ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 18/07/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

رحمة الله

 الدكتور عثمان قدري مكانسي

الرحمة سمة العقلاء وسمة المتقين وعلامة ذوي القلوب الشفافة ، ونعمة لأصحابها يعيشون بها عيشة الاصفياء ، ويحيَون فيها حياة النبلاء . يريدها الذكي الأريب للناس جميعاً ويسعد أن يراهم يفترشونها ويلتحفون بها . بها يبنون مجتمعاتهم الراقية ، ودولهم الحضارية .

فعن جندب بن عبد الله البجلي قال: جاء أعرابي فأناخ راحلته ثم عقلها، ثم صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نادى: اللهم ارحمني ومحمدا ولا تشرك في رحمتنا أحدا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لقد حظرت رحمة واسعة، إن الله خلق مئة رحمة، فأنزل رحمة يتعاطف بها الخلق جنُّها وإنسُها وبهائمُها، وعنده تسعة وتسعون ".

أخرجه أحمد وأبو داود . لقد راقت الأعرابيَّ معاملةُ الحبيب له وعطفه عليه حين أنقذه من غضب أصحابه فدعا بهذه القول ، يسمعه الموجودون في المسجد فيعلمون أنه اغتاظ منهم حين وبخوه واجترءوا عليه وكادوا يقعون فيه.

وعن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن لله مئة رحمة، فمنها رحمة يتراحم بها الخلق، وبها تعطف الوحوش على أولادها، وأخِّرَ تسعٌ وتسعون إلى يوم القيامة". أخرجه أحمد ومسلم . فإذا كانت رحمة واحدة يعيش الناس بها في أمان ، فكيف حين تكون مئة الرحمة مجتمهة في صعيد واحد؟! إنه الله الرحيم بعباده الرؤوف بهم سبحانه ، أفلا يستحق هذا الإله الرحيم الحب والود والعبادة؟! بلى والله ..

وعن سلمان موقوفا وابن مردويه عن سلمان قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله خلق مئة رحمة يوم خلق السموات والأرض، كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض، فأهبط منها رحمة إلى الأرض، فيها تراحم الخلائق، وبها تعطف الوالدة على ولدها، وبها يشرب الطير والوحوش من الماء، وبها تعيش الخلائق، فإذا كان يوم القيامة انتزعها من خلقه ثم أفاضها على المتقين، وزاد تسعا وتسعين رحمة، ثم قرأ "ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون" أخرجه ابن أبي شيبة

 والعفو يوم القيامة كبير كبير ، ولله المنّة والفضل دائماً وأبداً ، فقد أخرج الطبراني عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده ليدخلن الجنة الفاجرُ في دينه، الأحمقُ في معيشته، والذي نفسي بيده ليدخلن الجنة الذي قد محشته النار بذنبه، والذي نفسي بيده ليغفرنَّ الله يوم القيامة مغفرة يتطاول لها إبليس رجاء أن تصيبه ". وما هذا إلا دليل رحمة الله تعالى بعباده ، فهو الغفور الرحيم . حتى يرجو إبليس أن تناله الرحمة على ما فعل وأغوى . يتطاول إبليس على الرغم مما فعل بالناس هو وذريته آلاف السنين ، يرجو رحمة الله ؟! فكيف ترى المسلمين الموحدين الراجين عفو مولاهم وقد كانوا يعملون لهذا الموقف قدر استطاعتهم ، أو تراهم عملوا فكان عملهم قليلاً... إن رحمة الله قريب منا وهو الكريم ، سبحانه ظننا به حسن

وعن أبي سعيد الخدري. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " افتخرت الجنة والنار، فقالت النار: يا رب، يدخلني الجبابرة والملوك والأشراف. وقالت الجنة: يا رب. يدخلني الفقراء والضعفاء والمساكين. فقال الله للنار: أنت عذابي أصيب بك من أشاء، وقال للجنة: أنت رحمتي وسعت كل شيء، ولكل واحدة منكما ملؤها ". أخرجه أحمد .

وعن أبي بكر الهذلي قال: لما نزلت "ورحمتي وسعت كل شيء" قال إبليس: يا رب، وأنا من الشيء. فنزلت "فسأكتبها للذين يتقون... " . فنزعها الله من إبليس. أخرجه ابن أبي حاتم

وأخرج البيهقي في الشعب عن سفيان بن عيينة قال: لما نزلت هذه الآية "ورحمتي وسعت كل شيء" مد إبليس عنقه فقال: أنا من الشيء. فنزلت "فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون" فمدت اليهود والنصارى أعناقها فقالوا: نحن نؤمن بالتوراة والإنجيل، ونؤدي الزكاة. فمنعها الله عن إبليس واليهود والنصارى، فجعلها لهذه الأمة خاصة فقال {الذين يتبعون الرسول النبي الأميّ ... } . قال موسى: يا ليتني أخِّرْتُ في أمة محمد.

 

فقالت اليهود لموسى: أيخلق ربك خلقا ثم يعذبهم؟ فأوحى الله إليه: يا موسى ازرع. قال: قد زرعت. قال: أحصد. قال: قد حصدت. قال: دس. قال: قد دست. قال: ذرِّ. قال: قد ذريت. قال: فما بقي؟ قال: ما بقي شيء فيه خير. قال: كذلك لا أعذب من خلقي إلا من لا خير فيه. .... والخير في الموحدين فقط .. اللهم ارزقنا اليقين وأحينا على التوحيد ، اقبضنا عليه آمين .

===============================

ثوري دمشق

د.ناصر الحاج حامد

حـي النجوم و أفضي الشعر iiمرسالا      نـحـو الـكنانة تـقديرا و iiإجـلالا
بـحر الـكرامة مـن نيل تفيض iiبه      أرض  الـشـآم تـغاريداً و iiتـهلالا
لـله درك هـل مـن تـونس iiبدأت      شـمس الـعروبة إشـراقاً و iiإقـبالا
أم أن حـلماً بـه الـصحراء مـقبلة      لـلـعرب فـتحا و لـلظلام iiإقـفالا
فـي الـشام رحـل للإسراء iiموكبهم      و الـقدس فـيها لـلمعراج iiتـرحالا
و  الرحل طل على حمص و مر iiبها      مـثل  الـبراق فـنعم الرحل iiإطلالا
أمـا  حـماة فـجرح لـيس iiمـلتئم      أبـكيك دمـعاً كـم لاقـيت أهـوالا
إدلـب  تـباهي أنـت الفجر iiمرتسم      فـوق  الـنجوم فـما لـليل إمـهالا
فــي الـلاذقية إقـدام و iiإصـرار      أنــا  أشـرت فـقعقاعاً و iiجـمالا
و الـدير تـرسم رغـم القهر iiملحمة      لـلـقادسية رسـمـاً جـاء iiإكـمالا
بـشراك درعـا أنـت المجد iiمفخرة      أنــت الـبطولة أقـوالاً و iiأفـعالا
بـشراك  درعـا رغـم القيد iiشامخة      حـطين  أرضـك أنـا سرت أبطالا
بـشراك  درعـا كم من مهجة iiغنت      غـنتك روحـي وروح الغصن iiميالا
و اذكـر قـرانا كم من قرية iiصمدت      رغـم الـجراح تـمد العون iiأوصالا
والله  إنـي قـد قـصرت فـي مدن      مـهد  الأبـاة و لـيس القصد إهمالا
لـكن  شـعري لـن يوفي هموا iiحقاً      مـهما كـتبت فـما في الكون iiأمثالا
ثـوري حـماة فـكم قـالت كذا iiأسد      قـبل الـرحيل وكـم من راحل iiقال
ثـوري مـعرة هذي الخيل قد ركبت      نـحو الـكرامة أنـا رمـت iiخـيالا
ثوري دمشق و دكي عرش من ظلموا      ثـوري وربـك إن الـعرش قد iiمال
شـهباء ثـوري إن الـركب iiمنتظر      ولـى  الـخنوع و ولّى كل من والى
هـذي الـجموع أفـاقت ليس iiيوقفها      ظـلم  الـطغاة و حـكم كـان إذلالا
فـارفع بـهامك مـا للظلم من iiوطن      الأرض أرضـك مـهما ظلمهم iiطال
واخـرج  عصياً في شام و في iiحلب      و اضـرب بـنعلك لـلظلام تـمثالا
ثـوري  دمـشق فـللتاريخ iiمنعطف      سـجـل لـعمرك لـلتاريخ iiأقـوالا
أوقـد شـموعك فـالحرية iiانتصرت      و اصـرخ عـلياً لـلإجرام أن لا iiلا

===============================

في جمعة أسرى الحرية سوريا تدخل عالم المليونية !!

بقلم: د أحمد بن فارس السلوم

أكاديمي سوري

لم يعد لدى أحد شك أن النظام السوري قد سقط، وأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة، وأن هذه الجمعة - جمعة أسرى الحرية - قد أجهزت عليه وأصبح منذ اليوم جزءا من الماضي.

نحمدك اللهمّ فلولا تأييدك لنا ما خرج أهلنا في سوريا بهذه البطولة.

أكثر من مليون سوري خرجوا في أنحاء سوريا من جنوبها إلى شمالها، ومن شرقها إلى غربها، يرقصون على أزيز الرشاشات، ويغنون للحرية في شوارع مملكة الخوف والقتل والاستعباد.

لم يعد للخوف في قلوبهم مطرح، ولا للجبن لديهم مكان.

في حماة ودير الزور احتشد نحو مليون كما ذكرت وسائل الإعلام، وأظهرته الصور القادمة من هناك.

في القابون أكثر من عشرين ألف متظاهر هكذا قدر المراقبون، والصور تظهر أكثر من ذلك بكثير.

في المعظمية حشود غفيرة أظهرتها الصور لا نستطيع إحصائها.

في درعا الأبية، الأبطال هناك لا بد أن يضعوا بصماتهم في كل جمعة رغم الحصار والجراح، فدرعا التي أشعلت الثورة لن تخذلها أبدا، خرجوا زرافات ووحدانا، فقد أصبح التظاهر جزءا من ثقافتهم.

في حمص حشود غفيرة في أحياء كثيرة نظلمها إن قلنا إنها تجاوزت المأئة ألف، بل هي أكثر من ذلك بكثير.

في الرستن حيث للتظاهر طعم آخر، أطول كلمة ارحل حملها المتظاهرون هناك، أربعون مترا في عرض ستة أمتار، لعل طبيب العيون يبصر بعد العمى، وأنى له ذلك!!.

في اللاذقية التي يرهبها الشبيحة في كل أحيائها لم ترضخ للخوف واشتركت في مظاهرات كثيرة.

في محافظتي الشجاعة إدلب ، هناك رجال لا يخافون إلا الله، خرجوا من بيوتهم ليقولوا كلمتهم في هذا العرس السوري الكبير، لم تتخلف إدلب رغم الدبابات التي تحتلها وتستبيح شوارعها وقراها..

في القامشلي والرقة وجميع أنحاء سوريا، خرج الأبطال ليغنوا للحرية المنشودة.

أكثر من مليون سوري بكثير خرجوا وكل واحد منهم يظن أنه لن يرجع إلى أهله إلا شهيدا - فالسوري الحر اليوم هو مشروع شهيد، لا يعلم متى يلتحق بقافلة الشهداء - خرجوا رغم الموت الذي يحدق بهم في كل مكان، فكيف لو أتيحت للشعب أجواء الحرية للتظاهر ضد هذا النظام؟؟!!

وقتها لن يظلّ في البيوت لا الأطفال ولا حتى ربات الحجال، مع أن هؤلاء من المشاركين في تظاهرات الحرية، المستشهدين في سبيل الله.

وقتها كذلك قد نجد أعضاء في النظام يتظاهرون ضده!!

بشار الأسد وأخوه وزبانيته يعيشون أسوء كابوس في حياتهم، وعليهم الآن أن يجدوا لأنفسهم المخرج المناسب لإجرامهم، إما الانتحار، أو الهروب إلى الآيات الشيطانية في قم، أو أن يستسلموا للشعب كي يسحلهم في شوارع درعا التي انطلقت منها شرارة الثورة المباركة.

باختصار : انتهت اللعبة يا بشار، وسيدهسكم القطار، وسيدهسكم القطار، بإذن الله المنتقم الجبار.

===============================

المعارضة السورية وأحوالها

 جلال / عقاب يحيى

في مقال للأستاذ أكرم البني بعنوان : " نقد تقويمي مبكر للمعارضة السورية" يتناول فيه بعض مظاهر عوامل أزمة المعارضة السورية، وتمظهرها في عديد المواقف التي برزت بعد انفجار الانتفاضة الثورة السورية، إن كان لجهة ارتباكها، أو لجهة بطء حركتها، أو لجهة عدم قدرتها على توحيد صفوفها ، وتعدد المبادرات، والمؤتمرات التي تعكس ذلك التباين.. إلخ ... .

لقد تناولت، على مدار السنوات، في عديد المقالات والدراسات أزمة المعارضة السورية : البنيوية منها، والانعكاسية، والسيرورية، ومفاعلات الأزمة في داخل كل فصيل فيها، وعلى صعيد علاقاتها فيما بينها، ومع محيطها، والشعب، معتقداً أن عمق الأزمة أكبر من كل المحاولات الخجولة، والجزئية، وحتى الشجاعة لتجاوزها، باعتبارها باتت مزمنة، وقادت إلى الشيخوخة(وللشيخوخة أمراضها الكثيرة التي لا ينفع" ما يصنع الحداد بما يفعل الدهر") .. واعتبرت أن ثباتها على مبدأ المعارضة، والبقاء حيّة ولو بصوت ضعيف، وبدائرة تأثير صغيرة ومحدودة ، نوع من الإعجاز الذي يجب تقديره واحترامه .. لأن كومة الضغوط الثقيلة عليها : القادمة من نظام كلي، قمعي، ومن مفاعلاتها الداخلية، وطبيعة المرحلة التي امتدّت عقوداً، وبالتحديد : بعد مجزرة حماة 1982، كانت من القوة التي لا تصمد أمامها إلا القلة الصلبة المؤمنة بمواقفها وخياراتها، وهذا أمر آخر يجب أن يسجّل لها .

وحتى لا يكون جلد الذات هو التعويض الهروبي، كتبت مراراً عن غياب الرافعة الشعبية، أو رافعة تطور الأحداث باتجاه إيجابي التي يكمن فيها استمرار واستفحال الأزمة، وأنه لا مخرج منطقي دونها، طالما أن الحالة الشعبية لم تفرز بدائل سياسية، وطالما أن الوضع السوري في حالة استنقاع أشبه بالموت السريري، لذلك كان شعار الحفاظ على الذات (الذات الفردية، والذات الحزبية) مطلباً يقف دون تحقيقه الكثير من المنغصات والعوامل اليأسية، والتخبط، والتبطيل، والانفلاش، والكثير من الظواهر التي تدفع إليها سنوات الجزر، والانحسار ...

وبقدر ما كانت الأمنيات بواجب وحدة عمل المعارضة، والبعض كان يُبدي استغرابه لازدياد فجوة التشتت والخلافات، بقدر ما كان التحليل الموضوعي يعتبرها نتاجاً طبيعياً لحالة الانسداد، وفقدان الأمل، وضعف الثقة بالجدوى، ناهيك عن التغيير ..

ونعرف أن هذه الحالة التي استمرت عقوداً، وعرفت بعض (الحراك) التفاؤلي بعد عملية التوريث الجهنمية.. أدّت إلى تولّد ذهنية انتظارية تراهن على قابليات(مفترضة) لدى الوريث ونظام الوراثة ببعض الإصلاحات، فتدنّت السقوف وهبطت إلى مستوى مضطرب، خاصة في الفترة التي أُطلق عليها " ربيع دمشق" والتي لم تكن برأيي سوى مناورة محسوبة، مقررة من النظام لتسويق عملية التوريث، وبلبلة الشارع والمعارضة، في حين أن فهم جوهر وخلفيات التوريث كان يعني أنه يستحيل على تركيبة معروفة لنظام أحادي أمني أقلوي عائلي ، نهبي فاسد.. أن يُقدم على أية خطوات إصلاحية جدّية لأنها ببساطة ستتناول(الخطوط الحمر) التي جاء التوريث لمنع الاقتراب منها، ولأنها بداية انهيار ركائز النظام الأساسية .. فتمّ اغتيال تلك الفترة القصيرة لتعود" ريما النظام إلى معهودها" ..

****

وحين (فتحت طاقة القدر) أفقاً يحمل إمكانية التغيير، إثر اغتيال الحريري، ومرحلة المحقق ميليس وتقاريره، واتهاماته، وحراك الشارع اللبناني، بالتناغم مع حركة دولية ضاغطة(تبيّن أن سقفها لا يصل مستوى القرار بإسقاط النظام، وإنما تعديل سلوكه)، وانشقاق عبد الحليم خدام، ومقتل اللواء غازي كنعان بتلك الظروف المليئة بالملابسات والقصص، والخلفيات، وتلبّد الأجواء حول النظام.... نجحت معظم أطراف المعارضة، وبشل نوعي مبّشر، في إنهاض جبهة تحالفية عريضة (إعلان دمشق)، ضمّت، للمرة الأولى الإخوان المسلمون وعديد الأحزاب الكردية، وطيفاً واسعاً من الناشطين والمستقلين، بالإضافة إلى القوى الوطنية القومية واليسارية.. وكان ذلك إنجازاً كبيراً، وانعطافياً بحدّ ذاته، رغم الانتقادات العميقة للميثاق وما تضمنه من ترقيع وغموض وفضفضة، ورغم كثير السلبيات في التشكيل والمؤسسات وغيرها(سبق وكتبت حوله عدداً من المقالات النقدية والتقويمية) .. وبما فتح الطريق لوجود بديل مجموعي يمكن أن يكون رهان القادم الذي كانت كثير التباشير تدلّ عليه ..

لكن اجتماع عديد العوامل والتطورات قادت إلى المراوحة، فالنزاع، فخروج بعض الأطراف منه، وبالتالي : العودة إلى المحورة، والانقسام.. وإن ظلّ الإعلان إطاراَ واسعاً، نجح، خاصة على الصعيد الخارجي في إقامة عديد المؤسسات الناشطة التي ضمّت أعداداً معتبرة من المعارضين والناشطين السوريين، ونجح، ولو بحدود، في الحفاظ على وجوده، وفي القيام ببعض الأنشطة، وإن كانت متقطعة ..

ولئن كانت معرفة أسباب أزمة إعلان دمشق، وما جرى له مهمة، خاصة لمن لا يعرفها، أو لمن لا يريد الاعتراف بها، فإني أعتقد أن رحيل غيوم التعيير الكثيفة دون أن تحمل معها ما كان مأمولاً.. يعتبر الخيمة العامة التي جرى فيها وتحتها ما جرى ..

لقد أكدت الأحداث أن القوى النافذة في القرار الدولي، وأخصّ منها : الصهيونية العالمية ومدى تأثيرها على الإدارة الأمريكية، حتى في عزّ اندفاع المجرم بوش الابن و"المحافظون الجدد" لا تريد تغيير، أو إسقاط النظام(لحساب استراتيجيتها، وبغض النظر عن علاقة النظام بها)، وإنما أقصى ما تريده هو " تعديل سلوكه" وإضعافه ليكون أكثر هشاشة ومطواعية .(كتبنا كثيراً في أسباب هذا الموقف)، وهو الموقف الذي ما يزال حتى اللحظة قائماً في الإدارة الأمريكية ومعظم عواصم الغرب .

وبالتالي فإن غياب الأمل بالتغيير القريب المحمول على ازدواجية تضافر العاملين : الداخلي والخارجي(ورجحان الفعل الخارجي).. أضعف من فعل تلك الرافعة، فترك أثره على المعارضة المأزومة.. وشكل ذلك المناخ العام لبداية أزمة الإعلان التي تفاقمت لاحقاً بتضافر عوامل أخرى ..

ولنا أن نتذكّر هنا : إجبار المحقق ميليس على الاستقالة، وتراجع وقع وحركية لجنة التحقيق الدولية(كانت هي الممر للتغيير)، وبما يدلل على أن صفقة ما عقدت، ومقتل غازي كنعان، ثم تبدد وعود خدام بالتغيير الموعود الذي ظنّ البعض أنه يحمله في جيبه، وعبر زمن لا يتجاوز بضعة أشهر، كما صرح بذلك علنياً أكثر من مرة، والذي دفع حركة الإخوان المسلمين للتخالف معه فيما يعرف ب"جبهة الخلاص"، إلى جانب عدد من الأحزاب الكردية، والمكونات المختلفة، والمستقلين.. والذي كان بمثابة الهزّة في موقف الإخوان الانفرادي، ومن إعلان دمشق .. دون إغفال مستوى المراهنة على فعل الخارج، وقناعة البعض بوجود قرار بالتغيير، وبدء التباين حول الموقف من الخارج، وحدود التعاطي معه ..

وبتلاقح هذه الأوضاع مع إشكالات ذاتية في التنظيم، وقيادة المؤسسات، والعوامل العصبوية والذاتية، وقصة انتخابات المجلس والأمانة العامة.. وغيرها من أسباب يختلف الأطراف في تفسيرها.. حدث الخلاف الكبير في الإعلان الذي أدى إلى خروج الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، وحزب العمل الشيوعي، وعديد المستقلين، بينما حاول الإعلان استكمال مسيرته بمن بقي فيه..

****

لم يك أحد من القوى السياسية يعتقد أن الشعب السوري سينجح في التغلب على واقع الخوف، ومفاعيل العقود التي فرضت ثقلها على الشعب.. وحين فاجأ الشباب الجميع ، وحين أشعلت درعا الشرارة، وقادت الانتفاضة..كان على قوى المعارضة جميعها، وعلى الناشطين، والمستقلين..أن يستقبلوا وضعاً لم يجر الإعداد والتحسّب له، وهو ما يمثل تحدّياً كبيراً يفوق قدراتها الذاتية .

مع ذلك، وللإنصاف، فقد حاولت جميع القوى، وعديد الناشطين والمستقلين بذل أقصى ممكنها للحاق بالثورة (حلمها وقضيتها) عبر مواقفها المعلنة، وتأييدها المطلق للتغيير الديمقراطي، وعبر عديد الأنشطة ومحاولات التواجد والفعل..

غير أن إرث الخلاف وهو يزداد تعمّقاً من خلال تعدد وجهات النظر حول ما يجري(طبيعته وموقعه : حراك انتفاضة ثورة، وحول قواه، ومضامينه)، والأهم من ذلك : الموقف من النظام ، ومن عملية التغيير، ومقولة التطور السلمي، والتدريجي، والسلس، وغير السلس، والحوار، ورفض الحوار، في مقابل مواقف أخرى متشددة ترفض الحوار، وتذهب مباشرة إلى شعار إسقاط النظام كهدف رئيس لا مجال فيه لأي مراهنة على وعوده وعطاياه...

جميعها عوامل إضافية لبقاء عوامل الخلاف قائمة، والمرشحة للتزايد مع تعدد المبادرات، والمؤتمرات، ومحاولات بعض الأطراف الركوب على الثورة، أو محاولات الاحتواء، والتطويق (من الحب ما قتل) بإغراق الأنشطة بمؤتمرات لا ينتهي أحدها حتى يبدأ غيرها، ووجود روائح قوية تدلّ على آفاق مقايضات ما، واتفاقات قد تلوح في الأفق... ... وحكايا عديدة عن دخول قوى إقليمية ودولية على الخط، ومرحلة البحث عن البديل، وموقع ذلك مما تشهده الساحتين الخارجية والداخلية من مشاريع ومبادرات ومؤتمرات ودعوا لتشكيل هيئات وغيرها ..

 عدا عن العوامل الذاتية، والشخصانية، والحزبوية، والعصبوية، وموقع النخب من الميدان، وموقع الأحزاب من الشباب، ومدى قدرة المعارضة على الانضواء(وليس الوصاية) في حركة الشباب وتنسيقياتهم ليكونوا جزءاً فيها وليس فوقها، أو بديلها(مهما كانت الشعارات والموجبات)، وكثرة دعوات الترشيد، ونقد وضع التنسيقيات التي لم تتمكن حتى اليوم من توحيد صفوفها وبلورة إطار لها، عدا عن نقد بعض أطروحاتها وتصوراتها، وبما يُحدث نوعاً من الجفوة بينهما .

هذه العوامل الطبيعية تمنع وحدة المعارضة في إطار جامع، لكنها بالوقت نفسه تدفع إلى أن يتوجّه الجميع (كلّ وما يقدر، وكلّ من موقعه) إلى تقديم الرفد المتنوّع للثورة، بعيداً عن التناحر، وفتح المعارك الجانبية، والهامشية التي لا تعود بالفائدة على أحد .

إن توجّه كل الأطياف للتساوق مع شباب الثورة، وتنسيقياتهم، وتقديم ما يطلبون، بما في ذلك الخبرات السياسية والعملية، والترشيد، وتفصيح اللوحة السياسية الداخلية والإقليمية والخارجية، والمسارات والخيارات، والمآل... .إنما يشكل إسهاماً كبيراً، وعملياً في الثورة، والذي عبره ستجد كافة قوى الثورة نفسها في الخندق الواحد، يوحدها المصير، والمعركة الطويلة.. وحينها يكون اللقاء طبيعياً، وحينها يكون الفرز حقيقياً، وحينها تصعد المعارضة إلى مرتبة الحيوية، والقابلية على الحياة ومواكبة التطورات ..وحينها يمكن أن تتوحد حول برنامج التغيير والمرحلة الانتقالية لما بعد النظام، وليس عبره أبداً ...

كاتب وروائي الجزائر

===============================

مخاطر الجرائم غير المكتشفة على الأمن الوطني

رياض هاني بهار

عميد شرطة متقاعد – خبير في الشؤون الامنية

مع التقدم الحضاري والتكنولوجي في العصر الحديث ووجود الكثير من التقنيات بالغة الدقة وزيادة الأنشطة الاقتصادية والمالية وضخامة مواردها المالية بدأت الكثير من النواحي المجتمعية في التغير ولم يقتصر هذا الأمر على جوانب محددة بل شمل الغالبية منها، فعلى سبيل المثال بدأت سلوكيات الأفراد واتجاهاتهم الفكرية تتميز بطباع عصر التطور والتقدم . وبرغم ما حققه هذا الأمر من إيجابيات في زيادة الكم المعرفي والثقافي لدى العديد من المجتمعات والأفراد والرغبة في التقدم والنماء إلا أن ذلك كان مصحوباً أيضاً ببعض السلبيات ذات الخطورة على سلامة المجتمعات وأمنها . وكان أبرز هذه المخاطر الزيادة الملحوظة في معدلات الجريمة وتنوع أساليبها ووجود العديد من الأدوات المستحدثة في ارتكابها وظهور أنماط جديدة منها لم تكن مألوفة من قبل بل والأخطر من ذلك ظهور جماعات منظمة بدأت تسعى لتحقيق الهيمنة والسيطرة في هذا المجال بفضل ما امتلكته أو تحصلت عليه من أموال وأدوات تقنية وفنية وأفراد لديهم الرغبة في الثراء غير المشروع أو أعوزتهم الحاجة نتيجة للمتغيرات الاقتصادية التي أضرت في كثير من المجتمعات بالطبقات الدنيا فيها .

ويمكن أن نطلق على هذا الأمر- وفي ضوء ما لمسناه في الآونة الأخيرة من ازدياد النشاط الإجرامي (الهوس الإجرامي). ولقد كان من المؤسف ومع التنامي المتزايد في الجرائم وتعدد أنماطها أن الأجهزة الأمنية والشرطية لم تكن على ذلك القدر من الاستيعاب سواء للمتغيرات الاقتصادية والإجتماعية أو العلمية والتكنولوجية وكذلك أيضا وجود رؤية مستقبلية لديها بما ستؤدي إليه هذه المتغيرات . وقد أدى هذا الأمر إلى نقل العبء الملقى عليها وفوجئت هذه الأجهزة بوجود كم كبير من الجرائم يجب عليها مواجهتها وفك غموضها والتوصل إلى مرتكبيها مما أدى في نهاية الأمر إلى عدم القدرة على التوصل إلى اكتشاف هذا الكم الهائل من الجرائم وأصبح يوجد لدينا ما يسمى بالجرائم المجهولة وهي التي لم يتم التوصل إلى فاعليها وتقديمهم ليد العدالة الجنائية.

ويوما بعد يوم ومع ازدياد الظروف والمتغيرات ازداد حجم هذه الجرائم الأمر الذي أصبح يشكل في حقيقته تحدياً أمنيا للأجهزة الشرطية . ومن المعلوم لدينا أنه في العصر القديم والذي كان العالم يفتقر فيه إلى وسائل الاتصال والإعلام والفضائيات كانت دول العالم تعيش بعزلة عن بعضها البعض في كثير من النواحي ذلك حيث كانت تفتقر إلى وسائل الاتصال ونقل المعلومات الأمر الذي كان يؤدي إلى وجود ما يسمى بالجهل الإعلامي بالكثير من الحوادث والجرائم التي ترتكب وكان هذا الأمر يصب من الناحية الشكلية لمصلحة الأجهزة الأمنية التي كانت تسعى إلى إظهار صورتها بصورة المسيطر على الأمور والقادر على الوصول للمجرمين في كافة الأحوال وبشتى الطرق ورغم عدم حقيقة هذا الأمر إلا أنه كان يؤدي إلى إيجاد نوع من الأمان الشكلي .

أما اليوم وفي عصر الثورة المعلوماتية والتكنولوجيا الهائلة والانتاج الإعلامي بين كافة دول العالم على العالم) فإن كافة الأحداث والجرائم التي تقع في أي بقعة من بقاع الأرض يتم نقلها فوراً لكافة بلدان العالم وتقوم وسائل الإعلام المختلفة بإجراء التحاليل لها من كافة الجوانب الأمر الذي يعني أنه لم يعد بقدرة أجهزة الأمن في دول العالم إخفاء أي حادث أو جريمة أو التستر عليها . ومما لا شك فيه أن هذا الأمر أصبح يحدث كثيراً من الانعكاسات الأمنية والجماهيرية والإعلامية والإقليمية والدولية عند وقوع أي حادث أو جريمة والتي تتمثل فيما يلي :

1- لم يعد بمقدور الأجهزة الأمنية الهروب أو التنصل أو التستر على الجريمة المرتكبة بل أصبح لزاما عليها أن توضح أسباب وقوع هذه الجريمة وهل يوجد خلل أمني أدى إلى وقوعها أو لا وما هي الإجراءات الفورية التي تم اتخاذها من قبلها للتصدي لمرتكبيها في حالة القبض عليهم. أوالإجراءات التي ستقوم بها لسرعة القبض عليهم في حالة فرارهم من موقع الجريمة .

2- أصبح المواطن أكثر حرصا على تتبع الأحداث المحلية والعالمية وبصفة خاصة ما يتعلق بالجرائم لتقييم درجة الاستقرار الأمني بموطنه أو بدول العالم الأخرى ومدى جدية والتزام الجهات الأمنية في التعامل مع الجريمة وفي الكشف عن مرتكبيها .

3- كثرة التحاليل الصحفية والإعلامية لكافة الأحداث الأمنية والنتائج والانعكاسات المترتبة عليها وهل قامت الأجهزة الأمنية بدورها الفعّال في وقت وقوعها أم أن هناك خطأ أمني أدى إلى حدوثها وهل كانت هناك أية مؤشرات تنذر بوقوعها ولم يتم اتخاذ إجراءات الحيطة والحذر والمعالجة اللازمة لمنع وقوع الجريمة التي كانت تدل هذه المؤشرات على وقوعها .

4- لم يعد مقبولاً لدى المواطن وبصفة خاصة في دول العالم المتقدم ومع ما يتم استقطاعه من دخوله للإنفاق على الأجهزة الخدمية كالشرطة وغيرها أن يجدها غير قادرة على توفير الحماية الأمنية له أو أن هناك الكثير من الجرائم التي لم يتم اكتشافها والتوصل لمرتكبيها .

ومما سبق يتضح أن الجرائم المجهولة أصبحت تشكل بالإضافة إلى مهدداتها الأمنية التي سيرد بيانها عبئاً على أجهزة الشرطة والتي يجب عليها في ضوء الانعكاسات السابقة العمل على فك رموزها والكشف عنها .

ومن الواضح أن الجرائم المجهولة باتت تشكل العديد من المهددات الأمنية والتي تتمثل فيما يلي :

1- زعزعة الثقة لدى الجمهور في قدرة وكفاءة الأجهزة الشرطية القائمة على حراسته وحمايته .

2- قلة الإحساس بالأمن لدى المواطنين وشعورهم بالخوف واحتمال تعرضهم للجريمة دون وجود الجهاز القادر على حمايتهم .

3- تزايد السطوة الإجرامية لدى مرتكبي الجريمة لشعورهم بالقدرة على ارتكاب جرائمهم والإفلات من يد العدالة .

4- خلق نوع من الفوضى الأمنية تتجه لقلة اعتمادالمواطن على الحماية الأمنية القائمة بها أجهزة الشرطة والبدء في الاعتماد على نظم الحماية الشخصية وبدون مراعاة لقواعد الضبط والنظام العام.

5- بيان عجز الأجهزة الشرطية المختصة بالكشف عن الجرائم المجهولة وعدم مقدرتها على وضع الخطط الأمنية الكفيلة بالوصول إلى مرتكبيها أو وضع آليات للتعاون مع المواطن تكفل إمدادها بالمعلومات الأمنية التي تسهم في معاونتها للكشف عن هذه النوعية من الجرائم

riadhbahar@yayoo.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ