ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 18/09/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

البطريرك بشارة الراعي ووهم تخوفاته من رحيل الأسد

محمد فاروق الإمام

شكلت التخوفات التي أطلقها من باريس البطريرك الماروني بشارة الراعي والتي عبر فيها عن تخوفه من "مرحلة انتقالية في سورية قد تشكل تهديدا لمسيحيي الشرق". مبدياً تخوفه من نجاح الثورة السورية وسقوط النظام فيها ورحيل بشار أو تقديمه إلى محكمة مدنية عادلة، شكلت زوبعة في المجتمع اللبناني، فيما لم يهتم بها المجتمع السوري بمسلميه ومسيحييه لأنه غير معني بها.

وكان الراعي أدلى بتصريحات خلال زيارة له إلى فرنسا الأسبوع الماضي حذر فيها من خطر وصول الأصوليين السنة إلى السلطة في سورية، معتبراً أنه كان يجب إعطاء الرئيس السوري "المزيد من الفرص لتنفيذ الإصلاحات السياسية التي بدأها".

كما حذر الراعي في حديثه من أنه إذا وصلت الأمور في سورية إلى "حكم أشد من الحكم الحالي، كحكم الإخوان المسلمين، فإن المسيحيين هناك هم الذين سيدفعون الثمن، سواء أكان قتلاً أم تهجيراً، وها هي صورة العراق أمام أعيننا، وإذا تغيّر الحكم في سورية وجاء حكم للسنّة فإنهم سيتحالفون مع إخوانهم السنّة في لبنان".

شكلت هذه التخوفات زوبعة وصدمة قاسية في المجتمع اللبناني المسيحي الذي لم يكن يتوقع أن تصدر هذه التصريحات من جانب البطريرك الراعي، إذ اعتاد اللبنانيون أن تنأى البطريركية المارونية بنفسها عن الخوض في المسائل السياسية المباشرة، أو الحديث عن شؤون بلد آخر، وأن تكتفي بالحديث عن العموميات والمبادئ، والدعوة للوحدة الوطنية والتماسك والحكمة.

هذه التصريحات للراعي دفعت العديد من اللبنانيين المسيحيين إلى تسفيه تخوفات الراعي على خلفية توهمه من تداعيات سقوط النظام الحالي في دمشق على وضع الأقلية المسيحية، فقد اعتبر فريد مكاري نائب رئيس مجلس النواب أن الراعي استعدى 70% من المسيحيين في لبنان، وقام بانقلاب موصوف على مسيرة البطريركية المارونية التاريخي، لافتاً إلى أنه يتفهم أن يكون للبطريرك الراعي خوف على المسيحيين، "لكن دفاعه عن نظام قمعي أمر غير مفهوم".

من جانبه قال أمين السر العام للقوات اللبنانية العميد وهبه قاطيشا "إن المسيحيين لا يستطيعون تأييد حكم ظالم يقوم بتقتيل شعبه وينكل بهذا الشكل، وبات متهما بارتكاب مجازر ضد الإنسانية".

واستغرب قاطيشا في حديث للجزيرة نت "أن يطلب الراعي أن يعيش المسيحيون أقلية في ظل حكم الدكتاتوريات، لأن هذا مناف للمسيحية كدين، فنحن لا نستطيع إلا أن نكون في ظل دولة تحترم حقوق الإنسان وتبرز شعاره".

وفي مقال للسيد إلياس الزغبي تحت عنوان (محاججة الراعي) نشر يوم الأحد 11 من الشهر الحالي فند فيه تخوفات الراعي من سقوط النظام السوري الديكتاتوري قائلاً:

(منذ الفتوحات الإسلاميّة وحقبتي الأمويّين والعبّاسيّين، كان المسيحيّون في صلب الدولة وسياسات الأكثريّة، ولم تنزلق الكنيسة إلى اللعبة الخطرة بين أقليّة شيعيّة وأكثريّة سنيّة، ولم يصدر عن رعاتها كلام مثل الكلام الصادر عن الراعي في مسألة تحالف سنّة سورية مع سنّة لبنان في وجه الشيعة، أو مثل القول إنّ المسيحيّين سيدفعون ثمن سقوط الأسد قتلاً وتهجيراً، كما جرى في العراق! (يبدو أنّه لم ينتبه إلى أنّ الحكم العراقي الآن ذو أرجحيّة شيعيّة وانتماء إيراني، وفي ظلّه حلّ بمسيحيّي العراق ما حلّ).

حتّى في أحلك المراحل، كحقبتي المماليك والعثمانيّين، عرف الموارنة كيف يستفيدون من الأكثريّات وحروبها، كي يوسّعوا دورهم وانتشارهم. ألم تتناهَ إلى أسماع بكركي أصوات تطالب باستعادة المفقود خلال تلك الحقبة، في جبيل وكسروان، وما مسألة لاسا وجوارها سوى تعبير صارخ عنها؟

وفي التاريخ الحديث، عاش المسيحيّون عصرهم الذهبي في سورية قبل حلول حكم البعث "العلماني" وعائلة الأسد "العنصريّة"، فهل هناك من يدلّنا اليوم، ومنذ نصف قرن، إلى فارس خوري آخر، أو حتّى ميشال عفلق آخر؟ أين هو المسيحي القوي في نظام الأسد اليوم، هل هو داود راجحة الذي جاءوا به إلى الدفاع قبل شهرين، فقط لتوريط الأقليّة المسيحيّة في حماية أقليّة أكبر، وفي انتحار النظام؟

قبل "البعث" الأسدي كان في سورية أكثر من مليوني مسيحي، واليوم، في ظلّ "حامي المسيحيّين"، أصبحوا أقلّ من مليون، فهل هذا يبرّر منح الأسد فرصة من جَيب بكركي، ومن خوّل بكركي توزيع الفرص والحصص على الشعوب والأنظمة العربيّة، ولماذا لم تطالب بفرصة للقذّافي ومبارك وبن علي وصالح.. وربّما نجاد، وسائر دكتاتوريّات الشرق، وأين مصلحة المسيحيّين في الدفاع عن أنظمة قمع آيلة حتماً إلى السقوط؟ أم بتنا نريد الحريّة في لبنان ونستكثرها على السوريّين؟ وهل يُمكن أن يكون لبنان حرّا بدون سوريّا حرّة؟ وهل بات لدى المسيحيّين مركّب خوف من خوض غمار التجدّد وحركة التحرّر، وأصبحت وظيفتهم التبشير لما هو قائم وظالم، خوفا ممّا سيقوم؟

إذا كان الخوف من النظام "الأصولي" البديل هو الدافع إلى دعم نظام الأسد، فمن أكّد لبكركي حتميّة هويّته الأصوليّة؟.. هكذا قالوا عن ليبيا وتونس ومصر وسواها، ولم نر أصوليّات مرعبة حلّت هناك محلّ الرؤساء المخلوعين، فلماذا ستكون الأصوليّة الشرّيرة هي الخلف الوحيد للأسد)!

كما كان للجماعة الإسلامية (الإخوان المسلمون) في لبنان موقفاً هو الأعنف

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/B936E547-B072-4CA6

-8C2D-E623997921D8.htm?wbc_purpose=Basic_Curr

ent_Current_Current_Current_Current_Current_Current

على تصريحات البطريرك الراعي التي وجدت نفسها معنية بشكل مباشر، فاعتبرت كلامه "مثيرا للنعرات الطائفية وغير الطائفية، ويفتح الباب لسجالات متبادلة تعود بالضرر على الجميع".

وقال رئيس المكتب السياسي في الجماعة الإسلامية عزام الأيوبي إن "موقف البطريرك الراعي كان غير متوازن، واستند لتحليل غير منطقي، ونحن نخشى أن يكون تحليله قائما على معلومات مغلوطة ساقتها إليه بعض الأطراف في الساحة المسيحية ممن يوالون النظام السوري".

كما أعلن السفير الفرنسي في بيروت "دوني بييتون" أن حكومة بلاده "خاب أملها" من المواقف التي أطلقها الراعي. وأضاف إن "الأحداث الحاصلة في سورية لا تطاق، والنظام السوري وصل إلى طريق مسدود جراء قمع المعارضة بشراسة".

ختاماً أقول للراعي: على هونك فما هكذا تكون مواقف رجال الدين الذين يعرفون قبل غيرهم حرمان القتل وحرمان سفك الدم بغير وجه حق، وهذا ما يفعله النظام السوري بتعليمات وأوامر من بشار الأسد بحق أهل سورية لأنهم تظاهروا بشكل سلمي وحضاري مطالبين بالحرية والكرامة والديمقراطية والدولة المدنية، التي تساوي بين كل أطياف النسيج السوري بغض النظر عن العرق أو الدين أو المذهب أو الاعتقاد، وقد أعطي الأسد ستة أشهر من الفرص أزهق فيها أرواح 3000 مواطن سوري كان من بينهم أكثر من مئة طفل وعشرات النساء ومئات الشيوخ وأكثر من مئة ماتوا تحت التعذيب، واختفى على يد شبيحته ورجال أمنه ما يزيد على 3000 لا يعرف مصيرهم هل هم في عالم الأحياء أم في عالم الأموات، واعتقل ما يزيد على 70000 وهجر إلى دول الجوار ما يزيد على 20000 من بينهم أكثر من ثلاثة آلاف إلى لبنان، وكنا نتمنى منكم موقفاً منصفاً مما يجري في سورية من قمع وسفك للدماء لا خوفاً على المسيحيين في سورية الذين سيكونون بألف خير في دولة القانون والمؤسسات والتعددية والسلم الأهلي والتداول السلمي للسلطة كما هي الحال في معظم دول العالم إذا ما رحل هذا النظام ورئيسه، الذي قتل اللبنانيين والفلسطينيين قبل السوريين منذ اختطاف حافظ الأسد الحكم والغدر برفاقه في 16 تشرين الثاني عام 1970.

=========================

الإسلاميون والربيع العربي

د.سنية الحسيني

لعبت الأنظمة العربية سواء التي كانت مدعومة من الولايات المتحدة أو تلك التي تعاديها، دوراً محورياً في تقليص أو تحييد دور حركات الإسلام السياسي في السلطة والحكم في المنطقة العربية. ورغم أن الدين الإسلامي يشكل ركناً أساسياً في ثقافة وتقاليد معظم الشعوب العربية، إلا أن المشاركة السياسية الفاعلة للإسلام السياسي في تلك الدول بقيت مقيدة بسبب الطابع السلطوي لأنظمة الحزب الواحد التي تسيدت على الحكم في العديد من الدول العربية.

 

 أثارت ثورات الربيع العربي موجة من التوقعات والتحليلات والهواجس حول دور الحركات الإسلامية المستقبلي وامكانية وصولها إلى سدة الحكم. وعلى الرغم من أن الحركات الإسلامية لم تكن ملهمة للثورات العربية كما لم تكن رائدة لها، إلا أنها سارعت للالتحاق بركب هذه الثورات وانخرطت في صفوفها، ولم تخف سعيها لاستثمارالربيع العربي بمشاركة سياسية حقيقية في السلطة التي حرمت منها منذ عقود. ومن غير المستبعد أن تحقق هذه الحركات فوزاً كبيراً في أية انتخابات قادمة واكتساح عدد كبير من مقاعد البرلمان وربما سعت هذه الحركات إلى التنافس على الرئاسة في يوم من الأيام.

 

 بادرت الحركات الإسلامية إلى تبني سياسات معتدلة وشعارات محايدة لازالة مخاوف الآخرين، وأعلنت بعد مشاركتها في ثورات الربيع العربي نيتها المشاركة في الحكم والسلطة. وعلى الرغم من أن تلك السياسات والشعارات قد تكون براغماتية ومجرد وسيلة تساعد الإسلاميين على الوصول للحكم وليس بالضرورة موقفاً أيديولوجياً أصيلاً، إلا أن ذلك لا ينفي حدوث تطور فكري لحركات الاسلام السياسي يستجيب سياسياً للأوضاع الجديدة والمتغيرة في المنطقة وللموقف الدولي أيضاً.

 

 وفي اطار تهيئة نفسها للمشاركة في السلطة أو استلامها، جاء سعي الإخوان المسلمين للتحالف مع الأحزاب الأخرى بما فيها الليبرالية واليسارية وكذلك سعيهم للتفاهم مع المجلس العسكري ليبرهن على قدرة الإسلاميين على عقد تحالفات مع أحزاب وجماعات سياسية أخرى ذات توجهات فكرية وأيديولوجية مختلفة. كما عملت حركات الإسلام السياسي في دول الربيع العربي على تقديم أجندات عملية تتعاطى مع الواقع السياسي والاقتصادي الجديد، فغابت شعاراتها المعهودة كالإسلام هو الحل، كما قل الحديث عن الهوية الإسلامية وتقييد حقوق المرأة والأقليات غير المسلمة. وتهدف هذه الطروحات المعتدلة إلى الحد من مخاوف الآخرين من قيام سيطرة إسلامية على حكم البلاد، كما تساعد على التقليل من حدة الضغوط الغربية الرافضة لوصول الحركات والأحزاب الإسلامية إلى سدة الحكم.

 

إن ذلك يفسر تصريحات حزب الحرية والعدالة الذي تشكل من قبل حركة الإخوان المسلمين في مصرلأول مرة منذ عقود طويلة من الحظر، بأنه سيطرح مرشحين لنصف المقاعد التشريعية فقط في انتخابات الخريف المقبل، ولن يطرح أياً للرئاسة، الأمر الذي يوضح مسعى جماعة الاخوان للتحكم في القرار السياسي في مصر دون السيطرة أو الهيمنة على المشهد السياسي المصري بأكمله. كما اتبعت حركة النهضة الاسلامية في تونس، والتي كانت محظورة قبل الثورة التونسية، سياسة مماثلة لنظيرتها المصرية، فعلى الرغم من أنها تحظى بتأييد كبير لدى التونسيين حسب استطلاعات الرأي، رجح زعيمها "الغنوشي" تقاسم السلطة مؤكداً عدم نية الحركة خوض الانتخابات الرئاسية.

 

وتأتي تصريحات بعض الرموز الإسلامية في ذات الاطار. فقد دعا الشيخ يوسف القرضاوي، المرجع الفقهي السياسي للإخوان المسلمين في العالم العربي والمرشد السياسي لكثير من الجماعات الاسلامية، لقبول الديمقراطية واختيار الشعب لحكامه لمدة محددة، دون اغفال للشورى الملزمة (أهل الحل والعقد) وعدم اخضاع الثوابت الاسلامية للتصويت الديمقراطي. كما أشار زعيم حركة النهضة الإسلامية في تونس راشد الغنوشي إلى أن حكومة إسلامية بقيادة الحركة ستحافظ على تونس كواجهة سياحية ولن تمنع الخمور أو تقيد حرية النساء. وما بين تصريح الشيخ القرضاوي وتصريحات الغنوشي تتضح معالم الالتباس، فمواقف الشيخ القرضاوي تبقى أقرب إلى الواقع المتعارف عليه للإسلام السياسي المعتدل، بينما يأتي موقف "الغنوشي" أكثر انفتاحاً ويخرج عن نص الخطاب الإسلامي المتعارف عليه للحركات والأحزاب السياسية الإسلامية بشكل عام.

 

 هناك مجموعة من الأسباب التي تعزز احتمال فوز حركات الإسلام السياسي بأغلبية نسبية في البرلمان. فهذه الحركات وخاصة جماعة الإخوان المسلمين هي الأقدم نشأه والأكثر خبرة وشعبية وتنظيماً، وتحظى بشرعية تاريخية لا تمتلكها الأحزاب الأخرى، هذا بالاضافة إلى أن هذه الحركات نجحت في تعزيز شعبيتها من جراء الحملات الغربية المعادية للإسلاميين، كما استفادت كثيراً على الصعيد الداخلي في بلدانها من تبني ودعم حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين.

 

من جانب آخر، ساهمت أنظمة الحكم البائدة في كل من مصر وتونس وليبيا وبعض أنظمة الحكم التي تصارع من أجل بقائها كما هو الحال في كل من سوريا واليمن، في تعزيز مكانة حركات الإسلام السياسي في بلدانها، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، من خلال احتواء الأنظمة للأحزاب السياسية القومية واليسارية والتحالف معها، مما أفقدها المصداقية فظلت أحزاب نخب لا ثقل لها في الشارع العربي، بينما حافظت جماعة الإخوان المسلمين رغم قمع ومطاردة قادتها وأعضائها على بقائها وتماسكها مما سمح لها بالنهوض بعد اندلاع ثورات الربيع العربي. فقرار حل الحزب الوطني المنافس لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، أزال العقبة الأكبر من طريق الجماعة للفوز في أية انتخابات برلمانية مستقبلية، وسيكون الحال كذلك إذا ما سقط النظام البعثي في سوريا وتم حل أو اجتثاث حزب البعث، تماماً كما حدث قبل ذلك في العراق.

 

وقد استفاد الإسلاميون كذلك من دعم بعض الدول المؤثرة في ثورات الربيع العربي، كدولة قطر التي لا تخفي تعاطفها مع جماعة الإخوان المسلمين، وتركيا التي تقدم النموذج الذي يمكن أن يحتذى في الحكم إذا ما وصل الإسلاميون إلى السلطة في دول ثورات الربيع العربي. وأخيراً فقد فرضت ثورات الربيع العربي وبروز دور جماعة الإخوان المسلمين والإسلاميين الآخرين على الولايات المتحدة اعادة النظر في طبيعة علاقتها مع الإسلاميين لأنهم باتوا القوة السياسية الصاعدة والأهم في المنطقة. وربما كانت الولايات المتحدة ترغب في التعاطي مع قوى أخرى تفضلها، لكن لا تشكل بديلاً في الوقت الراهن عن الإسلاميين، وربما يحتاج تطورها لتصبح قوى مؤثرة لسنوات طويلة، ولا تستطيع الولايات المتحدة في هذه الحال تجاهل القوة الأهم الموجودة على الأرض.

 

 هناك مجموعة من التحديات التي سوف يتحدد على ضوئها مستقبل الإخوان المسلمين في دول الربيع العربي. يتمثل التحدي الأول في قدرة الإخوان والجماعات الإسلامية الأخرى على التفاهم فيما بينها على أجندة أو برنامج يحدد طبيعة النظام السياسي الذي سيعيشون في ظله أو يشاركون فيه، وكذلك طبيعة المجتمع الجديد الذي سيشكلون فيه قوة أساسية وفاعلة. وإذا كانت الأمور في هذا الشأن واضحة لدى جماعة الإخوان المسلمين، رغم التباينات في صفوف الجماعة، فليس من المؤكد بأن لدى الجماعات الإسلامية الأخرى كالسلفيين والجهاديين والصوفيين، وهي كلها جماعات إسلام سياسي رغم ادعاء بعضها بعكس ذلك، رؤى متقاربة فيما بينها من ناحية ومع جماعة الإخوان من ناحية أخرى.

 

ويكمن التحدي الثاني في مدى قدرة الإسلاميين بكافة اتجاهاتهم على التفاهم مع بقية الأحزاب والاتجاهات السياسية الأخرى في دول الربيع العربي، وقدرتهم على الاتفاق معها على برنامج سياسي وإجتماعي مشترك يحترم مبادئ التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والحريات العامة والخاصة وما شابه ذلك.

ويتمثل التحدي الثالث في مدى قدرة جماعات الإسلام السياسي على التحول إلى حركات إسلامية عصرية مواكبة لروح العصر، ومقتضيات تطوير مجتمعاتها. وفي هذا السياق يتبادر إلى الذهن النموذج الإسلامي التركي الذي يقود نظام حكم علماني تشارك فيه كافة الأطياف السياسية والفكرية والثقافية. وحيث أن التجربة الإسلامية التركية تختلف عن مثيلاتها في دول الربيع العربي، فليس من المعروف إن كانت ثورات الربيع العربي ستنجح في التوفيق بين مقتضيات الحكم في دولة مدنية، والابقاء على تمسكها بأيديولوجيتها الإسلامية.

 

وأما التحدي الرابع والأخير فيتمحور حول قدرة الإسلاميين في دول الربيع العربي على بلورة أو صياغة علاقة جديدة مع الغرب والولايات المتحدة لا تنزع عن الإسلاميين شرعيتهم. فالولايات المتحدة تريد من الإسلاميين مقابل التعامل معهم، تبني سياسات معتدلة تجاه إسرائيل، وتتوقع منهم أيضاً محاربة ما يسمى بالارهاب، بالاضافة إلى اعتماد النظام الديمقراطي في بلدانهم من بين أمور أخرى.

 

وفي الختام من الصعب التقرير بشكل جازم في خارطة ومستقبل الإسلام السياسي في دول الربيع العربي وكيفية تعامله مع ما أشرنا اليه من تحديات، وفي ظل عدم اكتمال الفصول النهائية للثورات العربية حيث تبقى التطورات مفتوحة على كافة الاحتمالات.

==========================

سريعا مع أردوغان والتصريحات عن العلمانية

د. إسلام المازني

الحمد لله الذي أبقى فينا ما لا نضل إن تمسكنا به..

قال بعضهم:

ومن البلية أن من *** أفتى بنكبتها فتاها

غضب الكثيرون من تصريحات أردوغان، وتفاوتت نسبة الغضب وموضوعيته، وليست فئة واحدة

 من الإسلاميين هي التي غضبت، ولا اقتصر الغضب على الإسلاميين دون سواهم، ورأى بعضنا أنه

جاء يكحلها فاقتلع مقلتيها.. فقد انتظروه ليقول أنه إسلامي كما يعرف القاصي والداني.. فقال ما قال..

هنا عشر رسائل متفرقة في البريد الملتهب خلال الأيام الماضية أضع كلماتي فيها، كما هي

 كل إجابة رسالة قصيرة! يفهم منها السؤال والاعتراض والامتعاض:

كنا ننتظره بشوق:

فصافحي قومه يا مصر منشدةً ... القوم قومي والاعوان أعواني

*قد نختلف مع إسلاميته ومع نهجه، ولكنا لم نتصور أن نصل ليوم يكون فيه الكلام عن تصريحاته

إما نفيا لمفهومها، وإما ردا عليه.. كأنما نرد على هيلاري كلينتون وساركوزي..

والعيب ليس فيه بالضرورة.. ومن الجميل أن لدينا ثوابت لم تهتز لكلامه، ورد كثيرون عليه أو عنه..

ولو كانت الأقوال قد فهمت خطأ وصعب عليه التصحيح، لأن سيوف العلمانية في بلده تترقب لسانه لتقطف

فلابد أن يكون لنا عقل ولا نبني على حسن النية مناهجنا.. لأن كل ما تطرق له الاحتمال سقط به الاستدلال.. وهناك تشويش نعم..

يصفق له يمين ويسار في وقت واحد! كل يصفق لما يهوى، فهذا يصفق للتقدم والشمم السياسي، وذاك يصفق لنموذج صرح

 بأنه لادين له كنموذج، وثالث يصفق للافتة إسلامية يرى غيره أنه: لم يبق منها سواها

 

وهناك من يختلفون ويترقبون أي فرصة للقفز إلى ما يريدون..

وقد كان الخلاف على هواك ... وحِرصاً كان ذلك أو ظنونا

حتى تعريف مصر يختلفون فيه، ليس مع القيادة التى ترى نفسها مصر والشعب زيادة حمل، وجميلة تراعيها، بل بعضهم

يرى مصر حاضره ورغبته هو وصورة يتمناها..

..فكيفَ تخلصُ مصر *** مِن طامعٍ في اِزديادِ

من يريد الخير ويتفهم سعة معنى الخير للدنيا والأخرة، ويتفهم ثمن القيم الواجب دفعه شعبيا

أوفرديا لن يضع أسوة إلا الأنبياء أولا :"فبهداهم اقتده.." راجعوها رحمكم الله

نعم طار به الناس، لأنه بشر.. رجل .. نظيف ..أمين..و حين يكون شخص أو أمة في قاع القاع أو تحت ما هو تحت

فهنا يكون أي بصيص، ولو من أهل الكتاب المختلفين معنا، أو معدن خير في الجاهلية خيرا مما

 هو فيه، حيث ما هو فيه: لا ءادمية ولا عقل ولا ذمة ولا دين

 وقد كتبت نقدا للتجربة الماليزية وللتجربة التركية "عن معايشة لا قراءة" في مواقع عدة منذ سنين لكي لا

يقول أحد أن أردوجان فتى أحلام كل الإسلاميين.

 

*الوضع عموما عنده مختلف عنا، فعلاج السل ليس كعلاج الجدري، فهو يخرج ببلده-حسب أحسن الظنون وأوسع الاجتهادات

 العقلية لا الشرعية- من علمانية محاربة وشعب نسبة كبيرة منه متأمركة

روحا وحسا وعقلا وقيما، وجيش شاهر سيفه على رقبة أبسط حرف يمت للنور بصلة

أو شبهة مآل للخير -وقد رأيت هناك-في التسعينيات- شواطئا للعراة

 وخمورا تسيل كالمياه -والعرب يستجمون هناك- وإعلاما إباحيا فظيعا، وأمراضا للحضارة

 أضعاف ما لدينا -وهذه سلبيات التقدم العلماني غير المنضبط والساحق للقيم

 وللفقراء وللأخر المؤمن-وهو -أردوغان -يعود بهم من كل هذا... ولا يدعمه ولا يسير إليه..

فلو كنا مفلسين لكان ينبغي تطوير التجربة، فكيف ولدينا نهج لم نطبقه ونفشل"ولن"-ولم نحاول أصلا-..؟

ولدينا وكتاب كريم متوازن عظيم يقي شطحات الليبرالية الفوضوية والعلمانية متعددة السلبيات

والمخازي -والفضل في نجاح تركيا ليس لقيم العلمانية

التي نتنازع الكلام عليها مع النخبة المزعومة

بل لقيم الفطرة التي أذن الله تعالى في نفعها حين يشاء، كالمحاسبة للجميع والجدية والشفافية..

هذا وأوافق على التعايش في أي إطار لواختلف الشعب وصار منقسما على نفسه، وتهدد السلم

وبتنا على باب محرقة، ولكن على ألا يصاغ هذا على أنه هو الإسلام، ولا على أنه الحل

السحري لكل بلد تريد التقدم، بل هو رضا بالواقع-في البلاد التي حالها الواقع كتركيا -جيشا وشعبا - حتى يقبل الناس ويتفهموا رسالات الله تعالى

 

*نعم.. هو قال على الملأ- في مصر وتونس- كلاما عن العلمانية

وأنه يعمل طبقا لذلك، ولهذا الحد يحتاج أن يسمعنا تعريف الإسلام عموما وللفرد والأمة، وهل يشمل

نظاما شاملا لتوجيه البلاد وسياستها الخارجية، وإعلامها وتعليمها واقتصادها

وقوانين عقوباتها ولوائح مكوناتها بقدر ما توفر فيه كلام الله تعالى، ونصوص

كلام نبيه صلى الله عليه وسلم -مما اتفق على صحة سنده ومتنه وفهمه"

أهل السنة"بالنسبة لنا" ولا نقول الجمهور- باستثناء ما شذ فيه الخلاف

فلا يعتبر خلافا مؤثرا ومذهبا معتبرا حينئذ، وإلا ما بقي لنا شيء مع كل زلة وغفلة وفلتة لسان-

وماهية الدولة هل هي أفراد الحكومة المنفذين أم المشرعين أم القاضين بحكم

ارتضوه بينهم؟ أم كلهم؟ وهل لو ارتضوا جميعا أو أغلبهم تقنين الشريعة

وأخذوا بموادها التي جمعها السابقون، وأعاد ترتيبها مجمع البحوث

والمجلس الأعلى والأزهر-وهي في الأدراج بمصر- وأصدر قانونا جنائيا وبحريا

وتجاريا وغيره يكونون كافرين بالعلمانية؟ ومخطئين في حق النهضة كذلك؟

لنفهم ما ضرر أن نلقي العلمانية في القمامة؟ بمعنى إلقاء ما لا نرتضيه منها..

وما النهضة وغايتها؟ وهل نستنسخ حالهم أم نطوره وننتقي؟

وهل نستورد التقنية ونسترجع القيم من تراثنا؟ أم نستورد القيم؟

وهل كل القيم هناك إيجابية؟ وهل يعانون أفول العلمانية؟ أخاطب هنا

من يقرؤون لفلاسفة الغرب ومنظريه عن ظلام العلمانية الثلجي والخواء البارد الذي لفهم

أم أن الدولة -العلمانية- كتاب! وتسلسل إداري ونظامي ومرجعية في إطار نظري

مخالف لكتاب الرب تبارك وتعالى؟

ولأن الواقع في الظلام الدامس تبهره شمعة كما يبهره مصباح أو ثريا

فقد تعلق به كثيرون ..لكن بعد الإفاقة من الصدمة يكون الاتزان والنظر السديد

دون توهج العين واهتزاز الخاطر

 

*-لقد دافع "حسب بعض القراءات" عن العلمانية وكأن الإسلام تميمة شخصية سرية

والأديان تعويذة أو صنم في غرفة بيتك تبدأ وتنتهي صلتك به على عتبة بابها!

هل جاء يبشر بالعلمانية؟ فلماذا لا يبشر بالماسونية أيضا؟ وبالدولة اليهودية المتقدمة كإسرائيل

أو بالدولة الشيوعية المتطورة-كدولة- كالصين وروسيا أو .....ولماذا

لا يقول لنا سلبيات التجربة العلمانية -على الفكر والخلق والاقتصاد الفردي وكل منحى..- أم أنها خير كله!

العلمانية التي نعرفها منذ قوم عاد وثمود "أصلاتك تأمرك ...." راجع الآية الكريمة وتأمل

 هل سنعيد إنتاجها؟ اسما أم قيما؟ ولماذا؟ ما الأزمة لدينا؟ هل لدينا أزمة منهج؟

هل لدينا أزمة مجتمع؟ أم مجتمع دولي يؤزم موقف شرذمة منا، لصالح مكاسبهم هم وهواهم واشمئزازهم؟

وهذا تقاطعا مع غايات هذا المجتمع الدولي ؟

والقاسم المشترك بين الأمم المتقدمة-قديما وحديثا- ليس هو العلمانية بل هو شيء من

 العدل والاهتمام بالعلم

 

أيقولُ عنّا الغربُ إنّا أمّة .. لا تَهتدي لطريقهِ المسلوكِ

كذبَ العداةُ فأنتِ أوّل أمّة .. سادت وإن هانوكِ أو سلبوكِ

على أية حال.. زوبعة ستمضي، هو ليس حجة ولا نبيا للإسلام، ولا مؤسسا للعلمانية

العبرة الأن أننا كلنا كمصريين نريد الشفافية والمساواة أمام القضاء

 

ولنتأمل كلامه ليس فقط على ضوء " احكم بينهم بما أنزل الله" بل كذلك:

 "وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه..."ما معناها؟

وهل النهضة تقتضي أن يضع البشر خلفهم كل رسالات الله تبارك وتعالى

وكل كتبه عز وجل .. هذا إن كان عن كفر بأن الكون له رب وملك، فأنتم متسقون مع أنفسكم "في هذه الجزئية" ومتناقضون معها

في بقية حقائق الكون والأنفس التي تشهد بأن الله حي قيوم عليم قدير.. أما إن قدمتم ذلك لنا على أنه يمكنك أن تعيش مسلما

ولا تسعى لإنشاء كيان يحتكم لتصورك، لا لتصور يقف على مسافة واحدة من تشريعات وعقائد وعبادات وأخلاق ومعاملات

عبدة الأوثان وعبدة الشيطان وعبدة النيران وعبدة البقر وعبدة الشهوة والمال والهوى وكل الملل والنحل ...فلا ..ارجع

إلى ربك ...إلى كلماته تعالى لتعلم أن ذلك محال...وعليك أن تختار وأن تدفع ثمن الاختيار...:

وهل ترىَ مصرُ صُبحاً بعدَ ليلتها .. وهل تقَرُّ عُيونٌ بعدَ تسهيد

 

*ماذا عن التغطية الإعلامية لكلامه وللموضوع..

 فتحت التلفزيون وشعرت أن بعضهم ليس عندهم دم، وقلوبهم ماتت.. ولن أتحدث عن مستوى

المغالطات والتخلف العقلي والفكري والتشوهات النفسية

إعلام ساذج وشعارات مستهلكة وسمجة، سبحان الله، أليس لديهم كذب منمق، أو تلفيق راق متقن، شبعنا

 من هذه النغمة الرديئة سنين- هل هذا وقت الكلام عن الدستور والمبادئ الحاكمة مرة ثانية؟

وأنتم تعلمون أنها مفخخة لتشعل شرارة وتدخلنا الدوامة ثانيا.. ولن تكون هناك انتخابات ولن يولي العسكر

ولن تكون هناك علمانية ولا مدنية ولا إخوانية ولا أي شيء بل سنظل ندور لصالح من يريدنا أن نقف هنا

أطول فترة ممكنة..

روحي فدى مصرٍ وتسلم ...روحها مما دهاها

 

*لنراجع بعض الاستدراك:

 هل قال أن العلمانية حلوة المذاق؟ وأنها سبب تقدم تركيا؟ أم أن هنك علمانيات متنوعة زمنيا وجغرافيا ؟وما الفرق بينها وبين الإسلام؟

يا سيدي..... الإسلام :

سلم إلى الودود مقاليد قلبك، وليس فقط مقاليد أمرك

وليس هناك أنواع أمام الله تعالى منه

أما الأنواع التي تؤكل بها الأموال فكثيرة من كل المناهج وليس فقط الإسلام

"لا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا"

أخلاقهم كَصِفات الماء حائلة .. يا شرَّ مُنقلب منها ومنتقلِ

والماءُ يُغريك بالألوان يَسرِقها ... منَ الإناءِ وأشكال على نحلِ

فضلا عن أن هناك أنواع وإصدارات من الليبرالية والعلمانية والمدنية ركعت للصهيونية

 وهدمت دولا على أشلاء أهلها في العراق وأفغانستان وأحرقت الأحياء في جوانتنامو

 وأبو غريب وجانجي، وفي سجون عربية يشرفون عليها ولا يفتحون ملفاتها إلا وقت اللزوم، وهناك

أنواع أحرقت الناس أحياء، وبقوات مفوضة برلمانيا-بطريقة ديمقراطية

 وتفويض دولي علماني والتاريخ طويل جدا وعريض جدا

وبهذا فحقوق الإنسان اتسعت لتشمل العبث في شخصيات شعوب ومسخ هوياتها الثقافية، وتأييد

 القذافي ومذابحه-سابقا حتى حين- ولكثيرين مثله، وغض الطرف وحفظ الملفات لوقت المصلحة فقط..

فأي نموذج دولي هو المطروح، إذا ما دامت كلها بلا سقف وبلا مبدأ؟ أم أن مصر ستكون أول دولة

مدنية ليبرالية علمانية نظرية تتبع منظمات حقوق الإنسان بشفافية..

لأن كل النماذج بلا قيم وبلا سقف، وليس فقط بلا سقف للحريات والشطح، بل بلا حدود

للتجاوزات التي تسمح بها أسنان الدولة المدنية في الشعوب المسلمة

أيريدون بكم أن تجمعوا *** رقة الدين إلى الخلق الهزيل

"أحمد شوقي.."

أقول هذا بعد الأمير شوقي

 لأن هناك ليبراليات وعلمانيات ومدنيات جدارها مثقوب أو بلا باب بأصول لولوجه، فتصل للرسوم المستهزئة بالدين وللإباحية الاجتماعية..

ولمنع الحجاب في المدارس، والنقاب في الشوارع، والمآذن فوق الجوامع، ومنع تدريس القرءان في المناهج وتعدد الزوجات مع السماح بتعدد العشيقات وتأجير العاهرات، وشذوذ الرجال وسحاق السيدات، وكل شطح علمي يلوث الكون واقتصادي يغرق العالم في الكساد..

..الأن أتمنى أن نعقد مؤتمرا لتعريف العلمانية المصرية، والليبرالية المصرية، والمدنية المصرية بحدودها وضوابطها، لكي

لا يزعم أحد تنصله..لا نريد جملا بل إجابات كاملة مفصلة كما لدينا تفاصيل في فقهنا وأصوله..

ستقولون وما لنا بهذه الشطحات والتطرف العلماني، وهاكم الضوابط"محترمة مرضية للعامة المتربصين طبعا"، ومن أين ستنبع هذه الضوابط؟ أليس من ثقافة الأغلبية؟ إذا المرفوض هو ذكر كلمة الإسلام ومسألة التوافق لا الأغلبية مسألة خرافية، لأن الإجماع مستحيل، وسيرفض كل مشروع دخيل، وأنتم مقامرون، وستذكرون ما أقول لكم

*هولندا تؤهل العاهرات لترك المهنة"راجعو وسائل إعلامهم"، بينما على الطرف الأدنى مخرجة مصرية تريد تثبيت العمالة المؤقتة منهن ويعيبون على الكتاتني رفضه للبيكيني.. وفتحه للقضية.. بالله من الذي فتحها ومن الذي لا يرى في العلمنة سوى الجنس؟ ولا يرى في الإسلاميين سوى الزي؟

 

المطلوب أولا بلسان الإسلاميين:

 سيادة العدل، الإدارة والسلطة للمؤسسات، المواطنون أحراربمعنى الكلمة، الإعلام حر نظيف بقيمنا

 وبلا توجيه سياسي مالي مبطن، المحاسبة المستمرة،الكفاءة معيار التنصيب..

 

* كان يمكنه أن يقول سبب تقدمنا هو العدل والحرية والشفافية والنظام والمحاسبة الدائبة والاهتمام بالتعليم

إن الشعوب إذا أرادوا نهضة .. بذرائع العلم الصحيح تذرّعوا

والإسلام لا يضاد العلمانية في قيم العدل والمساواة أمام القضاء والشفافية

الناسُ أَهلٌ وَإِخوانٌ سَواسِيَةٌ ** في كُلِّ شَيءٍ فَلا رَأسٌ وَلا ذَنبُ

العَدلُ إِن حَكَموا وَالحَقُّ إِن طَلَبوا ** وَالخَيرُ إِن عَمِلوا وَالبِرُّ إِن رَغِبوا

*وختاما.. قال ابن القيم:

((والله يحب الإنصاف، بل هو أفضل حلية تحلَّى بها الرجل، خصوصاً مَن نصب نفسه حَكَماً بين الأقوال والمذاهب))

 ((والكلمةالواحدة يقولها اثنان،يريد بها أحدهما أعظم الباطل، ويريد بها الآخر محض الحق، والاعتبار بطريقة القائل وسيرته

ومذهبه، ومايدعو إليه ))

وصلِّ يا ربِّ على محمّدِ * وسلِّمَن في دهرنا وسرمدِ

=============================

ماذا نكتب عن المعارضة والصورة المبروزة لها لا تسرّ حتى الأعداء ؟؟..

 عقاب يحيى

سيقال كثيرٌ في أوضاع المعارضة ومسؤوليتها، وسنسمع أنواعاً مختلفة من الشتائم والتوصيفات، وسيلعننا الشباب الذي يقدّم الدم والصدر العاري، ويفرش لنا الطريق معمّداً بالتضحيات.. ونحن.. ما زلنا نفترس الأنا، والعصبويات، والحزيبويات، والنرجسيات، وتطفو على السطح ركامات أعوام الإحباط، والعجز، ونتاجات تنظير الانتظار، والمراهنات، والعقلانية والتعقلات، وحساب التوازنات وموازين القوى، والأطراف والمعادلات، والتخوفات واللاءات.. وكثير من عجيج وضجيج طواحين الهواء، ومعارضات الفطر والفطور، والتصنّع والبثور، والنتيجة : كلٌ يرمي بحجارته على الآخر... وكثير يغني على "ليلاه" الخاصة، وليلى سورية تعاني، وليلى سورية الحلم الذي وضعه الشباب أمام مرأى أنظارنا، وقريباً من قبضات النصر.. يعاني.. ويكاد يدخل مرحلة المكابدة..؟؟...

 كتبنا كثيراً  أيام زمان  عن أزمة المعارضة التقليدية، ولم يكن بالحسبان هذا الطوف الطافي من معارضات تلد كل يوم وتطفو على السطح بقعاً، وجزراً معزولة، وكيانات مشرأبّة نحو القطاف، والمظهرة.. والكلام الكبير..

وأيام زمان .. تنتهي افتراضياً عند تاريخ الخامس عشر من آذار.. يوم فجّر الشباب خزين العقود : انتفاضة تتحول إلى ثورة نوعية، استثناء، لوضع، ونظام، وظروف استثناء.. يوم ألزمنا الشباب  ولو رغماً عن كساحنا، وضعف النظر، وتصلب الشرايين، و"ديسكات" أزمان المطاردة والبيات.. وغيرها أن نحقن عروقنا بشيء من دمائهم الفتية.. فشبشبنا، وبعضنا عادت إليه الحياة فعلاً، وبعضنا صار تماماً مثل (عودة الشيخ إلى صباه) فصبغ شعره بالأسود، وفتلّ شاربيه، وتمنطق بالحيوية والكلام الكبير، الصاخب.. وإذ بالدنيا عجقة، وزحمة، وتدافع بالمناكب، ودوس على الغير، ودفش وتدفيش، وسباق وتسبيق، ومؤتمرات بكثير من التزويق والتلفيق.. بانتظار التصفيق، وتقريب وتطفيش.. والمهم من يبرز ومن يعيش ولو على حساب الآخر..

تلكم هي الصورة الظاهرة التي تغطي وجه المعارضة السورية بكل ألوانها، وأنواعها، ومحاولاتها.. والتي تسهّل إطلاق الحكام بالجملة، ووضعها جميعاً : أحزاباً وشخصيات مستقلة ونخباً وناشطين في صرّة الاتهام، وتحمّل مسؤولية ما يشبه الاختناق، أو ما يشبه(صندوق العجائب )..

 لكن، ونحن نحاول الاقتراب من الموضوعية، والدخول إلى بعض أعماق الوضع وأسبابه، ومفاعلاته.. يجب أن نسجل النقاط التالية :

1  يجب ألا ننسى أننا نواجه دفعة واحدة، وبلحظة واحدة ركام ونتاج عقود طويلة من الاستبداد المكين كسّرت أضلع وأجنحة وأيدي المعارضة، وعوّقتها في مناطق مختلفة، وصولاً إلى قلبها، وبنيانها الرئيس.. ليس عبر المحاصرة وعمليات التصفية والاعتقال والملاحقة والهجرة القسرية وحسب.. بل في قطع أوردتها، وتجفيف المياه من حولها بما أحدثه النظام من تحولات بنيوية في الشعب بانتزاع التفكير بالشأن العام، والعمل بالسياسة، ووضع الصمت المطبق المجلل بالرعب والشك والحذر.. وخوف الأخ من أخيه، والأب من ولده، والجار من جاره..وانعكاسه على حياتها الداخلية، وعلى فعاليتها، وعلى مستوى، ونوعية وعدد الأزمات التي واجهتها .

2  هذا الوضع نسف كل ما يعرف ويقال عن وجود ميزان قوى بين طرفين : النظام  معارضة، حيث سيطر الأول تماماً، وهرس الثاني تماماً.. ولم يعد وجود الثاني يمثل خطراً جديّاً على الأول، أو بقدرة ممارسة أي ضغط لتحصيل بعض المطالب، وإنجاز بعض الحقوق التي يمكن الارتكاز عليها فيما يسمى بالتراكم.. فقعدت المعارضة على الأرض، بانتظار مجهول التطورات، وما قد تحمله الأيام من قابليات مصدرها النظام، أو التنجيم بحصول خارق.. كانت الثورات العربية المتنقلة حامله .

 كان من نتاج ذلك أن الاتجاهات الجذرية التي رفضت باستمرار أي رهان على قابلية النظام على الإصلاح أن تجد نفسها تحارب طواحين الهواء، فاعتزل بعضها وتكوّر، وحاول بعضها قرع الأجراس دون امتلاك قدرة التأثير، بينما نما الخط الواقعي الطبيعي الذي يرهن نشاطه، وحيّزه، ناهيك عن زمن ومستوى التغيير على ما قد يجود به النظام من مبادرات وخطوات، فطال الانتظار طويلاً وكثيراً، وقعد الرهان على الرهان ثم نام بائساً، بينما لم يمانع البعض من اشتقاق صيغ متفلسفة لمقابلة النظام في آخر الطريق الذي يحدده حين قرروا" إيقاف معارضته" بطريقة وغطاء أقرب للكركرة والمداعبة .

3  أعتقد جازماً، ومن خلال معرفة دقيقة بحال المعارضة ومفرداتها وشخوصها الرئيسة.. أن الجميع قابل الانتفاضة  على الأقل بعد إثبات وجودها  بترحاب شديد، وبإيجابية كبيرة، لأنها تمثل لهم الحلم والرافعة، وحاول من موقعه تقديم الدعم لها، وتبنيها، والانخراط فيها، لكن جملة عوامل، بنفس الوقت، كانت تحول دون تحقيق المطلوب بالصورة التي تعزز خط ومسار الثورة، وسقف مطالبها، وترسيخ رؤاها، وتصوّرها عن البديل والمستقبل .

 يجب ألا ننسى هنا طبيعة الظرف الذي قامت به الثورة وهي تبحث عن أشكالها القيادية، إن كان لجهة العفوية في تشكيل التنسيقيات، أو الخلفيات المتعددة، والتنافس متعدد الوجوه، أو التوزع الصعب بين المهام الميدانية الكثيرة، المتشعبة التي تستنزف الجهد والوقت، بما فيها ملاحقات النظام الحثيثة لتصفية واعتقال الرموز الناشطة، وبين ممارسة العمل السياسي القيادي، والاتجاه من العفوية والبعثرة والتعدد المختلف الألوان، وضعف التجربة، ومستوى الوعي.. إلى البلورة السياسية وممارسة فعل القيادة بالمستوى المطلوب.. فحدث الخلل .

 الخلل أدى إلى نوع من خندقة بين عموم التنسيقيات، وبين المعارضة التقليدية، وباتت وقوده كثير الشعارات والمحتويات..خاصة وأن حالة الانقطاع بين الأجيال سهّلت لكثير الشباب إصدار أحكام قاطعة على المعارضة، وقذفها باتهامات ونعوت مؤذية، وإلغاء دورها ونضالها، وما قامت به من عمل، وما قدّمته من تضحيات، وما أحدثته من تراكمات يستند إليها نضال الشباب وخزين الانفجار. مقابل توجيه عدد من الانتقادات للشباب حول مستوى وعيهم، واندفاعهم، أو عدم تقديرهم لموازين القوى، وحول عاطفية شعاراتهم خاصة ذلك المتعلق ب"إسقاط النظام" وغيره كثير.. بدل جسر الهوة، واللقاء، والتعاون المندمج الذي يقدّم فيه كل طرف ما يقدر عليه، ويبرع به : خبرات وتجارب ووعي الكبار، وحماس وإخلاص واندفاع وحيوية الشباب.. ومن ثم الإقرار بدور الشباب القيادي في هذا الثورة التي وإن كانت ثورة الشعب بكافة أطيافه، إلا أنها ثورة الشباب أساساً، ومآلاً .

4  بالعودة إلى خلاف واتفاق المعارضة ، فإنه بالإضافة إلى تلك الوقائع ونثارها ونتاجها، واختلاف الرؤى والخلفيات الفكرية والسياسية، وموقع الحساسيات الموضوعية والذاتية، والعصبويات الحزبية الضيقة التي لا تسمح للبعض بتجاوزها إلى المشترك العام.. فإن الخلاف البيّن حول التعاطي مع النظام يسهم جدّياً في استمرار الخندقة والخلاف، ويمنع النوايا الطيبة لدى الأغلبية، وجميع المحاولات من أن تؤتى أكلها .

لنقل صراحة أن هناك خطين، وربما نهجين في التعاطي مع النظام . خط ما زال يراهن على إمكانية الحوار(المشروط) مع النظام في موقع ما، وتحت خيمة(مؤتمر وطني جامع)، ويسوق الكثير من المبررات العقلانية، حول طبيعة القوى في كل طرف، والمخاطر التي قد تتعرّض لها بلادنا، وانسداد طريق التغيير ذاتياً عبر الثورة أمام عدم تفسخ النظام حتى الآن .. وبما يجعل من فكرة الانتقال التدريجي، والسلمي الطريق الوحيد الممكن، والآمن..إلخ، كما يتدرّع أصحاب هذا الاتجاه كثيراً بيافطة المؤامرة الخارجية، والتضخيم من شعار اللا للتدخل الخارجي.. وكأننا في موقع المتهم الذي يجب أن يثبت للنظام أننا وطنيون، وأننا لا نستقوي بالخارج، في الوقت الذي يستدرجه هو بكل ممارساته الفئوية القمعية، الدموية، مثلما يعمل على توريط الثورة بالعمل المسلح، أو بالدفع نحو مهاوي الحرب الأهلية الطائفية .

الاتجاه الثاني لا يرى أي مبرر ومسوّغ، لا من قبل ولا من بعد، لعقد أي مراهنة على نظام أمني، مافيوزي، طغموي معروف البنية والنهج، غير قابل للإصلاح أبداً، فكيف وقد أولغ بدماء الشعب، وأقام المجازر الجماعية المتنقلة، وأسفر عن وجهه الوحيد القبيح.. وفوق هذا، وقبل هذا كله فإن التناغم مع الشارع يستوجب احتضان مطالبه، ومطالبه تتلخص اليوم بشعار إسقاط النظام بشكل كامل وشامل وواضح لا يقبل التأتأة، والمراوغة بالكلمات وغيرها..

5  خلافات المعارضة هذه يمكن أن تكون عامل تنوّع وتعدد في الآراء حين لا تتصادم متنازعة متنافسة، وحين تنجح جميع الاتجاهات في مدّ الجسور الطبيعية مع الشباب وهيئتهم لدعمهم، ومن أجل أن تصبّ كل الاجتهادات، كل المحاولات، كل التنوعات والآراء والنشاطات في المصبّ العام للثورة وليس في أقنية جانبية، أو في روافد ذاتية، أو بديلة، خاصة إذا ما ارتقى الجميع فوق الذاتي، والإقرار بأن التنوع والخلاف غنى يمكن تنهيجه عبر صيغ ما من التنسيق والتعاون، وإن لم ترق إلى التوحد، أو العمل المشترك في أطر واحدة، كالاتفاق مثلاً على مجلس حكماء، وعلى جدولة المهام وتوزيعها .

6  في المقابل لا يمكن لأحد أن يغمض العين عن وجود أجندات خاصة مسبقة ولاحقة يحاول أصحابها وتوابعهم وأصابعهم تمريرها تحت أغطية متعددة، بما فيها الزحلقة، والالتباس في الطروحات، والمحاولات والأنشطة التي تعجّ بها ميادين المعارضة الخارجية .

فبين المؤامرة الدريئة، المؤامرة الذريعة.. وبين الحقيقة خيط رفيع يجب رؤيته ومتابعته كي لا نكون غافلين عن وجود قوى كثيرة لها مصلحة بتمزيق بلادنا، واحتواء الثورة لصالح أجندات معروفة، أو وضعها بين رحى المشاريع الإقليمة والعربية والدولية .

 ولعل الأهم من ذلك كله وجوب التركيز على ثبات وصمود الثورة في الميدان، بما يستتبع ذلك من دعم الجميع، وتقديم العون اللازم حتى وإن كنا مختلفين، وإن لم يصل (أصحاب الشأن) إلى صيغ واحدة فيما يخص ما يسمى بالمجلس الوطني، أو أية أشكال سياسية يحتمها واقع الثورة، وليس الأمزجة، والخلفيات الذاتية الباحثة عن التسابق في احتلال الصفوف الأولى، وحجز الأماكن الموهومة للسلطة القادمة وكأن الثورة انتصرت ولم يعد ينقص سوى توزيع الغنائم .

7  من الأهمية بمكان الآن أن يكون إسقاط النظام قاسماً مشتركاً للجميع، يجتهد كل طرف للعمل على تحقيقه بالوسائل المتاحة، وأن تتجه الجهود باتجاه دعم شباب الثورة ومساعدتهم في أعبائهم الثقيلة، وفي ترشيد وعيهم وتصوراتهم ووسائل عملهم، وسبل تأطيرهم وتوحيدهم من جهة، والسعي الحثيث لوحدة أطياف المعارضة منعاً للتشتت وآثاره على الجميع، وفي الدرجة الأولى : على الثورة والمرحلة الصعبة التي تجتازها اليوم، والتي تهددها بالاختناق ما لم تتضافر كل الجهود لتحمل الأعباء، وتوازع المسؤولية، وليس رشق الاتهامات، وقذف المسؤولية على هذا وذاك ..

==================

كيف يمكن أن تنجح الثورة السلمية في إسقاط النظام؟

مجاهد مأمون ديرانية

الثورة السلمية يمكن أن تُسقط النظام -بإذن الله- إذا استمرت بالضغط ولم يتخلّ أصحابُها عنها، هذا ما خلصنا إليه في المقالة السابقة، لكن كيف؟ تعالوا نفكر معاً.

الذين يقولون إن النظام لا يمكن أن يسقط مُحقّون في حكمهم لأنهم يتخيلونه كياناً جامداً مقاوماً للضغوط، أما أنا فلا أراه كذلك. هل فكرت ذات يوم: ما هو النظام؟ النظام ليس منشآت وآلات، النظام ناس مثلي ومثلك، والناس يتعبون سواء أكانوا من الشعب أم من أعداء الشعب.

لنفكر في الناحية البدنية: الجمهور الثائر يعبّر عن ثورته بالمظاهرات، وقد وجدت بالسؤال والاستقراء أن الواحد من المتظاهرين يشارك بالمتوسط بثلاث مظاهرات أسبوعياً، يُمضي فيها كلها أقل من خمس ساعات (بالطبع هذا الرقم معدل تقريبي، ولا بد أن الناشطين الرئيسيين ينفقون من الوقت أكثر من ذلك بكثير، لكنهم قلة بالنسبة لجمهور الثورة الكبير). إذا علمنا أن الأسبوع فيه مئة وثمان وستون ساعة فسوف نرى أن هذا المشارك الفاعل في الثورة يبقى له في كل أسبوع مئةٌ وثلاثٌ وستون ساعة ليصرفها حيث يشاء، بالعمل والعبادة والنوم والراحة والرياضة والزيارات والقراءات وغير ذلك من الأنشطة الخاصة، وحتى لو أنه تعب أو مرض أو انشغل في أحد الأسابيع وأخذ إجازة من المشاركة في المظاهرات فلن يؤاخَذ ولن يعتب عليه أحد. الطرف الآخر من المعادلة هم عناصر الأمن وأفراد العصابات المسمّاة بالشبيحة. الواحد من هؤلاء يعمل سبعة أيام في الأسبوع لأنهم يعيشون بلا إجازات منذ انفجار الثورة، وهو لا يتقيد بدوام محدد يومياً كسائر موظفي الدولة والقطاع الخاص، بل يعملون أكثر ساعات اليوم، في الليل والنهار وفي يوم الجمعة وفي سائر الأيام، لأن المظاهرات لا تتقيد بدوام محدد بل تخرج بالليل والنهار وفي سائر الأوقات، وهم أقلية مقارَنةً بأعداد المتظاهرين الغفيرة (باستثناء دمشق وحلب) فيضطرون إلى العمل المستمر فيما يتناوب المتظاهرون، فيتظاهر منهم فريق ويرتاح فريق.

لنفكر في الناحية النفسية: جنود الثورة وأنصارها لا يشعرون بالقلق من المستقبل. إنهم تُضنيهم المعاناة اليومية ولكنهم لا يشكّون في انتصارهم على عدوهم مثقالَ ذرة، إن لم يكن بعد شهر فبعد شهرين أو أربعة أو عشرة، المهم أنهم هم الغالبون بإذن الله. أما النظام فبماذا يحسّ عناصره ومجرموه؟ أليسوا بشراً مثلنا ويعتريهم ما يعتري البشر من هَمّ وقلق وخوف ويأس وإحباط؟ إني لأراهم بعين الخيال لا ينامون من الليل إلا قليلاً من شدة الخوف والقلق، بل إني لأكاد أحلف أنهم لا ينامون إلا بالعقاقير المهدّئة من فرط الهم والقلق. أليسوا يفكرون كما نفكر؟ أليس كل متفكّر متأمل في أحوال سوريا يدرك أن النظام ساقط لا محالة؟ أجمع على ذلك أهل الشرق وأهل الغرب، فلماذا يكون رجال النظام استثناء؟ ألم يروا بأعينهم كيف هوى نظام الإجرام الكبير في ليبيا من قريب؟ لا بد أن هذه الخواطر تجول في أذهان مجرمي النظام في سوريا طول الوقت، بالليل والنهار، ولا شك أنهم يعيشون في رعب وقلق دائمَين. سأعيد وأكرر: لا تفكروا فيهم كأنهم كتلة اسمها النظام، بل باعتبار أنهم رجال مثلنا لهم زوجات وأولاد وعائلات، ألا يخاف الواحد منكم ويركبه الهم والقلق لو كان محل الواحد منهم؟ فقط أطلقوا لخيالكم العنان وستعرفون كيف يعيشون في هذه الأيام وكم يعانون.

تلك حال أعوان المجرمين وعبيدهم من عناصر الأمن والعصابات، أما كبار المجرمين، الرئيس المخلوع وعصابته وأقرباؤه، فهؤلاء بلاؤهم أشد لأن عاقبتهم أنكى، فقد دخلوا في نفق النهاية الذي ليس له مخرج، نار الثورة تتعقبهم من وراء وأعواد المشانق تنتظرهم من أمام. كيف تتصورون حياةَ مَن هذه حالُه؟ أكاد أقسم إنهم أشد كرباً من أسْرانا الذين يتعرضون للتعذيب في أقبية السجون!

فإذا كان رجال الثورة يتعبون فإن رجال النظام يتعبون، وإذا كان رجال الثورة معرضين للقلق والإحباط فإن رجال النظام معرضون للقلق والإحباط، وإذا كان رجال الثورة معرضين لليأس فإن رجال النظام معرّضون لليأس، وإذا كان من ثمرات يأس الثائر أن يتخلى عن ثورته فإن من ثمرات يأس عنصر النظام أن يتخلى عن النظام.

لكن فكروا بموضوعية: أي الفريقين أقرب إلى اليأس؟ الجواب على هذا السؤال يمر من خلال التاريخ، فماذا يقول تاريخ الثورة في ستة أشهر؟ أرجو أن تساعدوني على الجواب.

(1) بدأت الثورة من خمس مدن في سوريا. لو أنها تناقصت إلى أربع ثم إلى ثلاث فاليأس أقرب إلى قلوبنا وأبعد عن قلوب أعدائنا، فهل تعلمون كم موضعاً بلغته الثورة في سوريا، بين قرية وبلدة وحي من أحياء المدن الكبرى؟ لقد اشتغلت بإحصائها حتى بلغت 596 موضعاً، وقد زادت من بعد ولكني تكاسلت عن المتابعة (تفصيلها هنا:

 http://shamquake.wordpress.com/2011/08/

04/مواقع-الثورة-السورية/

هذه المعلومات قد يزهد فيها أصحابها، بل إني أرى كثيراً منهم يزهدون فيها على التحقيق، ولكن أجهزة الأمن التي ترصد الثورة تدركها وتعرفها معرفة اليقين. ألا تظنون أن معنويات الأعداء تنخفض مع كل موقع جديد تصل إليه الثورة؟

(2) بدأت الثورة بمظاهرات تضم مئات من المتظاهرين، كان يلزم أن يقل العدد إلى عشرات ثم إلى آحاد لترتفع معنويات الأعداء وتنخفض معنويات الثوار، ولكن الذي حصل كان معجزة خارقة، لقد تضاعف الثوار ألف ضعف، فصار المئات مئات ألوف وقاربوا المليون. لا تقولوا إنهم تناقصوا أخيراً بسبب ضرب المدن واجتياحها واعتقال عشرات الآلاف من الأحرار، هؤلاء متظاهرون ولو لم يخرجوا إلى الشوارع. إذا تخرّج في جامعات سوريا عشرة آلاف مهندس فاشتغل منهم ستة آلاف وقعد في البيوت أربعة آلاف لأنهم لم يجدوا وظيفة فإن الإحصاء لا يقول إن في سوريا ستة آلاف مهندس، سيقول إنهم عشرة آلاف لأن الإحصاء يهتم بصاحب الشهادة الذي يمكن أن يتحول إلى مهندس عامل في أي لحظة بمجرد تغيّر الظروف لصالحه. إنه مهندس متعطل عن العمل مؤقتاً، والمعتقلون أو المحاصَرون ثوارٌ متعطلون عن الثورة مؤقتاً، ثوار كامنون سيعودون إلى الشوارع بمجرد ارتفاع المانع بإذن الله (بل إنهم يستنزفون طاقات النظام لأنه مضطر إلى تفريغ أعداد كبيرة من عناصره لحصار المدن ومنع المظاهرات، ولاعتقال الثوار وتعذيبهم والتحقيق معهم في السجون). هذا كله يدركه عملاء النظام ورجال النظام ولو نسيتموه أنتم يا أصحاب الثورة، فهل يقربهم من اليأس أم من الأمل؟

(3) أنتم تقرؤون وتتابعون الأخبار وتعلمون أن النظام يزداد عزلةً باطّراد مع تخلي دول العالم عنه وتحركها لإسقاطه. ربما يُحبطكم بطء العالم في التحرك، ولكنكم تلاحظون الاتجاه، وماذا عن أعدائكم: ألا يسمعون ما تسمعون ويقرؤون ما تقرؤون؟ ألم يروا كيف انهار النظام المجرم في ليبيا بعدما بذل في الإجرام الغاية، فضرب المدن بالصواريخ والقنابل وفتك بالمتظاهرين برشاشات الطائرات؟ لقد قتل عشرات الآلاف من المدنيين ولكن الثورة استمرت حتى سقط، وعندما سقط النظام الليبي فر المجرمون الكبار -الرئيس المخلوع وأبناؤه- كالفئران وتركوا المجرمين الصغار ليلاقوا وحدهم سوء المصير! هل تظنون أن مجرمي النظام السوري لم يفكروا في ذلك كله؟ وإذا فكروا فيه فهل يقتربون من الأمل أم يقتربون من اليأس؟

النتيجة التي سننتهي إليها بعد استعراض العوامل السابقة كلها هي أن البشر الذين يتكون منهم النظام يتعرضون لضغط أشد وأكبر مما يتعرض له جمهور الثورة، وأن أملهم بكسب المعركة أقل من أمل رجال الثورة، وأنهم بالجملة أقرب منّا إلى اليأس. لذلك أنصحكم: لا تفكروا: إلى متى نستطيع الاحتمال؟ ولكن فكروا: إلى متى يستطيعون الاحتمال؟ لا تنشروا عبارات اليأس في أوساط الثورة، بل أظهروا التماسك والصلابة والثبات لتزيدوا عدوكم قلقاً ولتدفعوه شوطاً أبعد باتجاه اليأس والإحباط.

لا، ليس عدو الثورة الأكبر هو النظام؛ إن عدو الثورة الأكبر هو اليأس. النظام يضغط منذ ستة أشهر ويقتل ويعتقل ويقصف ويحاصر ليصل إلى نتيجة واحدة: انسحاب الناس من الشوارع وعودتهم إلى البيوت. هذا الهدف الذي استعصى على النظام في تلك الشهور الطوال يحققه اليأس من أهون الطرق.

فيا أيها الأحرار الذين تخرج من أفواههم عبارات تدفع إلى اليأس: إن الكلمة من هذه الكلمات تخرج من أفواهكم لَهي أشدّ قتلاً للثورة من الرصاصة تخرج من بندقية القنّاص. يا أيها اليائس: إن لم تبلغ بك الثقة بالثورة واليقين بنصر الله أن تنشر الرجاء وتذيع الأمل في الناس فلا أقل من أن تعيرنا صمتك وأن تقيَ الثورةَ من شرّك. لا تزعجك حدة كلماتي يا أيها اليائس المُخَذّل، فإن كلماتك أشدّ حدة وأكثر فتكاً في ثورتنا، فاتقّ الله فينا.

* * *

ولأن الضغط لا بد أن يُؤتي ثمارَه مع الوقت فقد بدأ النظام يتصدع. إنه يتصدع الآن من أطرافه الأضعف: الطبقات الأدنى في الجيش والحزب، ولكن لا يهم، فما دام التصدع قد بدأ فعلاً، وما دام يزداد انتشاراً يوماً بعد يوم، فلا بد أن يبلغ درجة الانهيار التام ذات يوم قريب أو بعيد بإذن الله. إنه مثل الشق الذي نراه في زجاج السيارة الأمامي إذا أصابته ضربة قوية بحجر صلب، إنه يبدأ صغيراً بطول العقلة، لكنه يستمر في الامتداد مع الأيام حتى يفلق الواجهة الزجاجية كلها نصفين. المهم أن يبدأ الشرخ، وقد بدأ بحمد الله.

فأما الحزب فقد انفضّ عنه وانشق المئات من أعضائه، ولكن كوادر الحزب أجبن من أن يتحملوا تبعات الانشقاق لذلك لن نعوّل عليهم كثيراً، فهم بالجملة من حثالة الأمة التي رضيت أن تتحول إلى ممسحة تنظف العصابةُ الحاكمة عليها أحذيتها مقابل بعض الامتيازات والمكاسب التي لا تتناسب مع خسارة الشرف والضمير. لا أنكر أن فيهم شرفاء ولكنهم قليلون، وهؤلاء أزعجوا النظام وأربكوه ببعض الاستقالات والانشقاقات، وما يزال عددهم يتكاثر.

الجيش أهم بكثير، وبما أنه بالجملة أشرف من الحزب وأبعد عن التلوث (باستثناء قياداته العليا) فإن احتمال تصدعه أكبر وأسرع، وهذا ما نشاهده بالفعل. ربما لا تصلكم أخبار الانشقاقات كلها ولكنها كثيرة بالتأكيد، وقد تجاوز عدد المنشقّين والهاربين من القطعات العسكرية إلى اليوم عشرةَ آلاف عسكري، منهم عدد يتراوح بين ألف وألفين يعملون مع الجيش الحر المنشق والباقون تفرقوا في البلاد، حتى إن الشرطة العسكرية تحمل بطاقات بحث عن نحو سبعة آلاف عسكري في محافظة ريف دمشق وحدها كما قرأت في أحد التقارير من وقت قريب. لقد بدأت الانشقاقات بحالات تمرد فردية في الأيام الأولى لاجتياح درعا، ولكنها استمرت بالازدياد حتى صارت حالات عامة تتكرر بمعدل شبه يومي في كثير من المناطق، ولا سيما في محافظة حمص وجبل الزاوية ومنطقة دير الزور، وفي حالات عديدة كان التمرد على مستوى سرية أو كتيبة. هل لاحظتم المرّات التي استُعملت فيها الطائرات العمودية في العمليات العسكرية؟ يمكنكم اعتبارها قاعدة عامة: كلما شاركت الطائرات مع حملة عسكرية كبيرة يكون الهدف هو القضاء على تمرد بحجم سرية أو كتيبة، هذا ما وصلت إليه بالاستقراء وبتتبع كل الحالات التي سُجّل فيها طيران مروحيات.

بعد الحزب والجيش: هل يوجد أي ضمان لعدم تصدع مؤسسة الحكم نفسها وانشقاق كبار قادة النظام؟ لا شك أنهم لن يكونوا سواء في مقدار يأسهم واستعدادهم للتخلي عن النظام والقفز من مركبه الغارق، فلنركز على الحلقات الأضعف ولنفكر في احتمال خيانتهم وتخليهم عن النظام. ماذا لو امتدت إليهم في هذه الظروف العصيبة يدٌ تعرض عليهم المساعدة مقابل موقف ما؟ ماذا لو تضمّن العرضُ إغراءً بالمال أو بالمأوى الآمن للرجل وأسرته؟ هل يستحيل العثور على عشرات من الرؤوس الكبيرة القابلة للمساومة والبيع والشراء؟ الفاسدون لا يحيط بهم إلا فاسدون، وهؤلاء كلهم نموذج قياسي موحد: لا دين ولا أخلاق ولا ضمير، وهكذا فلا غرابة أن يبيع أصحاب الأسد الأسدَ كما باع أصحاب صدّام من قبلهم صدام وكما باع أصحاب عرفات عرفات، والقائمة -لو أردنا الاستقصاء- تطول.

أنا أظن أن هذا الاحتمال وارد جداً وأنه سوف يتسبب في سقوط مفاجئ ومدوّ للنظام في وقت غير بعيد، ولا أستبعد أن تكون هذه هي الخطة التي تنفذها القوى الدولية لإسقاط النظام بقيادة أميركية ومشاركة تركية وعربية. في ليبيا تحركت على الأرض مجموعات خاصة ونفذت عمليات نوعية واستخباراتية كان لها دورها في حسم المعركة، ولا أجد ما يمنع من تحرك مجموعات مشابهة على الأرض السورية في هذه الظروف. قد تكون الحركة أصعبَ ولكنها ليست مستحيلة، فهذا العمل له أهله المختصّون به كأي عمل آخر. الأخبار التي جمعتها في هذا السياق قليلة ومتناثرة ولكن ترتيبها معاً يقدم صورة لا بأس بها من حيث القوة والوضوح، وقد تقاطع -في الحالتين الليبية والسورية- ذكر قوات خاصة غربية (أميركية أو فرنسية) وعربية (أردنية)، مما يوحي بأن الذين اشتغلوا في ليبيا بالأمس لإسقاط النظام الليبي المجرم يشتغلون في سوريا اليوم لإسقاط النظام السوري الأكثر إجراماً، وسوف تتكشف الأيام القادمة عن كثير من المفاجآت.

هذا السيناريو يبدو مرجَّحاً بدرجة لا بأس بها، ولا أستبعد أن يكون عدد كبير من رؤوس النظام قد باعوا رئيسهم ونظامهم منذ اليوم وينتظرون ساعة الصفر لكشف مواقفهم، فإن ترتيباً كهذا لا يمكن أن ينجح إلا بتكتم كبير وتنسيق كامل حتى يتحول إلى انفجار عظيم يهدّ النظام، وبغير ذلك سوف يتحول إلى طلقات منفردة أو انفجارات صغيرة محدودة يضيع أثرها. ولعل لإقالة وزير الدفاع السابق وما أُشيع عن اغتياله علاقةً بترتيبات من هذا النوع.

إذن فإن هذا المصير ليس بعيداً عن النظام السوري المجرم، وهو واحد من المسارات (السيناريوهات) المتوقعة لسقوطه المخزي بإذن الله. السيناريو الآخر يعتمد على المعطيات نفسها ولكن طريقه طويل: استمرار الضغط الجماهيري الشديد على النظام سوف يرهق أفراد النظام فيتساقطون بالتدريج واحداً بعد واحد، كل بحسب احتماله، فإما أن يتراجع تأييده ويضعف أداؤه في خدمة النظام (واجتماع ضعف أداء أفراد النظام سوف يتسبب بالضرورة في ضعف أداء النظام كله)، وإما أن يتخلى عن النظام وينضم إلى الثورة، وهؤلاء يتفاوتون في تأثيرهم السلبي على النظام بتفاوت مواقعه ووظائفهم، فأعضاء غير قياديين في حزب البعث يمكن أن يزعجوا النظام بتخليهم عنه وعن الحزب وانضمامهم العلني للثورة، لكن ضررهم وإزعاجهم لن يكون بحجم انشقاق المحامي العام في حماة الذي أثار جنون قيادات النظام بشكل واضح، فهو من الطبقة العالية وله وظيفة حساسة ويعرف الكثير من المعلومات، فانشقاقه ليس ضربة معنوية فقط بل إنه قد يكون عنصراً حاسماً في إثراء الملف الجنائي المقدَّم إلى المحكمة الدولية.

* * *

الخلاصة: إن الثورة التي تعيشها سوريا اليوم هي مواجهة بين مجموعتين كبيرتين من البشر، والبشر يتعبون سواء أكانوا مع هذه الجهة أو تلك، لذلك تأكدوا أن النظام يعاني بمقدار ما يعاني جمهور الثورة أو أكثر، وأن المعركةَ معركةُ صبر، أيُّما الفريقين كان أشدَّ صبراً فهو الفريق الفائز بالضرورة. هل تابعتم مباراة في الملاكمة ذات يوم؟ إما أن يفوز أحد الطرفين بالضربة القاضية أو تنتهي بفوز أحدهما بالنقاط. فأما النقاط فيفوز بها الطرف الأطول صبراً، فاصبروا ولا تهنوا يا أيها الأحرار فإن الميزان في صالحكم إلى اليوم، وأما الضربة القاضية فأقول لكم، وإني لصادق إن شاء الله: إن شعباً كاملاً لا يمكن أن يسقط بالضربة القاضية، أما النظام فيمكن أن يسقط. دعكم من فلسفاتي وانظروا في سجلات التاريخ: كم شعباً واجه نظامه فسقط؟ لن تعثروا على أي شعب. حسناً، كم نظاماً واجه شعبه فسقط؟ سوف تتعبون بالعدّ والإحصاء.

==================

يا أيها الثوار ُ.. ثوروا , وانفِروا ..

ضياء الجبالي

يا أيها الثوار ُ.. ثوروا , وانفروا ..

وبصيحة ِالأبرار ِ .. صيحوا , واجهروا ..

يا أيُّها الأحرار ُ.. هبوا , أشرقوا

وبفجر أنوار .. النهار , و نوِّروا ..

حجوا .. إلى ساح ِالجهاد ِ, الأكبر

واسعَوا وطوفوا .. في البلاد ِ, وكبروا ..

اللَّهُ أكبر ُ .. فوق كيد ِالظالم

وهو القدير ُ, هو العظيم ُ,, الأكبر ُ..

************

هيا اخرجوا .. من كل دار ٍ , وانزلوا

ولتتركوا .. دفء َالمنازل ِ, واهجروا ..

لبوا , النداء َ.. إلى النضال ِ, وسارعوا

وإلى الجهاد ِ.. تجمعوا , وتجمهروا ..

سيروا , برايات ِالكفاح ِ.. ولوِّحوا

صيحوا , بأصوات ِالهتاف ِ,, وزمجروا ..

ولترفعوا .. أعلام َمصر َ.. إلى العلا

 وامضوا .. وفي كلِّ الدروب ِ, تظاهروا ..

في كلِّ ميدان ٍ .. أقيموا , واسكنوا

لتحققوا .. نصرَ البلاد ِ, و تنصروا ..

خلوا .. ميادين َالبلاد ِ.. جميعها

ميدان َتحرير ٍ .. لمصر َ, وحرِّروا ..

*************

لصواعق ِ, الرفض ِالمدوي .. ردِّدوا

ببروق ِ, أصداء ِ, الِرعود ِ.. وأنذروا ..

وكما الزلازل ُ, والتوابع ُ, زلزِلوا

ولثورة ِالبركان ِ.. ثوروا , وانشروا ..

كهبوب ِ, إعصار ِالرياح ِ.. تدافعوا

فيضانَ , طوفان ٍ.. وموج ٍ , واهدِروا ..

كهطول ِ, أمطار ِالسيول ِ.. تدافعوا

أنهار َ, رفض ٍ .. بالجموع ِ, وأبحر ُ..

لا ترجعوا , لا تضعفوا ,, لا تهزموا

لا تيأسوا .. من نصركم ْ, واستبشروا..

*****

يا أهلَ مصر ٍ .. واصبروا , بل صابروا ..

إن الكفاح َ.. مراحل ٌ , و مصائر ُ..

وتماسكوا , وتعاونوا ,, وتكاتفوا

 وتوحدوا , وتعاضدوا ,, وتآزَروا ..

وتشجعوا ,, مثل الأسود ِ, وطالِبوا

قوموا , إلى نيل ِالحقوق ِ.. لتزأروا ..

فالنيلُ يصرخ ُ.. أدرِكوا أهرامنا

ولصيحةِ الأجراس ِ.. ثارَ الأزهر ُ ..

لنعيد َمجداً .. طال ليل ُ, ظلامِه ِ

والفجرُ يُشرقُ .. للوجود ِ, ويَظهر ُ ..

*****

دانت لفرعون َ.. الدواب ُ, تخاذلاً

حتَّى مضى , بين البلاد ِ.. يُحاصر ُ ..

واستأسد َ الفأر ُ.. الذليل ُ, بخمره ِ

وجرى يهدِّد ُ.. في الأسود ِ, وينذر ُ ..

نهبٌ , فساد ٌ, بطش ُقمع ٍ , ظالم ٌ

وغداً تدور ُ.. على الذئاب ِ, دوائر ُ ..

وتروح ُسَكرة ُ.. فأرنا , المتهوِّر

وتجيء ُفِكرة ُ.. جرح ِسبعٍ ٍ.. يزأر ُ..

كم من حضارات ٍ.. عتت ْ, و تجبَّرت ْ

في طرفِ عين ٍ.. كالرمال ِ, تناثروا ..

***

 

يا أيُّها المِصري ُّ.. سارع ْ, و انتفضْ

وانزِع ْحقوقك َ.. قم ْ دَعتك, حناجِر ُ..

النصر ُ, في الإصرار .. عبرَ عزيمة ٍ

وعزائمُ الأحرار .. ليست تقهر ُ ..

هذي كنوز ُ, بلادِنا .. منهوبة ٌ

هذي كنوزُك َ.. في الهواء ِ.. تسافر ُ ..

هم يهجمون َ.. على مواردِ أرضِنا

هم ينهشون َ.. كنوزَنا , فلتنهروا ..

هم يشربون َ.. مياهنا, مع نفطنا

هم يأكلون َ.. حقوقنا , فلتزجروا ..

هم يسلبون .. حقوق َ, أجيال ٍلنا

وحقوق َشعب ٍ.. دونما , أن تشعروا ..

هم ينهبون َ.. شراهة ً, أقواتنا

هم يحرمونكم ُ.. الوجود َ, فكاسِروا ..

هم يشنقونكم ُ.. فلا تتأخروا ..

هم يسرقونكم ُ.. الهواء َ.. فحاذروا ..

*************

مليار ُ, مليار .. تحوَّل ُ, خلسة

لبنوك غرب ٍ, كلَّ عام ... تبحر ُ..

والقحط ُ.. يسري في البلاد ,جميعِها

والجوع ينهش ُ.. في الشعوب ,و يَجزِر ُ..

وبلادكم , ثكلى .. تنوح ُ, تولول ُ

كيف الحياة ُ, مع الغلاء ِ.. فجاهروا ..

*************

وحذار ِ.. من آمال ِ.. وعد ٍكاذب

وعمار ِ, وهم ,, و ازدهار ٍ .. غادر ُ..

فلكَم أماتتنا .. وعود ُ, سرابهم

قحط ٌ, ووهمُ العيش ِ.. حلْمُ ساحرُ ..

وتبخرتْ كلُّ الأماني ,, وانقضت ْ

لم يبق غير ُالفقر .. حزناً , يعصِر ُ..

الأرض بورُ .. و انهيار ُمصانع ٍ

ورخاء ُ, إثراء ٍ .. ونهب ٌ, ساخر ُ..

*********

أبناء َمصر ٍ .. لا حياة َ, لأمة ٍ

أبناؤها .. وعن الجهاد ِ.. تسمَّروا ..

أبطال َمصر .. لا وجود َ,لموطن ٍ

فُرسانه ُ.. و من الخمول ِ, تحجروا ..

إن َّالتسيُّب َ, في الحقوق ِ.. مُصيبة ٌ

إن َّالتنازل َ.. في الحقوق ِ.. مدمِّر ُ ..

ما ضاع َحق ٌ.. مِن حقوق ِ, مُطالِب ٍ

والحقُّ يُنزعُ , ليس يوهب ُ.. فاجبروا ..

لن يُرجعَ الحق َّالسليبَ .. تهاونٌ

فإذا رغبتم .. في العدالة ِ, شَمِّروا ..

إنَّ التغاضي .. عن حقوق ٍ , خِسة ٌ

فامضوا ..إلى طلب الحقوق ِ, و آزروا ..

إن التبسُّم َ.. للُّصوص ِ.. جريمة ٌ

في حقِّ أنفسِنا ,, فهبُّوا , كشروا ..

*******

الكون ُصار َ.. لصمتنا , يتعجَّب ُ

صار الوجود ُ.. بخوفنا .. يتندَّر ُ !!

و لصوصُنا .. جاروا على , أوطاننا

بفسادهم , وبنهبهم .. كي يحجروا ..

والشعب في سِجن المعاقل ِ.. يصرخ ُ

والكلُّ في , ضعف ِالضنى .. يتحسر ُ..

والسارقون .. لمالنا .. لم ينظروا ..

إلا لضعف ِ,شعوبنا .. كي يسخروا ..

لا بل وزادوا .. في الشراسة ِ, سَطوة ً

سحلاً ِ, و قتلاً .. بالسياط ِ تجبَّروا ..

ولكلِّ كأس ٍ .. أشربوه , لنا دماً

فليجرعوه ُ.. كؤوسَ ذل ٍّ , تقطر ُ ..

ولكم ْ تمادى .. كبرهم , وغرورُهم

حتى علَوا , في الأرض .. ثم استكبروا ..

اللص ُّمنهم ْ.. صار يَسرق ُ.. مالنا

بنفاقه ِ, وفساده ِ ,, و يفاخر ُ ..

*********

مليونُ قارون ٍ.. من العُرب , اغتنوا

فحشَ الثراء ِ, و حالنا .. تتدهور ُ !!

وبنوك غرب ٍ.. تحتفي , بنقودنا

والشعبُ يبكي, الفقر َ.. وهو مُحاصَر ُ ..

أين المزارع ُ, و المصانع ُ.. فاصرخوا

أين المكاسب ُ, والموارد ُ.. فاجأروا ..

أين المشاريع ُ.. التي , إن أنتجت

تغني عن استيرادنا .. وتصدِّر ُ ؟؟

مادام , لن يبني ..البلاد َ, رجالها

فمتى , وكيف َ, ومَن تُرى ..سيعمر ُ ؟؟

أموالنا ,, وكنوزنا ,, ميراثنا

أموال ُ.. أجيال ٍ لنا .. تتبعثر ُ ..

هبوا جميعاً .. مثل َ, صوت ٍواحد ٍ

لنصيح َ: أين حقوقنا .. يا معشَر ُ ؟؟

هو حقنا .. لم نبغ , إلَّا , حقنا

فلتقسموا , بالعدل ِ.. كي تتحضَّروا ..

******

يا مَن تنام .. عن الحقوق ِ, و تهملُ

تشكو الزمان َ.. سُدى ً, وأنت مُقصِّر ُ ..

لن يرجِع َ, الحقَّ السليبَ .. تجاهلٌ

ولمن يُريد ُالإرث َ.. حقاً .. يجهر ُ ..

وعلى مريد ِالكحل ِ.. أنْ يتكحلَ

ولِمن لِبنتِ العمِّ , يخجل ُ.. يهجر ُ ..

ما دُمتَ تأبى الذل َّ.. فاكسِرْ قيدَهُ

فبرفضك العاتي .. الغنائمُ , تحضر ُ..

مادمتَ تأبى الفقر َ.. فالعن ْ, صمتك َ

وبصوتك العالي .. الأسى َ, يتغير ُ ..

مادمتَ تشكو الظلم َ.. فاهجر ْضَعفكَ

مَن يخش َ.. غيرَ الله ِرباً .. يكفر ُ..

جرَّبتَ صمتكَ .. عن حقوقك َ, خيبةً

أفلا تجرِّب ُ.. أخذ َحقك َ.. تؤْجر ُ ؟؟

كلُّ الرسالات ِ, العظيمة ِ.. قد دَعت ْ

للعدل ِ.. لا للظلم .. فلتتفكروا ..

وغدا ً .. ستنفضُّ , الموالد ُ.. فجأة ً

لتعيش َ, إفلاسَ البلاد ِ ِ.. مقابر ُ..

إن كان جوعٌ .. صارخاً , برخائنا

ما بالُ حين َ .. كنوزنا , تتبخر ُ..

في حينها .. لن ينفع الندمُ , القُرى ْ

وتذكروا .. لن يعذَروا .. مَن أُنذِروا ,,,

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ