ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 04/07/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

ساحة العاصي في حماه : هل ستكون ميدانَ تحرير سوريا؟

* محمد حيان السمان

في جمعة ارحل وصل التظاهرُ في ساحة العاصي بحماه إلى نقطة جديدة على صعيد العدد وعلى صعيد التنظيم جميعاً, مما يعكس تراكماً رائعاً في الوعي والخبرة لدى الجمهور, والتصميم على متابعة الحراك الثوري السلمي حتى تحقيق كامل المطالب الإصلاحية الجذرية للمجتمع السوري. ويمكن القول إن نموذج مظاهرة حماه في جمعة الرحيل هو النموذج الأمثل والأكثر تنظيماً و فاعلية – حتى الآن - في التعبير عن الحق العام والشرعية الشعبية أمام عنف و لا شرعية النظام التسلطي. إنه النموذج الأقوى بحشده المليوني... بسلميته... بتنظيمه وملامحه الحضارية... وبشعاراته الواضحة المتزنة التي تذهب مباشرة إلى مركز الهدف : إسقاط النظام التسلطي تمهيداً لتأسيس وإطلاق الدولة الديمقراطية المدنية. تبعاً لذلك كله أتوقع أن نموذج تظاهرة حماه المليونية في جمعة الرحيل بملامحها التي شاهدها العالم أجمع ( التنظيم والوضوح المطلبي والشجاعة المرتكزة إلى العقلانية والوعي...وأخيراً – وهو الأهم - سلميتها المطلقة ) ستكون بمثابة النموذج المثال لتظاهرات قادمة قريباً في جميع المناطق السورية.

لقد قدمت درعا مثال الجرأة على كسر حاجز الخوف الرهيب, وقدمت حمص مثال المبادرة السريعة والنبيلة لمؤازرة درعا, وكان حراك حمص في الشهر الأول من الثورة مؤشراً ناصع الدلالة على الانتقال من مطالب محددة إلى مطلبٍ مشروع وحيد : إسقاط النظام. أما ريف دمشق فقد تلقف هذا المطلب ودفع به إلى مستوى الشعار الواضح العلني العام. وكان حراك ريف دمشق بمثابة الصوت الذي انطلق مؤذناً باشتعال الثورة في سوريا كلها. إدلب وريفها والأثمان الباهظة التي دفعتها جعلت السلطة تفكر بشكل أوّلي مبهم بجدوى الحل الأمني, وتضع مسألة فاعلية تحريك الجيش من مكان إلى آخر للمشاركة في القمع موضع تساؤل.

مظاهرة حماه المليونية في جمعة الرحيل هي نتاج تراكم هذا المسار الثوري العظيم الذي يمثل أنصع الصفحات في تاريخ سوريا على الإطلاق , وهي – أي مظاهرة حماه - ليست مجرد حاصل جمع مجمل تلك المواقف العظيمة الشجاعة التي انطلقت من درعا, وإنما هي تعبير عن انتقال نوعي : في الوعي والممارسة, في شكل الحراك وآلياته ومحتواه, وفي مستوى الإصرار الشعبي على التغيير, وفي وضوح الهدف والطريق الأنسب للوصول إليه, مستفيدة بذلك من مجمل نجاحات الثورة في جميع المناطق, ومن مجمل أخطاء النظام التسلطي التي استدرجه إليها وهْمُ صلاحية الحل الأمني, وتنمّر رموز الفساد والقتل في النظام, وركونهم إلى وهم القوة التي لا يمكن أن تقهرها إرادة الشعب.

في مظاهرة حماه المليونية, كأنما الحراك السلمي المشروع للمجتمع السوري, بعد سنوات طويلة من القهر والإذلال والظلم الفادح , قد اهتدى أخيراً, وبعد أكثر من مائة يوم على انطلاقته, إلى شكله الأكثر تعبيراً عن عدالة وشرعية ثورته, في مواجهة كل أشكال العنف العاري والقتل الوحشي والتشويه الإعلامي التي أطلقها النظام التسلطي.

إن مظاهرة حماه في جمعة الرحيل في حال تعميمها على باقي مناطق سوريا العظيمة, ستجعل من آلة القمع الرهيب للنظام التسلطي, المتنقلة من مكان إلى أخر أملاً في لجم الحراك الشعبي , ستجعل ذلك بدون معنى أو فائدة على الإطلاق, وبشكل واضح وعملي . وسيفهم النظام التسلطي ذلك قبل غيره. وبكلام آخر فإن شيوع الحشد المليوني في ساحات الوطن بشكله السلمي المنظم الجريء والعارف بأهدافه و وسائل تحقيقها جيداً؛ سيجعل من آلة القمع غير ذات جدوى أبداً. ستحيّد جزءاً كبيراً منها. أما الجزء الباقي, وبخاصة قطعان الشبيحة القتلة, فإن ضآلتهم وجبنهم وانعدام الهدف المبدئي والأخلاقي لديهم, كل ذلك سيجعلهم يتوارون مذعورين عاجزين عن ممارسة القتل البشع بحق أخوتهم في الوطن.

كما أن الكذبة البشعة للنظام حول وجود تنظيمات – كذا ؟؟! – إرهابية تهاجم المدنيين والعسكريين وتعيث فساداً وترويعاً – كما يزعم إعلام النظام - ؛ هذه الكذبة سوف تسقط حتماً ويتكشف زيف هذا الزعم. وقد ثبت ذلك في حماه نفسها , حيث لم يُسجل خلال عدة تظاهرات حاشدة وجود مندسين أو تنظيمات إرهابية مسلحة . لقد أشرتُ في مقال سابق إلى أن كذبة التنظيمات المسلحة استُخدمت من قبل السلطة لتبرير قتلها المدنيين المتظاهرين من جهة, وقتلها للعسكريين الشرفاء الذين رفضوا خيانة الوطن وشرف الدفاع عنه, من جهة ثانية. في حالة مظاهرة مليونية كتلك التي شهدتها حماه في جمعة الرحيل, لن يكون بوسع النظام الأمني التسلطي استخدام العنف الهمجي العاري كما فعل في درعا وجسر الشغور, لأنه لن يستطيع تغطية ذلك بوجود عصابات مسلحة, فضلاً عن إدراكه عدم جدوى العنف في مواجهة الملايين. وبذلك فإن مسلسل القتل الذي شهدته سوريا منذ أن قرر أهلها المطالبة بالحرية والكرامة سيتوقف في حق المدنيين والعسكريين على السواء, لأن القاتل سيدرك, أمام حشود مليونية, لا جدوى اللجوء إلى الحل الأمني, وعبثية العنف العاري.

 إن ورقة الاستقواء بالخارج واستدعاء التدخل الخارجي, كخيار قد يراود ولو بشكل احتمالٍ بعيد, تفكيرَ بعض قوى المعارضة- وبخاصة في الخارج - , أو كتهمة يوجهها النظام إلى الحراك الشعبي عموماً في سياق حملته لتشويه الثورة؛ إن هذه الورقة تسقطها ساحة العاصي نهائياً من التفكير و من التداول. إن تعميم مشهد ساحة العاصي على ساحات مدن الوطن ومناطقه كفيل بإظهار ضآلة النظام وضعفه وعجزه أمام الحشد الجماهيري وإصرار الثورة على تحقيق مطالبها. ولن يكون بالتالي وارداً التفكير بالحاجة إلى أي دعم أو مساندة , وبخاصة من الخارج الذي يعرفه الشارع السوري تماماً, ويعرف معنى وأبعاد الدعم الخارجي, وبخاصة في هذه المرحلة التي تمتاز بحساسية وطنية و محاذير تترك تأثيرها على شكل التغيير المطلوب في سوريا ومستقبله. إن المخاوف من تحوّل سوريا إلى النموذج الليبي ستكون نافلة أيضاً, بحيث أن قوة الحراك إذ يتحول بالتدريج إلى نموذج ساحة العاصي بسلميته وزخمه وتنظيمه, سيجعل من الاحتكام للسلاح والحرب بين الأهل أمراً مستبعداً بالمرة من قبل جميع الأطراف. وستفشل محاولات النظام المستمرة بتحويل التظاهر السلمي إلى مواجهات مسلحة. سيكون رفعُ اليد كافياً لإسقاط كل تلك العظَمة الزائفة والمتآكلة على حد تعبير الشاعر العظيم أوكتافيو باث.

ساحة العاصي إذا اتسعت لتشمل سوريا البهية الرائعة كلها.. مدناً و مناطقَ و قرىً , ساحاتٍ وشوارع لطالما حوصرت بالخوف والذل؛ ساحة العاصي كما شهدناها في جمعة الرحيل, إذا ما تمّ تلقفها من باقي المدن والساحات وتمثلها من جماهير الشعب الثائر لكرامته وحريته ومستقبل أبنائه؛ فإن الثورة ستكون قد اتخذت أخيراً سَمْتها المفضي حتماً إلى إسقاط النظام التسلطي, وبأقل ما يمكن من التكلفة على الصعد كافة, بما في ذلك تكلفة الوقت.

إن صدور مرسوم رئاسي بإعفاء محافظ حماه من مهامه صبيحة يوم جمعة الرحيل, يعكس ارتباكَ النظام أمام النموذج الذي طرحته ساحة العاصي , نموذج الحشد الهائل المنظم والسلمي تماماً والحضاري بوقائعه ومطالبه. فالنظام يعرف تماماً أن المحافظ لم يكن ليستطيع أن يفعل شيئاً حيال الحشد المليوني الذي جاء معبراً تماماً عن جوهر الموقف الشعبي السوري في كل المدن والمناطق. والنظام يعرف تماماً أن المحافظ والأجهزة الموضوعة بتصرفه إدارياً وأمنياً هي أضعف وأقل شأناً من أن تستطيع فعل شيء. لكن عدم اتخاذ النظام أي إجراء حيال مظاهرة ساحة العاصي سيكشف ارتباكه أمام الساحة وعجزه عن إيجاد رد ممكن, مما يغري بقية الساحات بتطبيق وقائع جمعة ارحل في ساحة العاصي. الارتباك والعجز هما ما يعمل النظام جاهداً على إخفائهما بحيل إعلامية تارة, وباللجوء إلى أقصى أشكال العنف تارة أخرى. من هنا جاء مرسوم إقالة المحافظ ليوحي بقدرة النظام على الرد واتخاذ إجراءٍ ما, لكنه بذلك فضح عجزه وارتباكه فعلاً.

أعيد القول: إن مدينة حماه, وما تختزنه من دلالة تاريخية وإنسانية شارفت تخوم الرمزية الدالة على قبح أنظمة الاستبداد و توحشها في التاريخ, مدينة حماه وعبر ساحتها البهية, وأبنائها الخارجين من رحم المجازر وظلم ذوي القربى الفظيع؛ حماه قدّمت يوم جمعة الرحيل النموذجَ الأكمل والأجدى - حتى تاريخه – لما يمكن أن يتخذه الحراك الشعبي التاريخي في سوريا عموماً من أشكال وتوجهات. وهو بالتأكيد نموذج سيتطور ويتكامل خلال التطبيق المتكرر والمتنوع على مساحة سوريا العظيمة.

> عندئذ لن يستطيع النظام التسلطي خديعة أحد أو المراهنة على الوقت ومحاولة تفتيت المرتكزات السياسية والاجتماعية للثورة, من خلال دعوات الحوار التي يطلقها والتي تستخف كثيراً بوعي الشارع والنخب على السواء. أمام حشود مليونية منظمة وسلمية مالكة للإصرار والعزيمة و وضوح الرؤيا, على امتداد الوطن, لن يكون من الوارد أن تستخف السلطة بما يحدث, أو أن تنكر وجود أزمة, أو أن تدعو بهذا التذاكي المكشوف إلى حوار عبّر عنه الفنان الكبير علي فرزات ببلاغته الحارقة أفضل تعبير: حوار يقف أطرافه بين – بسطارين - وبإشراف عسكري بدون رحمة أو أخلاق مدجج بكل أنواع الأسلحة !.

حتى النخب السياسية من المعارضة ومن الطيف السياسي الوطني الواسع, عندما تجتمع للتنسيق والحوار ووضع تصورات مشتركة للمستقبل, فإنها ستكون أكثر قدرة على التبصر بمسار الأحداث, وإمكانات التحرك المتاحة, وستدرك بشكل أكبر قوة الشارع الذي ترتكز إلى شرعيته في بناء شرعيتها السياسية, إذا ما توجهت إلى اجتماعها على صوت حشود هادرة بالكرامة والحرية وإسقاط النظام التسلطي, كما حدث في ذلك اليوم التاريخي بساحة العاصي بحماه.

* باحث من سوريا

===========================

نداء السوريين هيهات منّا الذلّة

بدرالدين حسن قربي

في كلام سابق، اعتبر المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي الثورتين المصرية والتونسية بمثابة استمرار للثورة الإيرانية التي أسقطت الشاه في عام 1979. وفي كلام لاحق يوم الخميس في نهاية حزيران/ يونيو الفارط، أضاف لهما اليمن وليبيا واعتبرها ثورات بمثابة صحوة إسلامية معادية لأمريكا والصهيونية، إلا الثورة السورية فقد اعتبرها بمثابة انحراف بل نسخة مزيفة عنها، لأنها حسب زعمه صناعة أمريكية هدفها إيجاد خلل في جبهة الممانعة.

للتاريخ نكتب أن كلام السيد خامنئي في جوهره ليس بعيداً عن كلام حليفه في لبنان السيد حسن نصرالله في نظرته إلى الثورة السورية بل ويبدو أن أحدهما صدى للآخر. وهو كلام هدفه إخراج الثورة السورية خص نص من سياقات الثورات العربية الأخرى لأغراض تخص تحالفاتهم واستراتيجياتهم، ولكنه غير قادر على إقناع أحد. فماأخرج أهل مصر وتونس وليبيا واليمن على أنظمتهم هو نفسه ماأخرج السوريين. فكل الثورات العربية كانت ثورات واضحة تجاه رئيس مستبد بمثابة شاه على رأس حزب حاكم محتكر للسلطة فاسد، يستند إلى قواعد ديكتاتورية قامعة مصادِرِة للحريات وإلى عائلة وقرابات ونافذين من شفيطة نهّابين وبلاعين مسنودين، وكلها كانت ثورات تطالب بحريتها السليبة وكرامتها المستباحة. وهو نفس الحال السورية الذي فجّر بركانَ ثورة الشام وغضبها بعد طول صبر وانتظار على أرصفة الإصلاح الموعود عشرات السنين مابين الوالد وماولد.

إن مصيبة السوريين المشهود لهم بالمقاومة والممانعة والوطنية مع نظامهم ليست هي اليوم كما في السابق على مقاومة النظام وممانعته، ولا على تحالفاته وعلاقاته، بل هي تحديداً على حريتهم وكرامتهم في وجه قهره وديكتاتوريته وبطشه، وفساده ونهبه وظلمه، ولولا ذلك لما تحرك أحد. أمّا رؤية بعض الثائرين والمتظاهرين ينالون من حلفائه، فهو أمر لا يكاد يرى لولا مشاعر الإحباط والألم التي لم يستطع هذا القليل تجاوزها، بسبب توجيه التهم لهم من قبل هؤلاء الحلفاء فضلاً عن تضامنهم مع قاتلهم ومضطهدهم وسفّاك دمائهم بل والدفع به في هذا الطريق، فهم بدل أن يعظوه وينصحوه ويعقّلوه ويرشّدوه، أرسل إليه بعضهم مستشاري الأمن والقمع وخبراء التعذيب والقهر، وبعضهم أرسل إليه شبيحة وقناصين لمواجهة طالبي الحرية والكرامة بقمعهم وإذلالهم وهم متظاهرون مسالمون شعارهم الشعب السوري مابينذل، وهتافهم الموت ولا المذلة.

فكيف يكون انحرافاً في ثورة الأحرار والحرائر السوريين إذا أرادوا لمقاومتهم أن تكون بلا قمع ولا استبداد، وكيف يكون تزييفاً إذا أرادوا لممانعتهم أن تكون خلواً من النهب والفساد، وكيف تكون خيانةً وتآمراً إذا أرادوا لحياتهم أن تكون حرة كريمة ترفض الاستعباد، وعنوانها هيهات منّا الذلّة...!؟ ومامشكلتهم أن يثوروا على مستبديهم ومستذليهم وسارقي لقمة عيشهم، وقد انتظروهم على أرصفة الإصلاح الموعود عقوداً وسنين، حتى سمعوا بشار الأسد نفسه يقول لمحاوره في مقابلته مع الوول ستريت جورنال المنشورة في 31 كانون الثاني 2011 : إن لم ترَ الحاجة إلى التغيير قبل الذي حصل في مصر وتونس، فقد أصبح متأخراً أن تقوم بأي تغيير، وعندما سأله عن الإصلاح في سورية أجابه: بأنه سيشرع في إصلاحات سياسية واقتصادية، وإنما لكي نكون واقعيين علينا ان ننتظر الجيل القادم لتحقيق هذا الإصلاح.

يقرأ علينا السيد خامنئي وحسن نصرالله وغيرهم المرة تلو المرة، أن ثورة الامام الحسين وعنوانها هيهات منّا الذلّة، إنما كانت على قيم الاستبداد والظلم والفساد التي ورث رفضها عن جده عليه السلام، وورّثها لمن بعده من الأتباع والأئمة الفضلاء الكرام فنصدّقهم. ويسمع السورييون كلام السيد في إيران ويتردد الصدى لدى السيد في لبنان، فتعجبهم القراءة وبلاغتها ويدهشهم نهج الكلام. وإنما يوم ثاروا سلْماً وسلاماً على فظائع قهر، وفواحش جور، وكبائر نهب، وقالوا لا لاستحواذ النظام على السلطة والثروة، أعلن عليهم شاههم الحرب بالدبابات والطائرات، واستبيحت دماؤهم وأعراضهم والممتلكات، وقال عنهم نصرالله بأنهم يقدمون خدمات جليلة لأمريكا وإسرائيل بثورتهم، وقال عنها خامنئي: إنها صناعة أمريكية. ومن ثمّ فقد كان السورييون في أشد حالات تعجبّهم واستعجابهم.

ليست مبالغة أن السيد خامنئي ومن قبله نصرالله ومن معهم وضعوا أنفسهم في حال لايحسدون عليها البتة لتناقضها جملة وتفصيلاً مع ماينادون به ويرفعونه من مبادئ وقيم، اعتقدها الحسين عليه السلام، واستشهد عليها، وبين تأييدهم ودعمهم لنظام فاشي مستبد فاسد في مواجهة ثورة شعبية مطالبة بالحرية والكرامة نداؤها هيهات منّا الذلة.

http://www.youtube.com/watch?v=BpV69V2gYVw&feature=youtu.be

http://www.youtube.com/watch?v=nM_7rlDvcpM&sns=em

http://www.youtube.com/watch?v=q27vi1Ueaf0

http://www.youtube.com/watch?v=LP3tg-zPkgY&NR=1

============================

رائد صلاح.. وتحرير الإنسان ..هل يحتاج سلوك بني بلفور إلى بيان؟..

نبيل شبيب

لله درّك يا رائد صلاح.. فما خطوت خطوة منذ عرفتك فلسطين وعرفتها، إلا وكانت خطوة نحو تحرير العقول والوجدان، على درب تحرير الأرض والإنسان.

في ختام مقالة له بعنوان (الديمقراطية وحقوق الإنسان في الغرب) تعليقا على عملية الاعتقال البريطانية الغادرة يقول د. عبد الرحيم كتانة: (ثم يأتي المسؤولون الغربيون ومثقفوهم ليسألوننا لماذا تكرهوننا؟.. ويسألنا بعض المثقفين الناطقين بالضاد لماذا نعادي الحداثة والديموقراطية الغربية؟.. لأننا خبرناها على جلدنا ولم نشاهدها عن بعد: خبرناها على أجساد أطفال غزة والعراق ولا نريد أن نعطي فرصة أخرى لهم فمن "يجرب المجرب عقله مخرب").. وفي كلمات د. كتانة هذه ما يشير إلى أنّه لم يكتشف جديدا، إنمّا يؤكّد ما بات معروفا.. مجرّبا.. ثابتا، والغريب أنّ صانعي القرار في الغرب لا يزالون حريصين على تقديم مزيد من الأدلّة عليه، وأنّ بعض من يعملون ويشتغلون باسم قضايا البلدان العربية والإسلامية ما يزالون في حاجة إلى مزيد من الأدلّة!..

 

إن اعتقال الشيخ الجليل، والمناضل الكبير، والرمز الفلسطيني المضيء، رائد صلاح حفظه الله ورعاه، بعد دخوله الأراضي البريطانية، للمشاركة في أنشطة فكرية ثقافية سياسية، لا تعدو أن تكون صيغة من صيغ حرية التعبير، يقول بملء الفم "البريطاني الغربي" للفلسطينيين، ولسائر العرب والمسلمين:

1- حرية التعبير في ضمير المسؤولين في الغرب وممارساتهم السياسية وغير السياسية، هي حرية سلمان رشدي الذي جعلوا من "آياته الشيطانية" رمزا يستحق الأوسمة، أو جيرت فيلدرز الذي برّأته المحاكم الهولندية مؤخرا من تهمة الإساءة للإسلام والمسلمين، أو حرية مناضلة تلاحق في مانيمار، أو فنان يعتقل في الصين، أو فرد غربي ما.. أيا كان.. يعتقل بعد ارتكابه جريمة من الجرائم في أنحاء العالم، ويأبى الغرب أن يحاكم حيث ارتكب جريمته.. ولكنها ليست قطعا حرية إنسان يدافع عن أرضه وشعبه ومقدسات أمته.. من منطلق إسلامي إنساني عربي قانوني فلسطيني.

2- الحريات السياسية في واقع سياسات الهيمنة الغربية العالمية هي حريات تحصين المعتدين وأعوانهم، على أرض فلسطين أو العراق أو أفغانستان أو أي بلد آخر، حربا وتقتيلا وتعذيبا واعتقالا وتشريدا، ورفع الحصانة -بحق أو دون حق.. سيّان- عمّن يرتكبون ما يرتكبون من جرائم بحق شعوبهم.. ولكن فقط في حالة عدم التوافق بين استبدادهم وبين المطامع الغربية، وإلا فهم محصّنون غربيا ولا يستحقون الملاحقة!..

3- الممارسات الإسرائيلية جميعا، جزء من الممارسات الغربية، يكمل بعضها بعضا، ويندمج بعضها في بعضها الآخر، سيّان ما هي العناوين التي ترفع، وكيفية الإخراج التي يقع الاختيار عليها، وعندما تتحوّل حملة "أسطول الحرية 2" إلى ورطة إسرائيلية على المستوى الدولي، لا غرابة أن تشارك قوى الهيمنة البريطانية في العمل على مواجهة هذه الورطة، فكما تتحرّك آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية ضدّ النشطاء من أنحاء العالم وهم يتحدّون الحصار البحري الإجرامي لقطاع غزة، كذلك تتحرك آلة الحرب "القانونية الأمنية" البريطانية ضدّ النشطاء من قلب فلسطين المعتقل، وهم يدعمون هذه الحملة وأمثالها، ويتحدّون الاغتصاب والاحتلال وإفرازاتهما الإجرامية بحق فلسطين وأهلها وبحق العرب والمسلمين.

4- إن جميع ما صدر ويصدر عن المسؤولين الغربيين، تحت عناوين دعم الشعوب العربية في ربيع ثوراتها، بل والمشاركة الأطلسية العسكرية في تحقيق أهدافها، ورصد الأموال الطائلة والمؤسسات والمنظمات الرسمية وغير الرسمية في الغرب من أجل "تعليم شباب الثورات العربية الديمقراطية الحقيقية".. لا يعدو أن يكون جزءا من الثورة العالمية المضادة ضدّ ثورة التحرر العربية، لأن القوى الغربية المهيمنة عالميا تعلم أنّها ثورة ضدّ الاستبداد المحلي، وضدّ الاستبداد الدولي في وقت واحد.

5- إن استهداف أحد الرموز الكبرى التي لا يختلف على مكانتها ونضالها عاقلان، فلسطينيان أو عربيان، رسالة موجّهة إلى كل فلسطيني، وكل عربي، وكل مسلم، وكل إنسان حر في أنحاء الأرض.. تقول بلغة الهيمنة الواضحة البينة: لا يمكن أن تعملوا من أجل تحرير الإنسان من كل جنس ولون ودين، ولا يمكن أن تعملوا من أجل تحرير الأرض أيّا كان انتماؤها وموقعها، إلا اعتمادا على أنفسكم.. فقط، وعلى تلاقيكم أنتم مع بعضكم بعضا، مهما تباعدت بينكم المسافات، وتناءت الآراء والتوجهات، وليس على تلاقي بعضكم مع غرب أو شرق أو شمال أو جنوب.

6- إنّ فلسطين التي يحملها رائد صلاح معه حيثما حلّ وارتحل، في كل معتقل، كبير يسمّى فلسطين منذ 1948م، أو صغير بعلم غربي، بنجمة سداسية أو أشرطة ونجوم أمريكية أو بريطانية.. هي فلسطين العربية الإسلامية الحضارية الجامعة لرموز تلاقي الإنسان مع أخيه الإنسان رغم الاغتصاب والاحتلال والطغيان.. وإنّ تحريرها أمانة في أعناق من ينتمي إلى جنس الإنسان، ويحمل -حقا لا كلاما- همّ حقوق الإنسان وحرياته، وتلك وحدها هي الشرعية الدولية الحقيقية، التي يُعتمد عليها، في تحرير فلسطين، وفي تحرير الإنسان، من قبضة الهيمنة الصهيوغربية التي صادرت إنسانية الإنسان وشوّهتها، واعتقلتها فيما صنعته من منظمات "دولية"، وآليات مفاوضات عبثية أبدية.

وليس وحده د. إبراهيم الحمامي عندما يخاطب شيخ الأقصى قائلا:

(يا شيخنا الفاضل جزاك المولى عنا كل خير، وجعل لك في كل خطوة أجراً عظيماً، وحفظك من كل سوء.. يا شيخنا الجليل نعلم علم اليقين أنك تعودت على الاعتقال والأسر، وأنه لن يزيدك إلا قوة وإصرارا، ونعرف أنك بابتسامتك التي لا تفارقك تقتلهم ألف مرة..)

لله درّك يا رائد صلاح.. فما خطوت خطوة منذ عرفتك فلسطين وعرفتها، إلا وكانت خطوة نحو تحرير العقول والوجدان، على درب تحرير الأرض والإنسان.

=========================

من يصحح الواقع إذا لم تخرج الكلمات الثائرة من غرفة التخدير؟

الشيخ خالد مهنا*

في مناخ من العلل والأمراض والهذيان والعصبية والتهيج والطوفان والملوحة والعطش بعد النكسات والنكبات التي مرت بالأمة كتبت القصائد والنصوص الثرية الجمة الثرية معنى ومبنى،لأن النكبات كانت أحداثاً تهز الوجدان، والغضب مرتبطاً بها ارتباطاً وثيقاً تماماً كما يرتبط النبات بنوع التربة والمناخ والفصول،والثورة القلبية نبات متوحش من فصيلة الكاكاتوس التي تنبت في أقسى ظروف الملوحة والعطش.

أنّ ما يمر بنا كفلسطينيين من تمزق وفرقة وخصومة وتحزب أشد من النكبات السابقة وأشد مرارة على النفس، وتتجمع فيه كل أمطار وعواصف وأعاصير الدنيا وكل أشجار الخريف المتكسرة،فأين هي القصائد والنصوص التي يجب أن تتوالد وتتناسل كما تتناسل الأرانب بشكل خرافي؟...

هل صمتت؟

هل استسلمت للقمع والمطاردة؟..

هل رفعت الراية البيضاء؟..

أين هي الكلمات النارية الثائرة التي تتمرد على واقع التمزق والشتات وتقول رأيها،بجرأة وصراحة لتلد النسخة عشرات النسخ وتزدهر عمليات توزيع الحقيقة على الباحثين عنها؟..

لمصلحة من يواجه الواقع الفلسطيني بقبلات من هنا لذاك التيار وأزهار من هناك،وغزل من هنا لذاك الفصيل وأشواك لذاك،وتقديس لفئة.. وطلقات رصاص من صوب آخر لتلك الفئة؟..

لست خجولاً حين أصارحكم.... أن الكثير من الكتاب الفلسطينيين والعرب يخافون أن يلجوا هذا الباب خوفاً ورهبة من أن يتهموا بأنهم مأجورين وعملاء وراقصون فوق الجراح... وخشية أن يشطب أسمهم من قائمة الفلسطينيين الوطنيين... فإذا جاءوا لينتقذوا الواقع ويصححوه،.... ويقوموا العوج والالتواء والمنعطفات خافوا وجزعوا... ويبقى السؤال من يصحح الواقع إذا لم تخرج الكلمات الثائرة من غرفة التخدير؟ من يقومه إذا لم تجتمع كل الإرادات الخلاقة في بوتقة واحدة؟

من يردد"ربّ أغفر لهم فإنهم لا يعلمون"..إذا لم يردد الكتاب والشعراء والإعلاميين الذين تملي عليهم الظروف هذه المرحلة النكدة أن يكتبوا الحقيقة... ولا يأبهوا بالحجارة المتساقطة على نوافذهم،بل لن يكونوا في عداد الكتاب والوعاظ والموجهين أن لم يتفرجوا على الرصاص الطائش الموجه إليهم بحلم وهدوء عجيب وابتسامات عريضة؟

ألم يئن الأوان وداء الفرقة ينمو كالوباء أن يستقيل صناع الرأي من وظيفة الغناء ضمن الجوقة وأداء دور القرود؟..

إن على كل المرشدين البررة إزاء تفاقم الأوضاع الفلسطينية الفلسطينية أن يستقيلوا من دائرة المجاملة والطبطبة على الأكتاف ويعلنوا تمردهم على هذا الواقع الآسن حتى لو تبرأت منا قبائلنا وفرقنا وعشائرنا وبطوننا لخروجنا من بيت الطاعة ولو كلف الأمر النفي والتشريد والقذف والتشميس وإصدار أحكام الحرمان والمقاطعة ...ولنتذكر ان المرحلة التي تسربلنا تحتم علينا أن يكون الولاء للوطن فوق الولاء للعشيرة والمذهب وان ندرك انه ليس من عادات من المتجرين والمتفيهقين والغلاة لمنظمتهم أن يقبلوا بالرأي المغاير ومبدأ النقد الذاتي فشمس الصحراء سيف نحاسي لا يقتنع بأي نقاش أو حوار؟ والنقد الذاتي الموضوعي البناء الهادف وإن كان متمرداً شيء مخالف للطبيعة العربية،وقناعة العربي المهزوم داخلياً وخارجياً بتفوقه وتميزه وسوبر مانيته قناعة لا تقهر، والنعوت وهو للأسف يؤمن أنه من طينة وبقية البشر من طينه وجبله أخرى..هو من معدن الماس وسائر الكائنات من فحم،هو التاريخ اللامع والآخرون هوامش غير مرئية على جانبيه..ولذلك لن يقبل أن يناقشه أحد حتى لو كان عربياً مثله فإن تناقشا كال كل واحد للأخر شيء التهم وألصق به شتى الأوصاف...

الخلاف أمر طبيعي وغير طبيعي في آن، فهو طبيعي لأنه يعبر عن صراع سياسي بين فئة تتبنى نهجاً مقاوماً رافضاَ للاعتراف ب(إسرائيل) والتسوية معها، وبين فئة أخرى تتبنى نهجاً تفاوضياً. ومن جهة أخرى، فإن الخلاف غير طبيعي، لأن الشعب الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال منذ أكثر من ستين عاماً، يُفترض أن يقف صفاً واحداً في وجه الاحتلال ويقاومه على جميع الجبهات، وأن لا يقبل التفاوض على فلسطين أو التعويل على وعود المجتمع الدولي، ولا سيما أن المشروع الصهيوني يهدد وجود الشعب الفلسطيني.

 

ما ليس طبيعياً في الخلاف و الانقسام الفلسطيني، أنه تجاوز قواعد العملية السياسية المنظمة للعلاقة بين القوى السياسية في إطار نظام سياسي شرعي، إلى صراع دامٍ أحدث شرخاً عميقاً في المجتمع الفلسطيني، ولا سيما بين الضفة وغزة، ما أدى إلى تفاقم معاناة المواطنين إضافة إلى معاناتهم من المحتل. كما اتخذ النظام الرسمي العربي من الانقسام الداخلي ذريعة لخذل الشعب الفلسطيني والتواطؤ على المقاومة الفلسطينية، ولاستمرار فرض الحصار على غزة وتعليق الأموال العربية المخصصة لإعادة إعمار غزة. واستغل الاحتلال الانقسام الفلسطيني لإعفاء نفسه من المسؤولية عن معاناة الضفة وغزة الناجمة عن ممارساته العنصرية والعدوانية، ونجح إلى حد بعيد في إقناع الرأي العام العالمي بأن الأطراف الفلسطينية المتنازعة هي المسؤولية عن استمرار حصار غزة ومعاناة الشعب الفلسطيني. والمطلوب من المصالحة على الأقل تحجيم الانقسام وتضبطه ووضعه في إطاره السياسي الصحيح.

إن أربعة أعوام كاملة من الانقسام الفلسطيني تسببت في تمزيق الشعب الفلسطيني، وفقدان الثقة تماما بين شقي هذا الوطن، وفتحت الباب على مصراعيه لظهور كل أنواع الاختلافات، وبرزت الكثير من المشاكل، وقتل الكثير من الشهداء وجرح الكثير من الجرحى وأسر الكثير وعذب الكثير، وقطعت الكثير من العلاقات الأسرية والشخصية، كثير من التغيرات طرأت على العلاقة بين مناصري كلا الحركتين الرئيسيتين فى الشارع الفلسطيني، وكثير منها لا يزال لم يظهر بعد، الكثير من الدماء يتوعد أولياؤها بالقصاص لأصحابها، الكثير ممن ذاقوا الويلات لم تنته آلامهم ولا زالت جراحهم تنزف حتى اللحظة.

 

 من اجل ذلك أعلنها انه لن يكون لنا وطن حقيقي إن لم نشعل الحرائق في الوجدان العام ولا قيمة لمقالات ونصوص تحترف الخوف والجزع والتستر والتقية...فإما أن نقول رأيا كشافا ومضيئا ومبرقا أو فالأولى الصمت....وكل ما سيكتب بعد ألان من مجاملة أو نفاق قولي وتستر على رداءة التمثيلية سيتحول إلى ممسحة للأحذية .

أقولها بصراحة متناهية ..إن فشلت جهود المصالحة فلن يبقى بعد هذه النكبة سوى حصان واحد نسرجه ..انه الغضب المجلجل الذي لا يذهب العقل أو يخمره ولن اقبل كفلسطيني فُرض عليه أن يتعلم التوراة قسراً ويقرأ أبنائي عن المحرقة جبراً أن أبقى في دائرة المتفرج،ومتجرعاً لغرائز القطيع وتفكير المواشي وانصياع الأغنام..

أن ما يحدث اليوم من تصدع في جدار الوحدة الوطنية،بل وانهيارات خطيرة مما ينذر بأن خشبة الوطن توشك أن تضحي ثمرة لا عصير فيها ولا نتاج يحتم على الإنسان الفلسطيني كل في حقله أن يخرج من غرفة التخدير... ويستعيد دورة المحجوز عليه ،ويدرك أن المرحلة الحالية تحتاج إلى كلام جديد ومفردات جديدة كي تتقدم نحو المستقبل وإلا ستدفن فلسطين في ضريح التاريخ،وتتحول إلى ذكرى...

*رئيس الدائرة الإعلامية في الحركة الإسلامية....الداخل الفلسطيني

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ