ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 30/07/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

أيها الطبيب ... لقد ولّى عهد الأسبرين

المهندس هشام نجار

أعزائي القراء...

يُصَنّف الأطباء حبوب الأسبرين على أنها حبوب مُسَكِنه للآلام , مُخَفِّضه للحراره وليست علاجاً لمَرض أو أمراض, وقد أضاف الأطباء إلى إختصاص الأسبرين فيما بعد ميزة تمييع الدم , ولكن إذا إستمرت أوجاع الرأس لفترة طويله فهذا دليل على وجود مرضِ مما يتوجب على الطبيب المعالج التقصي عنه وحصره ثم متابعته بالدواء الناجع وليس بالأسبرين . فوجع الرأس في مثل هذه الحاله كان نتيجةً لداء وليس الداء نفسه. وليعذرني أصدقائي الأطباء لتطاولي على مهنتهم, وعذري في ذلك كوني الجهه المستقبله لوصفاتهم منذ عشر سنوات تقريباَ.

 إخوتي وأخواتي..

الشعب السوري تَعَرّضَ ومنذ أربعين عاماً أو تزيد إلى سلسلة من الأوجاع والآلام إنتشرت من رأسه وحتى قدميه وغير مٌصَرّح له بمعالجتها إلاّ عند طبيب واحد ورث عن أبيه الطب.. والسياسه.. والشعب.. والأرض.. ظاهرها وباطنها وما طار فوقها , فالسيد الطبيب بشار الأسد هو الوحيد المخول بمعالجة أوجاع الشعب لسبب بسيط كونه ونظامه هما المسببين لهذه الأمراض .فإعتمد الطبيب المعالج على وصفة أبيه وذلك بتلقيم كل فردٍ من أفراد الشعب حبة أسبرين يتعاطاها يومياً تحت طائلة العقوبه القصوى المنصوص عليها بالقانون لكل من يمتنع عن أخذها , فإذا صرخ أحدنا آه.. من ألمه .حُشِرت في فمه حبة أسبرين واحده عيار ٦٠٠ ملغ. وإن صرخ آه..آه حُشِرت في فمه حبتان وهكذا. ولكن ماذا لو تدفقت الآهات من فمه بلا توقف؟ هنا تتدخل التكنولوجيا المتقدمه مدعومةً بعملٍ جراحي متطور فَيُحمَل صاحب الآهات على وجه السرعه وبكل لطف إلى أقرب عياده شعارها :عيادة النظام لتخفيف الآلام- فرع ٤٠٩- الطابق الرابع تحت مستوى الأرض , وهناك يتم علاجه فتنتهي آهاته... وتختفي الآمه...بل قد يختفي جسده إلى الأبد أيضاً وهي أرقى انواع المعالجه.

أعزائي القراء.. يعتبر الدكتور بشار الأسد الوحيد في سوريا الذي يحق له مزاولة إختصاص العلاج بالأسبرين لتخفيف الآلام.فغير مسموح لأي طبيب آخر مزاولة المهنه تحت طائلة عقوبة مخالفة القانون.فكل شيئ في سوريا مضبوط بالدستور والقانون...ألم أقل لكم أننا تفوقنا على سويسرا!

أعزائي القراء ...

في يوم ١٥ آذار عام ٢٠١١ صرخ الشعب السوري من درعا وبصوت واحد آه.. فتردد صداها في كل وادٍ وسهلٍ وجبلٍ وقريةٍ ومدينة .. آهاتٍ وآهات...فأعلنها الشعب صراحةٌ أن لا للأسبرين علاجاً بعد اليوم, فخمسة عشر ألف حبة أسبرين صاحبت الفرد السوري على مدى اكثر من أربعين عاماً قرّحت معدته وأسالت دماءها نزيفاً لاينتهي وزادت من آلامه وأوجاعه. فتحرك الطبيب البارع فقام بشطارته المعهوده بتطوير العلاج ,فأوقف إستيراد حبوب الأسبرين العتيقه طراز أبيه وإستورد عوضاً عنها حبوباً حديثه مطوره مغلفة بماده واقيه

 تمنع تحللها في المعده معنونة بحبوب الإصلاح لمنع الآه والنواح .فهتف الهتّافون ..وطبّلَ المطبّلون..وزمّر المزمّرون..وإهتزت الأرداف.. ورقص الراقصون وهزج المنافقون وغَنّوا

 

 شكراً دكتور .. شكراً سَيّدنا

الإصلاح دخل بيتنا ... ونَوَّر ليالينا

وصل الإصلاح بعد غياب وتحققت أمانينا

 شكراً دكتور .. شكراً سَيّدنا

أعزائي القراء

إن الإستخفاف بالعقول وصل مرحلة التهريج فآلام الشعب أسبابه معروفه..إنها جراثيم إستنبطها النظام في مختبراته فكانت جراثيم لتفريخ الفساد وأخرى لتفريخ التوريث والثالثه لتثبيت الديكتاتوريه ورابعه لسلب الكرامه وخامسه لحجز الحريه وسادسه لنشر إكذوبة الصمود وسابعه لتطوير نظام الشبيحه وثامنه للتزوير وتاسعه للمحسوبيه وعاشره لتدمير الجيش عماد الوطن ...هذه الجراثيم هي التي أدت لآلام الشعب ... فثار ثورته محطّماً زجاجات الأسبرين..ثم صرخ صرخةً لم يعهدها النظام من قبل مردداً : إرحل أيها الطبيب المزيف مع بضاعتك فبرحيلك ترحل آلامنا وتطمئن أجيالنا ونبني مستقبلنا وتعود أحلامنا ورديه...إرحل أيها الطبيب المزيف ..فلقد ولّى عهد الأسبرين.

=======================

صمتكم يقتلنا .. من يقعد عن نصرة الحق يقتل نفسه مواتا وهوانا أو تواطؤا مع الباطل وإجراما

نبيل شبيب

صمتكم يقتلنا..

عنوان يعبّر يوم الجمعة 29/7/2011م عن تفجّر أحاسيس الألم والأسى في قلوب أهل سورية والثوار الأحرار في سورية، إزاء غلبة التزام الصمت بدلا من قول الحق وتقديم النصرة.. إزاء ثورة الحق الظاهر للعيان ضدّ الباطل والطغيان.

إنّهم يعدّون الشهداء والجرحى والمعذّبين وسواهم من ضحايا البغي القمعي في سورية، في كل بيت، ساعة بعد ساعة، وشهرا بعد شهر.. ثمّ يرصدون أنّ كثيرا ممّن يعلنون أنّهم نَذروا أنفسهم للدفاع عن الإنسان وحرياته وحقوقه، وأن كثيرا من أهل بلادهم بين المحيطات الثلاث ممّن يتوسّمون فيهم العزّة والنخوة والشهامة والنصرة، وأنّ كثيرا ممّن تجمعهم بهم أواصر العقيدة أو النسب أو الجوار أو الإنسانية أو جميع ذلك معا.. يرصدون أن كثيرا من هؤلاء .. صامتون صمتا قاتلا.

هذا ناهيك عن حكام باتوا يخشون من تحرّر إرادة الشعوب، فلا ينصرون الشعوب، حتى تجاه حكام آخرين طالما ناصبوهم العداء. ويكفي السؤال "الصادق" الموجّه إلى أولئك الحكام ومن يسير في ركب الحكام:

أما آن الأوان أن يكون استقواؤكم بالشعوب وبإرادة الشعوب وبتعبئة الشعوب.. بدلا من البقاء على هامش الهامش في سجلّ التاريخ، وعلى هامش الهامش في عالمكم وعصركم؟..

إنّ الصمت -حيث يجب الكلام- معيب مشين، بل يبلغ -إن كان تواطؤا مع البغي- مستوى المشاركة في الجريمة، وذاك ما يغلب على واقع التعامل مع الثورة الشعبية في سورية هذه الأيام، وذاك ما يطلق من الأعماق تلك الصرخة الممزوجة بالألم والأسى والممزوجة أيضا بالعتاب والتذكير والمناشدة: صمتكم يقتلنا!.

. . .

صمتكم يقتلنا.. يا أحرار العالم!..

صمتكم يقتلنا الآن مع حلول شهر رمضان ومن قبل حلول شهر رمضان..

وهو الشهر الذي تنزّل فيه القرآن الكريم، ليحقّ الحق ويزهق الباطل..

ليكرّم الإنسان.. جنس الإنسان..

ليأمر بالعدل بين البشر جميعا.. ويحرّم الظلم على البشر جميعا..

وهو أيضا الذي يطالب سائر البشر بمثل ما يفرضه على المسلمين، من القول بالحق والجهر به، فمتى يكون ذلك إن لم يكن الآن.. في التعامل مع هذه الحالة الصارخة التي تجاوزت التصوّرات والتوقّعات!..

لا عذر للصمت القاتل بعد أن أصبح جميع ما يجري معلوما مشهودا لسائر المسلمين وسائر البشر، لا يخفى على ذي سمع وبصر، من الحكام والمحكومين، من الناشطين والعامة، من الأحزاب والمنظمات والمجالس النيابية والهيئات والمؤسسات المختلفة، لا يخفى على أحدٍ من ذوي القربى عبر مختلف الوشائج الوطنية والقومية والعقدية والإنسانية، ومن سائر بني آدم وإن اقتصرت الرابطة المشتركة على الوشيجة الإنسانية وحدها.

صمتكم يقتلنا.. ويقتلكم معنا، إن لم يكن بإزهاق الأرواح كما يجري في بلدنا، فعبر موات إنسانية الإنسان في المعمورة!..

إنّ قول الحق الذي نطالبكم به -يا أحرار العالم!- هو ما يميّز الإنسان الحرّ الكريم عن سواه..

سيّان ما هي العقيدة التي يؤمن بها، والتصوّر الذي يتبنّاه، ولهذا شاع الحديث عن "أحرار العالم" و"الضمير الإنساني" و"الأسرة البشرية".. وجميع ذلك ممّا تنسبون أنفسكم إليه، وجميع ذلك ممّا يتردّد على ألسنتكم وفي كتاباتكم وفي مواقفكم وفي حملاتكم، وهو ما يصل إلى مسامعنا وأبصارنا، مواكبا لكلّ قضية صغيرة وكبيرة.. إنِ اعتُقل شاعر في الصين ظلما وعدوانا، أو قُتل عدد من الأبرياء في النرويج بعملية إرهابية.. وجميع ذلك ممّا ننكره مثلما تنكرونه، ونرفضه مثلما ترفضونه، وندينه مثلما تدينونه.. فعلام يقتصر قول الحق بشأن حريتنا وإنسانيتنا وكرامتنا وحقوقنا اليوم على قلّة قليلة منكم، وفي حدود مستويات متدنية من أساليب تعبيركم، وأنتم تعلمون بما يجري في سورية منذ عقود، وتشهدون كيف بلغ في الشهور الماضية حضيضاُ ليس بعده حضيض من امتهان إنسانية الإنسان..

تشهدون اعتقالَ الألوف المؤلّفة ومنهم الأدباء والفنانون والمثقفون والحقوقيون..

تشهدون تعذيب الأطفال والرجال، وقتلهم وقتل الشيوخ والنساء، في الشوارع وفي البيوت وفي المعتقلات..

تشهدون ارتكاب الجرائم بحقّ الإنسان وحق المثل والمبادئ والقوانين الدولية والإنسانية، بلا حساب، ولا وازع، ولا حدّ أدنى من الأحاسيس الإنسانية أو الالتفات إلى كتب سماوية أو مواثيق دولية، ومع استخدام أشدّ ما عرفه تاريخ البشرية من وسائل همجية..

تشهدون بأمّ أعينكم عمليّاتٍ إرهابية حربيّة، لم ترتكب مثلها عصابة من العصابات، ولا منظمة من المنظمات، وهي تطال بالموت الزؤام والغدر بالآمنين مدناً بأكملها، وتُستخدم في ارتكابها الدبابات والمدرعات والمدفعية -وليس القنابل اليدوية والعبوات الناسفة- مدينة بعد مدينة، قرية بعد قرية، حيّا بعد حيّ، بيتا بعد بيت..

أفلا يحقّ للضحايا وذويهم وللثوار -يا أحرار العالم- وهم لا يكادون يتمكّنون من إحصاء تعداد الضحايا من شعبهم في قلب بلدهم، أن يصرخوا في آذانكم: صمتكم يقتلنا؟..

ألا يحق لهم أن ينعوا صمتكم القاتل وينعوا معه ما يردّده بعضكم من مقولات تجعلونها عنوانا لتوجّهاتكم، كالكلمة المنسوبة إلى فولتيير: "أخالفك الرأي.. ولكنني على استعداد للتضحية بنفسي من أجل أن تعبّر عنه بحرية"!..

. . .

وأنتم أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها.. يا أهلنا -نحن المسلمين وغير المسلمين في شعب سورية- إنّ شعب سورية الثائر بدمائه وهي تروي أهداف ثورته.. ثورة الحرية والكرامة والعدالة، قد جمع جميعَ أطيافه على طريق واحد، إلى غاية واحدة، لن يحيد عنها أي إنسان حرّ كريم في سورية.. وجميعهم ينادونكم مع حلول رمضان عليهم وعليكم: أين أنتم؟.. إنّ صمتكم -إلاّ القليل ممّن رحم ربي من بينكم- يقتلنا.

يهلّ علينا وعليكم رمضان فيذكّرنا ويذكّركم -أو يذكّر الصامتين من بينكم- بأنّ قول الحق الذي تطالبكم به ثورة الحق في سورية هو "الشهادة" التي حرّم ربّ العالمين عليكم كتمانها:

{ولا تكتموا الشهادة، ومن يكتمها فإنّه آثم قلبه}..

إنّ ما نطالبكم به هو أداء واجبكم أنتم تجاه ربّكم، تجاه أنفسكم، وهو الشهادة المفروضة عليكم عبر الجهر بالحق لا يخشى المسلم فيه لومة لائم ولا يمتنع عنه "فيأثم قلبه" بمعصية الخالق خشيةً من أي مخلوق، أو طمعا في متعة من متاع الدنيا..

هو الشهادة المفروضة على المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، والصادقين والصادقات.. والصائمين والصائمات ممّن يخشون الله، ويتقون الله، ويصومون طلبا لتقواه.. التقوى التي يذكّركم بها قولُ الله تعالى وهو يفرض الصيام عليكم {..لعلّكم تتقون}.. مثلما يذكّركم بها مع الأمر بالشهادة {..وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتّق الله يجعل له مخرجا}..

هو الشهادة بالقسط التي يأمركم بها -أيها الصائمون القائمون في ليالي رمضان- ربُّ العزة جلّ وعلا في كتابه الكريم: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط}..

يا أيها المسملون في أنحاء المعمورة..

لا تدعوا "صمتكم يقتلنا" ظلما وعدوانا ويقتلكم مواتا وهوانا بعد اليوم..

انهضوا بواجبكم مستعينين بالله القاهر الجبّار، رب السموات والارض ومن فيهنّ، هو الذي وعدكم ووعدُه الحق بنصرة الحق على الباطل، فانهضوا بواجب الجهر بالحق.. بكل وسيلة من الوسائل، في الخطب والمساجد، في المدارس والجامعات، في الاتحادات والنقابات، في المظاهرات والاعتصامات، في وسائل الإعلام والرسائل المباشرة إلى المسؤولين، في حملات النصرة والتضامن مع الثائرين، في إغاثة المستغيثين، في التنديد العلني بكل من يبقى متشبثا بالصمت القاتل من الحكومات والمجالس النيابية والمنظمات القطرية والإقليمية والدولية..

وانهضوا بواجبكم الكبير الجليل في الدعاء أيضا.. أيها المسلمون الصائمون.. فدعوة الصائم كدعوة المظلوم لا تردّ.

اللهم يا ربّ السموات والأرض..

اللهم يا من كرّمت بني آدم.. انصر إنسانية الإنسان على همجية الطغيان

اللهم انصر أطفالنا.. ونساءنا.. وشيوخنا,. وشبابنا.. واجمع أهل سورية جميعا على ما جمعتهم عليه على الدوام، كلمة واحدة، شعبا واحدا، بلدا واحدا، تاريخا واحدا، ومصيرا مشتركا.. يتلاقون في ملكوتك في هذه الحياة الدنيا، من وراء الحدود والمسافات، مع كل من قلت عنهم في كتابك الكريم:

{يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفواا}

اللهم ارحم شهداءنا وبلّغهم جنتك..

اللهم خفّف الآلام عن الجرحى والمعتقلين، والمشرّدين والمختطفين، وذويهم أجمعين.

اللهم يا حيّ يا قيوم يا عزيز يا جبّار..

اللهم انصر شعب سورية على طاغوت سورية الصغير.. كما نصرت عبادك على فرعون والنمرود

اللهم اجعل نداءهم طلبا للحرية والكرامة والعدالة.. سلاحا مدمّرا لسلاح كل طاغية متجبّر

اللهم اجعل اجتماعهم على صعيد واحد.. سهما يشتّت شمل المجرمين الطغاة

اللهم.. يا ألله.. يا ألله.. يا ألله.. نسألك نصرك الذي وعدت، ورحمتك التي وسعت كلّ شيء، وكلمتك الفصل في إحقاق الحق وإزهاق الباطل.. إن الباطل كان زهوقا.

===================

(الثورة) في أَجْلى معانيها في شهر الصيام

بقلم: حسن قاطرجي

hasank@itihad.org

ها هو رمضان يُطل علينا هذا العام... عام الثورات التي اشتعلت في أكثر من بلد عربي ولا تزال مشتعلة في بلدان عدة والمسلمون ينتظرون بصبر لوصول القطار... قطار التغيير... إلى محطته الأخيرة.

وبما أن رمضان نفسَه (ثورة) وهو التعبير الذي استعمله الأديب الكبير فارس القلم صاحب الكتاب الفذ ((وحي القلم)) في إحدى مقالاته الرائعة فيه المُعَنْوَنة (شهرٌ للثورة... فلسفة الصيام) فلا بد أن تتحقق فينا (معاني الثورة) أولاً قبل أن ننتظر تحقّق (أهداف الثورة) في كل بلداننا في الجوانب السياسية والاجتماعية.

  فرمضان ثورة على النزعة الفرعونية داخل كل إنسان... لأنه بعبادة (الصيام) تتحقق معاني العبودية لله والافتقار والذلة لعظمته وكبريائه سبحانه وتعالى، واستحالة الاستغناء عن فضله ورحمته، وقيُّوميّته وتدبيره... فتتطامن النفس وتنكسر النزعة الفرعونية التي تتجلى بالتمرد والتكبُّر والطغيان والغرور والعُجب، وصدق الله العظيم: إنّ الإنسانَ لَيَطغَى. أنْ رَآهُ استَغْنى.

  وثورة على الشهوات... ففي (رمضان) يتعوّد الإنسان على كبح جِماح شهواته والإمساك بهَيَجانها والارتقاء بالجانب الروحي الذي يُعطي للمؤمن الفرادة الإنسانية، ويتدرّب على تسكين الغرائز الشهوانية لينجح في الإمساك بها والتحكُّم بمطالبها وليس لكَبْتها فتكون بهذه الإدارة الصارمة لها كما أرادها الله أن تكون سبباً لسعادة الإنسان وانتظام الحياة والعمران... وفي الحديث القدسي الصحيح يقول الله مبيّناً سبب اختصاص عبادة الصيام بأنها له سبحانه: "يترك طعامه وشرابه وشهوته لأجلي" ما يُدل على هذا البُعد الرائع.

  وثورة على (الأنا) إذ إن الإنسان من دون (تقوى الله) يعظُمُ عنده (حب الأنا) وتدور حياته واهتماماته وأحاديثه حولها: إعجاباً وزُهوّاً وافتخاراً واستئثاراً فتَصيرُ ذاته محور حياته... ونفسه مُرتَكز تفكيره... ويرفض من ينصحه... ولا يقبل انتقاد من ينتقده... شديد الإعجاب بنفسه... يقرِّب المعجبين به وممتدحيه... ويباعد منتقديه ولو لخيره وناصحيه!

  وإذا فهمنا مقاصد الصيام وأهداف العديد من العبادات في رمضان فنجد أنها من أجل أن تربي فينا الإحسان والشعور بالآخرين والتألم لآلام المحرومين والجائعين وأن نثور على (الأنا) ونجاهد (حظوظ النفس) وما أروع التعبير في تراثنا التربوي (هضم النفس)، ونربي أنفسنا على التواضع وعلى الاهتمامات الكبرى وعلى الفرح للآخرين وقد قال صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن أحب الأعمال إلى الله: "سرورٌ تدخله على قلب مسلم: تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دَيْناً، أو تطرد عنه جوعاً..." وكلها من ميادين الإحسان إلى إخواننا المؤمنين في شهر الإحسان... الشهر الذي خصّه الله بفضائل عظيمة ومزايا عديدة وجعل عبادة (الإحسان) فيه إلى الآخرين أعظم ما يتنافس فيه المؤمنون اقتداءً بسيّد الخلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم الذي قال عنه ابنُ عمّه ابن عباس: ((كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان... ولَرَسُول الله أجودُ بالخير من الريح المرسلة)).

وبعد... فهل تنتصر (الثورات) في ذواتنا حتى يَعظُمَ رجاؤُنا بانتصارها في مياديننا... على الظالمين الذين أذلّونا، والطواغيت الذين تحكَّموا بمقدَّرات بلادنا ونهبونا، والمجرمين الذين عاثوا فساداً في أراضينا؟!

اللهم انصرنا على ذواتنا وعجِّل خلاص المسلمين من نِير طواغيتنا وتقبّل صيامنا واستجب دعواتنا وارحم شهداءنا وفرِّج كروب أمتنا، أنت ربُّنا وأرحم بنا من أنفسنا.

======================

مصر ما بين الثورة والثورة المضادة

بقلم/ حسام الدجني

HOSSAM555@HOTMAIL.COM

المشهد السياسي والحزبي المصري بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير يؤكد بأن هناك ثورة مضادة تستهدف مصر، تقوم بها أيادي غربية وإسرائيلية من أجل تطويع القيادة المصرية للالتزام بنفس الفلسفة والنهج السياسي القديم لنظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، وتحديداً فيما يتعلق بالمصالح الأمريكية والإسرائيلية.

 

 وقد يكون الموساد الإسرائيلي من أبرز اللاعبين في الساحة المصرية، فحوادث القتل والبلطجة في منطقة سيناء تدلل على أن إسرائيل ترسل برسائل دموية للمجلس العسكري الأعلى وللحكومة المصرية بأن قرار فتح معبر رفح بدون تنسيق مع الجانب الإسرائيلي وتجاوز حصار الشعب الفلسطيني في قطاع غزة سيقابله فوضى وانفلات في سيناء ضد القوات المسلحة التي تعمل في المنطقة ضمن أعداد قليلة حسب اتفاقية كامب ديفيد 1979م.

 

فلماذا تستهدف مصر..؟ وما هي الآليات الكفيلة لتجاوز الثورة المضادة..؟

تستهدف جمهورية مصر العربية كونها دولة تحمل جينات الدول العظمى، وهي دولة ذات مركز ثقل سياسي واهتمام دولي في الشرق الأوسط، وترى فيها الولايات المتحدة الأمريكية معيقاً في تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير والذي بموجبه ينتقل مركز الثقل منها إلى منطقتي الخليج العربي وإسرائيل.

وأيضاً لأن مصر هي التاريخ والحضارة، وهي الجغرافيا والديموغرافيا، وهي بؤرة الاقتصاد والسياسة، ولكن كل ذلك وغيره يحتاج إلى تصميم وإرادة من كل القوى الحية في مصر، ومعها هذا الشعب العظيم وقواته المسلحة من اجل استنهاض الهمم والعمل على استعادة دور مصر الريادي في المنطقة، والبدء بمرحلة ما بعد الثورة، مرحلة البناء والإنتاج، ولكي يتم ذلك لابد من معرفة عناصر القوة المصرية...

تمتلك مصر الأرض والإنسان، وتميزت مرحلة ما قبل الثورة بهجرة العقول كنتيجة طبيعية لحجم الفساد والقهر الذي تعرضت له العقول المصرية، ولو نجحت الثورة في عودة تلك العقول إلى مصر فسيكون لمصر مستقبلاً باهراً في دعم ومساندة الإنسان المصري، والذي يتوقع الجميع منه الكثير، فمصر التي تبلغ مساحتها 1.001.450 كم2، وتصنف من الدول الكبيرة حسب تصنيف باوندز، ويبلغ تعداد سكانها إل 75 مليون نسمة، وتنتشر على طول حدودها أربع دول مجموع تعداد سكانها ما يقارب 48 مليون نسمة تقريباً، غالبيتهم مسلمون، ويلاحظ هنا أن تعداد سكان مصر يفوق مجموع الدول المحيطة بها وهذا عنصر قوة لو أحسنت مصر استثمار قوتها الديموغرافية.

 ويبلغ طول حدود مصر البرية 2689 كم، بينما طول حدودها البحرية 2450 كم، وبذلك تتعادل طول الحدود البرية والبحرية، وهذا يمنحها موقعاً مناسباً في المنطقة، أما قناة السويس التي تربط البحر الأحمر بالمتوسط وتستوعب 8 % من حركة التجارة العالمية المارة بها، وتجني مصر من وراء ذلك يومياً ما قيمته 16 مليون دولار، وتمنح مصر أيضاً أهمية جيو إستراتيجية، بالإضافة إلى العديد من عناصر القوة الأخرى...

 

خلاصة القول بأن مصر تستطيع استعادة دورها ولكن يحتاج ذلك إلى جهود أهلها، ومساندة عمقها العربي والإسلامي، وإعادة صياغة مفهوم أمنها القومي المستمد من ميدان التحرير، وإعادة النظر في التزاماتها السياسية مع الجوار وخصوصاً إسرائيل بما يحقق لمصر مصالحها القومية..

 

إن مصر الثورة تحتاج إلى تكاتف قواها، ووحدة مؤسساتها، ومؤازرة شعبها من أجل تفويت الفرصة على أعداء الثورة، فالتحديات جسام، واستثمار عناصر القوة يحتاج إلى عمل وإنتاج، فالمرحلة بالغة الحساسية، وفي حال نجحت الثورة المضادة فالوضع القادم أسوأ على مصر وشعبها ونظامها السياسي، وعلى المنطقة برمتها، وسيتأثر أيضاً ربيع الثورات العربية، لأن قوة وصلابة المركز تمنح الأطراف قوة وصلابة، ومصر هي دولة المركز الجغرافي والسياسي، ونتمنى أن نراها دولة ذات مركز اقتصادي ريادي في العالم.

======================

الفكاهة وأهميتها في شحذ الهمم .. (ثورة الحرية في سوريا انموذجاً)

بقلم: بلند حسين

الفكاهةُ فنٌ وابداعٌ وموقفٌ في آن، يستخدمها المغلوب على أمره أو الشعب المقهور كوسيلة للتعبير عن مشاعره أو مكنونات النفس ومكبوتاتها ضد قاهريه، وهي كثيراً ما تَنْضَحُ بروح السخرية على الواقع المزري، فتكشف بذلك عن مَواطِن الخلل فيه. تَظْهَرُ الفكاهة(الدعابة أو النكتة) السياسية فجأة، مما استدعى الأمر إلى تشبيهها من قِبَلِ أحدهم بالعنقاء التي تُبْعَثُ من رماد الحَدَثِ وتداعياته، وبالرغم عمّا يكتنفُ هذا الجنس من الأدب الشفاهي من عناصر المفاجأة والمبالغة، إلا أن المبالغة ليست غايته بالضرورة، فَرُبَّ دعابة لا أثر للمبالغة فيها.

 ثمة فكاهة تبدعها قريحة ما، سببها سذاجة أو بلاهة شخص آخر، فحين سُيِّقَ الكاتب الكردي(سيامند ابراهيم)، صاحب مجلة(آسو) الكردية مكبلاً، إلى فرع الأمن السياسي في الحسكة بتاريخ(22 أيار 2011م)، سأله ضابط الأمن(النقيب): لماذا تُقْدِمون على تنظيم المظاهرات دون ترخيص أو استئذان؟. أجاب المذكور على الفور: وهل استأذنتم أحداً حين قمتم بانقلابكم في 8 آذار 1963م ؟.

 في ضوء المأثور الجحوي(نسبة إلى جحا)، يمكن التأكيد على أهمية الفكاهة وتذوقها، للترويح عن النفس أو التخفيف من أعباء الحياة في الظروف العصيبة، من هنا يمكن فهم كلام عالم النفس(هرمان رايبر)، الذي قال:"اسْتَخْدَمَ علماء النفس في الجيوش المتحاربة، اثناء الحرب العالمية الثانية، الفكاهة لتخفيف وطأة المشقات الجسيمة على نفوس الجنود"(الفكاهة البلغارية/داميان بارنياكوف دمشق/الصفحة 6). كما اعتقد ماركس بأن جروح الانسان النفسية(همومه)، قد تلتئم إنْ أضحت مادة للتندر و التفكه، لذا أجْزَمَ بأن عَبَقَ الفكاهة اللاذعة أو النقدية يمهد دروب النضال السياسي، لأن الفكاهة تزيح ورقة التين عن عورات المستبدين، والمقصود في هذا الشأن، الفكاهة الهادفة وليست تلك التي تدغدغ المشاعر السطحية عند الناس. فأهالي عامودا(بلدة كردية في منطقة الجزيرة)، اعتادوا معاقبة الفريق الخاسر بورق اللعب(الطرنيب)، في الاستماع للفضائية السورية ساعة من الزمن ... ألا تُعَبّر هذه الطُرفة بحق الرَّبِ عن شعار المتظاهرين السوريين اليوم، حين يرددون: كاذب...والله كاذب...الاعلام السوري كاذب؟.

 ليتنا ندرك بأننا لانتخذ من الفكاهة وسيلة للترويح عن النفس، رغم ما لهذ الجانب من أهمية، بل كأداة لنبذ اليأس وشحذ الهمم، بغية المضي قدماً في تحرير البلاد من هذا النظام الشمولي الشبيه بالهايدرا الاسطورية التي كلما قُطِعَ رأسها نما لها رأس جديد، أعني تلك التي أشار إليها الروائي الألباني(اسماعيل كادارا) في كتابه:(ربيع ألباني: تشريح الاستبداد) وبناء دولة مدنية ونظام ديمقراطي، يتمتع الناس في ظلهما بالحرية والعدالة والمساواة، ويشعر المواطن في كنفهما بانسانيته.

 لا مناص والحال على ما تقدم، أن نمعن جيداً في قول هيجل:"الدعابة، هي ميل العقل والقلب إلى قول الحقائق باسلوب مرح"، أو نتأمل كنه وصف آخر للدعابة كونها:"مثل كوكب ذي وجهين، يضحك وجهه الظاهر من بكاء وجهه المستتر"، كي ندرك أهمية هذا النمط من الفن، الذي يتوسل النادرة أو الحكاية الساخرة أو النكتة أو الكاريكاتير، في التعبير عن الوجدان الجمعي والقيم الانسانية، في زحمة الهموم ومنغصات العيش. فالحماصنة(أهل حمص)، ممن نُكِبوا بحصار قوى الأمن والجيش لمدينتهم الوادعة وابتلوا باختراق الدبابات لشوارعها، ناهيك عن الشبيحة/القناصة أو البلطجية، الذين عاثوا فيها فساداً، لم يفتقدوا روح السخرية المستمدة من واقع الحال، فحين يُسْأل أحدهم عن عيادة طبيب أو موقع ما، يجيب: شايف هذه الدبابة، بَعْدا لِفْ على اليمين وإمشي دوغري ستجد دبابة أخرى، بعدا إمشي خمسين خطوة، ثم اسأل أحد رجال الأمن قد يدلك على العيادة أو القبر.

 إن المآسي التي حَلَّتْ بالسوريين طيلة عقود من الزمن، طبعت الفكاهة السورية عامة والكردية خاصة بمسحة من التَّهَكُم تجاه النظام، لكنْ هذا الواقع المزري، ألهبَ الخيال الشعبي في ابداع الفكاهة الهادفة، التي تتوخى النيل من بطش هذا النظام القمعي بأي ثمن.

 الشاعر الكردي(موسى زاخراني)، المجرد من الجنسية والذي أبتلي كغيره بالاستجوابات الأمنية حتى ضاق بها صدراً، جَرَتْ الدعابة على لسانه إبان الانتفاضة السورية(15آذار2011م). فحين لاحظَ غياب عناصر الأمن المفاجىء وغير المعتاد أو الملفت للنظر في شوارع مدينته القامشلي، والذي أثار إنتباه الناس جميعاً، حدا به الأمر إلى عرض طلبٍ لا يخلو من الطُرْفَة الموحية على إمام جامع قاسمو(هذا الجامع أضحى منطلقاً لاعتصامات شباب القامشلي)، كي يتكرم حالاً بالاعلان في مُكَّبِر الصوت عن فقدان عنصرين سَمَّاهما بالاسم من رجال الأمن، ومكافأة كل مَنْ يتمكن من العثور عليهما واحضارهما إلى الجامع.

 والملاحظ أن شاعرنا كان ينوي بداية عَرْضَ طلبه على أولاد(بحري الدّلال)، لولا ضِيق اليَدِّ الذي حال دون ذلك.

 وهناك طرفة أخرى، جرت على لسان أحد أصحاب دكاكين السمانة في مدينة القامشلي، فلما جاءه تاجر حلبي كي يسترد من صاحب الدكان بعض الديون التي كانت بذمته، لاحظ التاجر أن صاحب الدكان يدفع له أوراقاً نقدية من ذات الألف ليرة سورية، ومن المعلوم أنها مزينة بصورة الرئيس حافظ الأسد، فارتسمت علامات العجب على محياه، وتساءل:

 بالعادة كنتم تُسَدِّدون الديون بالأوراق النقدية من فئة(500) أو (200)، ماذا جرى لكم يا أهالي القامشلي ؟.

 ردَّ عليه صاحب الدكان:

 أجل، لكن الوضع تغير الآن، فهذه الأوراق النقدية ذات الألف ليرة ستصبح في ذمة التاريخ قريباً يا سيدي، من هنا نحن نود أن نتخلص منها بأي ثمن.

=========================

آليات عمل هيئة الإنصاف والمصالحة الفلسطينية

د. مصطفى يوسف اللداوي

مازالت هيئة الإنصاف والمصالحة المغربية تقدم بحبٍ نصحها إلى الشعب الفلسطيني، وتضع بين أيديهم خلاصة تجربتها الرائدة في عمل الهيئة خلال السنوات الماضية، وتبين القواعد الأساسية التي انطلقت على أساسها، والعوامل التي ساعدت في نجاحها، والآليات التي اعتمدتها في عملها، والصعاب والعقبات التي اعترضتها، وعرقلت جهودها، وأخرت ظهور نتائج عملها، ولكنها ترى أنها نجحت في نهاية المطاف في إرساء قواعدِ هيئةٍ وطنية مستقلة، تعتمد المهنية في عملها، والصدقية في توصياتها، وحافظت على المنطلقات الأساسية لحقوق الإنسان، وثبتت قوانين وتشريعات تحول دون خرقها، وتعمل على صيانتها وتطويرها وفق مفاهيم الحاجة والزمن، وترى أنها نجحت في الحد من السلطات الأمنية الاستنسابية، وقيدت عمل المؤسسات الأمنية ورجال التحقيق، وألزمت القضاء بأن يتحرى العدالة والإنصاف في أحكامه، ونأت به من خلال توصياتها عن التبعية والاحتكام إلى مراكز القوة والسلطة والنفوذ، ونجحت أخيراً في دسترة توصياتها، واعتمادها أصولاً وثوابت في الدستور المغربي، لتحميها من محاولات التغيير والتحريف المجهولة.

واستفادة من التجربة المغربية ينبغي على ثلةٍ فلسطينية من المثقفين ورجال القانون والعاملين في المجالات السياسية والفكرية، ومن المنشغلين في علوم النفس والصحة العامة، من الرجال والنساء، ممن يتصفون بالاستقلالية والمهنية والعلمية والعدلية والنزاهة وطهارة الكف وحسن السيرة، وممن يؤمنون بالعمل الوطني العام، وتهمهم المصلحة الوطنية، وتتقدم عندهم على المصالح الشخصية والفئوية والحزبية، أن يتنادوا جميعاً لتأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة الفلسطينية، على أن تكون هيئة مستقلة عن الجهات التنفيذية جميعها، وأن يكون ارتباطها بالمجلس التشريعي الفلسطيني، وبالمجلس الوطني حال إعادة تشكيله وفق أسسٍ وطنية جديدة، وأن تكون أبوابها مشرعة دون عقباتٍ أو اشتراطات لجميع المواطنين في داخل الوطن وخارجه، من المتضررين شخصياً أو ورثتهم، أو غيرهم ممن يرى ضرورة تقديم شكوى تظلم لصالح أحد الفلسطينيين، أو شكوى ضد أحد الأشخاص العموميين أو ضد جهاتٍ رسمية معينة، وأن يكون في قدرة الهيئة تحريك أي قضية من طرفها مباشرة، ودون الحاجة إلى قيام أحد أطرافها بطلب فتح الملفات المتعلقة بها، كما يجب عليها أن تكون قادرة على تقديم الطعون القضائية ضد أي حكمٍ قضائي ترى أنه جائر، ومخالفٌ للأصول القانونية، أو أنه يفتقر في صدوره إلى إجراءات المحاكمة العادلة، وأن تكون متابعاتها القضائية والقانونية معفاة من أي رسومٍ أو تكاليفٍ مالية، في الوقت الذي يعفى فيه المستدعون من دفع أي رسوم مالية لتحريك قضاياهم.

وينبغي أن يتمتع أعضاء الهيئة بالحصانة التامة أمام مختلف الجهات التنفيذية، وأن تتشكل آلية دقيقة لانتقائهم وتعينهم، بما لا يسمح للجهات التنفيذية بالتدخل في شؤونهم، والتأثير عليهم، أو الاعتراض على بعضهم، وأن تكون الهيئة قادرة على مساءلة أي شخصية عامة، سواء كانت على رأس عملها أو انتهت منه لتقاعدٍ أو استقالةٍ أو إقالة، على أن تكون ملزمة بتقديم إجاباتٍ وتوضيحات وتفسيراتٍ لكل الأسئلة التي تطرح عليهم، وألا تقبل الهيئة بتبريرات الضرورات الأمنية وأسرار الوطن والمصالح القومية العليا للبلاد، وأن تكون الهيئة على اتصالٍ دائم بوزارتي العدل والداخلية، بما يمكنها من حرية الإطلاع على جميع الملفات القضائية، والحالات المعروضة على القضاء قبل صدور الأحكام عليها أو بعدها، والتأكد من سلامة إجراءات المحاكمات، وأن يكون من حقها زيارة المعتقلين والاستماع إليهم، والتعرف على ظروف اعتقالهم وكيفية التعامل معهم، وأن تكون قادرة على الزيارات الفجائية والمنظمة إلى كل مراكز الاعتقال والاحتجاز السرية والعلنية التابعة لوزارة الداخلية والأجهزة الأمنية الفلسطينية، وأن تطلع على وسائل التحقيق والمساءلة، وأن تزور الموقوفين وتراقب أماكن احتجازهم وظروف عيشهم، وتستمع إلى شكواهم وتتعرف على حالتهم الصحية.

لا يقتصر عمل هيئة المصالحة الفلسطينية على القضايا الراهنة والملفات المفتوحة، وإن كانت آنيتها تفرض الأولوية وتمنحها صفة الاستعجال والضرورة، إلا أن الهيئة يجب أن تولي اهتماماً كبيراً بالملفات السابقة، والمخالفات القديمة، والتجاوزات التي وقعت في السنوات الماضية، لأنها هي التي تسببت في تمزيق لحمة الشعب الفلسطيني، وأدت إلى تعميق الشرخ الاجتماعي الذي شاركت في تأزمه الأجهزة الأمنية الرسمية وممارسات الثورية النضالية، في ظل غياب الرقابة والمتابعة وسلطة القوانين الإنسانية العادلة، إذ أن متابعة الملفات القديمة تحقق العدالة، وتنزع أساب الغل والحقد والكره والتباغض في المجتمع، وتخلق كياناً متماسكاً متحاباً خالياً من عوامل الفرقة والانقسام، في الوقت الذي تساهم فيه محاسبة المسؤولين السابقين على جرائمهم ومخالفاتهم في خلق مجتمع القانون والعدالة، الذي يعني أنه لا يوجد أحدٌ فوق القانون، كما لا يوجد شخصٌ لا تطاله المساءلة والتحقيق، وأنه لا يوجد أحد يستطيع الإفلات من العقاب، والتخلص من تبعة مسؤوليته عن الجرائم التي ارتكبها، إذ لم يعد هناك مكان للظلم، ولا مكانٌ للتفرد في وضع القوانين الاستنسابية التي خلقت السجون والتعذيب والعزل والنفي والتصفية والقتل، فقضايا الشعوب لا تموت، والملفات لا تغلق، والحق لا ينسى، والظلم لا يسود، والعدل باقٍ لم يرفع، فهو قانون السماء الأبدي السرمدي الخالد.

أما توصيات هيئة المصالحة الفلسطينية فينبغي أن تحولها الهيئات التشريعية الفلسطينية إلى قوانين وقرارات، وأن تمنحها صفة القانون، وأن تدرج بعضها ضمن دستور البلاد وأنظمة القضاء، ولوائح العمل الضابطة في الوزارات المختلفة خاصةً وزارتي العدل والداخلية، بما يضمن كرامة المواطنين، ويحفظ حقوقهم وامتيازاتهم، من أجل ضمان عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الفلسطيني، ولتحقيق منهج الإصلاح القضائي والأمني والارتقاء فيه، وأن تكون لجان الهيئة المنتشرة في كل أرجاء الوطن، قادرة على تلمس حاجات المواطنين ورغباتهم، لترفعها إلى الجهات التشريعية لتضمنها الدستور، وتدرجها ضمن القوانين والتشريعات، لتبقى دائماً في خدمة المواطنين، وقادرة على حراسة حاضرهم وضمان العدالة لماضيهم.

نحن الفلسطينيين في أمس الحاجة إلى هذه الهيئة العدلية المستقلة، القادرة على مساءلة المسؤولين ومحاسبة المتهمين في مختلف السلطات الرسمية والنضالية، فقد ضحى الشعب الفلسطيني كثيراً في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وقدم على مدى سنواتٍ طويلة من عمر الاحتلال زهرة شبابه وربيع عمره من أجل حرية وكرامة هذا الوطن، وحريٌ به ألا تظلمه مؤسساته، وألا تتغول عليه قياداته، وألا تمارس أجهزة بلاده ضده ما مارسه الاحتلال الإسرائيلي ضدهم من اضطهادٍ وتعذيبٍ وحرمانٍ وتضييقٍ، واعتقالٍ ونفيٍ وإقصاء وتغريبٍ، وليس ما يحمي شعبنا من ظلم مؤسساته وتغول قياداته سوى رجال قوامهم العدل والمسؤولية الوطنية، لا يخافون في الله لومة لائم، ولا توقفهم عن خطواتهم سلطاتُ أمنٍ ونفوذُ حاكمٍ، وهالةُ قائدٍ، وقداسةُ مسؤولٍ.

======================

هل نرضى عن الإسلام بديلاً

كتبه: د. محمد سعيد حوى

تعيش الأمة مخاضاً كبيراً، ولا بد للمخاض من آلام، وتتنوع المشكلات والتحديات والعقبات.

ومع كثرة التضحيات والآلام؛ فإن مما يزيدنا ألماً بعض الطروحات الفكرية والسياسية المرافقة لهذه المخاضات والتحديات.

ففي الوقت الذي يتحرك فيه عامة الشعوب العربية بمسيراتها ومظاهراتها، ومعظم تحركاتها؛ منطلقة من المساجد، و تؤدي الجموع الغفيرة الصلوات جامعة في الميادين والساحات . .

وفي الوقت الذي تنطلق حناجر معظم الثائرين والمطالبين بالتغيير بصيحات: الله أكبر . .

وفي الوقت الذي تعلن فيه أنها قدمت أرواحها في سبيل الله، قائلة: الشهيد حبيب الله . .

وفي الوقت الذي يعلنون مقصد ثورتهم بوضوح: هي لله . . هي لله ..

وحيث الشعوب في معظمها مسلمة متدينة مؤمنة . .

. . في هذا الوقت تخرج علينا الأبواق الإعلامية العلمانية بالتركيز على تحييد الدين، بل وإبعاده من ساحة الصراع، مستغلين أن الشعوب قد رفعت شعار الحرية والكرامة، لأنها القضية الأكثر مساساً وحساسية وألماً، ولأن فقدها سبب كل مأساة.

بل وأكثر من ذلك يأتي من يطالب بالحريات؛ ثم يحجر على المسلمين أن يطالبوا بالإسلام، وأن يطالبوا بحريتهم في اختيار نظام الإسلام، فيقول صراحة وبكل وضوح: حرية نعم، لكن لا مجال للإسلام السياسي أبداً.

يأتي ويصرح بوضوح: لا إقصاء لأحد، بل مشاركة من الجميع. لكن نعم لإقصاء الإسلام بعيداً، بدعوى أن الدين لله والوطن للجميع.

بل ويأتي من يصرح صراحة: لا مجال عندنا لأن نتكلم عن دولة مدنية بمرجعية إسلامية، أي كل القوانين والقيم لا بد أن تكون مستمدة من القوانين الوضعية الأرضية البشرية.

ويزداد الأمر مأساوية عندما تجد من يريد أن يسلخنا عن عروبتنا وإسلامنا معاً؛ لنرضي فئة ما .

بل ويصرح بعضهم: المشكلة في الإسلام والإسلاميين، والمشكلة في الشيوخ.

 لماذا المشكلة في الشيوخ؟

يقولون :الشيوخ دائماً يقفون مع السلطان.

والشيوخ = السلفية = التخلف ...

أمام هذه الطروحات كلها وغيرها، نشعر أننا سندخل في دوامة جديدة مريرة جداً جداً.

وأمام شدةِ الابتلاء الآن وقسوةِ الطغاة وحرصِ الإسلاميين والعلماء على تجاوز المرحلة يدعو كثيرون إلى السكوت عن قضية الإسلام وحاكمية الإسلام.

ويدعو كثيرون إلى الاكتفاء بالقول: إننا نريد دولة مدنية ديمقراطية ذات أحزاب متعددة، مقابل إصرار آخرين على دولة علمانية لا تمت إلى لغة شغوبنا وتراثهم وثقافتهم وقيمهم بصلة.

ويقدم كثير من الإسلاميين تنازلات في شأن المرأة، والحاكم، والأحزاب، والديمقراطية، والمواطنة ... ومع ذلك يقول لهم العلمانيون: (لن نرضى عنكم)، مصداقاً لقوله تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم).

ويدعو كثيرون للوقوف إلى جانب الحرية وحسب، على اعتبار أن الحرية والكرامة قاسم مشترك، لأنه إذا تحررت الشعوب ستقود نفسها بنفسها إلى الإسلام.

وهنا ستتركز المناقشات بعد توصيف المشكلة بشكل موجز ومحدد في نقاط:

1. إنه أمام هذه الطروحات فإن الخوف كل الخوف أن نخرج من ديكتاتورية المستبد الظالم، إلى دكتاتورية العلمانية، ومعاداة العروبة، والإقصاء لكل ما يمتّ إلى الإسلام والقرآن بصلة . . باسم الديمقراطية نفسها، وباسم الحرية، وباسم القانون، وبتأييد غربي مطلق، وبزخم إعلامي هائل، ومن هنا فلا بد من رسالة إلى كل العالم . . إلى كل العلمانيين . . إلى كل الليبراليين . . وإلى كل الناس . . إلى كل السوريين:

لن نرضى أن نحكم بغير الإسلام . . ولن نرضى بغير شريعة الله المطلقة . . ولن نرضى بغير القرآن منهجاً ودستورَ حياة . . ولن نرضى بغير الإسلام مرجعية كاملة تامة . . ولن نقبل أن تهدر هذه الدماء لأجل أن يستبدل طاغوت بطاغوت: (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به، ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً) ولن نتنازل عن لغة القرآن وأحكامه جزأً أساساً مكوناً لهويتنا، لن نتنازل عن ذلك لأجل إرضاء أقلية.

2. لماذا تدعون إلى الحريات، ثم إذا جاء الأمر إلى الإسلام قلتم: لا للإسلام، لا للمرجعية الإسلامية، أليس هذا هو الإقصاء بعينه؟ أليست هذه هي الدكتاتورية؟ أليس من حق المسلمين وحريتهم وحقهم أن يُحكَموا بالنظام الذي ارتضوه؟

3. كل من يدعي الديمقراطية أو الليبرالية أو الحرية أو اليسارية . . كل له مرجعيته الفكرية، وله عقيدته التي يؤمن بها، وينطلق منها، حتى لو كانت عقيدة المادة فهي عقيدة، فلماذا يحق له أن يستمد قوانينه وقيمه من عقيدته ومرجعيته، ويحجر علينا أن نفعل ذلك؟

4. الأمة معظمها أو أكثريتها مسلمة، وتريد الإسلام، ولغتها لغة القرآن؛ فلماذا يتحكم البشر في البشر، ويريد البشر أن يفرض على الأمة منهجاً، ولا يسمح لمنهج رب البشر أن يهدي البشر إلى خيرهم وسعادتهم.

5. عندما يقال: دولة مدنية بمرجعية إسلامية، فلا يعني ذلك تسلط الدين أو رجال الدين، فأحكام الإسلام على مراتب : فمنها القطعي، ومنها الاجتهادي، ومنها المسكوت عنه، ومن هنا فإن ميدان الاجتهاد واسع، كما أنه مما تقرر إجماعاً أن لكل إنسان الحق في أن يعتقد ما شاء، ولكل فئة وملة حقهم في قانون خاص في الأحوال الشخصية، ولكل شخص حق التعبد بما يقتنع به، وغير ذلك من القضايا التفصيلية التي تنفي تسلط أحد على أحد.

6. إن الإسلاميين يؤمنون بالإسلام ديناً ربانياً متكاملاً، ينظم شؤون الحياة كاملة، للفرد والجماعة والأمة والدولة، في جميع جوانب حياتها، وفيه الإجابة الصحيحة والدقيقة لكل ما يحتاجه البشر، على وجه فيه صلاح العباد والبلاد، ومع ذلك فنحن مطالبون بحسن الفهم وحسن العمل وحسن التطبيق، ومن ثم فباب الاجتهاد في غير القطعيات واسع، ولا يفرض رأي على رأي، علماً أن القطعيات على أهميتها محدودة.

ومع ذلك فلكل صاحب عقيدة ومذهب خصوصيته وحريته العقدية والعبادية، ولا نفرض هذا الدين على أحد، لكن من واجبنا وحقنا أن ندعو الناس إليه بالحسنى والكلمة الطيبة والأمر بالمعروف النهي عن المنكر.

مع إيماننا أن لا عصمة لأحد من الناس بعد الأنبياء، وكلٌّ مسؤول ومحاسب، مهما كان موقعه، والجميع سواء أمام القانون.

ومع اعتقادنا أن مصدر التشريع والسلطات هو الإسلام، لأنه منزل من عند الله؛ فإن الأمة هي التي تعبر عن إرادتها باختيارها من ترضاهم ليمثلوها في تطبيق ذلك، وباختيار قادتها وعلمائها في الأمور الاجتهادية والمسكوت عنها، وتتحمل مسؤولية الاختيار أمام الله، وأمام شعوبها، وبهذا الاعتبار يصح أن نقول: الأمة مصدر السلطات، وبهذا كله لا تخرج الدولة الإسلامية عن أن تكون دولة مدنية.

وباطل ما يروِّجه البعض بأن الدولة الدينية تقابل الدولة المدنية، إن كان يصح هذا في الدولة الدينية المسيحية المتخلفة في العصور الوسطى، فهذا لا ينطبق على ديننا، ولم يكن يوماً في تاريخ حكومة الإسلام كذلك.

7. لماذا هذه الحرب على الشيوخ والعلماء، ووصفهم تارة بالتخلف، وتارة بالسلفية، وتارة بالنفاق والوقوف مع السلطان، مع أننا نقول:

 الشيوخ منهم من يقف موقفاً فقهياً يظن أنه هو الصواب، وهذا اجتهاد له.

 ومنهم من لا يستطيع أن يجهر بالحق، لأن السيف مصلت على رقابهم.

 ومنهم من ينظر إلى الموازنات والمفاسد والمصالح، ويحكم حسبما يترجح لديه.

 ومنهم من يصدح بالحق . . ويتحمل في سبيل ذلك.

 ومنهم من ينافق.

إذن هم بين الاجتهاد والرأي والرأي الآخر، وإن دل هذا فإنما يدل على حيويةٍ واجتهادٍ وحريةٍ وتعددية، أليس هذا ما يدعون إليه؟ ألستم ترفضون أن تحكموا بالدين؟ فها هو الدين قد تعددت آراء علمائه . . فلماذا الخوف، ولماذا التشهير، ولماذا التعميم.

لماذا الخوف أن الدين سيحكمنا ويستبد ويضطهد . .

ولماذا التعميم أن الكل منافق . .

ثم الأدهى من ذلك؛ فإذا وُجِدَت أصواتٌ مثل القرضاوي تقدم رؤية إسلامية متقدمة متوازنة، قالوا: هذا يوظف الدين، هذا يستغل الدين، هذا يريد أن يتاجر بالدين، فإذا سكت فهو منافق، وإذا تكلم فهو متاجر . .

ولجميع الناس من حقوقيين وتجار وباعة وأميين وشبه أميين أن يتكلموا في السياسة، لكن الشيوخ لا يحق لهم أن يتكلموا في السياسة . .

ثم هل فقط طائفة الشيوخ من تنافق؟ وأنتم تقولون: لا يجوز للدين أن يتدخل في السياسة، وتريدون أن تكمموا الأفواه . .

أليس في الإعلاميين من هم أكثر نفاقاً؟

أليس في السياسيين من هم أكثر كذباً؟

أليس في الاقتصاديين والفنانين من هو أكثر نفاقاً ؟

 منهم من هو كذلك، كما أن فيهم شرفاء صادقون مضحون مخلصون، فلماذا لا نمنع جميع هؤلاء لأن فيهم من ينافق، ويمنع العلماء لنفاق بعضهم.

 نعم لا أرضى أن أقارن موقف العالم بهؤلاء، لكن العلمانيين يتناقضون . . لا يريدون للعالم أن يقف مع السلطة، ثم لا يريدون للدين أن يتدخل . . ثم إذا وقف العالم مع الحق فهو متهم، وهومتاجر بالدين . . وإذا حكم العلمانيون ضغطوا على العلماء ليستعملوهم لتبرير سياساتهم وتأييد مواقفهم.

يريدون أن يكون الشيخ أهبلاً، همُّه أن يتكلم في دماء الحيض والنفاس، أما دماء الأمة ومقدساتها وأعراضها فحكر عليهم.

والعالِم المسلم الحق أول صفة فيه: أنه السياسي . . شاء من شاء وأبى من أبى.

وستجاهد الأمة دون هذا الأمر، كما قال صلى الله عليه وسلم: (والله لن أدع هذا الأمر حتى يظهره الله أو تنفرد سالفتي).

وإذا كانت الأمة قد قدمت آلاف الشهداء على طريق الحرية، فلم ينته الطريق بعد.

 نعم لن نرضى عن الإسلام بديلاً . . دستوراً ومرجعية وفكراً وموجهاً.

( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )، ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت، ويسلموا تسليماً )، ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله، ولا تتبع أهواءهم، واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك )، ( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله )، ( إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض: غَرَّ هؤلاء دينُهم، ومن يتوكل على الله فإن الله عزيزٌ حكيم )، ( وإذا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ، وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ).

إنني أدعو جميع علماء الشريعة أن لا يسكتوا في خضم هذه الثورات عن المطالبة بالحق الصريح في تحكيم شرع الله.

 والحجة التي قد يقابلونك بها: رضى الغرب . . والوحدة الوطنية . .

فأما الوحدة الوطنية فأي عقيدة وشريعة حفظت الحقوق وحققت العدالة كالإسلام، ومن قال: إن الإسلام سيقصي أحداً من أبناء الوطن.

وأما الغرب فنقول: إن كان الغرب يريد أن يدعمنا للحق والحرية؛ فلا يحق لهم أين يصادروا حرية الشعوب، وليس في الإسلام ما يخيف، وإن لم؛ فمتى أراد الغرب لنا الخير؟ وهل نحن في شر إلا بسبب سياسات كثير منهم فينا وعلينا ؟ وهل كانت هذه الحكومات الظالمة المستبدة إلا مرضياً عنها عند الغرب؟ وهل كانت إلا علمانية؟ وهل كانت إلا راعية لمصالح الغرب؟

فما أفسدَ حالَنا الإسلامُ، وإنما أفسد حالَنا العلمانيةُ وأهلها.

وإذا كان هناك قواسم مشتركة ومصالح متبادلة بيننا وبين الغرب؛ فلا يجوز أن تكون على حساب ديننا وعقائدنا ومبادئنا وقيمنا.

إن الذي لايجوز أن نغفل عنه لحظة واحدة؛ أننا إنما نستنصر بالله لا بأعدائه : ( إن تنصروا الله ينصركم )، ( وإن خفتم عَيْلة فسوف يغنيكم الله من فضله )، ( إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا )، ( ... إنا لمدركون، قال: كلا، إن معي ربي سيهدين ).

بقي أن نقول إن البعض يهاجم هذه الثورات بدعوى أن نرضى بالظلم والاستبداد خير من الفساد والخراب والفتن والفوضى، فنقول: بل يجب أن يقال: إن الظلم والاستبداد هو عين الفساد والفتنة والفوضى والخراب، وأي أثر سلبي يحدث نتيجة هذه الثورات، فإنما هو أثر من آثار هذا الظلم وتراكماته والسكوت الطويل عنه، ومن ثم إنما يتحمل هؤلاء الظلمة كل الآثار السلبية التي قد تقع .

======================

اتفاقية التمديد بين المكاسب والأضرار

حسام صفاء الذهبي

ان اتفاقية تمديد بقاء قوات الاحتلال الأميركي في العراق دخلت مرحلتها الأخيرة والتي تتضمن إقامة تسع قواعد في خمس محافظات وهذه ستكون قريبة من المطارات والمنشآت المهمة وجاءت هذه الاتفاقية نتيجة مباحثات بدأت منذ أكتوبر من العام الماضي بين مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي والسفارة الأميركية والملاحظ أن هذه الاتفاقية أمدها خمس سنوات أو أكثر وستوقع من قبل ممثل عن الخارجية العراقية والسفارة الأميركية من دون الحاجة إلى موافقة البرلمان العراقي ، وتجري خلف الكواليس مباحثات بين الكتل البرلمانية حول الاتفاقية الأمنية واتفاقية التمديد لبقاء قوات الاحتلال الأمريكي وكما يذكر بعض المشاركين في تلك المباحثات أن دولا إقليمية ستتدخل لحسم هذه المسألة من خلال توجيه الكتل التابعة لها للقبول بالوجود الأمريكي مقابل ملفات تنتظر هذه الدول حسمها لصالحها من قبل الأمريكان ، ولأن نص الاتفاقية الأمنية يشير الى أنها غير قابلة للتمديد فقد لجئ هؤلاء السياسيون الى عقد اتفاقيات جديدة !!

وبصراحة ان بقاء القوات قوات الاحتلال ليس لعيون العراقيين وليس لأنه يحفظ الأمن العراقي بل لان العراق يمثل منجماً للثروة في كل المجالات فضلاً عن موقعه الاستراتيجي ، فإذا أراد العراقيون نيل الاستقلال فلا بد من الاستغناء عن وجود الاحتلال لأن المصلحة الوطنية تحتم ذلك ومهما قال وردد المستفيدون من الوجود الأمريكي من ان وجود الاحتلال لمصلحة العراق ومهما برروا فان هذا الكلام بعيد عن الواقع جدا لأن الاحتلال الأمريكي وأذنابه هم أساس كل المآسي والآهات التي مر ويمر بها الشعب العراقي فمن ناحية الإرهاب فان الإحلال دعم الإرهاب بوضوح ولو كان يحارب الإرهاب بجد لكف عن المشاركة فيه وبخصوص دعوة حماية أمريكا العراق من البعث فالواقع يثبت ان العلاقة بين البعث وأمريكا مستمرة وخير شاهد هو فسح المجال من قبل أمريكا للبعث لاستعادة السلطة في انتفاضة 1991 بل وحتى الآن ، ومن يريد بقاء الاحتلال بدعوة حماية الديمقراطية فقد أخطأ أيضا لأن التدخل الأمريكي السلبي واضح جلي في مسألة الديمقراطية ومن يريد بقاء الاحتلال بحجة حماية العراق من الفساد فهذا تناقض لأن أبشع جرائم الفساد تمت من قبله وتحت حماية قوات الاحتلال ولا ننس البريطانيين الذين أمسكا متلبسين بالبدء بعملية إرهابية في البصرة وغيرها الكثير من الشواهد ، لذا فان المنافع التي يجنيها العراق بالتخلص من الاحتلال أكثر من منافع البقاء وأن الأضرار جراء البقاء أكثر مما لو فرضنا بقاء الاحتلال ، ولهذا لا توجد مبررات واقعية للتمديد سوى تنفيذ رغبات أمريكا نفسها وما يشير الى هذا ما قاله النائب الجمهوري جون بوينر رئيس الكونجرس الأمريكي من إنه يؤيد بقاء قوات الاحتلال الأمريكي في العراق بعد الموعد المحدد لانسحاب كل الجنود نهاية العام الجاري لأن العراق دولةً مهمةً لمصالح الأمن القومي الأمريكي في الوقت الراهن وعلى المدى البعيد ..

هذه الاعتبارات وغيرها تحتم على كل عراقي شريف رفض التمديد لبقاء القوات الأمريكية تحت أي مسمى كان ، وما بقاء الاحتلال إلا لمصلحة أعوانه ومن وصل الى السلطة بسببه وليس لمصلحة العراق فالتكتلات السياسية وخاصة الائتلاف الشيعي الحاكم أداة من أدوات الاحتلال فهم يدفعون باتجاه الموافقة على الاتفاقية ويحاولون إخراج الاتفاقية لتبدو وكأنها مكسب لصالح الشعب العراقي في محاولة منهم لتجاوز رفض الشعب للاتفاقية وهذه من السلبيات التي تؤخذ على من أيد هؤلاء ومن كان السبب في إيصالهم الى سدة الحكم خاصة أصحاب النفوذ الاجتماعي من شيوخ العشائر والإعلام المزيف وكذلك أصحاب النفوذ الديني من المرجعية التي أيدت ووقفت بكل ثقلها من اجل إيصال أعضاء الائتلاف الشيعي ليتسنموا أعلى المناصب كما أوضح هذا وبكل صراحة المرجع الكبير الباكستاني من انه هو وأخوته المراجع السيستاني والفياض والحكيم أيدوا ودعوا الى ضرورة انتخاب قائمة الائتلاف سابقا ولاحقا قائمة ائتلاف الحكيم والمالكي ..

وها هي ثمرة هذه الدعوة والتأييد من قبل المرجعية تتضح بجلاء فقد جنى العراقيون ثمار المساندة الدينية والاجتماعية من أصحاب النفوذ لهؤلاء السياسيين المفسدين بتوقيع اتفاقية تلو الاتفاقية لبقاء قوات الاحتلال بدل ان يكونوا سببا في استقلال العراق ونيل الحرية بكل كرامة بعيدا عن الوصاية والخضوع للأجنبي وكما يدعون الوطنية أمام الإعلام ..

وبهذه المناسبة لأتوجه بالسؤال الى من يريد بقاء الاحتلال بدافع الخوف من التغلغل الإيراني وسيطرته على العراق ، أقول ألم تكن سيطرة إيران على مفاصل الدولة والمجتمع العراقي من ثمار الاحتلال الأميركي؟؟ ألم تتضافر جهود إيران وحلفائها لمساندة للاحتلال؟؟ ونتيجة ذلك ملأت إيران الفراغ في العراق دينيا وسياسيا وفكريا واليوم تستغله لمصلحتها ، وهل سينتهي التدخل والسيطرة الإيرانية في العراق في ظل هذه الاتفاقية وتمديد بقاء الاحتلال؟؟ وهل ستتدهور أحوال العراق بعد خروج الاحتلال ؟ أو ان ذهاب الاحتلال سيزيد من فرص الحوار والاستقرار؟ وأنا حسب رأيي أقول بأن أحوال العراق ستؤول الى خير ان ابتعد الاحتلال عنا لأن وجوده الى الآن لم يخلف إلا الانقسام الطائفي والفوضى والدمار والإفقار والقتل والتشريد وبقاؤه يزيد الأمور سوءاً ، وربما أن خروج الاحتلال سيترك مجالا واسعا لتغلغل إيران في العراق بحرية اكبر ، لكن الخلاص يكمن في الحفاظ على وحدة الشعب العراقي وكشف المفسدين والعملاء وإبعادهم عن موقع السلطة وإيكال خدمة العراق وحكمه الى الشرفاء الوطنيين الذين لم يبيعوا وطنهم وشعبهم ولم يخونوه من اجل دولة او مال او جاه ، فالعراق قادر على استعادة موقعه المهم خاصة عند خروج الاحتلال وجميع أذياله المفسدين العابثين بمصير العراق وشعبه ، فمن يطالب ببقاء الاحتلال ولأي فترة كانت ذلك يعني الاستهانة بنا كشعب ويعني قصورنا بحيث نصر على طلب الحماية والوصاية من أعدائنا ويعني المزيد من السرقات ونهب الثروات وانتهاك كل المحرمات والمقدسات وكرامة الحياة التي من الله بها علينا دون إذلال ، بينما يتصرفون وكأن لهم تفويض إلهي بانتهاك حقوق الشعب وميراث الأجيال فسرقوه منا ولا زالوا ولم يبقوا لنا إلا المعتقلات ..

لكن ليكن في علمهم ان ظلمة الليل يتلوها نور الفجر وحين يأتي فجرنا يتمنى خيّرهم لو كان ذرة من تراب او حصاة وحينها لن يهنئوا بأحلامهم حين يتنفس الفجر ويسفر الصبح بنور الحرية والكرامة والإباء ، وتيقنوا ان الحق لا يضيع ومن ورائه مطالب ..

=====================

ثوراتنا في رمضان..يا خيل الله اركبي!!

المعتز بالله عبد الله

تدلّ كلّ المؤشّرات على أن رمضان 1432ه سيكون مختلفاً بكل المقاييس عن سابقاته، فلا مكان للمسلسلات الرمضانية هذا العام، ولا لغيرها من الدراما العربية أو غيرها على جدول إفطارات الصائمين، بل ستنتقل الفعاليات والأعمال الرمضانية إلى أرض الواقع:

 فالمجاهدون الليبيون سيُفطرون ويتسحّرون في الجبهات والخطوط الأمامية على أبواب طرابلس الغرب وهم يُقارعون الطاغوت ومرتزقته.

أما ثوار اليمن فسنرى موائد إفطارهم وسحورهم وأمسياتهم وتراويحهم في الساحات العامة تعبّيراً عن ثباتهم في مواجهة الباطل وأهله.

 أمّا ثوار سوريا فسيعتذرون مِن "المُسحِّر" هذا العام لأنهم سيتولّون مهمّته في إيقاظ الناس للسحور على وقع هتافات الحرية في شوارع وأزقة دمشق العتيقة.. وحلب الشهباء.. وسائر مدن وقرى سوريا الأبيّة، وسيمرّ الشباب بعراضات شامية يُذكِّرون الناس فيها بأن الله تعالى أعزّ وأجلّ وأكبر.. وأنّ طعمَ الحرية يستحقّ كل التضحيات..

 وإن كنّا نتمنى أن يُعجّل الله تعالى النصرَ وأن يُبلّغنا رمضان من غير فراعنة وطواغيت العصر، إلا أنّ المؤمنَ يُوطِّن نفسَه على الأخذِ بعزائم الأمور، ومهما كان، فلم يمرّ رمضان منذ زمنٍ بعيد على أمّة الإسلام وهي بخير وعافية كما هي الآن – رغم الجراح والتضحيات العظيمة- فلقد نفضت أمّتنا الغالية عنها غُبار الذُّل والعار.. ورفضت خُنوع العبيد للطواغيت.. وحملت مشاعلَ الحرية.. تُردِّد بأعلى صوتها: الله أكبر.. يا خيل الله اركبي!!

========================

جاء رمضان بهداياه فأحسنوا وفادته

الشيخ خالد مهنا

رئيس الدائرة الاعلاميه في الحركة الاسلاميه....الداخل الفلسطيني

ها هو الكون يستعد للحدث العظيم، المخلوقات تبتسم تحسبا لقدومه، السحب تكاد تنقشع والغيوم تكاد تنكشف، إنه الشهر المبارك.. "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان"، وتتباين مواقف الناس من هذا الشهر الكريم، فمنهم من لا يبالي بقدومه ولا يهتم باستقباله، ومنهم من لا تتغير أحواله ولا تتبدل بقدومه، ولكن هناك من المذنبين من يستعد للتوقف عن ذنوبه تائبا لله بحضور هذا الزائر الكريم، وهناك كثيرون يستعدون منذ رحيله العام المنصرم لإستقباله، يشمرون عن سواعدهم لفعل الخيرات، تقربا لله واستشعارا لعظم ومكانة هذا الشهر ...

حينما يحل علينا شهر رمضان، فربما يتذكر الإنسان طفولته، وأيام صباه، يتذكر ماضيه وأيضا حاضره، يتفكر في الرحلة الطويلة التي مر فيها بمراحل عمره المختلفة، ما كان مباحا له في صغره لم يعد لائقا له فعله في كبره، ويمكن للإنسان أن يستخرج العبر والعظات من خلال التفكر في الأحداث التي مرت به طوال سنواته الماضية، ليستفيد منها مستقبلا.

 

بقدوم رمضان يستشعر المرء أن هذا الشهر تأريخ لحياته، وكأنه هو الشهر الذي وُلد فيه، يحتفل به كل عام، مما يستشعر معه سرعة حركة الأيام والسنين، فربما يوقظه ذلك للتوقف عن ارتكاب الذنوب والمعاصى، والشروع فى فعل الخيرات.

 

وربما يتذكر المرء من كانوا حوله يعيشون معه في الأعوام الخالية، فإذا هم الآن قد قضوا نحبهم، فمنهم من عمل صالحا، وكان يعيش من أجل آخرته، ومنهم من قضى عمره محاربا لدعوة الله، ومؤيدا لكل من يفعل المنكرات، ومنهم من عاش حياته إمعة، لا مبدأ له ولا رأي؛ والأصناف كثيرة، وبتذكرها ربما يقف المرء مع نفسه وقفة حازمة تثبته على طريق الحق إن كان فاعلا للحق، وإما لينصرف عن طريق الشر فيتجه صوب الصراط المستقيم.

 

ومن المعروف أن للصوم في الإسلام منزلة عليا وثوابا عظيما، فهو لا يعدله عمل، فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله مرني بعمل، قال: "عليك بالصوم، فإنه لا عدل له"، قلت يارسول الله مرني بعمل، قال: "عليك بالصوم فإنه لا مثيل له" رواه النسائى وابن خزيمة في صحيحه.

 

ولذا فالصوم من أفضل العبادات وأجل الطاعات،

كما كان شهر رمضان شهر الانتصارات للأمة الإسلامية على مر العصور، فينبغي أن يكون هذا الشهر الكريم انتصارا للمسلم على نفسه وشهوته وعلى الشيطان وأعوانه- وخاصة شياطين الإنس- فكما استطاع المسلم أن يكبح جماح شهوتي البطن والفرج في نهار رمضان، وهما من المباحات فى غيره، وأن ينتصر على نفسه دون أن يراه أحد إلا الله، فإنه بالأولى يستطيع أن ينتصر على كل ما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الانتصار الأعظم، وهو من الغايات المبتغاة من وراء صوم رمضان.

حزمة خضراء من الأفكار المجربة

رمضان فرصة لتغيير شخصياتنا إلى الأفضل, لتحويلها إلى شخصية ودودة أكثر اجتماعية, وأكثر تدينا, وأكثر تلاحما وترابطا مع أفراد الأسرة بل والمجتمع والأمة بأسرها..!

رمضان شهر الجود, وطيب النفس, ليس شهر الخمول والتكاسل وضيق الصدر والتضجر والتافف من كل شيء..!

غان كنت متفقا معي في كل ما سبق فهات يدك لنخرج التواكلية والتكاسلية من أذهاننا, وأفعالنا..ولنستقبل رمضانا كما ينبغي له أن يستقبل..

والسؤال المطروح الآن هو: هل فكرت عزيزي الشاب أن تجعل رمضان هذه السنة شيئا مختلفاً..؟!

واليك حزمة خضراء من الأفكار المجربة والتي أثبتت فعاليتها..

**. اصحب أسرتك إلى البَرْ : لتعد شقيقاتك الشاي والقهوة لنزهة أسرية برية , ولتنطلق مخلفا ضجيج وأضواء المدينة وراءك , اتخذ مكانا مناسبا مع أسرتك وحبذا لو كان مرتفعا , وجولوا بأبصاركم السماء بحثا عن ( هلال رمضان ) ..و حتى لو أعلن في وسائل الإعلان عن رؤية الهلال, جرِّب الفكرة, حتما ستكون ممتعة, مرحة...ولها طعم فريد خاص.

**. جلسة ودية, وتعريف بالضيف...إشاعة الفرح بمقدمه..تتناول فيها مع أسرتك شيئا مما ورد في فضل شهر رمضان المبارك .

*. أرسل بطاقة تهنئة: بريديا, أو عن طريق البريد الالكتروني, لأقاربك وأصدقائك بمناسبة قدوم شهر رمضان.

**. جرب أن تضع على باب غرفة شقيقتك بطاقة تهنئة, مع هدية كتيب أذكار...حقا منذ متى لم تفا جيء أختك بهدية..؟!

** وللصغار نصيب: عزيزي يفرح الصغار بالأفكار غير التقليدية, من بوسترات, وبطاقات ملونة, و دفاتر تلوين, وهذه التي سبق ذكرها كثيرة تمتليء بها المكتبات, أن لم تجدها بالمكتبة, فزر مواقع البطاقات في الانترنت واطبع منها, وقدمها هدية لإخوانك الصغار.

**. علق في غرفة أخوتك الصغار بعض العبارات والأحاديث الشريفة, على سبيل المثال: ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )

( تسحروا فان في السحور بركة ) ( للصائم فرحتان )...وهكذا , على أن تخرج بإخراج جذاب , وتستطيع أن تعدها ببرامج الفوتوشوب , أو زر مواقع البطاقات في الانترنت ففيها الكثير...

**. هل جربت أن تستضيف طالب علم, أو إمام المسجد ليلقي شيئا مختصرا على مسامع الأسرة عن أحكام شهر رمضان, وتسمعه النساء من وراء حجاب...على أن لا تطول الجلسة..تكفي 35 دقيقة..ثم يودع الضيف بمثل ما استقبل به من حفاوة وتكريم... ومن هذه الاستضافةنستفيد عدة أمور منها:

- تعليم وتدريب أطفالنا توقير العلم وأهله.

- يشيع في البيت ذكر الله.

**. الوالدة, العمة, الجدة ... كبيرات السن من المحارم .. أليس لهن نصيب من تعليم..مراجعة قصار السور معهن , تحفيظهن آية الكرسي,خواتيم سورة البقرة والكهف,المعوذات وبعض قصار السور..مراجعة معهن صفة الصلاة والوضوء .

*. وللخدم نصيب: إهداء الخدم أو السائق هدية من الممكن أن تكون:سجادة صلاة جديدة, مصحف بترجمة بلغته...والسماح للسائق بالذهاب ولو يوماً في الأسبوع لبرامج دعوة الجاليات...وكذلك للخادمة والسماح للخادمة بمرافقة والدتك للتراويح ولو يومين من كل أسبوع.

*. اقنع والدتك أو أخواتك بعقد حلقة تعليم قصيرة للخادمة, لتعليمها بعض أصول الدين, والقراءة الصحيحة...لم؟؟ألا يستحقون شيئا من الاهتمام..؟!

*. الصلاة بأهل بيتك: هل جربت أن تعود من المسجد بعد صلاة العشاء, وتصلي بأهل بيتك التراويح..جرب هذه السنة ..

**. كن قدوة لغيرك من أشقائك وأسرتك في اغتنام شهر رمضان, وذلك بالحرص على اغتنامه, وطرح الأفكار الجديدة لاغتنامه دوريا..مثل توفير حاملات المصاحف في المنزل , وتوزيع جدول متابعة القراءة بالقران الكريم ..مثل هذه الأفكار تحمس الآخرين على قراءة القران الكريم . قراءة القرآن وتلاوته: { اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامةشفيعاً لأصحابه } [رواه مسلم].

تعلم القرآن وتعليمه: { خيركم من تعلم القرآن وعلمه } [رواه البخاري].

- ذكر الله تعالى: { ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى. قال: ذكر الله تعالى } [رواه الترمذي].

- الاستغفار: { من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب } [رواه أبو داود والنسائي].

 

**. اقرأ تفسيرا كاملا : فكرة رائدة نفذها كثير من الشباب العالي الهمة , حيث حددوا تفسير الكريم المنان , للشيخ السعدي – رحمه الله تعالى – والذي يتكون من مجلد واحد , ومن ثم صمموا على ختم المصحف تلاوة وتفسيرا ...جرِّب الفكرة , حتما سيكن لها شعور خاص .

**. سهرة تاريخية: رمضان فرصة لمطالعة السيرة و التاريخ الإسلامي, وهو أيضا فرصة لمطالعة بعض كتب وصف الجنة ونعيمها.. ماذا لو خصصت جلسة أسبوعية لذلك, تعرض على أسرتك بعض التفاصيل المثيرة في غزوة بدر, أو معركة عين جالوت, أو معركة حطين..فكلها معارك رمضانية شهيرة..كن مرنا في الطرح, جذابا في أسلوبك, احضر خريطة للموقعة, أو اعد عرض بوربوينت أو فلاشي لذلك, قف على مواطن العبر والدروس, وافتح المجال للجميع للمشاركة, والحوار..ولتكن سهرة تاريخية رمضانية...

**. في ظِلال آية: جلسة قصيرة لمدة 10 دقائق..أسرية قبل التراويح, يتلو أحد الصغار بالمنزل اوتتلو البنت الآيات قراءة مجودة..ثم عقب على الآيات..اربطها بالحياة...تخير الآيات التي ترى أنها مناسبة لتفسيرها على الأسرة...تفاعل.يبات إيمانية..تفاعل ..لا تخجل قد تدمع عيناك..دعها.ها دعها تسيل...دعها ..أواخر سورة الحشر/أواخر سورة البقرة/أواخر سورة الزمر..لكن أرجوك لا تطيل جمال الجلسة وحيويتها أنها قصيرة وفريدة من نوعها..

**. كن حمامة سلام: نعم ما المانع أن تكون حمامة سلام ورائد إصلاح, بالإصلاح بين الآخرين, ومحاولة إنهاء أي خلاف يقوم بين من تعرف من الأصدقاء والأقارب والزملاء..حيث أن كثيرا من الناس يتحجج بالصوم لإحداث أي مشكلة.

**. ما لذ وطاب : تحضر الوالدة والأخوات في المطبخ ما لذ وطاب من المأكولات, اجلب لهن أشرطة يسمعهنا في المطبخ..سلاسل لمشايخ مختلفين يسمعها أهل بيتك اقترح:نساء خالدات للدكتور السويدان,السيرة النبوية له أيضا. ..

ملاحظة:تجنب أشرطة الوعظ فسوف نقتل نكهته وتأثيره لو استمعناه ونحن نطبخ أو نقود السيارة في ضجيج الطرقات...يبقى الوعظ يسمع في حالات صفاء ليؤدي عمله.

**. سيارة الوالد: منذ متى لم تهد والدك أشرطة يضعها بسيارته...الآن حان الوقت..لكن انتق له ما يناسبه..وتظن أنه يحتاج إليه..بكى الأب أمام طفله ذات يوم...قال الطفل بابا تبكي!!!قال الأب:نعم هذه الآية أبكتني..!! موقف لن يبرح عقلية الطفل ماحيي. كن ذكيا في انتقاء الأشرطة. , اسأل والدك: من القاري الذي تحب أن تسمع تلاوته ؟ إذا أجابك, فاجئه بوضع شريط قران لذلك القاريء..اقترح شريط: العزة للدكتور السويدان, وشريط رمضان فرصة للتغيير, للدكتور صلاح الراشد...

**. فلنسبق الريح المرسلة: ماذا لو ذهبت إلى لجنة خيرية, أو جمعية بر..وأخذت منهم (أبواك تفطير الصائمين)..ووزعتها على أبنائك أو إخوانك الصغار وأخواتك..وذهبتم في زيارة إلى الأقارب, الجد والجدة, الأعمام, الأخوال...وقام الأطفال والفتيان والفتيات بجمع تبرع لتفطير صائم...

أو جمع تبرع لهذا الغرض, ثم إيداعه في إحدى اللجان الخيرية..دع الأطفال يشاركون, علمهم كيف يقنعوا, يحمسوا غيرهم للخير..والتجربة أفضل دربة لهم.. هناك مثل يقول:الأفعال أعلى صوتا من الأقوال... لم ننتهي بعد, اطلب من مدير اللجنة الخيرية, استضافة صغار الأسرة و لو على كوب عصير...أو أن يكتب رسالة شكر للأسرة...ومن ثم صور تلك الرسالة وابعثها مع كرت تشجيع لجميع من ساهم...دع الأسرة يروا صور برامج تفطير الصائمين.. أتمنى أن تجربوا....ما ينقش في الصغر لايبرح القلب...صدقوني...** طبق الخير: اقنع والداك وشقيقاتك بالمشاركة في تفطير الصائمين بالمسجد, فالفتيات وألام يعدون الإفطار والفتيان يحملوه للمسجد...ثم ليتحدث الفتيان عن ما حدث بالمسجد...

**.حب المساكين : ماذا لو استضافت الأسرة بعض المساكين .. الضعفاء بالبيت .. وفطرتهم .. لينكسر في النفوس الكبر..ولنتعلم الشعور بالجسد الواحد...أو استضافة بعض المسلمين الجدد وتفطيرهم بالمنزل..نسق مع مكتب دعوة الجاليات في مدينتك أو حيك بخصوص هذا الأمر..وبعد الإفطار دع إخوتك الصغار يقوموا ببرنامج ترحيبي بالضيوف, يحوي آيات عن فضل الهداية, وأحاديث عن قيمة وفضل الإسلام...فكر اطل لعقلك العنان وستجد أفكارا ربما مشوقة أكثر...** نظم حملة تبرعات عينية: لتتبرع الفتاة هذا العيد بعض ما لديها من ملابس العيد الذي مضى, أو حتى من ملابس هذا العيد.لأخواتها:زهراء, فاطمة اللاتي لا يجدن ما يكسوهن سوى مزق أكياس الطحين..في أفريقيا كثيرات... اقنع شقيقاتك بذلك, بالحديث عن مآسي المسلمين والفقر الذي يعانون منه, أرهم صور الجفاف والفقر..وقد تساعدك مجلات ومطويات اللجان الخيرية كالحرمين والمنتدى الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي بذلك.. وسع الفكرة لتشمل كل أفراد الأقارب, وليشترك فيها الأطفال, البنات الصغار ( جند كل من عندك لهذا الهدف )..واجعلها حملة تبرعات لدرء برد الشتاء..

**. وللجار نصيب : ابعث لجيرانك بهدية أسبوعية , فمرة مطوية , وأخرى شريط , وبعدها كتيبا ..

**. صمم لوحة حائطية في العمارة التي تقيم بها.. ولتكن في بهو العمارة عند المدخل, ضع بها زاوية خذ نسختك, لتوزيع بعض المطويات المفيدة, أو أشرطة رمضانية, هناك الكثير من الكراسات المطبوعة لهذا الشأن, كاللالي الحسان لمحمد المسند...استفد منها في تصميم اللوحة, وهناك مكاتب الدعوة والإرشاد ستزودك بالمطويات والأشرطة..فقط تحرك ففي الحركة بركة..

..

**. لا للاشباح : عزيزي اشغل إخوتك الصغار بأنشطة مسلية حتى لانشغل وقتهم التلفاز, مثل تلوين بعض اللوحات المرسوم عليها إسلامية معبرة؛ هلال رمضان، مسجد، بعض المسابقات الرمضانية لهم. اصحبهم معك للتراويح, اجلب أشرطة الفيديو النافعة والهادفة لهم, اشتركوا جميعا بنشاط رمضاني في احد المراكز أو ساهموا جميعا ببرامج المسجد والحلقات...أرجوك لا تجعل الشبح يقضي على حلاوة رمضان بفوازيره وبرامجه الكوميدية.....**. اهتم بمكافأة من يصوم من إخوتك الصغار، ومن يقرأ القرآن، ومن يحفظ سورة معينة خلال الشهر، فطريقة المكافأة تحفزهم على ممارسة هذه الأشياء.

28. المشاركة الفعالة في برامج إذاعة القرآن الكريم , سواء في مسابقاتها , أو برامجها الحوارية المفتوحة الحية .

29. تبنى توزيع وإيصال زكاة الفطر إلى مستحقيها نيابة عن أفراد أسرتك , كوِّن فريق عمل من صغار العائلة وفتيانها , جمِّعوا الزكوات , اعمل قائمة بالمستحقين , وزع الفريق إلى مجموعات , ثم لينطلق كل فريق على بركة الله...

 

*تعويد الأولاد على الصيام: عن الربيع بنت معوذ قالت: { فكنا نصومه بعد، ونصوِّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن } [رواه البخاري].. **- ذكر الله عقب الفرائض: { من سبَّح دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون. ثم قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر } [رواه مسلم].

**-المحافظة على صلاة التراويح: { أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل } [رواه مسلم].

**- تعجيل الفطر: { لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر } [رواه البخاري].

**- الإفطار قبل الصلاة: { كان النبي يفطر قبل أن يصلي } [رواه أحمد].

**- الإفطار على التمر إن وُجِد: { من وجد التمر فليفطر عليه، ومن لم يجد التمر فليفطر على الماء، فإن الماء طهور } [رواه أحمد وأبوداود والترمذي].

**- المحافظة على دعاء الإفطار: { ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى } [رواه أبو داود والدارقطني والحاكم].

**- الدعاء عند الإفطار: { إن للصائم عند فطره دعوة لا تُرَد } [رواه ابن ماجة].

**- الدعاء مطلقاً: { إن الله يقول: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني } [رواه البخاري ومسلم].

**- السحور: { تسحروا، فإن في السحور بركة } [رواه البخاري ومسلم].

**- حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب: { إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها } [رواه مسلم].

**- الزكاة: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5].

**- زكاة الفطر: { فرض رسول الله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين. من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات } [رواه أبو داود].

**- الإنفاق في سبيل الله: ... وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [البقرة:110ٍ].

**- الصدقة: { الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار } [رواه الترمذي].

**- صدقة المُقِل: { يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل، وابدأ بمن تعول } [رواه أبو داود ابن خزيمة والحاكم].

**- صدقة السر: { صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر } [رواه الطبراني].

**- فضل العامل على الصدقة: { إن الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به فيعطيه كاملا موفراً، طيبة به نفسه، فيدفعه إلى الذي أُمر به، أحد المتصدقين } [رواه البخاري ومسلم].

**-

**- النفقة على الأرملة والمسكين: { الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله " وأحسبه قال " وكالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر } [رواه البخاري].

**- كفالة اليتيم والنفقة عليه: { أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وقال بإصبعيه: السبابة والوسطى } [رواه البخاري].

**- مسح رأس اليتيم والشفقة عليه: شكا رجل إلى رسول الله قسوة قلبه، فقال: { امسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين } [رواه أحمد].

**- قضاء حوائج الإخوان: { لأن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجة - وأشار بإصبعه – أفضل من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرين } [رواه الحاكم]

**الإحسان إلى الحيوان: { أن رجلاً رأى كلباً يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفَّه فجعل يغرف له به حتى أرواه، فشكر الله له، فأدخله الجنة } [رواه البخاري].

**- عدم سؤال الناس شيئاً: { من تكفل لي ألا يسأل الناس شيئاً أتكفل له بالجنة } [رواه أصحاب السنن].

**- الصدقة الجارية: { إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له } [رواه مسلم].

**- حث النساء على الصدقة: { تصدقن يا معشر النساء ولو من حُليكن } [رواه البخاري ومسلم].

**- تصدق المرأة من بيت زوجها: { إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئاً } [رواه البخاري ومسلم].

**- اليد العليا خير من اليد السفلى: { اليد العليا خير من اليد السفلى، فاليد العليا هي المنفقة، والسفلى هي السائلة } [رواه البخاري ومسلم].

**- الصدق في البيع والشراء: { البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما مُحِقَت بركة بيعهما } [رواه البخاري].

**- إغاثة المسلمين: { من نفَّس عن مسلم كربة من كُرَب الدنيا نفَّس الله كُربة من كُرَب يوم القيامة } [رواه مسلم].

**- عدم إيذاء المسلمين: { سئل رسول الله : أي الإسلام أفضل؟ فقال: من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده } [رواه البخاري ومسلم].

**- مساعدة الغير وإعانتهم: { كل سُلامي عليه صدقة كل يوم، يعين الرجل في دابته يحامله عليها، أو يرفع عليها متاعه صدقة } [رواه البخاري].

**- الشفاعة للمسلمين لقضاء حوائجهم: { اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما يشاء } [رواه البخاري].

 

**- زيارة الإخوان في الله: { النبي في الجنة، والصديق في الجنة، والرجل يزور أخاه في ناحية المصر لا يزوره إلا للع في الجنة } [رواه الطبراني].

**- زيارة المرضى: { من عاد مريضاً لم يزل في خرفة الجنة. قيل: يا رسول الله وما خرفة الجنة؟ قال: جناها } [رواه مسلم].

**- صلة الأرحام وإن قطعوه: { الرحم معلقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله } [رواه البخاري ومسلم].

**- إدخال السرور على المسلم: { من لقي أخاه المسلم بما يحب يسره بذلك سرَّه الله عز وجل يوم القيامة } [رواه الطبراني].

**- التيسير على المعسر: { من يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة } [رواه مسلم].

**- التخفيف على الخدم والعمال في رمضان: { من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له، وأعتقه من النار } [رواه ابن خزيمة مطولاً].

**- الشفقة على الضعفاء ورحمتهم والرفق بهم: { الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء } [رواه أبو داود والترمذي].

**- الإصلاح بين الناس: { ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إصلاح ذات البين } [رواه أبو داود والترمذي].

**- حُسن الخلق: { سئل رسول الله عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال: تقوى الله وحُسن الخلق } [رواه الترمذي].

**- الحياء: { الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة. والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار } [رواه أحمد وابن حبان والترمذي، وقال: حسن صحيح].

**- الصدق: { عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة } [رواه البخاري ومسلم].

**- الحلم والصفح وكظم الغيظ: ... وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:134]. وقال رسول الله للأشج: { إن فيك خصلتين يحبهما الله تعالى: الحلم والأناة } [رواه مسلم].

**- المصافحة: { ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا } [رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن].

**- طلاقة الوجه: { لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق } [رواه مسلم].

**- السماحة في البيع والشراء: { رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى } [رواه البخلري].

**- غض البصر عن محارم الله تعالى: { النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، من تركها من مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه } [رواه الطبراني].

**- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: { من رأى منكم منكرأً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان } [رواه مسلم].

 

**- الستر على الناس: { لا يستر عبدٌ عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة } [رواه مسلم].

**- الصبر: { ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه } [رواه البخاري].

**- كفارة المجلس: { من جلس جلسة فكثر لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، إلا غُفِرَ له ما كان في مجلسه ذلك } [رواه أبو داود والترمذي].

**- صلة أصدقاء الوالدين والبر بهم: { إن أبر البر صلة الولد أهل ودِّ أبيه } [رواه مسلم].

**- طيب الكلام: { اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة } [رواه البخاري ومسلم].

**- الرفق بالرعية والعمال ونحوهم: { اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشقَّ عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به } [رواه مسلم].

**- المداومة على العمل الصالح وإن قل: { أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل } [رواه مسلم].

**- الإحسان إلى الجار: { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره } [رواه مسلم].

**- إكرام الضيف: { ليلة الضيف حق على كل مسلم، فإن أصبح بفنائه فهو عليه دين، فإن شاء اقتضى وإن شاء ترك } [رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة].

**- الدعاء للوالدين: { إن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب، أنى لي هذا؟! فيقول: باستغفار ولدك لك } [رواه أحمد].

**- الدعاء للأخ بظهر الغيب: { ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل } [رواه مسلم].

**- الدعاء والاستغفار للمسلمين: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ

 

**- تعليم الرجل أهله: { ثلاثة لهن جران... ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها، فله أجران } [رواه البخاري].

**- رد المظالم والتحلل من أصحاب الحقوق: { من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثمَّ دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أُخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه } [رواه البخاري].

**- إتباع السيئة الحسنة: { اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن } [رواه أحمد والحاكم].

**- البر بالخالة والخال: { الخالة بمنزلة الأم } [رواه البخاري].

**- أداء الأمانة والوفاء بالعهد: { لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له } [رواه أحمد].

**- رحمة الصغير وإكرام الكبير: { ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا } [رواه أحمد والترمذي].

**- التعاطف والتراحم مع المسلمين والاهتمام بأمورهم: { مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى } [رواه البخاري ومسلم].

**- الصمت وحفظ اللسان إلا من خير: { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت } [رواه البخاري].

**- الذب عن أعراض المسلمين: { من ردَّ عن عرض أخيه ردَّ الله عن وجهه النار يوم القيامة } [رواه الترمذي].

**- سلامة الصدر وترك الشحناء: { تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين والخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء. فيُقال: أَنظِروا هذين حتى يصطلحا، أَنظِروا هذين حتى يصطلحا، أَنظِروا هذين حتى يصطلحا } [رواه مسلم].

**- العدل بين الناس: { كل سُلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس، يعدل بين الناس صدقة } [رواه البخاري].

* التعاون مع المسلمين فيما فيه خير: ... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ... [المائدة:2]. { المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً. ثم شبك بين أصابعه } [رواه البخاري].

**- إغاثة الملهوف: { على كل مسلم صدقة... فيعين ذا الحاجة الملهوف } [رواه البخاري].

**- إجابة الداعي إلى الخير وإعطاء السائل: { من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صتع إليكم معروفاً فكافئوه } [رواه أحمد وأبو داود والنسائي].

**- شكر المعروف ومكافأة فاعله: { من صنع إليه معروف فليجزِه، فإن لم يجد ما يجزيه فليثن عليه، فإنه إذا أثنى عليه فقد شكره، وإن كتمه فقد كفره } [رواه البخاري في الأدب المفرد.

**- توزيع الكتاب والشريط الإسلامي: النافع على الأسرة، أو الأصدقاء في العمل أو في المدرسة أو النادي أو نحوه.

*- الاستفادة من هواة المراسلة: الذين ترد أسماؤهم عبر المجلات، أو الإذاعات العربية والأجنبية، وذلك بمراسلتهم بأسلوب تربوي رقيق مؤثر.

**- تقصي أخبار الجيران: الملاصقين والمجاورين، وتبني ملف دعوي يهتم بأمورهم الدينية والدنيوية.

**- التنسيق مع التجار وأصحاب المحلات: لشراء ملابس وما يلزم من أمور العيد، وتوزيعها في آخر رمضان على الفقراء والمحتاجين، لتعم الجميع فرحة العيد.

*- حث كل بيت: على المساهمة في إفطار الصائم، كل بما يستطيع، وإرسال ما تيسر لهم من طعام إلى مسجد الحي، أو التنسيق مع المطاعم من أجل ذلك.

**- تبني المسجد حلقة: لتعليم أبناء الحي القرآن العظيم، وتخصيص مدرس لذلك، مع تنمية روح التسابق إلى الخير بين الأطفال بإقامة مسابقات دورية، ثم تشجيعهم بالجوائز.

*- إقامة درس أسري: أسبوعي، أو نصف شهري، يشارك فيه جميع أفراد الأسرة، كل حسب قدرته.

*- الاستفادة من حملات العمرة: التي تقام في شهر رمضان المبارك، بتنظيم جملة من البرامج الدعوية والعلمية والثقافية للمشاركين، مع الحرص على أن يكون مع كل رحلة شيخ يستفاد من علمه، أوطالب علم إن تعذر الأول.

** ترتيب كلمات: تلقى خلال شهر رمضان أثناء صلاة التراؤيح، وتعلن في لوحة المسجد على شكل جدول بيِّن وواضح.

*القيام بزيارة المرضى في المستشفيات، وتشجيعهم وحثهم على الصبر والاحتساب، مع إهدائهم مجموعة من الهدايا الدعوية المهمة..

شهر هو أيام قلبية في الزمن

أما والله لو عمَّ هذا الصوم الإسلامي وهذا النموذج الفذ أهل الأرض جميعاً، لآل معناه أن يكون إجماعاً من الإنسانية كلها على إعلان الثورة شهراً كاملاً في السنة لتطهير العالم من رذائله وفساده، ومحق الأثرة والبخل فيه، وطرح المسألة النفسية ليتدارسها أهل الأرض دراسة عملية مدة هذا الشهر بطوله، فيهبط كل رجل وكل امرأة إلى أعماق نفسه ومكامنها، ليختبر في مصنع فكره معنى الحاجة ومعنى الفقر، وليفهم في طبيعة جسمه –لا في الكتب- معاني الصبر والثبات والإرادة وليبلغ من ذلك وذلك درجات الإنسانية والمواساة والإحسان، فيحقق بهذه وتلك معاني الإخاء والحرية والمساواة.

 

شهر هو أيام قلبية في الزمن، متى أشرفت على الدنيا قال الزمن لأهله: هذه أيام من أنفسكم لا من أيامي، ومن طبيعتكم لا من طبيعتي، فيقبل العالم كله على حالة نفسية بالغة السموّ، يتعهد فيها النفس برياضتها على معالي الأمور ومكارم الأخلاق، ويفهم الحياة على وجه آخر غير وجهها الكالح، ويراها كأنما أجيعت من طعامها اليومي كما جاع هو، وكأنما أفرغت من خسائسها وشهواتها كما فرغ هو، وكأنما ألزمت معاني التقوى كما ألزمها هو، وما أجمل وأبدع أن تظهر الحياة في العالم كله –ولو يوماً واحداً- تسبح لله! فكيف بها على ذلك شهراً من كل سنة؟

 

إنها والله طريقة عملية لرسوخ فكرة الخير والحق في النفس، وتطهر الاجتماع من خسائس العقل الماديّ، وردّ هذه الطبيعة الحيوانية المحكومة في ظاهرها بالقوانين والمحررة من القوانين في باطنها –إلى قانون من باطنها نفسه- يطهر مشاعرها، ويسمو بإحساسها، ويصرفها إلى معاني إنسانيتها، ويهذب من زياداتها ويحذف كثيراً من فضولها، حتى يرجع بها إلى نحو من براءة الطفولة، فيجعلها صافية مشرقة بما يجتذب إليها من معاني الخير والصفاء والإشراق، إذ كان من عمل الفكرة الثابتة في النفس أن تدعو إليها ما يلائمها ويتصل بطبيعتها من الفِكر الأخرى، والنفس في هذا الشهر محتسبة في فكرة الخير وحدها، فهي تبني بناءها من ذلك ما استطاعت.

 

هذا على الحقيقة ليس شهراً من الأشهر، بل هو فصل نفساني كفصول الطبيعة في دورانها، ولهو والله أشبه بفصل الشتاء في حلوله على الدنيا بالجو الذي من طبيعته السحب والغيث، ومن عمله إمداد الحياة بوسائل لها ما بعدها إلى آخر السنة، ومن رياضته أن يكسبها الصلابة والانكماش والخفة، ومن غايته إعداد الطبيعة للتفتح عن جمال باطنها في الربيع الذي يتلوه.

 

وعجيب جداً أمر هذا الشهر الذي يدّخر فيه الجسم من قواه المعنوية فيودعها مصرف روحانيته، ليجد منها عند الشدائد مدد الصبر والثبات والعزم والجلد والخشونة. عجيب جداً أن هذا الشهر الاقتصادي هو من أيام السنة كفائدة 8.3% فكأنه يسجّل في أعصاب المؤمن حساب قوته وربحه فله في كل سنة زيادة 8.3 من قوته المعنوية الروحانية.

 

وسحر العظائم في هذه الدنيا إنما يكون في الأمة التي تعرف كيف تدّخر هذه القوة وتوفرها، لتستمدها عند الحاجة، وذلك هو سرّ أسلافنا الأولين الذين كانوا يجدون على الفقر في دمائهم وأعصابهم ما تجد الجيوش العظمى اليوم في مخازن الأسلحة والعتاد والذخيرة.

 

كل ما ذكرته في هذا البحث من فلسفة الصوم فإنما استخرجته من هذه الآية الكريمة { كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } وقد فهمها العلماء جميعاً على أنها من معنى "التقوى" أما أنا فأولتها من "الاتّقاء" فبالصوم يتّقي المرء على نفسه أن يكون كالحيوان الذي شريعته معدته، وألاّ يعامل الدنيا إلا بمواد هذه الشريعة، ويتّقي المجتمع على إنسانيته وطبيعته مثل ذلك، فلا يكون إنسان مع إنسان كحمار مع إنسان: يبيعه القوة كلها بالقليل من العلف.

 

وبالصوم يتّقي هذا وهذا ما بين يديه وما خلفه، فإنما ما بين يديه هو الحاضر من طباعه وأخلاقه، وما خلفَه هو الجيل الذي سيرث من هذه الطباع والأخلاق فيعمل بنفسه في الحاضر، ويعمل بالحاضر في الآتي.

 

وكل ما شرحناه فهو اتّقاء ضرر لجلب منفعة، واتّقاء رذيلة لجلب فضيلة وبهذا التأويل تتجه الآية الكريمة جهة فلسفية عالية، لا يأتي البيان ولا العلم ولا الفلسفة بأوجز ولا أكمل من لفظها، ويتوجه الصيام على أنه شريعة اجتماعية إنسانية عامة، يتّقي بها المجتمع شرور نفسه، ولن يتهذب العالم إلا إذا كان له مع القوانين النافذة هذا القانون العام الذي اسمه الصوم، ومعناه: "قانون البطن". ..

 

 

فلنتخذ من رمضان (معسكرًا) إيمانيًّا؛ لتجنيد الطاقات، وتعبئة الإرادات، وتقوية العزائم، وشحذ الهمم، وإذكاء البواعث؛ للسعي الدؤوب لتحقيق الآمال الكبار، وتحويل الأحلام إلى حقائق، والمثاليات المرتجاة إلى واقع معيش..

ألا ما أعظمك يا شهر رمضان! لو عرفك العالم حق معرفتك لسمّاك "مدرسة الثلاثين يوماً".\\

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ