ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 12/07/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

سوريا ما قبل الأسد-2

د/ هشام الشامي

 في سوريا وطن المجد و التاريخ و الحضارة ( و ليس سوريا الأسد ) و في زمن رئيس منتخب آخر ، كان اسمه ناظم القدسي ، الذي كان يخرج يومياً إلى صلاة الفجر من منزله إلى المسجد سيراً على الأقدام ، فطلب منه بعض المصلين ، أن يرافقه أحد في هذا المشوار الليلي ، خشية عليه من أهل السوء ، فأبى و قال : أنا ذاهب لبيت الله و من يخرج إلى بيت الله لا ينبغي أن يخبر أحداً ، و الحامي هو الله 0 لم نظلم أو نسرق أحداً ، و لا نخاف إلا من الله.

و قبل أن يصبح رئيساً قدم إليه مالك أرض في منطقة (خان شيخون التابعة لمحافظة حلب يومها ) يشكو إليه جاراً له قد تجاوز على ملكه ، وطلب منه أن يكون وكيلاً محامياً عنه في الموضوع ، فما كان من القدسي المحامي بعد أن استمع إلى بينة الشاكي إلا أن طلب منه أن يقسم يميناً على القرآن الكريم بأن كل ما أفاد به إنما هو صدق وحق وذلك قبل أن يقبل الوكالة عنه ، وبعد أن أقسم ، استدعى خصم الرجل وقام بحل الخلاف ودياً بين الجارين فالعبرة لديه ولدى أمثاله من المحامين تحقيق الحق والعدل ، وليس القانون أو تسويف و تأجيل القضية حتى تحقيق أكبر مردود مادي من القضية دون النظر لعدالتها .

و بعد أن ترك الرئاسة و أصبح منفياً من سوريا الأسد و عند وفاة زوجته قبل وفاته بعام طلب من المعزين عدم الإعلان في الصحف والتبرع بأجورها لدور البر والإحسان ، وهذه الوصية نفذت أيضاً حين وفاته .

 

فمن هو الرئيس ناظم القدسي :

 

ولد ناظم في مدينة حلب الشهباء عام 1905 م ، درس الحقوق في دمشق ثم في الجامعة الأمريكية في بيروت و حصل على الدكتوراه من جامعة جنيف، انضم إلى الكتلة الوطنية ( التي كانت تقاوم ضد الاحتلال الفرنسي ) عام 1935م، ترك الكتلة عام 1939م بسبب فشلها في قضية ضم لواء الإسكندرون لتركيا ،و انتخب في برلمان عام 1943م عن حلب ،و عينه شكري القوتلي كأول سفير لسوريا في الولايات المتحدة الأمريكية حيث قدم اعتماده أمام فرانكلين روزفلت في 19آذار مارس 1945م ، حيث قام ببناء سفارة سوريا في واشنطن من الصفر .

أسس مع رشدي الكيخيا و بعض أعيان حلب حزب الشعب المعارض للحزب الوطني بقيادة شكري القوتلي وذلك عام 1947م ،و فاز القدسي في الانتخابات البرلمانية مرشحاً عن حزبه لأعوام 1947و 1949 و 1962 م 0

و بعد انقلاب العسكر بقيادة حسني الزعيم على الشرعية في 29آذار 1949 و الإطاحة بحكومة القوتلي ، طلب الزعيم من القدسي تشكيل الحكومة لكنه رفض ذلك معترضاً على الطريقة غير الدستورية لوصول الزعيم للسلطة ، فاعتقله الزعيم و أغلق مكاتب حزب الشعب ، ثم أطلق سراحه و وضعه تحت الإقامة الجبرية بمنزله في حلب لكن ذلك لم يمنع القدسي من استمرار معارضته للزعيم و خاصة عندما أغلق الحدود مع الأردن و العراق و أراد شن حرب عليهما 0

و بعد انقلاب سامي الحناوي على الزعيم في 14آب أغسطس 1949 ، و إعدام الزعيم ، أسس الحناوي لجنة سياسية بقيادة القدسي لإدارة البلاد في غياب وجود حكومة نظامية ،قام القدسي بسن دستور جديد و أصبح وزيراً للخارجية في أول حكومة برئاسة هاشم الأتاسي ، و قام القدسي بإجراء محادثات مع الأمير عبد الله ولي عهد العرش العراقي عارضاً عليه إقامة وحدة فدرالية بين سوريا و العراق تحافظ على حكومتين مستقلتين في دمشق و بغداد و تجمع الشؤون العسكرية و الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية و السياسية للبلدين ، كما عرض برامج مماثلة في اجتماع جامعة الدول العربية في 1كانون الثاني يناير 1951.

وبعد أن أطاح أديب الشيشكلي بسامي الحناوي كلفه هاشم الأتاسي المنتخب حديثاً في 24كانون الأول ديسمبر 1949 بتشكيل حكومة . لكن العسكر عارضوا حكومته لعدم وجود أي ضابط فيها و لأن أعضاء حكومته معارضين لتدخل العسكر في السياسة فاستقال بعد خمسة أيام، ثم شكل حكومة جديدة في 4حزيران يونيو1950 ضمن فيها عدم معارضة العسكر بتعيين فوزي سلو ( اليد اليمنى لأديب الشيشكلي ) وزيراً للدفاع فيها ، ثم عاد فاستقال من الحكومة لتدخل العسكر في 27 آذار مارس 1951 ، و انتخب في 1تشرين الأول أكتوبر من نفس العام ناطقاً باسم البرلمان ، و في 28تشرين الثاني نوفمبر استولى أديب الشيشكلي على الحكم و أوقف كل قيادات حزب الشعب و عين فوزي سلو رئيساً مؤقتاً للجمهورية و أرسل القدسي لسجن المزة . ثم أطلق سراحه في كانون الثاني يناير1952 و وضع تحت الإقامة الجبرية حتى أطيح بالشيشكلي في شباط فبراير1954.

في تشرين الأول أكتوبر1954 أصبح نائباً في أول برلمان بعد فترة الشيشكلي ، و انتخب ناطقاً باسم البرلمان ،و في 12 تشرين الأول أكتوبر1957 استقال من منصبه بعد أن اتهمته جريدة ناصرية بالعمالة و حل محله الاشتراكي أكرم الحوراني ، صوت القدسي ضد الوحدة مع مصر ، و عندما قامت الوحدة مع مصر استقال من العمل السياسي و عاد إلى مدينته حلب .

و بعد فشل الوحدة مع مصر وحصول انقلاب الانفصال بقيادة عبد الكريم النحلاوي في 28 أيلول سبتمبر1961 تم تشكيل وزارة انتقالية في اليوم التالي برئاسة الدكتور مأمون الكزبري التي وعدت بالانتقال إلى الأوضاع الدستورية للبلاد خلال فترة أقصاها أربعة أشهر .

و قد أوفت الحكومة بوعدها و أقيمت أخر انتخابات حقيقية في سوريا و فاز بها الرئيس ناظم القدسي و شكل معروف الدواليبي الحكومة .

و في تاريخ6/10/1961 صدر بيان ثورة العهد الجديد الاشتراكية العربية الذي ضم الخطوط العامة لسياسة الثورة ‘ فأعيد للعمال حقوقهم المغتصبة و أعيد العمل بقانون العمل القديم و ألغي قانون التأميم و الإصلاح الزراعي و أقر قانون جديد يعوض على المتضررين من القانون السابق 0

و إثر انقلاب العسكر في 8آذار مارس 1963 أطيح بحكومة القدسي الذي رفض مقاومة القوات المجابهة للشرعية بقوة السلاح حقناً لدماء السوريين.

و توفي بعيداً عن وطنه في عمان الأردن في السادس من شباط فبراير 1998.

مركز الدراسات الإستراتيجية لدعم الثورة السورية

=====================

مع من وعلام؟!

أبو معاذ

مع من يتشاور الظالمون في سورية في لقائهم التشاوري؟ وعلى أي شيء يتشاورون؟

لاشك أنهم يتشاورون مع أنفسهم ومع أذنابهم ، وليس مع معارضيهم..

إنهم يتشاورون على إجهاض الثورة المباركة.. ولكن هيهات ، فلا بد مما ليس منه بد.. وجذوة الثورة قد اشتعلت ولن تنطفئ بإذن الله حتى تحقق أهدافها من إسقاط للنظام الحاكم الجائر في سورية الحبيبة.. ومن إشاعة الحق والحرية والعدل والكرامة لكل المواطنين السوريين بإذن الله .

وعندما يقوم واحد كردي ليشكر الرئيس عما حققه للأكراد بإعطائهم الجنسية التي تعتبر من أبسط حقوق المواطنة وبدهياتها.. ثم يقول : سنقيم الجمهورية الثالثة بقيادة الرئيس بشار، بعد الجمهورية الثانية بقيادة أبيه ، أما الأولى فمن أيام الاستعمار الفرنسي... وبكل صفاقة يعتبر نفسه ممثلا عن الأكراد ... هذه مهزلة ولا شك ... ومنها نعرف مع من يتشاورون.

ثم يؤتى بجملة من الممثلين ليُنَظّروا للوطن في السياسة ... فهل بعد هذا من صفاقة وتعاسة؟؟!!..

ثم حول ماذا يتشاورون ؟؟.. حول الديمقراطية والتعددية ؟؟!!.. وتلك دماء المواطنين التي سالت وتسيل وما زالت تسيل .. وحتى وقت انعقاء اللقاء كان هناك قتل في الشارع على أيدي عصابات الغدر الأسدية ... فمن يتحمل وزر هذه الدماء ومسؤوليتها أيها المتشاورون؟؟..

أهذا هو التشاور؟؟!! وهذا هو معناه عند الطغمة الحاكمة في سورية؟؟!!..

ثم من هؤلاء القابعون في الصفوف الخلفية ؟؟ أليسوا من الشبيحة الذين سبق لهم أن ضربوا من تمدمد في الحديث وأخذ فيه حريته قليلاً في نقد الخطأ؟؟...

والعجيب أنهم جاءوا بمن ضرب في لقاء سابق ليحضر هذا اللقاء عنوة ثم يقولون : هو لقاء متنوع الطيف .. فعلى ذقن من يضحكون؟؟!!....

وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسل : "إن مما سمع الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ماشئت".. وهذا هو الحال

=======================

مَمَّ يخافُ رسولُ اللهِ علينا ؟

الدكتور عثمان قدري مكانسي

قد يكون الجواب من نواحٍ متعددة ، فالقرآن الكريم والسنة المطهرة تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من الشرك والرياء والأخلاق الذميمة من كذبٍ وغيبة ونميمة ... ومن الإساءة للناس وأكل المال الحرام بأنواعه ... وقد كان صلوات الله وسلامه عليه مثال النبي الحريص على المسلمين أن يقعوا في طريق الضلال ،وأن يتوهوا في سبل الغواية فسجل القرآنُ هذا في آيات كثيرة أخُصُّ منها قوله تعالى في آخر سورة التوبة " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم " ..

لكنني أقف اليوم - وقفة قصيرة معبّرة - على قوله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف الذي رواه المنذري في ترغيبه وترهيبه عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أخْوَفَ ما أخافُ عليكم بعدي كل منافق عليم اللسان " أجلّي بعض نقاطه وأنبه إليها.

من أهم ما استرعى انتباهي في هذا الحديث الرائع:

1-        أن النبي صلى الله عليه وسلم يخاف على المؤمنين الزلل ، وما أرسله الله تعالى إلا لينقذهم من طرق الغواية ويدلهم على سبل الهداية ويأخذ بأيديهم إلى النجاة في الدنيا وفي الآخرة . وكالأب الرحيم الحنون ترى الحبيب المصطفى يتألم أن يرى المؤمنين يعيشون في عنت ومشقة ، ويرجو لهم السلامة من كل إثم والفوزَ بالخير كله ، فلا يترك لحظة من حياته إلا نبّه فيها إلى كل خير وحذر من كل شر . وليس الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بدعاً من إخوانه الأنبياء فكل الأنبياء كذلك مع أقوامهم ، فهذا – على سبيل المثال – نوح وهود عليهما السلام يقولان لأقوامهما قولاً واحداً " إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم" وهذا مؤمن آل فرعون يقول في سورة غافر " إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب " ويقول " إني أخاف عليكم يوم التناد" فالداعية الصالح يرجو لقومه وللناس أجمعين السدادَ والثواب ، ويخاف عليهم الزلل والعقاب . وكل مصلح تلميذ نجيب لهؤلاء السادة الكرام.

2-        وقد يكون هناك أمر جلل يخاف النبي أو المصلح على قومه وعلى البشرية أن يقعوا في شباكه وأن يتوهوا في سراديبه أكثر من غيره من المتاهات لما فيه من غش وخداع ومواربة قد تجوز على المرء ،فيقع في حبالها دون أن يدري ، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم اسم التفضيل " أخوَفَ " فقد أعلم – مثلاً – أن الكذب حرام وأنه يؤذي صاحبه قبل أن يؤذي غيره ثم يقذفُ صاحبه في النار . لكنني حين أغتاب أحداً من الناس قد يغم عليّ الشيطان في زخرفته للأمر حين يزيّن لي ذكر مساوئ إنسان بحجة أنه فاسد مفسد كي يتجنبه الناس ويزين لي أن أنقذهم من شروره وأفضحه بينهم فلا يجد سبيلاً إلى إيذائهم وغشّهم !. فتجدني أرتاح لهذا التبرير فأدخلُ في الغيبة ظانّاً أنني على هدى من أمري .

3-        وخوف النبي صلى الله عليه وسلم علينا لا على نفسه ، فقد برّأه الله من الخوض فيما يشينه وعصَمَه من الأخطاء التي نرتكبها ، فهو صلى الله عليه وسلم - الرحيم بأمته - يخاف علينا نحن معشر البشر، ويريد لنا الفضل في الحياة كلها ، وما يفعل ذلك إلا ذو الخلق العظيم والشمائل الكريمة ، وعلى هذا مدحه ربنا سبحانه فقال : " وإنك لعلى خُلُق عظيم " .

4-        أما كلمة " بعدي " فدلالتها عجيبة ، إنه صلى الله عليه وسلم الحجيجُ ومسددُ الخُطا بإذن الله ما دام حياً في المسلمين من أصحابه ، يتابع ويلاحظ ويسدد ويقارب . يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر . وهذا دأب دعاة الهدى ، لا يفتأون يُصَوّبون ويهتمون بكل صغيرة وكبيرة في المجتمع ليكون المجتمع سليماً معافىً . وكثيراً ما نسمع من "المثبطين " كلمات فيها الخطأ كله والسلبية الواضحة كأن يقولون حين يرونك راغباً في إصلاح أحدهم " دعك منه فلن تدخل في قبره" فتقول لهم : لو كان كلامكم صحيحاً يا قوم ما بُعث الأنبياءُ ولا تصدى المصلحون محتملين الأذى والعنت من مجتمعاتهم السنين الطوال .

5-        وممن يخافه علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء (المنافقون) الذين يلبسون لبوس الإسلام ، ويلوون النصوص ويسوّغون للظالم ظلمه وللفاسد فساده ، ويبيعون أنفسهم ودينهم بعرض من الدنيا ، فهؤلاء يدلّسون على العامة ويلبِسون عليهم دينهم ، فيَضلّون ويُضِلّون . واقرأ معي هذا الحديث الذي رواه حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصورهم أوضح تصوير " إن أخوف ما أخاف عليكم رجل قرأ القرآن ، حتى إذا رُئِيَت بهجته عليه ، وكان ردءا للإسلام ؛ انسلخ منه ونبذه وراء ظهره ، وسعى على جاره بالسيف ، ورماه بالشرك . قلت : يا نبي الله ! أيهما أولى بالشرك ، الرامي أو المرمي ؟ قال : بل الرامي " .

6-        ولا ننسَ أن المنافق دخل قلبَه الإسلامُ والإيمانُ ثم خرج منه – والعياذ بالله- والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة ( المنافقون) " ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا ، فطُبع على قلوبهم ، فهم لا يفقهون" فهؤلاء أشد على المسلمين من الكفار – فالكفار معروفون بكفرهم ،وهؤلاء يتدثرون بعباءة الإسلام - ولهم عذاب أكثر شدة وألماً لقوله تعالى " إن المنافقين في الدرك الاسفل من النار " . ولا أذل ولا أسوأ ممن دخل قلبَه الإسلامُ ثم خرج منه وبدا مناصراً للكفر وأهله .

7-        ومن أشد هؤلاء المنافقين سوءاً وفساداً علماء السوء الذين يتخذهم الحكام أبواقاً يصدون بها عن سبيل الله هؤلاء الذين كانوا ردءاً للإسلام كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فارتفعت أسهمهم وعلا ذكرهم ، فلماذا ذاقوا الرياسة والجاه في العلم جذبتهم الدنيا واشتراهم السلطان ، فانسلخوا عن الدين وصاروا عبئاً عليه .. وما أكثر هؤلاء البلهاء !، وقد وصفهم القرآن " وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ، وإن يقولوا تسمع لقولهم ..." وهذا ما فهمته من قول النبي صلى الله عليه وسلم " .. منافق عليم اللسان " . وهؤلاء ينكشف أمرهم سريعاً فلا يرضى عنهم الله ولا يرضى عنهم الناس لأن " من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط الناس عليه" . ولعلنا نعرف من علماء السوء هؤلاء كثيراً ممن أحبهم الناس أول أمرهم ثم نبذوهم غير مأسوف عليهم .. نعوذ بالله من مصير علماء السوء وحكام السوء وجبِلّة السوء

=======================

في معادلة الثورة السورية .. عندما يصبح " الرأي ابن " الشجاعة "

الدكتور ميشيل سطوف

* الثورة السورية : الانعطاف الحاسم ، رحيل الوريث وإعداد البديل

* شارع الثورة – الأم والمعلم : توأم البسالة في العطاء والنضج في الوعي

* فوضى المؤتمرات والهيئات : بين المواكبة الطبيعية لمسيرة الثورة وبين الرسائل الخاطئة

* لتقديس الكلمات الكبيرة مخاطرها المحتملة وللإنحباس في لوغاريتم الذات أخطاره الأكيدة ، وليس من السهل علينا – نحن أصحاب الشعر الأبيض ، أو على معظمنا كي لا نظلم إمكانات وانفتاح البعض - أن نحتفظ بعزيمة الشباب وأهم لوازم المرحلة .. والتاريخ النضالي لأيّ منّا مهما كان غنيّاً لا يجعلنا معصومين عن الخطأ في الاجتهاد أو في السلوك أو في الأداء .

* لا حوار مع من لا يؤمن و لا يريد الحوار .. والثورات الزاحفة تفرض التفاوض حين تنضج موازين القوى ..

* من بدهيات الحوار والتفاوض أن يكون المعنيون مفوضين ومكلفين بتحقيق أهداف محددة لا مساومة عليها ، وليس مجال اجتهاد أو مبادرة لهذا أو لذاك .. حيث ندرك جميعاً الفروق بين التنظير وتقديم النصح للثوار وبين استبدالهم في أية محطة خارج التفويض أو الإدارة .

* الحوار المفروض والمطلوب ممن يجتهد أو يميل للحوار مع ( النظام ) هو الحوار الشفّاف مع القادة الميدانيين لدراسة اللوحة ،على أرضية الخلاص الوطني ، واستخلاص ما يلزم من واجبات وطنية وثورية تصبّ في نهر المسيرة الثورية .

 

قال المتنبي :

الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أولٌ وهي المحلُّ الثاني

وإذا هما اجتمعا لنفس ٍ حرّة ٍ بلغت ْ من العلياءِ كلَّ مكان ِ

 لاشكَّ أنّ المتنبي الحكيم أصاب الحقيقة في معادلته الشهيرة هذه . لكنّ الحقيقة ذاتها تبقى نسبيةً ، مرهونة بشروطها ومحكومة بمنطق الواقع . فالآراء والرؤى والاجتهادات المطلوبة في واقع الثورة السورية المتطور ، و مهما بلغت من أهمية وضرورة وبلغ أصحابها من صدق وحماس وإرادة وماض ٍ ورمزية ، تبقى وحتى إشعار آخر وليدة فعل الثورة السورية الزاحفة وابنة شجاعة وتضحيات الشارع الذي لا ينام ودم الشباب الذي لا يساوم ..

 إننا نعتقد أننا مدعوون جميعاً في دخولنا الطور الثالث للثورة السورية أن نلتزم بهذه الطبعة المعدلة لمعادلة المتنبي لنستطيع أن نخدم مسيرة الثورة ( لنفس ٍ أو أمة ٍ حرّة ) دون مغامرة أو أخطار ودون أن يعني هذا الالتزام أي تقييد لحرية المناضلين المنخرطين في نضال الشعب السوري من أجل الحرية الكبرى وضد الاستبداد أو القسر . فالواقع العياني السوري يكشف كم يمكن لشجاعة الشباب أن تجمع وتراكم من نضج الرأي المطلوب بما هو أوفر حظّاً من استعدادات " أصحاب الرأي " للتسلح بالشجاعة ونضجها المواكب ، حيث يتضح أنّ حماسة الشباب الاستشهادي البطل لم تفتقر يوماً ومنذ انطلاقتها للرأي السديد والإبداع الخلاّق ، متمثلاً بالتسميات الموفقة لكل " جمعة " بدءاً من " الجمعة العظيمة " لدرجة أني أومن بقوّة أنّ الثورة السورية هذه ستكون موضع وموضوع دراسات لاحقة كثيرة و استخلاص دروس غنية ..

 لماذا هذا الحديث ؟ ولمن هو موجّه ؟ إنه حديث الذات الوطنية لذات الوطن بعد أن قطع حراك الشباب المنتفض الثائر المصمم ، مع مطلع شهر جويليه / تموز طور الاحتجاج فطور الانتفاضة وأدخل البلاد بجدارة وتصميم في طور الثورة الشاملة التي استلمت راية المبادرة وحققت انجازات استراتيجية كبرى ما انفكت تتراكم اقتراباً من باب الانتصار على جماعة الاستبداد ومافيا الفساد ..

 أكاد لا أدري كم استوعبنا - نحن السياسيين المعارضين المخضرمين – أو استوعب بعضنا كامل أبعاد تسمية " جمعة سقوط الشرعية " بما تعنيه من قطيعة تامة مع مرحلة عهد مارق سقط من منظار مفهوم فلسفة الثورة وتصميم شبابها .. وما واكبها وتبعها وتبع الخطاب المذكور من تعبيرات ومواقف تجاه الحوارات المطروحة ، ليس بالتأكيد كرفض " لمبدأ وأهمية الحوار الوطني " بل للمفاهيم المطروحة للحوارات المناوراتية و الاستتباعية التي تعني في أذهان جماعة الحكم ( وقد تعني في سلوك وطروحات بعض المعارضات التي مازالت تراهن – من منطلق التخّوف على البلاد من تجبّر هكذا نظام شرس ٍ يهدّد بحرب أهلية و لا يعرف قمعه ومغامراته في مواجهة الشعب أي خطوط حمراء - على إمكانية الشروع بإصلاح هذا النظام أو بمساهمته القسرية وولوج التفكيك البطيء السلمي والآمن لقواعد ارتكازه .. ) عزل أو احتواء الحراك ، في الوقت الذي يعلمنا التاريخ أنّ ثورة تقف في منتصف الطريق أو تعلّق ديناميتها دون تحقيق أهدافها هي ثورة فاشلة بالإجهاض ..

 لقد عرف شهر جوان / حزيران ومطلع جويليه تطورات هامة على كافة الصعد والجبهات و شهد مبادرات عديدة الجهات والتصورات ... نضع عناوينها الأساسية فقط :

على جبهة الحكم : تعاظم عزلة جماعة الحكم التي استهلكت معظم أسلحتها الهجومية وعديد أساليبها الدفاعية بما في ذلك محاولات تشويه الثوار وتخويف المجتمع والمنطقة والتجييش الطائفي للوصول إلى فزّاعة الحرب الأهلية .. وذلك بفضل صمود الثورة ووعي الشارع المنتفض ..

انكشاف فاقع لهزالة وعقم أداء زعيم النظام في إدارة الأزمة وقد فقد الحدّ الأدنى من الهيبة أو المصداقية رغم كل التكريس الإعلامي الممجوج لتلميع صفحته .. الأمر الذي سيقود حكماً إلى ارتداد مفاعيل الأزمة إلى داخل بيت الحكم ، حين تنتهي مناورات الحوار والخط الثالث ( المباشر والمستتر ) إلى انسدادها الطبيعي ..

على جبهة الثورة : الثورة المستمرة في سورية ، هي العنصر الوحيد الثابت في وضوحه ومساره ومسيرته والمعسكر الوحيد الذي يوفّر عناصر الانسجام بين الوسيلة والهدف ( أو الوسائل والأهداف ) ، وضوح الوسيلة المتميزة بالسلمية والعزيمة والتصميم والهدف المتمثل بسقوط " الشرعية المزعومة للنظام " ورحيل بشار أسد رمز النظام ومسؤوله الأول وسليل التوريث المارق .

ولقد أثبتت قيادات التظاهر على صعيد التنظيم والتصعيد والبيانات وترتيب الشعارات وبوصلة الثورة بعد مرور الفصل الأول الأصعب ( لحمل ) الثورة وولوج الفصل الثاني الواعد ، قدرة مشهودة ونضجاً سياسياً فاق بموضوعية كل التوقعات من جهة ، والعديد من القوى والشخصيات السياسية والثقافية والفكرية المعارضة التي تعبّر عن رؤاها وتكتيكاتها تباعاً من جهة ثانية ، ناهينا عن بؤس وهامشية مساعي " الخط الثالث " الذي أفرزته جماعة الحكم ، تشويشاً وتضليلاً ..

على جبهة المعارضة من : ( قوى سياسية تقليدية ، ومعارضين تاريخيين معروفين ، وناشطين في الداخل والخارج ..ووجوه إعلامية ..)

من المعروف أنّ المعارضة السورية بمسماها العام وبمختلف أشكالها وتعبيراتها حرمت طيلة العقود الماضية من أدنى هامش للحركة أو حتى للتنفس ، ناهينا عمّا أصابها بحكم سياسات الأسد من تمزيق وتفتيت واختراق ، وتعرّضت لمختلف صيغ القمع والملاحقة والتشويه ، دون القفز فوق ما لحق بالتيار الديني من عنف تجاوزه ليشمل مدناً بكاملها ( بغض النظر هنا عن خطأ و مسؤولية البعض الذي استخدم العنف من هذا التيار في نهايات السبعينات ومطلع الثمانينات ) .. وليبقي سيف قانونه الشهير ( قانون الإبادة عملياً ) على كل مشتبه به ..بيد أنّ هذه المعارضات استطاعت أن تبقى حيّة رافضة للاستسلام لاستبداد النظام ونشطت وجودها كلما سنحت الفرصة ودفعت أثماناً غالية ، وبذات الوقت لم تستطع أن ترقى إلى وحدة التحليل والمقاربة والخطاب تجاه الوضع السوري ، كما بقيت قياداتها و بما في ذلك عديد نشطاء المجتمع المدني أسرى العقليات الذاتية والأساليب القديمة القاصرة مما انعكس ومازال في حدود ملحوظة على مساعيها لمواكبة مسيرة الانتفاضة الشعبية وعلى مقاربة تصورات التفاعل معها ، سواء تعلّق الأمر بالداخل أم الخارج أم بالعلاقات الانتقائية بين مكونات كلّ منهما ..فكانت فورة المؤتمرات واللقاءات المتتابعة في الخارج ثم في الداخل ، وكانت الانجازات والثغرات ومازالت ..

وفي الوقت الذي عليها أن تتفاعل عميقاً مع قادة الثورة وأن تنسّق و تحسن استكمال فضاءاتها وتساهم في طرح البديل الجدير والقادر على انتزاع ثقة الداخل السوري و الخارج العربي والدولي .. فقد أصبح لزاماً على كلّ مكوناتها الصادقة أن توحّد مقاربتها للوضع وأن تندمج كليّاً في مسيرة الثورة ذات الأسس والأهداف البسيطة المعروفة والتي تحظى بموافقة ومباركة الجميع

على صعيد المجتمع الدولي : في الوقت الذي مازال نظام أسد يتمتع بعديد الغطاءات العربية والصهيونية والخارجية المعروفة ، ويبقي سيف( ادعاء استقواء المعارضة بالخارج ؟ً ) مسلطاً على الثورة والمعارضات السورية الوطنية .. وفي الوقت الذي أثبتت هذه المعارضات وهذه الثورة خطّها الاستقلالي ورفضها التدخلات الخارجية بمفاهيم أو خلفيات الاستعمار والهيمنة والاحتواء فإنها معنية بردّ هذا السيف عليه ورفضه تماماً ، حيث أنّ مصلحة الشعب السوري ونصرة ثورته هي قبل كل شيء في وقف وسحب الغطاءات الخارجية عن هذا النظام ، وفي الاستفادة والانفتاح دون عقدة أو انعزالية على كافة قوى الحرية ومنظمات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية وشعوب العالم ، وفي المقدمة الجماهير العربية طلباً لتفهمها طبيعة ثورة الشعب ضد أشرس أنظمة الاستبداد والفساد ، من أجل الحرية والكرامة ، وموقعها في مسيرة النضال البشري الحديث و لدعمها مطالب الشعب المشروعة

في أهم العناوين المطروحة :

 

* إن الحديث عن تعديل الدستور وإلغاء المادة الثامنة أصبح جزءاً من الماضي وشعاراً ملتبساً ، فالدستور المفصّل أصلاً لم يحترم يوماً ، كما أن حزب السلطة الملاييني الذي يستغل لتغطية الديكتاتورية فقط هو أول ما يستعد النظام للتضحية به ، وليس للمعارضة أن تشتري تنازلاً فارغاً بكل المقاييس .. فالمطلوب هو دستور عصري جديد يقوم على أسس الحريات والمواطنة واحترام إرادة الشعب في التعددية و التداول على السلطة. وسواء تعلّق الأمر بتعديل الدستور أو بتغييره حتى ، في ظل الاستبداد والهيمنة الأمنية ، لا معنى له حيث تبقى " أولية النفوس – الحرّة – على النصوص " .

* إنّ المطلب الأول في وعي ومطالب وخارطة طريق التغيير الوطني الديمقراطي السلمي .. يفرض نفسه ويبقى :إنهاء ولايةٍ لا شرعية للوريث المفروض بشار أسد ، وطي هذه الصفحة نهائياً ، لولادة جمهورية ديمقراطية جديدة وحديثة ، كان من المفترض والضروري أن ينادى بها ويرّكز على محوريتها منذ البدء في عام 2000 ، ولقد نادينا به في حينه مع قلّة من المناضلين الذين أدركوا معاني ومخاطر التوريث . وتأتي " جمعة : ارحل " كحدّ فاصل بهذا الخصوص .. إننا نعتقد بقوة أنّ إنهاء الوراثة هو المدخل الطبيعي لإسقاط النظام وليس العكس .

* دعم ثورة الشباب والشارع السلمية والواضحة بكل السبل ، باعتبارها " الأم الحقيقية " التي تغذي بحليبها الأحمر النقي كل الولادات والمبادرات والاجتهادات التي عليها بالضرورة الاتساق الحيّ مع نبض الثورة ، لا بديلاً و لا قيادة أو وصيّاً ..

* أما وقد انتهى اللقاء التشاوري لسمير أميس – بعد لغط كثير حول غلبة سلبيات الاجتهاد حوله - بدون هيكلة مسؤولة للمتابعة ، وقبول بعض رموزه الانخراط في " هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديمقراطي " من جهة ، وأمّا وأنّ هذه الهيئة مازالت تقتصر على بعض قوى التغيير الديمقراطي في الداخل وبعض فعاليات الخارج..وأنّ خطاب المتحدثين باسمها مازال ينطوي على فكرة قاصرة وهي : أن الدعوة للحوار ( المشروط ) ومسألة المؤتمر الوطني الجامع تبقى في يد النظام ومبادرته ، وبما يشوّش على مبدأ التكافؤ في التفاوض ، وعلى هدف التفاوض الرئيس وهو التغيير السلمي الشامل لهذا النظام ، كما ينطوي على رسالة خاطئة تستغلها جماعة الحكم كفسحة متاحة للاستمرار بالقمع الدموي والأمل بمخارج لأزمته .. وبما يستدعي منها التوضيح الحاسم والمأمول حول طبيعتها ودورها كجزء داعم للثورة ومتفاعل وملتزم بمنهجيتها وخطواتها .

وأما أنّ المؤتمرات الخارجية قد أدّت دورها الأولي .. وتلاقى نشطاء الانترنيت في إئتلاف دعم ثورة 15 مارس ، وكذا عشرات لجان دعم ثورة التغيير الديمقراطي تتابع تحركها ونشاطاتها .

و أما وقد طرحت الثورة شعار رحيل بشار أسد بعد شعار سقوط الشرعية وخرجت الملايين العديدة في عموم القطر مؤكدة ردها على خطاب بشار أسد ومشاريع السلطة ومناوراتها المجرّبة ومرسّخة - رغم الدماء النازفة وقوافل الشهداء والمعتقلين ، بل بفضل هؤلاء توسعها الذي يؤشّر إلى المزيد من الزحف المبارك حتى تحقيق مطالب الحرية والكرامة والدولة المدنية الديمقراطية الحديثة ..

فإنّ الانعطاف الحاسم الذي نشهده على صعيد الثورة من جهة وعزلة النظام الذي استهلك الكثير من رصيد قمعه وصموده في وجه الزلزال الأخلاقي والسياسي والاقتصادي الذي يعصف به ، أصبح يفرض ضرورة الارتقاء القريب إلى صيغ تنظيمية وتنسيقية متقدمة ، سواء على صعيد اللجان الثورية في الداخل أم على صعيد لجان دعم الثورة في الخارج أو مجمل المؤتمرات والصيغ التنظيمية القائمة ، ليس فقط لتوفير كل ما أمكن من شروط مباشرة لتقدم الثورة بل للإجابة السريعة والناضجة على مفتاح المستقبل المنتظر : ألا وهو البديل وعنوانه ..

* لقد وصلت الثورة إلى المرحلة التي تستلزم التعاطي مع مسألة البديل المنتظر ، فهو من جهة حقّ يمكن له أن ينتظر لحظة نضجه الطبيعي ، ومن جهة أخرى ، يمكن أن يكون " الحق الذي يراد به أمور أخرى " من قبل الداخل والكتلة الشعبية التي مازالت صامتة – وإن في حدود - ومن قبل الخارج خاصة ، عالماً عربياً وقوى خارجية معنية أو متطلعة ..

* إنّ فعاليات الخارج الكبيرة والمتنوعة مدعوة إلى إعفاء الداخل من سلبيات تشتتها ومن بعض الاجتهادات الملتبسة ، وملزمة وطنياً أن تنظم أطرها دون إبطاء على كل ساحة تمهيداً لتنسيقية واحدة في الخارج تتفاعل وتلتزم بتعليمات وحاجات وإيقاع الثورة في الداخل . علينا جميعاً أن ندرك أن حاجة شعبنا وثورته لفعاليات الخارج على درجة عالية من الأهمية والحيوية ، وأنّ ميدان الخارج يتسع إلى كل الفعاليات ويزيد .

* إنّ نظام العهد الأسدي الاستبدادي الفاسد والمتلاعب بالقضية الوطنية ليس نظام طائفة بعينها و لا حزب بعينه رغم ما نجح به خلال أكثر من أربعين سنة من التضليل والاستبداد والإفساد للمجتمع وللمواطن الضحية ، ومن تجييش حوله من أبناء هذه الطائفة و من مختلف طوائف ومناطق البلاد لغياب أي مشروع سياسي أو ايديولوجي خاص خارج إطار جماعة الاستبداد ومافيات الفساد المختلطة ، وبالتالي فإنّ مصلحة جميع أبناء الوطن تقتضي مشاركة و تلاحم الجميع دون أدنى إبطاء لتحرّر و لتحرير البعض من أوهامه وتخويفاته الشائعة وإدراك أن سورية لم تعد ما كانته قبل انتفاضة 15 آذار / مارس وأنّ هذا النظام ينحدر على منحنى سقوطه وزواله الحتمي ، ولاستعادة حرية المواطن وكرامة الوطن وتحرير الأرض المحتلة كما تحرير المستقبل من الأخطار التي زرعها وسقاها نظام فاشي مارق ..

* صحيح أنّ مسمى " البعث " أصبح مرتبطاً في أذهان قطاعات واسعة من الجماهير والأمة بممارسات الأنظمة التي حكمت وتفرّدت وقمعت باسمه طيلة عقود طويلة .. وبغض النظر عن أن طبيعة ما سمي بفصائل حركة التحرر العربي طبيعة متقاربة تنسحب على الجميع وتحتاج إلى دراسة موضوعية لكل تجربة أو حالة ، وأن العسكر والحاكم الفرد أو العائلة استخدموا غطاء الأحزاب المفرغة من أي مضمون أو فعل للتضليل والتمويه ، وبغض النظر أيضاً عن وجود عديد المناضلين الوطنيين والديمقراطيين / في إطار الوعي السائد في كل مرحلة / داخل هذه الأحزاب ممن دفع ثمناً من حياته في مواجهة الديكتاتوريات .. فإنّه من غير المفيد والعادل تعميم الحكم السلبي على كافة عناصر تنظيم بعث السلطة ، (ناهينا عن بعثيين كثراً ناهضوا النظام منذ يومه الأولوقدّموا تضحيات جسام عيى طريق مقاومته)،بحكم الآليات القسرية والإغرائية والتضليلية التي مارسها نظام حافظ أسد طيلة أكثر من أربعين عاماً تجاه الشبيبة والمناهج والتوجيه ، وفي واقع غياب المعارضة القادرة على حمل ما يمكن من فسحة للرأي الآخر ولتوعية المواطن التوعية الوطنية الصحيحة ، بل يتوجب توجيه وتأكيد الخطابات التي تفتح لهم أبواب وواجب الانخراط في مسيرة الشعب الثورية في لحظتها الراهنة المواتية ..

=========================

منعطف مالي واقتصادي في ثورة شعب سورية ... خلفيات حملة (لن ندفع ثمن الرصاص الذي يقتل به أبناؤنا)

نبيل شبيب

حوّلت مشاهد القمع الهمجي تقتيلا واعتقالا وتعذيبا وتدميرا معظم المدن السورية إلى ساحة حرب.. بين الحاكم والشعب، بين كتائب عسكرية وشبه عسكرية مدجّجة بالسلاح مع ملحقاتها من فرق الموت، فضلا عن وحوش التعذيب وأدواته في المعتقلات، وبين شعب أعزل. ويلفت النظر أمران متقابلان:

- المعتاد في دول معتبرة هو عدم لجوء القوات الأمنية للاعتقالات أو استخدام خراطيم المياه وما شابه ذلك، إلا نادرا وتحت طائلة المحاسبة وتوافر حق المقاضاة، وتشذ عن ذلك السلطة المسلّحة في سورية شذوذا كبيرا قاتلا.. وبات في هذه الأثناء انتحاريا.

- والمعتاد في دول معتبرة أيضا أن تستخدم نسبة ما من المتظاهرين الحجارة أحيانا وربما أكثر من ذلك فيظهر بعض العنف في المظاهرات، وتشذ عن ذلك مظاهرات الثورة الشعبية الجماهيرية في سورية، إلى حد بعيد، فلا يكاد يظهر حتى استخدام الحجارة ضد الرصاص، بل أصبح السلاح السلمي الحاسم: حناجر تهدر بسقوط السلطة المسلّحة القمعية!..

ومع تواصل المشاهد وتتابعها، ومع تصعيد العنف من جهة وصمود سلميّة الثورة من جهة أخرى، ومع انعدام الإدانة عربيا وضعفها دوليا، بات السؤال المطروح بإلحاح: ألا يوجد سلاح آخر تستخدمه الثورة دون أن تتجاوز به ميزتين حاسمتين تتشبث بهما، أي السلمية داخليا، ورفض التدخل العسكري الأجنبي رفضا مطلقا؟..

 

نظرة أولى في الحملة

على هذه الخلفية انطلقت بين جمعتي "ارحل" و"لا للحوار" في مسلسل فعاليات الثورة الشعبية حملة أطلق عليها عنوان "لن ندفع ثمن الرصاص الذي يقتل به أبناؤنا".. ويبدو من العنوان لأول وهلة أنّ الحملة تخاطب الوجدان، وتستثير إنسانية الفرد من عامة المواطنين في سورية، وتوجّه في الوقت نفسه تحذيرا ضمنيا لمن يدعم السلطة المسلّحة القمعية بأسباب استمرار ممارسة العنف القمعي، ماليا واقتصاديا.

على أنّ عامل الوجدان -الذي لا يستهان به- يرافق الرؤية البصيرة الواعية على محورين اثنين:

- اختيار التوقيت.. في مرحلة تصعيد الثورة السلمية جغرافيا ونوعيا من جهة وازدياد مظاهر عجز السلطة المسلّحة من جهة أخرى.

- صياغة الهدف.. التي تتضح للعيان عبر ما رافق الحملة من جهود التوعية والتوجيه بالوسائل الممكنة في إطار ظروف الثورة الجارية.

توجد أمثلة عديدة على عنصر التوعية، ويمكن الاكتفاء هنا بما نشرته "شبكة أخبار الثورة في حمص" مصوّرا، وجاء فيه:

- لن ندفع ثمن الرصاص الذي يقتل به أبناؤنا

- قاطعوا البضائع التي تتبع لعملاء النظام

- اسحبوا أموالكم من البنوك

- لا تدفعوا فاتورة الماء والكهرباء

- حوّل أموالك إلى أي عملة أخرى

ويلاحظ مبدئيا غياب الدعوة إلى مقاطعة

 

 ثمن الرصاص

يدور الحديث عن رفض تسديد ثمن الرصاص القاتل.. والمفروض أن تشمل العبارة "ثمن الدبابات" وأسلحة ثقيلة أخرى أيضا، فقد باتت تستخدم مثل الرشاشات في اقتحام المدن ومواجهة الشعب الأعزل.

الواقع أنّ جميع ما تنفقه السلطة المسلّحة على التسلّح والمرتبات الرسمية والإضافية في نطاق الفساد والتدريب وغير ذلك، وتكون حصيلته توجيه السلاح إلى صدور أهل سورية وظهورهم، هو من أموال أهل سورية، ولا يبيح فقط مقاطعةَ القنوات التي تؤدّي إلى جمعها وإنفاقها، بل يوجب أيضا أن يصبح هذا الجانب بكل أبعاده موضع إصلاح جذري ومحاسبة قضائية دقيقة وشاملة في سورية بعد الثورة.

وليس صحيحا القول إن السلطة تورّط الجيش الوطني في مواجهة استبدادية قمعية ضدّ الشعب، فهي لا تستخدم الجيش الوطني بل شبكة أجهزة قمعية مسلّحة تعمل بمعزل عن القطاع الأكبر من الجيش، وقد بدأ تشكيل البنية الهيكلية لهذه الشبكة من أجل ممارسة القمع الهمجي، مع بداية العهد الاستبدادي قبل 41 سنة، ولم ينقطع تطويرها للأغراض التي أنشئت من أجلها:

1- محورها ضمان الولاء المطلق لقياداتها وعناصرها لممارسة "القمع الهمجي دون حساب ولا تردّد"..

2- مهمتها حماية السلطة الاستبدادية الأخطبوطية فقط..

3- أهدافها كل ما يهدّد السلطة.. ومن ذلك:

- في أوقات السلم كل معارضة انفرادية أو تنظيمية

- في حالة الانقلاب العسكري من قد يمارسه من الوطنيين في الجيش الوطني

- في حالة الثورة الشعبية.. الشعب نفسه

وهذه الحالة الأخيرة هي الحالة المشهودة على أرض الواقع الآن.

ليس الوضع الراهن إذن "حالة طارئة"، أي لم ينشا نتيجة اندلاع ثورة شعبية فاجأت السلطة، فاضطرت إلى تحويل "قسم من الجيش" من مهمة الدفاع عن الوطن ضدّ عدو خارجي إلى مهمة الدفاع عن السلطة ضد الشعب، بل هو الوضع المخطّط له عبر تكوين "شبكة الأجهزة القمعية المسلّحة" المعنية، سيان هل اعتبرت جهازا أمنيا أم جهازا عسكريا" فالمهم هو النوعية والمهمة، وليس التسمية، وهي -علاوة على عنصري الولاء وحماية السلطة- تمتلك من الأسلحة الحديثة ما لا تملكه فرق أخرى من الجيش الوطني السوري.

كانت البداية سنة 1941م وبلغ "التطوير" مداه خلال السنوات العشرة الأخيرة، وأشهر ما وصل إليه في نطاق تلك الشبكة هو "الحرس الجمهوري" بقيادة ماهر الأسد.. ويؤخذ هنا كمثال على بقية فروع الشبكة القمعية.

التسمية تمويهية، فما يسمّى حرسا جمهوريا أو وطنيا في دولة معتبرة، يحمل مهامّ "بروتوكولية" في الدرجة الأولى، وعدده محدود، وتسلّحه رمزي، أمّا الحرس الجمهوري التابع مباشرة لعائلة الأسد، فهو ميلشيا إرهابية كبرى، تضمّ أربع فرق عسكرية، لديها أسلحة لا يتوافر مثلها لأي طرف آخر في الجيش الوطني، ويكفي التنويه بهذا الصدد مثلا، أن الحرس الوطني كان مجهّزا بدبابات تي-80 الأحدث من سواها، أي ممّا لم يتوافر آنذاك للفرق العسكرية في الجيش الوطني، ومع بداية الحصول على دبابات تي-90 الأحدث، تقرّر تجهيز الحرس الجمهوري بها، وبدأ تحويل تي-80 إلى الفرق العسكرية النظامية.. ليبقى الفارق على صعيد التسلّح مستمرا.

إنّ مهمة شبكة الأجهزة القمعية المسلّحة تحت عناوين "أجهزة أمنية.. ومخابرات.. وحرس جمهوري" لا علاقة لها بحماية الوطن وأهله، ولهذا فإن أهل هذا الوطن لا ينبغي أن يسدّدوا ثمن الرصاص والرشاشات والمدفعية والدبابات والمروحيات التي تستخدمها هذا الشبكة القمعية، ويجب أن تتحوّل النفقات الكبرى المخصصة لهذا الغرض إلى قوات الجيش الوطني والأجهزة الأمنية القويمة الجديدة.. فور سقوط النظام الاستبدادي الفاسد واسترداد الوطن والشروع في بناء سورية المستقبل.

 

عملاء النظام

تطالب حملة "لن ندفع ثمن الرصاص الذي يقتل به أبناؤنا" بمقاطعة البضائع التي تتبع لعملاء النظام. وعملاء النظام الاستبدادي الفاسد جزء منه، معروفون بأسمائهم، ومواقعهم، وفسادهم، وحجم صفقاتهم، ونوعيات بضائعهم، التي يسحبون من خلال تسويقها بدعم السلطة الاستبدادية المسلّحة الأموال من جيوب المواطنين، ويخصّصون الجزء الأكبر من ذلك لترسيخ تسلّط المستبدين والفاسدين على الوطن وأهله.

لا تجهل الفئة المتسلّطة إطلاقا ما يعنيه ذلك، وهذا ما ظهر للعيان من خلال المسرحية الهزلية المعروفة حول المزاعم الكاذبة بصدد تحوّل أحد أعمدة الفساد إلى "الأعمال الخيرية"، وهي جزء من المحاولات اليائسة لامتصاص "الغضب" كما يقال، وكأنّ شعب سورية قطيع من الرقيق، فإذا أعطاه الأسياد الفاسدون ما يسدّ رمقه استغنى عن كرامته وحريته.. أي استغنى عن ثورته، ولن يفعل!..

لا يجهل الشعب من هؤلاء، ولهذا يمكن القول إن هذا الجزء من الحملة لا يحتاج إلى بيان طويل، وسبق التنويه أنّ الحملة لا تستهدف عموم التجار وأصحاب الأعمال، ولا ما يشتغلون به من بضائع وسلع وخدمات، بل يمكن القول إنّ ما بدأ يتردّد في الآونة الأخيرة بصدد "اعتماد السلطة" على هؤلاء، لا سيما في حلب ودمشق، إنّما يستهدف زرع وتد بينهم -وهم جزء من الشعب- وبين بقية أطياف الشعب الثائر.

وممّا يتردّد لهذا الغرض الحديث عن "ميزات مزعومة" حصلت عليها فئة التجار وأصحاب الأعمال في السنوات الأخيرة، ولذلك فهم لا يتحرّكون مع الثائرين، وفي ذلك إهانة مباشرة لهم وتمويه كبير:

1- أمّا الإهانة فهي ما ينطوي عليه هذا القول من أنّ التجار وأصحاب المال، لا سيما في حلب ودمشق، قد باعوا ضمائرهم مقابل المال.. والشعب يدفع فوق ذلك ثمنا إضافيا من دمائه وآلامه!..

2- وأما التمويه فيكمن في أن كل تسهيل تقنيني وإداري جرى في قطاعات الاستيراد والتصنيع والتصدير وما يرتبط بذلك من معاملات مالية، إنّما يمثل إلغاء تشريعات باطلة من قبل، كانت تفرض القيود على هذه القطاعات، فهو من قبيل عودة "جزء" من الحقوق لأصحابها، والمفروض أن هذه الفئة التي باتت في مقدّمة ما يوصف بالطبقة الوسطى، تعلم أكثر من سواها، أن سقوط الاستبداد الفاسد، يعني سقوط المزيد من القيود التي لا تزال سارية المفعول على حسب ما يحقق المنافع غير المشروعة لصالح المسيطرين على صناعة القرار في كل ميدان، وهذا الميدان، اغتصابا من صاحب الحق الأصيل في صناعة القرار: الشعب، بجميع فئاته، ومنهم فئة التجار وأصحاب الأعمال.

3- ويضاف إلى ذك أنّ كل معاملة تجارية أو مالية أو مناقصة أو سوى ذلك في عالم التجارة والاقتصاد، يخضع كما يعلم "أصحاب المهنة" لما تفرضه الفئة المتسلّطة من فساد، على شكل رشوات مالية، ومشاركات قسرية، وهذا بالذات جانب أساسي ممّا تستهدف الثورة الشعبية وضع حدّ نهائي له، وهو ما لا يمثل ضررا يلحق بتاجر أو صاحب عمل، بقدر ما يحرّره من عبء كبير، إنّما يصيب بالضرر أولئك الذين يغتصبون المال عبر الرشوات، ويفرضون مشاركاتهم بقوّة التسلّط، وهؤلاء هم من ينطبق عليهم وصف عملاء النظام.

إنّ مقاطعة بضائع عملاء النظام وسلعهم وخدماتهم، حيث أمكن للمواطن في سورية صنع ذلك، لا يمثل مجرّد سلاح على طريق الثورة وتصعيد فعالياتها فحسب، بل يمثل في الوقت نفسه واجبا وطنيا، حتى في حالة "السلم بالقهر"، أي في حالة استمرار الركون للاستبداد والفساد، وظهور وضع سورية كما لو أنّه وضع "استقرار" وما كان مستقرّا في يوم من أيام الاستبداد والفساد.. بل كان وضعا يتم تنفيذ التسلّط ونهب الثروات خلاله دون مقاومة، حتى تحوّل الرفض الصامت مع الركون الخطير إلى رفض علني مع ثورة.. ستحقق انتصارها قريبا بإذن الله.

 

الثورة المالية

يغني التفصيل جزئيا فيما سبق عن التفصيل بصدد عناوين أخرى في حملة "لن ندفع ثمن الرصاص الذي يقتل به أبناؤنا"، أي سحب الأموال من البنوك، والامتناع عن تسديد فواتير الماء والكهرباء، وتحويل الأموال إلى أي عملة أخرى. وهي مطالب مركّزة يمكن إجمالها في "الثورة المالية" التي تكشف عن وعي قيادات الثورة الشعبية بأبعاد المرحلة الراهنة.

ويعبّر بعض المعلّقين على ذلك بالإشارة إلى أنّ استماتة النظام في القمع، ليحافظ على حكمه تعود "إلى معرفته بأن سوريا هي الكنز الذي لا يمكن التنازل عنه بسهولة، فهى المعين الذي يغترف منه بنهب ثرواتها، ولا ينضب".

لقد وصلت الثورة الشعبية من قبل إطلاق هذه الحملة إلى جزء من هدف ما يمكن وصفه بالثورة المالية، وتقول التقديرات الحالية، التي لا يمكن الجزم بشأن تفاصيلها لأن النظام الاستبدادي يتجنّب الكشف عن حقيقة الوضع ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ولكنها تمثل دون ريب وضعا قريبا من الحقيقة الموضوعية عمّا وصل إليه ماليا واقتصاديا:

1- تهريب ما لا يقلّ عن 20 مليار دولار من المصارف المالية السورية إلى مصارف مالية لبنانية..

2- مقابل اقتصار قيمة الاحتياطي في المصرف المركزي السوري على 18 مليار دولار..

3- ومقابل إخفاق الحكومة في الحدّ من عملية التهريب عبر رفع أسعار "الفائدة المصرفية"..

4- انخفاض الأنشطة التجارية بما يتراوح بين 30 و70 في المائة على حسب القطاعات المتعددة..

5- تناقص الإمدادات من الحبوب وربما سواها من المواد الغذائية الأساسية..

6- انقطاع الاستثمارات الأجنبية التي كان الاعتماد عليها كبيرا في السنوات القليلة الماضية قبل الثورة..

7- عدم توافر المال الكافي لتنفيذ الوعود (المغريات) التي أطلقتها السلطة كرفع رواتب الموظفين..

8- انخفاض قيمة الليرة السورية بما لا يقل عن 15 في المائة بالمقارنة مع قيمتها قبل 4 شهور..

9- احتمال الاضطرار إلى "طباعة النقد" لتعويض النقص ممّا يضاعف من تقليص القيمة الشرائية..

10- إخفاق السلطة في تطمين أصحاب الودائع المالية عبر عمليات استعراضية لتوافر السيولة في المصارف..

11- إغلاق 38 مكتبا للصرافة نتيجة انخفاض قيمة العملة وتناقص السيولة من العملات الأجنبية..

12- المصارف اللبنانية تبحث عن طرق تحصين نفسها بسبب وضعية قروضها السابقة لصالح مشاريع في سورية.

13- ازدياد الخشية من العجز عن تسديد أقساط شراء السيارات التي تمثل 60 في المائة من القروض اللبنانية..

14- تراجع قيمة أصول المصارف الخاصة في سورية بنسبة 4 في المائة.

15- تقلّص الاصول الأجنبية في أصول المصارف الخاصة في سورية بنسبة تناهز 8 في المائة.

16- مؤشرات أولية على تناقص وقود المحركات والمولدات والشاحنات والآلات الزراعية، وارتفاع أسعاره، وبيعه في السوق السوداء.

17- تراجع حركة السياحة (تمثل: 15 في المائة من الدخل الإجمالي و13 في المائة من العمالة و31 في المائة من احتياطي النقد الأجنبي) تراجعا كبيرا (إلغاء 75 في المائة من الحجوزات السياحية) وهو ما لا يمكن التمويه عليه، فكان بالتالي الميدان الوحيد الذي أقرّت السلطة بتدهوره.

18- توقع تدهور كبير في الصادرات لا سيما إلى أوروبا (30 في المائة) التي "محاها" وزير الخارجية من الخارطة!..

لهذا كله -وهو غيض من فيض- يمكن القول:

1- حملة "لن ندفع ثمن الرصاص الذي يقتل به أبناؤنا" تمثل توقيتا ومضمونا سلاحا حاسما في يد شعب سورية وثورته السلمية لتقويض السلطة الاستبدادية الفاسدة، وإنقاذ اقتصاده واسترداد وطنه وبناء مستقبله على أسس قويمة جديدة.

2- كل فئة من فئات شعب سورية، قادرة على التأثير في هذا المجال، لا سيما فئة التجار وأصحاب الأعمال في حلب ودمشق مدعوة إلى الإسهام بنصيبها في ثورة الشعب، من أجل كرامته وحريته أولا، واسترداد الوطن ثانيا، مع اليقين بأن هذا يحقق مصالحها المستقبلية ثالثا.

3- لقد وصلت ثورة شعب سورية إلى منعطف حاسم، سواء في جولات البطولة التي تتجلّى هذه الساعات في حماة وأخواتها في مواجهة القمع الدموي الهمجي ومن يمارسونه، أو في جولة انتزاع أسلحة التسلّط الاستبدادي الفاسد، وانتزاع "ثمن الرصاص والدبابات والمروحيات" التي يستخدمها في اغتيال الشعب والوطن.

=====================

مابين جمعة ارحل ولا للحوار

بدرالدين حسن قربي

ثلاثة أسابيع حسوماً من المظاهرات في مدينة حماة لم يصب أحد فيها بسوء في غيبة شبة كاملة لقوات النظام السوري وشبيحته، بل كانت فيها أضخم المظاهرات التي عرفتها سوريا في تاريخها الحديث حشداً وعدداً. وكانت رسالتها الواضحة أنه بوجود قوات أمن النظام وشبيحته يُفتقد الأمن والأمان، وأنه بغيابهم يختفي القتل ويتوقف سفك الدماء، الذي رجع سريعاً جداً عقب (جمعة ارحل) مع عودة قوات النظام مع مئات الدبابات التي أخذت مواقعها في محيط المدينة الأبية تحضيراً فيما يبدو لاقتحامها، فاستؤنف القتل وتجدّد الرعب ومعه الاعتقالات بالمئات، مع فظائع الذبح التي تجلّت بذبح رائد التظاهرات الحموية وحاديها الرائع ابراهيم قاشوش ذبح سكين، ونزع حنجرته ورميه جثة هامدة في نهرٍ يحب مدينة أبي الفداء ويعشقه أهلها، وما بين حبه وعشقهم، رفض بوفائه ووده أن يغطي على الجريمة ومااستطاع مع عظمه وقوته أن يبتعلها، فأعاد صدّاحَ حماة شهيداً إلى أهله وأحبابه وإن جثة هامدة، وشاهداً يشهد على وحشية القاتل وانعدام إنسانيته وموت ضميره، شهادةً من العاصي موثّقة للتاريخ على مجرمي العصر ووحوشه من أصحاب الحوار، والوطني تحديداً.

ومابين جمعة ارحل وجمعة لا للحوار كان واضحاً أن النظام يتصرف بعصبية شديدة بدأت بإقالة مفاجئة لمحافظ المدينة رغم عدم الشكوى منه وكلام عن تغيير مسؤولين أمنيين والعودة عنه لتنتهي الجمعة بخبر غطّى على كل الأخبار وهو زيارة السفير الأمريكي والفرنسي إلى مدينة حماة. ومن ثم كانت فرصة لشن حرب إعلامية من قبل النظام على رجالات حماة وثائريها الأحرار باتهامهم وتخوينهم والنيل من وطنيتهم، شارك فيها أيضاً بعض شيوخه ممن اكتسبوها للسخرية من جهاد يقوده السفير الأمريكي حسب زعمهم ويوجهه، وليؤكدوا على الارتباطات والمؤامرات والخيانات للسوريين الثائرين لحرياتهم وكراماتهم.

فالسفير أو السفيران اللذان قدما الخميس الماضي وغادرا قبيل صلاة الجمعة تجولا في المدينة ورأوا على الواقع مايحصل فيها. ورغم أن الدبلوماسيين المعنيين هم المعتمدون لدى السلطة وليس لدى غيرها، ودولهم من يوم يومها تدعم النظام السوري وتسوّقه، وتوقعات السلطة لهم أن يواجَهوا بالإساءة والأذى والعدوان بعضاً من رد الفعل، فإن الأهالي واجهوا سيارتهم بأغضان الزيتون والورود تأكيداً على سلمية ثورتهم وسلام مطالبهم، فأحبطوا بسلوكهم دون أن يعلموا خطة رسمية خبيثة كانت تنتظر خلاف ذلك، لترتكب فيهم مجزرة تنتظر سبباً ومبرّراً لها، وارتدّت على من يريد السوء والشر بالمدينة غيظاً ونكداً أفقدهم صوابهم الذي تجلّى ببروباغندا إعلامية مخترعة أطلقها شبيحة النظام للنيل من الحمويين ووطنيتهم خصوصاً وأحقية مطالب السوريين في الحرية والكرامة عموماً، وشرعية إرادتهم بإسقاط النظام.

لاشك بأنه من غير المعقول البتة أن تكون الزيارة خارج علم الخارجية السورية، وإن كانت فكيف يمكن أن يكون ذلك في بلد لايستطيع أحد أن يفعل ذلك دون أن يوقفه حاجز عسكري، أو تعترضه قوة أمنية أو يقف في طريقه باص للشبيحة، فكيف بموكب أمريكي يمضي مئات الكيلومترات على الطرقات وينام في الفنادق ويدخل مدينة محاصرة بالقوات الأمنية والدبابات، ودون أن يعترضه أحد إلا أن يكون هناك موافقة رسمية وإعلام وتوافقات، أو أن سورية باتت ( سداح رداح). كما أنه من غير المعقول أيضاً محاولة جماعة النظام وشبيحته إلقاء مسؤولية ماكان على الأهالي وكأن زيارة الوفد الأمريكي وغيره للمدينة موافقة ومنعاً هي من مسؤولية أهل المدينة واختصاصهم فيما لاعلاقة لهم فيه أصلاً وفصلاً.

إن الغضب الذي أظهرته الجهات الرسمية من الزيارة تجاه الأهالي غير مبرر وليس له مصرفاً البتة إلا أن يكون كيداً أرادوه للمدينة الأبية فارتد عليهم، وإلا لماذا لم تطلب الخارجية من الدبلوماسيين من الساعات الأولى بل من اليوم الأول، العودة إلى أماكنهم الدمشقية في سفاراتهم إلا أنها تريد أمراً ولكنه جاء على غير مايمكرون.

سلطة لا تكترث بالذبح أو قتل الأطفال، بل وتقتل من شعبها بالمئات والآلاف وتعتقل بعشرات الألوف، لا ترى فيما تفعل مايخدش وطنيتها أو ينال من حيائها، ولكنها ترى في التعامل الحضاري للمواطنين وعدم اعتدائهم على بعثات رسمية أمريكية أو فرنسية أو غيرها ممن هم معتمدون عندها وفي ضيافتها أمراً تآمرياً ينال من وطنيتهم، ومع ذلك لاتنسى أن تدعوهم إلى الحوار يوم لاينفع الحوار، والسورييون قد اتخذوا القرار، بأن لافائدة مرجوة منه البتة مع قتلة شعبهم من المجرمين والشبيحة الأشرار، وأخذوا الطريق من قصيرها وقالوا: لا للحوار.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ