ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 09/06/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

أيها النظام العميل ..اسمع هذه الكلمات ..

د.منير محمد الغضبان

أولا : من الذي جاء بنكسة حزيران ؟

من الذي أصدر قرار سقوط القنيطرة قبل وصول اليهود إليها بيومين ؟؟

من الذي أصدر قرار الانسحاب الكيفي للجيش ، لتهدأ الجولان لليهود كما تزف العروس إلى أولياءها ؟

لن نتكلم نحن ، ولن نجيب على الأسئلة هذه . إنما ندع الوثائق تتكلم .

ونستمع إلى وزير الدفاع حافظ الأسد يعلن قبل الحرب في تصريح لجريدة الثورة ( إن الوقت قد حان لخوض معركة تحرير فلسطين ، وإن القوات السورية المسلحة أصبحت جاهزة مستعدة ليس فقط لرد العدوان الإسرائيلي ، إنما للمبادرة لعملية التحرير ، ونسف الوجود الصهيوني من الوطن العربي . إننا أخذنا بالاعتبار تدخل الأسطول الأمريكي السادس )

صحيفة الثورة السورية 20 أير مارس 1967

ثم ماذا أثناء المعركة ؟

أذاع راديو دمشق بلاغا من وزارة الدفاع أعلن فيه أن مدينة القنيطرة قد سقطت )ومهما يكن مصدر هذا البلاغ فقد كان غير صحيح ، غير أنه بقي قائما خلال أكثر من ساعتين إلى أن أمر الأسد بإعادة تصحيح له . إلا أنه في هذه الأثناء تحول الانسحاب إلى هزيمة منكرة ، فالجنود الذين كانوا على الجانب الخطأ من المدينة راحوا يفرون طلبا للنجاة بأرواحهم ، وستغل إسرائيل هذه الغلطة فاستأنفت تقدمها على الفور واستولت على القنيطرة , وهرب قائد الجبهة أحمد المير على ظهر حصان ( أو على الأصح حمار)إلى حوران بعدما تعرضته المدرعات للميزان وعثر على بعض الجنود الهاربين فيما بعد وهم يرعون الأغنام في جبال ) الأسد لباتريك سل 229 -230

وعلينا أن لا ننسى أن كتاب باتريك سل تبنته السلطة السورية ، بل بقي مسموحا به لسنوات فيها ، فهو يمثل وجهة نظر النظام الخائن والذي قال فيه : تحول الانسحاب إلى هزيمة منكرة .

ثانيا : يا أبطال نكسة حزيران لقد تحداكم شعبكم بعد أربعين عاما من حمايتكم لحدود إسرائيل . وخرج أسوده اليوم مع خروج الشعب الذي يطالب بإسقاط النظام ، فلا تبيعونا وطنيان وهي ثورة شعبنا لتحقيق النصر على السلطان وتحرير الجولان .

ثالثا : صديقتكم إسرائيل تحملكم كامل المسؤولية عما يجري في حدود الجولان ، فلماذا لم تتحملوا هذه المسؤولية ؟ وتدفعوا بأبناء شعبكم إلى تحرير الجولان بالمقاومة المسلحة . بدل الهزل والسخرية في المفاوضات بينكم وبين إسرائيل ، هل أنتم حريصون على دماء شعبكم أم على دماء إسرائيل .

إعدامكم أن تسيل منهم قطرة دم . فأنتم دعاة سلم في الجولان ؟ سوف تأخذونها بالمفاوضات . أما في غير الجولان فأنتم نظام الممانعة والمقاومة في العراق وفلسطين ولبنان . والخونة في فلسطين من دعاة المفاوضات ، أما أنتم فأبطال المقاومة بالمفاوضات .

ثالثا: وإذا كان ما نقوله ادعاء على مقامكم العالي . ونيلا من شرف مقاومتكم العتيدة ، فنسألكم أين دبابتكم الآن؟ لم لا تحمون بها أبناءكم في الجولان المحتل . وتفتحوا معركة الشرف والكرامة على الأرض المغتصبة؟

كم من سؤال وسؤال لا يجيب عليه إلا غدركم وخيانتكم وجرائمكم ،فهذا هو الجواب الوحيد .

رابعا : ما أروع بطولاتكم وملحمة شعبكم ، يوم تتوجهون بدباباتكم إلى حوران وتل كلخ وحمص والرستن ، وحماة وجسر الشغور ،ودوما ، والمعضمية .

لقد أثبتم فعلا بطولة فائقة ، فلم تدعوا شبرا من وطنكم (المحتل منكم ) إلا مضيتم إلى تحريره . وقدمتم ما ينوف عن ألف ومائتي شهيد , وعشرات الألوف المعتقلين وهكذا تكون البطولات في التاريخ ، والتي سوف يسطرها شعبكم بآلاف اللعنات والجرائم ، لقد سجلها اليوم بدمه ، وغدا سوف يسجلها بقلمه.

ما أروع التحرير . ما أروع المقاومة .حيث لا يترك شبر من مقاومة شعبنا المحتل ليحرر نفسه منكم إلا وجئتم إليه ببطولة نادرة فاقت كل البطولات ، تدكون البيوت ، وتذبحون الآمنين ، وتقتلون المدنيين ، وتنتهكون الحرائر من شعبكم العظيم .

خامسا: ليس لديكم وقت أو فراغ فأنتم في معركة التحرير التي تعدوننا بها منذ نصف قرن ، والذي فتقتم كرامتنا وحريتنا من أجلها ، لكنه تحرير الوطن من أبطاله . وأفراد شعبكم الذين يجتازون الحدود ثأرا لكرامتكم . ومحوا للعار عنكم ، وقد أوكلتم إسرائيل بهم ، فهي تنوب عنكم في ذبحهم وقتلهم ، ومع ذلك فهم أرحم منكم ، وأنتم عاتبون عليهم أنهم لم يستعملوا الرصاص الحي كما استعملتموه على شعبكم . ولم يؤدوا الأمانة بذبح أبناء الجولان كما تؤدونها أنتم ، لم يتعلموا منكم الدرس ، فلم يحصدوا الشعب السوري حصدا كما حصدتموه .

سادسا : وأثبتم للعالم تفوقكم في الإجرام ، ودخلتم منظمة غينيتس في قدرتكم على قتل الأطفال . فقد سقط حمزة العظيم بعد التشويه والتنكيل والتمثيل ومعه إخوانه من الأطفال الذين قلعت أظافرهم مع نفثات دخانكم وكأنما تقصون أظافركم بذلك . وبلغتم الرقم القياسي في ذات الميدان حيث أن عددا كبيرا من الأطفال سقطوا ببطولة رجال أمنكم الأشاوس .

ماذا نعدد بعد ذلك ؟

لقد كفانا الله تعالى إلى قوله فيكم

((ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا . وهو ألد الخصام . إذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ، ويهلك الحرث والنسل , والله لا يحب الفساد , وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم يصلها ولبئس المهاد))

ونرجو الله تعالى أن تذوقوا جهنم الدنيا قبل جهنم الآخرة .

(وكذلك نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون))

==========================

أيها الحكام: يكفيكم إيغالا بإراقة دماء الشعوب

بقلم محمد سلمان القضاة

يُصرُّ كثير من المحللين والمراقبين والمفكرين الغربيين على وصف ما يجرى في الساحة العربية بأنه "ربيع العرب"، ذلك أن الربيع فصل تنمو فيه البراعم وتتفتح الأزهار، لترسم لوحة جميلة في المنطقة بالطريقة التي تخطها جذور تلك النماءات الطبيعية، متناسين أن في العالم العربي حكاما ملتصقون بالكراسي، لا يزحزهم عنها سوى الموت أو الانقلاب العسكري أو الثورات الشعبية الشبابية والأهلية.

والحقيقة أن ما يجري على الساحة العربية إنما هي ثورات شعبية شبابية وأهلية من النوع الذي لا ينتهي ولا يتوقف حتى ينتصر، لا بل وحتى يتأكد من الانتصار، وحتى يستثمر الفوز، وبحيث لا تفاجئه أي هزات ارتدادية.

 

من هنا يخطئ الحكام العرب، هم وحواشيهم ومن هم حولهم أو من يخطط لهم إذا ظنوا أنهم بقادرين على الاستمرار في استعباد الشعوب وفي قمعها والاستمرار بظلم أبنائها وبناتها أو محاولة أسر حرياتهم بأي صورة من الصور أو أي شكل من الأشكال، أو إذا اعتقدوا أن الثورات الشعبية الحديثة يمكن قمعها بكل ما لدى الحكام من حديد أو قوة نارية، ذلك أنه عندما ينكسر حاجز الخوف، فإن قوة الشعوب تصبح قوة بركانية تذيب حديد دبابات الطغاة وتتحدى قرقعة أسلحتهم، ويبدو أن الشعوب التي صمتت طويلا قد كسرت بالفعل قيد العبودية، بل ونفضت عنها غبار الخوف والتردد إلى غير رجعة، ولم تعد تخشى جبروت الحكام المستبدين، وأما نيران البراكين الشعبية فهي أشد حرارة وأشد لظى.

 

فعلي عبد الله صالح قال في أكثر من مناسبة إنه سئم الحكم، وإنه لن يترشح ثانية وإنه لن يورث الحكم ولده أحمد، لا بل ووصف أبناء الشعب اليمني -الثائر ضد الظلم والقمع والاستبداد، والساعي للحرية ومن أجل الدولة المدنية الديمقراطية العصرية- بأنهم "قطاع طرق"، وأنهم "أفاعي أو ثعابين"، حيث سبق أن صرح بأن من يحكم في العالم العربي فكأنما يرقص على رؤوس الثعابين.

 

العم صالح لا يبدو أنه يجيد الرقص فوق رؤوس "الثعابين"، إذ يبدو أنه وأثناء رقصه فوق رؤوسها قد تزحلق وسقط، أو كأنما أفعى أو ثعبانا أو أكثر قد أوسع جسده لسعا!! ونحن بطبيعة الحال لسنا بحال "الشاويش صالح" بشامتين، ذلك أن المولى ربما أراد أن يبقيه على قيد الحياة كي يتفكر وربما كي يعتبر فيتغيّر قبل أن يرحل!!

 

ومخطىء جدا عمنا علي عبد الله صالح إذا ما فكَّرَ بالعودة إلى أرض اليمن بعد رحلته المقدّرة، إلا إذا أراد العودة طوعا ليمثل أمام العدالة، حيث أن في رقبته دماء غزيرة وكثيرة لأبناء وبنات الشعب اليمني العريق الثائرين سلميا، ممن سفح دماءهم في الساحات وفي أنحاء متفرقة من البلاد، ثم ليعلم عمنا صالح أن الشهداء ممن قتلهم ظلما وبهتانا وقمعا وطغيانا ليس بين دعوات أمهاتهم وذويهم واستجابة المولى من حجاب!

وأما بعد أن نزف دم علي واحتاج للذهاب إلى المستشفى، فقد تبين أن دماء الناس كلها واحدة وأنهم يحتاجون إلى العلاج إذا ما تعرضوا لجروح، لكن عصابات علي قتلت الناس وجرحتهم وحرقتهم داخل خيامهم ومنعت عنهم الإسعافات، لا بل وضربتهم بالغازات السامة ورشَّتهم بالمياه الملوثة، في ما يعتبر جرائم حرب وإبادة ضد الإنسانية، ومسؤول عنها عمنا صالح بشحمه ولحمه، ومن هنا فعودته للمحاكمة باتت ضرورية!

 

ولا نطيل بشأن العقيد الليبي المختبئ، فبعضهم يقول إن القذافي يتنقل بين أروقة وأقبية المستشفيات بطرابلس، وآخرون يلمحون إلى أنه يتخذ من مستشفيات الولادة والأطفال ملاجئ يتنقل بينها متخفيا بشراشف بيضاء وربما بملابس مرضى أو أطباء أو ممرضين، ذلك أن مروحيات الأباتشي و"تايغرز" باتت له بالمرصاد، وأن الثوار باتوا على مشارف باب العزيزية أو ما تبقى من بابها، وأما كلمته الصوتيه الأخيرة فتوحي بالهزيمة والانكسار، فهو يقول إنه لم يعد يهمه لا الانتصار ولا حتى الانتحار!

ولكن ليعلم عميد القادة العرب المختفي أن الشهداء ممن قتلهم ظلما وبهتانا وقمعا وطغيانا ليس بين دعوات أمهاتهم وذويهم واستجابة الباري من سِتار!

 

وأما أسد الغاب فقصته تبدو غريبة وممجوجة، وألاعيبه باتت مكشوفة ومفضوحة، فحامي حمى العرب وقائد قوى الصد والممانعة، يريد من العالم أن يصدِّق بأن ثمة عصابات مجهولة تجوب أرض الغابة جيئة وذهابا وتعيث فيها ضربا وتقتيلا وفسادا، وأنه أي الأسد، يرسل بكل أسلحته الثقيلة ودباباته ليلاحق تلك العصابات، داخل منازل المواطنين وفي المدن والبلدات السورية الآمنة، وعجبا أن تلك العصابات لم تقترب من حلب الشهباء حتى اللحظة!

 

يا أسد، اتقي الله، فأنت طبيب عيون، وأنت أول من يعرف أنه لا توجد لا عصابات خارجية ولا داخلية ولا ما يحزنون، اتقي الله في الشعب السوري العريق المعروف عبر التاريخ، اتقي الله في أحفاد الثائرين عبر تاريخ العرب، وبالله عليك، كيف بك تقتل الأحفاد بعد أن قتل الأسد الأب الأجداد! كما هو الحال في حماة الثائرة، أخت درعا المحاصرة والصابرة، وشقيقة كل المدن والقرى السورية الأخرى الجريحة المكلومة.

 

ولماذا أيها الأسد تصر على أن تضيف إلى المجازر مجازر أخرى جديدة، وإلى المذابح مذابح أخرى جديدة في جسر الشغور قرب إدلب في منلطق أخرى؟! ثم ليعلم أسد الغاب الموغل في دماء الشهداء ممن قتلهم ظلما وبهتانا وقمعا وطغيانا أنه ليس بين دعوات أمهاتهم وذويهم واستجابة الخالق من جدار!

 

أيها الحكام، يا قذافي ويا صالح ويا أيها الأسد، يكفيكم ما حكمتم، ويكفيكم ما ظلمتم، فالشعوب الثائرة الجريحة النازفة لفظتكم ورفضتكم، فانسحبوا والتحقوا بحسني والزين، واعلموا أن الشعوب هي المنتصرة في نهاية المطاف، وأن الله هو المنتقم، فكفاكم سفكا لدماء أبناء وبنات الشعوب البرئية، وأما محاكمتكم فبأيدي الشعوب، ذلك أن دم الشهداء أبدا، لا ولن يضيع هدرا، وذلك أن ذاكرة الشعوب أقوى من أن تنسى!

 

يا قذافي ويا صالح ويا أيها الأسد، يكفيكم إيغالا بإراقة دماء الشعوب النازفة، وهيا فارحلوا، فهناك شعوب تنتظر دورها في الثورة من أجل الحرية والحياة الديمقراطية الحقيقية في الدولة الحديثة، وهناك أيضا حكام ينتظرون دورهم بالرحيل، ارحلوا فقد فقدتم الشرعية، ارحلوا غير مأسوف على زوالكم، ذلك بعد ما عرفه العالم من ظلمكم وطغيانكم واستبدادكم!

 

كما نناشد الدول المجاورة للشعوب الثائرة ضرورة استقبال وإيواء وإغاثة اللاجئين والفارين بجلودهم من شر المذابح والمجازر التي تقترفها السلطات السورية الجائرة بحقهم، ونناشد تركيا أردوغان بأن تقدم كل العون المساعدة لضيوفها الكرام، بأي طريقة دخلوا، ونفس المناشدة نتوجه بها إلى الجارة الأردنية وإلى الجارة اللبنانية الشقيقة.

 

وأما المجتمع الدولي فمطالب للتحرك ولتحمّل المسؤليات الجِسام، وأبرزها ضرورة حماية المدنيين في العالم العربي،وخاصة في ليبيا واليمن وسوريا، فإن ما يجري في هذه المناطق خاصة بات يهدد الأمن والسِلم الدوليين!

*إعلامي، أردني مقيم في دولة قطر.

=========================

لماذا دمر الأسد حماة ؟

د.هشام الشامي

مركز الدراسات الإستراتيجية لدعم الثورة السورية

 تزامناً مع المجزرة الشنيعة التي ارتكبها الأسد الابن في حماة يوم الجمعة الماضية 3\6\2011م ، و التي نفذها محافظ حماة الجديد – و الذي استلم مهامه قبل يوم واحد فقط من المجزرة - بالتنسيق مع القوى الأمنية الحاكمة في سوريا لإسكات صوت جماهير حماة التي خرجت بأعداد ضخمة و بمظاهرات حضارية و قد حملوا الورود في أيديهم ، و لم يدروا أن قوى البغي و الظلام و الحقد و الطائفية قد كمنوا لهم في الساحات الرئيسية كساحة العاصي و دوار المحطة و عند ملجأ الأيتام و على سطوح الأبنية العالية كفرع حزب البعث و قيادة الشرطة و فندق أفاميا الشام في منطقة الزنبقي ، فقتلوا في مجزرة شنيعة أكثر من ثمانين شهيداً من أبناء تلك المدينة المنكوبة ، هذا عدا عن المقابر الجماعية التي اكتشفت يوم السبت في حديقة أم الحسن وسط المدينة ، و عدا عن عشرات الأشخاص الذين اختفوا منذ يوم الجمعة و هناك أنباء عن تصفيتهم من قبل شبيحة الأسد ، يعيد مركز الدراسات الإستراتيجية لدعم الثورة السورية المباركة نشر مقالة سابقة للدكتور هشام الشامي عن جرائم نظام البعث الطائفي السابقة في هذه المدينة المنكوبة :

 

 

(( في صباح 30 أيار /إبريل 1945 هوجمت مدينة حماة بالطائرات الفرنسية التي استمرت تلقي قنابلها ومتفجراتها الثقيلة على البيوت أكثر من عشر دقائق ، فأسقط المجاهدون ببنادقهم طائرتين ، وجروا حطام إحداهما من قرية معرين قرب حماة إلى قلب المدينة بعد انتهاء المعركة .

وتبع ذلك وصول حملة عسكرية ضخمة قدمت من حمص تضم عدداً من الدبابات والمصفحات وأربعاً وعشرين سيارة كبيرة مشحونة بالجنود ، ومدفعين من العيار الثقيل ، وكان يقودها الكومندان ( سيبس ) جاءت من جنوب حماة فجوبهت بمقاومة شديدة من مجاهدي تل الشهداء – عين اللوزة - ، فارتدت واتجهت غرباً تريد الوصول إلى الثكنة باختراق جبهة كرم الحوراني - اسم حي غرب جنوب حماة -، وفي الوقت ذاته خرجت فرق الخيالة من الثكنة لنجدتها ، فكانت المعركة الضاربة الباسلة التي استمرت من السابعة صباحاً وحتى الثامنة مساء بين المجاهدين ببنادقهم القديمة وبين قوات نظامية بأحدث الأسلحة والعتاد ، في أرض مكشوفة لا تصلح لحرب العصابات ، وعلى الرغم من وصول سلاح الطيران الفرنسي وقصف المدينة قصفاً كثيفاً أدى لتهديم مئة وعشرين منزلاً ، مع ذلك صمدت المدينة واندحرت الحملة المدرعة وقتل قائدها ( سيبس) وبعض معاونيه من ضباط المدفعية ، وبقيت مئات الجثث في أرض المعركة ، وأسقط المجاهدون طائرة وعطبوا أخرى سقطت في قرية حربنفسه، وغنم المجاهدون سيارتين وعدة رشاشات وسيارة كبيرة مشحونة بقنابل المدفعية ، وعطلوا دبابتين وعدداً من المصفحات ، ومدفعاً من عيار (270) بوصة ومدفعين عيار (75) ملم ، وسحبوا كل هذه الغنائم إلى ساحة العاصي وسط المدينة .

وصمم المجاهدون بعد وصول راكان المرشد ( شيخ عشيرة) مع رجال عشيرته ، صمموا على دخول الثكنة الشرفة الحصينة ( شمال غرب حماة ) ، وفيما هم يعدون العدة لدخولها وصلت طلائع الجيش البريطاني التي أنقذت الجيش الفرنسي من أهالي حماة ، وكانت مهمة البريطانيين فرض وقف القتال ، وكان ذلك يوم 1حزيران/مايو1945 .

 

و ما ذكرته كان نقلاً عن مذكرات أكرم الحوراني أحد شهود العيان من أبناء مدينة حماة و أحد مؤسسي حزب البعث العربي الاشتراكي فيما بعد .

و يؤكد هذا الكلام ما قاله الجنرال البريطاني ( باجيت ) القائد العام للقوات البريطانية في الشرق الأوسط في مذكراته عن تلك الفترة، و كان الجيش البريطاني قد تدخل ليفصل بين الثوار السوريين والجيش الفرنسي ، يقول الجنرال (باجيت ) : لقد أنقذنا الأهالي في سوريا من الجيش الفرنسي عام 1945 ، إلا في مدينة حماة فقد أنقذنا الجيش الفرنسي من الأهالي !!! .

و كان مجاهدي حماة في طليعة الثوار الذين أعلنوا الثورة على الفرنسيين أثناء الثورة السورية الكبرى عام 1925م التي عمت القطر من الشمال و ثورة إبراهيم هنانو ، إلى دمشق و ثورة الغوطة ، إلى جبل العرب و ثورة سلطان باشا الأطرش ، إلى جبال العلويين و ثورة الشيخ صالح العلي ، و قد قاد الثورة في حماة فوزي القاوقجي و سعيد العاص و مصطفى عاشور و عثمان الحوراني و آخرون .

 كما شارك رجال حماة في الكتلة الوطنية منذ تأسيسها ، و كان من أبرز رموزها من أبناء تلك المدينة المجاهدة توفيق الشيشكلي و حسني البرازي ، و الدكتور صالح قنباز و كان لهذه الكتلة دوراً بارزاً في عملية المقاومة و التحرير من الاستعمار الفرنسي .

كما استنفرت حماة برجالها أثناء حرب 1948م مع الصهاينة ، فمنهم من دخل مع قوات النقيب أديب الشيشكلي في لواء اليرموك الثاني النظامي، و منهم من تطوع مع القوات الشعبية التي قادها الدكتور مصطفى السباعي ، حتى باتت المدينة شبه خالية من الرجال أثناء تلك الحرب ، و قد خاض هذان الفصيلان معارك شجاعة ، و حققوا فيها انتصارات حقيقية ، جعلت اسم الشيشكلي و السباعي على لسان كل فرد في الوطن السوري الحبيب .

و قد بقيت هذه المدينة قبل و بعد الاستقلال مثال الوطنية و التسامح و التآلف ، حيث عاش فيها المسلمون و المسيحيون جنباً إلى جنب ، و كنتَ لا تستطيع التمييز بينهما لتشابه عاداتهم و ملابسهم ، حتى النساء المسيحيات كن يتحجبن في هذه المدينة المحافظة، و كان أبناء الريف و البادية يفضلون التعامل مع أبناء هذه المدينة المسامحين ، مما جعلها أشهر المدن السورية بالمنتجات الحيوانية و الزراعية ، فأصبح السوريون جميعاً يرغّبون بأجبانهم و ألبانهم ، فيقولون جبن حموي و لبن حموي و سمن حموي و مشمش حموي و خضار حموية ...

 و قد شارك أبناء المدينة بكافة أطيافها في الحياة البرلمانية الوليدة بعيد الاستقلال ، بتنافس ديموقراطي تفصل فيه صناديق الاقتراع ، و كنت تجد في هذه المدينة المسالمة ، المسيحي على قوائم الإخوان المسلمين ، كما تجد العربي إلى جانب الكردي ( كآل البرازي و آل الزعيم و آل كوجان و آل الكردي.. ) و التركي ( كآل التركماني و آل العظم و آل قوجة و آل القوشجي...)،و أبناء الريف و البادية مع أبناء المدينة ، في تآلف و محبة قل نظيرهما.

 

و عندما أنقلب العسكر على الحياة البرلمانية و المدنيّة كان أبناء حماة في طليعة الرافضين للديكتاتوريات ، و وقفوا بشجاعة – عندما جبن آخرون - في وجه حسني الزعيم و أديب الشيشكلي ، رغم أن الثاني كان من أبناء المدينة، و الأول كلف رئيساً للوزراء من أبنائها (وهو محسن البرازي) .

فليس غريباً إذاً على هذه المدينة المحافظة و الشجاعة أن تكون في طليعة المدن التي وقفت في وجه العسكر البعثيين الذين وصلوا إلى السلطة على ظهر الدبابة في 8آذار من عام 1963م ، و أعلنوا حالة الطوارئ و الأحكام العرفية منذ ذلك التاريخ،و ألغوا الحياة المدنية و الانتخابات البرلمانية،و منعوا الأحزاب،وبدؤوا بإثارة و استفزاز حفيظة الشعب المؤمن المحافظ ، بأفكارهم الإلحادية التي فرضوها على المجتمع. و رفعوا شعارات : ( يا أخي قد أصبح الشعب إلهاً )، و ( لا تسل عني و لا عن مذهبي*أنا بعثي اشتراكي عربي )، و (آمنت بالبعث رباً لا شريك له* وبالعروبة ديناً ماله ثاني)..

وكانت أحداث حماة التي انطلقت شرارتها في السابع من نيسان 1964م أي بعد عام من استلام عسكر البعث السلطة في سوريا ، دفاعاً عن القيم التي أمن بها شعبنا ، و رداً على استفزازات البعثيين ، و تحرشات الحرس القومي ( مليشيات البعث ) ، حين انطلقت المظاهرات من جميع مدارس حماة مطالبة بالحريات العامة،و وقف استفزازات البعثيين ، و هنا تدخل الحرس القومي البعثي لقمع التظاهرات و عندما فشل ، تدخل الجيش البعثي العقائدي هاتفاً :" هات سلاح و خوذ سلاح* دين محمد ولّى و راح " ، ويذكر أكرم الحوراني في مذكراته :[ لقد كانت الحجج التي تذرع بها الضباط الطائفيون للانتقام من حماة حججاً مفضوحة ومشبوهة ، ولا أظن الجاسوس كوهين كان بعيداً عن الإثارة الطائفية بين هؤلاء الضباط مما سيأتي تفصيله فيما بعد ، فمن حماة انطلقت كتائب الفداء الأولى إلى فلسطين عام (1948م ) كما كانت حماة أكثر المدن حماساً للوقوف في وجه الديكتاتور أديب الشيشكلي ] . و حكمت المحاكم العسكرية الميدانية - برئاسة الضابط البعثي مصطفى طلاس – بالإعدام على عدد كبير من علماء ووجهاء مدينة حماة ،واقتحمت المحال التجارية المغلقة ونهبت محتوياتها، واعتقل الكثير من المواطنين.

كما أصدرت الجبهة الوطنية الديموقراطية الدستورية وهم مجموعة من المثقفين من محامين وأطباء ومهندسين وصيادلة بياناً بتاريخ (21/4/1964م) جاء فيه : في هذا اليوم نتوجه إلى شعب سوريا الذي لا ينام على ضيم ، ونقول للطغمة الحاكمة :أن الشعب إن أمهل فهو لا يهمل، وأن ساعة الحساب قد دقت . إن الجبهة الوطنية الديموقراطية الدستورية تدعو كافة المواطنين للالتفاف حولها ومتابعة العصيان المدني حتى تتحقق مطالب الشعب وهي :

1-        إلغاء حالة الطوارئ .

2-        إطلاق الحريات العامة وإعادة العمل بالدستور .

3-        تشكيل حكومة انتقالية من عناصر وطنية تتولى إجراء انتخابات حرة نزيهة لإقامة حكم ديموقراطي سليم .

و لم يقتصر العصيان على مدينة حماة فقط ، بل توسعت لتشمل باقي المدن الرئيسية في سوريا كدمشق و حلب و حمص، على شكل إضرابات واحتجاجات عامة ، و هنا تدخل الرئيس محمد أمين حافظ وطلب مقابلة عالم حماة الجليل ، الشيخ/ محمد الحامد ، و اتفقا على تهدئة الأمور ، مقابل إصدار الرئيس الحافظ عفواً رئاسياً عاماً عن جميع المعتقلين و المحكومين.

وهذه الفتنة التي حصلت في حماة ، و التي لم تعالج بحكمة ، مازال السوريون يعانون من جراحها التي لم تندمل بعد ،و هي التي جعلت الشيخ مروان حديد ينفصل ببعض شبابه عن جماعة الأخوان المسلمين ، مقرراً اللجوء للعمل المسلح ضد السلطة البعثية الغاشمة والتي بدأت باستخدام السلاح والبادي أظلم حسب رأيه.

 

وكلنا يعلم ماذا حل بسوريا نتيجة هذه الفتنة من أحداث و مجازر مأساوية في نهاية السبعينات و عقد الثمانيات من القرن الماضي ، و آثار تلك الأحداث التي لم تحل حتى الآن ، و التي تبقى تنذر بانفجار البركان.

 

و استمر الصراع بين السلطة و الشعب – في حماة و سائر المدن السورية – طيلة سنين البعث العجاف ، و كانت المسيرات الشعبية و الإضرابات و الاحتجاجات سمة الشارع السوري ، و كانت الأعياد و المناسبات الدينية و الوطنية ، كعيد المولد النبوي في كل عام مناسبة تذكر بها الجماهير السلطة بأنها لا يمكن أن تتخلى عن مطالباتها المشروعة مهما اشتدت قبضتها الأمنية ، وكانت أحداث الدستور عام 1973م ، و الذي كرست بنوده الهيمنة و الوصايا لفئة فاسدة من المجتمع على رقاب العباد و البلاد، فاندلعت المواجهات الشديدة مرة أخرى،وحرقت فروع الحزب و المخابرات ، و تدخل الجيش ليسكت الشعب بالقوة العسكرية ، و ليسوق العلماء و الوجهاء إلى السجون و المعتقلات .

وتوالت تصريحات القادة البعثيين المرضى التي تنم عن حقد أعمى على هذه المدينة الجميلة الأمنة ، و خاصة من رفعت الأسد شقيق الرئيس حافظ الأسد ، الذي قال في مرات عديدة : " سأمحو حماة من الخريطة "، و " ستقول الأجيال اللاحقة كانت هنا مدينة اسمها حماة "، و " سأجعل حماة مزرعة للبطاطا " ، و " سنقيم مكان حماة حدائق و مزارع و فنادق و مقاصف و مطاعم و نسكر على أنقاضها "

ويقول الحوراني في مذكراته: [ ومن المؤلم أن مدينة حماة قد ظلت بعد أحداث عام (1964م) هدفاً للتنكيل إذ تعرضت مرة أخرى عام (1982م) للتدمير والتنكيل بأهلها بوحشية فاقت كل تصور عندما استباحت المدينة ما يسمى بالقوات الخاصة ، وسرايا الدفاع بقيادة رفعت الأسد شقيق حافظ الأسد ، فقصفت معظم أحياء المدينة على رؤوس أهلها ، واعتدت على أعراض نسائها ، وكانت حصيلة القصف استشهاد أكثر من خمسة وثلاثين ألف شهيد ، من أبنائها وبناتها ، كما هدمت مساجدها الأثرية وقضت على معالمها التاريخية ، ومنها قصر العظم الأثري ، الذي كان متحفاً للمدينة فنهبت محتوياته من التحف الأثرية للعهود التاريخية التي تعاقبت على المدينة ] .

ويقول الحوراني :[ لقد كان هذا الأسلوب الاستفزازي هو الأسلوب الذي اعتادت السلطات البعثية استعماله لتفجير النقمة الشعبية واستدراجها ثم إجهاضها قبل نضجها وتمام استعدادها ، مع استعداد السلطات الكامل لمواجهة الانفجار ] .

و يقول :[ إنني لا أشك أبداً بأن يداً سوداء خارجية كانت وراء ما تعرضت له مدينة حماة في المرتين من خراب وتقتيل وتنكيل وحشي ، وإنه لمن دواعي الأسى والحزن أن يناضل الشعب السوري ويقدم التضحيات خلال أكثر من أربعين عاماً في عهدي الاستعمار الفرنسي والاستقلال في سبيل ترسيخ الوحدة الوطنية بين مختلف طوائفه ومذاهبه ؛ ثم تستيقظ هذه العصبيات الموؤودة بعد الثامن من آذار بشكل مجنون ] .

 

وفي آذار/مارس من عام 1982م خطب الرفيق الفريق أول حافظ الأسد قائلاً : "ما حدث في حماة حدث و انتهى". هكذا لخص القائد البعثي الملهم شهراً كاملاً من المعارك الوطنية و القومية لجيش الأسد العقائدي؟؟!! ، و المذابح الجماعية الرهيبة ، و الإبادة السادية الشاملة ، و القصف الجوي و المدفعي و الصاروخي ، و استباحة المحرمات و انتهاك أعراض الحرائر ، و قتل الشيوخ و النساء و الأطفال ، و التمثيل بالموتى ، و بقر بطون الحوامل ، وهدم أحياء بمن فيها ، و إبادة عوائل بكاملها ،و دهس المرضى و الجرحى بالدبابات و المجنزرات ،وسرق و نهب المحلات التجارية والمجوهرات والأموال والممتلكات، و تفجير مساجد المدينة وكنائسها، وسرقة المتاحف والمقتنيات الأثرية ، و بتر أطراف السيدات و قطع الأذنين من أجل أخذ المصوغات الذهبية ، و تغيير معالم مدينة من أقدم مدن التاريخ ، على يد سرايا الدفاع بقيادة رفعت الأسد و علي ديب و سرايا الصراع بقيادة عدنان الأسد و الفرقة العسكرية الثالثة بقيادة شفيق فياض واللواء (47)مدرعات ، واللواء (21) دبابات ، والفوج (41) إنزال جوي، ، والفوج (114) مدفعية ميدان وراجمات صواريخ ، وعشرات الطائرات المروحية ، و قوات الأمن العسكري بقيادة يحيى زيدان و أمن الدولة بقيادة موفق الزعبي و الأمن السياسي بقيادة وليد أباظة ، و قوات المرتزقة الخاصة ، كل هذا الجيش الكبير العرمرم من المرضى الساديين و الطائفيين الحاقدين و بأوامر مباشرة و متابعة لحظية من الرفيق الرئيس ،استباحوا مدينة حماة الآمنة على مدى شهر شباط كاملاً ، في أفظع مذبحة و أبشع مأساة عرفها العصر الحديث ، فقتلوا أكثر من أربعين ألفاً ، و اعتقلوا مثلهم ، و شردوا أضعافهم ، و تركوا المدينة مدينة أنقاض و أشباح ، و هم يفاخرون بنصر كبير حققوه على مدنيين مسالمين ، و مواطنين أبرياء ، يفترض أنهم وجدوا و سلحوا من أموالهم و عرق جبينهم لحمايتهم من العدو الخارجي ،و تأمين أمنهم و سلامتهم ، بعد أن تركوا جبهة الجولان ساكنة سكون المقابر وأفضل جبهة آمنة حسب وصف قادة الصهاينة أنفسهم ، فلا غرابة إذاً أن يكون شارون و عصابته من المدافعين بقوة من أجل استمرار نظام الأمن و العسكر في حكم بلد أصبح اسمه جمهوراثيّة أسدستان )).

======================

جسر الشغور تضع ثورة سورية على منعطف خطير .. هل يخاطر تصعيد القمع الاستبدادي بتدخل دولي؟

نبيل شبيب

جسر الشغور.. مدينة نشأت قبل بضعة قرون في منطقة تاريخية شمال غرب سورية، والأرجح أنّ اسمها الأصلي "جسر الثغور"، إشارة إلى جسرها الحجري الأثري على نهر العاصي، وإلى أن المنطقة التي نشأت فيها كانت منطقة "ثغور" تردّ عن سورية، عن دولة الخلافة في سورية آنذاك، هجمات الأعداء.. ولكن ما عسى تصنع جسر الشغور وأهلها الآن وقد بات "الأعداء" يستهدفونها من "قلب الوطن"، من وراء ظهرها، ويواجهون صدور أهلها بالدبابات والمصفحات والطائرات والرشاشات، التي يقولون إنها تتبع للجيش الوطني السوري، وما الجيش إلاّ كالشعب، ضحية من ضحايا قبضة صانعي قرارات الاستبداد والفساد وأجهزتهم القمعية.

 

جسر الشغور بالأمس القريب

الطائرات العامودية التي قصفت جسر الشغور الآن، ويمكن أن تشارك بكثافة أكبر في المذبحة المبيّتة الآن، تذكّر بخمس وعشرين طائرة عامودية، شاركت في مذبحة 1980م بعد أن تمركزت في محطة القطار والمدرسة الثانوية ومعمل السكر وساحة البريد، ثم شرعت تؤدّي "مهمتها الوطنية" ضدّ الوطن وشعبه، فاستهدفت فيما استهدفت قرى الشغر والحمامة والجانودية وزرزور وبكسريا وخربة الجوز.

الفرقة الرابعة التي تمارس ما تمارس هذه الأيام، في عهد بشار الأسد، وارث السلطة عن أبيه حافظ الأسد آنذاك، انبثقت عن سرايا الدفاع من تلك الفترة، فورث قيادتها ماهر الأسد عن عمه رفعت الأسد الذي كان يقود سرايا الدفاع، وتذكّر من خلال ممارساتها الآن، بالوحدات الخاصة وممارساتها بقيادة علي حيدر آنذاك، وقد شاركت في ارتكاب مذبحة جسر الشغور عام 1980م، تقتيلا.. واعتقالا.. وتعذيبا.. علنا في الشوارع ووراء القضبان.

الأسماء التي تردّد أثناء كتابة هذه السطور (7/6/2011م) ما تردّد إعداداً لمجزرة مبيّتة في جسر الشغور بعد مجزرة الأيام الثلاثة الماضية، تذكّر بأسماء من قاد مذبحة جسر الشغور بعد مظاهرة تلاميذ مدرسة ثانوية يوم 10/3/1980م.. وكان منهم العميد علي حيدر، ورئيس مخابرات إدلب عدنان عاصي، ومحافظ إدلب توفيق صالحة.

لقد استهدفت السلطة الاستبدادية بقمعها الإجرامي آنذاك مسلمين ومسيحيين، إسلاميين وبعثيين، تجارا وطلبة، أئمة مساجد ومؤذنين، فمنهم من قتل، ومنهم من عاش في المعتقلات كالأموات سنين وسنين.. ولا يختلف ما تصنعه السلطة الاستبدادية الآن عما صنعته بالأمس القريب.

 

روايات مكرورة

في يوم جمعة أطفال الحرية في سورية (3/6/2011م) هبّت جسر الشغور كما هبّت في أيام سابقة من ثورة شعب سورية، وكما تصنع في هذه الأثناء سائر المدن والقرى السورية، تطالب بوضع حد نهائي لوجود هذا النظام، وريث ذلك النظام، الذي يستهدف جسر الشغور، وكأنّما حان موعد استهدافها مثل درعا وبانياس وتلبيسة ودوما وحمص وتلكلخ وحماة والرستن.. وغيرها، من المدن الموضوعة على لائحة القمع الهمجي المكثف، إلى جانب القمع الهمجي اليومي المتواصل في سائر المدن والقرى معا.

وتعدّدت الروايات:

أولاها رواية مكرورة مع كل مذبحة تُرتكب، وفق خطة مكرورة لا تستطيع الأجهزة القمعية على ما يبدو أن "تبتدع" سواها، بدءا بإرسال فرق الموت من الشبيحة والقناصة والعصابات الحكومية المدنية المسلّحة، مرورا بالمشاركة المباشرة من جانب فرق الموت "الرسمية" باسم أجهزة أمنية، لا تختلف عن سابقتها سوى بالألبسة، انتهاء بكتائب –شبيهة بكتائب القذافي- تضمّها فرق الموت التي تنسب نفسها للجيش السوري، مثل الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري والأمن المركزي والمخابرات العسكرية.. ولا يجمعها مع "حماة الديار" إلا أنّها تملك أسلحة ثقيلة من دبابات ومصفحات ومدفعية وطائرات، ولكنها أحدث وأشد فتكا مما يملكه حماة الديار الحقيقيون.

أما الرواية القديمة الجديدة فمركبّة على ما سبق -بإخراجٍ أوهى من خيوط العنكبوت- من ثلاث عبارات:

- مسلّحون مجهولون أطلقوا النار على رجال أمن رسميين (وكم ذا ظهر هؤلاء وهؤلاء معا حيثما بدأ التقتيل) وعلى المدنيين..

- الشعب استغاث بالجيش (أي أثناء هتافه: الشعب يريد إسقاط النظام!!)..

- الجيش تدخل دفاعا عن الشعب والوطن (أي بقصف الدبابات والمدفعية تقتيلا وبحملات الاعتقال والتعذيب الهمجية).

العنصر الخاص بجسر الشغور الآن هو أنّ عدد ضحايا "لعبة الموت القمعية" هذه تجاوز المائة في يوم واحد، والرقم مناسب في نظر صانعيه لتوظيفه ذريعة من أجل ارتكاب مذبحة جديدة!..

ومن الروايات ما تردّده ألسنة اللاجئين الذين حاولوا الوصول إلى الأراضي التركية القريبة، فرارا من الموت –ومعظمهم من النساء والأطفال- وتردّده ألسنة الجرحى ممّن سعوا للعلاج في الأراضي التركية المجاورة أيضا فقد نجوا من الموت ولكن أصابتْهم أسلحة فرق الموت –باللباس الرسمي ومن دونه- بجراح تنزف ولا تجد من يضمّدها "بأمان" في عهد الرئيس الأسد ابن الأسد.

وهذه رواية تتكرّر أيضا في موقع بعد آخر من سورية الثائرة: متظاهرون دون سلاح، يتعرّضون فجأة لإطلاق نار من كل مكان، فيسقط من يسقط شهيدا، وينجو من ينجو بروحه، ويُعتقل من يعتقل.. وقد يعاد بعد فترة إلى أهله جثة عليها آثار التعذيب.. ويجري توثيق جميع "فصول" الرواية المأساوية هذه من جانب أفراد من الشعب (أصبحوا كالإعلاميين) يخترقون قضبان السجن المفروض على الوطن كله، وعبر شهاداتٍ من قلب أتّون القمع الهمجي.

ومن الروايات على ألسنة أخرى، ما يقول –أو يزعم- أن عناصر أمنية من إيران ومن منظمة حزب الله، تقدّمت صفوف القمع في جسر الشغور –مع فرق الموت- فشرعت تطلق النار في كل اتجاه، وأن عناصر من "الجيش" أطلقت النار على هؤلاء فقتلت العشرات.

وعلى غير انتظار سارع عدد من الوزراء من الحكم القائم –بعد غياب طويل عن ساحة الأحداث الدامية.. وكأنهم غير مسؤولين!- كوزير الداخلية بنفسه لينذر ويتوعد، ووزير الإعلام ليقوم مقام من كان يخرج من الطبقة الثانية والثالثة من طبقات النظام على شاشات التلفزة باسم خبير أو إعلامي أو "باحث علمي!"..

ألا يُفترض أن يقدّر السامعون والمشاهدون، أنّ ما يراد تنفيذه الآن، سيكون –وفق مستوى من يمهّد له وما يصنع تمهيدا له- أفظع وأشد حتى من تلك العمليات القمعية الهمجية التي استهدفت المدن السورية الأخرى وما تزال تستهدفها؟..

 

نذير خطر

السؤال عن الرواية الصحيحة لا يجد إجابة سريعة، إنّما لا شكّ في إمكانية الإجابة الفورية على السؤال عن الرواية الكاذبة.. فقد سبقها أمثالها طوال الشهور الماضية على اندلاع الثورة، وسبق أن ظهر مرة بعد أخرى أنها "كاذبة"، بدءاً بأسطورة أن الجيش استجاب لاستغاثات أهالي درعا فأنقذهم.. بحصارهم ومنع الحليب عن أطفالهم وتدمير بلدتهم واعتقال شبابهم وشيوخهم وزراعة عدد من المقابر الجماعية في بساتينهم وتعذيب من أحبّ تعذيبه من ناشئين وبالغين، مرورا بأن الأمن لم يمارس ما مارسه في الساحات علنا في البيضا قرب بانياس، انتهاء بما يتكرّر صباح مساء: الوضع طبيعي في سورية والإصلاحات آتية.. على ظهر سلحفاة مقنّعة!.

ويُفترض ألا يتناقض ذلك مع استنفار الدبابات والطائرات والمدفعية وفرق الموت.. مرة بعد أخرى، والآن بأعداد مضاعفة مع استهداف جسر الشغور.

إنّما لا يفيد الجدل حول الرواية نفسها فالنظام القائم لم يعد يحاول أصلا أن ينقذ شيئا من مصداقيةٍ ما، كان يزعمها لنفسه، وما امتلكها من قبل، ولم يعد قادرا على التصرّف إلا على النسق الذي غلب عليه وارثاً عن موروث، في جنح الظلام، بعيدا عن أعين وسائل الإعلام المطرودة، وعن وفود منظمات حقوق الإنسان المحظورة، وعن أثير الشبكة العنكبوتية المقطوعة.

الأهم هو المؤشرات التي تعطيها الروايات المصبوغة بحمرة الدماء، والتي يمكن أن تجعل من جسر الشغور مفصلا بالغ الخطورة في مجرى الثورة الشعبية السلمية البطولية في سورية.

كأنّما رصد النظام القائم أن جميع ما ارتكبه حتى الآن لم يكن كافيا لدفع بعض الضحايا من شعب سورية للدفاع عن أنفسهم بدلا من التشبّث بسلمية ثورتهم، فقرّر أن يضاعف درجة القمع والإجرام.

إنّ محاولة إعداد المسرح الدموي لإخراج "حدث غير اعتيادي" بمجراه وارتفاع عدد الضحايا المستهدفين من خلاله، هي دون ريب محاولة تمهيد لسلوك أسلوب قمعي يمكن وصفه بغير الاعتيادي حتى عند مقارنته بجرائم القمع غير الاعتيادية في الأصل، منذ اللحظة الأولى لإطلاق آلة القمع بتعذيب أطفال درعا.. ناهيك عن أنّ العهد الحالي قد ورث العهد الماضي بقمعه غير الاعتيادي الذي يحمل عنوان "مذبحة جسر الشغور 1980م" مثلما يحمل عناوين حماة وتدمر وصيدنايا وغيرها، وعناوين التعذيب والاعتقال لعشرات السنين دون محاكمات، حتى بالصيغة الصورية المكشوفة المتبعة أحيانا.

 

لن ينقذ سورية إلا شعبها

لم يبدأ -ساعة كتابة هذه السطور- تنفيذ المذبحة "الأكبر" المتوقعة، ولا بد رغم ذلك من تأكيد عدد من النقاط الرئيسية:

أولا: كل جريمة قمعية ارتكبها النظام دفعت بمجرى الثورة خطوة كبرى في اتجاه انتشارها جغرافيا ومشاركة قطاعات شعبية أوسع فيها.. فإن ارتكب الآن جريمة أكبر حجما، فهو لا يعطي بذلك الدليل على غباء صانع القرار القمعي فحسب، بل يعطي الدليل أيضا على أن تعامله مع الحدث التاريخي المتمثل في ثورة شعب سورية هو تعامل انتحاري محض.

ثانيا: إنّ تكرار استهداف عناصر من الجيش أو "الأمن" من الرافضين المشاركة في القمع الهمجي دون حساب، ينذر بتحوّل عمليات انسحابهم "السلمي" المتكرر حتى الآن، من عملية القمع مع التعرّض لاحتمال القتل من وراء ظهور الرافضين، والتحوّل إلى تصرفات قد تفضي إلى نشوب مواجهات مسلّحة بين أطراف وطنية من الجيش الوطني، وأطراف أخرى من الميليشيات القمعية الملحقة به أو العاملة تحت مسميات "أمنية"، مما لا يمكن التنبؤ بمجراه ولا بعواقبه القريبة والبعيدة.

ثالثا: إنّ تصعيد القمع الذي بلغ على كل حال درجة خطيرة، يعني سدّ أبواب كل احتمال لأي شكل من أشكال الحوار، مما لا يشمل فقط ما يزعم الحكم القائم أنه يريده ولا يصنع شيئا منطقيا على الإطلاق ليمكن تصديقه –بل العكس- بل قد يشمل أيضا سدّ الأبواب أمام الحوار الوطني الشامل كما يطالب به العقلاء الحائزون على ثقة الشعب وثواره، ليكون على قدم المساواة، شاملا لممثلي جميع أطياف شعب سورية، يبدأ بعد وقف نهائي وقاطع لممارسة جميع أشكال القمع بحق الشعب بأسره، وكبح جماح من ينفذ القمع من أجهزة النظام كافّة، وإعادة الحرية المسلوبة إلى جميع المعتقلين والمشرّدين، ووقف سريان مفعول المواد الدستورية المقحمة على الدستور زورا وسريان مفعول القوانين المنحرفة جميعا.

رابعا: إن خطر التدخل الخارجي الذي يزعم النظام الحاكم أن "المعارضة" تريده، هو بالذات ما تسبّبه ممارسات النظام حتى الآن، ويواصل شعب سورية رفضه على الدوام، وليس تصعيد القمع الهمجي عبر مزيد من المذابح كالتي تستهدف جسر الشغور الآن، إلا خطوة أخرى من جانب النظام على طريق تصعيد خطر تدخل خارجي، ولا قيمة للنظام وبقائه آنذاك، وما بقي إلا على أسطورة "نجاة النظام من حرب 1967م هي النصر رغم الهزيمة" وأسطورة أن استقرار النظام يعني استقرار المنطقة، وعلى وجه التخصيص استمرار استقرار الكيان الإسرائيلي فيها، وهذا ما كشفت كلمات الركن الأول في منظومة الفساد علنا كما يكشف عنه الآن سقوط من سقط من الضحايا في مخيم اليرموك في قلب دمشق بعد الاستثارة الاستعراضية للتحرك في الجولان بعد أربعة عقود ساكنة راكدة، للتأكيد أنّ انكسار قبضة النظام القمعية يزعزع "استقراره والاستقرار الإسرائيلي" معا. إذا وقع التدخل الأجنبي فلا قيمة للنظام ولا بقائه أو سقوطه على كلّ حال، فأي تدخل أجنبي يقع، لا يستهدف النظام، وهو العدوّ "المفضل" عند أعداء سورية، بل يستهدف سورية الوطن والشعب والتاريخ والحاضر والمستقبل.

خامسا: إنّ التلويح من أي جهة بوجود مشاركة خارجية –إيران ومنظمة حزب الله- في ممارسات قمعية، يساهم بصورة مقصودة أو غير مقصودة في إعطاء "مبررات" أو التنويه بوجود "مبررات" لتدخل خارجي، فيزيد من مخاطره، والتدخل الخارجي مرفوض بلباس غربي، ومرفوض بأيّ لباس آخر، حتى في نطاق الاستعانة بمستشارين من جانب "الحلفاء" في شؤون القمع، كما فعل النظام الحاكم نفسه عند ارتكاب مذبحة جسر الشغور –وسواها- عام 1980م ومن بعد، عندما استعان آنذاك بخبراء في خطط القمع وممارسته من المعسكر الشيوعي المندثر.

سادسا: لا يمكن أن ينقذ سورية من الاستبداد الداخلي والمخططات الأجنبية في وقت واحد إلا أهل سورية، من شعب سورية الثائر، من جميع فئات الشعب وأطيافه، ومن البقية الباقية من عناصر النظام الذين لم تتلوّث أياديهم بدماء شعب سورية في المذابح الجارية الآن.. وما سبقها منذ عام 1963م حتى الآن.

==============================

إعلام النظام السوري ومجزرة جسر الشُّغُور نموذجاً

بدرالدين حسن قربي

من اليوم الأول لانفجار بركان الغضب السوري تأكدت عفوية التظاهرات وسلمية الاحتجاجات، ومن الساعات الأولى فيه أكد النظام السوري خياره الأمني في المواجهة بتوجيه عمليات الرصاص المصبوب على المتظاهرين المسالمين، وباستمرارها ارتفع سقف المطالبات ليكون إرادة شعبية برحيل النظام. وإنما والحق يقال أن النظام وإعلامه أكّد من أيامه الأولى قدرة نوعية جامدة في الفبركة تأخذ بالعقول، فهو في عصر المعلوماتية ودون تردد يدفع بالكذبة الكبيرة بالغاً مابلغت دون ذرةٍ من حياء أو وَجَل من يوتوب أو حساب لانترنت أو خوف من فيس بوك أو تويتر، ومن دون أن يرف له جفن أو يرجف له قلب، أو يتلكلك له لسان، والأبلغ من ذلك كله أن على الناس أن يثقوا بها ويعتمدوها بمثابة كلام طابو ينفي الرواية الأخرى أياً كانت، وتنتفي بوجوده الحاجة للإعلام الآخر من أفّاكي وكالات الأنباء ومراسلي الفضائيات المتآمرين والمرتبطين.

في جديد مواجهة النظام للسوريين بعد عشرة أسابيع من فظائع القتل والمجازر ووصوله إلى طريق مسدودة، هي محاولته الخروج ببعض الحل السياسي العقيم والمتعجرف، الذي استقبل بعدم الاكتراث لأسبابٍ عديدة منها أن المطلب الرئيس بات إسقاط النظام. وعليه، فإنه يُلحظ على النظام عودته الأشد قبل أيام في جمعة أطفال الحرية ومابعدها لخياره الأول الذي ينسجم مع غطرسته وعنجهيته في سفك الدماء والتوحش في القتل، وهو ماتبدّى في رفع وتيرته بشكل مضاعف، مما يؤكده الإثخان في القتل في مدينتي حماه وجسر الشغور نموذجاً حيث زاد عدد القتلى عن أكثر من مئتي قتيل في يوم واحد. وعليه، فإن حجماً بهذا القدر من القتل الإجرامي والتوحش في إراقة الدماء يتطلب وجود ضخ إعلامي غير مسبوق من الفبركة والدجل للتغطية على هذه الفظائع والفضائح، وهو مااستوجب في الحد الأدنى على مايبدو أن يخرج على الناس للمرة الأولى وزير الداخلية بشخصه المعروف بتاريخه الدموي الذي أوجب وجود اسمه في قائمة الأسماء السورية الرسمية المعاقبة دولياً، ووزير الإعلام السوري بنفسه أيضاً في زينتهما من بدلةٍ وربطة عنق وهندمة، يتهددان الناس متظاهرين ومحتجين بزعم الحفاظ على أمن الوطن والمواطنين من وجود عصابات مسلحة، وليقولا للناس كلاماً مفاده، أن التدخل الأمني المكثف بما فيه الدبابات والطيران في مدينة جسر الشغور إنما كان بناء على اتصالات من أهالي المدينة لحمايتهم من العصابات المسلحة والمخربة التي اعتدت على مبانٍ حكومية وخاصة، وأنهم خسروا قرابة مئة وعشرين قتيلاً من الأمن والجيش في مواجهاتهم مع هذه العصابات نتيجة كمين معدّ لهم مسبقاً.

ولكن لقناعة السوريين ويقينهم بأن الإعلام السوري كاذب، وهو شعار طالما رفعوه وهتفوا به في مظاهراتهم دائماً، ومعروف عنه فبركة الخبر وصياغته كما يراد له، ليكون في خدمة النظام وليس نقله كما يحدث، فقد جاء الرد من أهل المدينة سريعاً ليؤكد أن حبل الكذب قصير، وأن الصدق في الرواية الرسمية فيما قيل عن مجزرة جسر الشغور وضحاياها كان معدوماً. فلقد أصدروا بياناً نشروه على الفيس بوك، وقرؤوه على الهواء فيما ظهر على اليوتوب، ينفي طلبهم حضور الجهات الأمنية أو العسكرية لأنه لاأساس لوجود مسلحين في المدينة، كما ينفي اعتداءهم على أي مبنى حكومي أو خاص، ويؤكد على التزامهم بسلمية الثورة وابتعادها عن الطائفية حتى نيل الحرية، كما يؤكد على أن ماحصل في المدينة كان مواجهة بين صفوف الجيش والأمن ناتجة عن انشقاقات في صفوفهم، حيث بدؤوا بإطلاق النار فيما بينهم على ما يبدو لأن بعضهم رفض الأوامر بإطلاق النار على المدنيين المتظاهرين العُزل، فكانت هذه الأعداد الكبيرة من الطرفين. ثم ختموا بيانهم بمطالبة السلطات بإخراج العناصر الأمنية من المدينة لأنها هي التي تطلق النار على المواطنين العزل والمسالمين ولاسيما أثناء تشييع الجنائز، وبتوقف الإعلام والأمن معاً عن التحريض ضد أهالي المدينة بنشر أخبار غير صحيحة. أما في معرض الرد على تهديدات الوزيرين قال البيان: إننا نؤكد بأن نزوح عشرات الآلاف من السكان وخصوصاً النساء والأطفال قد ابتدأ خوفاً ورعباً من تصريحات لامبرر لها للوزيرين وتهديدات تنذر بمجازر قادمة.

إصرار النظام السوري على استبعاد كافة وسائل الإعلام العربية والدولية من الحضور ونقل مايحدث في المدن السورية فضلاً عن اتهامها بالتآمرات والارتباطات، وإصراره في عصر المعلوماتية والسموات المفتوحة على أن يكون الراوي الوحيد والمعتمد على مايرتكب من فظائع الإرهاب وتوحش القتل، تعني أنه يرتكب من الآثام الكبيرة والجرائم المروعة مما يريد له إرهاب السوريين وقمعهم ولكن لايريد له أن يصل إلى العرب والعالم الخارجي فيفتضح أمره وتتأكد جرائمه، ويفتقد شرعيته، فيقترب أجله وتدنو ساعة رحيله. وهو أمر لابد ملاقيه، وأملنا أن يكون قريباً قريباً.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ