ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 19/07/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

هل طبَّقت الرئاسة السوريَّة النصيحة المكتوبة على جدران قصرها؟!

خبَّاب بن مروان الحمد*

ذكر الشيخ عبد الفتاح أبو غدة أنَّه رأى في القاعة الشماليَّة (بقصر رئاسة الجمهوريَّة السوريَّة) مكتوباً على جدرانها الخشبيَّة المزيَّنة:

حفظ التاريخ في طيَّاته * اسم من شادوا على العدل الدُول

ولقد أنبأ عمَّن ظلموا * فجرى ذكرهم مجرى المثل!

وقد ذكر ذلك في تحقيقه ل(رسالة المسترشدين للمحاسبي، ص:128).

فقلت في نفسي: أيا سبحان الله!

ألم يقرأ بشار الأسد ( الرجل المثقف الطبيب قبل أن يكون رئيساً هذا الكلام!!)

وإنني لأعجب مِمَّن لا يزال يناقش في مجالسه الخاصَّة مدافعاً عن النظام السوري، الذي يفتك بأرواح الأبرياء من الشيوخ والنساء والشباب الأعزل وحتَّى الأطفال ...والذي فعل بشعبه ونكَّل بهم كما يفعل العدو اليهودي بالشعب الفلسطيني ...

وأستغرب من المدافعين عن هذا النظام الذين يقولون:ما يجري فيها مجرد أيادي خفية تحركها الماسونية والصهيونية... مع أنَّهم صفقوا للثورة في مصر ، وتونس، واليمن، وغيرها ...

بل لربما أزرى أولئك المدافعين عن النظام السوري على أولئك الشباب الذين خرجوا يطلبون الحرية والكرامة والعزة بعد قمع دام عقوداً من الزمن.

وسر دفاعهم عن ذلك النظام : أنَّ النظام السوري ( نظام ممانعة يحمي المقاومة!) ...

ألا ساءت هذه الفكرة!!

فهل يُعقل أن تحتضن دولة (ما) المقاومة في مكان فيها ، ويحق لها بعد ذلك لتنفرد بقتل وسحق شعبها الذي يبتغي الحرية والكرامة؟!!

إنَّ المقاومة كما أنَّها تريد الحريَّة والكرامة لنفسها، فإنَّ الشعب السوري يريد الحرية والكرامة لنفسه بعد حكمه لأكثر من أربعة عقود بحكم الحديد والنار، وبحكم لا يمت للدين الإسلامي بصلة، ولا للديموقراطية كذلك بصلة إلا إن كان بِصِلَةِ (البصلة)...!!

فما فرق النظام السوري الذي يقتل الأحرار عن اعتداءات الكيان اليهودي على المسلمين المتظاهرين ضدَّ احتلالهم !!!

أقول بكل مرارة: إنَّ أكبر مشكلة عند بعض الإسلاميين حينما يقدَّم بعضهم المصالح الحزبيَّة أو الفئويَّة على مصلحة الأمَّة الإسلاميَّة أو مصلحة الشعب الذي عاش الضيم والضنك ، وبدأ يتحرر من جلاده، فبدلاً من أن ندعو لهم، نتحدث عنهم وكأنَّهم أصحاب فتنة....

وما درى أولئك الذين يقولون عن النظام السوري أنَّه نظام الممانعة بأنَّه من من أكبر حماة الكيان اليهودي المغتصب لأراضينا في فلسطين، وإنَّ العدو اليهودي كذلك يضع يده على صدره يرقب الأحداث ويكتم على نفسه، خشية من سقوط هذا النظام السوري المتعفن...

ولنا أن نستغرب كذلك من سكوت الأمم المتحدة ومجلس الأمن وأمريكا لمدة ثلاثة أشهر على المجازر التي يقترفها النظام السوري، وهذا إن دلَّ فإنَّما يدل على تراخيهم عن قمع النظام السوري، ويبدو أنَّهم يرون مصلحة وجوده أفضل وأولى من مصلحة زواله....

ــــــــــــــ

*باحث وداعية فلسطيني، رئيس تحرير المركز العربي للدراسات والأبحاث.

================================

=====================

============

=====

===

لا نخاف الطائفية ولا التلويح باستخدامها ..

جلال / عقاب يحيى*

المذاهب نتاج القرون، جزءاً من تشكيل اللوحة السورية الغنية التي أبدعت، وتعايشت، وتفاعلت على مرّ القرون، فأنتجت الخصب، ولوّنت بلادنا بالغنى الفوّاح.. عبر التعايش والتفاعل، وعلى قاعدة : الدين لله والوطن، والمذاهب للجميع، حين ظلّ الوطن هو الجامع، وهو الإطار الأقوى، والانتماء، والهدف ..

ولم تك يوماً مثارة كإشكال، أو كحراب للاستخدام والترهيب والتجييش، إلا عندما حولها نظام الأسد الفئوي، النرجسي، الاستبدادي، الوراثي إلى دمّلة يعتقد أنه قادر على ملئها بما يريد من صديده، ثم يتحكم بها ويلقي بما في داخلها لتشويه الوجه الحضاري لبلدنا، ولثورة الشباب الشعب، أو إغراق البلاد باحترابها . .

النظام، ومنذ الأيام الأولى لانتفاضة ثورة الشباب الشعب، وعلى لسان بثينته، ورئيسه أراد اللعب والتلاعب بالطائفية فكان وصف ما يجري ب"الفتنة"، حالة مدروسة للتلويح الضمني والسافر بقادمهم، ومحاولة لتجييش رأي عام شعبي يعتقد النظام أنه في جيبه، وأنه هو " الممثل الشرعي، الوحيد، الأبدي للطائفة العلوية( ناسياً، أو جاهلاً أنه بذلك يفضح ماهيته، وأنه يعرّي كل شعاراته الاستخدامية ويقدّم نفسه كنظام طائفي، وفقط، إلى درجة يتجاهل فيها تزويقاته الأخرى، وتحالفاته مع أشقائه من لصوص المافيا ورجال الدين المعلبين( من عموم الطوائف، خاصة من السنة)، وتجار عهده المكلوبين، وديكوراته، وحزبه، وجبهته، وكل زاده التسويقي الاستعراضي ..

 وحين تطور دجلهم الممسرح إلى الزجّ (بحلقة) السلفية (قبل حلقة العصابات المسلحة).. كان شبابنا الواعي، وعبره شعبنا الثائر يردّ عليه بشعارات حضارية راقية عن الوحدة الوطنية ووحدة الشعب، وعن الدولة المدنية الديمقراطية : بديله، وفي إدانة أي مظهر، او تصريح، أو فعل طائفي منعزل، أو كرد فعل منفلت.. فتاه تكتيكه وداخ في لعلعة الرصاص، وعدد الشهداء، والمعتقلين، وفي ثبات الشعب وتصعيد خطابه ومطالبه .. ورفس دعاويه، وخطاباته ووعوده الموعودة ..

 وحين دخلت سلمية على الخط بتنوعها السياسي والمذهبي، ولونها الخاص، ودخلت عناصر كثيرة محسوبة على الطائفة العلوية ميدان التظاهر والحراك والأنشطة، وعديد المسيحيين، ثم تقاطر المثقفين والفنانين : مطراً مبشّراً بالخير العميم..

وحين ضجّت حماة فعزفت نواعيرها لحنها الأصيل..وخرجت عن بكرة أبيها وهي تفقأ عيون سياساته، وحين أمسكت حماة أعصابها، وردّت بأرقى أشكال الوحدة الوطنية، والتحضر على محاولاته المكشوفة في نكئ الجراح ..طقّ مجون النظام، فأخذ يحرّك ما تبقّى في جعبته من أوراق، ليخرج منها أكثرها خطورة : الطائفية..وبظنه أنه يلقي بثقل التحضير في وجه الثورة فيشوّهها، أو يغرقها ..

 *****

 نحن نعرف أن ليس جميع شعبنا وشبابنا من(الأنبياء)، أو النخب الواعية، المنتقاة، أو ممن يضعون على طول الخط، وحتى عند فورة الدم، وحالات امتهان الكرامة، الوحدة الوطنية فوق مشاعرهم الفوّارة، أو اندفاعاتهم وردود أفعالهم المباشرة على عمل من طبيعة جرمية لئيمة، أو تصرف شبيّح قذر يقوم بالقتل المباشر، وفعل الإهانة والتهدي على الكرامة، والشرف وغيره، فهناك كثير من الشعبيين، وحتى المتعلمين محقون بيئوياً، ووعيوياً، أو بحكم عوامل تشويهية مختلفة، ويمكن إثارته، أو تجنيده ودفعه لبعض ردود الأفعال الكريهة، والخطيرة الوقع، خصوصاً وأن النظام يوظفها بقوة وينشرها كفعل عام لإدانة الثورة، وطمس وجهها الناصع.

 بالمقابل فإن دعايات النظام المركزة(العلنية والخفية، المباشرة وعبر أقنية وأشكال كثيرة) على (الوجه السني) للثورة يمكن أن تدفع البعض من الشعبيين في الطائفة العلوية للتصديق بأن ما يجري خطراً على (الطائفة، ومصيرها، ومستقبلها)، هذا عدا عن وجود مليشياته المعروفة وجهازه الأمني المبرمج، وأزلامه، ومرتزقته، ومناصريه، وفيهم نسبة لا بأس بها من الطائفة العلوية.. والتي يمكن أن تقوم، بتدبير وأوامر ومخططات معطاة لها، ببعض الأعمال التفجيرية هنا وهناك ونسبها لشباب الثورة كي تختلط الأوراق، ويشتعل الفتيل، وليس بغريب أن يقوم هؤلاء بقتل شباب ينتمون للطائفة العلوية، أو حرق ممتلكاتهم، والاعتداء عليهم ونسب ذلك إلى الآخر(السني)، والترويج المنهج لهذه القصص ونشرها على أوسع نطاق، بالترافق مع عمليات تسليح مسبقة، ومستمرة لشباب(علوي)، ولبعض القرى العلوية، ودفع بعض الأدوات للقيام بفعل القتل والاعتداء على الآخر غير العلوي ..

 كما وجود احتقان في الأوساط الشعبية السنية التي تغذي بعضه ذهنيات متشددة، وخلفيات مشبوهة، ورجال دين محنطين، وبعض ردّات الفعل المباشرة على فعل القتل والامتهان، وبجاحة الشبيحة وأعمالهم المثيرة للمشاعر والكرامة، ودور بعض الفضائيات الدينية في الحقن المذهبي، وبعض الدوائر الغامضة التي تقوم بكل ما من شأنه تحمية المشاعر الطائفية عند الجميع..

جميعها يمكن أن تدفع إلى بعض الأعمال الطائشة، ناهيك عن عديد الكتابات، والشعارات، والخطب التي يجري استثمارها وتصويرها على أنها الثورة، وصميمها، وطابعها، وخلفياتها..

لكن، مع ذلك، فشعبنا بكتلته الرئيسة، وشباب الثورة الواعي جداً لموقع الوحدة الوطنية، وألاعيب ومناورات النظام، وغيره من الجهات .. يدرك بالملموس مخاطر اللعب بالطائفية، ويدرك أكثر وسائل إفشال نوايا النظام الحاقد، المأزوم ليردّها إلى نحره عبر التمسّك، أبداً، بالوحدة الوطنية، وبالحرية نظاماً تعددياً لا يقصي ولا يستثني أحداً، نظام الطيف السياسي والديني والمذهبي والقومي الذي تتشكل منه بلادنا ..ونظام المواطنة المتساوية في الدولة الحديثة التي لا مكان فيها لاستئثار أو اجتثاث، أو انتقام .

 ******

 نعم النظام في أوج أزمته، وقد سقطت تكتيكاته المرتّبة على صخرة صمود وبسالة الشعب السوري، ولم يبق له الكثير ليقع بالضربة القاضية الموجهة من الثورة، وليس من غيرها.. ولأنه من النوع المكلوب على السلطة، ولأن ملف آثامه كبير، ولأن الدماء لا يغسلها شيء غير محاكمته والقصاص العادل، ولأن صوت الشعب الواحد بإسقاط النظام بات هو الجامع، ولأن تصدّعات كبيرة أخذت بالبروز.. لم يبق لديه الكثير من الأوراق ليلعب بها، وهو يرفض التسليم بحق وإرادة الشعب، ومنها : الورقة الطائفية، وبذهنه المريض الذي يعتقد أنه عبر كم حركة مفتعلة، وكم تصرّف محسوب، ومُعدّ، أو باستثمار بعض الأفعال الطائشة، والتصريحات الهوجاء المنعزلة.. يمكنه أن يجند الطائفة العلوية خلفه، ويدفعها إلى المحرقة ..

ألا بئس نظام لا يتورع عن إحراق البلد كي يبقى في كرسي النهب والقمع والتسلط .. ألا بئس هذا النهج التدميري الذي سيكون الضربة القاضية لأصحابه..

 النظام ينسى، أو يتناسى أن الطائفة العلوية ليست ملكاً مطوّباً لبيت الأسد ومخلوف ومن جرّ جرّهما، أو كتيبة في نظام مرفوض شعبياً، وليست وقوداً لمخازيه ومحارقه، وأن تاريخها الوطني، وآلاف آلاف المثقفين والناشطين والمعارضين يرفضون هذا النظام جملة وتفصيلاً، ويعملون على تغييره في خندق المعارضة والقوى الثائرة، وأن الشعب السوري، وفي مقدمه أبناء الطائفة، أو المحسوبين عليها (لهذا الاعتبار أو ذاك) يضعون الوحدة الوطنية في حدقات العيون، ويدركون، قبل غيرهم، أي حريق يسعى إليه النظام، وأي مستقبل يريده للطائفة، والبلد.. بنواياه ومحاولاته.. وأن وعي الشعب السوري المتحضر، المنفتح.. سيقبر دعاة الطائفية والأحقاد من أية جهة، أو مصدر، أو خلفية كانوا، وأن ثورة الشعب السوري لا تستهدف الطائفة، ولا الطائفية، لأن النظام بكل وضوح، وإن كان تلونه طائفياً، وإن موضع الطائفية في مفاصل الدولة(خاصة في الأجهزة الأمنية والجيش)، والمجتمع، وإن غذّى ونمّى الاتجاهات الدينية في جميع الطوائف ، إلا أنه ليس ممثلاً للطائفة، وليس نظامها، أو المعبّر عنها، وأن أغلبيتها الساحقة ترفض سجنها في هذا القفص الكريه، وهي مطالبة بالالتحاق بالثورة وتعرية النظام، وإعلان الانفكاك عنه لأنه ليس منها، ولا وليدها، أو حامي حماها، ولأنها تعي جيداً موقعها في لوحة الوطن كركن رئيس من مكوناته لا تستقيم وحدة وطنية دون مشاركة الجميع على قدم المساواة، وفي لوحة الدولة المدنية التعددية الديمقراطية .

 بالمقابل لا بدّ من إدانة أي فعل طائفي من أية جهة جاء، ولا بدّ من فضح دعاة التطويف والثأر والانتقام والتشقيف والتكفير، والتصدي لهم، وعزلهم لأنهم لقطاء، وهجناء لا علاقة للثورة السورية بهم، بالتأكيد،، والتركيز الذي لا لبس فيه على الدولة المدنية الديمقراطية غير الدينية(وغير المذهبية بداهة)، ووضع حدود لعلاقة الدين بالدولة، وأفق ومفردات التعددية، وصورة سورية القادمة : سورية الحضارية، الحداثية التي تكرّس حرية الاعتقاد وحرية الاختلاف والرأي الآخر، والتداول السلمي على السلطة عبر التنافس الحر، والانتخابات المباشرة .

 والأكيد الأكيد وقد شبّت الثورة وتجاوزت الاختناقات الحرجة والصعبة، بنجاح واضح، وقد باتت شارات انتصارها تلوح لصناعة فجر آخر.. أنها وهي الأصيلة المؤصلة، نبت سورية الحضارة، والتاريخ، ووليدة الشباب المثقف، المنفتح على آخر مبتكرات الحضارة الإنسانية ومخترعاتها في ثورة الاتصالات والمعلوماتية.. ستكون قادرة على دحر عوامل الشدّ للخلف، أو الحرف، وستقبر الطائفية وكل تلاوين التخلف، ومعيقات التطور والتقدم.. وستقبر سياسات النظام الإجرامية في هذا الميدان شبه الأخير، مثلما قبرت نهج الوأد، والتشويه.. حين يرفع الشباب رايات سورية المشرقة المزدانة بألوان مكوناتها السياسية والدينية والمذهبية والقومية وغيرها.. في تناغم يعزف لحن الحياة، ليلتقي مع لحن الخلود لبلد الحياة والخلود ..

*كاتب وروائي الجزائر

================================

=====================

============

=====

===

اغتنموا فرصتكم الأخيرة أيها المؤيدون للنظام السوري

م. عبد الله زيزان

بعد مرور أربعة أشهر من انطلاقة الثورة السورية بدأت الإدارة الأمريكية بمراجعة حساباتها، لتبدو ولو ظاهرياً أن موقفها بدأ يتجه لصالح مطلب الشعب السوري الثائر الأساسي وهو إسقاط النظام لا إصلاحه، فلأول مرة منذ اندلاع الثورة السورية تعلن الإدارة الأمريكية صراحة على لسان وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون أن النظام في دمشق قد فقد شرعيته...

لكن ما بات معلوماً الآن أن الثورة السورية والتي بدأت على يد الشباب ستستمر سواء وقف العالم مع الشعب أم لم يقف، والتصريحات والمواقف الأمريكية والغربية بشكل عام لا تغير بصورة ملحوظة من واقع الاحتجاجات السورية المطالبة بإسقاط النظام، فلا التخاذل الأمريكي والغربي والعربي خفف من وقع الثورة، ولا الموقف الجديد للإدارة الأمريكية والذي رفع الشرعية عن النظام السوري سيزيد من وقودها...

لكن سورية لا تعيش بمعزل عن العالم الخارجي، بل تتداخل فيها العوامل الخارجية مع الداخلية بصورة غاية في التعقيد... لذلك لا بد من قراءة التحول الأمريكي "العلني" الجديد تجاه الأوضاع في سورية... فالتصريحات الأمريكية الأخيرة تعطي مؤشراً قوياً على ما آلت إليه الأوضاع في سورية... فهو أول إقرار "رفيع المستوى" بوصول الأوضاع في سورية إلى مرحلة لا يمكن فيها الرجوع إلى الوراء... وهذا فقط ما يهمنا في التصريحات الأمريكية الأخيرة... فصحيح أنها تصريحات جوفاء لا تغير شيئاً من الواقع، وصحيح أنها لا زالت مجرد أقوال غير مقرونة بأفعال مؤثرة تسهم في إنهاء النظام السوري، إلا أن مجرد التصريح بذلك يعني أن تمسك الإدارة الأمريكية والغرب من خلفها بنظام بشار الأسد قد بدأ بالتلاشي...

وربما كانت تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون هي الأوضح منذ استلام آل الأسد السلطة منذ أكثر من أربعين عاماً والتي تفيد بأن هذه العائلة كانت على علاقة وطيدة بأمريكا على خلاف ما يحاول الإعلام السوري الترويج له منذ عقود... ففي قولها "على الأسد أن لا يعتقد أنه شخص لا يُستغنى عنه" إشارة واضحة أن هذه العائلة كانت على توافق مميز مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وأن أمريكا الآن قد تستغني عنه كأي عميل انتهت صلاحيته...

إذاً بناء على ما تقدم فإننا نرى أن الدائرة تضيق على النظام السوري داخلياً وخارجياً، ففي الداخل لا تزال كرة الثلج المتمثلة بالاحتجاجات تزداد قوة واتساعاً، وعلى المستوى الخارجي بدأت الدول بمراجعة حساباتها بدءاً من أمريكا مروراً بروسيا والصين وصولاً حتى إلى إيران والتي ستجد نفسها مضطرة للتخلي عن النظام السوري بعد أن تعجز عن ضخ مزيد من الأموال في ظل مشكلاتها السياسية والاقتصادية...

وعليه فإن الوقت الآن يأخذ بالنفاد أمام مؤيدي النظام والمدافعين عنه... وفرصتهم بالتخلي عن النظام باتت تضعف ما لم يتداركوا أنفسهم ويتبرؤوا منه في وقت مبكر، وإلا فإنهم سيواجهون شعباً ثائراً منتصراً لن يرحمهم...

والمؤيدون أنواع، فمنهم المرتبط ارتباطاً كلياً بالنظام ومشارك بشكل مباشر في دعم النظام منذ وصوله السلطة، وسقوط النظام يعني بالضرورة سقوطه، فهؤلاء لا أمل في مراجعة أنفسهم، والمحاكم تنتظرهم... وهناك المنتفعون الصغار، والذين يجدون في بقاء الوضع كما هو فائدة كبيرة لهم، وهناك البسطاء أو السذج ممن يقتنعون بأكذوبة المقاومة والممانعة وهم قلة... إذاً الدعوة موجهة للصنفين الأخيرين، خصوصاً أن هناك من المنتفعين من يعين النظام بدفع رواتب "الشبيحة والزعران" ومنهم من يدافع عنه بوسائله المتاحة سواء من خلال الفضاء الالكتروني أو من خلال العمل على الأرض إما بالتثبيط أو من خلال العمل كمخبر للأجهزة الأمنية...

لهؤلاء المؤيدين نقول: راجعوا أنفسكم قبل فوات الأوان والتحقوا بركب الثورة، فإن لم تملكوا الجرأة لتنضموا إلى الثوار فالتزموا الصمت، ففي صمتكم وتحييدكم نصرة وكرامة...

================================

=====================

============

=====

===

الحراك السوري: بين التغيير – والتبرير

المحامي محمد احمد بكور

خلال أربعة أشهر مضت والساحة السورية تشهد تطورات متسارعة لانتفاضة الكرامة والحرية ، و لأنتصار الحياة على الموت وثورة حياة العزة على الذل والعبودية ، والعدل على الجور الاجتماعي الممارس منذ أكثر من أربعة عقود ، أنها ليست ترفا فكريا أو سياسيا للهواة و المحترفين والطامحين .

فالحرية حق أنساني وحاجة اجتماعية وضرورة سياسية تتطلب نضالا وتضحية بالنفس لانتزاعها وشهداؤها أحياء عند ربهم وخالدون في ذاكرة المجتمع والتاريخ ، وأجسادهم صراط عبورٍ من الظلم إلى العدل ومن الظلام إلى النور .

وبرغم كل التطورات واتساع الحراك الشعبي شاملا معظم الساحة السورية بمسيرات نهارية وليلية وعصيانات مدنية محدودة ، وحرق صور رموز النظام وتحطيم أصنام اللات و العزى و مناة الثالثة الأخرى في الساحات العامة لإزالة آثار تقديس الفرد ومرحلة العبودية من أرضنا وتاريخنا الوطني ، فلم يدرك النظام أنها نهاية الحكم الشمولي وبدايةٌ لبزوغ عصرٍ جديد للحرية وحقوق الإنسان .

ولا يزال يراهن على عامل الزمن لنجاح حله الأمني ، بل أسرف في استخدامه القوة ، لكن أيمان الشعب بحقوقه المسلوبة وتصميمه على استردادها قد أفشل حلّهُ .

فأختار كما هي طبائعه وعاداته أن يلبس ثياب المصلحين قولا ويناقضها فعلاً ، فأعلن عن لقاءات ومشاورات واعدا بمؤتمرات رافعا شعار الحوار الخالي من أي مضمون وجديّة .

فلو كان صادقاً كان لديه متسع من الوقت لإصدار مراسيم وقرارات وتعديلات جوهرية تضع البلاد على سكة التغيير ، لإنقاذ الدولة من التفكك والتدمير و الانهيار وتجنيب البلاد من الصراعات والزلازل والهزات ، ولكن حب السلطة أعمى بصره وبصيرته و زيّنَ له أن الانتفاضة حالة عابرة .

فالحوار من حيث المبدأ وتوفر القناعة له شروط أبسطها أن يكون بين متحاورين يملكون الحرية و الإرادة لأنهم مختلفون ،وليس بين مجموعة من السمّار من حواريين ومؤلفة قلوبهم أو مطايا ، كاد يطير كلٌّ منهم فرِحاً عندما علّق الساجور برقبته منتظرا أداء دوره على مسرح التزوير والتبرير للأستبداد .

ومن إدراكنا ووعينا لعمق الأزمة السورية وتعقيداتها والزمن الذي قد تستغرقه ، وما يمكن أن يترتب عليها من تداعيات فأننا نؤيد كل اللقاءات والاجتماعات والمؤتمرات التي تعقدها المعارضة في الداخل والخارج وغرضها الانتقال السلمي إلى الديمقراطية البرلمانية والتعددية وتداول السلطة و أقامة دولة العدل والمساواة ، ومع كل لقاء أو مؤتمر لدعم الانتفاضة سياسيا وإعلاميا وحشداً وتعبئةً .

ولكن لا نخفي وجهة نظرنا بأنَّ ما تم حتى الآن لا يرتقي إلى مستوى مؤتمر وطني يوّحد المعارضة وينقذ سورية ، هو دونما يجري على أرض الواقع أو ما يتطلع أليه الشارع السوري ويخفف من قلقه الحاضر ومن خوفه على المستقبل ، ومع ذلك فهي خطوات مفيدة لدعم ومساندة الانتفاضة أذا لم تُصادر حقها أو تدّعي أنها ممثلة للشعب ، وتجنبت القضايا الخلافية وتم الابتعاد عن التسرع والاستعجال ورغبات البعض بالاستئثار .

ونرى أن أي مؤتمر سواءً كان بمعزل عن السلطة أو بمشاركة أجنحة منها تؤيد التغيير الحقيقي ولن تسهم في ممارسات إجرامية .

أن مثل هكذا مؤتمر ليُكتب له النجاح يتطلب عاملين رئيسيين هما :

1- العامل الفني 2- العامل المبدئي

العامل الفني أو التنظيمي أي كل ما يتعلق بالتنظيم والأعداد من حيث الشكل للتحضير للمؤتمر وتحديد المشاركين دون إقصاء والزمان والمكان وضمان حرية المشاركين و أمنهم وأن لا يكون عليهم رقيباً ألاّ ضمائرهم والمصالح العليا للوطن والشعب وأن يكون حول طاولة مستديرة وليس بين حاكم ومحكوم أو أدّعاءٍ بحجوم ......

العامل المبدئي وهو ما يتعلق بمضمون الحوار كتشخيص عوامل الأزمة وكيفية الخروج منها وتحديد المبادئ الأساسية لهذا الحوار بدّقة ، والابتعاد عن الصيغ العامة حمّالة الأوجه والاتفاق على برنامج وطني لإنهاء الحكم الشمولي والانتقال إلى الحرية والديمقراطية ، فلا يكفي أن نتفق على ضرورة التغيير بل على صيغ العمل الايجابي لما بعده ، وأن التداول والحوار والاتفاق يجب أن يتمحور في آلية وكيفية هذا التحول كإلغاء الدستور ، انتخاب هيئة تأسيسية تضع دستورا يقوم على عقد اجتماعي جديد ، ويحرّم فيه حكم الفرد والحزب الواحد والاستئثار بالسلطة تحت أيّ صفةٍ كانت ويضع قيودا شديدة لمنع انتهاك الحريات العامة ويحرّم ممارسة التعذيب ، وانتخاب مجلس نيابي وتحديد الفترات الزمنية للمراحل الانتقالية لكل مرحلة من المراحل ، وان تكون صناديق الاقتراع وحدها التي تحدد حجم وثقل كل حركةٍ وحزبٍ .

إذ لا يجوز لعشرات من الأفراد غير منتخبين من الشعب حق مصادرة حق الشعب في تحديد خياراته .

وبرغم من قناعتنا بأن النظام آيّل للسقوط عاجلا أم آجلا ، لكن تشكيل حكومة ظل نظرة سطحية وتبسيط للأمور وفكرة غير صائبة وخطرة لان لهذا الأجراء مناخه وشروطه وننصح بعدم الاستعجال لأنه مثير للجدل والاختلاف ، ولقد راودت هذه الفكرة الكثيرين قبل هذا التاريخ دون أن يعوا أخطارها ، فوقفنا ضدها منذ مؤتمر للمعارضة في واشنطن عام 2005 وما تلاه من مؤتمرات سواء بمقالاتنا أو بمن كان يمثلنا في تلك اللقاءات .

أن تشكيل مثل هذه الحكومة تحت أي أسم له شروطهُ ومحدداتهُ وزمانهُ ولا زلنا بعيدين عنها وبنفس الوقت فهي مَدّعاة للانقسام وبذور للشقاق والتشرذم ، لهذا لا نرى مبرراً للاستعجال ، وعلى المتعاطين بالشأن السوري أن يقرؤوا الواقع السياسي على الأرض جيدا ويقدرون الموقف بشكل دقيق وأن لا يكتفوا برؤية القسم الظاهر من السفينة على وجه البحر ، ونفضّل أن تُركز الجهود على توحيد المعارضة وإيجاد صلات مع قيادات الانتفاضة بقدر ما تسمح به ظروفهم وليس مصادرة حقهم ، واستنهاض الهمم وتفجير الطاقات الكامنة والقطاعات الصامتة من الشعب و أيجاد السبل لتحريكها وتعبئتها.

ونجد أن هذا يتطلب تشكيل لجان شعبية في كل حيّ وفي القرى والنواحي و الاقضية وتحقيق التواصل فيما بينها على مستوى القطر لربط وضبط الحركة الجماعية على الساحة .

أن هذا سيؤدي إلى اختلال موازين القوى بين أكثرية الشعب المسحوقة وبين أقليّة متحكمة وهذا سيفرز تداعيات كبيرة على كل المستويات وأولها المؤسسة العسكرية لتنحاز إلى الشعب .

ونقترح على قيادات المعارضة عدم تسّلم أي منصب رسمي في المرحلة الانتقالية للحفاظ على نزاهتها وعدم أثارة الشكوك حولها أو التنافس فيما بينها .

أن ما تم حتى الآن لا يعدوا أن يكون لقاءات وحوارات وندوات مفيدة لا ترتقي إلى مستوى مؤتمر وطني يضم أطياف المعارضة ، فنحن أمام مفهومين ومشروعين متناقضين.

مفهوم التغيير الجذري ومشروع أقامة دولة المواطنة والعدل والمساواة ومرجعيتها الشعب ، ومفهوم التجميل والتزوير والتبرير لاستمرار الحكم الشمولي ومرجعيته الفرد ومع ذلك يبقى فارقا كبيرا وبوناً شاسعا بين هذه اللقاءات التي تسعى في مجملها إلى التغيير وبين مؤتمرات السلطة التي ترمي إلى التزوير والتبرير.

================================

=====================

============

=====

===

نحو دور خليجي أقوى تجاه قضية العرب الأحواز

إكرامي عبد الحميد نجم*

*مدير مركز الحوار للدراسات السياسية

ليست مبالغة القول أن النجاحات التي حققتها دول مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه في أوائل الثمانينات من القرن المنصرم تؤكد على إدراك قادة دوله منذ اللحظات الأولى للتأسيس على أن ثمة صعوبات ومعوقات ومشكلات تواجه هذا العمل الجماعي، فكما يعلم الجميع أن المنطقة العربية بصفة عامة والخليجية على وجه الخصوص تواجه بسيل ضخم من المطامع الدولية والإقليمية على السواء رغبة في السيطرة على ثرواتها ومواردها من ناحية، وضمان أمنها وامن ممراتها الدولية من ناحية أخرى. هذا فضلا عما واجهه المجلس من أزمات كادت أن تعصف بكيانه وأهمية وجوده وضرورة استمراره، فكثيرا ما واجه المجلس فضلا عن مشكلاته الداخلية بين أعضاءه، مشكلات إقليمية فرضت عليه اتخاذ مواقف وسياسات، وطرح رؤى واستراتيجيات لمواجهة آثارها وتداعيات الجسيمة على مسيرة عمله. وعلى الرغم من نجاح المجلس في مواجهة الكثير من تلك المشكلات، إلا أنه أخفق في البعض شأنه في ذلك شأن أي تجمع إقليمي عانى من تقلبات سياسية وتطورات إستراتيجية وتغيرات اقتصادية وتحولات بنيوية سواء في هيكله التنظيمي أو إستراتيجيته أو توجهات أعضاءه.

ولعل من أبرز القضايا التي مثلت نقاط إخفاق أساسية في أداء المجلس، قضية الشعب الأحوازي العربي أو إقليم الأحواز في إيران. فإذا كان صحيحا أن ثمة اهتماما أولته بعض دول الخليج منفردة كما هو الحال في الاهتمام السعودي الذي يرجع إلى عهد الملك عبد العزيز آل سعود في دعمه ومساندة لقضية الشعب الأحوازى، كما تؤكد ذلك الأحداث والوثائق التاريخية، فإنه من الصحيح أيضا أن ثمة تراجعا على مستوى المنظومة الخليجية الجماعية، وهو ما يُفسر في ضوء ما واجهته تلك المنظومة منذ نشأتها من قضايا وإشكاليات مثلت تحديات كبيرة حظيت بالأولوية مثل الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988، ثم حرب الخليج الثانية في أوائل التسعينات ليعقبها أحداث الحادي عشر من سبتمبر والحملة الدولية على الإرهاب وامتداداتها وتأثيراتها على امن المنطقة ودولها في إطار الحرب الدولية في أفغانستان 2001 وما أعقبها من الحرب على العراق 2003، لتدخل المنطقة برمتها في حلقة مفرغة من الاضطرابات وصلت إلى الثورات العربية بتداعياتها الوطنية والإقليمية والدولية.

ولكن، لا يعنى ما سبق غياب قضية الشعب الأحوازى من الذاكرة الخليجية التي ترى أهميتها في بعدين مهمين: الأول، أنها قضية وطنية إنسانية تتفق والقيم الإسلامية السمحة والإنسانية العليا التي تمثل انطلاقات حقيقية لسياسات دول الخليج، وفى مقدمتها حق الشعوب في تقرير مصيرها. الثاني، المسئولية الدولية والعربية والإسلامية التي تتحملها دول مجلس التعاون الخليجي منفردة ومجتمعة في الدفاع عن العروبة والإسلام، فإذا كانت القضية الفلسطينية تمثل لب الاهتمام العربي والخليجي باعتبارها قضيتهم الأولى، فإن قضية الشعب الأحوازى لا تقل أهمية عنها، فما يتعرض له الشعب الأحوازى من انتهاكات إنسانية واعتداءات عدوانية لا يقل عما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ممارسات وانتهاكات إسرائيلية تمثل خرقا لكافة الأعراف والقيم الإنسانية والعالمية.

وفى ضوء ذلك، تصبح من الضرورة بمكان على الدول الخليجية مجتمعة أن تتخذ سياسات قاطعة وخطوات واضحة ومواقف صارمة حيال ما يتعرض له الشعب الأحوازى على يد الاحتلال الإيراني من اعتداءات وخروقات واضطهاد طائفي وعرقي، فقد أضحت مساندة الثورة الأحوازية قضية امن قومي خليجي في المقام الأول وعربي في المقام الثاني، فمن الصعوبة تحقيق امن حقيقي في منطقة الخليج العربي دون تبني الملف التحرري الأحوازي ودعم الثورة الأحوازية، شريطة أن تجتمع كافة الفعاليات والفصائل والتنظيمات الأحوازية في إطار تنظيمي وحدوي شامل تحت مظلة واحدة هدفها التحرير النهائي, فالأحواز دولة عربية وشعب عربي خليجي أصيل، تؤكد ذلك أحداث التاريخ وحقائق الارتباط الجغرافي للإقليم مع سبع دول عربية بطول 1400 كيلومتر، حيث تمتد الحدود الأحوازية مع العالم العربي لتصل إلى 500 كيلومتر من أم القصر العراقية إلى محافظة ميسان وواسط العراقيتين، ومنها أكثر من 900 كيلومتر على ساحل الخليج العربي في العراق والكويت والسعودية والبحرين وقطر والإمارات وعمان.

ويبرز الدعم الخليجي المطلوب للقضية الأحوازية في ثلاثة مجالات محورية، أولا- اعتبار إقليم الأحواز دولة عربية خليجية محتلة، وهو ما يمكن أن يفتح الباب لمشاركة وفد يمثل الشعب الأحوازي في اجتماعات دول المجلس. ثانيا- تقديم الدعم الإعلامي والدبلوماسي للشعب الأحوازى، سواء في المؤسسات الدولية أو الإقليمية الشعبية منها والرسمية، وذلك لمواجهة الإعلام الإيراني الموجه بما ينشره من مغالطات سياسية وأكاذيب تاريخية. ثالثا- اتخاذ مواقف صريحة وسياسات واضحة لإدانة إيران في احتلالها للإقليم وانتهاكاتها لحقوق أبناءه وحرياتها، فضلا عن اعتداءاتها المستمرة سواء على المواطنين أو مصادرتها للأراضي وبناء المستوطنات على النهج الإسرائيلي، مخالفة بذلك كافة القوانين والأعراف الدولية.

خلاصة القول أن أكبر تحدِ سياسي وأمني يواجه الأمن القومي العربي وفى القلب منه الأمن الخليجي هي التدخلات الإيرانية في شئون دول المنطقة ضمن مخططاتها التوسعية وأهدافها التمددية لاختراق المنطقة برمتها واحتلالها ضمن أحلام توسعية قديمة خلقت لدي قادتها وزعمائها رغبات دفينة في التوسع والسيطرة تمهيدا لبناء إمبراطورية فارس المزعومة في تاريخ مكتوب بأيديهم ومرسوم في مخيلتهم، وهو ما يفرض على الدول العربية مجتمعة اتخاذ مواقف حاسمة وردود فعل قاطعة على مثل هذه الادعاءات وتلك التدخلات لحماية مستقبل الوطن العربي من الوقوع في براثن احتلال جديد في حين انه ما زالت دماءه لم تجف من احتلال قديم ترك له شوكة في خاصرته بزرع كيان صهيوني يؤرق أمنه ويحفظ مصالح المحتل، ولا يقل الموقف الإيراني وسياساته خطورة عن هذه التهديدات التي تسعى إلى اختراق المجتمع العربي وجعله جراحًا مفتوحًا ينزف لتحقيق مصالحه وأهدافه وأطماعه وطموحاته.

================================

=====================

============

=====

===

أسباب الثورات العربية.. سوريا نموذجاً..!!

حسان القطب*

قبل فترة ليست ببعيدة كانت معظم قيادات الدول العربية التي مضى على وجودها في السلطة عقوداً من الزمن، تفكر في تأمين عملية توريث أو انتقال للسلطة إلى من تراه مناسباً ليتابع مسيرتها السياسية والأمنية، بطريقة هادئة تتضمن شكلاً دستوراً وديمقراطياً، ولكنها في حقيقة الأمر تتم وفق أصول وأساليب ديكتاتورية لا تراعي رأي الشعب ولا توجهاته ولا رغبته في التغيير والتطوير، واستندت هذه الديكتاتوريات في تفكيرها إلى حالات متعددة تمت فيها سابقاً عملية انتقال للسلطة في أنظمة دول جمهورية وليست ملكية تحت سقف البرلمان أو مجلس الشعب وبالتصويت، وهذا ما جرى في سوريا عام 2000، بعد وفاة حافظ الأسد، حيث تم تعديل الدستور ليتاح لولده بشار أن يحكم سوريا بإرادة شعبية انطلقت من مجلس الشعب وتحت سقفه..؟؟ ولم يتم تسجيل أية حالة اعتراض شعبية أو حزبية وحتى دولية على هذا الانتقال للسلطة من الأب إلى الابن في دولة جمهورية وضمن أطر حزب يقدم نفسه على انه حزب قومي شعبي يحمل في فكره طموحات وتطلعات الطبقة والشريحة الأوسع من أبناء شعبه ويجسد رغبتهم في تعميق أسس النظام الجمهوري والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة، وتثبيت مبادئ الكفاءة والنزاهة والخروج من دولة العشائر والقبائل والعائلات والتباينات الدينية والعرقية..؟ هذه التجربة شجعت عدد من زعماء الدول العربية على تكرارها..؟؟

 ولكن فجأة ودون مقدمات اندلعت سلسلة من الثورات في العالم العربي التي بدأت في دولة تونس وامتدت إلى مصر، ولا تزال مشتعلة في العديد من الدول العربية، وجميع هذه الثورات تطالب التغيير الشامل والكامل لهذه الأنظمة ورموزها دون استثناء. قد يكون صحيحاً أن الانتفاضات والثورات الشعبية العربية قد انطلقت دون مقدمات ظاهرة أو بارزة للعيان بحيث فشل معظم المراقبين السياسيين في توقع حدوثها أو انطلاق شرارتها. ولكن ما أشعل هذه الثورات هو تراكم ممارسات وتصرفات قادة وأحزاب هذه الأنظمة على امتداد سنوات طويلة وقاسية من إمساكهم بالسلطة وممارستهم التسلط، والاختباء خلف مؤسسات إعلامية تعمل للترويج لهم ولأشخاصهم ولعائلاتهم وإخفاء ممارساتهم، والاستناد إلى مؤسسات وأجهزة أمنية تعمل على قمع وإخماد وإخفاء كل صوت حر ومعارض، والاعتماد على انتمائها القبلي والعشائري والحزبي والديني والعرقي إضافةً إلى ارتباطهم بقوى خارجية لحمايتهم ورعايتهم، مما أعطى قادة هذه الأنظمة فرصة الاستمرار على رأس السلطة والتحكم بمصائر شعوبها وثرواتها ومستقبلها.. لذا فإن الثورات العربية التي اندلعت اليوم ولا تزال هي حالات شعبية جماهيرية ليست ذات طابع حزبي أو أنها على الأقل منظمة بشكل جيد ضمن مؤسسات وأطر ومؤسسات تسعى للانقلاب على السلطة والإمساك بها. ولهذا السبب فإننا نرى وإلى اليوم أن معظم الانتفاضات العربية والثورات الجماهيرية لا تزال تعقد لقاءات ومؤتمرات تبحث وتدرس كيفية تنظيم حراكها وتطوير انتفاضاتها وصولاً لتحقيق تغيير حقيقي في بنية السلطة وتركيبتها وتفادي الوقوع في فخ تكرار التجربة عينها مع أشخاص جدد وأحزاب جديدة..ولكن هنا لا بد لنا من إلقاء بعض الضوء على الدوافع الحقيقية التي دفعت هذه الشعوب للانتفاض على السلطة الحاكمة والسعي لتغييرها، وبما أن الثورة السورية لا تزال مشتعلة وملتهبة، وبما أن التشابه موجود وبقوة بين حالة وطبيعة النظام السوري وسواه من الأنظمة العربية، لذا يمكن القول أن بعض هذه الأسباب التي دفعت الشعب السوري والشعوب العربية للانتفاض هي:

- التوريث، أو الجمهورية الملكية: لقد كان انتقال السلطة في سوريا عقب وفاة حافظ الأسد إلى ابنه بشار عملاً يتناقض مع مبادئ حزب البعث القائمة على رفض النظم الملكية، كما كان لا يتوافق مع منطق الهرمية الحزبية التي تقوم على تقديم الأفضل من الكفاءات الشعبية داخل الأطر الحزبية لتتبوأ المواقع الأساسية والأمامية في الحزب والسلطة، فكان تعديل الدستور ليتمكن بشار من تسلم السلطة خلفاً لوالده من نائب والده عبد الحليم خدام، برعاية أمنية وعسكرية، أول تناقض مع هذه المفاهيم، وحتى مع مبادئ حزب البعث الحاكم وتثبيتا لمفهوم الجمهورية الملكية، وإشارة إلى عدم احترام رغبة الشعب السوري وحريته في اختيار الأكفأ والأصلح لقيادة البلاد.

- الحالة الطائفية: قد تتباين هذه النقطة بين دولة وأخرى فقد تكون الحالة الطائفية موجودة في دولة وقد تكون العشائرية أو العرقية في حالة دولة أخرى ولكنها مشكلة متشابهة في كل حال. ولكن في حالة سوريا فقد كان استناد حافظ الأسد محلياً لحماية نظامه، ومن بعده بشار على ميليشيات أمنية (الشبيحة) وهي ذات انتماء طائفي محدد، أما إقليمياً فكان بتعميق التحالف مع دولة دينية ذات فكر ديني وعقائدي معين ومصالح قومية تتضارب مع مصالح الأمة العربية بل هي في حالة حرب معها، وهذا يتناقض مع ثقافة معظم أبناء الشعب السوري، ومع فكرة قيام الدولة المدنية التي يعيش فيها كافة أبناء الشعب جنباً إلى جنب بمساواة وعدالة مهما اختلفت انتماءاتهم وثقافاتهم.. واليوم يستخدم هذا الواقع الذي صنعه النظام للترهيب من قيام حرب طائفية في سوريا..؟؟

- الوضع الاقتصادي: من الواضح أن القاسم المشترك بين كافة الثورات العربية والانتفاضات الجماهيرية في كافة الدول العربية هي الوضع الاقتصادي المتردي، فنسبة البطالة مرتفعة للغاية ولا يوجد إحصاءات دقيقة لمعرفة حجم البطالة ولا يوجد مؤسسات رسمية تعمل على معالجة هذه المشكلة ووضع الحلول المناسبة للعمل على استيعاب القوى العاملة الناشئة التي تتخرج سنوياً من جامعات ومؤسسات مهنية وتربوية مختلفة، مما يدفع بعدد كبير من خيرة مثقفي ومتعلمي هذه الدول وبالتحديد سوريا إلى الهجرة للخارج حيث ذكرت إحدى النشرات العلمية أن 24000، طبيباً سورياً يعملون خارج سوريا. فالنظام السوري ومثله سائر الأنظمة القمعية تنفق ثروات شعوبها على تنمية وتطوير وتفعيل مؤسسات أمنية تعمل على حفظ السلطة وحمايتها وتأمين استمرارها وتداولها..

- الحريات السياسية والإعلامية: الأحزاب الحاكمة سمحت لنفسها بممارسة العمل السياسي والإعلامي على شكل واسع ولكنها قامت بحرمان شعوبها من حقها في تشكيل أحزاب، وممارسة حقها في العمل السياسي ومن حرية التعبير فاحتكرت هذه الأنظمة حق إنشاء الوسائل الإعلامية وإدارتها، وجعلت منها أبواقا لها وصدىً لتوجهاتها ورغباتها فغاب عن الإعلام الرسمي الذي تمسك به هذه الدول كل أوجه النقاش والحوار والانتقاد باستثناء تمجيد الرئيس وعائلته وسلطته وحزبه، وإدانة خصومه في حال وجودهم أو التحذير من المؤامرات القادمة التي تستهدف الزعيم والقائد ومواقفه والحزب وأعضائه ومحبيه وليس الشعب والكيان والأمة...؟؟

- الفساد: كافة الأنظمة التي تعاقبت على حكم الدول العربية منذ استقلالها، كان شعارها محاربة الفساد في الإدارة والسلطة وحماية المال العام..ولكن الواقع مختلف تماماً، بل هو يختلف مع تسلم هذا الفريق أو ذاك لزمام السلطة، وقد تبين أن مشاكل الرؤساء المخلوعين أو الذين هم على طريق التغيير هي فساد عائلاتهم وإمساكهم بمفاصل إدارية وأمنية تمكنهم من الاستيلاء أو الاستبداد بالحركة المالية في البلاد، والهيمنة على طرق الاستثمار بحيث لا يمر إلا من خلالهم وعبرهم مع ما يراكم لهم هذا الأمر من ثروات وأموال تحجب عن مواطني هذه الدول وشعوبها، وحكاية قريب الأسد (رامي مخلوف) وغيره كثير ليست بعيدة عن الأذهان والذاكرة أيضاً..

- القضية الفلسطينية: إنها قضية الأمة المركزية وفي سبيلها تهون كل التضحيات، وعلى هذا الدرب وتحت هذا الشعار استطاع حكام هذه الشعوب وبعض أحزابها استغلال الشأن الفلسطيني أيما استغلال، من قمع وتسليح تنفق عليه ثروات وأموال طائلة ليتبين بعدها أن هذا السلاح إما لخوض حروب إقليمية مع دول شقيقة أو لقمع الشعوب وإرهابها، ولنا نحن في لبنان (لبنانيين وفلسطينيين) مع النظام السوري حكاية مريرة وتجربة قاسية ومعاناة طويلة في هذا الشأن وتحت عنوان فلسطين وحماية الشعب الفلسطيني وقضيته..وحماية لبنان من المؤامرة الصهيونية؟؟

معاناة شعوبنا العربية متشابهة ومتقاربة وأسباب انتفاضاتها سواء في الشمال الإفريقي أو في سوريا واليمن تكاد تكون واحدة وإذا كنا قد عددنا بعض الأسباب، فلا شك أن هناك أسباب أخرى يختص بها كل شعب وكل وطن ولكنها كانت كافية لتشعل ثورة وانتفاضة، والاستعداد لتقديم التضحيات والشهداء والدماء لتغيير هذا الواقع المؤلم. ولكن تبقى العبرة في انجاز عملية التغيير نحو واقع أفضل يقودنا نحو مستقبل زاهر ومزدهر، وأن لا نقع في فخ تكرار نماذج سلطوية فاشية جائرة تمسك برقابنا ورقاب أبنائنا لعقود قادمة وحتى لا ندفع ثمن التغيير مرة أخرى..

*مدير المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات

hasktb@hotmail.com

================================

=====================

============

=====

===

ترانسفير إسرائيلي بمساعدة عربية

د. مصطفى يوسف اللداوي

إنه حلم رواد الحركة الصهيونية القدامى وقادة الكيان الإسرائيلي جميعاً، صقور ومتطرفين، حمائم ودعاة سلام، سياسيين وعسكريين، كلهم يتطلع إلى اليوم الذي تخلو فيه فلسطين من سكانها العرب، وتغدو دولةً يهوديةً خالصة، لا شوائب فيها ولا أغراب، ولا مكان للعرب، المسلمين والمسيحيين "الغوييم" فوق ترابها، ولا أثر لهم باقٍ فيها تحت الأرض أو فوقها، عمراناً أو مقاماً، علماً أو صرحاً، مسجداً أو كنيسة، مقبرةً أو مدرسة، لتغدوا فلسطين مملكةً يهوديةً بحق، تخفق في سمائها نجمة داوود الزرقاء، وتحكمها تعاليم التلمود والتوارة، وتتعالى فيها أصوات الحاخامات ورجال الدين، وتخلو شوارعها يوم السبت من السيارات العابرة، والمواقد المشتعلة، ويسيرون في شوارعها بالقلنسوة اليهودية، والسوالف الطويلة، والقبعة السوداء، يزورون حائط المبكى يتلون فيه مزاميرهم، ويدخلون المسجد الأقصى يصلون في باحاته، ويتنقلون في رحابه، يعقدون فيه زفافهم ويختتنون فيه أطفالهم، إنه حلمٌ عاش معهم، خططوا له وعملوا من أجله، وماتوا وهم يسعون لتحقيقه، وأورثوه لمن جاء من بعدهم، فهو لم يغادر مخيالاتهم، ولم يبرح أحلامهم، ومازال يتراءى أمام عيونهم، حلماً وأملاً وهدفاً وغاية.

يبذل الإسرائيليون غاية جهدهم ليفرغوا الأرض الفلسطينية كلها من سكانها، فدمروا مدنهم وقراهم، وشردوهم منها وسكنوا فيها، وقتلوا رجالهم ونساءهم وأطفالهم، وزجوا بمئات الآلاف من الفلسطينيين في السجون والمعتقلات، وأبعدوا عنها وطردوا منها الآلاف، ولكن الأرض الفلسطينية بقيت تحكي عربي، وتحفظ لهجتها الفلسطينية، وتحمل هويتها العربية وتباهي بها، وتتحدى الإسرائيليين وتقف في وجه دباباتهم وتواجه طائراتهم، وقد أقسم أهلها أن يبقوا في أرضهم ثابتين، وعن حقهم مدافعين، وبقيت فلسطين أرض الزيتون والزعتر، تتحدى بجرحها، وتتشامخ مع ألمها، وتزهو بثوبها الفلسطيني العربي القشيب.

هذه هي السياسة الإسرائيلية القديمة واضحة لا لبس فيها، ولا غموض يكتنفها، ولا خداع في تنفيذها وتطبيقها، ولا يحرص الإسرائيليون على إخفائها أو تزيينها، ولا يدعون بأنهم يحبون الفلسطينيين ويعملون من أجلهم، إنما يعملون بصدقٍ وإخلاص لصالح شعبهم وقضيتهم وعقيدتهم وهويتهم، لكن المشكلة الخطيرة التي يحار المرء في تفسيرها أو فهم أهدافها ومراميها، أن الحكومات العربية تسهل مهمة الإسرائيليين في تفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها، ودفعهم للبحث عن أوطانٍ جديدة، وجوازات سفرٍ محترمة، وبطاقات هويةٍ مقدرة، فقد أصبح هم الفلسطينيين جميعاً أن يتخلصوا من وقفات الذل والهوان التي يتعرضون لها في كل مطارات ومعابر الدول العربية، فهم يتجرعون الذل والهوان ألواناً من عناصر وضباط الأمن العام، الذين ينظرون إليهم شزراً، ويرمقونهم بعيونهم بكلِ استهتارٍ وعدم تقدير، وقد جمعوا جوازات سفرهم بل وثائق السفر التي أصدرتها سلطاتهم باتفاقٍ مع جامعة الدول العربية، ولكنهم لا يحترمون وثيقة السفر التي أيدوا منحها للفلسطينيين اللاجئين، ولا يسهلون لحاملها الدخول إلى بلادهم، بل تنص أنظمتهم على عدم السماح للفلسطيني بالدخول إلى بلادهم، حتى ولو كان في طريقه إلى أرض وطنه، عائداً إلى بيته.

يحار الفلسطينيون في فهم السياسات العربية في التعامل معهم، فهم يدعون أنهم يدعمون صمود الشعب الفلسطيني، ويعملون على الحفاظ على هويته وشخصيته، وأنهم يرفضون منح الفلسطيني جنسية بلادهم حرصاً على القضية الفلسطينية، ولكن الحقيقة أن الحكومات العربية تضيق على الفلسطينيين، وتمعن في إذلالهم ومهانتهم، وتدفعهم بقوة لأن يلقوا بوثيقة السفر التي يحملون، أو جواز السفر الجديد الذي ساهموا في إصداره وفرضه، فكلاهما لا يجلب التعامل الكريم للفلسطيني، ولا يجبر عناصر الأمن العام في المطارات والمعابر الحدودية على الابتسام لهم والترحيب بهم، بل إن وثائق سفرهم كما سحنات وجوههم أسرع طريقةٍ لتعكير مزاج عناصر الأمن العام، وتغيير ملامح وجوههم غضباً وعبوساً، فالقادم غير مرحبٍ به، ولا مكان له بين إخوانه العرب، ولا متسع له على الأرض العربية، وعليه أن يرحل فوراً، وأن يبحث له عن مكانٍ آخر، يشعر فيه بالعزة والكرامة والقيمة الإنسانية، ويرى أنه فيه مقدرٌ ومحترم، وله كرامة وسيادة وحقوق وامتيازات، ومع أنه كغيره من الوافدين، يلبس ثياباً أنيقة، ويحسن الحديث والتعبير، ويتقن اللغات الأجنبية، ويحمل أعلى الشهادات العلمية، وتمتلئ جيبوبه بالأموال، وبطاقته الإئتمانية صالحة وفيها رصيدٌ كبير، ولكن شيئاً من هذا لا يشفع له، فهو فلسطيني، وتكفيه جنسيته لأن يكون منبوذاً على بوابات الحكومات العربية.

إنها الإجراءات الرسمية العربية المتوارثة منذ أربعينيات القرن الماضي، وهي التي تواصى عليها القادة والحكام العرب، وأجمعوا أمرهم عليها في اجتماعات جامعة الدول العربية، إنهم يكذبون علينا عندما يقولون إن هذه الإجراءات من أجلكم، ولصالح قضيتكم، وهي لا تستهدف أشخاصكم، ولا تقصد إهانتكم، ولا تتعمد التضييق عليكم، إنها إجراءاتٌ تهدف إلى حماية الهوية الوطنية الفلسطينية، وأنها تحول دون نسيان الفلسطيني لوطنه وقضيته وهويته، إنهم يستخفون بعقولنا، ويستهزؤون بنا، ويحاولون خداعنا، فهم يضطرون لأن يرفعوا القبعة من على رؤوسهم احتراماً وتقديراً لحامل الجواز الأمريكي أو الأوروبي، وهم يعلمون أن حامله فلسطيني الجنسية، وهو ابن مخيم جباليا أو الشاطئ، وأنه من سكان قطاع غزة البئيس المحاصر، ومع ذلك يحترمونه ويقدرونه، لا احتراماً وتقديراً لذات الإنسان الفلسطيني، بل احتراماً لجواز السفر الذي يحمل، وتقديراً للجنسية التي يتمتع بها، وخوفاً من سفير صاحب السيادة، الذي لا يتأخر عن رفع سماعة الهاتف ليتصل بأعلى مسؤولٍ في البلاد، مستنكراً سوء المعاملة التي تعرض له مواطنه، ويطالبهم بتسهيل أموره والاعتذار له، بل إن بعض السفراء الأجانب يذهبون إلى مطارات الدول العربية بأنفسهم، ليسهلوا للفلسطيني الذي يحمل جنسية بلاده الدخول إلى البلاد، وليضمنوا حسن استقباله وعدم الإساءة إليه، فما الذي تغير في هذا الفلسطيني غير جواز سفره الذي يحمل اسمه العربي الأصيل ومكان مولده في فلسطين، ومازال ينطق بالعربية وباللهجة الفلسطينية، ومازالت تفوح من حقائبه رائحة الزيتون والمرمرية والزعتر.

إنها مؤامرةٌ عربية قديمة جديدةٌ بحق، تلك التي يتعرض لها الفلسطينيون في الكثير من البلاد العربية، التي لا تسهل لهم الدخول إلى بلادهم والعمل فيها، وتجبرهم على الهجرة والسفر بعيداً، بحثاً عن هويةٍ محترمة، وجواز سفرٍ يصلح لأن يمهر بخاتم صاحبة السيادة، إنها سياسة تستهدف إفراغ الأرض الفلسطينية، ودفع أهلها إلى الهجرة واللجوء، فإن كانت السياسة الإسرائيلية مفهومة ومعروفةٌ أسبابها، فإننا والله نجهل دوافع حكوماتنا العربية، وأسباب تضييقها على الفلسطينيين واحتجازهم أطفالاً وكباراً، رجالاً ونساءاً، وكأنهم قتلة ومجرمين، الحقيقة أن الفلسطينيين متهمين بأنهم يقتلون الإسرائيليين وينغصون عليهم عيشهم، ويعملون على طردهم من أرض فلسطين، ليسكنوا فيها، ويقيموا مكانهم، فهذه هي جريمتهم التي يستحقون عليها سوء المعاملة.

================================

=====================

============

=====

===

الأسير مجدي سباعنة .. صاحب الابتسامة الدائمة

ثامر سباعنة

باحث في شؤون الأسرى

محاولات النيل من عزيمة الشعب الفلسطيني الجبارة بدأت ولم تنته ، ففي ظلمة سجون الكيان الصهيوني تظهر الحرب على الفلسطينيين بكل أشكالها ، وليس هنالك أسوأ من السجن وظلمته سوى قتل الأمل ومحاولات النيل من إرادة وعزيمة المظلوم ... وما أكثر المظاليم في سجون المحتل ، والآن يقضي في هذه السجون أكثر من ستة آلاف أسير من بينهم أسيرنا مجدي سباعنة .

  نشأته:

ولد الأسير مجدي حسين فائق سباعنة في بلدة " قباطية " جنوب مدينة جنين ، في 20/4/1983 ، وهو الابن الأكبر في عائلته بين شقيق واحد وثلاث شقيقات ، عاش حياته متنقلاً هو وعائلته بين الأردن وفلسطين طلباً للرزق ، وتوجه خطواته الأولى إلى المسجد ، حيث نهل هنالك من التربية الإسلامية على يدي أهل العلم والصلاح.

تميز مجدي بطيبته وحبه للجميع وعطائه اللامنتهي ، ومع بلوغه بدت عليه علامات تميزه وموهبته في لعب كرة القدم فانضم لصفوف فريق إسلامي قباطية ومنه انتقل إلى نادي قباطية الرياضي ، وقد لقبه أصدقاؤه وأحبابه ب ( أبو زمع ) نسبة ألى اللاعب الأردني المميز عبد الله أبوزمع .

 

  الاعتقال والحكم :

وضمن سطور حكاية الأسير مجدي برز عنصر المفاجأة كبيراً لدى عائلته . فالكل كان يستذكر مجدي الهادئ المبتسم الودود الذي ينغمس في عمله نهاراً وليلاً دون أدنى شك في أن يقوم بأي عمل مقاوم ، لم يظهر عليه أي دليل على انغماسه بالمقاومة ، لكن بعد منتصف ليلة( 13 / 2 / 2003 ) اقتحمت خفافيش الليل الصهيونية بلدة قباطية وأغلقت مداخلها وحاصرت منزل مجدي لتقوم بانتزاعه من بين أهله وعائلته وتنقله مباشرة إلى غرف التحقيق ليخوض تحقيقاً قاسياً استمر لأكثر من خمسين يوماً نال خلالها شتى أصناف العذاب ، لكنه صمد على التحقيق وصبر .

وبعد محاكمة ظالمة حُكم عليه بالسجن المؤبد بالإضافه إلى ثلاثين عاماً بتهمة المشاركة في التنفيذ لعملية استشهادية.

  معاناة في الأسر:

لم يكتفِ الاحتلال بالحكم القاسي على أبو زمع بل لاحقه حتى في الأسر والزنازين ، فمنع والدته من زيارته دون أية أسباب ، كما تواجه عائلته صعوبة في إدخال الملابس إليه ، حيث لا تسمح إدارة السجن بإدخال الملابس للأسرى سوى مرتين في العام ، كما يمنع إدخال احتياجات الأسرى والأغطية الصوفية ، ولا يسمح لمجدي إلا بإرسال رسائل قليلة لأهله ، بالاضافة إلى حرمانه من إكمال تعليمه الجامعي ، وخلال سنوات اعتقاله حرم التواصل مع عائلته ولم يستطع مشاركتهم أفراحهم أو أحزانهم فتزوجت أخته الكبرى ورزقت بطفلة دون أن يسعد مجدي برؤيتها أو احتضانها .

 

قدر الشباب الفلسطيني أن يدفع روحه أو حريته ثمناً لحرية وطنه ، فإن طال زمن الاحتلال فلابد من لحظة الحرية.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ