ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 04/08/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

حماة: المعركة الفاصلة

مجاهد مأمون ديرانية

أخيراً نفد صبر النظام المجرم فاقتحم حماة. لا شك أنه كان راغباً في صنع ذلك منذ اليوم الأول الذي تحدّته فيه المدينةُ وخرجت عن طاعته، غيرَ أنه آثر إرجاء المواجهة المُكلفة إلى أجل، لعله يفرُغ من سائر المناطق المنتفضة ثم يتفرغ لحماة في معزل عن الضغط. لكن الذي حصل أنه عجز عن إخضاع عموم البلاد، لا بل إن الثورة تزداد تأجّجاً وعنفواناً يوماً بعد يوم، والأسوأ من ذلك -بالنسبة إليه- أن حماة تَمُدّ شعلةَ الثورة بالوقود بسبب انتفاضتها الإعصارية المدويّة.

 

ولعل النظام قاوم رغبته الشديدة في اقتحام حماة وتدميرها على رؤوس أهلها فقط خوفاً من القوى الدولية وخوفاً من العالم الخارجي، فإنه برهن لنا على الدوام أنه "أسد" علينا وعلى الأقوياء دجاجة! مهما يكن الأمر فقد كان راغباً في تأجيل المواجهة مع حماة وقاوم رغبته في الإسراع إلى تأديبها، لكنه وصل أخيراً إلى نقطة عجز فيها عن المقاومة، ربما بعد أن غدت حماة "مقاطعة ثورية مستقلة"، أو بعدما صارت الأغنية الحموية القاشوشية أهزوجةَ الثورة في كل مكان. لقد قطع المجرمون الحَنجرةَ الثائرة متأخرين، بعدما بثّت الأغنيةَ في الفضاء فعبرت حدود حماة إلى حمص واللاذقية ودرعا ودير الزور وانتشرت في كل ناحية في سوريا انتشار النار في القش اليابس، بل عبرت حدود سوريا إلى غيرها من أنحاء الدنيا، حتى لأظنها صارت الأغنيةَ الأشهر والأكثرَ ذيوعاً على ألسنة العرب في كل مكان.

 

إن اقتحام حماة خطوة متهورة جداً ومجازفة كبيرة للغاية بالنسبة للنظام، ولا بد أنه فكر كثيراً قبل القيام بها، ولا بد أنه ينتظر منها نتيجة حاسمة، بل حاسمة جداً لتتناسب مع حجم المجازفة.

 

إذا نظرنا إلى الأمور من حيث النسبة العددية فإن الحملة العسكرية على الرستن وتلبيسة كانت أشدّ وحشيةً وأكثرَ فتكاً وضحايا من الحملة على حماة، ويمكننا أن نقرر حكماً مشابهاً فيما يتعلق بالحملة الآثمة الظالمة على جبل الزاوية، لكنّ الضررَ الذي يُتوقَّع أن يصيب النظام من هجومه على حماة أكبرُ بكثير لاعتبارات تاريخية وسياسية ونفسية متشابكة على المستويين الداخلي والخارجي:

 

(1) فأما على المستوى الداخلي والمستوى الشعبي العربي والإسلامي فإن حماة بقيت جرحاً في ذاكرة الأمة منذ تدميرها الأول على يد المجرمَين الكبيرين، الأسد الأب والأسد العم. صحيحٌ أن أهل حماة عاشوا بعد ذلك بما بدا أنه حياة طبيعية في الظاهر، ولكنهم في الحقيقة لم يفعلوا قط. في السنوات الثلاثين الماضية عرفت كثيرين من أهل حماة، لم أعرف أحداً منهم نسي الجريمة أو تنازل عن حقه في الثأر. ليس الحموية فقط، بل كل سوري حر أبيّ صاحب نخوة وضمير اعتبر أن مأساة حماة هي مأساته الشخصية، وعاش مع هذا الشعور منذ ارتكاب الجريمة إلى اليوم وهو ينتظر يوم القصاص.

 

يخطئ من يظن أن مأساة حماة هي هَمٌّ حموي. لا يا سادة، بل هي همّ أهل سوريا الأحرار جميعاً، بل هي واحدة من القضايا التي أرّقت ضمائر الملايين من العرب والمسلمين الذين اعتبروا أنفسهم إخوة لضحايا حماة في الدم والدين. لقد عانى الملايين من الألم وهم يتذكرون مأساة حماة الأولى، ولن يقبلوا بأن تتكرر المأساة مرة ثانية وهم أحياء. هذا يفسر لماذا أجّج هجومُ النظام الغادر على حماة مشاعرَ الغضب في سوريا كلها ونشر فيها روح الثورة، وساعد الآلافَ من الناس على حسم موقفهم المتردد، فتخلَّوا عن السكوت وخرجوا إلى الشوارع. بل لقد رأينا نار الثورة تعبر الحدودَ فتتأجّج في قاهرة المعز وفي غيرها من عواصم الدنيا، غضباً لحماة وانتصاراً لها؛ الكل يهتفون: ليس اليوم كالأمس، احذر يا نظام الإجرام، لن تفعلها مرة ثانية.

 

باختصار وبجملة واحدة: الثورة كانت متفائلة برمضان وقد عقدت عليه الآمال العِراض في انتشار المظاهرات عبر سوريا وتزايد أعداد المتظاهرين، لكن الانفجار الذي نشاهده في كل أنحاء البلاد منذ لحظة اقتحام حماة يتجاوز أكثر الآمال طموحاً وجموحاً ويفوق كل التوقعات، والسبب هو عدوان النظام الغادر على حماة.

 

(2) على المستوى الخارجي صارت حماة مشكلة دولية. قبل شهر لم يسمع في أميركا باسم حماة إلا العدد الأقل من الناس، بل حتى سوريا كلها لم تكن مما يشغل اهتمام عامة الناس. إن الأميركيين أصحاب اهتمامات "داخلية" بصورة صارخة، وكل من يُمضي بينهم بعضَ الوقت يدرك مدى جهلهم وقلة اهتمامهم بقضايا العالم الخارجي مقابل اهتمامهم بقضايا الوطن الأميركي. هذا الواقع تغير فجأة بعد زيارة سفيرهم لحماة وما تلا الزيارةَ من اعتداء على سفارتهم في دمشق، فقد صارت المشكلة السورية فجأة مشكلة أميركية بطريقة ما وانشغلت بها وسائل الإعلام، ولم يعد ممكناً أن يستمر الرئيس والحكومة في تجاهلها كما كانوا من قبل، وصارت حماة عنواناً رئيسياً في تلك المشكلة؛ لذلك أتوقع أن تحرّك حماة السطحَ الراكد فتصنع في أيام قليلة أثراً يقارب ما صنعته الثورة كلها في عشرين أسبوعاً من قبل.

 

العالم كله سيواجه اختباراً للنزاهة، بدءاً بأردوغان في تركيا وانتهاء بالروس والصينيين. ليس النزاهة المطلقة التي هي أم الفضائل، فالسياسة لا فضائلَ مطلَقةً فيها ولا خلاقَ لها، بل القَدْر منها الذي يحفظ للسّاسة ماءَ وجوههم. لقد وضع النظامُ السوري -باقتحام حماة- النظامَ العالمي كله على المحك، ووضع حلفاءه خاصّةً في موقف صعب لا أعلم كيف سيخرجون منه، لكنهم سيضطرون على الأغلب إلى تقديم بعض التنازلات، من قبيل الضغط الشكلي على النظام، أو التغاضي عن قرارات دولية ضد القمع الحكومي السوري، ربما وصولاً إلى إدانة في مجلس الأمن وتحويل ملف انتهاكات النظام لحقوق الإنسان إلى المحكمة الدولية.

* * *

 

كما قلت في بداية المقالة: إن اقتحام حماة خطوة متهورة جداً ومجازفة كبيرة للغاية، والنظام لم يُقْدم على هذه المجازفة إلا لأن النتيجة التي يأمل بتحقيقها كبيرة جداً. إنها -باختصار- القضاء على الثورة ودفنها إلى الأبد، أو على الأقل لثلاثين سنة أخرى. هل هذا ممكن؟ نعم ولا. الجواب سيقدمه أهل حماة خلال الأيام القادمة.

 

الجيش لن يستطيع البقاء في حماة طويلاً، ربما يبقى أسبوعاً أو عدة أسابيع على أبعد تقدير. بناء على التحليل السابق أتوقع أن يتلقى النظام ضغطاً من كل الأطراف، بما فيها الأصدقاء التقليديون كروسيا والهند والصين الذين أحرجهم باقتحام المدينة، ناهيك عن تركيا والاتحاد الأوربي وبقية القوى العالمية. باختصار: باستثناء إيران وحزب الله وحكومة المالكي العراقية أتوقع أن يكون الضغط على النظام محل إجماع عالمي، بتفاوت في حجم الضغط ودرجته بالطبع، وبالنهاية لا بد من بعض الاستجابة، ولو شكلياً بخروج الجيش من المدينة وعودته إلى خطوط التاسع والعشرين من تموز.

 

ما ستصنعه حماة بعد ذلك هو الذي سيقرر مصير الثورة. لو توقفت حماة عن ثورتها فثورة سوريا كلها في خطر، لو تراجعت حدّة الثورة الحموية فالثورة السورية كلها في خطر، لو خاف الحموية من النظام ومنحوه هدنة (هو بأمسّ الحاجة إليها) فسوف يأكل الثورةَ في سائر مناطق سوريا.

 

لكن الحموية لن يفعلوها؛ أهل حماة اليوم هم أهل حماة الأمس وقبل الأمس، ما عرفناهم قط إلا شوكة قاسية في حلوق الطغاة. لقد عوّدتنا حماة عادة ولن تغيّر حماةُ اليومَ عادتَها، فإنها كانت دائماً هي مخزن الثورة وكانت هي مصنع الرجال، مَن عرفها منكم كذلك بالأمس -قبل انفجار ثورة الحرية في سوريا- معرفةَ الخبر فلا شك أنه عرفها بعد انفجارها معرفة اليقين.

 

أنا أراهن بواحد لمئة ألف أن أهل حماة سيعيدون اختراع الثورة بعد خروج الجيش الوشيك من مدينتهم بإذن الله. أتوقع أن تُنسينا الثورة الحموية القادمة ما كان قبلها، وأن تدفع النظام إلى الندم لأنه فكر بغزوها واجتياحها. هذا ما أراه من وراء حجاب الغيب بعين الثقة بالله واليقين بنصره القريب، وبعين الثقة بأهل حماة الأبطال الذين لم أعلم أنهم خذلوا سوريا يوماً، ولا أذكر -فيما أذكره من ذكريات حياتي- أنهم وهنوا يوماً أو سكتوا عن ضَيم، إلاّ سكوتَ النار المتّقدة تحت الرماد، ما تزال تتّقد بطيئة حتى تكون منها النار العظيمة، كما قال الشاعر الأول:

 

أرى خَلَل الرّماد وميضَ جمر فيوشك أن يكون له ضِرامُ

 

لقد قيل في وقت ما إن الثورة ستحسمها دمشق أو تحسمها حلب، وأنا أقول لكم اليوم: إن مصير الثورة صار في يد حماة، وإن مستقبل الثورة سيصنعه أهل حماة.

* * *

 

على إثر اقتحام حمص ودرعا كتبت مقالة عنوانها: "لا تخافوا ولا تحزنوا، حملة النظام خاسرة والثورة منصورة بإذن الله"، قلت في أولها: الحملة الشرسة الأخيرة التي يشنّها النظام القمعي على شعبنا المصابر منذ أسبوعين هزت ثقة البعض بقوة الثورة وقدرتها على الاستمرار، فكأني بدأت أحس قلقاً خفياً في العيون أو وجلاً في القلوب. ولهؤلاء أقول: لا تخافوا ولا تحزنوا، فوالله ما مَرَّ علينا يومٌ خسرنا فيه منذ بدأت انتفاضة سوريا المباركة، وإن هذه الثورة إلى نصر والنظام إلى هزيمة بإذن الله، هزيمة نكراء سيذكرها التاريخ ويروي قصّتَها الآباءُ للأبناء.

 

كتبت المقالة منذ ثمانين يوماً، وما زلت أكرر اليوم ما قلته فيها بلا تبديل ولا تعديل. لن أعيدها هنا بالتأكيد (من شاء فليقرأها كاملة في موضعها: )، لكني لا أستطيع أن أقاوم إعادة نشر آخر فقرة فيها، فإني لو أردت الكتابة اليوم تعقيباً على اقتحام حماة فلن أكتب غير ما كتبته فيها. قلت:

 

لا تظنوا أن حملة حصار المدن واجتياحها هزيمة لهذا الشعب المرابط الصابر على الحق، فإن من أبرك بركات الانتفاضة السورية أن الشعب لم يخسر فيها قط، وأن النظام خاسر أبداً. نحن نكسب مع شهادة كل شهيد ومع أسْر كل أسير ومع اجتياح كل مدينة، وهم يخسرون ويخسرون، وينقص عمرهم يوماً مع طلوع كل صباح جديد. لا، ما هذا إنشاء حماسة ومقال أحلام، بل هو الواقع الذي نشهده شهادة العيان. حاولوا أن تنظروا إلى المسألة كما أنظر وأرجو أن نتفق على ما أقول:

 

... وأما المدن التي حوصرت واستُبيحت فقد كانت فيها شتلات ثورة وشُجَيرات، فلن يخرج المحتلّون منها إلا وقد استحالت الشتلاتُ الصغيرات والشُّجَيرات شجراتٍ باسقات، فإن العدوان يزيد التِّرات ويؤجج نيران الغضب، ومن خرج من قبلُ حماسةً فسوف يخرج في الغد غضباً وحماسة، ومن طلب من قبلُ الحريةَ فسوف يطلب في الغد الثأر والحرية، ومن كان يرضى بإصلاح النظام فلن يرضى منذ اليوم إلا بسقوط النظام وبمحاكمة النظام وبالقصاص من النظام.

 

الواقع المشاهَد أن كل مدينة تعرضت للضغط في الماضي عادت أشدَّ ثورة مما كانت حالما ارتفع عنها الضغط، فكأن القمع والحصار الذي يمارسه النظام بالجيش وبأجهزته الأمنية ليس أكثر مما يصنعه الواحد منا إذا ضغط بإصبعه زنبركاً فمنعه من التمدد، ولكنه ينطّ عالياً في الهواء في اللحظة التي يُرفَع فيها عنه الضغط، فهل يسمَّى هذا انتصاراً للنظام؟

 

انتظروا قليلاً وسترون. هل ستبقى القوات الأمنية في المدن أبد الدهر؟ فلتبق الأسبوع أو الأسبوعين أو الشهر والشهرين، وماذا بعد؟ إنهم لا بد مُنْفَضّون، ولسوف ترون من هذه المدن بعد ذلك الأعاجيب.

* * *

هذا ما قلته منذ ثمانين يوماً، واليوم أعيده بحرفه، إلا أني أضع اسم حماة في صدر جملة الختام وفي آخرها فأقول: انتظروا قليلاً وسترون. هل ستبقى القوات الأمنية في حماة أبد الدهر؟ فلتبق الأسبوع أو الأسبوعين أو الشهر والشهرين، وماذا بعد؟ إنهم لا بد مُنْفَضّون، ولسوف ترون من حماة بعد ذلك -بإذن الله- الأعاجيب.

==============================

الشعب السوري لا بواكي له

د. عطية الوهيبي/ أبو حفص.

 شاب نرويجي الجنسية من اليمين المسيحي المتطرف كما تذكر وكالات الأنباء، وقنوات الفضاء، نفذ هجوماً وحشياً على مخيم شبابي للحزب الحاكم في النرويج، وقتل اثنين وتسعين، وقال: إن عمله وحشي لكنه ضروري.

وقد أشعل هذا الحادث الأسيف عواطف القادة والساسة في دول العالم، وأورى زَنْدَ إنسانيتهم تجاه الضحايا وأسرهم وحكومتهم، فهاهم أصحاب الفخامة والسيادة والسمو والجلالة يسفحون الدمع المدرار، ويلبسون السواد، ويعلنون الحداد، تعاطفاً مع الضحايا، وغدت الجامعة العربية ثكلى تلطم الخدود، وتشق الجيوب، وتقرع الظُّنوب، ولم نرَ شيئاً من هذا النبل الإنساني الفياض في أثناء الاجتياح الصهيوني لغزة عام 2008م!!

وقد دان مجلس الأمن الاعتداء، ووصف الجريمة بأقسى العبارات ووصفها بأنها شنعاء وفيها إزهاق لأرواح الأبرياء، وعزّى ملك النرويج وحكومته وذوي الضحايا فأحسن العزاء وعدّ ذلك من باب الواجب والوفاء.

وهبت هيئة الأمم المتحدة من رقدتها، ونهدت من غفلتها، وأعرب زعيمها (بان كي مون) عما انتابه من ذهول جراء هذا الحدث الجلل الذي تعجز عن تصور فظاعته وبشاعته العقول، ولعله يدخل في غيبوبة قد تقصر أو تطول.

واستثارت الحادثة الروس وحركت لديهم مكنونات النفوس، فاستنكروها أشد الاستنكار، وعدوها وصمة عار وصَغَار، وأعربوا عن استعدادهم لتقديم العون والمساعدة للشعب النرويجي المكلوم.

وارتعدت فرائص أوباما رئيس أمريكا، وهزّه الخطبُ العَرِمُ هزاً، فبكى وأبكى وعزّى، ولن أُطنب في ذكر من أدْمَت المأساة قلوبهم، وكَلَمتْ أرواحهم، وأوقدت أحزانهم وأتراحهم من قادة وساسة وأنظمة وحكومات ودول أبكاها هذا الحدث الجلل مخافة الإطالة والسآمة والملل، ولكني أتساءل ويتساءل معي شرفاء العالم وأحراره: ألم يرَ هؤلاء المتباكون ما يجري للشعب السوري من جرائم نكراء، ومجازر ومذابح شنعاء يشيب لهولها الولدان وتقشعر لها الأبدان، وتزلزل قلب الكون على يد نظام سفاح مجرم قاتل ابتلي به الشعب السوري الحرّ الأبيّ الذي يروم الحياة الحرة الكريمة كغيره من شعوب المعمورة؟!

لقد دخلت الثورة السورية شهرها الخامس، والبلاد يخيم عليها ليل حالك دامس، ولا يفتأ النظام الأسدي المجرم الموتور يحصد أرواح الألوف، ويسقيهم كؤوس الردى والحتوف، ويعتقل عشرات الألوف، ويصب عليهم العذاب الأوجع، ويجتاح بدباباته ومدرعاته وأزلامه وأقزامه المدن والقرى والأرياف، ويزرع الموت والرعب في كل مكان.

ألا يسمع أصحاب الجلالة والسمو صيحات الحرائر والثكالى والأرامل واليتامى والمهجرين والأيامى وصراخ الأطفال وأنات المعذبين وآهات المسجونين وهي تقطع نياط القلوب، وترفع الشكوى إلى الله تعالى علام الغيوب؟؟!!

أين مجلس الأمن الذي كوت مأساة النرويج جنانه، وهدت أركانه، وزعزعت بنيانه، فسارع إلى استنكارها بالإجماع بأشد العبارات وأقسى الكلمات، وعدّها فاجعة من أعظم الملمات؟ لِمَ لا يُدين هذا المجلس جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها النظام السفاح في سوريا؟! وهو من قبل لم يُدِن جريمة واحدة من جرائم الصهاينة في فلسطين وغزة!.

أين بان كي مون؟! علامَ لا يعتصر فؤاده الهم والشجن والألم وهو يرى أطفال سوريا يذبحهم النظام السفاح فيها كالخراف في شتى المدن والقرى والأرياف؟! أين منظمات حقوق الإنسان التي يجرح ضميرها ويَكْلِمُ قلبَها موت حيوان؟ أين شعوب العالم العربي والإسلامي؟ لِمَ لا تخرخ في مظاهرات عارمة تساند الشعب السوري، وتؤازر ثورته المباركة السلمية الشعبية؟؟ وبيّضَ الله تعالى أهل طرابلس في لبنان.

أين شعوب العالم قاطبة؟ لِمَ لا تعبّر عن غضبتها وألمها وشجنها وحَزَنها لما يصيب أهل سوريا؟؟ هناك تواطؤ إقليمي ودولي وعالمي على الشعب السوري وثورته السلمية الميمونة المنصورة المظفرة بعون الله تعالى، وهناك سكوت مطبق على جرائم الجلاد، ومجازره ومذابحه التي يجترحها بحق الشعب السوري، وسِرُّ ذلك في في رأينا هو قلق الصهاينة من رحيل النظام وسقوطه، وذلك كائن بإن الله تعالى، لأن هذا النظام هو الكلب الأمين المسعور الذي يحرس أمن اليهود واستقرارهم في الجولان وفلسطين، وهو الذي سلم الجولان لهم من غير حرب ولا قتال، لأن الكيان اليهودي سيكون في مهب الريح، ومن ثَمّ يسعى الصهاينة جاهدين إلى حراسة هذا النظام الذي ولد على فراشهم، ويعملون على بقائه بشتى الوسائل والسبل، ومَن أبى فلأمه الهَبَل.

ويستعين الصهاينة من أجل تحقيق رغبتهم في بقاء النظام بأمريكا هُبل العصر، التي تعدّ الحفاظ على الكيان الصهيوني جزءاً من أمنها القومي، وهي ملتزمة بذلك كل الالتزام كما يصرح ساستها وقادتها، كما يستعين بحلفائه من الغربيين، ويبارك جهود حلفائه الصفويين، الذين يسهمون إسهاماً كبيراً في ذبح الشعب السوري، وتدمير مدنه وقراه، وقتل رجاله وشبابه وأطفاله ونسائه، ويتشدق قادتهم بالمقاومة والممانعة والصمود وعداوة أمريكا!! ويَصِمون الشعب السوري بتنفيذ أجندات خارجية (رمتني بدائها وانسلت)، ولكن هيهات هيهات، إن الزمان قد استدار، وأن الشعب السوري المصابر الأبي قد ثار أقوى من أيّ إعصار، وهو يستمد قوته وعزيمته من الله تعالى الواحد القهار، ولن تستطيع قدرة في الكون كلّه أن تخمد ثورة شعب أبيّ ينشد العزّة والكرامة والحرية، وقد حزم أمره وعزم على إسقاط أسوأ نظام عرفه تاريخ البشرية، وها هو فجر النصر قد لاح، وسيرحل نظام السفاح، وتخفق في سماء سورية رايات الحرية والمجد والفلاح، وسيندم الذين خذلوا هذا الشعب وتآمروا عليه، ووقفوا مع جلاديه، ولات حين مندم.

أجل لقد أشرقت شمس الحرية من دماء الشهداء، ومن غيابات السجون التي تلتهم الأبرياء، ومن قلب ليل المحنة الذي يلف الرجال والأطفال والنساء، (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)، (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).

========================

بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء..

"واحمصاه...!

 وابوكمالاه..!

 واديرزوراه....!"

مقطع من أغنية أم كردية

إلى نهري العاصي والفرات الخالدين

إبراهيم اليوسف

elyousef@gmail.com

يكاد الشهر الخامس، من عمر الثورة السورية يجرُّ أذياله،موشكاً أن يلتقط جمعتيه الأخيرتين،من سبحة الوقت، مجلياً، عن مشهد من التناقضات الكبرى، قبيل تصحيح الصورة، كما يشاء الرسام، أمام اللوحة، والألوان، والرِّيشة، حيث: الثَّورة تتسع، تتسع، يوماً بعد آخر، رقعة وثواراً، يشترك في أوَّار، أوأتون، يوقده، ويقوده الشباب السوري، الشيوخ والنساء والأطفال، جنباً إلى جنب مع "ديناموها"الشباب، أنفسهم، لتكون بذلك أولى ثورة من نوعها، وهي تطهِّر كل تراب الوطن، من رجس الاستبداد، المعمِّر، بالعزيمة، والرُّوح العالية، وكلمة" لا" المدويَّة في ستِّ جهات المعمورة.

كما أن النظام، المتآكل، الآيل إلى النهاية، المحتومة،لا ريب، قد برهن للعالم كله،عدم كفايته، ليكون في مستوى إدارة"حانة أو حانوت"، فحسب، وليس قياد بلدِ حضاريِّ، كسوريا، متعدِّد الأعراق، لكنه موحّد الرؤى، والأهداف،في حضرة الجلادين، وكانت مرجعيته الفكرية- وهوالذي شنف الآذان بتطبيقاته النظرية، ومدرسته، الخلبية، وأهدافه "الخالدة"- في مواجهة مطلب الشعب السوري، من "عين ديوار" و"قامشلي" ومروراً ب"دير الزور" و"حماة" و"حمص"، وانتهاء بريف "دمشق" و"درعا" مهد الحبر النوراني، و"الصنمين"،بالرصاص، وفق-الوصفة- البائسة، من دون أن يعلم أن كل رصاصة موجهة إلى صدر المواطن، إنما لتنال من هيبته، ومستقبله،هوَ، وهوَ الحريص على بناء عمارة مستقبل، هشِّ، هشاشة كرسيِّ، هاوِ، يريده هاودم وعرش،ومجد زائف،على امتداد خريطة، من ثروة، في عربة ثورة..!

لم يوفِّر النظام البائس أي محرَّم، إلا وأتبعه، هاجسه الحفاظ على كرسيه، المنفلت، المنزلق، من تحت أُمرته، عن بكرة قوائمه، وإن لاحقه، لاهثاً، ليكلفه ذلك، بيع الوطن في البازار الدولي، ومزادات لصوص الخرائط، والشعوب، حتى وإن خلت هذه الخريطة من ملايين بنيها الأربعة والعشرين، مادام أن هناك فرق لصوص، ورقص، ومخابرات، وشبيحة، وهتّافين، بالمجد الملفق، الزائل، يصفقون للثياب الحريرية، لا ترى، يلبسها الإمبراطور المغرور، كما في مسرحية إبسن، الشهيرة، ليفضح هيبته وزيف الجموع، وأخدوعة جوقة الخياطين، المخادعين، مجرَّدُ طفل جريء، يرفع صوته عالياً: امبراطورنا عار...!.

إنها مأثرةُ طفل إبسن، في مسرحيته الخالدة، وإن كان الإمبراطور،سيثأر لهيبته المنكسرة، بحبر، ورذاذ صوت أطفال درعا، كي ينتقم من الأطفال،على نحو مخز، يستدرج لعاب رشاشاته، حمزات كثيرين، بأسماء أخرى، في معجم الفسيفساء، لن يرهبهم قلع الأظافر، وبتر الأعضاء الذُّكورية.

المسرحية السورية واحدة، أسماء الأمكنة هي التي تتغير،إنها مجرد عروض بهلوانية، لنص واحد، ومؤلف واحد، ومخرج واحد، وإن تعدد الممثلون، والطبَّالون، والزَّمَّارون، وعاملو الإضاءة، والإكسسوار، والديكور، والموسيقا الحية، لننتقل بين جمال الأمكنة ب"درعا" وبناتها، ومروراً بالمدينتين،حمص، وحماة،عينهما،في عاصيهما المجيد، وفرات موزع إلى ديرِ وبوكمال، وبطاقات الدعوة موزَّعة في الأمكنة المنتظرة، أنَّى قالت:لا....!

لا، المتصادية نفسها

لا، المرأة تمضي إلى حكاية زوجها للوليد في غد قريب

لا، العاشقة تحتفظ بالكنزة، الصوفية، غزلت خيوطها من الحلم، لفتى لن يجيء..البتة.....!

لا، الجندي، حبيسة في صدره الكظيم

لا،الشيخ الطاعن في الحكمة

لا، التاجر مسروقاً

لا، العامل تتناثر على رصيف المدينة

لا، المصلي في ديرأو جامع

لا، الطالب الجامعي، يكتبها على ورقة الإجابة.. وينصرف إلى الاحتجاج

لا، الشاعرتسبق صوته.......وخطواته..!.

لااااااااااا..

....................

-مداهمات،رصاص، دبابات، مدرعات، طائرات، شبيحة،جنود،رصاص روسي،من إنتاج العام1973، جثث في الشوارع، جثث في الثلاجات..، جثث في الجوامع،جثث في الحديقة العامة، تتوسل إليها الأشجار والزهور، وروزنامة الغد الآتي، لا محالة...!

غدٌ في مواجهة ظهيرة قائظة

غدٌ مجيدٌ في مواجهة عواصفَ هوجاءَ

غدٌ أبيضُ في مواجهة سخام في آخرِ سواده

غدٌ طاهرٌ في عرباته المترقبة فوق صلابة حديد سكتها

وسكتة الدكتاتورالطاعن في الرتب والدم...!

 ثم متاريس

وصرخات

أطفال جوعى يطلبون الحليب

صرخات شيوخ انقطعت عنهم الأدوية

صرخات شيوخ انقطعت عنهم الأدوية

وهواء الرئتين

صرخات أمهات يقلن:لا،على طريقتهن، وهن يخلعن عن أجساد أبنائهن قمصان الدم،ويرمينهم بالقبلات الأخيرة.. والهلاهل..........

-هكذا في المدن سكر أسمائها:

دير الزوروأعوام1980-1984

حمص عام1988-1990

حماة1993

والختام هناك..!

الختام هنا..!

الختام في الخافق... عينه في طية الخفقات

الأسماء التي تنهض من الحبر

رائحة الأغنيات في بستان الذاكرة

الجريدة التي لاتقرأ أوراقها الصفراء حمرة الدم

الفضائية التي تسهو عينُ مصورها عن الأنين في دورة النشيد

هي ذي سوريا..

سوريانا....أولاء....!

يصنع معجزتها ابنها الحقيق

عربياً وكردياً أوشاشانياً أو أرمينياً

مسلماً أو مسيحياً أو إيزيدياً

جمهورية وعلماً يحضنان أسماء وأحلام كل هؤلاء

جندياً لا يقبل أن تمرَّغ قبعته في طين من جبلَّة تراب ودم

هي ذي سوريا..

سورياكم نفسها...

وهي تفتح السؤال على مصراعي الألق والانتظار.

========================

واقع ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي

شنكاو هشام

1الديمقراطية المستبعدة عربيا

رغم التحولات الكبري التي شهدها العالم سواء علي المستوي الدولي او الاقليمي وبالرغم من تصاعد وتيرة هده التطورات المتلاحقة للنمو العالمي مازال العالم العربي لم يحرك ساكنا لأنه تحت وطأة مايسمي بالدولة التسلطية التي تعمل علي قمع المجتمع وتجعله يدعن للقهر والتسلط حتي يبقي المشهد السياسي خاضع للرقاية مع استبعاد تواجد ديمقراطية متكافئة وعادلة ان الديمقراطية في جملة أهدافها هو إيجاد صيغة متكاملة وممكنة لحل مشكل الحكم ودلك بجعل الحاكمين خاضعين لإرادة المحكومين ان متطلبات الحد الادني من هده الديمقراطية يمكن القول انه قد بدا في بعض البلدان العربية التائرة ولم تكتمل معالمه بالشكل المطلوب خصوصا ان هده الدول في بداية صناعة أرضية تمهد نحو ترسيخ هده الديمقراطية والتي ان تم تطبيقها علي أرضية الواقع العربي الامر سيكون عبارة عن انقلاب سوف يغير مجري التاريخ ولقد نجحت في دلك مصر وتونس ومازالت ليبيا وسوريا واليمن تحاول صياغة هدا المشروع الحضاري وان كانت صياغته لن تكون سهلة فالديمقراطية في بعد الأحيان النضال والصابرة المتتالية حتي يتم إيصال هدا المشروع وجعله امرا واقعيا لارجعت فيه ان أي تأجيل للديمقراطية في المشهد السياسي العربي سوف يساهم في تعطيل المشروع الديمقراطي النهضوي ودلك من اجل التوافق عليه كليا

 

وبهدا يمكن القول ان هده الديمقراطية حتي وان ظلت غائبة عربيا الا انها أصبحت هاجسا ومطلبا شعبيا عند الفرد العربي الدي اصبح يري في هده الديمقراطية الحل الحاسم لجميع مشاكله الحضارية

 

2الديمقراطية المغيبة عن الواقع السياسي العربي

الصيرورة التاريخية بماضيها وحاضرها ومستقبلها ظلت غنية بالصراعات علي السلطة وظهور حركات سياسية معارضة ومناهضة لأي سلطة أبدية دلك ان الواقع السياسي العربي تميز بانعدامية الايجابية فيما يخص مسالة التداول علي السلطة والملاحظ في عالمنا العربي ان يمر بمرحلة مايسمي بالعطب السياسي فيما يخص التداول علي السلطة وهده الأخيرة تبقي الحلقة المفقودة في التاريخ العربي والإسلامي فمند تحول الحكم الي حكم ملكي جبري عضوض انتهت الإرادة الشعبية وأقصيت عن السياسة وبهدا أصبحت مسالة التداول علي السلطة غير ممكنة فاستفحل معها النزوح نحو التغير وان كان في غالب صوره ياخد صورة العنف الرافض للاستبداد وبهدا لاتجد اية قيادة عربية تؤمن بهدا التعدد اوتقوم بالتخلي عن السلطة بمحض إرادتها والي جانب هده الانعدامية في التداول علي السلطة نجد هناك توريث السلطة الدي حاولت الأنظمة العربية تكريسه وجعله امرا واقعيا لارجعت فيه وهو ماخلف موجة غضب موسعة في عدة أقطار عربية رافضة لأية ركوض سياسي علي مستوي المشهد السياسي العربي

 

ان فضية التداول علي السلطة تظل مرتبطة بطبيعة الدولة وبمعايير الشأن العام وسلطة القانون وأما دول الجنوب فهي دول النخبة وليست دولة المجتمع لأنها منفصلة عنه ومرتبطة بمصالحها الخارجية ولايمكن القول بأنها دولة الشعب بل هي دولة الخارج لإتراعي مصالح المجتمع الداخلي ولكن قوتها موجهة من اجل السيطرة علي الشعوب وخير دليل علي دلك مايحدت في سوريا واليمن وليبيا وماكان عليه النظام المصري والتونسي

 

3العالم العربي وإشكالية التنمية والديمقراطية

بطالة خريجي العالم العربي من الجامعات سوف تظل في تزايد مستمر مدامت الدول العربية لاتريد تبني سياسة تنموية شاملة تدمج خريج الجامعات في عالم الشغل ان والبطالة تظل من بين القضايا الرئسية في الوطن العربي فحتي ان اقصينا جيلا كاملا متعلما ومتخرجا من الجامعات من هده الحقوق ادن المشكل الأساسي حول الأجيال القادمة هل سوف يستمر الحال كما هو عليه أم اننا قد نتحول من اللامبالاة الي التوجه نحو الاهتمام والوعي بالمشكلة وبكل الأزمات التي يعاني منها المواطن العربي والدي قد تحول الي مجموعة من الشعوب التي تري في الهروب الي اروبا واستراليا وكندا وامريكا مخرجا للهروب من اليأس والفقر والجوع وهو هروب أيضا من الوصول الي انعدامية صلاحية إنسان كانسان ان البلدان العربية في المرحلة الراهنة وفي ظل ثورتها المطالبة بالحرية والديمقراطية سوف يكون عليها من اللازم النضال من اجل الوصول الي مرحلة التجديد والمنجزات في ديمقراطية خلاقة تسود فيها العدالة الاجتماعية والاقتصادية حتي يستطيع بدلك الانسان العربي الرجوع الي دائرة صناع التاريخ لأننا سلمنا مشعل الحضارة الي غيرنا واهملنا بعد لك واقعنا وحاضرنا ومستقبلنا في ظل عالم متغير اصبح يؤمن بالتغير والديمقراطية العادلة التي أصبحت مطالبا لكل شعوب وخصوصا شعوب العالم العربي

 

4الديمقراطية المغيبة عن الواقع السياسي العربي

الصيرورة التاريخية بماضيها وحاضرها ومستقبلها ظلت غنية بالصراعات علي السلطة وظهور حركات سياسية معارضة ومناهضة لأي سلطة أبدية دلك ان الواقع السياسي العربي تميز بانعدامية الايجابية فيما يخص مسالة التداول علي السلطة والملاحظ في عالمنا العربي ان يمر بمرحلة مايسمي بالعطب السياسي فيما يخص التداول علي السلطة وهده الأخيرة تبقي الحلقة المفقودة في التاريخ العربي والإسلامي فمند تحول الحكم الي حكم ملكي جبري عضوض انتهت الإرادة الشعبية وأقصيت عن السياسة وبهدا أصبحت مسالة التداول علي السلطة غير ممكنة فاستفحل معها النزوح نحو التغير وان كان في غالب صوره ياخد صورة العنف الرافض للاستبداد وبهدا لاتجد اية قيادة عربية تؤمن بهدا التعدد اوتقوم بالتخلي عن السلطة بمحض إرادتها والي جانب هده الانعدامية في التداول علي السلطة نجد هناك توريث السلطة الدي حاولت الأنظمة العربية تكريسه وجعله امرا واقعيا لارجعت فيه وهو ماخلف موجة غضب موسعة في عدة أقطار عربية رافضة لأية ركوض سياسي علي مستوي المشهد السياسي العربي

 

ان فضية التداول علي السلطة تظل مرتبطة بطبيعة الدولة وبمعايير الشأن العام وسلطة القانون وأما دول الجنوب فهي دول النخبة وليست دولة المجتمع لأنها منفصلة عنه ومرتبطة بمصالحها الخارجية ولايمكن القول بأنها دولة الشعب بل هي دولة الخارج لإتراعي مصالح المجتمع الداخلي ولكن قوتها موجهة من اجل السيطرة علي الشعوب وخير دليل علي دلك مايحدت في سوريا واليمن وليبيا وماكان عليه النظام المصري والتونسي

 

5 ديمقراطية في ظل عدالة اجتماعية

ان الديمقراطية في مضمونها الجوهري فانها تظل علي ارتباط وثيق بالعدالة الاجتماعية التي تعتمد علي الجانب الاقتصادي فيما يخص تحقيق عدالة متوازنة في توزيع الثروات وعائدات النمو التي تمثل مجموعة من مداخيل الدولة ان هده الديمقراطية المنشودة استطاعت ان تجد طريقا للبروز والظهور من خلال دول العالم الأول التي أعطت لهدا المفهوم الصلاحية الكاملة في التطبيق والممارسة الفعلية داخل مجتمعاتها دلك ان العدالة والمساواة الاجتماعية تظل من بين الشروط الأساسية لأي نظام ديمقراطي ناجح يحسن التصرف بالثروة العامة حتي يتم القضاء علي التفاوتات الاجتماعية

وأما فيما يخص العالم العربي فان ديمقراطية فيه تتميز بانعدامية العدالة في توزيع الموارد وهي بدلك تقوم باستبعاد القوي الاجتماعية من عملية الاستفادة وهو مايو لد في العالم العربي طبقات محرمة سياسيا واقتصاديا مع انتشار الحرمان واتساع دائرة الفقر والتهميش بحيت بعد دلك لانجد هناك معني للحريات او حقوق الانسان في ظل هدا التفاوت لديمقراطي ان الانتفاضات التي يمر بها العالم العربي في كل من مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا تعد تعبيرا عن غياب العدالة التوزيعية تم توسيع دائرة الفقر مع تعاظم غياب العدالة الاجتماعية ان من بين العوامل التي سوفت تساهم في زيادة الا ضطرابات في العالم العربي الي فضاء سياسي مطالب بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي باتت تنصب نحو محاولات يائسة لم يوجدلها سبيل الي الوجود من خلال واقع عربي يغلب عليه الخلل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الدي سوف يؤدي الي زعزعة الاستقرار في العالم العربي

 

6الديمقراطية المطلوبة عربيا

ان العالم العربي شهد تحولات كبري في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة هدا التحول اقتصر علي بعض الدول دون الاخري ويمكن القول انه بالإمكان الجزم ببعض التحولات وإقرارها عربيا ودوليا لان الديمقراطية وحقوق الإنسان فهي مجالات تعد من بين القضايا الكبرى التي أصبحت تشغل اهتمام الباحتين والمدافعين عن الحقوق والحريات العامة دلك ان هدا الأمر اصبح ينطبق في غالبيته علي دول العالم العربي

والتي لم تنجح في كسر قيود الفساد والتظلم وعوامل التخلف التي أرجعت هده الدول الي الوراء

ان هده الدول أصبحت تتطلع الي بروز نوع جديد من الديمقراطية تحقق نوع من التوازن العادل بين شرائح المجتمع عن طريق التضامن والتكافل الاجتماعي مع التركيز علي العدالة التوزيعية في الموارد والثروة وكل دلك من اجل تحسين الأوضاع المادية للمواطنين حتي تستطيع الحصول علي واقع اقتصادي واجتماعي وسياسي سليم ومتجدد يعتمد علي ديمقراطية عادلة بغية تجنب الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية مع وضع حد لكل السياسات الديكتاتورية

ان العالم العربي اصبح علي وعي تام في انتفاضات العربية المتأججة علي الساحة السياسية علي ان الديمقراطية التي ترسخ الإصلاح وتساعد علي التنمية التي أصبحت من أولويات مطالب هده الدول خصوصا ان هده الدول بدأت تشعر ان هناك انغلاق وان جميع الأبواب موصدة أمام التغير لأجل دلك فان دول العربية مازال تطالب بديمقراطية عادلة من اجل كسب رهانات القرون القادمة

 

7تنشئة سياسية متوازنة وسليمة في العالم العربي

ان عالمنا العربي في حاجة الي تنشئة سياسية تعمل علي تاطير الفرد العربي بما يتناسب مع مصالحه العليا من اجل رسم مخطط للسياسات العامة داخل هده البلدان لكي تستمر علي نهجها

من اجل خلق مناخ تنموي متوازن وعادل هدا المناخ قد يساهم في تشكيل ثقافة مستنيرة تعتمد علي إعلام ورؤي واديولوجيات وقيم سياسية متعددة التي يهدف الحزب اوالمنظمات أو الفعاليات السياسية الي تأصيلها في أدهان المتعاطفين والمنخرطين ضمن أية إديولوجية سياسية

كما ان هده التنشئة فإنها لاتبقي في مناي عن ضرورة تدعيمها بمبدأ المشاركة السياسية مع الاهتمام بهدا المبدأ وجعله ثقافة سياسية موحدة في أدهان والشعور حتي يتم بعد دلك تفعيل واقع الحياة السياسية فالتنشئة السياسية تظل مرتبطة بمدي قدرة الحزب علي التاتير في العملية السياسية

وبهدا فان هدا الأمر يحتاج الي التكوين السياسي المستمر سواء عن طريق الأعلام المرئي والمسموع أو عن طريق الأحزاب السياسية كل هده الفعاليات تظل المسئول الوحيد نحو تحقيق هدا الوعي المتكامل من اجل الوصول الي التنشئة السياسية المطلوبة في العالم العربي بحيت يجب ان تكون متلازمة مع مقومات الديمقراطية العادلة حتي نتمكن من صناعة جيل ديمقراطي يؤمن بالتعددية ويؤمن بالاختلاف والرأي الأخر وكل دلك لن يتم ألاعن طريق الدعوة الي تنشئة سياسية سليمة ومتوازنة التي يمكن ان تربي لنا جيلا يؤمن بهده القيم سواء علي المسوي الانساني أو السياسي

ـــــــــ

* باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية

chengaouhicham@yahoo.fr

==========================

وفي رمضان سيسقط الطاغوت

محمد هيثم عياش

ما ان حل علينا شهر رمضان المبارك الا وصعدت الى السماء اكثر من مائة روح تشكو الى بارئها ظلم الطاغية بشار اسد ونظامه وتشكو صمت العالم ، فصمت العالم تجاه مذابح الطاغية لشعبنا دعم له وليس كل العالم صامت على ما يجري في سوريا فهناك من يطالب بتدخل مباشر في الشئون السورية لوقف المذبحة وهناك من يطالب دول منطقة الخليج العربي بالتعاضد مع الغرب ومع كل داعية للحرية من اجل التضامن مع الشعب السوري ، صحيح ان هناك صمت مريب يكمن بالدعايات المناهضة لانتفاضة شعبنا ، فالنظام السوري نظام خبيث يدعي ان الذين يقتلون الشعب جماعات مسلحة الا انه لم يكشف عن هذه الجماعات ولم يجرؤ ولن يتجرأ بالبوح في حقيقة هذه الجماعات انها جماعات الاجرام التي يقودها بشار اسد ونظامه .

كان على احرار سوريا ان يوجهوا شعارهم يوم الجمعة المنصرم الى مشايخ النظام فصمتهم تجاه المذابح اضافة الى الاحباط من خلال اثارتهم لفتاوى خارجة عن الاسلام مثل قول الشيخ محمد سعيد البوطي بان التظاهر حرام وادعاءات مفتي الضلالة احمد بدر الدين حسون وعيرهما ممن يدعي العلم في سوريا بأن المظاهرات والخروج على السلطان حرام ، نعم ان الحرام والبدعة من يسكت عن الحق والساكت عن الحق شيطان أخرس والبوطي وحسون اسوأ من الشيطان الاخرس بل هم صم بكم عمي .

وجاء رمضان وهو شهر فضيل عظيم ينزل به الله تعالى في كل ليلة الى السماء الدنيا ويقول هل من داع فاجيبه هل من مظلوم فانصره وكل الشعب السوري مظلوم فهم يرفعون ايديهم الى الله تعالى يشكون اليه ظلم الطاغية وازلامه اضافة الى عدم نصرة القريب . ففي هذا الشهر سيستجيب الله تعالى للشعب السوري ولكل مسلم على وجه الارض يدعو للنصر على الطاغية بشار اسد وأزلامه وما ذلك على الله بعزيز . الا ان النصر مرتبط باستمرار المظاهرات والدفاع عن النفس ، صحيح ان على المظاهرات ان تبقى سلمية لان الطاغية يريد من خلال ارساله دباباته وجيشه الشجاع لقتل ابناء شعبنا اثارته ، فاذا ما ثار شعبنا بالسلاح ضد هذا الطاغية سيجعل العالم ينظر غير نظرته تجاه الطاغية بشار اسد ، ولكن يجب الدفاع عن النفس فهو حق من حقوق الانسان .

=============================

مصابيح درية من وحي رمضان

الشيخ خالد مهنا

رئيس الدائرة الإعلامية في الحركة الإسلامية

1.. كانوا .. ربانيين .. لا رمضانيين

ما أشبه الليلة بالبارحة .. هذه الأيام تمر سريعة وكأنها لحظات ..

لقد استقبلنا رمضان الماضي .. ثم ودعناه .. وما هي إلا أشهر مرت كساعات .. فإذا بنا نستقبل شهراً آخر ..

وكم عرفنا أقواماً .. أدركوا معنا رمضان أعواماً ..

وهم اليوم من سكان القبور .. ينتظرون البعث والنشور ..

وربما يكون رمضان هذا لبعضنا آخر رمضان يصومه ..

إن إدراكنا لرمضان .. نعمة ربانية .. ومنحة إلهية ..

فهو بشرى .. تساقطت لها الدمعات .. وانسكبت العبرات ..

{ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان } ..

وروى النسائي والبيهقي بسند حسن أنه صلى الله عليه وسلم قال : \" قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرٌ مُبَارَكٌ افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ يُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ \" ..

وفي الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخل رمضان فتحت أبواب الرحمة وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين وفتحت أبواب الجنة ) ..

* * * * * * * *

نعم..كم من قلوب تمنت..ونفوس حنت..أن تبلغ هذه الساعات ..

شهرٌ .. تضاعف فيه الحسنات .. وتكفر السيئات ..

وتُقال فيه العثرات .. وترفع الدرجات ..

تفتح فيه الجنان .. وتغلق النيران .. وتصفد فيه الشياطين ..

شهرٌ جعل فيه من الأعمال جليلُها .. ومن الأجور عظيمُها ..

روى الترمذي وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال : \" إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ \" ..

* * * * * * * *

نعم .. شهر رمضان ..

هو شهر الخير والبركات .. والفتوح والانتصارات .. فما عرف التاريخ غزوةَ بدر وحطين .. ولا فتحَ مكة والأندلس .. إلا في رمضان ..

لذا كان الصالحون يعدون إدراك رمضان من أكبر النعم ..

قال المعلى بن الفضل : كان السلف يدعون الله ستة أشهر أن يبلِّغهم رمضان !!

وقال يحيى بن أبي كثير : كان من دعائهم : اللم سلمني إلى رمضان .. وسلِّم لي رمضان .. وتسلَّمه مني متقبلاً ..

نعم .. كان رمضان يدخل عليهم .. وهم ينتظرونه .. ويترقبونه ..

يتهيئون له بالصلاة والصيام .. والصدقة والقيام ..

أسهروا له ليلهم .. وأظمئوا نهارهم .. فهو أيام مَّعْدُوداتٍ .. فاغتنموها ..

لو تأملت حالهم .. لوجدتهم .. بين باك غُلب بعبرته .. وقائم غص بزفرته .. وساجدٍ يتباكى بدعوته ..

كان يدخل على أقوام صدق فيهم قول الله :

{ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ..

كانوا .. ربانيين .. لا رمضانيين .. هم في صيام وقيام .. في رمضان وغير رمضان ..

باع رجل من الصالحين جارية لأحد الناس .. فلما أقبل رمضان أخذ سيدها الجديد يتهيأ بألوان الطعام ..

فقالت الجارية : لماذا تصنعون ذلك ؟

قالوا : لاستقبال الصيام في شهر رمضان .. فقالت : وأنتم لا تصومون إلا في رمضان ؟!

والله لقد جئت من عند قوم السنة عندهم كلها رمضان .. لا حاجة لي فيكم .. ردوني إليهم .. ورجعت إلى سيدها الأول ..

* * * * * * * *

كانوا يدركون الحكمة من شرعية الصيام ..

فالصوم لم يشرعْ عبثاً ..

نعم .. ليستْ القضية ..قضية ترك طعام !! أو شراب ..كلا ..

القضيةُ أكبرُ من ذلك بكثير .. شرع لكي يعلمَ الإنسان ..أن له رباً ..يشرعُ الصومَ متى شاء ..ويبيحُ الفطرَ متى شاء !! يحكم ما يشاء ويختار .. فيخشاه ويتقيه ..

{ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } نعم { لعلكم تتقون } ..

والتقوى خشيةٌ مستمرة ..

خل الذنوب صغيرها ... وكبيرها ذاك التقى

واصنع كماش فوق أرض … الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرةً .. إن الجبالَ من الحصى

التقوى هي الخوفُ من الجليل ..والعملُ بالتنزيلُ ..والقناعةُ بالقليل ..والاستعدادُ ليوم الرحيل ..

ومن حقق التقوى شعر بأن حياته كلَّها .. ملك لله تعالى .. يفعل بها ما يشاء .. فهو يصلي وقت الصلاة .. ويصوم وقت الصوم ..

ويجاهد في الجهاد .. ويتصدق مع المتصدقين ..

فليس لنفسه منه حظ ولا نصيب .. بل حياته كلها وقف لله تعالى ..

يأتي هذا الضيف القدير كل عام ويدخل في ساحات أيامنا وليالينا فتمتلئ أوقاتنا بهجة بقدومه، وتنتشي أرواحنا طرباً بهلاله؛ إنه شهر رمضان الذي ما ذكر في مجلس إلا وأنِس الحاضرون باسمه، ولم يروِ لنا الراوي حكاياته وأخباره إلا اشرأبت الأعناق لسماعها والاستمتاع بها والعيش معها، إنه شهر المكرمات والفضائل، شهر الطاعة والأنس بالله، شهر الذكريات الجميلة والساعات العذبة واللحظات الباسمة الباسقة ..

رمضان يا شهر التحرر ليتنا *** من جاهلية فكرنا نتحرر

رمضان تأتي واللظى يغتالنا *** والحب في جنباتنا يتكسر

ما زلت يا رمضان أكرم زائر *** ليست تمل وإن تكن تتكرر

2.. هلاّ تعرضنا لنفحات مضيفنا !

رمضان يحل علينا ضيفاً مضيافاً ، يكرمنا إذا أكرمناه ، فتحل بحلوله البركات والخيرات ، يُقدم علينا ، فيقدّم هو إلينا أصنافاً من الإتحافات والنفحات ..

ضيف لكنه مضيف ، وربما يكون الواحد منا في ضيافته للمرة الأخيرة .. !

أو ربما ينزل هو في ضيافة غيرنا بعد أعمار قصيرة .. فهلاّ أكرمنا ضيفنا !

وهلاّ تعرضنا لنفحات مضيفنا !

تصور أخي أنك تستقبل ضيفاً عزيزاً ، وهو يستضيفك ، وتعلم أنك بعد أيام قلائل ستودعه فلا تراه أبداً .. ! كيف ستستقبله ؟ وكيف ستحسن صحبته ،وتكرم مثواه ؟

تعال نقف مع أنفسنا هذه الوقفات لإخراج صيامنا من إلْف العادة إلى روح العبادة :

* نصوم رمضان في كل عام وهمّ أكثرنا أن يبرئ الذمة ويؤدي الفريضة ..فليكن همنا لهذا العام تحقيق نعم تحقيق معنى صومه (إيماناً واحتساباً) ليغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا .. وهي كثيرة .

* نحرص كل عام على ختم القرآن في شهر القرآن مرات عديدة .. فلتكن إحدى ختمات هذا العام ختمة بتدبر وتأمل ونية إقامة حدوده قبل سرد حروفه .

* نسعى في تنقلنا بين المساجد للقيام إلى اختيار الصوت الأجمل .. فليكن سعينا العام وراء الصلاة الأكمل .

* يتزايد حرصنا في أوائل الشهر على عدم تضييع الجماعة مع الإمام ..فليكن حرصنا هذا العام طوال الشهر على عدم تفويت تكبيرة الإحرام .

* نخص رمضان بمزيد من التوسعة على النفس والأهل من أطايب الدنيا ، فليتسع ذلك للتوسعة عليهم بأغذية الأرواح والأنفس .

* إذا أدخلنا السرور على أسرنا بهذا وذاك فلنوسع الدائرة هذا العام فندخل السرور على أُسَرٍ أخرى .. أَسَرتها الحاجة وكبّلَتها الأعباء .

* نتصدق كل عام بقصد مساعدة المحتاجين ، فلنجعل قصدنا لهذا العام مساعدة أنفسنا التي بين أضلعنا على التخلص من نار الخطيئة بجعل تلك الصدقة اليومية خالصة لتطفئ غضب الرب .

* نحرص وإياك على اكتساب العمل النافع في رمضان ، فليكن هذا النفع متعدياً للغير بكتاب يُهدى أو نصيحة تُسدى والدال على الخير كفاعله.

* لنفسك من دعائك النصيب الأوفى ، فلتتخل عن هذا (البخل) في شهر الكرم ، فملايين المسلمين في حاجة إلى نصيب من دعائك الذي تُؤَمّن عليه الملائكة وتقول : ولك بمثله .

* الجود محمود في رمضان وأنت أهله ببذل القليل والكثير ، فليمتد جودك إلى الإحسان لمن أساء ، وصلة من قطع.

* لنكف عن الاعتكاف إلى الناس ، ولْنكتف بالعكوف مع النفس لمحاسبتها ؛ فربما يفجأنا الموت فنحاسَب داخل القبر قبل أن نتمكن من محاسبة أنفسنا ونحن أحياء على ما فرطنا في جنب الله .

* تصفّ قدميك مع مصلين لا تعرفهم ... فهلاّ تعرّفت عليهم، فإن تسوية الصفوف خلف الإمام ما جُعلت إلا لتوحيد القلوب على الإيمان.

* لنا ولك أعداء ، فانتصر عليهم بالدعاء إن كانوا كافرين ، وانتصف منهم بالدعاء إن كانوا مسلمين ، فكم من دعاء حوّل العداء إلى ولاء .

* في رمضان ، يُذكّرك الضعفاء بأنفسهم على نواصي الطرق وأبواب المساجد ، فلتذكر أنت المستضعفين من المسلمين بدعائك وصدقتك..

3..يا ثائرين , مشعل أنتم يضيء جوانب الحكمة في أقمارنا المختئبة

ها هو رمضان ياتي الينا هذا العام وامتنا تشهد انتفاضة كبرى في كثير من الارضين

 يا ثائرين على تعود العبادة بلا روح ولغير مستحقها , سارت دماؤكم الزكية في عروقنا تحيي منا حماسا ليوم اشتممنا مسككم فعرفنا أن القادم بطيب نفتقده .

فيا ثوار القدس الأبية

و قاهرة القيادة

و صنعاء الحكمة

و دمشق الخالدة

و تونس الشماء

و طرابلس القوية

من كل وفي كل ولكل يختار الأحرار الطريق إلى رمضان , رمضان يختلف لما نختلف وتشرئب الأعناق وتندى القلوب تشتاق إلى لحظة أبية فيه , لحظة من نسيج فريد تتدثر بالحرية لتعيش العبادة الحقة .

عبادة تكون لمن صنع النفس السيدة التواقة للكرامة لتكتب أسطورة تحكى على شرفات الزمن بلا ندم على ما فات .

يا ثائرين , مشعل أنتم يضيء جوانب الحكمة في أقمارنا المختئبة خلف الوهن وخلف العمر البطيء المتواكل المعتاد عيش العبيد .

في كل رمضان نقف على أعتابه نقدم رجلا ونؤخر أخرى خشية التقصير والقبول ونخرج سيوفنا من قرابها المهتريء نرتق فتقا هنا وهناك علنا نصل لمرحلة نشهر أسلحتنا المشروعة بشجاعة ..

في رمضان العام الجديد ربيع بشمس وهاجة تنضج في جوانبنا حدائق عشش فيها غربان تنعق كل يوم بأن ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النوّم .

في رمضان العام الجديد هل ستخرج أيقونة جديدة تعلق في رقاب العباد تبرق بأن لا عبودية إلا له , لا صوم إلا له , لا صلاة إلا له ولا عبورا بنفس صامدة تقول الحق إلا لشاطئه الغني بالرحمة والعزة والرأفة .

 

في رمضان العام الجديد ومن ربيع الثورات سنزرع في النفس فسيلات نسقيها بدمع التوب لتزهر ياسمين مغفرة , وزهر عتق , وريحان قبول .

 

يا ثوارنا في رمضان على زناد الحروف تقبص الأنامل لتطلقها معلمة بالآي والحديث فالصدأ قد شاب كل نقطة . ونيران جملنا ما عادت تصل إلا بكلفة بخلنا بأدائها فلندفع ... من دم الحماس المسكوب من شباب الحرية قليلا لعل الإصلاح يعم وتختفي الكلمات المصفوفة المغلفة بثلج الخوف .

ولنعمل فكل من يطرق بمعوله يحدث رنة مختلفة ثؤثر ..

يا ثوار الارض أكملوا المسيرة ولا يقعدنكم الصيام والقيام عن اتمام المشوار لان رمضان .. لم يكن في يوم من الأيام مرتعا للكسالى ، وسكنا للنومى ، وتكأة يتعذر بها كل بليد كسول ، بل هو شهر للجد والعمل ، وتكثيف الجهد والبذل ، وموسما للتراحم والتكافل ، ولعل إطلالة سريعة على تاريخ المسلم تدرك من خلالها كيف حال رمضان فيها ، وكيف أن ( بدرا ) و ( ويرموكا ) و ( حطينا ) و ( عين جالوت ) كلها وغيرها كانت في رمضان .. !فسددوا رمياتكم فالله معكم...

4.. ليتكَ والهمومُ مخيماتٌ إلى الإيمان ِ والتقوى تؤوبُ

تمر أمتنا حالياً بفترة هي من أشد وأحرج الفترات التي مرت عليها على مدى تاريخها,....وكل الأمة مسؤولة عن هذا الواقع, وعليها أن تسارع وتبذل الجهود للتغيير ولإعادة الأمة إلى عزها ووضعها الطبيعي الذي يفترض أن تعيشه بين الأمم..أمة قائدة لا تابعة.. عزيزة لا ذليلة.. تحمي أبناءها وتحفظهم بإذن الله من كيد الأعداء وتنكيلهم.

وإن أهم جانب تقوم به الأمة لتُصلِح أوضاعها هو انطلاقتها القوية في العودة الصادقة إلى الله وتوبتها من أي ذنب وأي أمر لا يرضاه, وبذلها الجهود للواجب الكبير وهذا هو الطريق الذي سيوصل الأمة إلى العزة والقوة والجهاد والنصر فيه بإذن الله, قال تعالى (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ) (محمد:7),

وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن ابن عمر ( إذا تبايعتم بالعينة, وأخذتم أذناب البقر, ورضيتم بالزرع, وتركتم الجهاد, سلط الله عليكم ذلاً لا يرفعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم) (سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني).

وهنا يأتي دوري ودورك أخي المسلم في أن نبدأ هذا المسير وهذه الانطلاقة.

وإذا تمعنت أخي المسلم الغيورحكمة الصيام ثم تأملت واقع الأمة وآلامها والذبح والإذلال والمخاطر التي تتعرض لها في شتى بقاع الأرض, لا نشك في أن قلبك الطيب وفكرك النير سيستشعر بإذن الله ضرورة ووجوب وأهمية وحتمية وفرضية انطلاقتنا لتغيير ما بأنفسنا وإصلاح وتذكير من حولنا لتَصْلُح أحوالنا ويأتينا النصر ونفلح في دنيانا وآخرتنا.

أخي المسلم:

 إن نياح الثكالى,

وبكاء اليتامى,

وآلام الجرحى,

وصرخات المعذبين,

وحسرات المشردين,

ومعاناة المأسورين,

كلها تدعوك لهذا التغيير وهذه الانطلاقة.

جراحُ المسلمينَ أسىً كئيبُ ----- فما لكَ لا تُحسُّ ولا تُنيبُ !

وما لكَ لا تبالي بالمخازي ----- تجلِّلهم !! فما هذا الغروبُ ؟!

لياليهم مآس ٍ في مآسي ----- فلا فجرٌ بعيدٌ أو قريبُ

وقد أضحى ثراهم دونَ حام ٍ----- وبينَ بيوتهمْ شبَّ اللهيبُ

تلفُّهمُ الهمومُ بكلِّ حدب ٍ ----- ولولا الصبرُ ما كانت تطيبُ

كأنَّ مصائب الدنيا جبالٌ----- رستْ فوقَ القلوب ِ فلا تغيبُ

يكادُ الصخرُ منْ حزَن ٍ عليهمْ ----- يذوبُ وأنتَ قلبكَ لا يذوبُ

أتغفو؟؟ ما خُلقتَ لمثل ِ هذا ----- وقلبكَ لم يؤججهُ الوجيبُ

أأنتَ وريثُ منْ أحيوا بعلم ٍ----- عقولَ الناس ِ فكراً, لو تجيبُ

فليتكَ والهمومُ مخيماتٌ ----- إلى الإيمان ِ والتقوى تؤوبُ

ولو لمْ تكنْ منا لهانتْ----- مصيبتنا بمثلكَ يا حبيبُ

فإن لمْ تستجبْ منْ بعدِ هذا ----- فلستُ أخالُ أنكَ تستجيبُ

 فهلا جعلت أخي المسلم شهر رمضان الكريم الذي يمر في هذه الأيام وامتنا في هذه المعاناة بداية المسير للصلاح والإصلاح, ولعمل كل ما يرضي الله وكل خير وكل ما يعين الأمة على استعادة مجدها في أي جانب من جوانب الحياة.

ابدأ أخي ولا تتأخر فالعمر قصير والواقع مرير, والأمة تنتظر نصرك فلا تخذلها!.

قال تعالى( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) ( النور:31),

وقال سبحانه: ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين).. الآية (التوبة:119) .

ولنقل: (بإذن الله)..

بدأ المسيرُ إلى الهدف--- والحرُّ في عزمٍ زحف

والحرّ إن بدأ المسير--- فلن يكلَّ ولن يقف

================================

دور الأمة العربية في إنقاذ الدولة الصومالية

عطا السيد الشعراوى

خبير فى الشئون العربية

“يجب إنقاذ الأرواح وأخذ المبادرة”، هكذا جاءت دعوة المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو” عبده ضيوف خلال اجتماع وزاري طارئ في روما الاثنين الماضي 25 يوليو الجاري كان مخصصًا للبحث في كيفية توفير مساعدة دولية كثيفة وعاجلة للقرن الإفريقي الغارق في وضع كارثي بسبب الجفاف، حيث يفتقر أكثر من 11 مليون شخص إلى المواد الغذائية.

ففي أسوأ كارثة إنسانية في العالم، وأسوأ أزمة غذائية في افريقيا منذ 20 عاما، فإن طفلا من بين كل عشرة أطفال معرض لخطر الجوع حتى الموت في مناطق من الصومال حيث تنتشر المجاعة في منطقتين بالجنوب وقد تمتد تلك المجاعة إلى كل مناطق جنوب الصومال الثماني خلال الشهرين المقبلين بسبب سوء حالة المحاصيل الزراعية وانتشار الأمراض المعدية، إضافة إلى ذلك فإن زهاء 11 % من الأطفال الأقل من خمس سنوات جنوب الصومال يعانون الآن من سوء تغذية حاد، وفقًا للمنظمات الإنسانية الدولية.

يحدث هذا في قطر من أقطار الوطن العربي هو عضو في جامعة الدول العربية منذ عام 1974، ومن الأعضاء المؤسسين لمنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الأفريقي، وكذلك عضواً في منظمة الأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز.

يضاف إلى ذلك أن الصومال يتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة للدول العربية خاصة من الناحية الأمنية، حيث يمثل بسواحله الممتدة على المحيط الهندي وخليج عدن والبحر الأحمر عمقاً استراتيجياً لدول مثل مصر والسودان والسعودية واليمن وجيبوتي.

هذا البلد الذي سقط سهوًا أو عمدًا من الوعي والذاكرة العربية، يشهد منذ سقوط نظام “سياد برى” عام 1991 حرب أهلية واسعة أدت إلى انهيار الدولة وتدمير البنية الأساسية للاقتصاد الصومالي، وغياب الخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم وسكن وغذاء مما أدى إلى مجاعة مروعة وتنافس إقليمي ودولي حاد تجسد في دعم الأطراف المتناحرة كل دولة حسب مصالحها في ظل غياب عربي تام وانشغال بقضايا وأزمات ليست أكثر خطورة مما يجري في الصومال.

عودة الدور العربي إلى الصومال بات مطلبًا ملحًا، فما يجري في الصومال من حروب وقتال وما يعاني منه الأطفال من مجاعة وتشرد هو شأن عربي وإسلامي في المقام الأول، ومن المخجل أن تتداعى الدول الأخرى لنجدة الأطفال وتقديم يد العون لهم في وقت يخيم الصمت التام والتجاهل والانسحاب العربي من المشهد الصومالي.

هناك العديد من الوسائل والمجالات التي يمكن بها للعرب النهوض بواجبهم الديني والأخلاقي والإنساني تجاه أبناء وأطفال ودولة الصومال،

فعلي صعيد الجامعة العربية، يمكن عقد اجتماع استثنائي وعلى وجه السرعة لبحث كيفية مساعدة الشعب الصومالي على الصعيد الإنساني وأيضًا البحث في كيفية استعادة الهدوء والاستقرار لهذا البلد العربي، فكم هي الاجتماعات التي عقدتها الجامعة لمناقشة موضوعات اقل أهمية واستنفذت في مناقشتها الكثير من الوقت والجهد دون جدوى، فلماذا لا تحاول في الأزمة الصومالية وقد يكتب لهذه الاجتماعات النجاح في التوصل لحلول لتلك الأزمة المستمرة منذ عشرين عامًا.

هكذا يمكن القول أنه اضحى من الضرورة بمكان عودة الدور العربي لهذا البلد العربي حتى لا يظل عرضة للتلاعب به إقليميًا ودوليًا وإن كان يتم ذلك تحت دعاوى إنسانية وتحت شعارات أخلاقية هي بعيدة تمامًا عن الواقع، حيث إن المصلحة هي التي تحرك تلك الدول سواء في الصومال أو في غيرها من الدول، ولعل ما نراه من ازدواجية في السياسات تجاه الأزمات والثورات العربية خير دليل على ذلك.

والتحرك العربي كي يكون فاعلاً يجب أن يكون شاملاً ومتكاملاً وخاصة على الصعيدين الأمني والإنساني، فإن كان التحرك على الصعيد الإنساني ملحًا وعاجلاً، فإن إعادة الأمن والهدوء إلى الصومال يتطلب بذل الكثير من الجهد والصبر حتى يؤتي ثماره.

بالطبع لا يمكن لجامعة الدول العربية بمفردها إنجاز الكثير وخاصة في ظل ما تعانيه من ضعف وما تواجهه من إنشغال عربي بقضايا وأحداث أخرى، لذا يقع العبء الأكبر على الدول العربية التي يمكن لها أن تتحرك في أكثر من اتجاه ومنها ما يلي:

الاتجاه الإنساني الذي يتطلب تحركًا عاجلاً بتقديم التبرعات والمساعدات العينية والمالية لإنقاذ شعب الصومال من المجاعة، وقد تكون المبادرة السعودية بتخصيص مبلغ 50 مليون دولار لشراء مواد غذائية للاجئين الصوماليين عن طريق برنامج الغذاء العالمي، وتخصيص 10 ملايين دولار للأدوية بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، بارقة أمل لسير جميع الدول العربية وخاصة الخليجية التي تمتلك فوائض مالية في هذا الاتجاه، لاسيما وأن المبلغ الذي تحتاجه الأمم المتحدة بلا إبطاء وهو 1,6 مليار دولار ليس ضخمًا.

الاتجاه الأمني والسياسي : بأن تبادر دولة ما أو مجموعة من الدول وخاصة من الدول الخليجية كونها تشهد استقرارًا مقارنة بغيرها من الدول الأخرى التي تشهد اضطرابات وتغيرات متلاحقة تبادر بالوساطة بين الأطراف المتناحرة في الصومال من أجل التوصل إلى مصالحة تنهي الخلافات وتؤدي إلى بناء الدولة.

ولعلنا نتساءل هنا : لماذا تكتفي بعض الدول العربية بالوساطة في الأزمات التي تستأثر اهتمام الرأي العام وتضمن لها ظهورًا إعلاميًا وسياسيًا فقط، ولا تتحرك في مثل هذه القضايا “المهمشة “رغم أهميتها على الأقل لنا نحن كعرب؟

إن إعادة الاعتبار لدولة الصومال كدولة عربية وإبعادها عن الاستقطابات والتجاذبات الإقليمية والدولية التي تزيد بلا شك من الأزمة وتؤدي إلى استمرارها وتعقيدها، يتطلب من باقي الدول العربية أن تسعى جاهدة للصلح والتوصل إلى تسوية تمهد لاستعادة الأمن والاستقرار في الصومال.

وعلى الصعيد التعليمي، تتجاهل المناهج الدراسية في المدارس والجامعات العربية دولة الصومال تجاهلاً ملحوظًا في الوقت الذي تتناول فيه دول وأزمات بعيدة وهامشية مقارنة بما يجري في تلك الدولة وقياسًا إلى كونها إحدى الدول العربية التي تستحق منا اهتمامًا أكبر، وعلينا أن نراعي مستقبلاً ضرورة تعزيز الانتماء العربي والإسلامي عبر المدخل التعليمي.

إعلاميًا، من الملاحظ أن الشأن الصومالي يذكر على استحياء في وسائل الإعلام العربية المختلفة وكأننا غير معنيين بهذه الدولة، وواجب الإعلام هنا هو تسليط الضوء على ما يحدث في الصومال من جميع الأبعاد من أجل خلق الشعور بالوحدة والتضامن بين جميع الشعوب العربية والإسلامية واستنهاض الهمم من أجل إنقاذ هذا الشعب الأعزل.

علينا نحن العرب ألا نقف موقف المتفرج ونحن نشاهد هذه المأساة وهي تتداعى أمام أعيننا.

================================

الفقر والاستيطان أُسا الازمة

عادل عبد الرحمن

الاحد الماضي كان يوما مهما في الحراك السياسي والاجتماعي الاسرائيلي. إنطلقت حركة الشارع الاسرائيلي وخاصة الطبقات الفقيرة والوسطى، التي باتت تئن تحت وطأة غلاء المعيشة، وارتفاع اجور السكن، وارتفاع اسعار الشقق، وارتفاع اسعار البنزين والسولار، وارتفاع نسبة الضرائب البنكية، وانخفاض الاجور، إنطلقت مظاهرات واحتجاجات شعبية غير مسبوقة، بلغ عدد المشاركين فيها الى ال(150) الف مواطن. يطالبون ب"العدالة الاجتماعية".

عبر فؤاد بن اليعازر، وزير البنى التحتية السابق عن خشيتة من الكارثة المحدقة باسرائيل، ان لم توقف حكومة نتنياهو ضخ الاموال على الاستيطان الاستعماري. وتوافق معه الاعلامي المخضرم افنيري، الذي ربط بين الازمة الاجتماعية الخانقة وبين تغول الاستيطان الاستعماري. حيث لا تتوانى حكومة اليمين الصهيوني المتطرف عن تضخيم موازنات الاستيطان في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 على حساب مصالح الطبقات والفئات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة، مما أجج حدة السخط والغليان في الشارع الاسرائيلي، ودفع جموع المتضررون من الفاقة وضيق اليد للنزول للشارع.

ازمة السكن بوجهيها الاجور وارتفاع اسعار الشقق داخل الخط الاخضر، في الوقت، الذي يتم التدليل على السكن شبه المجاني في المستعمرات المقامة في القدس والضفة عموما، إضافة الى كم غير محدود من الامتيازات، التي تمنحها الحكومة ومجلس يشع والمنظمات الداعمة لقطعان المستوطنين، شكل حافز قوي للمتضررين من عملية التمييز في اوساط المجتمع الاسرائيلي للتظاهر وفتح جبهة مواجهة مع حكومة اقصى اليمين. بتعبير ادق، الازمة الاجتماعية والاقتصادية الحادة ، التي تمر بها إسرائيل ذات جذر سياسي بامتياز. صحيح ان المواطن الاسرائيلي لم يرط بين المسألتين، ولكن المتابع لاليات عمل حكومة نتنياهو ليبرمان وباراك ويشاي، وسياساتها في الميادين المختلفة، لا يحتاج الى جهد كبير لاكتشاف الرابط العميق بين وجهي الازمة كما أشار بن اليعازر.

حراك الشارع الاسرائيلي، لم تقف خلفه قوى سياسية بعينها او اليسار الاسرائيلي، إنما وقفت خلفه المصالح الحيوية للمواطنين الاسرائيليين. وتمثل ذلك بمشاركة قوى اجتماعية من مختلف الوان الطيف الحزبي الاسرائيلي. تجمعهم غاية اساسية رفض الظلم الاجتماعي والفاقة وإتساع عملية الاستغلال والنهب من قبل الحكومة لقوت الطبقات والفئات الاجتماعية الوسطى والفقيرة، لذا رفعوا شعارهم الناظم "الشعب يريد العدالة الاجتماعية". وللتأكيد على إستقلالية الاحتجاجات عن الاحزاب كافة، ان عملية تنظيمها تحملتة الفئات والقوى المنظمة لها. ماساهمت به "كاديما" قيمة اليافطات، وساهمت مؤسسة أخرى بالخيام لمعتصمين في ميادين "التحرير" الاسرائيلية، في حين حاولت حركة شاس ركوب موجة الاحتجاجات، وهددت بترك الحكومة إن لم يتم التجاوب مع مطالب المحتجين في تخفيض الايجارات واسعار الشقق. مع انها شريك اساسي في كل السياسات التي أودت بالامور الى ما هي عليه الان.

الاحتجاجات والاعتصامات الشعبية للشارع الاسرائيلي الاكبر من نوعها، مازالت تتفاعل، ولا يبدو في الافق إمكانية لحكومة نتنياهو بتخطيها، لان المحتجين، اعلنوا صراحة انهم لن يغادروا الميادين إلا باستقالة الحكومة، التي انتجت الازمة العميقة نتيجة سياساتها العنصرية الاستيطانية ووقوفها في خنادق البرجوازية الخنزيرية، وحماية مصالحها من خلال نهب الفئات والطبقات الوسطى والدنيا داخل المجتمع الاسرائيلي. بتعبير آخرن الازمة مازالت في بداياتها، والحراك الشعبي يتنامى يوما تلو الآخر، الامر الذي يفتح الافق على إمكانية إهتزاز اركان حكومة اليمين الصهيوني المتطرف بزعامة الليكود، وإجبارها على الدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة للكنيست التاسعة عشر. لان كل المساعي الترقيعية لحكومة نتنياهو والرئيس شمعون بيرس، لن تجدي نفعا. إلآ إذا لجأت الحكومة العنصرية لخيار التصعيد واعلان الحرب على جبهة من الجبهات او على كل الجبهات لخلط الاوراق. او إذا لجأت للالتزام بخيار التسوية السياسية، ووافق على دفع استحقاقات خيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران 1967. وبالتالي حولت الاموال، التي تصبها في نهب ومصادرة وتهويد الاراضي الفلسطينية، وفي تعميق خيار الاستيطان الى دعم حاجات المواطنين الاسرائيليين، ولجأت الى وقف دعم البرجوازية على حساب الطبقات الفقيرة والمعوزة، ولكن هذا الخيار لا يتوافق لا من قريب او بعيد مع توجهات وسياسة حكومة نتنياهو. الامر الذي يعني، ان الازمة في طريقها الى مزيد من التفاقم مع التداعيات الدراماتيكية الملازمة لها.

a.a.alrhman@gmail.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ