ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 07/07/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

العالم يستمتع بالدماء السورية!!!

حسام مقلد *

hmaq_71@hotmail.com

كعادتها لا تزال روسيا ترفض استصدار أي قرار من مجلس الأمن يدين إجرام النظام السوري ومجازره البشعة ضد شعبه الأعزل، والحكاية بالنسبة لروسيا ولغيرها من الدول الكبرى ليست حكاية مبادئ وقيم وحقوق إنسان لا.. لا.. الحكاية كلها متاجرة بآلام الشعوب العربية والإسلامية في سوق مجلس الأمن للحصول على أكبر نسبة من المصالح، وهذه هي روسيا التي وقفت نفس الموقف من القذافي ونظامه في البداية، وعندما احترق واقترب من السقوط خلعته كما يخلع المرء حذاءه من قدميه، ونفس الموقف مرشح للتكرار مع بشار الأسد، ونفس المسرحية المملة ستتكرر مع إعادة توزيع الأدوار، وما يعنينا في ذلك هو عدم الاهتمام العالمي بقضايا حقوق الإنسان في العالم العربي، وعدم اكتراثهم بالدماء العربية التي تراق في سوريا وغيرها إلا بالقدر الذي يحقق لهم مصالحهم.

 

ورغم البروباجاندا والتصريحات الدعائية التي يروجها بعض المسئولين الغربيين والناطقين الرسميين لبعض الحكومات الغربية إلا أن واقعهم ولسان حال كل منهم يقول: مصالحي أولا!!! ونحن نقول لهم: على رسلكم يا قوم، هدئوا من روعكم، أيها العالم الحر... أيها الجنتلمانات المتحضرين... أيها الساسة الحكماء... أيها العلماء العظماء... أيها المفكرون النوابغ... أيها السيدات والسادة في الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وكافة المنظمات الإقليمية والدولية... رويدكم... رويدكم... على رسلكم لا تتعجلوا في إدانة جرائم النظام السوري ضد شعبه الأعزل... ولا داعي لاتخاذ موقف حاسم فوراً من هذا النظام لوقف حمامات الدماء السورية النازفة... لا تقلقوا أبدا، وأريحوا ضمائركم... لا داعي للعجلة والتسرع؛ فما زال في الأمر سعة...!! اهدؤوا من فضلكم... اهدؤوا!!

 

إن أمامكم متسع كبير من الوقت، وبإمكانكم الذهاب إلى المصايف والاستمتاع بالفنادق الراقية والشواطئ الجميلة، وبإمكانكم كذلك التمتع بالسهرات الرائعة في ليالي الصيف القصيرة، وننصحكم باغتنام كل دقيقة فيها واعتصار اللذة منها حتى آخر قطرة، فهذه الليالي الحلوة سريعة الانتهاء فاغتنموها قبل أن يباغتكم حر النهار الطويل وصخبه المضجر، وتضطروا أن تخلدوا إلى نوم عميق هانئ في غرفكم المكيفة فوق أسرتكم الوثيرة!!

 

أيها الجنتلمانات المتحضرين... استمتعوا بعُطَلِكم... انطلقوا وعيشوا حياتكم بكل حرية... لا تدعوا أي فرصة أمامكم يمكنكم أن تعبُّوا فيها من الشهوات والملذات عباًّ فمن يدري؟!! ومعظم الفرص لا تعوض؛ فلا تدعوا أي شيء ينغص عيشكم أو يكدر صفو حياتكم لا سمح الله... وأي شيء قد يثقل ضمائركم أو يشغل بالكم فلا تدعوه يعيقكم ويمنعكم من المتع والرحلات...!!

 

أما بخصوص الشعب السوري الثائر في الشوارع منذ نحو أربعة أشهر فلا عليكم، لا تقلقوا بشأنه، فلم يقتل النظام من السوريين بعد سوى ما يزيد قليلا عن ألفي إنسان فقط!! ولم يعتقل سوى نحو عشرين ألفا أو ما يزيد قليلا عن ذلك، ولم يفر من اللاجئين السوريين إلا ما يزيد قليلا عن عشرة آلاف مواطن، ولم يتعب هؤلاء اللاجئون كثيرا بعد، ولم يذهبوا بعيدا فما هي إلا كيلومترات قليلة ثم يصبحون في تركيا، فهي في الحقيقة على مرمى حجر منهم، ولن يعانوا كثيرا في سبيل الوصول إليها، كما أن السير إليها وإن كان هربا من جحيم نيران الجيش السوري (الذي يقاوم هناك أو يتدرب على المقاومة الكبرى استعدادا لساعة الصفر التي اقتربت كثيرا...!!) إلا أنه في الواقع نوع من الرياضة المفيدة للشعب السوري ليتخفف من الوزن الزائد والعدد الزائد أيضا، ولو سقط بعض كبار السن والعجائز قتلى أثناء ذلك فعلينا ألا ننزعج كثيرا أو نضخم من الأحداث فإنما هو قضاء الله وقدره، ولا ننسى أن كبار السن يعانون دائما من مشاكل كثيرة، وربما يكون دفعهم للهرب والفرار حتى الموت هو التصرف الصائب والسليم رحمة بهم، وقد يكون فرار عشرة آلاف سوري من الرجال والنساء والأطفال إلى تركيا أمرا محمودا؛ فهؤلاء الناس سيمنحون لقب لاجئ سوري في تركيا، وعلى أية حال فتركيا أكثر رخاء وتقدما من سوريا، ولعل هؤلاء اللاجئين السوريين يجدون الخير لدى جارتهم العزيزة تركيا أكثر مما هو متاح لهم في بلدهم سوريا، من يدري؟!! وعموما فتركيا أفضل لهم وأرحم بهم من شبيحة نظام البعث السوري وأجهزته القمعية التي لا يعرف العالم لها مثيلا!!

 

أيها الجنتلمانات المتحضرين إن تعداد الشعب السوري ثلاثة وعشرون مليونا، ويبدو أن النظام السوري وسدنته وشبيحته والمنتفعين منه على أتم استعداد لإبادة نصف هذا العدد والقضاء عليه؛ لأجل الحفاظ على مصالحهم الخاصة من المال والسلطة والنفوذ، وما دام الأمر كذلك فلا يزال أمامكم سعة في الوقت، فبشار وزبانيته لا يمتلكون الآلات الكافية لذبح كل هذه الملايين في وقت قصير!!

 

وبالنسبة لمدينة حماة التي لها وضع خاص وتمثل حساسية خاصة في تاريخ سوريا المعاصر فلن يجرؤ النظام السوري على القيام بمذبحة واسعة النطاق بين أبنائها البالغ عددهم نحو ثمانمئة ألف نسمة، وأغلب الظن أن بشار الأسد سيضحي بعدة آلاف فقط ليرتدع بقية الناس في هذه المدينة الرمز وفي غيرها من المدن السورية الأخرى، وهذا يعني وجود فرصة ضئيلة أمام كاميرات التلفزة العالمية لتغطية هذه المذبحة الصغيرة المرتقبة، وبالتالي فلن يتمكن الناس حول العالم من رؤية مشاهد مؤثرة بشكل كبير، الأمر الذي سيقلل من الانتقادات الموجهة للمنظومة الدولية، وسيقلل من أهمية اتهام الساسة والمسئولين في جميع أنحاء العالم بالتواطؤ مع النظام السوري بصمتهم على جرائمه، وعلى العموم فالنظام السوري ضليع في ارتكاب المجازر، وآلته الإعلامية خبيرة ومتخصصة في التدليس الإعلامي وقلب الحق باطلا والباطل حقا، ولن يسمح ذلك النظام بانتشار أخبار المجازر التي يرتكبها في حماة أو غيرها، وسوف ينفذ جرائمه ببطء مع استعمال أبشع وسائل الضغط والترهيب والترويع، واتخاذ كافة سبل التعتيم والتضليل الإعلامي للإفلات بجريمته!!

 

أيها السادة... أيها الجنتلمانات المتحضرين... لا تقلقوا فالمشكلة ليست فيكم، ومن حقكم مشاهدة مناظر الدم السوري المسفوح فهذا عملكم، فدوركم أن تشاهدوا وتراقبوا وترصدوا وتتابعوا وتحللوا ولا غرابة في ذلك فهذا هو موقفكم المعلن والمعروف والذي لا غرابة فيه، لكن المحير فعلا هو موقف الشعوب العربية والإسلامية مما يجري لأخوتهم في سوريا!! فإذا كانت طبقة الساسة والمسئولين في معظم دول العالم غير معنية بالسوريين ولا بالدماء السورية الزكية التي تنزف منذ أرعة أشهر، وغير قلقة بالشكل الكافي على مصير الشعب السوري الذي يواجه وحده بصدوره العارية جبروت نظام الأسد البعثي الذي لم يعرف العالم مثيلا لوحشيته في قمع مناهضيه حتى في عهد أبشع الطغاة الذين عرفهم العالم كهتلر وستالين!!

 

والسؤال الأهم هو: ما بال الشعوب العربية والإسلامية لم تحرك ساكنا ولم تقدم دعمها بشكل واضح وقوي لثورة الشعب السوري؟! بل حتى غالبية هذه الشعوب لم ترفع عقيرتها لتنطق بمجرد عبارات الشجب والإدانة، وكأن ما يجري من مجازر على الأرض السورية وفي كل مدنها وقراها كأنه يحدث في كوكب آخر، أو كأنه فيلم تاريخي يتحدث عن زمن ولى وانتهى، كأن الدماء السورية الزكية التي تهراق كل يوم مجرد خدع سينمائية أو لقطات من فيلم رعب!!

 

فعلا لا يجد الكثيرون تفسيرا علميا ونفسيا مقنعا لحالة الصمت الشعبي في الشارعين العربي والإسلامي تجاه ما يحدث لإخوانهم في سوريا، وعلى الرغم من كونها حالة فاضحة إلا أن هذا الموقف المخزي لا يخلو من دلالة إنسانية وسياسية مهمة، فإذا كان العالم بمؤسساته الدولية ونظامه السياسي يكتفي بالفرجة على الدماء السورية التي تسيل في الشوارع كل يوم ويستمتع بمشاهدة اللقطات الإخبارية المصورة خلسة والمنشورة عبر الإنترنت، فإن التخاذل العربي والإسلامي على المستوى الشعبي يقدم أقوى الأدلة على أن معظم أسباب وعوامل حالة الهوان التي نئن تحت وطأتها إنما هي عوامل وأسباب ذاتية تنشأ بداخلنا نحن وتنخر فينا من الأعماق، وأخشى ما نخشاه أن يأتي اليوم الذي يستولي علينا فيه الرعب من الشبيحة والبلطجية فننتظرهم حتى يُحضروا أسلحتهم ويأتوا إلينا لضربنا واعتقالنا أو لذبحنا وإراقة دمائنا ليظل العالم يستمتع بها كما يشاء!!

ـــــ

* كاتب مصري.

=========================

الديمقراطية التي يدعو إليها بشار الأسد.. (ماجد صالحة نموذج)

محمد فاروق الإمام

بعد أقل من أسبوع على عقد اللقاء التشاوري، الذي ضم نحو مئتي شخصية مثقفة معارضة مستقلة، في فندق سمير أميس بدمشق أطلق عليه (مؤتمر المبادرة الوطنية)، وصدر عنه بيان يدعو للانتقال بالبلاد من نظام الاستبداد إلى نظام ديمقراطي مدني وإلى تراجع الحل الأمني وتقدم الحل السياسي.

أقول بعد أقل من أسبوع من عقد ذلك المؤتمر تنادت مجموعة من أنصار النظام إلى عقد مؤتمر في ذات الفندق أطلقوا عليه تسمية (المبادرة الوطنية من أجل مستقبل سورية)، تنافس فيه الحضور في مدح السيد الرئيس بشار الأسد رجل المرحلة الإصلاحي الذي تقدم على مطالب المتظاهرين بإصداره العديد من المراسيم الإصلاحية التي ستنقل سورية إلى مقدمة الدول الديمقراطية بل ستكون النموذج الذي ستتعلم منه الدول والشعوب حقيقة الديمقراطية وواقعيتها ومثاليتها، كما بشر بذلك وزير الخارجية وليد المعلم في مؤتمره الصحفي الشهر الماضي.

في هذه الأجواء الطنانة والرنانة تقدم المدعو زهير الغنوم إلى حسين العماش(أحد الداعين إلى المؤتمر) قائلاً له إنه تم فصله من (المبادرة الوطنية) وبدأت بينهما مشادة كلامية، وعندها تدخل السيد ماجد صالحة، أحد المدعويين إلى المؤتمر، قائلا إنه لا يحق لأحد أن يقصي أحدا من الحوار، مطالباً من الجميع الاستماع إلى مطالب الشارع الذي يدعو إلى إسقاط النظام، وما أن تلفظ بكلمة "إسقاط" حتى هجم عليه عدد من الحاضرين وتم ضربه وإخراجه إلى خارج الفندق.

وقد نشر صالحة فيما بعد بيانا صوتيا أوضح فيه ما جرى له قائلا: "دعيت إلى المؤتمر من أحد منظمي المؤتمر ممثلا لنفسي وقلت إنما أتينا هنا لننقل مطالب الشعب الذي هو مصدر الحرية والشرعية ولابد لنا أن نستمع لهذا الشعب الذي ينادي بإسقاط النظام".

وتابع: "وما انتهيت من هذه الكلمة حتى فوجئت بزهير الغنوم ينهال علي ضربا ومع بعض الحضور يضربونني ويهينونني.. أهكذا الحوار الذي يدعون إليه ضرب وإهانات".

وأضاف: "تم إخراجي من المؤتمر بمعية بعض الشرفاء وهمس لي بعض الحضور بضرورة مغادرتي المؤتمر حفاظا على حياتي، وهنا أحمّل النظام والأجهزة الأمنية أي ضرر يصيبني أو يصيب عائلتي".

وأوضح صالحة أنه شهد الكثير من الممارسات الجائرة والظالمة من النظام في منطقة سكناه في بلدة حرستا وبلدة دوما المجاورة، مردفا: "مرة تلو مرة يثبت النظام أنه غير معني بالحوار وأن تلك المؤتمرات التي يدعو لها هي محاولات ترقيع وتبييض لوجهه ومحاولة لإعادة الشرعية التي أسقطها الشعب عنه".

واختتم حديثه بدعوة الشعب السوري إلى الوحدة والبعد عن الطائفية، معلنا استقالته من منصبه كخطيب لصلاة الجمعة في سجن عدرا المركزي "احتجاجا" على ممارسات النظام.

هذه الواقعة التي تعرض لها المعارض والناشط السياسي ماجد صالحة، تضاف إلى رصيد هذا النظام الذي يستحق عن جدارة أن يحتل رأسه بشار الأسد مساحة واسعة في كتاب جينز للأعمال الخارقة التي ما سبقه إليها أحد في أساليب وممارسة القمع المبتكرة ضد شعبه، والتي لا تخطر على بال بشر منذ فعلة قابيل وانتهاء بقمع شاوشسكو مروراً بنيرون وهولاكو وستالين وهتلر وموسوليني، هذه هي الديمقراطية التي يسوّق لها أبواق النظام السوري ويبشرون الشعب السوري بالتقلب في أحضان نعيمها، وهذه هي الديمقراطية التي ينتظرها الشعب السوري من هذا النظام بعد كل هذه التضحيات والعذابات والمعاناة.

بشار الأسد يتوهم بأنه يستطيع الضحك أو الالتفاف على ثورة الشعب الذي قال كلمته (الشعب يريد إسقاط النظام) بحفنة من المراسيم الهلامية التي يهدف من ورائها إلى إرضاء الغرب وأمريكا وبعض أصدقائه الخائفين على مصيره، متوهماً أن رضا هؤلاء قد يحول دون سقوطه ورحيله، مغمضاً عينه ومغلقاً أذنيه عن الحقائق التي تهز الأرض من تحته، فالشعب الثائر منذ أكثر من ثلاثة أشهر والذي قدم خلالها ما يزيد على 2000 شهيد وأضعاف ذلك من الجرحى والمفقودين والمهجرين، وهو على استعداد أن يقدم المزيد حتى ينتزع من هذا النظام حريته ويفوز بكرامته ويركل هذا النظام إلى مزبلة التاريخ ليكون مثلاً وحديث خرافة ترويه الجدات للأحفاد.

===========================

إسرائيل تواصل العبث بجثامين الشهداء

عادل عبد الرحمن

تراجعت حكومة بنيامين نتنياهو في آخر لحظة عما أعلنت عنه، من أنها ستفرج عن رفات (84) شهيدا، من شهداء من مقابر الارقام. مع ان الجهات المسؤولة في المؤسسة الامنية الاسرائيلية أبلغت الوزير حسين الشيخ بموافقتها على نقل رفات الجثامين لذويهم. واستعد أهالي الشهداء والقيادة السياسية الفلسطينية لاستقبال رفات الابطال الشهداء، لاعادة دفنهم في مقابر الشعب، في المدن الفلسطينية بأسمائهم وعناوين معاركهم التي خاضوها ضد جيش الاحتلال الاسرائيلي وضباط الاجهزة الامنية.

التراجع الاسرائيلي من قبل وزير الحرب ايهود باراك، لم يكن مفاجئا لا للمواطنين الفلسطينيين ولا للقيادة السياسية ، التي تعودت على سياسة التسويف والمماطلة والكذب. مع انه لا يوجد ما يبرر ذلك التراجع، سوى ذرائع القيادات الاسرائيلية الواهية، كالادعاء، ان تسليم رفات جثامين الشهداء الاربعة والثمانون قد يؤثر على صفقة تبادل الاسرى مع حركة حماس!؟ او إدعاء البعض ان بعض رفات الشهداء، يعود لمناضلين "تلطخت" ايديهم بدماء الاسرائيليين!؟ او غيرها من الاقاويل والذرائع المشحونة بالعنصرية الاسرائيلية البغيضة.

بالتأكيد الذرائع المشار لها اعلاه، ليس لها علاقة بتسليم رفات الجثامين لذويهم لا من قريب او بعيد. لان تسليم رفات الشهداء كان يجب ان يتم منذ إستشهادهم لذويهم، وليس إعتقال جثامينهم، وإغفال أسماؤهم من خلال إعطاء جثامينهم ارقام، لان هذا إنتهاك خطير للانسان ميتا ام حيا. ويتنافي مع حقوق الانسان. إحتجاز رفات جثامين الشهداء الابطال يعكس سياسة بلطجة إسرائيلية، فيها تعميق حالة العداء والكراهية بين الشعبين.

كما انها آنيا لا ترتبط باي صلة مع عملية تبادل الاسرى. لان عملية التبادل للاسرى، عملية مستقلة كليا عن إعادة رفات جثامين الشهداء الابطال. فعملية التبادل كان من المفترض ان تتم قبل هذه اللحظة، هذا إن تمت عملية التبادل في حال لم تعطلها حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة. كما ان رفات جثامين الشهداء، كان من المفترض ان تسلم منذ لحظة استشهادهم، والـتأخير ناجم عن سياسة حكومات إسرائيل المتعاقبة العدوانية، التي حكمتها نزعاتها الاجرامية الارهابية ضد ابناء الشعب الفلسطيني الاحياء والاموات على حد سواء.

والذريعة الثانية، المشار لها أعلاه، باتت خلف ظهر الساسة الاسرائيليون، لانهم أقروا مؤخرا مرغمين الافراج عن المعتقلين، الذين تصفهم حكومات إسرائيل بمن "تلطخت" ايديهم بدماء الاسرائيليين. وبالتالي لم تعد هذه الحجة الواهية والكاذبة مدرجة في عملية التبادل للاسرى، لانها تتنافى مع اي صراع بين شعبين، ومع اي حل سياسي لهذا الصراع. لان الحل السياسي لاي صراع في اي بقعة من بقاع الارض، يتضمن بالضرورة واولا الافراج عن كل المعتقلين الاحياء والاموات. ولا مجال لاي طرف من اطراف الصراع العبث بمصير المعتقلين اي كان الفعل الذي ارتكبوه ضد عدوهم، واسرائيل عدو تاريخي للشعب العربي الفلسطيني، لانها نهبت ارضه وطردته من مدنه وقراه وبساتينه الى المنافي، ومازالت لا تعترف بحقوقه الوطنية، رغم إختيار الشعب العربي الفلسطيني والعرب عموما خيار السلام مع دولة الابرتهايد الاسرائيلية، كخيار أستراتيجي. فهل كان على الفلسطيني ان يرضخ للاحتلال والعدوان والجريمة الاسرائيلية المنظمة ام يقاومها؟ بالتأكيد اختار المقاومة عندما كانت ضرورة وطنية، ومنذ ثمانية عشر عاما اختار طريق السلام، وقدم التنازلات الخطيرة مقابل بلوغ خيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران 1967، والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية مع ضمان حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194، ولكن اسرائيل مازالت تعبث بمصير التسوية ، ومن خلال ذلك تعبث بمصير رفات الجثامين وعملية تبادل الاسرى. الامر الذي يفرض على العالم وخاصة اقطاب الرباعية الدولية إلزام حكومة اسرائيل الكف عن سياسة العبث، لان إعادة رفات جثامين الشهداء ليست منة من اسرائيل، وليست كرم اخلاق، بل تمليها الضرورة والقوانين والاعراف الدولية ومواثيق حقوق الانسان، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.

a.a.alrhman@gmail.com

============================

كي لا نكون عبئاً على التنسيقيات

جلال/ عقاب يحيى

 تطرح أوضاع الثورة الثورية وما وصلت إليه مجموعة من الأسئلة، والموضوعات المهة ذات العلاقة برؤاها، ومدى توحّدها، والتنسيق فيما بينها، وموقفها من الحراك السياسي الذي تعتمر به الساحة وتضجّ، بكل تلاوينه وأبعاده وموقعه من قادة الثورة الفعليين .

 الذي لا شكّ فيه أن الانتفاضة ـ الثورة السورية أحدثت، بتضحياتها وصمودها، واستمرارها، مجموعة من المعطيات والمنجزات الجديرة بالتسجيل، وفتحت الطريق واسعاً لعملية التغيير ..

ـ لقد اشتلعت الخوف والرهبة والسكون والصمت من عموم الشعب، وهو أحد المرتكزات الهامة لديمومة نظام الاستبداد، فأطلقت العنان لخزين الكبت الشعبي ليعبّر عن نفسه، وإن بشكل متدرّج، وبصور عديدة واعية، ومنهّجة، وعفوية ومختلطة يدخل على خطها عديد النزوعات، والاتجاهات .

ـ عرّت، وبشكل سافر بنية النظام الأقلوية، القمعية، الدموية فأسقطت كل الغشاوة عن قابلياته للإصلاح، أو شعاراته التسويقية عن التمايز، والشعبية، فكان الكل الأمني متوافقاً تماماً مع مملكة الرعب التي أشادها، وارتكازها الرئيس : الأجهزة الأمنية، والشبيحة المليشياوية، فالمؤسسة العسكرية .

ـ والحقيقة أن عجز النظام عن إسكات الحركة الشعبية بالوسائل المعهودة لنظم القمع(الأمن وخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع، والاعتقال المؤقت..) كشف بنيته المأزومة، المخلخلة من جهة، وقوة اندفاع الحركة الشعبية من جهة أخرى، وطبيعته الفاشية من جهة ثالثة بكل ما يمثله زجّ الجيش في المدن من مثالب ومخاطر وكواشف .

ـ إن سيناريوهات الاتهامات المسبقة لم تكن عفوية، أو بنت لحظتها، صحيح أنها أظهرت البلبلة في أوساط النظام، ومستوى أدائه الرثّ وهو يفبرك وجود عدو مخفي(مندسين وغرباء.. ف..) يشرعّن له استخدام القتل ومنتهى العنف، ويطمس جريمته.. إلا أنها كانت جزءاً من خطة مسبقة تبيّن رفض النظام المسبق للانصياع لأدنى المطالب الشعبية التي بدت عادية، وجزئية، وتطورت مع تطور فشله في وأد الثورة والقضاء عليها، فكانت قصص السلفيين، والعصابات المسلحة وطرح أرقام خيالية ل" الخارجين عن القانون"، و"أسلحتهم النوعية والثقيلة".. كاشفاً آخر للطبيعة الدموية للنظام، ومحرّضاً قوياً لاتساع رقعة الثورة أفقياً وعمودياً حين بات شعار إسقاط النظام عاماً، ومركزياً .

ـ كانت أكبر وأهم مفاجآت الثورة السورية أنها بدّلت الصورة النمطية السابقة للشعب السوري عموماً، وشبابه على وجه الخصوص.. حيث تناولت الآراء والدراسات والمواقف المعنية لسنوات على معطى وحيد : تفريغ المجتمع والشباب من قابلية الاهتمام بالشأن العام، وبالتالي : اليأس من إمكانية إقدامه على القيام بدوره المأمول، وبما رتّب عديد المواقف الانتظارية، والرهانية في المعارضة بما سيجود به النظام، بينما كانت لوحة الإحباط، والملل، والقنوط هي السمة البارزة للعمل السياسي المعارض.. بانتظار تغيير ما غير مرئي، وغير محسوب..فكانت المفاجأة ـ الصدمة القوية بانطلاق شرارة الثورة من درعا، ثم اتساعها، ووصولها إلى ما هي عليه اليوم .

 *****

هذه الوضعية المفاجئة التي أحدثتها الثورة السورية خلقت حراكاً نشيطاً يشمل جميع مكونات الشعب السوري، وفي المقدمة منه القوى المعارضة القديمة، وتلك التي تلد كل يوم، وحقنت جموع الناشطين، والمهتمين بدفق من الدماء متنوّع الكمية، والأصول، وربما زائد عن اللزوم، وبما لا تقدر على تحمله عديد الأوضاع السابقة.. فكان المخاض الكبير، وكان هذا الكم الهائل من المبادرات والمؤتمرات والتشكيلات والدعوات.. حتى أنه يشبه السيل الجارف الذي يمكن ان يأخذ في طريقه كل شيء ما لم يجر عقلنته، وفرملته، وتوجيهه ـ بكل روافده ـ ليصبّ في مجرى الثورة، ولخدمتها، وليس ليصبح عبئاً ثقيلاً عليها، أو يخلط التخوم والأوراق لصنع ما يشبه المتاهة التي قد تترك آثارها السلبية على مسار الثورة، ووتائرها، ومصائرها، خصوصاً وان المرحلة القصيرة من عمر الثورة لا تسمح، ولا بشكل من الأشكال ببلورات سريعة، وناضجة، وكافية لقياداتها الشبابية، باتجاه التوحيد من جهة، وصياغة برنامج المرحلة من جهة ثانية، والتكتيكات الواجبة للتعامل مع المعطيات والمتغيّرات، من جهة ثالثة، والإجابة المقتدرة على السؤال المركزي الذي يجول في خاطر الكثيرين عن مصير النظام وحيثيات وكيفيات سقوطه، من جهة رابعة .

ـ هنا، وفي هذا المنعطف تتعدد، وتتباين الرؤى بين الشباب الفاعل في الثورة، ومعهم طيف واسع من معارضات موزعة، وناشطين ومستقلين، وبين عموم قوى المعارضة الرسمية، وعديد الناشطين والمثقفين المعروفين .

ـ شباب الثورة، أو القادة الميدانيون، ووفقاً لنهج النظام الدموي، وحصائل الشهداء والجرحى والمعتقلين، ومسار الثورة المتعاظم لا يرون بديلاً عن مواصلة ضغط الشارع حتى إسقاط النظام .

 وبرغم أن عملية الإسقاط، وزمنها، ليست واضحة تماماً في بياناتهم ومواقفهم، نلمس الإصرار على إدانة ورفض أي شكل من أشكال الحوار مع النظام، وإطلاق كمّ من الاتهامات لمن يدعو إليه، إلا وفق الصيغة المطروحة في بيان التنسيقيات : التنازل عن الحكم وتشكيل حكومة انتقالية ..

 كما أن أسئلة مشروعة تُطرح هنا عن مدى وحدة عمل التنسيقيات فيما بينها، ووحدة رؤاها، ومواقفها، وهي الأسئلة التي يصعب الإجابة الوافية عليها، طالما أن الظروف لم تسمح بعد بالإعلان عن هيكلية التنسيقيات، وإطارها القيادي الموحد، ناهيك عن بعض الأقوال التي تتحدث عن وجود عديد التنسيقيات في المدينة الواحدة، وتعدد الخلفيات والمواقف، والتصريحات، والمبادرات، والمشاريع .

 *****

وكما تناولت في مقال سابق قبل أيام عن حق وواجب المعارضة بالتوحد، وأهمية التقائها حول مشروع متفق عليه، وأهمية التناغم مع التنسيقيات، ومع سقف المطالب الشعبية، وأهمية ترشيد عمل الشباب، ودعمهم بالخبرة والأفكار المساعدة حول المسار والمخرج..

فإن الملاحظ أن أغلبية القوى المعارضة التقليدية تجنح إلى طرح الحوار مع النظام كوسيلة مضمونة لإيجاد مخرج ما للوضع المأزوم .

ـ هنا نلاحظ فروقاً بيّنة بين من يضع شروطاً (ثقيلة) يعتبرها مقدمات وثوابت لأي عملية حوار، وبين من يتراخى أكثر بإظهار قابلية مفتوحة للدفع نحو الحوار، باعتباره، وفق هذا الرأي، الوسيلة الوحيدة لعملية الانتقال(التدريجي، والسلس، والممكن) للنظام البديل ..

ـ وإذا كان للكثير من دعاة هذا الاتجاه مبرراتهم، وأسبابهم، وتقديراتهم حول مسار الأوضاع، وموازين القوى، والاحتمالات المفتوحة التي يمكن أن تتجه نحوها الأوضاع السورية، أو يدفع إليها النظام المأزوم..وما يطرحه البعض من ملاحظات على مواقف شباب الثورة(الحماسية، المندفعة)، أو التي لا تقيم وزناً لطبيعة قوى النظام وما يملكه من أوراق، ولدور العوامل الإقليمية، والخارجية، وعملية التغيير المنشودة، وواقعية شعار إسقاط النظام..إلخ .. وما نحدثه هذه التباينات من تعارضات وآثار سلبية على الثورة ومصيرها..

فإن وحدة عمل التنسيقيات في إطار جامع، واختيار قيادات لها، وطرح برنامج التغيير.. إنما تمثل اليوم المهمة الحيوية الأولى التي يمكن أن تعرف كيف تستفيد من كل الجهود الموجودة، وكيف تبني علاقات تفاهمية مع قوى المعارضة وأشكالها بعيداً عن التشنج، ولغة الاتهام، ومواقف ردود الفعل.. حينها يمكن للقوى الشبانية القائدة أن توظف كافة الطاقات في خدمة الهدف المشترك، وان تمنع الانقسام، والتوزع، وتضع حداً للمتاجرين بها وبدماء الشباب، أو الركوب عليها تحقيق لأهداف ومصالح ذاتية .

ـ بدورها قوى المعارضة التي تكثر اليوم من تشكيلاتها ومؤتمراتها وتصريحاتها، وتصدّر بعضها لواجهة الأحداث.. يجب أن تعي أن ثورة الشباب هي التي أعادتها إلى الحضور، وأنها لولاها لظلت مهمّشة على لائحة انتظار كرم النظام، ولذلك يُفترض فيها ألا تفرض رؤاها على الشباب، بل أن تعمل للتوافق والتناغم معهم ومع مطالبهم .

وطالما أن الجميع لا يكل ولا يمل حديثاً عن بذل كل جهد لرفد ودعم الثورة، واعتباره رديفاً، وليس وصياً، أو بديلاً، فمن الأولى بهم الالتزام بما تطرحه التنسيقيات، وليس تجويفه والالتفاف عليه تحت هذا المسمى، أو ذاك .

*كاتب وروائي ـ الجزائر

=======================

دم المغني يحفظ كلمات النشيد أيضاً

* محمد حيان السمان

قتلوا المغني إذاً ؟ قتلوا - إبراهيم قاشوش - الذي ألهبَ حناجر المحتشدين في ساحة العاصي بحماه فغنوا معه واحدةً من أروع أغاني الثورة السورية : سوريا بدها – أي تريد - حرية!!. ذبحوه من الوريد إلى الوريد, ثم ألقوا جثته- الصوتَ والدمَ معاً- في نهر العاصي.

 هكذا إذاً... هكذا يكون ردُّ النظام التسلطي, في عنفه العاري وبربريته الغبية, على تظاهرة ساحة العاصي وعلى مغنّي الحشدِ فيها: حزّوا بالسكاكين حنجرته التي صدح بها منذ أيام : الحرية صارت ع الباب !!

 كان مغني ساحة العاصي قد خاطبَ العرب قبل أيام بأغنية طلعتْ من دمه : يا عرب ..يا عرب.. ذبحوا السوري وأنتو السبب ! كان دمه يعلم جيداً أن القتلة يترصدون الأريجَ , ويهيئون للصرخة طعنتها. كان دمه يعلم.

 منذ بداية انطلاق الثورة في حماه, كان إبراهيم قاشوش يغني لدرعا.. وحمص.. وبانياس والبيضا التي – داسوا فيها الإنسان – كما قال المغني مرتجلاً والناس تغني من بعده. كان يمسح بكلماته المرتجلة– على السليقة كما يُقال –و الملحّنة الموزونة, مواقعَ الجرح السوري الرغيب الممتد من درعا إلى جسر الشغور مروراً بمعرة النعمان و دوما والميدان... لم ينسَ أحداً و هو يرتجل مباشرة نشيدَه البهي. كان يتتبع بصوته الطافح بالرجولة والإلفة معاً, تضاريسَ الجريمة على جسد سوريا كلها, فيعلو إيقاعُ النشيد على شفاه الحشد في ساحة العاصي, وتصير الأغنية صلاة. وفي اللازمة : ارحل عنا يا بشار.. تعثر الحناجر أخيراً على صوتها المسروق منذ عقود.

 أيضاً المغني الشهيد لم ينس القتلة واللصوص في أغنيته... سمّى الأشياء بأسمائها: العصابة الهمجية ! يريد بذلك حاكم سوريا وأعوانه قتلة الشعب وناهبي خيرات سوريا... سوريا التي , كما تقول لازمة النشيد وتعيد : بدها حرية.

 من أين طلع هذا الحقد كله على الشعب ؟ منذ متى وهم يرعون حقول القسوة واللؤم والخسة حتى استطاعوا قطع حنجرة المغني بالسكاكين ؟!! ردوا على الأغنية بذبح المغني.. وتلقوا النشيد بسفك دم المنشد ؟؟!.. كان إبراهيم قد غنى لدم الشهداء أيضاً في ساحة العاصي. ومنذ أن بدأ القتلة يسفكون دم السوريين في ربيع سوريا العظيم, أعلن المغني في أناشيده مراراً : دم الشهداء مانو رخيص... دم الشهداء ما منخون !!.

 و دمك إذاً أيها المغني النبيل...؟؟! أيها الشاعر المقدام... أيها الصوت الذي صاغته ذاكرة وباصرة: ذاكرة تنوء بمقتلة الأهل في حماه منذ سنين الدم تلك... وباصرة ترصد حال الأهل في سوريا كلها الآن, في هذا الربيع الدامي. وبين الذاكرة والعين نهض صوتك الرجولي الوادع الطيب ليرجم القتلة الطغاة, ويضيء ليلَ ساحتنا البهية.

 في أسطورة استلهمها شاعر الأرض اليباب , أن الطاغية يقطع لسان الجميلة كي لا تستطيع الكلام عن الجريمة. لكن الآلهة حولت فيلوميلا الجميلة إلى عندليب تطلق إدانتها في كل مكان:

 

 العندليب هناك... تملأ القفر جميعاً بصوت لا يُغتَصب !

 وبقيت تصيح ...

 وبقي العالم يلاحق الصوت !!

 جسد المغني إبراهيم قاشوش يطفو على مياه النهر, دمه يؤرج بساتين العاصي. الحشد في الساحة ما نسي النشيد أبداً. و منذ الآن : نواعير العاصي تتكفل بنشر صدى صوته الرجولي الحر على المدى كله.

* كاتب وباحث من سوريا .

==========================

الشباب .. بين ثقافة التغيير وتغيير الثقافة

بقلم: أدهم إبراهيم أبو سلمية

الشباب كنوز الوطن المخبوءة لأيام القحط، وسيوفه المشرعة في وجه أعدائه المتربصين، ويده القوية في البناء والتنمية، الشباب هم تلك الجوهرة المصونة التي يحاول العابثين إغراقها وإبعادها عن رسالتها وواجباتها، لذلك حديثي مع الشباب لا زال مستمراً حتى الوصول إلي الهدف الحقيقي وهو شباب مثقف يقود ولا يقاد.

 

ولأن عجلت التغيير لا زالت متواصلة وبخطوات قوية ومتسارعة، فإنني أقف اليوم مع الشباب أمام عنوانين خطيرين هما: (تغيير الثقافة وثقافة التغيير)، تغيير لثقافة الشباب العربي والمسلم ليصبح شباباً فاشلاً لا قيمة له ولا فائدة من وجوده، وثقافة التغيير التي كانت تتجذر في قلوب الشباب العربي رافضةً كل المؤامرات التي تحاك ضد هذا الجيل وهذه الأمة.

 

تغيير الثقافة:

لقد فهم الغرب والصهاينة أن الدخول إلي أمتنا وسرقة حاضرها وتدمير مستقبلها ووقف عجلت الزحف الإسلامي الهادر لا يمكن أن يتم بدون السيطرة على عقول الشباب وتغيير ثقافتهم، من ثقافة إسلامية إلي ثقافة غربية بلباس عربي.

 

ولهذا الغرض الخبيث سخر الغرب إمكاناته من أموال ومؤسسات وإعلام للوصول إلي الشباب العربي وقد نجح في ذلك من خلال الوصول إلي شباب مفلسين محبطين فاشلين ليسوا ناجحين في الدين ولا في الدنيا، بل تجدهم متذمرين من الطاعة لله، عندهم خجل من الإسلام، ما أخذوا من الغرب إلا ركوب الـ«بنز»، ولبس الجنز، فصار أحدهم كالعنز، قلوبهم فارغة من الإيمان، وأدمغتهم فارغة من الثقافة والمعرفة، وهم ممتازون في السهر الضائع وقتل الوقت في نفث سجائر الدخان والأحلام الوردية والوساوس الشيطانية

.

وبدأ يُعطي هؤلاء مساحاتٍ واسعةٍ من خلال فضاء الإعلام ليقتلوا أي أمل موجود عند الشباب المثقف الواعي، وأغدقوا عليهم الأموال، حتى وصلت الأمور بالكثير من الشباب إلي اليأس من إمكانية التغيير، واعتقد الحريصون على الأمة ومقدراتها أن الشباب غرق إلي غير رجعة.

هكذا عملوا على تغيير ثقافتنا، شباب عربي بلباس غربي، ينتهكك الحرمات، ويهدم الإسلام بمفهوم الحضارة والتمدن، يشرب الخمر، ويصف نفسه وأمته بالتخلف والرجعية.

 

ثقافة التغيير:

وأمام هذا الواقع الصعب الذي عاشه شباب الأمة لسنوات ليست قليلة، كان الكثير ممن فتح الله عليهم وأيقنوا أن الغلبة لهذا الدين وأن الشباب المثقف المؤمن سيغير هذا الواقع المقيت مستأنسين بقول أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أنه كان إذا رأى الشباب قال: مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عليه و سلم، أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نوسع لكم في المجلس وأن نفهمكم الحديث فإنكم خُلوفنا وأهل الحديث بعدنا...).

 

لقد عمل الشباب المثقف وإن ظهر بمظهر القليل والضعيف المطارد على تغيير ثقافة المجتمع بحكمة وصبر عملاً بوصية الإمام البنا رحمه الله: (من أراد أن يستعجل ثمرة قبل نضجها أو يقطف زهرة قبل أوانها فخير له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلى غيرها، لذلك نحن نلجم نزوات العواطف بنظرات العقول، ونلزم الخيال صدق الحقيقة والواقع، ولا نصادم نواميس الكون فإنها غلابة، ولكن نغالبها ونستخدمها ونحول تيارها ونستعين ببعضها على بعض).

 

صحيح أن ثقافة التغيير التي حملها المخلصون من الشباب المسلم كانت تسير بشكل بطيء لكنها كانت تتميز بقوة الحق، وثبات الفكرة، والصبر والطاعة والإبداع والتضحية من أجل تحقيقها، وصولاً للحظة التي يريدها الشباب العربي ويبحث عنها هذا الجيل الفريد من الشباب والتي يلخصها الأستاذ فتحي يكن رحمه الله بقوله: (إنَّه يتعيَّن أن يكون الهدف من إعداد الشباب المسلم اليوم هو أن يحقّق قوامة الإسلام على مجتمعه وعلى العالم ..وهذا يفرض بالتالي أن تكون مهمَّة الشَّاب المسلم هي نقل قيادة الأمَّة من أيدي الجاهلية وأفكارها وتشريعاتها وأخلاقها إلى يد الإسلام وأفكاره وتشريعاته وأخلاقه(.

 

هكذا نرى تغيير الثقافة التي حاولت الأفكار الساقطة من علمانية واشتراكية ورأسمالية أن تزرعها في عقول شبابنا وأمتنا، نعمل بصبر وحكمة وثبات لأن هذا التغيير هو تغيير مستقرا مستمرا، لا مهتزا ولا وقتيا، عميق لا سطحي، جذري لا فوقي، متدرج لا فوري، عالمي لا قطري، مستقر لا وقتي، نقود الأمة إليه ولا ننوب عنها فيه.

ـــــــــــ

*الناطق الإعلامي باسم الاسعاف والطوارئ/فلسطين ـ قطاع غزة

adh.s@hotmail.com

========================

وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي؟

صقر أبوعيدة

وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي؟

مَوَاسِمُ وَرْدِنَا سِيقَتْ لَهَا الرِّيحُ

وَقُلْنَا جَاءَنا نَسَمٌ لَهُ رِيحُ

فَهَبَّتْ في حُدُودِ الْبَيتِ وَانْتَشَرَتْ مَفَاتِنُهَا

وَكَانَ فَتِيلُ سَكْرَتِنَا يَنُوءُ بِلَيلِهِ وَلَهَا

هِيَ النَّشْوَى الّتي سُكِبَتْ عَلى الْجُمُعَاتْ

وَشَيءٌ مِنْ قِمَاشِ الشَّمْسِ يَكْسُو كَاهِلَ الصَّلَوَاتْ

وَقَدْ نُصِبَتْ عَلى صَفَحَاتِ أَعْيُنِنا مَتَارِيسُ الْهَوَى..

وَالنَّائِباتُ عِظَاتْ

وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي؟

فَلا عَجَبُ

 يُناجِي دَمْعَهُ الْعِنَبُ

وَبَحْرُ دِمَائِنا تَهْفُو لَهُ الأَحْلافُ مِنْ زَمَنِ

فَلا بَاكٍ لَهُ يَأْتِي وَلا رِمْشٌ يَرِفُّ عَلى سَمَا الْعَينِ

وَبَينَ دُفُوفِ رَاقِصَةٍ تُرَاقُ قَصَائِدُ الْوَطَنِ

وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي؟

عَلى نَفَسِ الْبِلادِ تَمَرَّغَ الْكَيدُ الّذي حِيكَتْ عَباءَتُهُ بِسَمٍّ..

خَيطُهُ الْجَهْلُ

وَمِنْ عَقِبٍ إِلى عَقِبٍ جَلا النَّسْلُ

فَعَجَّتْ في مَرَابِضِنا لُغَاتٌ سَاقَهَا اللَّيلُ

وَنَغْزِلُ وَقْتَنَا طَرَباً نُرَمِّمُ حَائِطَ الْوَثَنِ

أَيَا وَطَنِي!

وَهَلْ تَبْنِي الْمَوَاوِيلُ؟

وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي؟

هِيَ الْفِتَنُ

تُرَصُّ عَلى حَصِيرِ الْقَلْبِ نَسْقِيهَا نَهَارَ الْعُمْرِ وَالْجِيلا

فَتِلْكَ حِكَايةٌُ يَا أُمَّتِي قَدَّتْ لَها دَرْباً إلى التَّابُوتْ

عُيُونٌ تَسْبِلُ الأَهْدَابَ لِلطَّاغُوتْ

قَرَابِينُ الْخِيَانَةِ سَنَّهَا كَفٌّ مِنَ الْجَبَرُوتْ

غُبَارُ الأَرْضِ نَعْجِنُهُ عَلى الأَجْفَانِ تِكْحِيلا

فَأَرْخَتْ سِتْرَها الْبِدَعُ

وَقَدْ نَاخَتْ لَها عَينُ الْمَلامَةِ وَاكْتَفَتْ بِاللَّهْوِ تَعْليِلا

تَهَابُ السَّيفَ إِنْ لَمَعَتْ صَحَائِفُهُ

وَإْنْ رَقَصَتْ مَقَابِضُهُ عَلى الأَعْنَاقِ تَنْكِيلا

وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي؟

مَعَاطِفُ شَمْسِنا نُشِرَتْ عَلى حَبْلٍ مِنَ الْوَهْمِ

فَهَاجَ الْقَومُ وَاسْتَسْقَوا مِنَ اللَّمَمِ

ضِبَاعُ الْحَشِّ تَلْهُو بَينَ غَاباتٍ مِنَ الأُمَمِ

وَقَلْبُ الْمَرْءِ يَهْرُبُ خَلْفَ مَصْرَعِهِ

فَيَهْوِي خَالِيَ الشِّيَمِ

وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي؟

دَعَوكَ لِتَخْلَعَ الأَقْدَامَ إِصْرَاراً مِنَ السُّنَنِ

وَتَسْبَحَ في سِباخِ اللَّيلِ وَالْوَسَنِ

وَذاكَ السَّامِرِيُّ أَتَى مِنَ الأَمْصَارِ يَغْرِسُ شَتْلَةَ الْفِتَنِ

فَخُضْنَا في حُرُوفِ الْهَجْرِ نَشْرَبُ لَهْجَةَ الإِغْوَاءِ وَاللَّكَنِ

وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي؟

فَأَينَ يَلُوذُ ضَوءُ سِرَاجِنا وَالْبَابُ مُنْغَلِقُ؟

أَجِيءُ إِليكَ وَالأَحْلامُ تَنْفَتِقُ

وَعِنْدَ هُمُومِكَ الصَّمَّاءِ أَسْتَرِقُ

فِرَاخَ الشِّعْرِ وَالْكَلِمَاتُ تَنْفَلِقُ

وَأَصْرِفُ دَمْعَهَا غَدَقاً عَلَى وَطَنِي

 وَمَاذَا بَعْدُ يَا وَطَنِي؟

==========================

شعوب جوار سوريا: ماذا تنتظرون؟!

احمد النعيمي*

ما انفك الشعب السوري ماثلاً في كل محنة تتعرض لها الشعوب الإسلامية ومشاركاً إخوته محنهم، ومضحيا بنفسه وماله في سبيل نصرتهم، فوصلت جحافل الشباب السوري إلى بغداد لنصرة إخوتهم الذين كانوا يتعرضون للغزو الأمريكي، وهم من حمل رايات قتال الغزاة في اللحظة التي أصابت العراقيين المفاجأة وتركوا أسلحتهم ولبسوا ملابسهم المدنية، وأصابهم الذهول، وهم من استقبل مئات الألوف من الشعب العراقي واللبناني وفتحوا أبوابهم وصدورهم لهم، وشاركوهم في السراء والضراء وقاسموهم الخبز والماء.

وعندما أصاب أهل سوريا ما أصابهم على يد المجرم بشار وأذنابه، فقد اثبتوا أنهم بالفعل من أشجع الشعوب وأقواها، ليس بوقوفهم إلى جانب إخوتهم فقط وإنما بوقوفهم أمام أجرم نظام عرفته البشرية على وجه العالم بكل صلابة وقوة ورباطة جأش، بالرغم من قتل أطفالهم وشبابهم وشيوخهم ونسائهم والتمثيل بهم، وسجنهم وتعذيبهم وتشرديهم، فأعلنوا عن إصرارهم بالتخلص من هذا النظام، وان سكت العالم عما يجري من إجرام في سوريا، وسط تصريحات وقحة بان امن سوريا من امن المنطقة، وأخرى بأنهم لن يجدوا خيرا من هذا النظام الذي عمل طيلة سنوات حكمه على تحقيق الأمن للمنطقة وخصوصا امن الصهاينة، وإن شاركت دول الصمود والمقاومة للحكومة البشارونية بالسلاح والجنود، وذلك كما فضحت عنه السفن والطائرات التي تم إلقاء القبض عليها في مصر وتركيا وهي محملة بالسلاح إلى سوريا، وعشرات الاعترافات والفيديوهات التي تؤكد وجود الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في سوريا والذين يعملون على قمع المتظاهرين السوريين، وبكل وحشية وإجرام.

ووسط هذا التجاهل والصمت؛ كانت تجري بين دول الصمود والمقاومة مغازلات تمثلت في زيارات مكوكية لكل من سوريا وإيران إلى العراق، بدءا من زيارة وزير الخارجية السوري المعلم ومن ثم تلاه وفد سوري زار العراق نهاية الشهر الماضي، أعلن أمامه المالكي بأن استقرار المنطقة مرتبط بأمن سوريا، وزيارة وزير الخارجية الايراني بالوكالة "علي اكبر صالحي" ووفد من وزارة المخابرات الإيرانية للعراق وعقدها مؤتمرا في وزارة الدفاع العراقية، وحضور الطالباني لمؤتمر مكافحة الإرهاب الذي عقد في إيران الشهر الماضي وإعلانه من هناك بأنه تم إغلاق مخيم اشرف الإيراني المعارض لنظام الآيات في إيران، ورافقها إعلان عن زيارة مرتقبة لنائب نجاد "رحيمي" إلى العراق ليتم إنهاء ملف اشرف بشكل نهائي، وتصريحات صهيونية تدعو الدول الغربية لعدم الضغط على سوريا، وتطمينات أمريكية بأنها لن تستخدم القوة ضد نظام بشار، مما يؤكد أن دول المقاومة والصمود المزعومة أعطيت الخط الأحمر من قبل الدول الغربية لوأد الثورات العربية، وخصوصاً ثورة سوريا المباركة والتي تكاد تطيح بأكبر نظام سيكون في سقوطه زعزعة لأمن الصهاينة.

وإن كان الشعب السوري يثمن للبنانيين موقفهم ومساندتهم له وسقوط عدد من الضحايا في بيروت، ويثمن كذلك موقف علمائهم الذين أكدوا وقوفهم إلى جانب إخوتهم في سوريا، لكنه يقول لهم بأن هذا ليس كافياً بل يجب عليهم وهم الذين يسعون للتحرر، بأن يضغطوا بشكل اكبر وأكثر جدية، لتخفيف الضغط عن إخوتهم في سوريا، ولمنع حزب الله أن يرسل جنوده لقتل الشعب السوري، وهذا ما يجب أن يقوم به إخوتنا في الأحواز والبلوش وأكراد إيران وبقية الأحرار والذين يسعون للتخلص من قبضة الآيات الشيطانية في إيران، وهو ما يجب أن يقوم به الشعب العراقي البطل من تكثيف الضغط على حكومة المالكي العميل والتي تتآمر مع دول المقاومة المزعومة ودولة الاحتلال على ثورة الشعب العراقي والسوري.

يجب أن تتحرك اليوم شعوب دول الجوار السوري لكي تمسح العار الذي ألحقته بها دول الصمود والممانعة الكاذبة، ولتتحرر من قبضتهم، فهم لن يجدوا فرصة أعظم من هذه الفرصة، وهذا ما يجب أن تقوم به كل الشعوب المسلمة، لان تحرك الشعوب المسلمة سيعمل على تخفيف الإجرام الواقع على الشعب السوري، وسيعمل على تفتيت التحالف المصبوب على أهل سوريا ويعجل بسقوط هذا النظام بأقل الخسائر، فهل من مجيب أيتها الشعوب الساعية لنيل الحرية، وإذا لم تستغلي تلك الفرصة فلن تجدي فرصة أعظم منها أبداً؟!

*كاتب سوري

Ahmeeed_asd@hotmail.com

حزب الله في سوريا

http://www.youtube.com/watch?v=ZizbvVc_LZk&

feature=related

إيران في سوريا

http://www.youtube.com/watch?v=l5b9EAHi64g

الصهاينة يدعون الدول العربية لعدم الضغط على سوريا

http://www.watan.com/reports/2011-06-25-16-24-13.html?fb

_comment_id=fbc_10150658436475198_22664838_

10150660984355198

المؤتمر الصحفي لمخابرات إيران في العراق

http://www.almalaf.net/default.asp?mode=more&ID=

113690&catID=1

المالكي استقرار المنطقة من امن سوريا

http://www.sootahrarsyria.com/articles.php?action=

view_details&id=935&cat=66

نائب نجاد يتوجه للعراق

http://www.dp-news.com/pages/detail.aspx?articleid=87694

وزير خارجية ايران في العراق

http://www.dp-news.com/pages/detail.aspx?articleid=69219

المعلم مستعدون للسلام مع اسرائيل

http://www.watan.com/news/2011-07-04-19-31-56.html

==========================

الأسرى الفلسطينيون والحظ العاثر

بقلم / أكرم أبو عمرو

غزة – فلسطين

Akrmabuamer7@hotmail.com

الأسرى الفلسطينيون صورة من صور المعاناة التي يحياها شعبنا منذ أن وطئت أقدام الغزاة على أرضنا ، كان الأسر سمة من سمات حياتنا ، بدءا من وقوع شعبانا بأسرة في الأسر بعد إغلاق الأراضي الفلسطينية وحصارها لفترات طويلة ومتكررة طوال أربعة واربعوين عاما ، مئات الآلاف من الفلسطينيين تعرضوا للأسر من بينهم آلاف الأطفال ومئات النساء ، بل أن الشهداء من الفلسطينيين قد وقعوا في الأسر بعد استشهادهم وأودعوا في سجون أطلق عليها مقابر الأرقام

ليس غريبا أن يقال هذا الكلام ، ولكن الغريب أن حالة الأسرى الفلسطينيين في سجون ومعتقلات الاحتلال حالة فريدة من نوعها ، تجعلنا وصفهم بأنهم أصحاب حظ عاثر، لان جميع حالات الأسر على مر التاريخ البشري سرعان ما تنتهي بإطلاق سراح الأسري بأي شكل من الأشكال أما عن طريق عمليات تبادل الأسرى بين الأطراف المتصارعة ، أو عن طريق العفو من قبيل تطبيع العلاقات بعد انتهاء الحرب بين الأطراف المتحاربة ، أما في الحالة الفلسطينية فلا فما أن يقع المواطن الفلسطيني في الأسر فلا احد يعرف متى سيعود إلى أهله وأسرته ، متى سيقدم إلى المحاكمة ، وعلى أي تهمة سيحاكم ، ونعتقد أن ذلك إنما يعود لأسباب عديدة منها :

  استمرار حالة الصراع مع عدونا ولا آفاق في نهاية لها .

  اختلال موازين القوة العسكرية والاقتصادية لصالح عدونا، والكلمة هنا للأقوى .

  النظرة الدونية من قبل قوات الاحتلال إلى أسرانا حيث ينظر إليهم على أنهم مجرمين خارجين عن القانون ، مثلهم مثل أي مجرم في قضية مدنية .

  ثقافة الإرهاب والإرهابيين التي تحاول قوات الاحتلال دوما وفي كل المحافل إلصاقها بشعبنا ، ومناضليه .

  العين العنصرية المقيتة التي تنظر بها إسرائيل إلى شعبنا بكل أطيافه .

لهذه الأسباب سوف يظل أسرانا رهن الصلف والجبروت الإسرائيلي الذي يمارس شتى ألوان التعذيب النفسي والجسدي على أسرانا ، حيث الضرب المبرح ، والإجبار على الوقوف ساعات طويلة ، والحرمان من النوم، والشبح ، والحرمان من الزيارات ، والعزل الانفرادي ، بل أن قوات الاحتلال لم ترحم المرضى من الأسرى والنساء اللواتي اجبرن على وضع مواليدهن في زنازين الأسر.

معاملة مخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية بما فيها اتفاقية جنيف الرابعة التي تشير إلى معاملة المدنيين أثناء الحرب وفي هذا قد يقول البعض ممن يعيشون بعيدا عنا أن لا حرب دائرة ألان بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، ونقول أن الحرب مستعرة ولكنه من طرف واحد طرف مدجج بكل أنواع الأسلحة ، وطرف اعزل لا يملك إلا إصراره وتمسكه بأرضه ، وإلا ماذا نسمي الاعتداءات اليومية من جنود الاحتلال ومستوطنيه ، وعمليات نهب الأراضي والتوسع الاستيطاني ، وأعمال القتل بين صفوف المواطنين وتدمير ممتلكاتهم ، والحصار الدائم .

 مناسبة هذا القول هو ما يقوم به أسرانا البواسل في معركة هي ليست الأولى من نوعها ولكن سلسلة المعارك طويلة ضد ممارسات الاحتلال القمعية ضد هؤلاء الأسرى مما يعتبر اعتداءا صارخا على آدميتهم ، معركة تصدي وصمود من بينها معركة البطون الخاوية لتذكير العالم ذو المعايير الظالمة الذي نسي معاناتهم ففي الوقت الذي يطالب فيه بالإفراج عن أسير إسرائيلي واحد يتجاهل آلاف الأسرى الفلسطينيين .

فإلى متى سيظل نحو 6000 أسير فلسطيني من بينهم 37 أسيرة من النساء و245 أسير من الأطفال بالإضافة إلى العديد من القادة الفلسطينيين من أمناء للفصائل ونواب للمجلس التشريعي .

إننا في هذه الأيام لا يسعنا إلا أن نتوجه إلى أبناء شعبنا الفلسطيني إلى الوقوف صفا لمساندة آسرانا في معركتهم وإشعارهم أن جميع أبناء شعبهم يقفون معهم متضامنين مطالبين بالعمل على الإفراج عنهم ، وأنهم صفوة أبناء شعبنا ضحوا بالغالي والنفيس من اجل هذا الوطن قبل وبعد الأسر فها هم يعانون من هموم الوطن وما أكثرها إلى جانب هموم الأسر ، حيث يترقب الجميع صفقة تبادل الأسرى المرتقبة والتي يكثر الحديث عنها بين الفترة والأخرى ، لتفيح بين الأسرى روائح الأمل تارة ، ومرارة اليأس تارة أخرى، كيف لا وان هذه الصفقة بالتأكيد ستكون انتقائية يسيطر عليها اللون الواحد وان تم تطعيمها بعدد قليل من اسري هذا الفصيل أو ذاك .

ونحن هنا لسنا ضد أي صفقة تؤدي إلى الإفراج عن أي عدد من الأسرى فالإفراج عن أي أسير هو انجاز ومكسب، ولكن الهدف من ذكر هذا للتذكير مما آلت إليه الأمور في بلادنا جراء الانقسام وتداعياته .

اعذرونا أيها الأسرى لا نملك إلا أقلامنا ودعائنا وكان الله في عونكم .

=========================

مؤتمرات ولجان وخيام ...ونظام يذبح حماه ثانية ً! .

د.نصر حسن

بمباشرة وصراحة ،جاء مؤتمر أنطاليا على خلفية حراك وطني عام جماعي حينا ً وفردي حينا ً آخر ،يسوده جو من الحماس انعكس أملا ً في التغيير الوطني الديمقراطي , كان هذا الأمل وليد حالتين جديدتين في العالم العربي , الأولى هي سقوط أنظمة ديكتاتورية عربية مستقرة كان التفكير في تغييرها أشبه بالمستحيل , والثانية هي كسر حاجز الخوف بسرعة تبعه حراك شعبي عام بدافع قيم نبيلة وطنية وإنسانية من الحرية والكرامة, وكثر من المؤتمرين كانوا يعملون على الهدف نفسه , وآخرين كثر أيضا ً كانوا ينطلقون من حماس شديد جديد أو متجدد لدى بعضهم ,ولد في ظروف العالم الافتراضي وتفاعل الفيسبوك وأدوات التواصل الاجتماعي المتاحة السريعة المتعددة لينتقل سريعا ً إلى الواقع العملي على الأرض .

 ومع إجماع هذا الكم المعارض على عنوان واحد هو دعم ثورة الحرية والكرامة في سورية ، بدأت التمايزات والاستقطابات في التشكل, البعض من كان منظما ً في حزب أو جبهة أو ائتلاف أو ماشابه, ومنهم من كان مستقلا ً, منهم من كان مؤطراً سياسيا ً ومنهم من لم يكن كذلك, منهم من آمن بضرورة التنظيم ووضع خطط وبرامج لحراك الشارع الذي يغلي , ومنهم من اعتبر أن الشارع ينظم نفسه بنفسه ويسلك طريقه الخاص به , منهم من رأى نفسه لأول مرة أمام ثورة شعبية مباغتة غير متوقعة تحمل في طياتها قوة حقيقية قادرة على تحقيق الانتصار على النظام الديكتاتوري , ومنهم من رآه عملا ً عفويا ً طويل الأمد , فأتت الأسقف والبرامج مرتفعة ومتناغمة مع هدف الثورة حينا ً( الشعب يريد إسقاط النظام ) ومتواضعة حينا ً آخر ترى إعطاء فرصة للحوار والحل السياسي على خلفية قيام النظام لفظيا ً بتبني لهجة الحوار وبتلبية بعض مطالب الثورة في بعض الإصلاحات الجزئية.

 وحين اجتمعت تلك الأطراف وانطلق النقاش برزت الاختلافات الكبيرة والصغيرة الأصلية والمصطنعة ، كانت خلاصتها توافق الجميع على دعم الثورة تحت عنوانها العريض ( إسقاط النظام الطائفي ) ومن ثم التركيز التدريجي على التفاعل البيني مع الشارع بشكل مؤسسي قادر على رسم طريق المستقبل ، وساد جو من التفاعل الإيجابي البيني قائم على احترام مواقف وتحركات كل طرف ونية صادقة على تبادل التجارب في العمل العام ، والحرص على دور من لايملك التجارب في العمل الوطني المعارض لكنه يملك المادة والحماس الوطني للعمل بنظرة جديدة جماعية على طريق التغيير الوطني الديمقراطي ،لأنه في واقع الأمر وأمام هدف عام كالذي بصدده الشعب السوري لن يستطيع أي طرف منفردا ًتحقيق الانتصار ، هنا يجب التأكيد أنه على الرغم من أن المسيرة الطويلة الشاقة من العمل الوطني ضد النظام في الماضي لم تستطع أن تحقق الهدف المنشود ، لكن الثورة اليوم لم تنطلق من فراغ ،بل هي تعبيرا ً مباشراً عن تراكم العمل الوطني المعارض والتضحيات الكبيرة لعشرات السنين.

وعليه كان المؤتمر خطوة على طريق تجميع قوى المعارضة في الخارج ،هدفها الأساسي تنظيم فعلها نحو دعم ثورة الحرية والكرامة التي بدأها الشعب السوري في الخامس عشر من آذار من أجل إسقاط النظام الطائفي في سورية , ورغم ما تخلل أعمال المؤتمر منذ بدايته إلى ختام أعماله من فوضى وارتجال وتهميش ،وأيضا ًغلبة الفردية وعدم الشفافية وغياب العمل الجماعي الديمقراطي ،وصخب الانفعالات السلبية منها والإيجابية، أدى ذلك إلى التأثير السلبي على نتائج المؤتمر،خاصة الهيئة الاستشارية والتنفيذية اللتان لا تعكسان حقيقة واقع المعارضة والقوى الفاعلة فيها , رغم ذلك اعتبرنا ذلك خلاصة حراك المعارضة في تلك اللحظة ،المطلوب التفاعل الإيجابي والبناء عليها وتسريع وتيرة العمل الموحد على كافة المستويات لدعم الثورة وشرح مطالبها العادلة وكسب التأييد لها والضغط على النظام لوقف حمامات الدم والرضوخ إلى مطالب الشارع بالرحيل عن سورية وحقن الدماء .

تأسيسا ً على ذلك ،توقعنا أن يكون عمل مابعد المؤتمر بداية ترسيخ القناعة بالعمل التعددي المشترك ليكون أكثر فاعلية ممثلا ً بهيئات ولجان لتحقيق الهدف الأساسي وهو دعم الانتفاضة وتأطيرها في الاتجاه العام السلمي المستمر حتى تحقيق شعارها في الحرية , واعتبرنا أننا تخطينا مرحلة تحديد الهدف بعد ترسيخ القناعة لدى كافة أطراف العمل الوطني بضرورة العمل التكاملي المشترك وتحويل التنوع في البرامج والرؤى إلى غنى وقوة فعلية للثورة ضمن عمل موحد قوامه برنامج واضح بعيد عن المزايدة والاستقطاب السلبي والشخصنة وسياقات العمل العشوائي .

لكن المفاجأة جاءت سريعة ومخالفة لكل مااتفق عليه في المؤتمر !,تجلى ذلك في سلسلة فوضى الحملات الإعلامية المبطنة التي تعيد إنتاج الفردية والشخصنة وتلتف على المؤتمر وقراراته بإعلان عن تشكيل مجلس وطني أو حكومة مؤقتة أو ماشابه وبيانات وتصريحات وندوات تبطن الحوار مع النظام القاتل وهو مالم يتم الاتفاق عليه وإقراره في برنامج المؤتمر, هنا برزت ضرورة الشفافية والصراحة لإعادة تصحيح أو تصويب الأساسيات قبل الانزلاق إلى مرحلة أخرى أكثر ارتجالا ً وفوضى وخطرا ًوخلطا ً الأمور.

لاشك أن الكثير الذي يجمع الأطراف الوطنية المتعددة ،أهمها وحدة الهدف النهائي الذي يختصره التغيير الوطني الديمقراطي وبناء سورية الجديدة ،على الرغم من تعدد الطرق وتعرجات الوصول إليه وتعدد الرؤى على تسميته ،أي سورية المستقبل بعد التغيير , هل هي دولة مدنية أو غير ذلك ؟!, لكن الكل متفق على المضمون وهو دولة مدنية قائمة على أساس المواطنة ، تضمن الحرية والمساواة والعدالة والكرامة الإنسانية وتؤمن بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية , والجميع تقريبا ً كان يعي أن الخصم المشترك هو هذا النظام الطائفي المتوحش ورموزه المرتبطة فيه على اختلافها التي تعمل ما في وسعها على إسناده وتكريسه حماية ً على مصالحها غير الشرعية وغير القانونية.

بيد أن رسم البرامج والخطط وبدء العمل التنفيذي بموجبها يتطلب شيء من التنظيم المرن حتى يكون العمل سريعا ً ومتناغما ً مع نبض الثورة ،عليه لم نتوقف كثيرا ً عند الضعف التنظيمي وغياب الهيكل المؤسسي القادر على اتخاذ القرارات وتركت الأمور لتقدير الهيئة الاستشارية والتنفيذية لاختيار اللجان التي تساعدها في عملها ، لكن الرغبة بالمرونة وسهولة الحركة كان مدخلا ً لبعض الارتجال والمحسوبيات وعدم التقيد بالقدرة على العمل والكفاءة ،واختصرت الأمور كلها في عدة أشخاص يقومون بالعمل دون خطة واضحة ودون استشارة الهيئة وحتى دون تزويد أعضاء المؤتمر بالمعلومات الدورية الضرورية عن مايقومون به ونتائجه ،ودون دراسة دقيقة لذلك ينتج عنها تقدير موقف جماعي صحيح حول الثورة والنظام والموقف الإقليمي والدولي مما يجري في سورية .

هنا تبرز مدى صعوبة التفاعل والعمل المشترك المفتوح على التوسع والمستقبل سواء من المنخرطين الجدد أو المخضرمين في العمل الوطني المعارض , كنا نعي أن هناك صعوبات كبيرة بل وعوائق أخرى مبطنة سوف تظهر على السطح في لحظة ما ،خلاصتها عدم الجدية في العمل الجماعي وتواضع الخبرة الديمقراطية والتخندق في البرامج الجزئية وعدم الثقة بالآخر المختلف إلى سيطرة هاجس الغلبة والثقة المفرطة بالنفس ،إلى اختلاف الطباع والفردية وحب البروز والتسلق أحيانا ً, لكن من خلال المسيرة الطويلة في العمل المعارض ووضوح البرامج لدى أغلب أطراف العمل الوطني في السنين الأخيرة والانفتاح البيني والتفكير العلني، يمكن القول أن كل الأطراف أبرزت الحرص والإيمان بالتغيير الوطني الديمقراطي وصدق النوايا بدعم الثورة وأهدافها العادلة، لكن بدون شك إن المقياس الفعلي والعمل الحقيقي إنما يكون على الأرض في مواجهة الخصم نفسه المتمثل في هذا النظام القاتل، انسجاما ً مع ذلك ،كنا نطمح إلى سهولة تخطي تلك العوائق بالسرعة التي تتطلبها تطورات الثورة على الأرض ، لكن الأمور للأسف لم تمش كذلك ،وأخذت الأمور سياقات متمايزة ،إذ بدلاً من التركيز على الجامع المشترك وهو كبير، نرى التركيز على مايفرق ويشتت وعلى اعتبار أن بديل التنسيق والتكامل مع الآخر الوطني هو بالتنسيق مع النظام بهذا الشكل أو ذاك مما زاد الأمور لبسا ً وإرباكا ً وتعقيدا ً؟!.

بديهي، أن الحراك الوطني ليسرحكرا ً لأحد، لاعلى الأحزاب أو التكتلات الكبيرة أو الصغيرة أوحتى على الأبطال الذين قاموا بالمظاهرات الأولى ، وأن فعاليات الثورة اليومية اتسعت وهي مفتوحة على الجميع وللجميع ،بدءا ً بمن بدءها على الأرض وفي الفيسبوك ،مرورا ً بكل المدن والقرى إلى كل الذين انضموا إليها فيما بعد واعتبروا أنفسهم معنيين بأهدافها ، فطابعها العام المفتوح الذي شهد الكثير من المبادرات التي بدأت تتبلور في إطار معين من التنظيم يتيح لكل راغب أن يشترك ويأخذ دوره في الثورة وتجلياتها ، لكن نرى مراعاة احترام صيغ العمل الجماعي الديمقراطي واحترام التوافقات التي تم التوصل إليها بناء على مبادئ معينة تعني المجموع وخلاصتها إسقاط النظام.

على أن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي، بل المطلوب أمور أساسية منها : تفهم واستيعاب الأطراف لبعضها البعض وتوفر المرونة المفيدة التي يجب أن لا تنعكس سلبا ً على أولوية الموقف السياسي من الثورة والنظام والحل ،وهذا يتطلب الحكمة والبصيرة والحماس المستمر لمواكبة الثورة وأطوارها على الأرض ،هذا ما نعتقد أن الحراك العام لم ينجح فيه إلى اليوم ، لقد فرضت الثورة شعارها وآلية التعبير السلمية عنه المستمرة لأكثر من ثلاثة شهور ، رافقها تبني كل أطراف المعارضة له بهذا الشكل أو ذاك ،مع ذلك رأيناهما يتعرضان لبعض الوصاية والتشويه وهذا يعود لأسباب عديدة منها مواقف اعتبرت نفسها معنية بالهدف لكنها لم تستطع أن تتجاوز العقلية غير المنتجة التي اعتادت العمل فيها بالماضي ،ومنها تعقيدات الواقع السياسي السوري ،وهو واقع بحكم سيطرة النظام الكامل على وسائل الإعلام يخضع للكثير من التشويه والمزايدة والغوغائية وعدم الصدق والوضوح في تبني سياسات تريد الحل وإنقاذ سورية ،بقدر ما تريد إعادة إنتاج الديكتاتورية بشكل جديد وقد ردت الثورة على ذلك التشويه بتثبيت شعارها ( الشعب يريد إسقاط النظام ) وبتتابع نمو المظاهرات في كل سورية وعدم ثقتها بخطاب النظام ووعوده .

 لكن البعض وخاصة الخائفين والمترددين والمسمسرين حاول اختصار هدف إسقاط النظام بمطلب إعطاء فرصة للحوار معه ،هذا الاختصار سمح لقوى أو شخصيات مرتبطة بالنظام بروابط مختلفة وغير مؤمنة أصلا ً بالتغيير الديمقراطي ودولة المواطنة والمساواة بالظهور على الساحة والسطو على المبادرات وحصرها في سياق خدمة النظام وإنقاذه ، هنا لابد من فتح قوسين للإشارة إلى مسألتين تتعلقان بموضوع الشعارات والتسميات والمؤتمرات التي رفعت في الخارج والداخل ، الأولى هو الاتفاق بين كل أطراف الثورة في الداخل والخارج على هدفها إسقاط النظام وعلى أولوية سلميتها والتعامل مع أية إشكاليات تبرز خلال الثورة بشكل سلمي حضاري حريص على احترام التعددية والرأي الآخر، وعدم المجاملة أو غض النظر عن أي شعار أو موقف يحاول إزاحة الهدف ويشوه مضمون الثورة ويلزم الآخرين فيه ، وذلك حماية ً واحتراما ً لمن يشارك على الأرض ويدفع ثمنا غاليا ً لتحرير سورية ،والثانية هي أنه علينا أن ندرك أن الثورة وحراكها تتم في ظروف القمع الشديد ولا تتوفر فيها أدنى مستويات الحرية , الأمر الذي أفرز بعض الشعارات والمواقف لا تمت بصلة إلى الثورة وأهدافها وموقفها من النظام والتغيير اللذان بدأت الثورة من أجلها ،نخص بالذكر مسألة الإصلاحات والمؤتمرات والحوار مع النظام وما شابه من مواقف تربك الثورة وتبعد الحل وتعكس مصلحة النظام أولا ً وأخيرا ً.

إن حرية الرأي أمر نؤمن فيه إيماناً راسخا ً ،ونحرص عليه ومن حق أي طرف أن يطرح الشعارات التي يريد ،لكن ما لا يجوز فعله هو أن يفرض شعاراته على الآخرين , هذا ما يفعله بعضهم عندما يرفع شعارات تتناقض مع أهداف الثورة الأساسية , إن التظاهر في نهاية المطاف هو تعبير عن موقف جمعي من مسألة ما ،ومن يريد أن يعبر عن أمر آخر لا يتضمنه هذا الموقف الجمعي أن يحترم آراء الآخرين ولينظم تظاهرة أخرى مستقلة خاصة فيه أفضل له ولغيره .

نستطرد قليلا ً لنقول أنه نظريا ًبعد حسم هدف الثورة المتمثل في إسقاط النظام بكل تجلياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية ,في القانون والممارسة وبناء دولة المواطن التي يسميها البعض الدولة العلمانية،، ويسميها آخرون الدولة المدنية أو غير ذلك , نعود إلى المرونة المطلوبة للتفاهم حول كيفية إسقاط النظام ، إذ نعتقد أن هذا هو الآن أبرز التحديات أمام الثورة ،هناك وجهات نظر مختلفة حول كيفية إسقاط النظام أو حتى على فكرة إسقاطه أو إصلاحه , بين من يرى تطوير الاحتجاجات عبر حشد شعبي كبير يؤدي إلى شلل قدرة الأجهزة الأمنية ومؤسسات النظام على القمع وبالتالي الاستمرار في الحكم ،وبين من يتبرع بإعطاء الاستبداد فرصة لتنظيم صفوفه المنهكة للانقضاض على الشعب مرة ً أخرى ولا تفسير آخر! باختصار القول يطرح الإلحاح نفسه في مجال الجواب على سؤال ،، لماذا نريد إسقاط النظام ،،؟ وفيه نتوجه إلى الشعب وشرائحه الأكثر ضررا ً من النظام والأكثر حماسا ً وعملا ً باتجاه التغيير الوطني الديمقراطي الحقيقي, هذا التباين في وجهات النظر نعتقد أنه يعطّل قدرتنا حتى الآن على الإجابة على أسئلة الشعب الملحّة حول أحقية وأداة وشكل التغيير؛ وهو ما لا يجب أن يستمرّ طويلا ً.

 

قد يكون الحلّ، إنْ لم تتفقْ أطراف المعارضة في الداخل والخارج سريعا ً على آلية عامة واحدة، هو أن يسلك كل طرف أو مجموعةٍ طريقها الخاص فيها رغم أن هذا عمل غير مفيد وغير ديمقراطي وبعيد عن الثورة ومفاعيلها الموحدة ويكون مفتوحا ً على المجهول ، لكننا نعتقد ونلح على التفاعل والتكامل واحترام البرامج المختلفة التي تلتقي جميعا ً في منتصف الطريق عند الهدف المشترك التي تعبر عنه الثورة بوضوح وذلك بتشكيل جبهة أو إئتلاف أو تحالف سياسي بين تلك الأطراف لها الهدف الإستراتيجي نفسه لكنها تختلف على كيفية الطريق الأقصر للوصول إليه . هنا علينا القناعة والتسليم إذًا مجددا بأن أي طرف لا يمتلك الحقيقة الوطنية ولا الحل الوطني لوحده، وبأنّ برامجنا وقناعاتنا ووجهات نظرنا تتطلب المزيد من التفكير الوطني والوضوح في الأهداف والآليات والمواقف الصريحة من المسائل الأساسية المطروحة المتعلقة بإسقاط النظام وآليته وشكل المستقبل ما بعد التغيير. وبالتالي علينا أن نمنح بعضنا بعضا الثقة المطلوبة والمرونة السياسية اللازمة وأيضا ً مجالاً أرحب وأكثر شفافية للعمل الوطني الديمقراطي التعددي.

ليس التعاون في هذا المجال مهمة سهلة، لكنها ليست مستحيلة. وهي بالطبع أسهل من إسقاط النظام ذاته التي رفعته الثورة شعارا ًوهدفا ً لها تدفع ثمنه يوميا ً أنهارا ً من الدماء الطاهرة!

في النهاية نحن جميعا نقف أمام المسؤولية الوطنية التاريخية التي تشكل البداية الوطنية المستقلة الحريصة على صنع مستقبلنا بأيدينا وليس برغبات ومصالح وتوجيهات ووصاية الآخرين أيا ً كانوا،وهذا الطريق الوطني المستقل لن يتبلور سوى بالقناعة بضرورة العمل الوطني الديمقراطي الموحد الذي بمقدروه وحده على مواكبة الثورة وطرح مشروع سياسي متكامل لإسقاط النظام والإنتقال إلى بناء سورية الجديدة الحرة الديمقراطية ولن يتبلور هذا الطريق الصحيح سوى بالعمل الديمقراطي التعددي الموحد وبالإلتحام الكلي مع الثورة وأهدافها بكافة تجلياتها الداخلية والخارجية .

بقي أن نقول في هذه اللحظات الخطيرة التي تمر فيها سورية , ومازال النظام وأجهزته الأمنية وشبيحته ورموزه الخائبة يوغلون في قتل الشعب السوري وترويع المدنيين كما يحدث في حماه البطلة اليوم ،حيث يكرر النظام ثانية ًصب حقده الدفين ورصاصه عليها قتلا ً واعتقالا ً وتخريبا ً ونهبا لم يمارسه عتاة لصوص ومجرمي التاريخ البشري ، في هذه الظروف الذي يحاول النظام وقتلته وأبواقه ومرتزقته وضعاف الضمير الوطني والأخلاقي المشاركين في لعبة الدماء الخطيرة من إزاحة أهداف الثورة بخلط الأوراق وحصرها على أنها مشكلة مؤتمرات خائبة وحوار مع القاتل ،مصرين باستهتار الدماء الطاهرة باللعب على الوقت وعلى الداخل والخارج والمجتمع الدولي ، هنا يتطلب الأمر الكثير من الفرز الوطني والسياسي وكشف المستور من الألعاب الدنيئة واللاعبين الخطرين على مستقبل الثورة وسورية كلها ، وأيضا ً الكثير من الوضوح السياسي في الهدف والوسيلة والإصطفاف بين موقفين لا ثالث لهما , الأول هو موقف الشعب والثورة وما يفرضه من سلوك وبرامج وخطاب سياسي واضح ، والثاني موقف النظام القاتل، بدون لبس ولف ودوران وخلط الأمور.

حماه تقتل وتدمر ثانية ً ،والنظام ماض في طريقه الدموي إلى النهاية ، لذا نهيب بجميع السوريين الوطنيين المخلصين الشرفاء الحريصين على سورية ومستقبلها ، أن يقولوا بوضوح وصراحة وجرأة كلمتهم ويحددوا بوضوح فعلهم وموقعهم وخيارهم ، لأن سجال الرصاص القاتل وحناجر الحرية من الشباب والنساء والأطفال والأجسام العارية لن يطول...على الجميع أن يتحمل مسؤوليته التاريخية لما يجري في سورية.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ