ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 08/09/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

هل ينجح نبيل العربي فيما فشل فيه أوغلوا التركي؟

د.هشام الشامي

و أخيراً و بعد طول انتظار و مماطلة وافق النظام في سوريا على استقبال رئيس الجامعة العربية يوم غد الأربعاء ولكن وحيداً و دون بقية اللجنة المشكلة لزيارة سوريا من قبل مجلس وزراء الخارجية العرب نهاية شهر رمضان الفائت

فبينما قال السيد نبيل العربي في مؤتمر صحفي أنه سينقل مبادرة السادة وزراء الخارجية العرب حول سوريا ، أعلن الإعلام الرسمي السوري أن زيارة نبيل العربي تأتي بصفته رئيساً للجامعة وبدون مبادرات أو طروحات أو حتى مشاورات في الشأن الداخلي السوري الذي هو حكر على النظام السوري و لا يحق لأحد كائناُ من كان التدخل فيه

و كانت وسائل الإعلام قد سربت بعض بنود المبادرة العربية لحل الأزمة السورية و التي تقوم على أساس الوقف الفوري للعنف و القتل و سحب الجيش و الميلشيات من المدن و المناطق السكنية و الإفراج عن المعتقلين و إنهاء الحل الأمني للأزمة و تعويض المتضررين و تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة شخصية معارضة و الإعداد لانتخابات تعددية مع نهاية فترة رئاسة بشار الأسد في عام 2014م0

و مما لا شك فيه أن النظام في سوريا سيرفض هذه المبادرة جملة و تفصيلاً تماماً كما رفض من قبل المبادرة التركية التي لا تختلف كثيراً في جوهرها عن المبادرة العربية 0

و كيف يوافق النظام على المبادرة العربية و هو لا يعترف أن هناك مشكلة أو أزمة وطنية ، و إنما هي مؤامرة خارجية تستهدف النيل من مواقفه الممانعة و المقاومة !!

و أن كل هذه المظاهرات السلمية اليومية و على مدى ستة أشهر و التي تطالب بإسقاط النظام على طول و عرض مساحة الوطن رغم كل العنف و القتل و التنكيل الذي تواجهه من قبل النظام ما هي حسب وصفه إلا عصابات مسلحة مندسة من الخارج و عناصر إرهابية سلفية

و لو كان النظام لديه أدنى استعداد لحل الأزمة لكان الأولى له أن يوافق على المبادرة التركية ، خصوصاً و أن الحكومة التركية بقيادة أردوغان – و هي من وقفت معه في السابق عندما تخلى عنه الآخرون و كان لها الفضل بإعادة تسويق النظام السوري إلى العالم بعد الحصار الذي فرض عليه إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في عام 2005 - أقرب إليه من القادة العرب الذين وصفهم بشار الأسد نفسه و بعظمة لسانه في خطابه الحماسي الشهير و على العلن بعد حرب تموز 2006 في جنوب لبنان بأنصاف الرجال.... فبينما رفض النظام السوري أي وساطة مع دولة إسرائيل – و التي يفترض أنها عدوة - لا تكون الحكومة التركية وسيطاً فيها ، رفض بالمقابل أي مبادرة من الحكومة التركية لحل الأزمة بين النظام و المعارضة .

فليس تشاؤماً و لا من نافل القول أن نقول أن المبادرة العربية ميتة قبل أن تولد

و أظن أن القادة العرب يسمعون و يرون الإعلام السوري و أبواقه الذين لا يرون حلاً للأزمة إلا بقتل المتظاهرين (الذين هم إرهابيون حسب وصفهم ) و إخماد كل المظاهرات و الاحتجاجات ( التي هي حوادث شغب و مؤامرة خارجية كما يقولون )0

فقبل أمس و في برنامج حصاد اليوم الإخباري سأل المذيع المتميز في قناة الجزيرة الإخبارية جمال ريان البوق المعروف بسام أبو عبد الله قائلاً : اليوم قتل 17 متظاهراً في مناطق مختلفة من سوريا و كل يوم و منذ ستة أشهر يقتل مثل هذا العدد أو يزيد إلى متى ؟

فأجاب البوق الذي ينعق كبقية رفاقه من أقبية المخابرات المظلمة حيث تربوا و تخرجوا: ستسمع مثل هذا ستة أشهر أخرى ...

فما كان من الإعلامي جمال ريان إلا أن قاطعه مستنكراً : أنت دكتور و تدرِس في الجامعة و تقبل القتل أن يستمر ستة أشهر أخرى ..

يجب أن يعرف الأستاذ جمال ريان و بقية الأخوة العرب و أخص هنا القادة العرب أن ما يسمعونه من بسام أبو عبد الله هذا و بقية الأبواق و ما يشاهدونه على القناة الرسمية السورية و قناة الدنيا التشبيحية و القناة الإخبارية السورية من تحريض و كذب و افتراء يعبر عن جزء بسيط جداً من حقيقة ما يحمله هذا النظام السلطوي الفئوي العائلي المخابراتي الحاقد على شعبه و أمته

و أن ما تشاهدونه من تسريبات قليلة لبعض المقاطع عن طريقة تعامل الأمن و الشبيحة مع المتظاهرين و المعتقلين في المعتقلات الدائمة و المؤقتة – كالمدارس و الملاعب و الحدائق العامة و المستشفيات - من إهانة و تنكيل و تعذيب و قتل و تمثيل و من اعتداء على دور العبادة و رموز و عقائد الأمة و المصاحف و العلماء و المثقفين و الفنانين هو غيض من فيض إجرام هذه العصابات التي عانى منها شعبنا السوري الشجاع على مدى أكثر من أربعة عقود و ما يزال

و السؤال المشروع و المطروح اليوم ماذا بعد المبادرة العربية ؟؟؟؟؟

هل سيعتبر أخواننا العرب أنهم فعلوا ما عليهم و بالتالي سيتركون الشعب السوري الأعزل و المسالم مرة أخرى يواجه مصيره الأسود لوحده و بصدور عارية أمام أحدث و أعتى دبابات و مجنزرات و آليات و مقاتلات و أدوات التنكيل الروسية و الصينية و الإيرانية و التي هي بيد لئام و مجرمي النظام الطائفي الحاقد و مخابراته و شبيحته و قناصة حزب الله الطائفي و ميلشيات العراق السوداوية و فرق الموت الإيرانية ؟؟!! ..

ألا هل بلغت ، اللهم فأشهد

مركز الدراسات الإستراتيجية لدعم الثورة السورية

==========================

هل اسرائيل تخشى أيلول فعلاً ؟

مصطفى محمد أبو السعود

كاتب من فلسطين

لا أكاد اقتنع بمدى صدقية الانزعاج والتذمر الذي تعيشه اسرائيل في الوقت الراهن، نتيجة إصرار قيادة السلطة على التوجه للأمم المتحدة، فالسلطة ستذهب الى الأمم المتحدة لاستجداء الاعتراف بها كدولة، وما الذي يقلق اسرائيل من هذا التحرك طالما أن إصبع مندوب أمريكا في مجلس الامن سيكون حاضر وبقوة.

أظن أن اسرائيل لن تتأثر بحصول فلسطين على الاعتراف الأممي، وأن هذا القلق قد يعتبر رافعة لشأن القيادة الفلسطينية التي فقدت وزنها الأخلاقي والسياسي والوطني على مدار عشرين عاماً، لتصنع لوجودهم مصداقية لتمرير مشاريع مستقبلية، وإلا فالدولة الفلسطينية هي راحة لإسرائيل لأنها ستقول للعالم، بأن على اللاجئين أن يعودا لدولتهم، وبذلك تنتهي اسرائيل من عقدة اللاجئين، كما أن اسرائيل تخلي مسئولياتها عن الكثير من القضايا الفلسطينية، وتظهر أمام العالم بأنها ليست دولة احتلال.

يؤكد كلامي ما قاله الباحث والأكاديمي الفلسطيني والقانوني محمد ابوهاشم، الذي وصف مشروع أيلول بأنه فخ سياسي خطير، حيث أكد أن إعلان الدولة سيحول القضية الفلسطينية من قضية إنهاء احتلال الى قضية نزاع حدودي بين دولتين، مما سيضعف القضية الفلسطينية ويفقدها البعد الأخلاقي، كما حذر أبو هاشم من الانخداع بالمعارضة المفتعلة من الجانب الإسرائيلي والأمريكي لإعلان الدولة، وأكد ان الهدف منها خداع الجانب الفلسطيني من جهة، ومن جهة ثانية الحصول على مكاسب سياسية وقانونية تتمثل في أخذ الشرعية اللازمة لفرض حل إسرائيلي من جانب واحد، يتمثل في إعطاء الفلسطينيين دولة داخل الجدار الفاصل.

لقد اعتبر الكثيرون أن الإصرار الفلسطيني على الذهاب الى الأمم المتحدة مناورة إعلامية تحاول السلطة تحصيل ما يمكن تحصيله، وإلا فلا يعقل أن يذهب أحد الى الآخرين لطلب حقه، وهو يعاني من أوجاع داخلية، فكان من الأجدى التسلح بالشعب الفلسطيني وفصائله حتى يعرف العالم أن الشعب الفلسطيني موحد ولديه البدائل، إن لم يوافق العالم على منح الفلسطينيين حقوقهم بطريقة مشرفة.

ومن جهة أخرى، إن الابتسامات التي يرسمها قادة الدول الذين يستقبلون وفود قيادة السلطة، سرعان ما تذوب حين يلوح في الأفق التهديد الأمريكي لهذه الدول ، كما أن الناظر لهذه الدول لا يلحظ لها تأثير على السياسة الدولية، لذا كان من الأجدى لقيادة السلطة ألا تضيع الوقت، وتعيش على الأوهام التي ما أعادت لنا نصف شبر من أرضنا، التي لا زال الحوت الصهيوني يبتلعا أمام العالم الذي نراهن على اعترافه بفلسطين كدولة . mmomna@hotmail.com

===========================

التوازن والمرونة ومنزلق التطويع

د. محمد عبد الرحمن

عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين

حول التوازن بين التكوين والحركة أو بين الفرد والجماعة

تميزت دعوة الإمام الشهيد بتحقيق هذا التوازن والإحاطة الكاملة لمتطلبات الدعوة والحركة سواء على مستوى الأفراد أو الجماعة ككل، فيقول موضحاً ذلك: "إن هذه الدعوة لا يصلح لها إلا من حاطها من كل جوانبها" .

ومع اهتمام الإمام الشهيد بالتربية وتكوين الأفراد وإصلاح حالهم وتقدير متطلبات نموهم، فإنه لا يحولهم إلى رموز جامدة منغلقة، أو أن يتم تكوينهم فى حجرات مغلقة، وإنما انطلق بهم فى المجتمع لإبلاغ الدعوة وإرشاد الأمة إلى معالم الإسلام وأخلاقه، وجعل المسجد هو أصل الانطلاقة وعاد به إلى دوره الأول فى الإسلام، مع عدم إهماله لوسائل الدعوة الأخرى ومؤسسات المجتمع المتنوعة كميدان للدعوة والإصلاح وجعل من واجبات الأخ فى مراتب العمل أنه مع إصلاح نفسه وتكوين البيت المسلم، عليه فى نفس الوقت التحرك داخل المجتمع وإرشاده وإصلاح المفاهيم والسلوكيات وكسب المتعاطفين ونشر الدعوة، ولم يجعل ذلك أمراً لاحقاً أو مرحلة مؤجلة لحين استكمال التكوين.

وأوضح الإمام فى ذلك أن محاور الدعوة من التعريف بها والتكوين لأنصارها والتنفيذ لوسائلها وحركتها، لا تنفصل عن بعضها البعض بل تسير متعاونة متساندة، إن أى نشاط أو فعالية لاكتمال الفائدة منها يجب أن تتحقق فيها هذه الجوانب الثلاث "التعريف" فنحدد الرسالة الدعوية التى يحملها هذا النشاط.."والتكوين" فنحدد مستهدفاً فى التكوين والتربية يتحقق بها الأفراد فى حركتهم ونشاطهم ونعالج السلبيات التى تظهر عندهم.."وفى التنفيذ" اتقان العمل واكتساب الخبرة والمهارة فى تنفيذ هذا النشاط.

ولهذا كان التركيز على الأفراد يسير متوازياً مع بناء الجماعة وحركتها فى المجتمع، ووجودها فى ساحة التأثير والإصلاح والتغيير حتى تؤول لها الريادة وتقترب من تحقيق أهدافها الشاملة التى أشار لها ركن العمل فى رسالة التعاليم.

ولم يكن هذا مجرد تصوراً نظرياً بل حوله الإمام الشهيد إلى برنامج عملى وخطة متكاملة متعددة المراحل تسير عليها الجماعة فى توازن بين الداخل والخارج، بين متطلبات التربية وواجبات الإصلاح والحركة فى المجتمع ومواجهة الأحداث وقيادة الأمة فيها.

وها هو الإمام منذ الأيام الأولى للدعوة – وهى فى مهدها – يمارس الإصلاح والدعوة بالمجتمع فى نفس وقت تربية وتكوين الأفراد، وتشهد بذلك دار التائبات بالإسماعيلية، والحركة الدعوية الواسعة بين عمال شركة قناة السويس، ثم كذلك نراه فى حركة الجماعة بالمجتمع وإيقاظ الأمة ضد الاحتلال الإنجليزى وتجاه قضية فلسطين والخطر اليهودى، والمساهمة الفعالة فى مواجهة هذا الخطر، وتقديم الشهداء والتضحيات فى سبيل ذلك.

إن دعوة الإخوان ليست دعوة سرية أو دعوة انغلاقية أو دعوة محدودة التأثير والمكان أو محدودة المقاصد والأهداف، وإنما هى تحمل مشروعاً إسلامياً متكاملاً على منهج النبوة لنهضة الأمة الإسلامية فى العالم أجمع.

  وتأتى أوقات وأحداث على الجماعة، فتشهد إقبالاً متزايداً من الناس أو فرصاً مواتية لنشر الدعوة والتحرك بها من مجال إلى آخر أرحب، أو من مستوى لمستوى أعلى، يحدث ذلك أحيانًا بغير ترتيب وإعداد داخلى كامل مسبق ويصبح مطلوبا فى حينها تطوير الدعوة لمواجهتها، واستيعاب هذا الإقبال أو الاستفادة من تلك الفرص والمجالات، وليس القعود والتردد بحجة أن هذا لم يكن جاهزاً فى التخطيط السابق، أو أن الأفراد لم يستكملوا الاستعداد الداخلى اللازم، ومواجهة المتغيرات والمستجدات.

فالفرصة لا تنتظر متردداً أو قاعداً، طالما أن ذلك يسير فى الاتجاه العام للدعوة ويحقق لها المصلحة.

  وقد تأتى أحداث تفرض نفسها على الجماعة بحكم وجودها وقيادتها للمجتمع، مما يتطلب مواقف وفعاليات قد تكون أكبر من حجمها أو إمكاناتها الحقيقية، وفى هذه الحالة تتحمل الجماعة مسئوليتها ولا تتخلى عن واجباتها تجاه الأحداث، لكن مع تحديد دقيق للمستهدفات والتكاليف والإجراءات المطلوبة،والتفرقة بين الممكن والمستحيل،وعدم خروج ذلك عن الخطة العامة ومسار الدعوة فى أساسه.

أما التحجج بعدم الانشغال بذلك لحين استكمال تكوين الأفراد وتربيتهم، فهذا تصور ناقص للدعوة يخرجها من ساحة التأثير ويضعف دورها داخل المجتمع، وهو أيضاً لا يحقق التكوين التربوى الصحيح للأفراد بإبعادهم وانغلاقهم فى هذه الأحوال، كما أنه تصور يخالف المسار الدعوى العملى فى حياة الإمام الشهيد.

  ومن الخطأ أيضاً فى هذا المجال أن ينغمس الأفراد فى الحركة والنشاط ومواجهة الأحداث والمواقف دون وضوح رؤية عندهم، واستيعاب لأهداف دعوتهم وحركتهم، وقدرة على الاستفادة من الواقع المحيط ومن المستجدات لصالح خطتهم ومسيرتهم، أو أن تشغلنا الحركة والنشاط عن التركيز والتكوين التربوى للأفراد واكتساب العناصر الجديدة للصف، بل تستفيد من كل ذلك فى تعميق وتحقيق هذا التكوين المنشود، ولا تصرفنا الحركة مع المستجدات عن خطتنا الرئيسية بل نحول نتائجها لصالح الدعوة.

وإن الميزان الضابط لهذا التوازن، يكون بيد مؤسسات الجماعة وقيادتها وليس وفق رؤية شخصية أو مرجعية فردية .

وبالنسبة لتساؤل قد يطرحه البعض، هل تشكل الجماعة وسيلة أم غاية؟ فإن الرؤية الواضحة المنطلقة من الباعث للدعوة تؤكد أن الجماعة ليست وسيلة ولا غاية، وإنما هى فريضة واجبة لتحقيق التكليف الشرعى وهى تظل قائمة ما دام التكليف الشرعى الباعث على إنشائها لم ينتف، ويخطئ البعض حين يظن أن التكوين التربوى للأفراد مرحلة وأن العمل مع المجتمع مرحلة تالية قد دخلنا إطارها وفعالياتها، فالعمل مع النفس والمجتمع وحدة واحدة ووجهان لعملة واحدة لا ينفصلان، يسيران معاً ويتبادلان التأثير، فإيمان الفرد وإبلاغه الرسالة للناس واجب عليه حتى ولو فقه آية واحدة من كتاب الله، ومراتب العمل التى أشار إليها الإمام الشهيد من تكوين وإصلاح الفرد والبيت والمجتمع، هى مراتب متوازية مترابطة وليست مراحل تنتقل فيها الدعوة من مرحلة إلى أخرى، لكن الفعاليات والوسائل المستخدمة قد تشهد اتساعاً أو ضيقاً أو تطويراً حسب المناخ والأحوال والظروف التى تمر بها الجماعة فى أى محور من المحاور.

ومن الأمور الهامة فى الفهم والعمل وخاصة من يشارك بدرجة كبيرة فى فعاليات إصلاح المجتمع، ألا ينسى الجماعة وأهدافها والعمل على تقوية دعائمها وترسيخ أساسها والارتفاع ببنائها، وأن يقدمها عند اختياراته ويجعلها المرجعية فى مسار حياته وحركته. فهى الركيزة الأساسية لأى إصلاح نريد منه أن يصب فى تحقيق الأهداف الكبرى، وهى القاعدة الصلبة التى تقود وتوجه وتصمد فى مواجهة الضغوط والمعوقات، وتضمن عدم الانحراف والزوغان عن الطريق المستقيم،ولا يجوز لمن يعمل فى صفها أن يقول لقد تجاوزنا مرحلة الجماعة والتركيز عليها إلى مرحلة المجتمع.

إن أى ذوبان للجماعة أو إضعاف لبنائها أو إهمال لكيانها ونموها أو إضعاف لدورها القيادى فى الدعوة بأى حجة من الحجج، لهو بمثابة ضربة موجهة إلى الأهداف الإسلامية الكبرى وإلى المشروع الإسلامى لنهضة الأمة واستعادة كيانها ودورها القيادى فى العالم.

بهذا التوازن بين التكوين والحركة، بين الداخل والخارج- أو بين متطلبات الفرد ومتطلبات الجماعة فى ساحة التأثير والحركة تشق الدعوة طريقها، وبهذه القدرة على استيعاب المتغيرات والمستجدات وترقب الأحداث واقتناص الفرص تسير الجماعة نحو تحقيق أهدافها دون خلل أو ضعف أو توقف أو انحراف عن الأصول والأهداف الأساسية للدعوة.

كما يلاحظ أن تنظيم جماعة الإخوان والأسس التى أرساها الإمام الشهيد فى تكوينه كانت بفضل الله من القوة والإحكام ما جعلها تصمد طوال هذه السنين وتعبر العديد من الأزمات وتتحمل كل هذه الضغوط والمؤامرات،وقد جعل هذا الشهيد سيد قطب عند كتابته عن الإمام البنا يصف ذلك بعبقرية البناء.

فالإمام الشهيد لم يكن يحمل مثل غيره من المصلحين أفكاراً ومناهج ويقف عند ذلك بل حول هذه الأفكار إلى أرض الواقع وإلى تكوين منظم يحمل الدعوة ويستمر عليها لتحقيق أهدافها وكان فى ذلك متأسياً برسول الله فى سيرته ومنهجه حيث أرسى عرى الإيمان فى القلوب وجمعها على عرى الأخوة والترابط ونظمها ووظفها فى حملها للدعوة والجهاد فى سبيلها

كما أكد الإمام الشهيد على أهمية ذلك حيث أشار فى رسالة المؤتمر الخامس أن مصدر قوة الجماعة يقوم على قوة العقيدة والإيمان مع قوة الرابطة والتنظيم ووضع لذلك أركاناً للبيعة وضوابطاً للعمل ومنهاجاً للتربية.

وعندما استعصى علي الأعداء من أصحاب المشروع الغربى الصهيونى ومن تابعهم من أنظمة، القضاء على هذا التنظيم أو إضعافه بالسجن والتشريد وبالقتل والتعذيب وحملات التشويه وتلفيق التهم، بدأت تظهر أطروحات تدعو إلى تجاوز هذا الجانب وعدم الاهتمام بالارتباط التنظيمى ولو مرحلياً فى مواجهة واقع الضغوط المحيطة، ودعموا ذلك ببعض الاغراءات للأفراد وبمساحة أوسع من العمل والظهور كل هذا بهدف القضاء على مصدر قوة الجماعة وجوهر تكوينها.

لقد فشلوا قبل ذلك فى دعم تمردات أو خروج بعض الأفراد على الجماعة، وظنوا أن هذا سيشق صفها ويخرج معهم العشرات والمئات، إذا بهم قد تعلقوا بأوهام وبغصن جاف وإذا بالجماعة قائمة مستمرة لم تتأثر ولم تهتز مهما علا شأن هؤلاء الأفراد.

إن من يفصل بين الفكرة والرسالة وبين العمل الجماعى المنظم يخالف بذلك أصلاً من أصول الدعوة ويسلك طريقاً غير مكافئ للواقع أو قادر على التغيير، وسيبقى عمله ناقصاً وحركته مبتورة .

إن توظيف الأفراد ومن يساهمون فى الدعوة إلى الإسلام، وكذلك فى وضع الخطط والبرامج لمواجهة الأحداث والضغوط والأزمات لا يمكن أن يتم إلا من خلال جماعة منظمة وتوجيه وارتباط تنظيمى قوى ( تتحقق فيه أركان البيعة ) لعناصرها التى تعمل وتؤدى ذلك الدور فى هذا المجال، إن مفهوم تجميد التنظيم أو إضعاف نموه واستيعابه للأفراد والكفاءات، أو تقليل الارتباط به وإطلاقه العنان للأفراد كل "حسب رأيه وهواه"، كل هذه صور لإضعاف الدعوة وتحطيم الجماعة، وبعض من نادى بذلك كانت تعبيراً عن ضعفه وعدم تحمله للضغوط والتضحيات، فكانت قعوداً أو هروباً من الجهاد وتبعاته وإن غلفها بمثل هذه الإدعاءات .

 

بين مفهوم المرونة ومنزلق التطويع

  إن مفهوم المرونة يكون فى التعامل مع الواقع وليس فى المبادئ والمفاهيم الأساسية، فالجماعة تقابل أى مرونة موجودة فى الواقع المحيط بها بمرونة مثلها، وهى لا تحاول الصدام مع الواقع السياسى، لكن تحاول التكيف معه والاستفادة منه، دون أن تقدم تنازلات فى مبادئها الأساسية.

  لكن عندما يصبح الواقع حولها مغلقاً بالكامل، وتتعرض للتضييق والحصار الشديد، فإن الجماعة لا تركز على تقديم المرونة لأنها لن تجد استجابة، وبالتالى لا يكون لتلك المرونة وظيفة، ولهذا تتجه الجماعة إلى عملية تأكيد ثوابتها ومنهجها، وتحدد الحدود الفاصلة بينها وبين المشاريع الأخرى، وبهذا تصبح مرحلة الحصار هى مرحلة التأكيد على الثوابت، ومهما طال أو قصر الحصار، فإن التمسك بالأهداف وعدم اهتزازها وتقوية البناء الداخلى يشكل حالة نجاح واضحة.

  وعندما تأتى مرحلة الانفتاح بدرجاته المختلفة سواء بعوامل مباشرة أو غير مباشرة من الجماعة، أو من فعل الآخرين وتطور الأحداث، فإنها من المرونة والقدرة على استيعاب الواقع المتغير لتحقيق إنجاز التكيف مع الواقع ما دام به مساحة لقبول الحركة الإسلامية، وبالتالى فإن أسلوب الخطاب الصادر يتغير واتخاذ خطوات فى الحركة والمواقف تتناسب مع الواقع الجديد دون الخروج على المبادىء والأهداف أو إضعاف للصبغة والرسالة.

  وهذا التناوب والتغير الدورى من التضييق والحصار إلى الانفتاح والهدوء وتكراره ليس شيئاً جديداً فى مسيرة الجماعة ولا تنزعج له، وإنما تحسن التعامل معه، ولا يؤثر على رؤيتها أو يحبط عزيمتها أو تتعلق بآمال وواقع متغير قد تفاجئ بعدم استمراره.

  هناك فرق بين المرونة فى المواقف وردود الأفعال، وبين الخضوع لأسلوب التطويع والاحتواء، والذى يبدأ بتطويع الخطاب الدعوى تحت حجج ومبررات شتى منها التعلق بأوهام المكاسب الزائلة أو الاهتزاز من تهديد أو ضغط ما.

  وهذه البداية لا تقف عند هذا الحد، بل تنزلق تدريجياً بنفس الحجج الواهية نحو تطويع المواقف والأعمال لتصل فى النهاية إلى تطويع المبادئ والأفكار.

  وتشير الآيات القرآنية إلى جانب من هذا الأمر، عندما تنفيه عن المجاهدين الربانيين أتباع الأنبياء : ((وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ))

[ آل عمران : 146]

فهى تنفى عنهم هذه المراحل المتدرجة التى تؤدى فى النهاية إلى الهزيمة، فالوهن يكون أولاً فى القلب، ثم يمتد ويظهر أثره فى الأعمال والجوارح ليحل بها الضعف والتباطؤ والتخاذل، ثم ينتهى الأمر إلى الاستكانة والاستسلام والتخلى عن المبادئ والأهداف.

  وحول دعوى البعض أن المرونة تقتضى تغيير الأهداف،ما دام المحيط الخارجى أو العوامل المؤثرة متغيرة، وبالتالى يجب مراجعة الرسالة وتعديلها بما يتلاءم مع الواقع،فإننا نرد على هذه الرؤية التى قد تصلح لحزب سياسى محدود أو دعوة أرضية: أن دعوة الإخوان دعوة إسلامية ربانية، وتحمل مشروعاً إسلامياً على منهاج رسول الله وهو مشروع مستقل وليس رد فعل لأى مشروع أخر.

  وليس لها أو لأى كائن أن يغير فى ثوابت ومبادئ وأهداف دعوة الإسلام وهدى القرآن، وإنما التطوير فى الوسائل والإجراءات، وبالتالى فإننا على مدار السنين نرى نفس الأهداف العملية من تربية الصف الربانى القدوة الملتف حول قيادته المتمثل فيه الصفات الإسلامية التربوية فى أعلى درجاتها، وكذلك فى حمله رسالة الإسلام للمجتمع وإرشاده وتربيته وإنهاض الأمة الإسلامية لتؤدى دورها ورسالتها فى إعلاء كلمة الله.

ولأن الجماعة صاحبة رسالة، تتعلق بها الأمة، فقد تأتى أحداث ومواقف أساسية تتطلب إعلان رأى الجماعة المستند لرأى الإسلام.

وقد يكلفها هذا الكثير من التضحيات أو يتسبب فى التضييق عليها.

وإذا جاز لغير الجماعة أن يسكت أو يخضع مكرهاً مضطراً، فإن ذلك لا يجوز للجماعة التى تحمل لواء الدعوة وتقود الجماهير بل تعلن رأى الإسلام وموقفها فى وضوح وحسم وفق الآداب والضوابط الإسلامية.

لقد طلب من الإخوان أن تسكت على اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع العدو الصهيونى مقابل السماح لهم بالحركة، فرفض الإخوان ذلك، وأعلنوا موقفهم الرافض لها على أساسٍ شرعى، ونزلوا للجماهير لتوعيتها وتبيان مخاطرها ونالهم من ذلك أذيً كثيراً من اعتقال وتضييق ومطاردة حتى يومنا هذا ونتذكر فى هذا موقف الإمام أحمد بن حنبل فى مواجهة بدعة "خلق القرآن" حيث أنه كان عالماً يتبعه العامة وجمهور الناس.

  كذلك فإن عوامل النجاح والفشل لمشروع الجماعة وفق الرؤية الإسلامية، يمتلكها الصف وتنبع من داخله، وأما المتغيرات الخارجية والضغوط والضربات مهما اشتدت فهى مجرد معوقات تؤثر على سرعة الإنجاز أو ترفع حجم التضحيات.

  يقول فى ذلك القرآن الكريم: (( لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ )) [آل عمران:111]، (( وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )) [ الأنفال:64] ، وبالتالى فإن المخططات التى تواجهها الجماعة، وتصاعد المشروعات المعادية لها ولدعوتها، تواجه ذلك كله بالتمسك بعوامل النصر والثبات وتماسك وتقوية الصف والبناء التربوى الإيمانى والاستمرار فى حمل الدعوة وترسيخ أركان البيعة، واللجوء لله عز وجل أولاً وآخراً، فهذا هو طريق النصر ومعيار النجاح فى التصدى لكل الضغوط والأزمات، ولا يعنى هذا ترك التدبير أو عدم استفراغ الجهد البشرى، فهذا واجب أساسى، لكن العامل الحاسم هو ما أشرنا إليه.

يطرح البعض إما للتساؤل أو للمشاركة فى حملات التشويه ضد الجماعة، مصطلح الصفقات، وهل هو جائز فى الجماعة،وهل المواقف التى تتخذها تقع ضمن هذا الإطار ؟؟

إن "الصفقة" فى المفهوم التجارى يعنى عملية بيع وشراء بين طرفين مما يحقق الربح والمصلحة فى ظن كل منهما.

وفى المفهوم السياسى تعنى الصفقة بين طرفين هو تنازل طرف أو تراجعه عن بعض مواقفه أو أفكاره مقابل مكسب يناله من الطرف الأخر وبالتالى ذلك يحمل معنى التنازل عن حقوق وواجبات متعلقة به أو المخالفة لما يقوم عليه الطرف من مبادئ ومناهج .

وهذا الأمر بهذا التعريف فى عرف ومبادئ الدعوة الإسلامية غير جائز، وكم عُرض على الجماعة طوال تاريخها من إغراءات رفضتها،وتعرضت لضغوط وتضحيات كبيرة تحملتها فى سبيل الثبات على مبادئها وأهدافها، وبالتالى فإن إطلاق وصف الصفقة على حركة الجماعة ومواقفها وتعاملها مع الأحداث ومع الآخرين بأنه صفقة، فيه تجاوز وعدم تثبت وخلط فى الأمور يحمل معه أسلوب الافتراء.

فأولاً: إن المرجعية عند الجماعة فى حركتها ومواقفها وتعاملها مع غيرها هو أحكام الشرع، فما أجازته وأباحته يقع فى دائرة الاختيار، وما منعته وحرمته لا يجوز تخطيه والأخذ به.

وثانياً: أن الجماعة لديها مؤسساتها الشورية ولا يجوز لأفراد أن يتجاوزوا فى قولهم وقراراتهم دون الرجوع لهذه المؤسسات الشورية القائمة على ضوابط الدعوة.

ثالثاً: أن مبدأ الغاية تبرر الوسيلة ، مرفوض عند الجماعة، ومخالف لضوابط الشرع، فالغاية والوسيلة داخلة وخاضعة لأحكام الشرع.

رابعاً: إن الجماعة تتعاون مع الآخرين وتتواصل معهم، وفق مبدأها " نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ".

وهذا يعنى أن مساحة التعاون تكون فى الجزء المشترك بينها وبين غيرها من الأطراف والاتجاهات ، ولا يعنى أى تنازل من الجماعة عن مبادئها وأهدافها.

خامساً: أن الجماعة لها أسلوبها المميز فى اتخاذ المواقف والتعامل مع الآخرين ، فهى تحرص على عدم تجريح الأشخاص والهيئات ولا تعارض لمجرد المعارضة ، ولا تتهم النوايا، منضبطة بالخلق الإسلامى الرفيع، وتقول للذى أحسن أحسنت ولو كان مخالفاً ومعادياً لها، وتقول للذى أساء أسأت ولو كان من أفرادها، وبالتالى فإنها عندما لا تجارى الأحزاب والأفراد فى هجومهم أو أسلوبهم المخالف لذلك لا يعنى هذا أنه نتيجة لصفقة.

سادساً:إن اتخاذ الجماعة للمواقف،والأحداث والمشاركة مع الغير وحجم الخطوات التى تتحرك بها والتفاوض مع الآخرين أو الاتصال بهم ، كل ذلك يخضع لمبادئ الدعوة ولإمكانيات الجماعة ومصلحتها المعتبرة شرعاً، ليس من منطلق إغراء أو من منطلق خوف من التضحية ويكون ذلك فى إطار وفق خطتها ورؤيتها، فالمشاركة فى تشكيل ما أو عدم المشاركة جائز شرعاً وخاضع لهذه الضوابط وعمل هدنة بين فصائل المقاومة وبين العدو الغاصب جائز شرعاً ولا يسمى صفقة والمفاوضة مع أى طرف لتحقيق مطلب شرعى أو لدفع معوقات وتخفيضها أو للتعاون على أمر نافع، جائز شرعاً طالما انضبط الأمر بالحكم الشرعى، لكن لا يحق فى هذه الممارسة أن تكتم حقاً أو تتنازل عن مبدأ أو تسكت على ظلم أو تزين للآخرين الخلل والفساد.

وهى إذا عاهدت ووعدت صدقت، ولا يتم هذا التعاون بضوابطه مع الآخرين فى الخفاء أو من وراء ظهور مؤسساتها.

وأخيرا نذكر قول الإمام الشهيد فى رسالة المؤتمر الخامس:"أحب أن أقول لإخواننا من دعاة الأحزاب ورجالها: إن اليوم الذى يستخدم فيه الإخوان المسلمون لغير فكرتهم الإسلامية البحتة لم يجئ بعد ، ولن يجئ أبدا ، وإن الإخوان لا يضمرون لحزب من الأحزاب – أيا كان – خصومة خاصة به"

============================

ما هكذا تورد - يا نبيل العربي- الإبل

الدكتور عثمان قدري مكانسي

قراءة في رسالة الجامعة العربية للنظام الأسدي .... 06-09-2011

يأتي الأمين العام للجامعة العربية من المريخ أو عطارد ، فيخلط الحابل بالنابل ، وكأنه لا يدري ما حدث و يحدث في سورية المصابرة من قتل وفتك وتدمير يقوم به أعداء الوطن وعلى رأسهم من يحمل أمين الجامعة العربية إليه هذه الرسالة التي لا تساوي قطرة دم أريقت على ثرى الوطن . فقد مضى على هذه المطالب ستة أشهر، كانت مناسبة قبل أن يعتقل عشرات الآلاف ويستشهد الآلف كذلك ، ويغيب في بطن الأرض آلاف أخرى لا يعرف أحدٌ مصيرها .

ألم يطلع الأمين العام للجامعة على كذب رئيس النظام الذي وعد العالم أن يعيد الجيش إلى ثكنانه ، فلم يزد أن زج به في كل بلدة وحي وقرية وما يزال ؟!

وهل يضحك أمين الجامعة العربية على الشعب السوري أو يضحك على نفسه حين يطالب رئيس النظام بما طالبت به جموع الشعب المصابر منذ أول ثورته وإلى هذه اللحظة ، فزاد النظامُ ورئيسه القتل والدمار؟! أو إن أمين الجامعة العربية ومن شايعه وأرسله إلى النظام الأسدي ما يزالون يأملون من الضبع أن يكون عفيفاً ومن الضفدع أن تكون صادقة ومن الثعلب أن يبتعد عن الغدر ومن الذئب أن يكون فاتكاً ؟.

إن إعادة الجيش إلى ثكناته يعني سقوط النظام سقوطاً ذريعاً وبسرعة فائقة يأباها النظام ورئيسه.

وإن إطلاق سراح المعتقلين العشرين ألفاً أو يزيدون يتطلب أمرين اثنين أما أوّلُهما فلن يكون لأن الآلاف منهم قضوا تحت التعذيب ، فهل يعود الميت حياً ؟ وأما ثانيهما فإن هؤلاء المعتقلين الذين ظلوا على قيد الحياة سوف يكونون أول الثائرين على النظام الذي أذاقهم الويلات في السجون والمعتقلات، والنظام يعلم ذلك ولن يستجيب لشفافية أمين عام الجامعة العربية!

وكيف يعوض النظام المدمر للمتضررين اعتبارهم وهو الحريص على الإساءة للمواطن قتلاً وإهانة وسرقة و... أم إن نبيل العربي يظن نفسه ذاهباً لنظام عريق في الديموقراطية واللطافة؟!!

إن المطالبة بالتعجيل بالخطوات الإصلاحية يستدعي أن يكون النظام حريصاً على تقديم إصلاحات ، ولو كان كذلك ما أرسل جيشه يحصد الأحرار ويخرس الألسنة ، ويفظّع بالآمنين بكل ما أوتي النظام من دموية وحقد واستئصال.... وهل كان الشعب إلا مطالباً بهذه الإصلاحات في بداية حراكه السلمي؟! فما كان من النظام المستبد إلا أن أجرى ساحات الأمة ميادينَ قتلٍ واستباحة ، وجعلها برك دماء .

وما يزال أمين عام الجامعة العربية ومن أرسله يغازل رئيس النظام الأسدي حين يعترف له بشرعية البقاء ثلاث سنوات أخرى – إلى عام 2014 - وكأن النظام لم يفقد شرعيته بأول قطرة من دم سفكها منذ اليوم الأول للثورة ، وبهذا فلا قيمة للشعب السوري المصابر عند أمين عام الجامعة العربية ومن دفعه إلى مغازلة النظام السوري القاتل!

ومن المضحك المبكي أن وفد الجامعة العربية يطرح على النظام أن يجري انتخابات ديموقراطية يخسر فيها احتكاره للسلطة في البلاد حين يطالبه بالحوار مع من يتهمهم هذا النظام بالمتمردين ويرسل شبيحته وفروعه الأمنية لاصطياد الناشطين الحقوقيين والمتظاهرين فيسقط كل يوم عشرات الشهداء بيد هؤلاء القتلة دون رادع من دين أوضمير !

بل إن أمين عام الجامعة العربية يستعطف المجرمين أن يجتمعوا في مؤتمرهم القطري ليتخلوا عن المادة الثامنة التي دسوها في الدستور فلا يكون لهم الحق في التفرّد برئاسة البلاد والسيطرة على العباد!! إن الاحتكام إلى صندوق الاقتراع يرضى به من يريد الحرية والكرامة للمواطن وأن يختار من يريده للحكم ، فهل النظام الأسدي ممن تنطبق عليه هذه الصفة؟ ... عش رجباً تلق عجباً

إنك يا أمين الجامعة العربية ومن أرسلك تريدون للنظام أن يظل كابوساً على صدر الشعب السوري ، وتلتمسون له طول العمر وإطباق السيطرة على رقاب الأمة ...

ما أراك يا أمين عام الجامعة العربية إلا متسلقاً وتابعاً للطغاة لا تنتمي إلى اسمك ولا كنيتك من قريب ولا بعيد ( وإلا فأين النبل وأين العروبة )

لا أراكم الله ما ترغبون ... وأركسكم فيما تخططون

وسيندم الظلمة وأعوانهم حيث لا ينفع الندم ، فهل يعقل أصحاب الفهم والألباب ؟!!

========================

شيخوخة الأنظمة السياسية .. " الحالة العربية الراهنة نموذجا "

أ. محمد بن سعيد الفطيسي*

azzammohd@hotmail.com

مخطئ من يتصور ان التحولات والظواهر الاجتماعية والثقافية التي أصابت العديد من المجتمعات العربية خلال الآونة الأخيرة , ولا زالت بالطبع هزاتها الارتدادية مستمرة حتى اللحظة , هي نتيجة مباشرة للتغيرات السياسية التي حدثت في مجمل الدول العربية , ومخطئ أكثر من يبحث عن حلول ومعالجات سياسية وأمنية للعديد من الأعراض الجانبية التي تسببت بها تلك التحولات والتغيرات في البناء التاريخي للمجتمعات العربية .

 بل نؤكد على العكس في ذلك الجانب التشريحي , ففي - اعتقادي الشخصي - ان التغيرات السياسية التي حدثت مع نهاية العقد الأول وبداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين في مجمل الدول العربية , ووضعت من وجهة نظري " نقطة النهاية " لفصل من فصول التاريخ العربي الحديث , هي نتاج مباشر للتغيرات الاجتماعية والثقافية التي انبثقت عن مجتمعات العولمة والفضاء الرقمي – لمزيد من التوسع والاطلاع , انظر مقالنا : نهاية الايدولوجيا السياسية للأنظمة " الخطاب الرسمي نموذجا " .

 وبما ان تلك التغيرات الخارجية العابرة للقارات , والتي تفاعلت مع عوامل تنافر الأقطاب الفاعلة في الداخل عن المركز , وهو ما اقتضى بدوره توسيع حقل الممارسة الإنسانية وتعميق إمكانية ووسائل التفاعل والتبادل على نطاق واسع من المجتمع الثقافي ومنها الى بقية محاور الحراك الاجتماعي الداخلي , فان هذا الأمر أدى الى بروز نوع من الانفلات السياسي وتأرجح كفة الميزان الثقافي والاجتماعي والتمرد والعصيان المدني على النظام الرسمي القائم .

 وعليه فانه من خلال تجميع وبلورة وتوحيد الخبرة التاريخية وتعميقها ثم تجاوزها من خلال قراءة الرصيد التاريخي لمثل هذا النوع من التغيرات الاجتماعية والثقافية يفرض ضرورة خلق توازن ثقافي لسد ذلك الخلل , ولاحتواء ما يمكن ان ينتج عن تلك التحولات التي فرضتها حقبة ما بعد التحول التاريخي , او " نقطة النهاية " سالفة الذكر .

 وللعلم فان جل النتائج التي يمكن ان توضع في خانة الأعراض الجانبية , والتي رشحت عن تلك التحولات والتغيرات السياسية والثقافية والاجتماعية , هي نتاج طبيعي للفراغ الجديد في هيكلية البناء التاريخي للمجتمع , والذي هو بدوره نتاج انقطاع وتقاطع واتصال وتلاحم مرحلة انتهى دورها ونشوء مرحلة تاريخية أخرى .

 وفي هذا السياق يقول المفكر العربي السوري وأستاذ علم الاجتماع السياسي ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون بفرنسا برهان غليون في كتابه " اغتيال العقل ", ان التوازن الثقافي القائم يقتضي دائما , إعادة صياغة منظومة القيم على ضوء التغيرات الحاصلة في القاعدة الاجتماعية : نمو القوى الاجتماعية الجديدة , ونمو التقنيات والمعارف العلمية الجديدة .

 ولا يستمر إلا بذلك , - أي – لا يستطيع ان يحافظ على روحه العامة وجوهره إلا عندما يستطيع ان يعيد صياغة المفاهيم والمعايير والقيم بصورة تضمن التوازن الاجتماعي العام الأساسي , وهذا يعني ان كل تواصل تاريخي واجتماعي يقتضي ليضمن استمراره ان يستوعب في ذاته إمكانية الانقطاع , وان يمكنه إجراء قطيعة " جزئية " مع الماضي ليقوم بمواصلة كليه عامة مع الجوهر .

 وبالتالي فان رتق ذلك الفتق التاريخي الذي نتج عن تلك التحولات في البناء الاجتماعي والثقافي لمجتمع ما بعد التغيير , لا يمكن بناءه من خلال منظومة مختلفة او بعيدة في صياغة أدواتها العملية والتطبيقية من المعالجات والحلول عن الظاهرة التاريخية , – واقصد – الحلول والمعالجات الأمنية والسياسية , ويمكن استخدام تلك المعالجات بشكل مؤقت على ان تكون مجرد " تكتيك " وليس " إستراتيجية " لاحتواء بعض مظاهر التغيير والتحول في البناء الاجتماعي والثقافي للمجتمع , والتي ينظر إليها من جانب البعض على أنها تهديد للنظام السياسي .

 ونؤكد على ان مجمل الوسائل التي ستبتعد عن المعالجات التي تراعي بدورها خلق توازنات جديدة للتغيرات الثقافية والاجتماعية التي حدثت للمجتمع سيكتب لها الفشل الذريع , كونها لا تعالج الظاهرة من الجذور , بل تحاول حرق الأوراق والفروع الناتئة , وهو ما يمكن ان ينتج عنه ما يطلق عليه بانهيار القوة الناعمة للمركز , واهم نتائج ذلك الانقطاع ما بين المركز وبقية الأقطاب او الأفلاك التي تدور حول محور الدولة كمؤسسات المجتمع المدني والفاعلين في مختلف المجالات وأبناء الوطن الواحد هو تدهور علاقة التوازنات الثقافية والاجتماعية ومنظومة الربط والتواصل مع النظام السياسي القائم .

 وعليه فان المطلوب اليوم لإعادة رتق هيكل البناء السياسي الوليد مع بعض هياكل الماضي السياسي القديم , في محاولة علمية لتلافي مظاهر وردات الفعل والارتدادات المؤثرة سلبا في النظام السياسي نتيجة فترة التقاطع التاريخي بين الفترتين هو البحث عن أدوات التواصل التاريخي والتوازنات الثقافية والاجتماعية , وذلك من خلال محاولات التقارب ما بين النظام السياسي للدولة والفاعلين في الحراك الاجتماعي والثقافي وأبناء المجتمع , وتوسيع مساحة العلاقة ما بين النظام السياسي ومؤسسات المجتمع المدني .

 فضمان استقرار النظام السياسي القائم في فترات التغيير والتحول التاريخي المشابهة , مرهون برسوخ مؤسسات وفاعلين ذلك المجتمع وطبيعة علاقتهم مع النظام نفسه , ومن ثم ثقافة هذا المجتمع الحديثة في الحياة العامة , وذلك من خلال ترسيخ قيم ومفاهيم منظومة الهوية الوطنية وأدوات الربط التاريخي والحضاري ومهارات الأنظمة السياسية وقدرتها على التواصل والتأثير والتفاعل الايجابي مع أركان وهياكل البناء الاجتماعي والثقافي المكون للدولة .

*باحث في الشؤون السياسية ..رئيس تحرير صحيفة السياسي التابعة للمعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية

==========================

تقرير بالمر واستحقاق الدولة الفلسطينية

د/إبراهيم أبراش

Ibrahemibrach1@gmail.com

إن كان تزامن صدور تقرير بالمر الذي يشرعن حصار غزة مع توجه القيادة الفلسطينية للأمم المتحدة لانتزاع اعتراف بفلسطين دولة يبدو مصادفة،إلا أن علاقة كبيرة تربط بين الحدثين بل لا نستبعد أن نشر صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية للتقرير في هذا الوقت هو محاولة للتأثير على موقف القيادة الفلسطينية وردعها عن اللجوء للأمم المتحدة بعد أيام . التقرير الذي يعتبر حصار إسرائيل لغزة (قانوني) صدر من نفس الجهة التي يتوجه إليها الفلسطينيون للاعتراف بفلسطين دولة،الأمر الذي يثير شكوكا ليس فقط حول نجاح المسعى الفلسطيني بل أيضا حول مصداقية الأمم المتحدة وحول رهن مصير القضية الفلسطينية بهذه المنظمة الدولية.

تقرير بالمر تجاوز النزاع بين تركيا وإسرائيل حول سفينة مرمرة إلى إعلان موقف سياسي قانوني خطير يسئ للشعب الفلسطيني ولمصداقية الأمم المتحدة نفسها و ليربك العلاقة ما بين الفلسطينيين والأمم المتحدة،ولا يجوز التخفيف من خطورة التقرير بتوجيه التهم لرئيس لجنة التحقيق السيد بالمر،فبمجرد صدور التقرير يصبح معبرا عن موقف الأمم المتحدة .كما أن توجه تركيا لمحكمة لاهاي بشأن البحث بقانونية الحصار على غزة سيكون مفيدا لتأليب الرأي العام العالمي على إسرائيل ولكنه لن يغيرا كثيرا من واقع الحصار ،فقد سبق لمحكمة لاهاي أن أصدرت رأيا استشاريا حول جدار الفصل العنصري في الضفة وكان منصفا للفلسطينيين ولكنه لم يغير من الواقع شيئا .

الجزء من تقرير بالمر الذي يتطرق للعلاقة بين تركيا وإسرائيل وطلب الأمين العام للأمم المتحدة من تركيا وإسرائيل وقف التصعيد وإعادة العلاقات بينهما أمر يخص البلدين وإن كان للخلاف بين البلدين جانب يتعلق بالموقف من القضية الفلسطينية فإنه في الجوهر خلاف وصراع على النفوذ في المنطقة بين دولتين لكل منهما مشروعها في المنطقة ،ونظرا للعلاقات التاريخية بين البلدين وطبيعة علاقتهما بواشنطن وبحلف الأطلسي فإن التصعيد لن يتجاوز حافة الهاوية ومن المتوقع عودة العلاقة وتسوية الخلاف بين البلدين ،ولكن ما يعنينا هنا في التقرير تلك الجزئية الخطيرة التي تضفي الشرعية على حصار إسرائيل لغزة.

فهذا التقرير (الدولي) يشوبه خلل قانوني وشطط في الرؤية السياسية ،فإذا كانت الأمم المتحدة تعتمد على القانون الدولي في إضفاء شرعية على حصار إسرائيل لغزة أو تعتبر أن حصار إسرائيل لغزة جزء من الصلاحيات الأمنية الممنوحة لإسرائيل حسب اتفاقات أوسلو التي نصت أن الأمن العام والخارجي للضفة وغزة من صلاحيات إسرائيل أو من صلاحياتها كدولة احتلال ،فأن واضعي التقرير ألأممي تجاهلوا أن القانون الدولي لا يتجزأ ولا يجوز انتزاع جزئية من القانون الدولي وتفسيرها سياسيا حسب المصالح السياسية والتوازنات الدولية الراهنة ،أيضا اتفاقية أوسلو رزمة واحدة ولا يجوز لإسرائيل أن تتمسك بجزئية منها وتتجاهل بقية الاتفاقية ،ذلك أن الاتفاقية ولواحقها تنص على أن مدتها خمس سنوات فقط – تنتهي في مايو 1999- وان الاتفاقية تنص بأنه لا يجوز اتخاذ خطوات أحادية تغير من الواقع الجغرافي والحياتي لسكان الضفة وغزة ،وحتى إن لم يتم الإعلان رسميا عن نهاية اتفاقية أوسلو أو إلغائها فأن اجتياح إسرائيل للضفة الغربية في مارس 2002 ثم الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من قطاع غزة في سبتمبر 2005 أنهى الاتفاقية عمليا وخلق واقعيا جديدا تجاوزت قيه إسرائيل بممارساتها اتفاقية أوسلو والقانون الدولي بشكل عام،كما أن مسؤولية إسرائيل كدولة احتلال – وغزة ما زالت خاضعة للاحتلال الإسرائيلي - تفرض عليها توفير المتطلبات الحياتية للشعب الفلسطيني في الضفة وغزة ويحرم عليها القانون الدولي فرض الحصار الاقتصادي على الشعب الخاضع لمسؤوليتها.

سياسيا، فإن التقرير يضع الأمم المتحدة في مواجهة الرأي العام العالمي وفي مواجهة المنظمات الحقوقية الدولية التي أدانت الحصار وأدانت الممارسات الإسرائيلية سواء في غزة أو الضفة،بل إن التقرير يضع الأمم المتحدة في مواجهة نفسها ويكشف التناقض والارتباك الذي يسودها،ذلك أن تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أدان الحصار ،وقبله كان الرأي الاستشاري لمحكمة لاهاي الدولية بشان الجدار الذي أدان الجدار وأكد أن غزة والضفة أراضي محتلة لا يجوز لإسرائيل القيام بأي أعمال من شانها الإضرار بمعيشة وبالمصالح الحيوية لسكان المناطق المحتلة.

هذه الازدواجية في المعايير والتسييس الواضح لتقارير وقرارات الأمم المتحدة هو الذي يثير المخاوف حول توجه القيادة الفلسطينية للأمم المتحدة والمراهنة عليها لإنصاف الشعب الفلسطيني من خلال الاعتراف بحقه بدولة على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وهما منطقتان تعترف الأمم المتحدة من خلال قراري مجلس الأمن 242 و 338 بأنها أراضي محتلة .الخلل هنا لا يكمن في القيادة الفلسطينية ولجوؤها للشرعية الدولية ولكن يكمن في المبالغة في المراهنة على الأمم المتحدة.صحيح أنه من الصعب تصور قيام دولة فلسطينية مستقلة ضدا عن إرادة الشرعية الدولية ولكن هذه الإرادة الدولية وكما أشرنا تخضع لموازين القوى ومصالح الدول النافذة مما يتطلب أن يكون التوجه للشرعية الدولية مصحوبا بأوراق قوة أخرى.المفاوضات وقرارات الشرعية الدولية مثلها كمثل المقاومة والحرب ليست أهداف بحد ذاتها بل وسائل لتحقيق الأهداف الوطنية ،ولكونها وسائل فيجب عدم المراهنة كليا على أي منها دون الوسائل الأخرى.

============================

الوطنيةُ سِلاحُ الفَاسِدِين .. وأبواقُ النِظَام بَدت للنَّاظِرِين

بقلم: الليث السوري

الوطنية سلاحٌ الفاسِدين .. قالها قبلَ مائةِ عام بِرناردشُو الكاتب السَّاخر .. في عهد ونستون تشرشل .. وَ تبَلورَت هذه ِالمقولةُ خلالَ عقودٍ طويلةٍ في أنظمةٍ عربية شمولية مُستبدّة .. وهاهيَ أبواقُ النظام الأسدي تُتاجرُ فيها صباحَ مساءَ .. وتتخذ المُقاومة والمُمانعة وسيلةً لِكتم الأنفاس .. وقهرِ النَّاس، والعيشِ بالِمطرقة والفأس .. تحتَ مظلةِ حزبِ البَعث .. قائد الدولةِ والمُجتمع .

لذا كانَ على الشَّعبِ أن يعيشَ ذليلاً من أجلِ المقاومَة .. جَباناً من أجلِ المُمانعة .. مُنعزلاً من أجلِ الوَحدة .. مُستكيناً للاستبدادِ من أجلِ الحُرية ... فقيراً من أجلِ الاشتراكِية .

إذن تعترفُ العصابةُ البعثيةُ أن المقاومةَ ذليلةٌ .. والمُمانعةُ جبانةٌ .. وماهيَ إلا وسيلة .. لاستعبادِ الشعبِ ومطيةً لحكمهِ لعقودٍ طويلة .. مستخدمةً شعاراتِ البعث خديعة القرن:

الوحدةُ : أن تعيشَ سُورية وحيدةً .. بعيدةً عن الصفِ العربِي .. وتقفُ مع المدِّ الإيراني .. في احتلالِها للعراق .. وَجُزر الإمَارات .. والأهوَاز في عَربستان .

الحُريةُ : ممنوعةٌ من الصَّرفِ فأنتَ أمام دولةِ مُواجهة لإسرائيلَ المُستعمرة .. وكيْ تنتصرَ الدولةَ على المؤامرة .. فَعلَى الشّعبِ أن ينقهِر .. ويُذل وينتظِر .. لعقودٍ متواصلةٍ .. أو قرونٍ متتاليةٍ .. ويعيشَ طاعةً عَمياء .. مُعلناً الوَلاء .. لسُلطةِ البعثِ الخَرقاء .

الاشتراكِية: أْن تعيشَ فقيراً .. فالدولةُ تحتاجُ لكلِ ليرة في جيبِك .. كَي تشتَري السِّلاح .. وتُعلن الكِفاح .. وعليكَ أنْ تعملَ ليلَ نهار من أجلِ لُقمة عيشِك .. وأنْ لا تُفكرَ في سِياسةِ بلدِك .. قد حمَلت الدولةُ عنكَ أعباءَ حِمايتك حتّى مِن نفسِك .. نَمْ في ثباتٍ ونبات .. وخلِف صِبياناً وبنَات .. وإياك ثُم إياك .. أنْ تصبحَ من المُلاك .. فأنتَ في سُورية .. مِن عداد الدُّول الاشتراكيّة .

ولكنْ .. مبادئُ الاشتراكية لا تشملُ الرئيس الأسَد وزبانيته .. الذي أدلجَ الاشتراكية وحول الملكية الجماعية إلى ملكية فردية أسدية أبدية .. مكنتهُ من سلبِ حقوقِ كلِّ الطبقات الاجتماعية .. و جعلَ مُلكية الدولة وثروتها الطبيعية فوق الأرض وتحت الأرض من غاز ونفط إلى جيوبه .. وسرق أموال 23 مليون حتى أصابته التخمة .. وحول مليارات الدولارات إلى حساباته في سويسرا وأوروبا .. وأصبح من أغنى أغنياء العالم .. هذا الممانع المقاوم .. الفاسِد الظالم .

فمبادئُ حزب البعث : الأولى وحدةٌ انقلبَت إلى عُزلة وتفرقة .. والثانيةُ حريةٌ انفردت بها السلطة القمعية .. واختصت بها أجهزة الأمن البعثية .. تعتقل وتقتل بحصانة القانون .. وتحت حماية الدستور .. و الويل لمن يطالب بالحرية .. أو يهتف بها .. إنها محرمةٌ محرمة ... والثالثة اشتراكية انقلبت إلى رأسمالية السلطة الباغية .. نهبت مقدرات الشعب ووضعت مليارات الدولارات في جيوب بشار وإخوته .. وعائلته وأقاربه . . ولحست أصابعها بعض أبواقه وزبانيته .

لذا لبسَت الدولةُ قناعَ الوطنية .. والقومية العربية .. و المقاومة والممانعة .. فكان حديث الصباح والمساء .. على شاشات الفضائيات السورية .. وعناوين الأخبار الرئيسية .. في صحيفة الثورة وتشرين والعروبة وبقية الصحف المحلية .. وصحيفة السفير والأخبار وبقية الصحف اللبنانية .. وصرفت مئات الملايين لشراء الأبواق والصحف في لبنان وسورية ؛ وخصصت الرواتب العالية .. لشراء النفوس المريضة .. وأقيمت المؤتمرات والمهرجانات المؤيدة .. لسورية الممانعة .. وشُتمت الدُول الصامتة .. وشبهت ملوكها ورجالها بأنصاف الرجال .. في حرب تموز وحزب الله الأنذال .

وهاهُم أبواقُ السُلطة .. تنبحُ كالكلاب ضدَّ شباب الثَّورة .. فَتصفهُم تارةً بالسّلفيين والوهابيين والقاعدة .. وتارة بالإسلاميين المتشددين والعصابات المسلحة أو تنعتهم بالعملاء وأصحاب المؤامرة .. وتهاجم المعارضة الداخلية .. وتجبرهم على المحاورة .. أو تعتقلهم وتمنعهم من السفر والمغادرة .. وتتهم المعارضة الخارجية بعملاء الأمبريالية الأميركية ؛ وتطلب منهم إثبات النزاهة والقدوم إلى سورية للحوار والمشاركة .. كي تعتقلهم أجهزة الأمن الماكرة .. ولكنْ هل بقي أحد في الكون .. يصدق هذه السلطة الكاذبة .. وهل يأمن الحملان لعصابة البعث الأسدية الغادرة .

أبواقُ النظام الغبية .. ورئاسةُ الوزراء ومجلسُ نوابه .. قد عشعشَ الفسادُ في دمَاءه .. ونخر السوس عظامه .. حديثهم مقاومة .. وطعامهم ممانعة .. ببغاوات في القفص محاصرة .. لم يتحدثوا مرة عن الكرامة .. وحقوق الشعب السوري في الحرية والعدالة .. أربعون عاماً يكررون نفس الشعارات والعبارة .. لا يملون ولا يكلون في التشدق بالممانعة الكاذبة والمقاومة .. والوطنية الفاسدة والقومية .

أينَ أنتَ يا برناردشُو .. يا صاحبَ الروايات الساخرة .. لتشهدَ نِفاقَ الاشتراكية .. وأغبياء السلطة .. يسرحون ويمرحون .. ويدبكون ويطربون .. وعلى ألحانِ الوطنية يرقصون .. ولمقولتك يطبقون .. الوطنيةُ سلاحُ الفاسِدِين .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ