ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 28/07/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

لدمشق الياسمين أكتب

ياسمينة صالح*

دمشق، أبواب الحارات العتيقة المترامية على هاجس اللغة وهذب التاريخ،. دمشق السيوف التي ما تزال تصدق بريق فرسان مروا من أبوابها المفصلة بريش الحكايات القديمة، حيث تسكن الأشياء التي لا تقال مرتين، وحيث تنام اللغة الحارة والضاربة في عمق الأرض.. دمشق امرأة تختزل كل النساء في حيائها، حين ترفع حاجبيها دهشة، تخجل المدن من عينيها، ويسترق الليل سمعه لما تقوله حين يغلبها البكاء أو تستغرق في الضحك بلا سبب ! دمشق حقل الياسمين المتوّج على ناصية الشبابيك، وعلى حافة القلوب التي تؤمن ألا وطن خارج تفاصيل البياض في ياسمينة يضعها الدمشقي على شباكه كتميمة تقيه من الحسد !

دمشق الفقراء الذين يولدون فقراء عن قناعة أن الفقر والشرف يعيشان معا إلى الأبد، لا تفرقهما الضغينة ولا يفرقهما خطاب محمول على صحيفة تصنع من الكراهية سببا للبقاء.. ودمشق الأثرياء الذين يولدون أثرياء لأن الثراء يتوارث عن الأجداد، كما يرث المرء ثروة يعرف أنها لن تصل إلى صاحبها قبل ان تتلمسها جهة الحظ تارة، وجهة القصد تارات أخرى!

دمشق الدهشة إذ توقظ فيك الرغبة على البكاء فجأة وأنت تمشي في شوارعها عامرا بالأسئلة، وأنت تصغي إلى خطوات كل من مروا من هنا بالأمس، وقبل الأمس وقبل ألف وألف وألف عام.. دمشق صالة الشاي التي تنبعث منها موسيقى صاخبة لا تتلاءم مع الذوق الشعبي، ولا مع حزن يجلس قبالتك على الكرسي المجاور، ينظر إليك ويسألك: هل تريد أن نحكي أم نسكت كما يسكت الناس عن الكلام؟

دمشق، عاصمة التاريخ التي عشقها الحالمون، والبسطاء والشعراء، والمجانين، تلك المدينة المرمية على حجر الكون، ضاربة في الأشياء منذ بداية أول حرف من الأبجدية الأولى التي توزعت على الناس كرغيف خبز، تعي دمشق جيدا أنها جميلة لمجرد أنها هي، محتفظة بوقارها الأزلي، جميلة حد الدهشة، ومغرورة ككائن يعرف أنه يملك أكثر مما يملكه الآخرون: الرؤى واليقين !

دمشق الأسواق العتيقة، والباعة المتجولون الممزوجة وجوهم بالتعب اليومي، والآهة المخبأة في القفص الصدري، لا تخرج إلا عن حاجة إلى البكاء، ولو خلسة، فالرجال لا يحق لهم البكاء، تقول المخيلة الدمشقية الممتدة من وإلى النص الفعلي لذات الإنسان المقهور عن قصد، أو الحالم عن سابق إصرار.. !

دمشق الرسالة المضرجة بدماء العابرين هذا المكان، أولئك الذين وقعوا في حبها عبثا، أو رغبة في الخروج بلقب دمشقي لا يجوز لغير أهلها الذين تمرغوا في ترابها ومشوا في شوارعها حارة حارة، وزنقة زنقة !

دمشق الحلم الأول والأزلي، رغبة في الحياة بأبهة تختزل كل المعارك التي دخلتها لتنتصر أو لتموت واقفة، غير آبهة بالرثاء الذي يأتي ممن دسوا في حواريها أكثر من سبب للضغينة، أو للقتل. دمشق التي ترفض ان تموت كما يموت الجبناء، تعرف أنها لن تعيش جميلة إلا إن قامت، ولن تعيش كبيرة إلا إن بقيت، قبلة للعشاق الأولين والآخرين، ولزهر يولد جميلا بين يديها، ولكلام لا يكون له طعم الفرح إلا إن كان دمشقي الهوى، لا تفصله الحواجز المزيفة بين مدينتين، ولا تسقطه الشعارات التي ترفع على عجل، أو تلك التي يخرج سيناريوهاتها من أرادوا النيل من جمالها، وحين لم ينالوا منها شيئا كرهوها عن فشل، مثلما كرهتهم عن جمال!

*روائية جزائرية.

=========================

لماذا لم يتعرض حسن نصر الله في خطابه الأخير لما يجري في سورية؟!

محمد فاروق الإمام

يتساءل المراقبون والمتابعون والمهتمون: لماذا تحاشى السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير الذي ألقاه يوم 26 تموز الحالي، بمناسبة ما يدعيه نصر تموز على القوات الإسرائيلية، ذكر ما يجري في سورية من أحداث، ودون أن يركب موجة ادعاءات النظام السوري – كعادته في كل خطاباته وتصريحاته السابقة - من أن هناك مؤامرة تحاك ضد سورية الأسد الذي يقود معسكر المقاومة والممانعة، وهذا أمر ملفت للنظر ويثير الكثير من إشارات الاستفهام والتعجب، فقد يكون سبب إحجامه عن الخوض في الحديث عما يجري في سورية، بحسب رأي هؤلاء المهتمين، أن ما بات يجري في سورية من حقائق على الأرض جعلته يعيد النظر ويدقق في الألفاظ التي كان يكيلها جزافاً ضمن مسار واحد، وهو التهجم على المتظاهرين الذين يثيرون – بزعمه - الفتنة والانشقاق في بلد الصمود والتصدي والممانعة خدمة للإمبريالية والصهيونية وتنفيذاً لأجندة خارجية تريد النيل من معسكر المقاومة الذي يقوده بشار الأسد وهو جزء منه كما يدعي؟!

مهما يكن فإن نصر الله بدأ يعيد حساباته ويفكر بسورية بعد سقوط الأسد الذي لابد منه إن آجلاً أو عاجلاً، وهذا ما جعله إلى اعتماد خطاب أكثر حذراً وأشد حيطة حتى لا يضع بيضه كله في سلة نظام متهالك تلوح كل المؤشرات إلى سقوطه بعد أن أخفق إخفاقاً ذريعاً بعد أربعة شهور قاسية عليه في ضبط الأمور المنفلتة في سورية رغم القبضة الأمنية الوحشية الرعيبة، وإخفاقه في تنفيذ وعوده الإصلاحية التي أطلقها منذ بداية الأزمة والتي لم يفعّل منها شيء على الأرض، رغم إصداره مراسيم وقوانين بالجملة (إلغاء حالة الطوارئ، إلغاء المحكمة العسكرية، قانون الأحزاب، قانون الإعلام، وقانون الانتخاب)، وإصدار ثلاثة مراسيم عفو عام عن السجناء والمعتقلين، والتي كانت كلها حبر على ورق وممسحة تحت أقدام ومجنزرات وفوهات بنادق الشبيحة وهروات رجال الأمن ورصاص بعض أسلحة فرق الجيش الموالية للنظام، التي أودت بحياة أكثر من 2000 مواطن سوري بينهم أكثر من مئة طفل وعشرات النساء ومئات الشيوخ، واعتقال أكثر من 15000 ألف مواطن واختفاء أكثر من 3000 آخرين، وتهجير ما يزيد على 15000 ألف سوري (جلهم من النساء والأطفال) إلى دول الجوار، إضافة إلى حصار المدن وتقطيع أوصالها وانتشار الدبابات وراجمات الصواريخ في ساحاتها وبين أحيائها ترصد حركة كل مواطن وباب كل بيت ودار.

وسبب كل هذا الإخفاق، يقول بعض المحللين، أن هذه المراسيم وهذه القوانين جاءت متأخرة جداً، وكان من الممكن أن تؤتي أكلها لو صدرت قبل 15 آذار المنصرم أو قبل اعتقال أطفال درعا وتعذيبهم المروع الذي شاهده السوريون والعالم على شاشات الفضائيات العربية والعالمية، وتفجير شلالات الدماء في كل شارع وساحة وحي وزنقة من المدن والبلدات والقرى السورية.

حسن نصر الله كان حذراً في خطابه ويزين بدقة كل كلمة يقولها وقد وجد نفسه في هامش ضيق ومحدود للمناورة وقد بدأ معسكر المحور الإستراتيجي الذي يضم النظام السوري وإيران بالإضافة إلى حزبه يتفكك ويتصدع بفعل الثورة الشعبية الجارفة في سورية، التي تتوسع يوماً بعد يوم عمودياً وأفقياً، حتى غدى ميدانها الخريطة السورية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، والجماهير الغاضبة تهدر على قلب رجل واحد، بغض النظر عن العرق أو الدين أو المذهب أو الطائفة أو المعتقد أو الانتماء: (الشعب يريد إسقاط النظام) وهذه الحالة جعلت حسن نصر الله يتعامل بحذر كبير مع ما يجري في سورية، ويعيد حساباته في الوقوف إلى جانب النظام على غير هدىً، فالتضليل له حدود والدجل له آجال والكذب حبله قصير، وخاصة وأن الشعب السوري قد أبرم أمره واتخذ قراره ولا رجعة بعد كل هذه الأنهار من الدماء وبعد تنسمه هواء الحرية ولذة طعمها وإن كانت مغمسة بالدم، وقد افتقدها لنحو خمسين عاماً عجافاً في ظل القبضة الأمنية الرهيبة في عهد الأب والابن من آل الأسد، الذين اختزلوا سورية الحضارة والتاريخ الضارب جذوره في الأرض لأكثر من 7000 آلاف عام بشخص الأسد (سورية الأسد) دون (سورية الحثيين) و(سورية الآراميين) و(سورية الفينيقيين) و(سورية الكنعانيون) و(سورية الغساسنة) و(سورية الحضارة الإسلامية) التي كانت لعاصمتها دمشق شرف إعداد جيوش الفتوح التي انطلقت شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً محررة الإنسان من عبوديته للإنسان إلى عبودية الواحد الأحد الديان، وجسدت قوله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).

إن اندلاع الأحداث غير المسبوقة في سورية لم يكن في حسبان السيد حسن نصر الله، الذي ظن أو كان متوهماً أن النظام السوري سيتمكن من سحق الاحتجاجات ووأد هذه الثورة بسرعة دون أن يكون له انعكاسات سلبية عليه، ولكن مع استمرار الاحتجاجات التي كانت ككرة الثلج المتدحرجة تكبر يوماً بعد يوم، تنبه لضرورة عدم وضع نفسه في موقف حرج وهو يردد ما تقوله أبواق النظام وما يردده رموزه، من أن هناك مؤامرة أمريكية ترمي إلى تقسيم سورية، وأن هناك مندسين ومخربين وعصابات أصولية مسلحة تروع الناس وتقتل المدنيين والعسكريين لإذكاء الفتنة وزرع الفوضى.

وقد مجّ السوريون دعاويه في خطاباته السابقة لهم إلى الحفاظ على نظامهم والتمسك بقيادة الأسد الذي يقود معسكر "المقاومة والممانعة"، وترديد هذا الكلام من حسن نصر الله وتبني وسائل إعلامه والمتحالفين معه في لبنان الرواية الرسمية للنظام عما يجري في سورية، أثار غضب المتظاهرين السوريين على حسن نصر الله وحزبه وكل حلفائه في الثامن من آذار فأحرقوا صوره وأعلام حزبه، ولم يسلم من لعنات المتظاهرين ووصفه بذيل الأفعى التي تحكم سورية.

ويرى بعض المحللين أن حسن نصر الله وضع نفسه في موقف لا يحسد عليه، فكل احتمالات المستقبل في سورية في غير صالحه، سواء حلت الفوضى في سورية

أو جاء نظام جديد، أو تمكن النظام الحالي من إطالة عمره وهو ما هو عليه الآن من ضعف وهوان، وقد ترك انطباعاً في الشارع العربي حتى الوقت القريب أنه المقاوم والمدافع عن الحقوق القومية، فماذا سيكون حاله بعد رحيل النظام السوري السادي، وقد وقف إلى جانبه وهو يقتل الأطفال والنساء والشيوخ ويعتقل ويعذب ويحاصر المدن ويهجر الآلاف، ماذا تراه يقول للعرب والسوريين، وهو الذي يدعي مقاومة الصهاينة، الذين أمبهروا به ومنحوه لقب سيد المقاومة وقد انحدر بموقفه المشين الذي يتنافى مع أخلاقيات المقاومين وثقافتهم إلى أدنى مراتب القيم والأخلاق تجاه الثورة السورية التي تمثل ضمير السوريين وضمير العرب في كل مكان؟!

ويقول بعض الباحثين المشفقين على السيد حسن نصر الله وحزبه: (إن قوة حزب الله ترتكز على أساس أخلاقي وكلمات كبيرة مثل الحرية والتحرير، وأن حزبه ساند "الربيع العربي" في كل من مصر وتونس وليبيا والبحرين.. في كل مكان ما عدا في سورية، إنه تناقض غير مقنع).

ويقول آخرون: (إن حزب الله قلق بدون شك، إذ في حال انهار النظام كليا، سيتأثر في الصميم من الناحية الإستراتيجية، لاسيما إذا كان النظام الجديد الذي سيحكم سورية سيحمل روحا ثأرية من إيران وحزب الله).

حسن نصر الله بإمكانه أن يعود إلى الشارع العربي والسوري بصورته السابقة، التي اهتزت وسقطت، إذا أدار ظهره للنظام، الذي بانت كل عوراته وقد سقطت كل أوراق التوت عنها، وقطع كل علاقاته معه، وقدم اعتذاراً صريحاً وواضحاً إلى الشعب السوري عن مواقفه السابقة المؤيدة لهذا النظام السادي المجرم، وصحح من موقفه وموقف حزبه من إيران، وتوقف عن التبعية العمياء لها وتنفيذ أجندتها في المنطقة العربية وخاصة في سورية ولبنان، عند ذلك سيجد الشعب السوري كعادته متسامحاً ومتسامياً يمد يده إليه رغم الجراح والآلام!!

=======================

نريد الاستقرار لا الفوضى الخلاقة!!

حسام مقلد*

hmaq_71@hotmail.com

يشعر كثير من المصريين بالقلق الشديد والإشفاق على وطنهم العزيز ويخافون من الأحداث المريبة التي تتصاعد منذ أسابيع، ويخشون أن تفاجئهم تطوراتها السريعة المتلاحقة لا قدر الله بما لا تحمد عقباه، ويزيد من حالة الهلع عند قطاع كبير من الشعب المصري ما نراه من استعراض للعضلات بين القوى السياسية المختلفة عن طريق تلك المليونيات كل جمعة، وللأسف الشديد كل الأحداث وتوابعها وتفاعلاتها وتطوراتها تؤكد على وجود حالة عميقة من الشك والريبة وفقدان الثقة بين مختلف الأطراف السياسية الموجودة على الساحة المصرية الآن، وأن أغلب هذه الأطراف لا يفكر سوى في مصالحه هو فقط دون أي اعتبار للمصالح القومية المصرية العليا، فكل طرف يخشى الآخر ويحاول أن ينال نصيبه من كعكة السلطة، ويسعى لإثبات حضوره بأي شكل قبل أن يفوته القطار، ولا يثق في الآخرين مهما أقسموا له بالأيمان المغلظة، وقدموا لهم من مواثيق وعهود!!

فالعلمانيين والليبراليين يخشون الإسلاميين، كما يخشاهم كذلك عدد من رجال الأعمال وصنائع نظام مبارك السابق (وهم الذين يتكدس لديهم المال السياسي بوفرة وبلا حدود، وينفقونه من أجل تنفيذ مآربهم بغير حساب...) والإسلاميون يشعرون بميل أغلبية الشعب إليهم وتأييدها لمشروعهم، ولكنهم يتوجسون من الالتفاف على إرادة الجماهير بأي طريقة كانت، والأحزاب الكرتونية التي ليس لها وجود في الشارع تخشى صناديق الانتخابات وبالتالي تشغب على الإسلاميين، وتزايد على مواقفهم، وتحذر منهم، وتشوه مشروعهم للنهضة المصرية، وليس لديها مانع من التحالف مع أي أحد لإحباط احتمال وصولهم للسلطة، وبعض الإسلاميين حديث عهد بالسياسة لا يعرف مداخلها ولا مخارجها ولا يجيد ألاعيبها ومكائدها، فيندفع في أقواله وتصريحاته، وقد يرتكب من الأخطاء ما يجعل الناس تتوجس منه ومن حقيقة توجهاته، وهناك بطء ملحوظ في تنفيذ مطالب الثورة وتحقيق أهدافها (وأعتقد أن تسريع وتيرة سير هذه الملفات كان ولا يزال كفيلا بإزالة حال الاحتقان التي يشهدها الشارع المصري الآن...!!) وقد تفاعلت كل هذه الأسباب والعوامل مع بعضها البعض وأدت إلى فقدان الثقة وانتشار الرِّيَبِ والظنون، وكثرة الشكوك والوساوس التي تملأ صدور الناس ونفوسهم، وزادت مخاوف البعض من انفراد البعض الآخر دونهم بالسلطة وانقلابه على الديمقراطية بعد ذلك!!

في هذه الأجواء المشحونة الملتبسة تأتي الدعوة لمليونية 29يوليو وسط شكوك متبادلة وظنون كامنة ونفوس مضطربة واتهامات متبادلة، ولا ندري هل سيتمكن المصريون خلال هذه المليونية المنتظرة من توحيد صفوفهم واستعادة تلك الروح العظيمة التي جمعتهم في ميدان التحرير وميادين مصر الأخرى طوال ثمانية عشر يوما هي عمر ثورة 25يناير الشعبية المجيدة!! لقد بهرنا العالم بأسره بهذه الروح الرائعة طوال تلك الفترة، فهل نتمكن من استعادتها والحفاظ عليها؟ هل تُغَلِّب القوى السياسية المختلفة مصلحة مصر في هذه الآونة على مصالحها الشخصية؟!

إن ما جرى خلال الأسابيع القليلة المنصرمة يجعلنا وبكل أسف وأسى وحزن نضع أيدينا على قلوبنا خوفا من التطورات الكئيبة التي قد تتصاعد مع الأحداث، ويزيد من مخاوف المتشائمين منا أنه لم يكد يمر على ثورتنا إلا بضعة أشهر فقط حتى تفرق جمعنا، وتشتت شملنا، واختلفت أحزابنا، وتصارعت ائتلافاتنا على كعكة السلطة التي لم تتبلور بعد الطريق للوصول إليها!! ووالله لا أدري أين ذهبت روح ثورة يناير التي صهرتنا معا وأظهرت أفضل ما فينا خلال أيام الثورة الأولى، فأين ذهبت هذه الروح؟ وكيف أخلت مكانها بهذه السرعة المذهلة للعصبيات الفكرية والحزبية والدينية والسياسية والمصالح الاقتصادية؟ وكيف نسمح لأطماع الدنيا ومتاعها الزائل بأن تمزق وطننا وتدمره، وتجلب الفرقة والصراعات والخراب والدمار لأبناء شعبنا؟ كيف نسمح للدسائس والمكائد والمؤامرات والفتن الداخلية والخارجية، المحلية منها والإقليمية والدولية...!! بأن تجهض ثورتنا وتغتال أحلامنا وآمالنا بهذه السرعة وبهذه الطريقة المخجلة؟!

في الحقيقة لا يوجد أدنى شك لدى غالبية الشعب المصري في انحياز الجيش لمطالبهم وحمايته لثورتهم، وما كان أجدر بشباب الثورة وائتلافاتها الكثيرة (...!!!) ألا تسمح لقلة من الناس بالتطاول على الجيش أبدا، ومحاولة الوقيعة بينه وبين الشعب وتعميق حالة الارتباك والقلق والخوف والتوجس لدى الجماهير، فمن شأن هذا الشحن المتواصل وتوتير الأجواء المستمر أن يلهب المشاعر والأحاسيس، ويُفْلِتَ الأعصاب، ويفجِّر الوضع برمته في وقت نحن أحوج ما نكون فيه للهدوء وبناء الثقة، والإعداد للانتخابات؛ ليتم الانتقال الهادئ والسلس للسلطة المدنية المنتخبة من قبل الشعب، وبدلا من هذا الموقف الحالك الذي وضعنا فيه أنفسنا أو وضعنا فيه بعض أبنائنا كان حريا بنا أن نفكر في مستقبل مصرنا الغالية بطريقة إيجابية أكثر، وقميص عثمان الذي يرفعه البعض الآن، ويرددون حوله الكلام في كل الفضائيات وأعني به: حقوق الشهداء، ومحاكمة رموز النظام الفاسد السابق، ورفع الحد الأدنى للأجور....إلخ، كل ذلك مهم ولا شك ولابد من تنفيذه بالسرعة المطلوبة، لكنه ليس الطريق لبناء دولة مصر الحديثة المدنية المستقلة، فمعركة مصر ليست مع الماضي، وإنما هي مع المستقبل وتحدياته الخطيرة علميا وتقنيا ومعرفيا، والطريق للوصول إلى هذه الغاية معروفة جيدا ومحددة ومرسومة وفقا لخارطة الطريق التي وافق عليها الشعب وأقرها بأغلبية كبيرة في الاستفتاء الحر الديمقراطي الذي جرى بعد الثورة في شهر مارس الماضي، فما سر محاولات الالتفاف على إرادة الجماهير وتعطيل المسيرة المتفق عليها التي أكد المجلس العسكري مرارا أنه متمسك بها وملتزم بتنفيذها في التوقيتات المحددة؟!

إننا نخشى أن يجرنا بعض الشباب في غمرة اندفاعهم وشدة حماستهم ودون قصد منهم للوقوع في الفخ الذي نصبه لنا أعداء مصر، ويريدون جرجرتنا نحن المصريين للسقوط فيه للدخول في نفق مظلم أو هوة عميقة سحيقة نتخبط فيها لعقود قادمة!! وحقيقة لا أفهم كيف يقدم بعض الناس على خنق أحلام أمتهم ووئد آمالها بأيديهم؟ ولا أعلم لماذا ينخدع هؤلاء لأعدائهم بهذه السهولة؟ ولا أفهم لماذا نساعد أعداءنا علينا لنفشل أنفسنا ونخرب بيوتنا وندمر أوطاننا بأيدينا؟! وكل هذا من أجل ماذا؟! من أجل الفوز بالحكم السلطة!! وأي حكم هذا الذي يناله المرء بعد أن يدمر أهله ووطنه؟!

إن معظم تجارب التاريخ القديم والحديث تزيد من قلقنا وتعمق مخاوفنا، لاسيما التجارب السلبية الفاشلة التي وقعت خلال الخمسين عاما الأخيرة في بلدان العالم الإسلامي والتي للأسف الشديد لا تبشر بخير، كتجربة وقوع المجاهدين الأفغان في الصراعات والنزاعات والحروب، وتجربة ثورة الإنقاذ الوطني في السودان التي انتهت مؤخرا بانفصال الجنوب عن الشمال وإعلانه دولة مستقلة!! وأكثر ما يفتُّ في أكبادنا ويشعل النار في قلوبنا أننا لا نتعلم أبدا، ولا نريد أن نتعلم من تجاربنا وتجارب السابقين، ورغم أننا جميعا نعرف تماما مصير الفرقة والخلاف ربما أكثر مما نعرف أنفسنا، إلا أنه مع ذلك لا تزال العصبيات والمطامع والمصالح الشخصية تحرك مشاعرنا وتملي علينا تصرفاتنا!!

والله تعالى أسأل أن يحفظ مصرنا الغالية وأن يلهمنا جميعا الرشد والصواب في هذه المرحلة المهمة بالغة الدقة والحساسية في عمر ثورتنا المباركة، وأتمنى من كل قلبي أن نكف عن المليونيات ونعطي الدواء الوقت لكي يعمل ويظهر أثره ناجعا بإذن الله، وأن نتجه بكل قوة نحو البناء والتعمير كلٌّ في مجاله، وأن نعزز من ثقتنا في بعضنا البعض، وأن نعلم جميعا أن هذا هو وطننا جميعا، ولا مجال أبدا بعد الآن لإقصاء أحد ولا تهميشه أو الجور على حقه، ولا مجال لأن يظن أي طرف من أطراف المجتمع أنه وحده يحتكر الحقيقة، وأن من حقه ازدراء الآخر واحتقار أطروحاته، ولا مجال للتخوين ولا للتشفي أو الانتقام؛ فهذا ليس من أخلاق الشعب المصري العريق وصفاته الكريمة، وأؤكد مرارا على أن معركة مصر ليست مع الماضي، وإنما هي مع المستقبل وتحدياته الخطيرة التي لا نهتم بها، معركتنا الحقيقية والتحدي الأكبر أمامنا هو بناء مصر المدنية الحديثة العصرية العادلة الديمقراطية الرائدة عربيا وإقليميا ودولياً، فلنشمر جميعا عن سواعد الجد ولنبدأ على الفور في بناء مصرنا الحبيبة.

* كاتب مصري.

=====================

الجرائم السبع الكبرى في عرف النظام السوري

مجاهد مأمون ديرانية

الناس كلهم في كل مكان في الدنيا يتفقون على تعريف واضح للجرائم التي يعاقب عليها القانون، كالاعتداء على الحياة بالقتل أو على الأملاك والأموال بالسرقة، إلى غير ذلك مما يعرفه عامة الناس وخاصتهم ولا يحتاج إلى بيان.

 

لكن سوريا ليست كأي مكان والنظام السوري ليس كأي نظام، إنه النظام الفريد الذي لا يوجد له مثيل على ظهر الكوكب، لذلك لم يكن من اللائق أن يستنسخ قوانينَ الأمم، بل استثمر عبقريتَه الفذة في اختراع قائمة خاصة، هي النسخةُ الأسديّة البعثية من قوائم الجرائم. وإليكم الجرائم السبع الكبرى التي تتضمنها هذه القائمة (مرتبةً من الأدنى إلى الأعلى):

 

(7) أقل الجرائم شأناً هي انتماؤك إلى مدينة تسبب إزعاجاً للنظام. هذه الجريمة كافية لاعتقالك في المطار بمجرد وصولك إلى البلاد وسحلك إلى السجن لتُمضي فيه بعض الوقت تكفيراً عن انتمائك المشبوه، أو لملاحقتك واعتقالك من المسكن الطلابي في الجامعة التي تدرس فيها إذا كنت تدرس في جامعة بعيدة عن منطقتك (هذا ما حصل مع طلاب إدلب في جامعة حلب ومع طلاب درعا في جامعة دمشق)، ولا يُستبعَد أن تُفصَل من الكلية أو تعتقل طوال موسم الامتحانات، لأنك موبوء بحكم الانتماء ولا تستحق الدراسة ولا النجاح.

 

(6) الانسحاب من حزب الدولة المقدَّس، حزب البعث العظيم! لو تبرأت من أسرتك وعشيرتك فلا مشكلةَ في الأمر، ولو تنكرت لسوريّتك وعروبتك فأنت حر، حتى لو ارتددتَ عن دينك فلن يعبأ بك أحد، أما الحزب الأقدس فإن الانسحاب منه جريمة تستحق أقسى العقوبات، ولا سيما إذا كان انسحابك على الملأ أو عن طريق الفضائيات، والعقوبةُ المنطقية -في عرف النظام السوري- لهذه الجريمة المنكَرة هي التنكيل والتشهير (كما حصل مع المنسحبين من داعل والرستن)، أو التعذيب حتى الموت (كما حصل مع بطل تلكلخ رحمه الله).

 

(5) خياطة الأعلام السورية وحملها. من الجرائم الكبيرة في سوريا أن يحمل السوريُّ علمَ بلاده! يمكنه -إن شاء- أن يحمله باليد اليسرى إذا حمل باليمنى صورةَ الرئيس، فيكون العلم وصيفاً لثالث الثالوث الأعظم (الله، سوريا، فخامته)! أما حمل العلم منفرداً فإنها جريمة قد ترقى إلى مرتبة الخيانة، وهي تستحق الاعتقال والسحل والتعذيب، وربما القتل. في خربة غزالة اعتقلت المخابرات الخيّاط البطل أنس الشرع بتهمة ارتكاب جريمة من العيار الثقيل، لقد خاط علماً سورياً طويلاً! وفي حماة أطلق عناصر النظام النار على الشاب البطل محمد الأسطة واعتقلوه، ويقول أصحابه العارفون إن جريمته هي أنه اقترح على أهل حماة رسم علم بشري بأجسامهم، وقد نفّذوا هذه "الجريمة" في ساحة العاصي في جمعة أحفاد خالد قبل بضعة أيام.

 

(4) من الجرائم البشعة التي يرتكبها كثير من المجرمين في سوريا أن يكون الواحد منهم أخاً أو أباً لمجرم مطلوب للعدالة. "المجرم" المطلوب قد يكون ارتكب أياً من الجرائم التي تُعدّدها هذه المقالة، ولا سيما الجريمة رقم (1) التي ستأتي بعد قليل، ولأنه "مجرم شرير" فمن واجب أجهزة الأمن أن تقبض عليه لحماية البلاد من إجرامه ودفع خطره عن المواطنين الآمنين، فإذا فشلت في العثور عليه فإن كل أقاربه يصبحون مجرمين بالضرورة، الأقرب فالأقرب، وعقوبة هذه الجريمة الفظيعة (أبوّة أو أخوّة مجرم هارب) تتفاوت بين السجن والإعدام. إن لم تصدقوني فاسألوا جدران سجن تدمر تُنْبئكم كم فتىً وشيخاً أمضوا فيه العشر من السنين والعشرين جزاءً لارتكابهم هذه الجريمة البشعة، أو اسألوا صحراء تدمر كم انطوى رملُها على جثث وعظام لمجرمين من هذا النوع.

 

(3) إسعاف الجرحى في سوريا جريمة من العيار الثقيل، ولا سيما إذا قام بها الأطباء والممرضون. هؤلاء المغفلون يظنون أنهم درسوا الطب والتمريض لإسعاف الجرحى، لذلك تراهم يبذلون جهدهم في علاج المصابين من "المجرمين" الذين يزعجون النظام فيطلق عليهم الرصاص للتخلص من إزعاجهم، وبدلاً من أن يمارس أولئك "المجرمون" من الأطباء دورهم الوطني في الإجهاز على "المجرمين" من الجرحى فإنهم يحاولون إسعافهم! وهذه بحد ذاتها جريمة من الجرائم الثلاث الكبرى في سوريا، ومن يرتكبها يستحق الاعتقال والتعذيب وتكسير الأيدي والأرجل، وربما القتل جزاء على جريمته النكراء. هل سمعتم بالدكتور موفق الرفاعي (برزة) والدكتور عدنان حجازي (التل) والدكتور حازم الجندلي (حمص)، والدكتور تيسير الزعبي، ابن درعا الذي يضيق عن سرد مآثره وبطولاته المجلدُ الكبير، فكّ الله أسره وردّه إلى أولاده وأهله سالماً معافى... وغيرهم عشرات من المسعفين والأطباء الوطنيين الصادقين المجاهدين بطبّهم وبأنفسهم؟ إن لم تسمعوا بهم فابحثوا عنهم وقبلوا رؤوسهم يا أيها الثائرون الأحرار.

 

(2) تصوير المظاهرات هي ثانية أكبر الجرائم في سوريا. هؤلاء "المجرمون" المصوّرون يعمدون إلى شرذمة من الناس لا هَمَّ لهم إلا إغاظة النظام وتكدير صفوه، فيصورون جرائمهم (مظاهراتهم وهتافاتهم) ويرسلون المصوَّرات إلى الشبكات والفضائيات! هذه الجريمة الفظيعة لا تسامُحَ فيها ولا شفاعةَ معها، وكل من ارتكبها فمصيره التنكيل والتعذيب، وصولاً إلى القتل. وما أكثرَ ما دفع الواحدُ من أولئك "المجرمين الخطرين" حياته ثمناً لصورة... أما سمعتم ببطل تلبيسة الشهيد أحمد ضَحّيك، وغيره من الشهداء الأبرار الذين سقطوا في درعا وحمص وسواهما من مناطق سوريا ثمناً لصورة، وآخرهم شهيد النبك البطل خالد بشلح رحمه الله؟

 

(1) والآن إلى الجريمة الكبرى التي تتصدّر كل الجرائم، إلى الجريمة التي فَشَتْ في سوريا مؤخراً حتى صارت هي الجريمة الأكثر شيوعاً ومقارَفَةً من المجرمين. ألم تعرفوها؟ إنها جريمة "طلب الحرية"، وهي التي صارت تزعج الأجهزة الأمنية في سوريا أكثر من أي جريمة أخرى. ألا ترونهم وقد صارت لازِمتُهم التي يفتتحون بها كل لقاء يجمعهم بأحرار البلاد: "بِدَّكْ حرية ولا"؟! تحس أن قائلهم يقولها -إذا قالها- وكأنه يلقي على المتهم أكبرَ التهم وأعظمَها في الوجود! حرية؟ تريد حرية؟ يا لطف الرحمن الرحيم، الناس يريدون الحرية! أيَّ جناية جَنَوا وأيَّ كبيرة يرتكبون! يريدون الحرية؟ إذن فليُقتَلوا جزاءً لهم على ارتكاب هذه الجريمة الفظيعة، فليُؤسروا، فليُعذَّبوا، فلتُقلَع أظافرهم، فلتُكوى أبدانُهم، فلْتُقطَع...! فلتُقتحم مدنهم وقراهم، فلتُقصف بيوتهم وتُهدم على رؤوسهم، لقد ارتكبوا الجريمة الكبرى: أرادوا الحرية!

 

هذه هي -يا سادة- قائمة الجرائم السبع الكبرى في سوريا. أعرفتم الآن لماذا ثار أهل سوريا أخيراً، وقرروا أن لا يعودوا إلى بيوتهم حتى يسقط النظام، ولو سقط منهم ألف شهيد أو مئة ألف شهيد؟ لقد عشنا هذه الحياة البائسة، حياة العبيد، أربعة عقود، ولو عشتموها يا أحرار الدنيا أربع سنين لما باليتم أن تضحّوا -لتتخلصوا منها- بمليون شهيد!

==========================

كلام السيد المهري من عاصمة بني أمية

بدرالدين حسن قربي

تصريح المرجع الشيعي الكويتي السيد محمد المهري في سوريا منذ يومين أثناء زيارته لها، بان الوضع مستقر هادئ والنظام مسيطر على الأوضاع تماماًفي وجه مؤامرة دولية ترسمها قنوات فضائية تريد الفتنة، هو تصريح لاجديد فيه، لأنه يضاف إلى تصريحات مماثلة وسابقة للسيدين علي خامنئي وحسن نصرالله. ولئن أرسل أحدهما بعض مستشاري الأمن والقمع وخبراء التعذيب والقهر، وثانيهما بعض الشبيحة والقناصين لمواجهة طالبي الحرية والكرامة وهم متظاهرون مسالمون شعارهم الشعب السوري مابينذل، فإن السيد المهري لم يملك إلا أن يأتي بنفسه لعاصمة بني أمية، ويطلق تصريحات تشعر سامعها بالهدوء والاستقرار والسيطرة التي تحدث عنها أنه زار حدود الجولان وليس مكاناً آخر، وكأن ليس في سورية ثورة دخلت أسبوعها العشرين وهتافها الموت ولاالمذلة، وتجاوز ضحاياها أكثر من ألفي قتيل وآلاف الجرحى، وأكثر من عشرين ألف معتقل، تفجّر بركانها بعد أكثر من أربعة عقود من المعاناةفي وجه نظام مستبد ولد عن والد، وحزبٍ حاكميستند إلى ديكتاتورية مصادِرِة للحريات وإلى عائلة وقرابات ونافذين من شفيطة نهّابين وبلاعين مسنودين.

تصريح السيد المهري كما تصريحات السادة من قبله التي تنظر إلى ثورة السوريين الذين خلقوا أحراراًوأرادوا لحياتهم أن تكون حرة كريمة ترفض الاستعبادعلى أنها مؤامرة، يبقى تصريحاً إشكالياً يستعصي فهمه أمام مقولة مفعمة بالإنسانية للإمام الراشد علي بن أبي طالب:لا تكن عبداً لغيرك، وقد خلقك الله حراً، وأمام ثورة شعارها هيهات منّا الذلة لولده أبي عبدالله الحسين.

فمامشكلة السوريين عند السادة ومنهم المهري تحديداً، أن يثوروا لحريتهم وكرامتهم على مستبديهم ومستذليهم وسارقي لقمة عيشهم، أو أنهم أرادوا لمقاومتهم أن تكون خالية من القمع والاستبداد، ولممانعتهم أن تكون خلواً من النهب والفساد؟

يقرأ علينا المهري طول عمره ويخطب أن ثورة الإمام الحسين إنما كانت على قيم الاستبداد والظلم والفساد التي ورّثها لمن بعده من الأتباع والأئمة الكرام فنصدّقه، فويل لمن لايصدّقه. ويوم ثار السورييون سلْماً وسلاماً على فظائع قهر، وفواحش جور، وكبائر نهب، وقالوا لا لاستحواذ النظام على السلطة والثروة، أعلن عليهم النظام الأسدي الحرب بالدبابات والطائرات، واستباح دماءهم وأعراضهم والممتلكات، فإذا بالسوريين وهم في شهرهم الخامس من ثورتهم يسمعون من السيد المهري كلاماً غير الكلام مما لاعلاقة له بثورة ولا إمام، يتهمهم في ثورتهم وفي مطالبتهم.

إننا نعتقد يقيناً أن السيد وضع نفسه كرجل دين في حالٍ متناقضة مع ماينادي به ويرفعه من مبادئ وقيمٍ اعتقدها الإمام الحسين واستشهد عليها،وبين تأييده ودعمه لنظام فاشي مستبد فاسد في أواخر أيامهوفي طريقة للسقوط،في مواجهة ثورة شعبية مطالبة بالحرية والكرامة نداؤها هيهات منّا الذلة.ومن ثمّ، فإننا نربأ بالسيد المهري من أن يكون بمرجعيته وعمامته أو بما تحتها نصير قمع واستبداد أو ممن يسوّق لتعبيد الناس لنظام جورٍ وظلم وفساد أياً كان حاكم الشام، وكأنه لاتعنيه كرامة السوريين ولا حريتهم في شيء، لأنه يعلم يقيناً أن العامل بالظلم، والمعين عليه، والراضي به شركاء ثلاثة.

http://www.youtube.com/watch?feature=playe

r_embedded&v=1RxRRnV3uno

========================

رسالة الخبير مانديلا لثوار تونس و مصر

رضا سالم الصامت*

الزعيم نيلسون مانديلا توجه برسالة إلى الثوار العرب دعاهم فيها إلى نبذ الفرقة مؤكدا أن ذلك أهم بكثير من الوقوف عند تفاصيل الماضي متمنيا على ثوار تونس و مصر أن يستحضروا قول النبي محمد صلى الله عليه و سلم يوم فتح مكة: اذهبوا.. فأنتم الطلقاء....!

لا زلت أذكر ذلك اليوم بوضوح، كان يوما مشمسا من أيام كيب تاون خرجت من السجن بعد أن سلخت بين جدرانه ، خرجت إلى الدنيا بعد وُ ورِيتُ عنها سبعا وعشرين حِجةً لأني حلمت أن أرى بلادي خالية من الظلم والقهر والاستبداد، ورغم أن اللحظة أمام سجن فيكتور فستر كانت كثيفة على المستوى الشخصي إذ سأرى وجوه أطفالي وأمهم بعد كل هذا الزمن، إلا أن السؤال الذي ملأ جوانحي حينها هو كيف سنتعامل مع إرث الظلم لنقيم مكانه عدلا؟ و هو السؤال الصعب و المحير ...

الرسالة جاء فيها ما يلي : إن إقامة العدل أصعب بكثير من هدم الظلم، فالهدم فعل سلبي والبناء فعل إيجابي. وقال مانديلا في رسالته "كيف سنتعامل معي إرث الظلم لنقيم مكانه عدلا؟ أكاد أحس أن هذا السؤال هو ما يقلقكم اليوم لأنه السؤال الذي دار بخلدي لحظة الإفراج عني، لقد خرجتم لتوكم من سجنكم الكبير، وهو سؤال قد تحُدّد الإجابة عليه طبيعة الاتجاه الذي ستنتهي إليه ثوراتكم.

أضاف الزعيم الجنوب إفريقي قوله : أنا لا أتحدث العربية للأسف، لكن ما أفهمه من الترجمات التي تصلني عن تفاصيل الجدل السياسي اليومي في مصر وتونس، تشي بأن معظم الوقت هناك مهدر في سب وشتم كل من كانت له صلة تعاون مع النظامين البائدين، وكأن الثورة لا يمكن أن تكتمل إلا بالتشفي والإقصاء، كما يبدو لي أن الاتجاه العام عندكم يميل إلى استثناء وتبكيت كل من كانت له صلة قريبة أو بعيدة بالأنظمة السابقة، ذاك أمر خاطئ في نظري.

وأكد على تفهمه لأسباب الأسى الذي يعتصر القلوب في مصر وتونس قائلا: أنا أعرف أن مرارات الظلم ماثلة، إلا أنني أرى أن استهداف هذا القطاع الواسع من مجتمعكم قد يسبب للثورة متاعب خطيرة، فمؤيدو النظام السابق كانوا يسيطرون على المال العام وعلى مفاصل الأمن والدولة وعلاقات البلد مع الخارج، فاستهدافهم قد يدفعهم إلى أن يكون إجهاض الثورة أهم هدف لهم في هذه المرحلة، التي تتميز عادة بالهشاشة وغياب التوازن، وأنتم في غنى عن ذلك.. أحبتي إن أنصار النظام السابق ممسكون بمعظم المؤسسات الاقتصادية التي قد يشكل استهدافها أو غيابها أو تحييدها كارثة اقتصادية أو عدم توازن أنتم في غنى عنه الآن.

وشدد علي أن الشعب التونسي والمصري عليهما أن يتذكروا أن أتباع النظام السابق في النهاية مواطنون ينتمون لهذا البلد، وإن احتواءهم ومسامحتهم هي أكبر هدية للبلاد في هذه المرحلة، أعلم أن ما يزعجكم أن تروا ذات الوجوه التي كانت تنافق للنظام السابق تتحدث اليوم ممجدة الثورة، لكن الأسلم أن لا تواجهوهم بالتبكيت إذا مجدوا الثورة، بل شجعوهم على ذلك حتى تحيدوهم، وثقوا أن المجتمع في النهاية لن ينتخب إلا من ساهم في ميلاد حريته.

واستطرد قائلا : إن النظر إلى المستقبل والتعامل معه بواقعية، أهم بكثير من الوقوف عند تفاصيل الماضي المرير أذكر جيدا أني عندما خرجت من السجن كان أكبر تحد واجهني، هو أن قطاعا واسعا من السود كانوا يريدون أن يحاكموا كل من كانت له صلة بالنظام السابق، لكنني وقفت دون ذلك، وبرهنت الأيام أن هذا كان الخيار الأمثل ولولاه لانجرفت جنوب إفريقيا إما إلى الحرب الأهلية أو إلى الديكتاتورية من جديد.

 لكن تصور مانديلا و هو بين قوسين صاحب خبرة أن يجلس المعتدي والمعتدى عليه ويتصارحا ويتسامحا ،و هكذا هي السياسة التي تفرض نفسها رغم المرارة فهي ناجحة ....

__________

* مستشار عالي إعلامي لوكالة " واد" الاخبارية الدولية الأردنية مكتب تمثيلها في تونس

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ