ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 21/08/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

نداء..نداء…نداء إلى الشعب الإيراني الشقيق

نوال السباعي

أتوجه بنداء إلى الشعب الايراني الشقيق

هذا الشعب الابي الذي قام بواحدة من أعظم الثورات المعاصرة في تاريخ الامة الحديث

هذا الشعب الذي بنى وعمر ورفع من القواعد دولة كانت تابعة للغرباء والمستعمرين فجعل من وطنه جنة وربوة ذات قرار وازدهار

 

هذا الشعب الايراني الشقيق المغلوب على أمره منذ اختطفه هذا النظام الحاكم في ايران فشوه ثورته وشوه إنسانيته باختطاف مفاهيم مشوهة عن الاسلام ، أرغم فيها انف الانسان ، وحشر نفسه بينه وبين ربه ، يحاسبه على كل نفس ، ويقتنص منه كل حرية ، ويعاقبه على كل وزر ، إذ جعل من نفسه رب الايرانيين الأعلى من دون الله

حرمهم حريتهم ، وإحساسهم بالدين الحقيقي، ورغبتهم في الانطلاق نحو الحياة

 

أتوجه بهذا النداء إلى كل أخ أيراني شريف يتهافت علينا في شوارع عواصم العالم ليسألنا عن أوضاع سورية والسوريين

وأوجه هذا النداء إلى كل كريمة إيرانية تدمع عيناها وهي تتابع المذبحة التي تجري في سورية

أتوجه بهذا النداء إلى كل إعلامي إيراني متألق يعرف أن مايجري على ارض سورية إنما هو ثورة ليست كالثورات ، ولاتنضوي تحت علوم الثورات ، ولكن هذه الثورة انتقلت لتصبح مذبحة كبيرة هائلة

لم يشهد التاريخ لها مثيلا إلا في خمسة مواقع : في اسرائيل وهي عدو شرس يقتل شعبا استوطنه

وفي صربيا حيث ذبح الصرب أعداءهم من البوسنيون والكروات

وفي العراق حيث ذبح بوش الابن شعب العراق مهيض الجناح بحكم الطاغية صدام

وفي رواندا في حرب أهلية بين إخوة أعداء

أما أن يقوم نظام حكم باختطاف شعب كامل لمصالحه الشخصية ، وذبح شباب البلد أمام مسمع ومرأى من العالم ، فإننا لم نشهد هذا من قبل

إنني أتوجه بهذا النداء إلى الشعب الايراني الشقيق والذي تجمعنا معه أخوة العقيدة وأخوة الثورة وأخوة المصير

بأن يأخذ على يد "آياته" الذين يدعمون النظام الاسدي في سورية ضد شعبه

والذين يريدون أن يشعلوا المنطقة في حرب أهلية لايعلم إلا الله أين يمكن أن تصب ولا ماذا ستكون ابعادها

والذين عاجلوا هذا النظام القذر بإرسال بوارجكم الايرانية الممولة بأموالكم ومحملة بآلات القتل التي يستعملونها اليوم لذبح هذا الشعب الذي وقف معكم مواقف لاينساها التاريخ في ثورتكم ضد الظلم والقهر

 

أناشد الشعب الايراني الشريف الأبي الحر أن يأخذ على يد حكامه

وأن ينهي هذه المهزلة في تعاونهم مع النظام الشبح في سورية للجم الثورة السورية

وأن يعرف ..الايرانيون ، أن النظام السوري لاتجمعه بإيران أخوة العقيدة والانتماء الطائفي

ولكنها مصالح النظام المسيطر على ايران والذي يريد أن يقيم لنفسه محورا يتمدد به الى عالم يكرهه ويلفظه ، لإشعال حرب لن تقل عن حربه مع العراق

 

ومن أجل ماذا؟ من أجل أن تبقى هذه العصابة المجرمة السفاحة التي تنتهك كل الحرمات في سورية

هل يرضى الايرانيون باغتصاب الفتيان وتشويههم وتقطيع أعضائهم التناسلية؟

هل يرضى الايرانيون باغتصاب النساء واعتقال الأطفال بدل الآباء والشباب؟

هل يرضى الايرانيون بتعذيب الناس وفرمهم وإذلالهم؟

هل يرضى الايرانيون بذبح البشر كالنعاج واستئصال حناجرهم أو عيونهم أو اكبادهم؟

هل يرضى الايرانيون بدعم نظام يقصف المساجد ومآذنها ويدك بيوت العبادة ويمزق المصاحف ويمنع إقامة الجمعة والصلوات المكتوبة؟

إن هذا النظام لايمت إلى الإسلام بصلة! إنه نظام الكفر

ليس الكفر بالإله فحسب ، إنه الكفر بإحسان الشعب له! والكفر بمنح التاريخ فرصة إثر فرصة للقائمين عليه! والكفر بالإنسان واعتباره حيوانا يمكنهم اصطياده وقتله وذبحه وسلخه متى شاؤوا وكيف شاؤوا

 

إنني أتوجه إلى الشعب الإيراني الشقيق بنداء الأخ الشقيق إلى أخيه ، ونداء الإنسان إلى الإنسان، ونداء مسلم إلى المسلم، ونداء المؤمن إلى المؤمن

أن يأخذوا على يد هذا النظام الذي يحكم إيران بتزوير نتائج الانتخابات فيها

اختطف إيران واختطف الاسلام ليدخله في أضيق المفاهيم المرضية عن الانسان والحياة والعلاقات مع الآخر

إنني أتوجه بهذا النداء لكل إيراني وإيرانية من الأحرار أن يوقفوا هذا النزيف في سورية بالأخذ على يد هذا النظام الذي يحكمهم بالظلم

ويتحالف مع النظام السوري دعما للظلم

ويمد له يد المساعدة لقتل وذبح شعبه بالظلم

ويرفده ويدعمه لذبح ثورة الشعب السوري على الظلم

وقد نسوا جميعا أن دولة الظلم لاتدوم إلا ساعة من الزمان ..وأن الحق هو الذي يبقى وهو الذي سينتصر ومهما بلغت قوة الظلم وفحشه

 

وإن هذا الظلم هو الذي سيجر علينا وعليكم تهافت أمم الارض على المنطقة لترسيخ مزيد من الاستعمار ومزيد من الذبح والإهانة

وسيجر علينا وعليكم حروبا وويلات ، المنطقة في غنى عنها

لأن الشعب السوري لن يبقى مكتوف الأيدي إلى الأبد

ولن يراهن على الخيار السلمي إلى الأبد

ولأن خياره السلمي لم يكن عن عجر ولكن عن ذكاء استراتيجي وحقنا لدماء زكية طاهرة ، لم يحترمها هذا النظام المجرم في سورية ، ولم يحترمها النظام الحاكم في إيران ، والذي أصبح شريكا فعليا في هذه المذبحة

كما لم يحترمها أي من أعداء الإنسانية الذين يسكتون عن هذا النظام ويمنحونه الفرصة تلو الفرصة للاستمرار في ذبح الشعب والقضاء على الثورة في سبيل أن يبقى في مكانه لحماية إسرائيل!!

 

أيها الشعب الايراني الكريم …عرفناك دائما بالكرم والانتصار للحق وعنفوان الحرية

فلاتدع هؤلاء القوم يشوهون صورتك من جديد …ويجرونكم إلى الخبال والحسار ة والزوال

 وإنها لمصائر الظلمة وأعوانهم

ونرجو أن لاتكونوا أيها الإخوة الأحرار في إيران من اعوان الظلمة

ولامن مراكب الطغيان

ولاممن يجرهم كبراؤهم إلى نيران التاريخ تلتهم الطغاة ومن وقف معهم

وإن لكم في شاهكم وثورتكم خير دليل على مانقول.

====================

نعم الخوف مشروع على الثورة .. (( من دفاتري الشخصية))

جلال / عقاب يحيى*

البارحة كتبت تعليقاً صغيراً، من تعاليق كثيرة أنشرها يومياً على صفحات الفيسبوك، يقول :

((تأسرني الغيمات السود المختلطة بغبار التخلف، ونثار الطوز القادم من الخوالي.. تربض على قلبي من أيام طوال.. تنكش وعيي الخائف من التحليل، وتنذرني الاحتمالات.. وبعض ابتهالات غيث خريفي كان الفلاحون يستبشرونه خيراً لبدء الحرث والغرث.. فأرنو إلى البعيد، وأكوام التضحيات تغرق احتجاجي، وتدفعني للبقاء في موقع شبه المتفائل، أو تقديم جهد متواضع يتمرجح القنوط فيه، فأخشى توقفه، أو نشفانه ..)).

 علقت أخت كريمة، نشيطة، تتابع معظم ما أكتب تقول : كلماتك تخفي خوفا أو لاأدري ؟؟؟ ، وكتبت لها جملة واحدة : نعم إني خائف ..

 نعم إني خائف، ومبعث الخوف كثير، كبير، ومبعث الخوف ما أراه، وأسمع، وأعرف، وأستنتج ...

 نحن نعرف جيداً أي نظام استثناء يواجهه شعبنا، وبالتالي : مواصفات الثورة السورية الخاصة، والمختلفة عن شقيقاتها في تونس ومصر واليمن وليبيا.. إن كان لجهة بنية النظام وتركيبته، أو لجهة تماسكه حتى الآن واستعداده للإيغال الطويل في دماء الشعب، والذهاب بعيداً حتى المديات القصوى من عمليات القتل، والاعتقال والتصفية، ورفض التنازل، ورفض الانصياع لإرادة الشعب، وحكم التاريخ، والقابلية المفتوحة للتطييف، والحرب الأهلية، واستقدام الأجنبي، ثم تأجيج حكايا المؤامرات (مجموعة مؤامرات).. وما يملكه النظام من قوى عسكرية، وعلى الأرض : اجتماعية، ومن أوراق يتشاطر للعب بها على صعيد الجوار والإقليم، وموقع ودور إيران، وحزب الله، والحلفاء ..

 وفي الصف المقابل : الصدور العارية لشعب تصرّ أغلبيته الساحقة على سلمية الثورة ورفض الانتقال للعًسْكرة والانجرار نحو ردود الفعل العامة، وأشكال التدخل العسكري الخارجي..

 الشعب السوري عموماً، وشبابه على وجه الخصوص لم يتأهلوا في مجتمع ديمقراطي تعددي يعي الديمقراطية، ومعاني الحريات العامة، والاختلاف، وقبول الآخر، ومفردات الدولة المدنية الديمقراطية، والعمل السياسي.. إلخ، وقد ظلوا طويلاً منزوعين من حقوقهم، ممنوعين من إبداء الرأي، مهمّشين.. فكثرت ردّات الفعل فيهم.. وفجأة أوجدتهم التطورات في قلب حدث تاريخي من عيار ثورة بهذا المستوى ..

 الجميع يعرف كيف ولدت التنسيقيات وفي أية ظروف، وخلفيات، وخبرات، وكيف حاولت وتحاول التقاط الأنفاس لتكون قائدة للميدان وليست أشكالاً صورية للتصدير الإعلامي، وليست هياكل تنخرها المنافسة، والخلافات، والتباينات الذاتية والفكرية والسياسية، ومحاولات السيطرة من هذه الجهة أو تلك، وحجم الخبرة، وحجم الضغوط، وموقع الجانب الأمني الذي يفرض على الكثيرين إيلاءه الأهمية الأولى وترك الأمور التي هي جوهرية للغير، أو لموقع ثانوي، وتحديات يوميات الثورة والمواجهة مع نظام لا يعرف غير لغة القصف والقتل والاعتقال والمطاردة والتشويه، وتحديّات العمل السياسي ومحاولة الدخول على خطه كفيصل، وبهدف تشكيل البوصلة التي تمنع الزوغان، والمقايضة، والتلاعب، ومحاولات الاحتواء، والحرف والركوب.. والارتقاء من واقع البعثرة إلى تشكيل الإطار الأنسب.. وعديد المهام المتشعبة التي تنوخ لحملها تجارب ما زالت تبحث عن كيانها ..

 يقابل ذلك واقع معارضة تاريخية دفعت أثماناً باهظة طوال عقود مواجهاتها المتعددة لنظام نجح في حصارها، وتضييق الخناق عليها حتى الخنق، وتجفيف بحيرة نسغها الحيوي وتجديد قواها.. مما فصلها عن مواكبة الأجيال، وأوقعها بأمراض التيبّس وتصلب الشرايين، والديسك.. وغيره، ناهيك عن ارتداد الوضع إلى داخلها، وفيما بينها عبر أزمات متعددة الألوان والطقوس والمستوى، وبما كان يمنع وحدتها، وفعاليتها، وقدرتها على تشكيل الأمل، والرافعة، ثم على مواكبة الثورة والفعل فيها.. حتى إذا ما حدثت المفاجأة : الانتفاضة، وجدت نفسها أمام متاعب كثيرة تمنعها من الإسهام الذي يليق بتضحياتها، وتاريخها، وتوجهاتها النظرية .

 لنقل بكل موضوعية : أن الثورة هي حلم العمر لجميع قوى المعارضة بلا استثناء، لذلك لم يكن غريباً أن يتحمّس الجميع لها، وأن يحاول الالتحاق بها، بل وحتى ركوبها، أو غمرها بالمشاريع والتصريحات والمبادرات(ومن الحب ما قتل، ومن الحب ما أدّى للطلاق)، خاصة مع ظهور اختلاف بينها وبين شباب الثورة من جهة، وداخل أطيافها من جهة أخرى، والذي تمحّور بوضوح في الموقف من النظام : بين من لا يرى أي جدوى لأي رهان عليه وعلى إصلاحاته، وبين من يبني خطه، ومواقفه، وخرائط طريقه على حوار ما، في مكان ما، ومسافة ما مع النظام.. بل : ورهان البعض على رأس النظام وبناء أمل الإنقاذ والتحول إلى الدولة الديمقراطية على يديه ..

 ورغم أن الخلاف والاختلاف تعبير عن جوهر التعددية، والحرية، والذي لا يخرج أبداً عن النسق الوطني، ولا التمسك بجوهر الهدف المشترك : الدولة المدنية الديمقراطية، البديل، وإنهاء نظام الاستبداد.. إلا أن عوامل كثيرة دخلت على الخط (وعديدها مفتعل ومقصود) لإنشاء فجوة، فخندق، وخندقة بين المعارضة وشباب الثورة.. تحت مسميات وستائر مختلفة.. فكثرت التصريحات الشبابية عن الاستقلالية، والقديم، والعجز، والتقاعد.. مقابل كلام عن الترشيد، والتوعية، والاحتضان، وحتى الإنابة، والاندفاع، وعدم معرفة موازين القوى والتعامل معها .. في حين كان بعض العقلاء في الموقعين يدعوان إلى أهمية مدّ الجسور بين الطرفين، والعمل على تكامل الخبرة مع الحماس، والاندفاع مع دروس التجارب، والسياسي، والنظري مع الميداني.. وهي محاولات تقوى في الفترة الأخيرة نتيجة عاملين متداخلين : موت كل المراهنات على النظام، وعلى أفكار الانتقال السلس، والوئيد، والسلمي بفعل منهّج من النظام، وشعور شباب الثورة وهم يكتسبون وعياً أفضل بالحاجة إلى خبرة ونتاج المعارضة، خصوصاً وأن التجربة تثبت نظافة مواقفها، وخلفياتها ..

 ****

 أما المعارضة، أو المعارضات الخارجية.. وتلاوينها، وتفريخاتها..فهي أقسام وأنواع.. حيث نجد أن حالة الإخوان المسلمين هي الأكثر تجسيداً لها باعتبارهم ممنوعين من العمل في الداخل تحت طائلة المرسوم /49/ الذي يحكم بالإعدام على كل منتسب إليهم، ولذلك يتواجدون بكثرة في الخارج وقد اقاموا شبكة علاقات اجتماعية، وأخرى سياسية، يساعدهم في ذلك كونهم جزءاً من التنظيم العالمي، وبعض الأجنحة التي انشقت عنهم، وعديد الإسلاميين الذين لا يرتبطون تنظيمياً بهم.. والذين يوجهون لهم انتقادات كثيرة.. وهم يطفون اليوم بقوة على وجه معظم الأنشطة الخارجية وصفحات الفيسبوك، والمؤتمرات التي عقدت ..

 وهناك مناضلين يتبعون أحزاباً وقوى في الداخل وضعتهم ظروف مختلفة في الخارج، وهؤلاء يمثلون أحزابهم : إلى هذه الدرجة أو تلك .. كما ويمكن إلحاق كثير بهذا النوع من يتامى الأحزاب والمبطلين واليائسين والمستقلين.. الذين ينتمون للمعارضة منذ سنوات طويلة.. والمبعثرين في تواجداتهم ومواقفهم ، ومعهم عديد الأكادميين والمثقفين والناشطين ..

 وهناك تواجدات شبه حزبية، شبه معارضة نشأت في الخارج عبر السنوات القليلة الماضية على هامش الحراك الاجتماعي الذي عرفته بلادنا فيما يعرف ب"ربيع دمشق"، أو بوحي تقدير وأحلام التغيير القادمة من جهات مختلفة، حيث قام البعض بتكوين أشكال حزبية ما .. ويمكن أن ينضمّ إليهم عديد الناشطين في مجال حقوق الإنسان والهيئات الإنسانية والإغاثية.. ومراكز البحث والدراسات.. وتحلقات مختلفة الخلفيات، والتمويل ..

 وهناك صنف ثالث نبت كالفطر(والفطر أنواع) خلال أشهر الثورة.. ويضم مروحة واسعة من رجال العشائر، وأصحاب رؤوس الأموال، وآلاف الأسماء التي أعلنت وقوفها مع الثورة والعديد يصنع تاريخاً في المعارضة، ويصطنع وقائعاً ومكانة ودورا مهما فيما يجري، وسماسرة النظم، ومروجي أفكار الغير، وتوابع التوابع، ونجوم الفضائيات السابقين والمُحدثين .. وأشكال أخرى يصعب حصرها وتعدادها ..

 لقد أظهر السوريون، على العموم، جوعاً ونهماً ملفتين للظهور والبروزة والواجهية والحكي والمشاريع الكثيرة.. ولئن كانت هذا الظاهرة تعبّر في مكنونها عن حالة الاحتقان التاريخي لمجتمع ظل معتقلاً، ومنحبساً على مرّ عقود الاستبداد، وعلى حيوية الشعب السوري وعشقه للسياسة، وانبهاره بثورة الشباب وجبروت بسالتها وشجاعة فرسانها الحقيقيين.. فإنها في وجهها الآخر تحمل جراثيمها الفتاكة التي يمكن أن تودي بالثورة، أو تجرجرها إلى وهاد عميقة لا أحد يعرف كنهها ومآلها .

 وبواقع التنسيقيات الصعب، وظروف المعارضة الداخلية ومواقفها، ومحاولاتها للملمة صفوفها، وتوحيد نسقها ومواقفها ..

 وبواقع دخول قوى داخلية وعربية وإقليمية وخارجية على خط الثورة والوضع السوري، وتعدد (الأجندات) لديها، وتعدد السيناريوهات فيها.. بالتوافق مع تطور مسارات الثورة وممارسات النظام.. نصّب الخارج نفسه متحدثاً رسمياً، وممثلاً شبه وحيد، واندفع البعض أكثر في تلبية رغبات الآخر تحت عناوين : وحدة المعارضة(لتكون جديرة بالتقدّم إلى الغير بهذه الصورة) وأية معارضة؟؟، وأية مقاييس؟؟، وأية أسس ؟؟..

لنقل بالصراحة التي تقتضيها تضحيات شعبنا.. أن المعلومات التي ترد عن الاتصالات، والتشكيلات، والمؤتمرات، والوعود.. تذكّرنا بالذي جرى للمعارضة العراقية، وكيف التقت، وكيف اجتمعت، وعلى اية أهداف اتفقت، وأية محاصصات قررت(أو قُرر لها)، وأية نتائج أسفرت ..

 اليوم يضع هؤلاء أنفسهم في موقع المسؤول عن الثورة ومستقبلها، فيخيطون، ويقصقصون، ويفصفصون، ويفصلون الثوب على قدّ المطلوب منهم، وعلى قدّ تكوينهم، وخلفياتهم، وتلبية للقوى التي تدعم بالمال والمواقف، وتعدد التصورات حول بلدنا القادم ..

 ولأن الكلام كثير، وكبير في هذا الميدان، ولأن شباب الثورة التقط رأس الخيط، وأدرك حجم الذي يجري، ومحاولات اختطاف الثورة من قبل فئات كثيرة لا علاقة لها بها إلا بالصراخ الإعلامي، ورشّ الأموال مشبوهة الدوافع.. بادروا إلى توحيد صفوفهم.. فكان الاتفاق الذي حدث منذ أيام بين عدد من لجان التنسيق لتشكيل الهيئة العامة للثورة السورية، والتي نأمل أن تجد تجسيداتها على الأرض، وأن تتمكن من قطع الطريق على كل محاولات الحرف، والاحتواء، وتحديد بوصلة الثورة وهويتها وعناوينها بدقة تمنع أيّاً كان : في الداخل والخارج التلاعب بها، أو القفز فوقها ..

 نعم الخوف كبير ومشروع.. لكن الثقة بالثورة العملاقة، بتضحياتها وإرادتها، بوعي فرسانها وقادتها الحقيقيين، بالوطنية السورية الراسخة، بالديمقراطيين الحقيقيين الذين يدفعون أرواحهم ثمناً لدولة الحرية، ولانعتاق شعبنا وتخلصه من هذا الكابوس الرهيب، وليس للبروزة، والاستغلال، أو لصالح أطراف هنا وأخرى هناك ..

إن الثقة بالوعي الذي يتبلور صافياً، جماعياً.. سيكون الضمان المهم الذي يتطلب من كل الوطنيين السوريين، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والفكرية والدينية والقومية.. أن يلتفوّا حولها، وأن يدعموا قيادات الثورة الفعليين، ويقدّموا لهم الخبرة، والعون، والنصيحة ..

*كاتب وروائي الجزائر

========================

بشائر النصر.. في ثورة سورية .. انتهى الاستبداد.. والمعارضون على مفترق الطريق

نبيل شبيب

قبيل اندلاع الثورة الشعبية في سورية بأيام كرّر بعض المسؤولين في الحكم الاستبدادي الفاسد ما سبق أن ذكره أقرانهم في مصر وليبيا واليمن -عن أنفسهم دون جدوى- عقب اندلاع ثورة شعب تونس، فقالوا هم أيضا عن أنفسهم، إنّ لسورية خصوصياتها، فلن يلجأ الشعب إلى ثورة فيها، وكان من تعليل ذلك قولهم إن سورية قلعة المقاومة والممانعة!.. وقولهم إن الشعب يحب قائده!.. وقولهم من يحاول عزل سورية يعزل نفسه!..

ولو صدقت هذه الأقوال لأمكن القول هذا اليوم، يوم جمعة البشائر:

- إن من المفارقات مع القول بتلك الخصوصيات، أن يشهد يوم جمعة البشائر في المسجد الأقصى بفلسطين السليبة، اعتصاما فلسطينيا نصرةً لشعب سورية الثائر في مواجهة آلة القمع الهمجية..

ويعلم أهل فلسطين تحت الاحتلال وفي حياة التشريد، أنّ هذا النظام الذي بدأ مسيرة المقاومة والممانعة بمذبحة تل الزعتر ثم حرب المخيمات، وصل مع أيام نهايته إلى قصف مخيم الرمل والتنكيل بمخيم اليرموك..

- إنّ من المفارقات مع القول بتلك الخصوصيات، أن يشهد يوم جمعة البشائر في ريف إدلب الثائر، ولأوّل مرة ارتفاع الهتاف الذي ينادي: الشعب يريد إعدام الرئيس!..

ويعلم أهل سورية مثلما يعلم الذين يردّدون من داخل النظام الاستبدادي الفاسد "منحبّك" ويسمعون ردّ الشعب الثائر: "ما منحبك.. ارحل عنّا إنت وحزبك"، أنّ عصر عبودية الأصنام الحجرية لا يمكن تكراره في هذا العصر عبر عبودية الأصنام البشرية..

- إنّ من المفارقات مع القول بتلك الخصوصيات، أن يشهد يوم جمعة البشائر ما صنعته الثورة عالميا، فبعد الصمت والمماطلة والمساومة وجد العالم نفسه أمام حتمية انتصار إرادة الشعب الثائر في سورية، فإذا به يتحرّك على طريق التنصّل من ارتباطاته واحتوائه للنظام القمعي، وإذا بذلك النظام ينزلق مع دباباته وشبّيحته إلى موقع العزلة غير المسبوقة خلال نصف قرن مضى على استبداده وفساده.

ويعلم أهل سورية أن المواقف العربية والإقيمية والدولية لا تصنع "بشائر النصر" بل بشائر النصر هي التي "نحتت" بالدماء والتضحيات والبطولات تلك المواقف نحتا.. وستنحت المزيد.

 

طريق مسدودة.. ونصيحة أخيرة

مع حلول جمعة بشائر النصر لم يعد يوجد أيّ طرف عاقل إلاّ ويفكّر بما ينبغي أن يكون في سورية بعد إسقاط النظام القمعي، ولا يبدو أن المسؤولين فيه قادرون على التفكير أصلا، ناهيك عن التفكير بما سيكون عليه حالهم بعد سقوطهم.. فقد سدّوا جميع الأبواب والمنافذ، تجاه الشعب الثائر، وتجاه الحلفاء والأصدقاء، وتجاه الخصوم والأعداء، محليا، وإقليميا، ودوليا.. ولم يبق أمامهم مخرج، انتهى أمرهم!..

أثبتوا أكثر من مرة وتجاه أكثر من طرف أنّهم لا يستمعون إلى نصيحة، ولو سمعوا فما يزال بعض الناصحين يحاولون، ولا يجدون في يوم جمعة البشائر ما يقولونه من باب النصيحة سوى:

- أعطوا دليلا على بقية باقية من وطنية وشهامة، ولا تجعلوا سقوطكم مقترنا بمحاولتكم تدمير سورية الوطن..

- أعطوا دليلا على نذرٍ يسير من العقلانية وضعوا أنفسكم تحت تصرّف قضاء مستقل نزيه داخل سورية..

 

الثوار.. وحكماء سورية

مع حلول جمعة بشائر النصر أعطى الثوار داخل سورية دليلا آخر على كيفية صناعة النصر، فتلاقوا، أو تلاقى معظمهم، رغم ظروف القمع والإجرام التي تتهدّدهم في كل زاوية من زوايا سورية، على تشكيل هيئة عامة للثورة السورية، تنسّق مسار تنسيقياتهم واتحاداتهم ولجانهم وأصواتهم الإعلامية، ويرجى أن تتمخض قريبا عن طرح رؤية سياسية مستقبلية، فقد آن أوان تثبيت معالم النقلة المرجوّة من عهد الاستبداد والفساد إلى عهد الكرامة والحرية والعدالة وتحكيم الإرادة الشعبية.

ومع حلول جمعة بشائر النصر بدأت تتجه الأنظار -مع النداءات الملحّة- إلى فئة من "المعارضين" كانوا دوما وما يزالون في ذرى النضال الشعبي، هي فئة كبار الشخصيات الوطنية السورية، من أمثال عصام العطار وهيثم المالح وعارف دليلة ورياض الترك.. وغيرهم، وهم المعروفون بتاريخهم النضالي طوال نصف قرن وأكثر، أن يتلاقوا معا، من وراء تعدّد الانتماءات الشكلية في الحاضنة الوطنية الواحدة، ومن وراء التوجّهات السياسية الإسلامية والعلمانية، ومن وراء ما لا يزال قائما من التباعد بين بعض العاملين تحت عناوين معارضين وناشطين وأحزاب وجماعات من الطبقة الثانية والثالثة.. أن يتلاقوا على كلمة واحدة، وأن يعلنوا معا عن موقف مشترك، يثبّت الكليات الوطنية الكبرى المتوافق عليها، والخطوط الأصيلة العامة التي يتطلّع إليها شعب سورية، في هذه المرحلة الحاسمة من ثورته البطولية وقد ظهرت بشائر النصر وأصبح تحقيقه قاب قوسين أو أدنى، جنبا إلى جنبا مع تعاظم الأخطار على مسار الثورة نفسها..

 

أيها المعارضون والناشطون.. أدركوا أنفسكم

مع حلول جمعة بشائر النصر لا بدّ من التوجّه مجدّدا إلى عدد كبير من المعارضين والناشطين، من إسلاميين وعلمانيين، من إخوان وشيوعيين، ومن يساريين وليبراليين، ومن حزبيين وحقوقيين.. ممّن لا يزالوان يتحرّكون متباعدين عن بعضهم بعضا، على النقيض ممّا يظهر في ساحة الثورة ميدانيا، بل على النقيض أيضا من تلاقي كثير من القوى الإقليمية والدولية على العمل من أجل رؤية مشتركة.. لن تكون على الأرجح رؤية صادرة عن المصلحة العليا في سورية الوطن والشعب، وعن المصلحة العليا للعرب والمسلمين..

يا أيها المعارضون والناشطون.. تكفي شهور خمسة من الثورة البطولية كي تتخلّوا جميعا عن الشطر الذي يباعد بينكم من رؤاكم وتوجهاتكم الذاتية، وأن تتلاقوا على الشطر الذي صنعه شعب سورية الثائر ليجمعكم على أرضية واحدة من القواسم المشتركة، التي تؤجّل التنافس إلى ما بعد استقرار سورية استقرارا لا يتحقق إلاّ بتحكيم إرادة شعبها، وليس بتحكيم إرادة فريق منكم دون فريق.

لقد عجز النظام الاستبدادي الفاسد عن "فهم" ثورة الشعب الأبيّ، و"إدراك" أنّ عهد الاستبداد والفساد وعهد فرض إرادة الحاكم وأعوانه بالقمع الهمجي، قد انتهى لحظة اندلاع الثورة.. فأفضى به عجزه هذا إلى طريق مسدودة..

وإن عجزكم الآن عن "فهم" ثورة الشعب الأبيّ، و"إدراك" أنّ عهد تقديم المكاسب الذاتية على المصلحة العليا وعهد "إقصاء الآخر" قد انتهى لحظة اندلاع الثورة، يمكن أن يجعلكم تدخلون في طريق مسدودة..

لقد طوت ثورة الشعب في سورية صفحة نصف قرن من الاستبداد والفساد بدأت سنة 1963م، وهلّت بشائر النصر، فلا تدعوا أنفسكم -أيها المعارضون والناشطون- تمضون مع ما مضى وانتهى!..

يا أيّها المعارضون والناشطون.. أدركوا أنفسكم قبل فوات الأوان.

 

كليّات كبرى ومعالم عامة

الشعب صنع ثورته.. والشعب وصل بثورته إلى بشائر النصر.. والشعب سيصل بثورته إلى النصر.. والشعب سيصل بنفسه وإرادته إلى صناعة سورية الثورة بعد النصر.

من أراد أن يكون جزءا من مستقبل سورية، فلا يوجد طريق يسلكها على "كلمة سواء" إلاّ طريق الالتزام بكليات الثورة الكبرى، ومشروعية الثورة الشعبية، وما صنعته عبر التضحيات والبطولات.. فليسلك مع سواه، وليس منفردا الطريق إلى هذه الكليات الكبرى والمعالم المشتركة، ولا ينأى بنفسه عنها، وفي مقدّمتها:

1- شعب سورية شعب واحد بجميع مكوناته وانتماءاته وتوجّهاته السياسية

2- ثورة شعب سورية على الاستبداد والفساد هي ثورة تحرير الإرادة الشعبية

3- تحكيم الإرادة الشعبية هو المعيار الأول لصياغة مستقبل سورية مجتمعا ودولة

4- جميع الاختلافات في التوجهات السياسية هي اختلافات تسمح بالتنافس المشروع في مستقبل سورية ولا تسمح بأن تكون سببا في محاولة غير مشروعة من جانب أي طرف لإقصاء طرف آخر عن المشاركة في صناعة مستقبل سورية

5- الهدف المشترك الأول هو إزالة النظام الحالي بجميع أركانه وأجهزته ولا حوار معه إلا حول تفكيك بنيته الهيكلية وتسليم السلطة لشعب سورية، مع وقف فوري لِما يرتكب من قمع همجي، وإطلاق سراح جميع المعتقلين، وفتح الحدود أمام أهل سورية جميعا، في الداخل والخارج، دون شرط أو قيد

7- الرفض المطلق لتجاوز الخطوط الحمراء التي صنعتها الثورة الشعبية من خلال سلميتها رغم القمع المتصاعد، ومن خلال رفض التدخل العسكري الأجنبي، ومن خلال رفض الثأر والانتقام من أي جهة من الجهات، ووضع المسؤولين عن ارتكاب الجرائم المباشرة أمام القضاء العادل في سورية المستقبل

8- عقد مؤتمر وطني جامع لكافة القوى السياسية وممثلي الأطياف الشعبية، دون استثناء، تحت مظلة مشروعية الثورة ووحدة الثوار، تنبثق عنه الخطوات التالية لبناء مستقبل سورية، واعتباره جهازا سياسيا مرتبطا بالقوى العاملة ميدانيا في أنحاء الوطن السوري، ارتباطا مباشرا يعبّر عن الإرادة الشعبية التي تحررها الثورة الشعبية وتصنع من خلالها مشروعية العمل من أجل سورية ومستقبلها.

. . .

اللهم هل بلغت؟.. اللهم فاشهد!..

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ