إشارة خاطئة للشعب السوري والدول المحيطة..حيث..(أكد المرجع الإيراني ناصر مكارم شيرازي ضرورة مساعدة سوريا لدعم الاستقرار في البلاد من أجل إفشال ما أسماه "المخططات الإجرامية")..في فتوى تؤكد أن دعم سوريا واجب ديني..كما ذكر المصدر..

فمن هو إذاً من يعطي الشعور والانطباع بأن ما يجري في المنطقة من انتفاضات ضد الظلم والقهر والديكتاتوريات والأحزاب الشمولية، هي حركة دينية طائفية ومذهبية تستهدف طائفة أو دين أو عرق.. من هو اللبناني أو العربي الذي لا يعرف ظلم النظام السوري وجبروته وديكتاتوريته..؟؟ اللبناني والفلسطيني هو أكثر من يدرك عظيم معاناة الشعب السوري، ملف المفقودين اللبنانيين والفلسطينيين في السجون السورية هو خير دليل على الظلم الذي عاشه الشعبين نتيجة سياسات هذا النظام، والمؤيدين له والمدافعين عنه إنما يخافون أن يفتح هذا الملف، لأنهم كانوا شريك جدي وفاعل في رسم وتنفيذ سياسات هذا الحزب وسلطته.. الترهيب من خطورة وصول المتطرفين إلى السلطة لا يمنعه ولا يوقفه سواء قيام نظام تعددي يحقق العدالة ويحترم إنسانية الإنسان ويحفظ كرامة المواطن وحقوقه.. وما نراه على شاشات التلفزة من اعتداءات على المواطنين في سوريا والعبارات المؤلمة التي تستعمل تدفع الناس للتطرف وبشدة، فما هي أهمية الطلب من مواطن أو طفل معتقل يضرب بشدة ليقول (ربي الأسد) سوى دفع الناس للتطرف وتصوير أن الصراع ديني، أو تحويله إلى ديني.؟؟ رغم أن معظم الشعارات والتصريحات واليافطات التي ترفع من قبل المتظاهرين تنادي بالحرية والعدالة والمواطنة واحترام حقوق الإنسان.. وإقامة الدولة المدنية التعددية التي تحترم الأحزاب والإعلام الحر وتعمل على إنشاء دولة مدنية.. التطرف ليس فكر أو عقيدة، كما انه ليس دين.. بل فعل يمارس كردة فعل على ظلم أو قهر أو حرمان يطال شعب أو فئة أو شريحة عرقية أو دينية أو أثنية، أو قد يستهدف أحزاب سياسية ومناطق جغرافية معينة.. وقد تمارسه أية مجموعة من تلك الأنفة الذكر..

 ألا يؤدي تهديم المساجد في سوريا إلى تأجيج الصراع الديني..؟

ألا يؤجج اتهام المتظاهرين في سوريا بالعمالة والتآمر وهم المطالبين بحريتهم في دولة ذات سيادة من قبل وسائل إعلامية محسوبة على دولة إيران بتصعيد التوتر وتأجيج الصراع.. ألا يعتبر اتهام الشعب السوري بالانخراط في مؤامرة على فلسطين ووحدة الأمة العربية محاولة لتسخيف تضحياته واستهتاراً بشهدائه سواء على جبهات الصراع في الجولان أو في الداخل في مواجهة آلة القتل الرسمية.. ألا يظن من يروج الإشاعات والفبركات الإعلامية عن تدخل خارجي ومؤامرة خارجية على نظام سوريا استهزاءاً بمطالب الشعب السوري وتطلعاته المشروعة.. ألا يعتبر أن الحديث عن وجود سلاح غير شرعي في سوريا من قبل إعلام حزب الله وحركة أمل قمة السخافة وهم من يملك ترسانة من الأسلحة غير الشرعية.. ألم نأخذ العبرة بعد من أن حكم الأقليات لا يمكن أن يشكل ضمانة، وأن سيادة الدولة والقانون والعدالة الاجتماعية والتعددية هي وحدها الضمانة للجميع.

لذلك لا بد من القول: أن طغيان الأقلية ومفهوم الأقلية وحماية الأقليات وتحالف الأقليات، لا يمكن أن يؤدي إلى الاستقرار ولو امتلكت الأقلية السلطة كما في سوريا والسلاح كما في لبنان، لأن ما شاهدناه وعشناه هو طغيان هذه الأقلية على الأكثرية بحجة حماية وجودها واستقرارها وضمان بقائها.. وهذا غير صحيح البتة.. فالخوف لا يعالج بالظلم، والاستقرار لا يتوفر بالدولة الأمنية ولا بالسلاح، وإذا كانت الأقليات خائفة على مصيرها فهو بسبب ممارسات بعض قادتها الذين يضعونها في مواجهة الأكثرية لحماية مكتسباتهم ونفوذهم، ولأن الضغط يولد الانفجار وبما أن الحماية لم تتوفر للأكثرية من طغيان وفساد الأقلية، ولأن البعض يروج لتحالف الأقليات ويعبر عن الخوف من الأكثرية مطالباً بسيطرة واستمرار حكم الأقلية رغم بطشها وفسادها، فإن من الممكن أن يتحول البعض فعلاً إلى التطرف نتيجة هذه التصريحات والمواقف والممارسات..وحينها من يحمينا من بعضنا البعض، ومن يكون سبباً في تأمين المناخات والظروف المناسبة للتدخل الدولي...؟؟

========================

ليس دفاعاً عن استحقاق أيلول

د. مصطفى يوسف اللداوي

رغم أنني أشعر بأن قرار السلطة الفلسطينية بالتوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية ليست خطوةً حكيمة، ولن تخدم الشعب الفلسطيني كثيراً، ولن تغير من واقع الحال شيئاً، بل قد تؤسس لمرحلة جديدة، يكون المجتمع الدولي شاهداً عليها، وراعياً لها، إذ أنه في الوقت الذي قد يعترف فيه بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران، ويشهد أنها تخضع للاحتلال من قبل دولةٍ أخرى عضو في الأمم المتحدة، فإنه في الوقت نفسه يؤكد على اعتراف الشعب الفلسطيني بلسان سلطته الوطنية بالدولة الإسرائيلية على حدود خطوط الهدنة لحرب عام 1948، وهو ما لا يجمع عليه الفلسطينيون، وما لا يقبلون به، كما أنه لا تستطيع الأمم المتحدة أن تجبر إسرائيل على الانسحاب مما تسميه أرضاً محتلة، ومما ستعترف به بأنه دولة فلسطينية، وسيضاف هذا الاعتراف الفلسطيني الجديد إلى سلسلة الاعترافات الأخرى بشرعية الكيان الصهيوني على أرضنا الفلسطينية، والتي لم تبدأ برسائل الاعتراف الشهيرة بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة السورية قبل عقدين من الزمان، بل تواصلت لتزيد في حجم الأغلال والقيود التي تكبل الفلسطينيين أمام المجتمع الدولي.

ألا ترون أنه على الرغم من أن هذه الخطوة ليست في صالح الشعب الفلسطيني، وأنها ستزيد في تمزقه وتشتته، وستعمق خلافاته وتناقضاته، وستورث أبناءه اختلافاً جديداً، وتناقضاً أشد، وأنها ستخدم الكيان الإسرائيلي كثيراً، وستجمل صورته أمام المجتمع الدولي، وستحقق له بعض الاستقرار والهدوء، وستؤمنه في الجزء الأكبر من الأرض الفلسطينية، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية يرفضون تأييد هذه الخطوة، ويضغطون على السلطة الفلسطينية ورئيسها للتراجع عنها، وعدم الإقدام عليها، ويخيرونه بين التراجع أو استخدام حق النقض ضدها، للحيلولة دون التصويت الإيجابي عليها، وقد بدأوا أكبر حملة دبلوماسية للحيلولة دون حصول مجموعة الدول العربية والسلطة الفلسطينية على الأغلبية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، رغم يقينهم بأنها محض خيال حالم، وسراب ظمآن.

ألا يثير الموقف الأمريكي والأوروبي الرافض لهذه الخطوة الاستغراب والاستهجان، ويدفعنا لمزيدٍ من التساؤل الغريب، أهم حريصون على المصالح الوطنية الفلسطينية، وهل يخافون من ضياع الحقوق الفلسطينية، ويخشون على الشعب الفلسطيني التفريط في ثوابته، أم أنهم يدركون أن اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية يعني تأكيد اعترافها بالدولة العبرية، والمصادقة رسمياً على صك التنازل عن الجزء الأكبر من أرض فلسطين التاريخية، ولكن هذه المرة بلسان بعض أهلها، وتوقيع سلطتها الوطنية، أم أنهم يعتقدون أن تصويت الأمم المتحدة الإيجابي على الدولة الفلسطينية سيكون تصويتاً على دولة وهمية صورية ليس لها وجود على الأرض، ولا مكان على الخارطة، ولا اسم في أطلس الدول، ومن هذا المنطلق فإنهم يتوسلون إلى رئيس السلطة الفلسطينية تجميد خطوته آنياً، وتأجيلها إلى وقتٍ أفضل، تكون فيه المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية قد انطلقت من جديد واستعادت عافيتها، وتغلبت على بعض العقبات والصعاب التي تعترضها، وتكون فيه الحكومة الإسرائيلية جاهزة وقادرة على منح الفلسطينيين ما يريدون، وما يعتقدون أنه يتناسب وأحلامهم وطموحاتهم، إنهم يرفضون تأييد هذه الخطوة البئيسة لأن الحكومة الإسرائيلية ترفضها، وتعتقد أن بإمكانها تحقيق المزيد من المكاسب، وتجريد السلطة الفلسطينية من المزيد من الأحلام والآمال، فلماذا يقبلون بما لا يقوى الفلسطينيون والعرب جميعاً على تحقيقه أو نيله على طاولة المفاوضات.

ليس دفاعاً عن استحقاق أيلول ولكن ألا ترون أن الإدارة الأمريكية ودول أوروبا الغربية الذين يتباكون على الشعب الفلسطيني، ويدعون أنهم يؤيدون حقوقه، ويقفون إلى جانبه، ويساندونه في حقه ضد الإسرائيليين، ويسعون للنهوض باقتصاد سلطتهم، وتوفير الدعم المالي لهم، أنهم في الحقيقة لا يسعون إلا لصالح الكيان الصهيوني، ولا يخفون إلا لمساعدته، ولا ينهضون من أماكنهم إلا إذا كان الإسرائيليون في حاجةٍ إلى المساعدة والنصرة، فهم دوماً ينتظرون التعليمات من حكومة الكيان الإسرائيلي ليحددوا وجهتهم السياسية، ويوحدوا خطابهم الإعلامي، ويعرفوا كيف يتعاملون مع السلطة الفلسطينية والحكومات العربية، ألا ترون أن المصالحة الوطنية الفلسطينية التي هي خيار الشعب الفلسطيني وفي صالحه قد أخرجتهم عن طورهم، وأثارت حفيظتهم وسعرت غضبهم، ووصفت التوافق الفلسطيني بأنه خطر، والمصالحة الفلسطينية بأنها إرهاب، وخيرت رئيس السلطة الفلسطينية بين شريك السلام وبين حركة حماس.

مخطئ من يعتمد على الإدارة الأمريكية وحلفائها الغربيين، ويعتقد أنهم سينتصرون للشعب الفلسطيني، وسيؤيدونه في حقه، وسيقفون في مواجهة إسرائيل لمنعها من الاعتداء على الفلسطينيين والتغول عليهم، وسرقة المزيد من أرضهم، وحرمانهم من حقوقهم في ممتلكاتهم ومقدساتهم ومياههم، فإنني وإن كنت رافضاً لمسعى السلطة الفلسطينية بالتوجه إلى الأمم المتحدة لاستجداء وهمي لحقٍ في الخيال، لا رصيد له على الأرض والواقع، إلا أنني أرى أن هذا الحدث يكشف بوضوحٍ تام عن حقيقة المواقف الأمريكية والغربية تجاه القضية الفلسطينية، وزيف وعودها، وسراب ضماناتها، فهم ليسوا معنا وإنما هم مع إسرائيل، وهم لا يتبنون مواقفنا وإنما يتبنون المواقف الإسرائيلية، وهم لا يسعون لنيل حقوقنا، بل يحرصون على تمكين إسرائيل من السيطرة على المزيد من الحقوق الفلسطينية.

استحقاق أيلول الذي لا نؤيده ونعتقد أن مخاطره على الشعب الفلسطيني ومستقبله أكثر بكثير مما نأمل من منافعٍ ومكاسب، إلا أنه يكشف مرةً أخرى حقيقة المواقف الأمريكية والغربية، وينزع عنهم ورقة التوت التي يحاولون أن يتستروا بها، وأن يغطوا بها عوراتهم، ويوهموا الفلسطينيين أنهم معهم يناصرونهم ويؤيدونهم، ويقفون معهم وإلى جانبهم، ألم يعدوا الفلسطينيين منذ عهد ما قبل جورج بوش بدولةٍ فلسطينية، ألم يؤكد أوباما على خيار الدولتين، فلماذا تنكفئ الإدارة الأمريكية ومعها دول أوروبا الغربية عن مواقفها، وتبلع وعودها وتتراجع، وتتنكر لتعهداتها والتزاماتها، وتبدأ من جديد تغزل أثواباً سياسية لكن وفق المقاييس والمعايير الإسرائيلية، بما لا يستجيب ولا يلبي الحقوق والمصالح الفلسطينية، أليس في هذا دليلٌ وبرهان على أن الإدارة الأمريكية ودول أوروبا الغربية تبعٌ لإسرائيل، ورهن لإشارتها، يعملون لأجلها، يؤيدون مواقفها، ويعارضون ما يرون أنه لا يخدم مصالحها.

moustafa.leddawi@gmail.com

===========================

أزمةُ التعليم أزمةُ مصر!!

حسام مقلد *

hmaq_71@hotmail.com

لا شك أن التعليم في مصر يعاني أزمة عنيفة ومزمنة، وهي من أخطر وأعقد الأزمات التي ورَّثها نظام مبارك السابق للمصريين، بل أزعم أن أزمة التعليم هي أخطر الأزمات التي تهدد مستقبل مصر على الإطلاق، لأنها في الحقيقة أزمة مصيرية أو أزمة وجود دون أي مبالغة أو تهويل؛ وبسبب حدة وعمق هذه الأزمة المعقدة وتشابك أسبابها وتفاقمها بشدة في العقدين الأخيرين ربما حسب اليائسون أنها من تلك الأزمات المستفحلة التي تستعصي على العلاج!!

وللأسف رغم أهمية وخطورة أزمة التعليم وحساسيتها الشديدة إلا أن الكثيرين منا لا يكترثون لتظاهرات المعلمين، ولا يتعاطفون معهم، ولا يساندون إضراباتهم عن العمل عندما نراهم يتظاهرون ويُضربون، وقد يقف بعضنا موقفا سلبيا منهم ظنا منه أنهم يطالبون بمطالب فئوية تخصهم وحدهم وتتعلق بزيادة رواتبهم وتحسين أوضاعهم المعيشية، وربما اتهمنا بعض معلمي مصر بالجشع والطمع خاصة مع تفشي ظاهرة (أو بالأحرى كارثة...!!) الدروس الخصوصية التي تؤرق معظم الأسر المصرية وتستنزف أموالهم، لكن أبعاد أزمة التعليم في مصر أوسع كثيرا من مشكلة المعلمين ورواتبهم، ومن مشكلة الدروس الخصوصية التي ساهمنا جميعا في صناعتها وفي تفاقمها، فأزمة التعليم في مصر لا تقتصر على المعلم وحده بل تنقسم وتتشعب إلى أمور كثيرة، من بينها: المنهج الدراسي، وبيئة التعلم (المدارس) والأنشطة اللاصفية أو اللامنهجية، والتلاميذ (المتعلمين) والسياسات التعليمية، والاختبارات وأساليب التقويم...إلخ، وكل هذه العوامل ما هي في الواقع إلا انعكاس لمنظومة معقدة ومتشابكة من مختلف المشاكل التي تعاني منها مصر في كافة المجالات: الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فهذه المشاكل جميعها تلعب دوراً أساسياً في تفاقم أزمة التعليم في مصر حيث تؤثر فيها وتتأثر بها.

ومع تعدد عوامل وعناصر العملية التربوية والتعليمية إلا أن المعلم هو الركيزة الأساسية وحجر الزاوية في هذه العملية ولا ريب، ويبدو أن النظام السابق كان يتعمد تبديد طاقة المعلم وإهدارها فيما لا ينفع، وإشغاله دائما بالجري وراء لقمة العيش، وإغراقه في طوفان من الهموم والمشاكل والمتطلبات الحياتية؛ حتى يظل مشغولا دائما ولا يستفيق أبدا من هذه الدوامة، فلا يجد وقتا للقيام بواجبه كما ينبغي، ولا يؤدي رسالته على النحو الأكمل الذي يساهم في بناء الشخصية المصرية بناء حضاريا متكاملا ومتوازنا، ولا أدل على الرغبة في تشتيت المعلمين والسيطرة عليهم من قانون نقابتهم العامة وطريقة تشكيلها المختلفة تماما عن بقية النقابات المهنية الأخرى؛ لتظل منزوعة الفاعلية خاضعة لرقابة الحكومة رهينة لتوجهاتها وسياساتها التعليمية، وللموضوعية هناك خلل واضح أصاب أوضاع المعلم المصري في الآونة الأخيرة، ومن أبرز مظاهر ذلك ما يلي:

1. اقتصر دور أغلب المعلمين على الجانب التعليمي فقط، وغاب الدور التربوي بشكل ملحوظ في معظم الأحيان؛ وذلك لأن معلم اليوم  كغيره من أبناء المجتمع المصري  ابن عصره المادي المجحف، وهو رب أسرة في النهاية، وعليه واجبات والتزامات اجتماعية كثيرة، وراتبه لا يكفي للوفاء بعُشر هذه الالتزامات، وبالتالي كان عليه أن يفكر في زيادة دخله؛ فلجأ إلى الدروس الخصوصية، أو ممارسة أي عمل آخر إلى جانب عمله الأصلي، وطبعا كان ذلك على حساب نفسه وحساب أسرته وتلاميذه، ولكي يستطيع المعلم مواجهة ظروف الحياة ومطالبها تنازل عن معظم حقوقه الإنسانية في الراحة، والحياة الهادئة التي توفر له اللياقة الذهنية والنفسية وتجعله في قمة عطائه الإنساني في مدرسته ومنزله وحيِّه الذي يسكن فيه، وتحول بدلا من ذلك إلى آلة حية (من لحم ودم وأعصاب...) تعمل أكثر من ثلثي يومها، وتركض لاهثة في الثلث الأخير لشراء حاجيات المنزل، وأخذ قسط من الراحة، واقتناص دقائق معدودات لرؤية الأبناء والاطمئنان عليهم، وهذه الدوامة ليست فترة مؤقتة وتنتهي، وإنما تستمر طوال العام تقريبا، والمعلم شأنه في ذلك شأن الغالبية العظمى من المصريين أيا كانت مهنهم، فالكل يركض ويلهث ولا يدري أين ولا متى سيتوقف ليلتقط أنفاسه ويعيش الحياة الطبيعية التي أرادها الله تعالى لعباده، وبعد كل هذا الركض والتعب لا توجد فرصة ولا متسع من الوقت أمام المعلم ليمارس مهام عمله الأساسية التي جعلت البشرية تضعه في مرتبة من التكريم تلي مكانة الأنبياء والرسل عليهم السلام، وبالله كيف يمارس رجل مكدود الجسم والعقل، مكسور النفس والوجدان، محروم من نعمة الصفاء الذهني  كيف يمارس دورا ذا بال في بناء النفوس، وصناعة الأجيال، وتشييد العقول العظيمة والهمم العالية؟!

2. هناك نسبة غير قليلة من المعلمين لم يختاروا ممارسة هذه المهنة عن حب وقناعة، وإنما بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها مصر؛ إذ يُقبلون عليها كوظيفة مضمونة بدلا من الانتظار سنوات طويلة في صفوف البطالة.

3. مع الأسف لا تزال مهنة التربية والتعليم مهنة من لا مهنة له، وكثيرا ما نجد دولتنا المظفرة تعالج مشكلة البطالة على حساب التربية والتعليم، فنجدها تعيِّن آلاف الخريجين من الكليات غير التربوية في وزارة التربية والتعليم، والأدهى أنها توكل إليهم تدريس مواد علمية ليست من صميم تخصصاتهم، فلا يكون الشخص مؤهلا (لا نفسيا ولا علميا...!!) لممارسة هذه المهنة الشريفة، وأبناؤنا وبناتنا هم من يدفع الثمن!! (وكم من خريجي كليات الآداب قسم علم النفس أو علم الاجتماع وقد صاروا معلمي لغة إنجليزية!! وكم من خريجي كليات الزراعة وقد صاروا معلمي أحياء أو كيمياء!! وكم من خريجي كليات التجارة والحقوق وقد صاروا معلمي مواد دراسية مختلفة...!!) وليت هؤلاء تم إعدادهم وتأهيلهم فعليا لممارسة مهنة التربية والتعليم، بل حتى الدورات التربوية البسيطة التي تعطى لهم تكون غير كافية، ويأتون إليها وهم غير مقتنعين بجدواها أصلا!! وفي الحقيقة يكون الأمر مجرد باب رزق لهؤلاء، وما يلبث الواحد منهم حتى يبحث لنفسه عن عمل إضافي يساعده في توفير تكاليف المعيشة، فيفتح محلا تجاريا أو يعمل بائعا أو سائقا، أو يبحث عن أي مصدر شريف للدخل، لكن الغالبية تتجه للدروس الخصوصية، وحشو أدمغة التلاميذ بالمعلومات، وهكذا اقتصرت مهنة التربية والتعليم على التعليم فقط، وليت ذلك يتم بالشكل المطلوب بل يشوبه ما يشوبه من الأخطاء الجسيمة التي يدركها كل من يمارس مهنة التدريس في مصر!! وبعد ذلك كله يتساءل البعض لماذا تغيرت سلوكيات أولادنا في المدارس والمنازل والشوارع والنوادي؟!! فلابد من إعداد المعلم وتأهيله أكاديميا وتربويا على النحو الذي يمكنه من أداء رسالته على أكمل وجه.

4. من الأمور البدهية أن أية أمة وأي مجتمع يجب أن يهتم بتعليم أجياله الجديدة وتربيتها وإعدادها للحياة، وتلقينها التراث القيمي والأخلاقي الذي تتميز به هذه الأمة وهو ما يعرف بعملية التطبيع الاجتماعي أو التنشئة الاجتماعية Socialization؛ وذلك للحفاظ على هويتها الحضارية، وفي حياتنا المعاصرة فالمدرسة هي أهم الوسائط التربوية التي يناط بها القيام بهذا الدور، ومن هنا وبحسبة بسيطة فعملية التربية والتعليم هي في الحقيقة استثمار طويل المدى، ومن مصلحة الدولة توفير المستوى اللائق وتأمين الحد الأدنى من الحياة الكريمة لمعلميها؛ ليتفرغوا لأداء رسالتهم ويتمكنوا من القيام بواجبهم على أفضل وجه، وإلا فسوف نكتشف بعد عدة عقود أننا أضعنا الوقت وحرمنا أنفسنا من استثمار ثروتنا الحقيقية المتمثلة في عقول أبنائنا!!

5. ينبغي تكوين نقابة معلمين عامة لجميع محافظات مصر بحيث تكون نقابة حرة منتخبة تمثل فعليا جميع معلمي مصر فتدافع عنهم وتحمي مصالحهم، وتشارك بفاعلية وإيجابية في رسم الملامح العامة للسياسة التعليمية، واختيار ووضع المناهج الدراسية، وينبغي الحفاظ على استقلالية نقابة المعلمين وضمان بقائها بعيدا عن هيمنة الحكومة وحزبها الحاكم أيا كانت أيديولوجياته وتوجهاته...!

6. يجب أن ترسى سياسات تعليمية واضحة وفق إستراتيجيات متوسطة أو بعيدة المدى، ويجب أن تكون هذه السياسات محددة ومستقرة ومعبرة عن مصلحة الدولة المصرية، ومنبثقة عن أيديولوجيتها العامة الراسخة المستقرة التي لا تتغير بتغير الوزير أو الحكومة، وبعبارة أخرى يجب أن تكون سياساتنا التعليمية مسألة أمن قومي تنبثق من رؤية عامة وشاملة للدولة المصرية، وتسعى لتحقيق أهداف محددة يجب إنجازها لمصلحة مصر ومستقبل أبنائها بغض النظر عن الحكومة والحزب الحاكم والوزارة والوزير!!

7. يجب القضاء تماما على ظاهرة الدروس الخصوصية، وتوفير جهود المعلم وطاقاته المختلفة لبناء شخصية أبنائه التلاميذ في المدرسة، وهذا لن يتأتى إلا إذا تم إعطاء المعلم الحد الأدنى من الأجر المعقول الذي يوفر له مستوى معيشة مقبول.

8. حتى يرجع المعلم المصري مصدراً للقيم كما كان دائما، يجب أن نعيد له ثقته بنفسه، ونقدم له ما يستحقه من الهيبة والاحترام، وعلى جميع وسائل الإعلام  وخصوصا من خلال الدراما  التي تبارت وتفننت عبر عقود طويلة في ازدراء المعلم والنيل من كرامته، والاستهتار به والتقليل من شأنه، واحتقار ما يقدمه من قيم وأخلاقيات في مقابل إعلاء قيمة المال، ورفع مكانته عاليا، وجعله المعيار الوحيد والحقيقي الذي يوزن به الرجال  عليها أن تعيد بناء ثقافة احترام المعلم من خلال الثناء عليه وعلى دوره في بناء المجتمع.

9. يجب وضع خطة شاملة وعاجلة ومتكاملة لإصلاح أوضاع المعلمين، وإعادة تأهيلهم، وتلبية الحد الأدنى من مطالبهم، وفي نفس الوقت من لا يستجيب من المعلمين لمتطلبات إعادة التأهيل على الحكومة إعفائه من عمله في التربية والتعليم، والاستغناء عنه وتوجيهه للعمل في مهن أخرى أكثر نفعا له وللمجتمع.

 في الختام أود أن أؤكد على أننا يجب أن نتعامل مع أزمة التعليم في مصر بأسلوب علمي صحيح، ومنهج تربوي مفيد يختلف اختلافا جذريا عن النمط الفكري المضطرب، والنهج السياسي العشوائي الذي اتبعه النظام السابق، ولا بد من المصارحة والوضوح والشفافية عند مناقشة أوضاع تعليمنا والبحث عن حلول ناجعة لمشاكله المعقدة، وينبغي الإسراع فورا في وضع خارطة طريق علمية منهجية منظمة تنقذ ما يمكن إنقاذه، وعندما نخلص لله تعالى، ونتجرد في طرح مشاكلنا، ونتعامل معها بكل حيدة ونزاهة وموضوعية وإنصاف ستدق ساعة الإصلاح الحقيقي، وبإذن الله تعالى سننجز مشروع نهضتنا ونستعيد مكانتنا في هذا العالم.

* كاتب مصري.

=======================

أمريكا عارية: نتنياهو الرئيس الفعلي للولايات المتحدة؟!

نبيل عودة

nabiloudeh@gmail.com

وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود براك، تنبأ بتسانومي سياسي يجتاح إسرائيل. لم يخطئ. ولكنه لم يكن بعيد الرؤية ليرى أن التسانومي السياسي سيضرب إدارة اوباما في أمريكا ليس اقل من إسرائيل.

دولة فلسطين قامت من بين الأنقاض، عبر تخطيط فلسطيني سياسي حذر ومحسوب بأدق التفاصيل. إلى جانب اهتمام غير مسبوق ويعتبر انجازا كبيرا على المستوى الدولي كله، ببناء القاعدة المادية لإقامة دولة، عبر تطوير اقتصادي وبنيوي وقانوني ومؤسساتي شامل.ولا نتجاهل أن رئيس حكومة فلسطين سلام فياض، قاد حملة غير مسبوقة ضد إنتاج المستوطنات ، تكللت بنجاح كبير،كانت تعبيرا عن القدرة الفلسطينية على توجيه صفعة مدوية لاقتصاديات المستوطنات ، كان لها امتدادا عالميا أيضا، وتبع ذلك رفض التعامل مع الشركات التي تتعامل مع المستوطنات.

هذه الخطوة لم تكن ممكنة إلا على أساس بناء بدائل فلسطينية وطنية للأيدي العاملة الفلسطينية في المستوطنات، والوصول إلى مستوى القرار المستقل وليس تلقى الأوامر من الاحتلال.. أو الخضوع لضرورات الحياة.

هذه الأحداث لم تلفت انتباه الإعلام لقيمتها كفاتحة للتسانومي القادم، وخاصة لكون السلطة الفلسطينية ، تجاوزت الدور الذي أرادته لها إسرائيل، وأعتقد، وقد أكون على خطأ، بان التوجه للأمم المتحدة كان يقتضي وصول السلطة الفلسطينية إلى واقع اقتصادي وبنيوي يتحمل الغضب الأمريكي والإسرائيلي.. ويواجههما بمسؤولية وإدراك سياسي كامل لكل خطوة.

التسانومي الفلسطيني الذي تواجهه إسرائيل، أربكها بامتداده الدولي، وكشف حقيقة سياسة نتنياهو الرافضة لأي وصول إلى تحديد واضح لأي مطلب فلسطيني.لا يريد طرح خارطة حدود. لا يريد بحث موضوع القدس . لا يريد الحديث عن اللاجئين. لا يريد وقف البناء في المستوطنات. يرفض حتى مشروع "الحاضنة الإسرائيلية" اوباما وادارته حول مفاوضات على أساس حدود 1967. وأكثر من ذلك يوجه صفعة للرئيس اوباما في عقر داره،بخطاب فظ في الكونغرس لاقي التصفيق وقوفا 65 مرة، ذكرني بخطاب بشار الأسد بما يسمى مجلس الشعب السوري: تصفيق بلا عقل.. مهزلة مبكية مضحكة.

 حتى في حزبه الليكود ما كان نتنياهو يحظى بأكثر من تصفيق واحد في نهاية الخطاب. مثبتا أن الإدارة الأمريكية جبانة حين تتواجه مع حكومة إسرائيلية يمينية.لدرجة أن مجلة "نيويورك مجازين" نشرت هذا الأسبوع تحقيقا مثيرا تحت عنوان:" اوباما الرئيس اليهودي الأول" مع صورته بالقبعة الدينية اليهودية( الكيباه) ، وكتبت تقول:" الرئيس اليهودي الأول؟ ربما لا، ولكنه بالتأكيد رئيس مؤيد لإسرائيل، مثل رئيس الحكومة نتنياهو، وإذا نظرنا على ذلك من زاوية تستحق التأمل، ربما حتى يؤيد إسرائيل أكثر منه".

التطور المرتبط بالقضية الفلسطينية، حقق مكسبا في الموقف التركي. انتقلت تركيا من حليف استراتيجي لإسرائيل، إلى صدام لم نصل نهايته بعد، قاد إلى تحول في الرؤية السياسية الإستراتيجية التركية. لا أقول ان التحول جاء من اكتشاف تركيا حبها للعالم العربي وفلسطين. وإنما من اضطرار تركيا إلى البحث عن مجالها الاستراتيجي الحيوي في الشرق الوسط، بعد صد السوق الأوروبية لطلبها الانضمام للسوق.وقد مهدت إسرائيل بغباء لا تحسد عليه، انتقال تركيا لهذا الدور، بعد اعتدائها على أسطول الحرية وقتل مشاركين أتراك غير مسلحين.واليوم تلعب تركيا دور الدولة العظمى في الشرق الأوسط التي يخطب ودها العرب، وتثير القلق الأمريكي والإسرائيلي.. ولكنها سعيدة بهذا الدور وما ستخسره من صادرات إلى إسرائيل ستجد أسواقا اكبر بمئات المرات من السوق الإسرائيلية، وسيكون الميزان التجاري مع العالم العربي لصالحها.لذا ليس بالصدفة أن يصرح اردوغان أن ما ستخسره السلطة الفلسطينية من الدعم الأمريكي ستعوضه تركيا.

هل هذا حبا بفلسطين وشعب فلسطين؟ إطلاقا لا، إنما رؤية ضمن الإستراتيجية لنشوء دولة عظمى في منطقة جغرافية تفتقد لبديل قادر على قيادة المنطقة لحساب مصالحة السياسية والاقتصادية والإستراتيجية بكل الأبعاد المترتبة عليها.

 

نتنياهو لا يتغير

قبل سفر نتنياهو إلى نيويورك عقد اجتماعا لقيادات حزبه الليكود، وثرثر كعادته: "نحن لا نريد قطعة ورق ، إنما سلام حقيقي يصمد ولا يتمزق قبل توقيعه. وهذا لن يتحقق إلا بوقوفنا القوي على حقوقنا"

ما هي هذه الحقوق؟ ليس من الصعب أن نعرف. القدس عاصمة أبدية. ضم كتل المستوطنات التي تقطع أيضا التواصل الجغرافي الفلسطيني. سيطرة إسرائيلية على غور الأردن وشمال البحر الميت. لا عودة للاجئين ولا اعتراف بالمسؤولية عن مأساة التهجير.بقاء حدود الدولة الفلسطينية تحت سيطرة إسرائيل. الأجواء الفلسطينية مفتوحة أمام الطيران الإسرائيلي المدني والعسكري. المياه تظل تحت سيطرة إسرائيل.وبالطبع شروط مهينة أخرى مثل الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية مما يلحق الضرر بمكانة العرب الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل.

منظمات يهودية أمريكية في الولايات المتحدة نشطت واتهمت الدول المؤيدة للمطلب الفلسطيني بأن مواقفها هي نتيجة وتعبير عن العداء لإسرائيل ( التهمة التقليدية: العداء للسامية). دبلوماسي غربي رد بان إسرائيل مقبولة كدولة ذات نوعية في المنظمة العالمية، لذا ننتظر منها مبادرة إبداعية لدفع عملية السلام، وان الروح الانتقادية في نيويورك ضد إسرائيل،هي رد فعل سياسي لغياب مبادرة إسرائيلية مناسبة".

 وحول ما قاله نتنياهو انه ذاهب إلى نيويورك ليقول "الحقيقة"، عقب معلقون سياسيون أن أعضاء الأمم المتحدة منهكون من الحقائق حول النزاع الإسرائيلي الفلسطيني التي سمعوها خلال سنوات في ساحة الأمم المتحدة. وان خطابا لا يتضمن اقتراحا جريئا يسمح بتجديد فوري للمفاوضات لن يترك أي انطباع".

 

الموقف الأمريكي

هزالة الموقف الأمريكي ربما هي تعبير عن بدء مرحلة دولية جديدة تفقد فيها الولايات المتحدة دور الشرطي العالمي.من الواضح أن أمريكا لا تواجه عالما عربيا يملك قدرات على التأثير. مصر تخاف على المليارات الثلاثة التي تقدمها الولايات المتحدة لمصر وخاصة للجيش. وكل التقارير الاقتصادية تشير إلى أن مصر قادرة خلال سنوات قليلة على التحول إلى تركيا جديدة اقتصاديا،فهي مثلا تملك 80 مليار متر مكعب من المياه مقابل مليارين فقط في إسرائيل. إسرائيل من مياهها تحولت إلى مُصدر زراعي هام وتجني المليارات من منتجاتها، هذا عدا الهايتك، ومصر لا يكفيها إنتاجها الزراعي لضمان الغذاء لسكانها.

 السعودية قادرة على التأثير. هل ستغامر بموقف مستقل يتمشى مع ما نشره الأمير تركي الفيصل في صحيفة نيويورك تايمز محذرا من سقوط التعاون الأمريكي السعودي إذا استعلمت الولايات المتحدة حق النقض ( الفيتو) ضد إعلان دولة فلسطينية؟

 لماذا لا نسمع موقفا واضحا من الدول العربية. موقفا نشطا للتجنيد، وتهديد أيضا للدول التي ستعارض المطلب الفلسطيني ؟ هددوا بإيقاف النفط مثلا عن الدول المارقة على الحق الفلسطيني؟

الحركة الصهيونية عام 1947 دفعت رشاوى، واشترت أصوات دول، وهددت عبر شركات يملكها يهود دولا عديدة لتجبرها على التصويت لصالح قرار الأمم المتحدة بإنشاء دولة إسرائيل. وهذا الأمر كشفه المؤرخ اليهودي بيني موريس.

في القضايا المصيرية كل الأسلحة مشروعة.

هزالة الموقف الأمريكي تبرز من تراجعات الرئيس اوباما. تراجع عن مضمون خطابه في جامعة القاهرة.وارتبك أمام نتنياهو بشبه تراجع عن اقتراحه حدود 1967 كقاعدة للمفاوضات،وصمت على الصفعة التي وجهها له نتنياهو في الكونغرس، أي في بيته وملعبه الشخصي. وتراجع عن خطابه في الأمم المتحدة من قبل سنة، أي عام 2010. في ذلك الخطاب تحدث بتوسع عن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وأثار الانتباه حين قال:" عندما نعود إلى هنا في السنة القادمة،ربما سيكون لدينا اتفاق يقود إلى عضوة جديدة في الأمم المتحدة- دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، تعيش بسلام مع إسرائيل".

سفير الولايات المتحدة في النيجر كتب لأوباما ، ومن المتوقع أن سفراء كثيرون فعلوا نفس الشيء، كتب: " إن استعمال الفيتو ضد دولة فلسطينية سيلحق بنا الضرر في العالم الإسلامي، وليس فقط في العالم العربي، وذلك لسنوات طويلة، وسيعطي طاقة جديدة للقاعدة من أجل الانتقام منا".

أمريكا واوباما في ورطة. الكرة في ملعبهم ، ولكن يبدو أن القرار بيد نتنياهو !!

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ