ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 12/05/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

هذا ما يقلق إسرائيل !

أ. محمد بن سعيد الفطيسي

azzammohd@hotmail.com

أمران يرعبان إسرائيل اشد الرعب في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة التي يمر بها العالم الإسلامي بوجه عام وقلبه العربي على وجه الخصوص , بل ويؤرقان نوم قادتها وحلفاءهما , وهما : جفاء مصر , ووحدة فلسطين , فأما الأولى : فإنها تعني إصابة الصهاينة المستعمرين وما يطلقون عليه( بالدولة ) في خطمناعتهم السياسي والدبلوماسي الخارجي من الناحية الجيوسياسية , وأما الأخرى : فإنها تعني ان المستعمرة الإسرائيلية الكبرى قد أصبحت منذ اللحظة عارية من ملابسها الداخلية – واقصد – بعدها الأمني والاقتصادي .

فمصر العزيزة أمة بأكملها , ومصر قوة للإسلام والعروبة , ووقوف مصر في كفة الميزان يعني ان يميل كل الميل الى من تقف بجانبه , وإلا لما اعتبرت الحكومات الإسرائيلية المتوالية مصر المحروسة في " سالف العصر والأوان " بصمام الأمان , وأما فلسطين الغالية بلد الطهر والرسالات والأنبياء فليس اقل من ان يقال عنها وعن شعبها المناضل مقولة : ان هذا المارد لو استطاع ان يقف من جديد على قدميه " فتح وحماس " لخضعت لإرادته إسرائيل ومن يقف وراءها.

وليس من المبالغة في القول : ان الولايات المتحدة الاميركية وإسرائيل قلقتان حتى النخاع من رؤية مصرية جديدة لسياساتها تجاه السلام والحرب في الشرق الأوسط , توجه من خلالها " أم الدنيا " العالم الإسلامي الى نهضة إسلامية عالمية , تقلب موازين القوة في العالم , وان يتوحد الشعب الفلسطيني تحت راية واحدة , وعلى قضية واحدة , وهي القضية العربية الكبرى , و- اقصد – رؤية فلسطينية واحدة تجاه الاحتلال الصهيوني , تدفعه في نهاية المطاف الى ما لا ترجوه إسرائيل وأعداء هذه الأمة , وهو الوحدة الفلسطينية وقيام دولة فلسطين العربية وعاصمتها القدس الشريف .

ولا أتصور ان هناك دليلا أوضح على هذا القلق المخيف الذي تعيشه الحكومة الصهيونية اليوم من جراء الوحدة الفلسطينية من تهديدات أوباما للرئيس عباس بقطع المعونات الاميركية للحكومة الفلسطينية ان استمر أبو مازن بمطالبة العالم الاعتراف بالدولة الفلسطينية , وتصريحات نتنياهو المنددة باتفاق المصالحة , ووصفه لتلك الوحدة وذلك الاتفاق الذي يعيد الأمل لتوحد الشعب العربي الفلسطيني تحت راية واحدة , بأنها ضربة قاسية للسلام وانتصار كبير للإرهاب , بل وما زاد الطين بله لقادة المستعمرة الإسرائيلية الكبرى هو ان تستضيف ذلك الاتفاق وتتبناه قاهرة المعز , وعاصمة الأمة السياسية , ووجهتها القيادية والوحدوية .

ويعد اتفاق المصالحة الفلسطيني بين فتح وحماس وإعادة رسم خارطة الوحدة الفلسطينية انطلاقا من مصر تحديدا صفعة قاسية لمستعمرة الخوف والإرهاب الصهيوني , فتلك الوحدة تعني فلسطينيا من ناحية توحد الرؤية ووحدة الكلمة , وبالتالي فلسطين بأكملها اليوم على كلمة سواء , وهو ما أعلنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بقوله : أنه بتوقيع المصالحة الفلسطينية في القاهرة طويت صفحة الانقسام الأسود إلى الأبد ، مؤكدا أن الدولة الفلسطينية لا بد أن تولد هذا العام وأنه لا بد للاحتلال الاستيطاني أن ينتهي وأن ينال شعبنا حريته وحقوقه .

أما من ناحية أخرى , - ونقصد – ان تشرق تلك الوحدة الفلسطينية من الأفق العربي المصري , وان تتحمل مصر من جديد مسؤوليتها القومية والتاريخية تجاه الشعب العربي بوجه عام والشعب الفلسطيني على وجه الخصوص , فذلك أمر طالما سعت المستعمرة الإسرائيلية وحكوماتها الصهيونية الى تقويضه ووضع العقبات في طريقه , ونحن على يقين من ان إسرائيل ستبذل قصارى جهدها خلال المرحلة القادمة لتقويض تلك الوحدة وذلك الانتصار العربي " لا قدر الله " .

وهو ما سيتضح من خلال زيارة نتنياهو الى الولايات المتحدة الاميركية بتاريخ 20 / 5 / 2011م , والتي سيتم خلالها مناقشة عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين والمتغيرات في العالم العربي , وتأتي زيارة نتنياهو إلى واشنطن لإلقاء كلمة أمام المؤتمر السنوي للجنة الشئون العامة الأمريكية - الإسرائيلية "إيباك" خلال الفترة من 22 - 24 / مايو الجاري .

المهم في الأمر من انه وبالرغم من كل العقبات والحقد والمؤامرات قد توحد الإخوة الفرقاء في فلسطين الإسلام والعروبة " والحمد لله " , وان تلك الوحدة التي نرجو من الله العلي القدير ان يتمها ويكملها على الشعب الفلسطيني الباسل الأبي قد أشرقت من افقها الذي لا يمكن ان تكتمل خيوطها سوى منه , - ونقصد – من مصر الغالية .

ولأننا ندرك تمام الإدراك من ان حكومة المستعمرة الإسرائيلية الكبرى ومن يقف وراءها من المناصرين والعملاء والمرتزقة في الداخل والخارج لن يقفوا مكتوفي الأيدي صامتين على هذا التحول الاستثنائي في العلاقات الفلسطينية - الفلسطينية , فانه يجب على الحكومة المصرية والشعب الفلسطيني والعرب جميعا التنبه الى انعكاسات المرحلة التاريخية القادمة .

وبالطبع فان هذا الأمر – أي – ردة الفعل الإسرائيلية - الاميركية تجاه هذا الاتفاق , والتي يرى اغلب المحللين والمراقبين على أنها سلبية منذ اللحظة الأولى ,تشير الى احتمال حدوث مواجهة دبلوماسية وسياسية تجاه تقويضها والالتفاف عليها بطريقة ما خلال الأيام القادمة , وليس من المستبعد ان تلجأ المستعمرة الإسرائيلية الكبرى الى الضغوط الاقتصادية والإنسانية والعمليات السياسية التشريحية للحكومة الفلسطينية , وهو ما أشار إليه عريقات بقوله :أن تهديدات بإجراءات سياسية أو مالية ضد القيادة الفلسطينية على خلفية اتفاق المصالحة لا ضرورة لها لأن القيادة تدرك جيدا التزاماتها الدولية كما تدرك أنه لا يمكن تحقيق السلام من دون مصالحة ووحدة وطنية .

أمر آخر يجب الانتباه إليه سياسيا وهو ضرورة وقوف الدول الإسلامية بوجه عام والدول العربية على وجه الخصوص في هذه المرحلة ضد أي توجه أمريكي او إسرائيلي لإجهاض هذا الاتفاق وتلك المصالحة , وان تقوم الجامعة العربية بدورها القيادي المتأمل منها وخصوصا في هذه المرحلة الانتقالية في التاريخ العربي الحديث .

فإذا قررت إسرائيل على سبيل المثال معاقبة الفلسطينيين ماديا فلابد ان يأتي التعويض وتغطية ذلك النقص من جل تلك الدول وعلى رأسها الدول النفطية , وان توجهت إسرائيل والولايات المتحدة الاميركية للحيلولة دون إتمام ذلك الأمر سياسيا في أي محفل من المحافل الدولية , فلا أتصور ان الدول التي تستظل براية الإسلام عاجزة عن الوقوف في وجه تلك المحاولات الحاقدة للحيلولة دون وحدة الصف والشعب المسلم العربي الفلسطيني .

نعم .... ان هذه المرحلة التي يمر بها العالم العربي اليوم تقلق وتقض مضاجع الكبار , فهي لم تعد قابلة للترويض الغربي , والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية وخنجرها الصهيوني في قلب الأمة الإسلامية العظيمة – أي – المستعمرة الإسرائيلية الكبرى , تدرك تمام الإدراك عاقبة الاستهانة بإرادة ومقدرات تلك الشعوب المتدثرة بثوب الحرية والكرامة , والتي طال ليل سكونها وصمتها , وتستشعر ضريبة وحدة تلك الشعوب والتفافها حول الراية العظمى – واقصد – راية الإسلام , فكيف إذا ما توحدت فلسطين !؟ وعادت مصر بقوة لقيادة العالم الإسلامي وقلبه العربي النابض من جديد .

باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية

رئيس تحرير صحيفة السياسي التابعة للمعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية

=========================

الحقيقة المغيبة في " الربيع العربي"

(إن المطالبة الشعبية العربية الواسعة بالحرية تستهدف الحقوق في الحريات العامة كمدخل إلى حقوق الانسان الأساسية في الخبز والعمل)

بقلم نقولا ناصر*

لقد كان الفتيل الذي أشعل موجة الاحتجاجات الشعبية العربية تونسيا. وقد كان الصاعق الذي فجر الانتفاضة الشعبية التونسية اقتصاديا، فطارق الطيب محمد البوعزيزي الذي اضرم النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد في السابع عشر من كانون الثاني / يناير الماضي كان يحتج أولا على إغلاق باب رزقه الذي حاول كسبه عبر "نفق" تحت سطح المنظومة الشرعية للقوانين والأنظمة المرعية - يذكر بالأنفاق التي حفرها المحاصرون في قطاع غزة الفلسطيني خارج إطار القانون و"الشرعية الدولية" التي حاصرتهم -فالخبز كان مبتغاه من الانتفاضة الشعبية العربية التي فجرها "انتحاره".

 

إن انتشار هذه الانتفاضة اليوم في أحزمة الفقر المحيطة بالمدن السورية والتي تضخم عديدها بضحايا الجفاف والتأقلم مع "العولمة" الاقتصادية دون أن تطال النخبة الثرية وشرائح الطبقة الوسطى في المدن الرئيسية هي المؤشر الأحدث إلى حقيقة أن المطالبة الشعبية العربية الواسعة بالحرية تستهدف الحقوق في الحريات العامة كمدخل إلى حقوق الانسان الأساسية في الخبز والعمل. فالأمل في العدالة الاقتصادية هو المحرك ل"الربيع الشعبي العربي"، وإذا لم تتحقق هذه العدالة فإن هذا "الربيع" قد يتحول سريعا إلى خريف، وهذه هي الحقيقة المغيبة في "الربيع العربي".

 

واليوم يجد نظام العولمة الأميركية الدولي أن مصلحته تقتضي تغييب هذه الحقيقة والتكيف مع المارد الشعبي العربي الذي استيقظ من سباته، للتركيز فقط على تفكيك الدولة العربية البوليسية التي جثمت طويلا على صدر هذا المارد برعاية من نظام العولمة ذاته، بغض النظر عن نظام الحكم فيها، جمهوريا كان أم ملكيا، لذلك يركز هذا النظام انتقائيا على "الإصلاح" في هذه الدولة، وهو في انتقائيته قد تخلى مثلا حتى عن الاصلاح ذاتهفي البحرين، بينما يغمض عيونه تماما عن الإصلاح في العراق لأن الشرط المسبق لنجاح أي إصلاح فيه مرتبط ارتباطا وثيقا بإنهاء الاحتلال الأميركي وإرثه، ويتجنب قادة العولمة أي حديث عن أي "ثورة" تقوض الأسس الاقتصادية لهذه الدولة التي خلقت الشروط الموضوعية لتفجر الاحتجاجات الشعبية العربية المستمرة، لأن في تقويض هذه الأسس مساس بالأسس الرأسمالية لنظام العولمة الأميركية الدولي ذاته، ولذلك نراه الآن يكاد يقود ثورة مضادة في تونس ومصر كي لا يتحول الإصلاح السياسي فيهما إلى ثورة اقتصادية.

 

فعلى سبيل المثال، اعتبر البنك الدولي مصر في سنة 2007 الدولة "الإصلاحية" الأولى في العالم، بالرغم من انعدام المساواة الذي لم يعد يطاق بين شريحة متنفذة ثرية تعتمد في نفوذها وثرائها على الانتفاع من الدولة البوليسية وبحمايتها وبين الأغلبية الساحقة المسحوقة فقرا من الشعب نتيجة لسياسات الخوصصة والعولمة التي فرضتها توصيات البنك وصندوق النقد الدوليين على مصر وسط بيئة استشرى فيها فساد النخب السياسية والاقتصادية، لتتضخم صفوف الحركات المتطرفة بالأعداد المتزايدة من اليائسين من الوضع القائم، والتي اتخذت ذريعة لتعزيز قوة الدولة البوليسية، التي تعززت قوتها كذلك بدعم القوة الأميركية العظمى لها مكافأة لها على دورها في الحرب الأميركية العالمية "على الإرهاب".

 

إن دعوة المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى وقف الاضرابات العمالية في مصر بعد وقت قصير من توليه مقاليد الحكم الانتقالية لا بد وأن يكون قد اصاب الدعامة العمالية الأساسية لنجاح ثورة 25 يناير (كانون الثاني)بالاحباط ، خصوصا وأن ملاحقة الثورة للفساد والفاسدين في عهد النظام السابق ليست وعدا كافيا بأن تكون الحريات العامة مدخلا إلى التحرر من الفقر والبطالة وانعدام المساواة الاقتصادية والاجتماعية، فالعدالة الاجتماعية كما يبدو حتى الآن هي وعد مؤجل في مصر، هذا إن كان يوجد وعد بها على الاطلاق، وهذا بدوره هو وعد بثورة اجتماعية لاحقة.

 

لقد كانت الجذور الاقتصادية للانتفاضة الشعبية العربية تتفرع وتتمدد طوال سنوات كثيرة، لكن صندوق النقد الدولي الذي يعود إليه الفضل الأول في زرع أشتال هذه الجذور يبدو مؤخرا وكأنما تنبه بعد فوات الأوان للنتائج العكسية لتوصياته وسياسياته. ففي تقريره الاقتصادي الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، اي الوطن العربي الكبير، الذي نشر في السابع والعشرين من الشهر الماضي قال إن "الغليان السياسي في المنطقة يبين بأن السياسات التي تستهدف النمو الاقتصادي في المنطقة في بلدان مثل تونس ومصر قد فشلت في تلبية احتياجات سكانها لأن "الأحداث التي تتكشف الآن تجعل من الواضح أن الإصلاحات .. لا يمكن أن تكون مستدامة ما لم تخلق وظائف لقوة العمل المتنامية بسرعة، وتكون مصحوبة بسياسات اجتماعية للأكثر ضعفا".

 

وقد صدر هذا التقرير غداة نداء مشترك من البنك والصندوق الدوليين من أجل تقديم دعم عاجل لاقتصاديات المنطقة، ليس حبا بها وبأهلها بل لأن "الاضطرابات السياسية" فيها يمكنها أن "تخرج النقاهة الاقتصادية العالمية (الأميركية والأوروبية بصفة رئيسية طبعا) عن مسارها". لقد كشف الربيع الشعبي العربي ليس فشل وصفات المؤسستين فقط بل وكشف فشلهما في التنبؤ بالنتائج العكسية لسياساتهما التي تهدد الآن بتغيير الوضع الراهن الذي ساد طوال سنين بدعم صريح وضمني منهما، وهو الوضع الذي يحاول الأميركيون والأوروبيون المتحكمون في المؤسستين اليوم إنقاذه بالدعوة إلى الإصلاح السياسي دون الاقتصادي، متجاهلين حقيقة أن النخب السياسية الحاكمة التي سقطت أو هي مهددة بالسقوط حاليا قد يجرفها الغضب الشعبي العربي، لكن النخب الاقتصادية التي أفرزتها سياسات وتوصيات المؤسستين كفيلة باستنساخ نخب سياسية مماثلة جديدة إذا لم يجرفها المد الشعبي بدورها، وإلا فإن الإصلاح السياسي دون ثورة اقتصادية سوف ينتهي إلى انتصار لثورة اقتصادية مضادة في نهاية المطاف سرعان ما تفرز نخبا سياسية مستنسخة من النخب السياسية التي أسقطت، تحظى طبعا بدعم البنك وصندوق النقد الدوليين لكلا النوعين من النخب.

 

إن صندوق النقد الدولي يتوقع تراجعا للنمو الاقتصادي (إلى 1% لمصر و 1.3% في تونس) وارتفاعا قي أسعار السلع خلال العام الحالي في الأقطار العربية التي تجتاحها الاحتجاجات الشعبية، مما يعني في المدى القصير مزيدا من الاحباط الاقتصادي الذي كان دافعا رئيسيا للملايين إلى الشوارع. لكن الاقتصار على الاصلاح السياسي دون الاقتصادي ينذر بإحباط أخطر في المدى الأطول في الدول العربية مجتمعة بسكانها الثلاثمائة والخمسين مليون نسمة الذين يحتاجون إلى ثمانين مليون وظيفة خلال الخمسة عشر عاما المقبلة وبخاصة بين الثلثين منهم ممن هم دون سن الخامسة والعشرين من العمر الذين يزيد معدل البطالة بينهم على معدل البطالة العام في الوطن العربي الذي يبلغ ضعف المعدل العالمي.

 

وإذا كان المعدل الرسمي للبطالة بين الشباب في دولة عربية نفطية رئيسية مثل العربية السعودية يبلغ (26%) فإنه يمكن تصور مدى استفحال مشكلة البطالة بين الشباب في الدول العربية غير النفطية، حيث توصل التقديرات غير الرسمية هذا المعدل إلى سبعين في المئة في أقطار المغرب العربي. وقد علق أحدهم على حقيقة ان القطاع النفطي الذي يمثل أكثر من ستين في المئة من إجمالي الناتج المحلي في ليبيا، على سبيل المثال، ويشغل ثلاثة في المئة فقط من السكان بالتساؤل عما يعمله بقية الليبيين.

 

إن حقيقة مثل كون الدول العربية الاثنتين والعشرين مجتمعة يقل إنتاجها الاقتصادي عما تنتجه إيطاليا بملايينها الستين الذين يزيدون قليلا على سبع مجموع العرب جديرة بأن تبقي الملايين العربية في الشوارع دون أن تغادرها قبل أن تتأكد بأن الحرية التي تطالب بها اليوم هي حقا مدخل إلى العدالة الاقتصادية والاجتماعية وليست قطار حرية سوف يتوقف في منتصف الطريق عند محطة إصلاح سياسي لن يكون مستداما بالتأكيد دون رديف اقتصادي يدعمه.

 

إن الرشاوى الاقتصادية ليست بديلا للاصلاح الاقتصادي، فالعشر مليارات دولار أميركي خليجية، مثلا، التي تعهدت بها دول الخليج العربية للبحرين وسلطنة عمان قد تساهم في تأجيل الانفجار الاقتصادي فيهما، لكن إلى حين فقط، ومثلها العشرين قرارا التي اصدرها خادم الحرمين الشريفين مؤخرا لاحتواء مضاعفات الربيع الشعبي العربي على المملكة العربية السعودية، والتي قدر الحجم المالي لها بمبلغ (350) مليار ريال سعودي. فالمملكة التي تحتاج إلى خلق أربعة ملايين ومائتي ألف وظيفة جديدة للسعوديين حتى عام 1015 لم تقدم "حلولا جذرية لعلاج مشكلة البطالة" ولا عالجت "مختلف جوانب الإشكاليات المعيقة لإصلاح سوق العمل" ومنها "عدم توفر الأجواء المناسبة لتنفيذ القرارات واللوائح المنظمة لهذه السوق من ناحية والشيخوخة التي أصابت هذه القوانين من ناحية أخرى" كما كتب تركي فيصل رشيد آل رشيد مؤسس ومدير موقع انتخاب كوم الالكتروني السعودي.

 

إن المسكنات مثل زيادة الرواتب وصرف رواتب للعاطلين عن العمل وتعليق إلغاء الدعم للسلع الأساسية، إلخ، قد تخفف الاحساس بالألم الاقتصادي لكنها لا تقضي عليه ولا على المرض المسبب له. إن القرار الملكي السعودي بتفعيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والمحاكمات الموسمية لبعض رموز الفساد في بعض الدول العربية بين وقت وآخر هي سحابة دخان شفافة لا يمكنها أن تغطي على حقيقة السياسات الاقتصادية المولدة بطبيعتها للفساد كجزء لا يتجزأ منها، تماما مثلما هي البطالة جزء لا يتجزأ من النظام الرأسمالي الذي بنيت هذه السياسات على أساسه.

 

في ورقة ساهمت بها في ندوة بعنوان "الثورة العربية الجديدة: ماذا حدث بالضبط؟ ولماذا لم ير أحد أنها آتية؟ وماذا تعني؟ وماذا يعقبها؟" نشرت أوراقها مجلة "فورين أفيرز" في عددها لشهري أيار / مايو – حزيران / يونيو 2011 شرحت دينا شحاتة من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية كيف أنتج "التحالف غير المقدس" بين نخب رجال الأعمال وبين النخب السياسية/العسكرية ما يسمونه في أوروبا "الفاشية"، وهو التحالف ذاته الذي أنتج انظمة الاستبداد العربية في الحكم ونقيضها العنيف المتطرف ضد الحكم.

 

وإذا لم يقترن تفكيك الدولة العربية القطرية البوليسية بتفكيك هذا الحلف "غير المقدس" بين تلك النخب فإن "الربيع العربي" سيكون على موعد قريب مع خريف ثورة مضادة تعده فقط بالمزيد من الاستبداد في الحكم والتطرف ضده.

 

وما زالت دولة التجزئة العربية هي الحاضنة الموضوعية للاستبداد والتطرف والاستقواء بالأجنبي من أجل البقاء، وما زالت وحدة الأمة، عربيا وإسلاميا، هي الحاضنة الموضوعية والطبيعية للحرية السياسية والاقتصادية والفردية والقادرة بقوتها الذاتية على الاستغناء عن الأجنبي. في كتابه "أعمدة الحكمة السبعة"، كتب الضابط في الاستخبارات العسكرية البريطانية و"المستشرق" توماس إدوارد لورنس، المعروف ب"لورنس العرب"، في مذكرة سرية مؤرخة في كانون الثاني/ يناير 1916 يقول إن الثورة العربية التي دعمتها بريطانيا ضد الخلافة العثمانية ستكون "مفيدة لنا، لأنها تتطابق مع أهدافنا المباشرة، لتفكيك الكتلة الاسلامية، وهزيمة الامبراطورية العثمانية وتمزيقها، ولأن الدول التي ستنشأ خلفا للأتراك لن تكون ضارة بنا. لا بل إن العرب أقل استقرارا من الأتراك، وإذا تمت إدارتهم بطريقة صحيحة، فإنهم سوف يظلون فسيفساء سياسية، .. عاجزين عن التماسك السياسي". ويبدو أن صناع القرار العرب اليوم حريصين على إثبات صحة نبوءة لورنس.

* كاتب عربي من فلسطين

nicolanasser@yahoo.com

=========================

الإعلام السوري يصنع الطرائف..

والمواطن الياباني يقول: ما يخالف!

خطيب بدلة - قاص وكاتب من سورية

كتب أديبٌ سوري معروف، لا داعي لذكر اسمه، على صفحته الخاصة في مملكة الفيسبوك الافتراضية، الملاحظةَ التالية: إلى جميع مرضى القلب، والربو، وارتفاع الضغط الشرياني، والقصور الكلوي الحاد، أنصحكم بالابتعاد، ما أمكن، عن مشاهدة الفضائيات الحكومية السورية، إضافة إلى فضائية 'الدنيا' غير الحكومية، وذلك حرصاً على حياتكم، فالحياة، كما لا يَخفى على حضراتكم، لا تُعطى للإنسان مرتين!.

 

ولكن.. لم يبين لنا ذلك الأديبُ، الأريب، النحرير، ما الذي يجب علينا فعله، نحن المواطنين السوريين الغلبانين العائفين رَدَّ السلام؟.. وكيف نحصل على حقيقة ما يجري في وطننا الحبيب من أحداث يقال إنها دامية؟..

 

هل نذهب - والعياذ بالله - لنشاهد القنوات الفضائية التي أكدت لنا وسائلُ إعلامنا المناضلة بأنها قنوات فتنة، متآمرة، مرتبطة بالاستعمار والإمبريالية وكافة القوى العالمية المناهضة للمقاومة والممانَعَة والثوابت القومية والوطنية التي ترفع شعاراً أزلياً هو (الله محيي الثابت)؟

 

الغريق، كما تعلمون، يتعلق بقشة ولذلك ولأن معظمنا أصبنا أثناء اشتراكنا، عبر عشرات السنين، في مقاومة الغزو الثقافي، والهجمات الإمبريالية الشرسة، بتلك الأمراض الخطيرة التي تحدث عنها زميلُنا الأديب، إضافة إلى أمراض جانبية، كالفتاق، والقيلة المائية (وهذان المرضان ينجمان عن الهتاف والتعييش والتسقيط)، والطفح الجلدي، ووجع الظهر، والدوخة، والإحساس الدائم بالوهن والدوخة.. فقد توكلنا على الذي لا تغمض له عين، وتوجهنا لمشاهدة قنوات الفتنة التي عددوها لنا بالاسم وهي: 'الجزيرة' القطرية، و'العربية' السعودية، و'الحوار' الفلسطينية، و'بي بي سي' البريطانية، و'فرانس 24' الفرنسية، و'الحرة' الأمريكية.. فماذا وجدنا؟

 

الياس مراد

وجدنا أن أساطين الإعلام السوري وجهابذته وعباقرته التاريخيين الأشاوس، قد سبقونا إلى تلك المحطات الحقيرة! و(تَبَرْوَظوا) على شاشاتها بثيابهم الأنيقة، وربطات عنقهم التي تصل الى خصاهم، في نقل حي ومباشر عبر الأقمار الصناعية، أو عبر الاتصالات الهاتفية التي تترافق بصورة الإعلامي السوري (الأشوس) وهو يضع سماعة الهاتف على أذنه بأكابرية عز نظيرها...

حجتهم في ملاقاتنا إلى تلك الفضائيات هي أنهم لم يذهبوا إليها اعترافاً منهم بشرعيتها، وبمصداقيتها، وبحرفيتها الإعلامية الكبيرة، حاشا وكلا، وإنما من أجل مهاجمتها في عقر دارها، وتكذيبها، وتفنيد مزاعمها، وفضح عملية ارتباطها بالدوائر الاستعمارية، ودحض الأخبار التي تفبركها، والطعن في صحة مقاطع الفيديو التي تبثها، ومن ثم الانتقال إلى الشق الهجومي من العملية، وهو التأكيد على أن البديل الممكن الوحيد لكل ما يشفي الغليل من الأخبار الصادقة، والحصول على (الحقائق) الدامغة التي لا تخر الماء، ليس له سوى طريق واحد لا يمرُّ من فوهة بندقية - كما غنت كوكب الشرق أم كلثوم - وإنما من فوهة الوثوق بالإعلام السوري الذي شكا العالمُ كله من أن شعاره هو التعتيم الشامل إلى حد أنه لا يمكن ل 'زرقاء اليمامة' المشهورة ببعد النظر أن تلمح فيه بصيص ضوء، بينما أكد نقيبُ الصحافيين الظريف الياس مراد، نفسه، في اتصال معه على قناة (روسيا اليوم) أنه لا يوجد تعتيم إعلامي في سورية بتاتاً!..

 

 مما أوحى لنا أن ما نشاهده نحن، ونحاكمه بعقولنا القاصرة، لا يمكن أن يرقى إلى الفطنة التي يتمتع بها نقيبُ صحافيينا الذي زعم مبغضوه وشانئوه أنه عَترس في الثانوية العامة (البكالوريا) بضع سنوات، من دون أن يتمكن من الحصول عليها، بينما الحقيقة أنه حاصل على لقب الدكتوراه الذي كان أديبنا الكبير الراحل حسيب كيالي يسمي حاملَهُ (الدال نقطة!) من إحدى الدول التي انفرطت عن دول المعسكر الاشتراكي..!

وعلى الرغم من أن الصحافية رشا عمران كتبت، ذات مرة، على الفيسبوك، عبارةً تشبه نداءات الاستغاثة التي يطلقُها أهالي المدن المحاصرة، قالت فيه (كرمال الله أسكتوا الياس مراد!)، إلا أن الرجل - للحقيقة والتاريخ - يتمتع بشفافية عالية تجاه ما يجري من أحداث، ويُبدي استعداداً دائماً للدفاع عن الصحافيين، في ما لو تعرضوا للاضطهاد، وهذا احتمال مستبعد، (قصدي احتمال تعرض الصحافيين للاضطهاد في دول الممانعة)، وإن تعرض أحدهم لسوء، كما حصل للسيدة سميرة المسالمة، رئيسة تحرير جريدة 'تشرين'، حينما اتصلت بها قناة الجزيرة، وسألتها عما يجري في درعا، فغرغرت عيناها بالدمع وقالت: رجال الأمن هم الذين يقتلون الأهالي!فما هي إلا دقائق حتى أقيلت من عملها،

 

ووقتها هب نقيب الصحافيين الياس مراد هبة عظيمة، وقال كلمته التاريخية: إن إقالة سميرة المسالة وتعيين رئيس تحرير آخر مكانها يدخل في سياق عملية الإصلاح التي تمضي قُدُماً في البلاد..

الأمر الذي جعلنا نحن المواطنين الغلبانين نترحم على شاعرنا وفيلسوفنا العظيم أبي العلاء المعري الذي أورد، في رسالة الغفران، بيتَ شعر منسوب إلى شاعر يدعى الجحجلول قال فيه:

صلحتْ حالتي إلى الخلف حتى صرتُ أمشي إلى الورا زقفونه!

خالد العبود

لا يدري أحد، على وجه التحديد، كيف لمع نجم عضو مجلس الشعب السوري خالد العبود في مجال الإعلام الفضائي.. فمع بداية الاحتجاجات الشعبية المُطالبة بالحرية والإصلاحات في سورية، فتحنا أعيننا، فوجدنا رجلاً على قدر كبير من الهيبة، والشبوبية، تتصل به الفضائيات (المتآمرة) إياها، لتسأله عن رأيه في ما يجري، وما هي إلا جملة أو جملتان، وقبل أن يتمكن المذيع المسكين من إتمام سؤاله، ينهمرُ عليه السيد العبود، كجلمود الصخر الذي حطه السيلُ من عل، ويبدأ بالحديث (بطريقة الرامي رَشَّاً) عن العصابات، والمؤامرات، والمندسين، والمخربين، وسلسلة الإصلاحات المُجَهَّزة على هيئة رزم (والرزمة هي 'الدستة'، ويقال لها في السعودية 'الدرزن'، وتتألف من اثنتي عشرة قطعة)، وهو، أي العبود - للأمانة - لا يريد أن يكون ببغاء، يردد رأي الإعلام السوري الذي أسسه المرحوم أحمد اسكندر أحمد في السبعينيات، وما يزال معمولاً به، من دون أي تعديل يذكر، حتى لحظة إعداد هذه المقالة.. بل إنه يحب أن يجتهد، ويبتكر، ويأتي بأشياء من عندياته، منها أنه قال ذات مرة بأن مجلس الشعب بشكل عام، وهو بشكل خاص، لا يقبل برفع حالة الطوارىء حتى ولو طلب رئيسُ الجمهورية رفعها (شوفوا الجرأة والجسارة)!

خالد العبود عضو في الحزب الوحدوي الاشتراكي (فرع فايز اسماعيل)، وقد وصل إلى مجلس الشعب عن طريق قوائم الجبهة الوطنية التقدمية التي يُعتبر كل من يُدرج اسمُه فيها ناجحاً، وبإمكانه أن يحتفل بالنجاح، قبل أن تُجرى الانتخاباتُ من عين أصلها!.. ومعروفة هي الطرفة التي يتناقلها السوريون عن محل تجاري افتتح قبل سنوات طويلة، كُتبت على واجهته، بالخط العريض، العبارة التالية: دكان الجبهة الوطنية التقدمية.. لصاحبها حزب البعث العربي الاشتراكي!

العباقرة الاستراتيجيون

يقول المثل الشعبي، إن معادن الرجال تظهر في الملمات، والنائبات، والكوارث..

هذا المثل لم يف بالغرض الذي نحن بصدده، ففي الأحوال السورية المضطربة، لم تظهر معادن الرجال على حقيقتها وحسب، بل ظهر رجالٌ لم يكن أحد من السوريين (أو غير السوريين) يعرف عنهم إلا القليل، كخالد العبود الذي ذكرناه أعلاه، ومحمد الآغا، وأحمد صوان، والدكتور القانوني عصام التكروري الذي يتحدث رشاً، ويلقي بأرقام خرافية على أنها حقائق، من ذلك أنه قال للجزيرة مساء الأربعاء الرابع من أيار (مايو) إن العصابات الموجودة في سورية اليوم، لو وجدت في أية دولة أوروبية لسقط المئات من القتلى، بل الألوف، ولبلغ عدد المعتقلين الألوف، بل عشرات الألوف.

رويت- في هذه الأثناء - طرفة عن ياباني يتمتع بذكاء خارق، صار يعاني من صداع قوي، بسبب شدة الذكاء، فما كان منه إلا أن اخترع جهازاً يُربط على الرأس، ويتصل بمآخذ كهربائية، وفي كل دقيقة يُنقص خمساً من وحدات قياس الذكاء.

 

الرجل وضع الجهاز على رأسه، ووصله في المآخذ، وأوصى زوجته أن تفكه بعد ربع ساعة. ولكنها نسيته ساعتين، فلما فكت المستورة التوصيلات، وسحبت المآخذ، ورفعت الجهاز عن رأس زوجها، وقالت له، باللغة اليابانية طبعاً: أنا آسفة. نسيتك.

فقال لها بالعربية: ما يخالف!

وبعد قليل رن موبايله، وإذا بقناة فضائية تتصل به، وتسأله رأيه في الأحداث..

الإعلام السوري يصنع الطرائف.. والمواطن الياباني يقول: ما يخالف!

======================

قراءة في لقاء بثينة شعبان مع نيويورك تايمز

الدكتور عثمان قدري مكانسي

تحت عنوان : " انتهت مرحلة الخطر " قالت بثينة شعبان مستشارة رئيس النظام السوري يوم الثلاثاء 10- 05- 2011: إن المرحلة الأخطر في ما يجري في سوريا قد انتهت، وكانت ترد علىاحتجاجات خجولة من المجتمع الدولي لحصار الجيش السوري عدة مدن وبلدات.

وقالت شعبان في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز" إن اللحظة الأكثر خطورة قد تم تجاوزها ". وتابعت "أعتقد أننا نعيش بداية نهاية هذه القصة"، وزادت "لا يمكن أن نتسامح مع التمرد المسلح".

وكانت بثينة قبل أكثر من شهر ونصف حين بدأت التظاهرات والاحتجاجات تطالب بحرية الشعب خرجت تعرض بعض التغيير الهزيل والإصلاحات التي انقلبت تهديدا ووعيداً للشعب الذي تجرأ بعد أكثر من ثلاثة عقود على المطالبة بحقه في الحرية والعيش الكريم ، ثم غابت ترصد وأسيادها مع أزلامهم من قطعان الأمن والسائمة الشبحية هذه المظاهرات التي اندلعت بقوة تطالب بهذه الحقوق المسلوبة ، وبدأ النظام الذي اعتاد أن يشكم الشعب ويدوسه ، ويسلب حقوقه يعد العدة للانقضاض عليه وترهيبه والتخطيط لقتل الآلاف من شبابه وزج عشرات الألوف منه في السجون والمعتقلات ، فأرسل عبيده وكلابه تصطاد الآمنين وتقتل منهم المئات والعشرات كل يوم ، ثم دهم جيشها الوطني ! مدن العدو المسكين ! يقتل ويعتقل هؤلاء الشباب الذين يطالبون بحقوقهم المسلوبة بمباركة من أم الحريات العالمية ( الولايات المتحدة الأمريكية التي أعلنت على لسان وزيرة خارجيتها أنها تنتظر أن يعود النظام السوري إليى الحظيرة الأمريكية وقد سيطر على البلاد – طبعاً ولو أراق الدماء وسفكها بغزارة - ) .

تعلن بثينة شعبان أن النظام القاتل في سورية والذي تباركه أم الحريات في العالم فهم الرسالة وحوّل مسار الجيش الرابض على ثغور البلاد إلى العدو الحقيقي للنظام الحاكم الذي ما يزال وريثه يتابع مسيرة والده المقبور في الحفاظ على أمن الدولة العبرية ، وعلى هذا فمن حقه أن يكون العالم الغربي راضياً عنه في كل تصرفاته القمعية لشعبه المصابر ..

هذه دول حقوق الإنسان ! التي ترى في الحاكم الديكتاتور الذي يخدمها بإخلاص نظاماً ينبغي أن يبقى مسيطراً على الدول الأخرى يحكمها بالنار والحديد ما دام يسير في ركبها ويعمل بإرادتها .

 "إن اللحظة الأكثر خطورة قد تم تجاوزها" على قول بثينة شعبان تعني أنه النظام الذي قتل أكثر من ألف شهيد حتى كتابة هذا المقال يستحق أن يظل مرضيا عنه وأن ينال الحظوة لدى سادته ، لا

أن يسقط كما سقط سابقاه في مصر وتونس ، وأنه ما يزال قادراً على خدمة سادته الذين بوأوه حكم البلاد ، وبأسلوب التجارة الاستهلاكية " ما يزال صالحاً للاستهلاك " ولما تنتهِ صلاحيته كما انتهت صلاحية سابقَيه .

تقول الناطقة باسم سيدها " "أعتقد أننا نعيش بداية نهاية هذه القصة" فقد كانت القصة رهيبة على مصير النظام وقضّت مضاجعه ، فما كنا نسمع لرئيسه ولا لمجلس وزرائه ولا مسؤوليه حساً ولا نبساً ، فقد تركوا لقوات الأمن وميليشياته المسلحة وشبيحاته القذرة وجيشه الباسل مهمة القضاء على صوت الأحرار ، لتعود الرويبضات تسرح وتمرح كما تشاء دون حسيب ولا رقيب وتمتص الدماء كما كانت لا يمنعها مانع ..

وسيخيب ظن النظام – إن شاء الله تعالى – فأرحام النساء ما تزال تدفع بالرجال إلى الساحات ، ولن يزيد الشباب ولا الرجال هذه القسوة ُوهذه الدماءُ التي سالت في سبيل الحرية إلا تصميماً على نيل الحق .

والعجيب أن الدجالة الكاذبة لا تخجل من ليّ الحقيقة واتهام الآخرين بما في النظام الأسدي من صفات ، فقد قالت"لا يمكن أن نتسامح مع التمرد المسلح". فأين التمرد المسلح الذي تأباه هذه الناطقة باسم سيدها ؟ ومن الذي حمل السلاح وكانت عصاباته تقتل المتظاهرين الذين أصروا على السلمية في المظاهرات والمطالبة بالحق المهضوم؟ . إذا لم تستح فاصنع ما شئت ! هذا هو النظام الذي طلب من عصاباته أن تقتل العشرات يومياً ، واتهم المتظاهرين بأنهم مندسون تارة وسلفيون تارة وعملاء للخارج تارة – وقد ثبت لكل ذي عينين أن العميل للخارج هو النظام الحاكم في سورية - والعالم الصامت شاهد على ذلك . فمن الذي تمرد على الآخر ؟ الشعب المطالب بالبدهيات أم المتنفذ الذي يملك كل أنواع الدمار ؟

وادّعت بثينة شعبان أن ما حدث في سوريا يمكن اعتباره فرصة يجب انتهازها للتقدم في عدة مجالات وخصوصا في المجال السياسي.

والعاقل يدري أن النظام لو كان يريد الإصلاح حقيقة لم يُحِج الشعب إلى هذا الحراك السلمي ابتداءً ! وما نظنها صادقة في ادّعائها هذا – وإن كنا نودّ ذلك – فمن كان صادقاً في الإصلاح لم يقابل شعبه بالقتل والاعتقال والتعذيب ، ولم يعلن أنه تجاوز خطورة المرحلة وأنه يعيش نهاية القصة وأنه لن يتسامح مع التمرد ، فهذا تصريح يدل على حقيقة نظام قمعي لا يرى في الساحة غير ذاته ولا يسمح بأقل هامش من الحرية لشعبه .

ومما يثبت التأزم الذي يعيشه النظام المتهالك أن الصحفي – في نيويورك تايمز - الذي دخل سورية لمقابلة بثينة شعبان وأجرى المقابلة معها أشار إلى أنه لم يحصل على إذن بالبقاء في سوريا لأكثر من ساعات فقط، لإجراء المقابلة.

=========================

بعد رحيل النظام السوري .. المنطقة ستكون أكثر أمناً.

الطاهر إبراهيم*

يسعى النظام السوري إلى تخويف أنظمة الحكم في المنطقة من زعزعة استقرارها إذا رحل النظام بفعل الاحتجاجات التي تجتاح سورية اليوم وجاء حكم آخر. وذلك ليمنع دول المنطقة من تقديم أي مساعدة إلى الشباب السوري الثائر. وسيلة النظام في بث هذا التخويف إعلامه الذي لا يتورع عن تزوير الحقائق، وأنصار النظام في لبنان أمثال فلان وفلان و...

من هذا القبيل مازعمته صحيفة "واشنطن بوست" الصادرة في بيروت أنه (إذا سقطت سوريا فلنتوقع "سيناريو يوم القيامة"، محذرة من أن سقوط نظام"الأسد" سيحدث فوضى غير مسبوقة في المنطقة". وأن لبنان يبدو الضحية الأبرز لسيناريو كهذا، ولا يمكن تخيل اضطرابات تندلع في سوريا من دون أن تطاول شظاياها لبنان المجاور)... فهل هذا صحيح؟

على خلفية كلام الصحيفة يثور سؤال يفرض نفسه: هل كان النظام السوري عامل استقرار وتوازن في المنطقة على مدى أكثر من أربعين عاما من حكم الرئيس حافظ أسد وحكم خلفه الرئيس بشار أسد، فيخوفوا اللبنانيين من البديل؟

حتى نستطيع الإجابة على هذا السؤال ننظر: أكان لبنان مستقرا عندما خضع لتدخل عسكري سوري في عهد الرئيس حافظ أسد في سبعينات القرن العشرين وثمانيناته، حيث كان الجيش السوري مشاركا فعالا في القتال ضد المسيحيين والفلسطينيين على السواء، وكان وصيا على لبنان في تسعينات القرن العشرين بعد اتفاق الطائف؟

بعد موت الرئيس حافظ أسد خلفه الرئيس بشار أسد فأخضع لبنان إلى حكم مباشر. وفرضت سورية تمديدا للرئيس "إميل لحود" خلافا للدستور ما أضر باستقرار لبنان . كما اغتيل رئيس الحكومة الأسبق "رفيق الحريري" في 14 شباط عام 2005، ثم ليضطر الجيش السوري للانسحاب في 26 نيسان 2005. بعد ذلك تم اغتيال عدة شخصيات لبنانية سياسية وصحفية يعارضون النظام السوري. وما يزال لبنان يعيش وضعا قلقا. فلا تتشكل حكومة حتى تسقط بانسحاب وزراء من حلفاء النظام السوري، وهكذا! فإذا كان من خوف على استقرار لبنان، فهو الخوف من النظام السوري وحلفائه في لبنان، وليس -كما زعمت "واشنطن بوست"- من حكم سوري يخلف النظام، وكل الدلائل تقول أنه سينبثق من فعاليات شعبية.

من جهة أخرى، فقد عاشت مكونات الشعب السوري بعد الاستقلال، -وقبله أثناء الاحتلال الفرنسي- بوئام وسلام وطني. فلم تشهد سورية أي فتنة طائفية أو قومية حتى جاء آذار عام 1963، عندما استلم حزب البعث الحكم حيث بدأت الفتن. لذا فإن التخويف من عدم استقرار تعيشه سورية لا مبرر له، إذا ما أطيح بالنظام الحالي بشكل أو بآخر. وهاهي تونس ومصر لم تشهدا أي اضطراب شعبي في أي منهما بعد الإطاحة بالحكم فيهما. وحتى ما كان يحدث من احتكاكات بين المسيحيين والمسلمين في مصر، لم يعد يحدث في مصر.

في المقلب الآخر، فقد شهدت دول الجوار العربي مؤامرات تحاك ضدها من النظام السوري ،خصوصا في عهد الرئيس حافظ أسد. فكانت عناصر من أجهزة أمن النظام تقوم باغتيالات في دول الجوار. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تم اغتيال الضابط البعثي عضو قيادة مجلس قيادة ثورة آذار اللواء العلوي "محمد عمران" في لبنان في14 آذار عام 1972. كما أرسل النظام السوري مجموعة بقيادة العقيد "عدنان بركات" في عام 1981 لاغتيال رئيس الوزراء الأردني الأسبق "مضر بدران"، لكن المحاولة فشلت وقبض على المتآمرين وحوكموا ثم عفا عنهم الملك الراحل حسين.

الدول الأوروبية نفسها لم تسلم من محاولات زعزعة الأمن فيها من قبل النظام السوري في عهد حافظ أسد. فقد أرسل النظام عملاءه لاغتيال معارضين في المدن الأوروبية. فتم اغتيال صلاح البيطار بمسدس كاتم للصوت في باريس فيتموز1980، وهو أحد مؤسسي حزب البعث عام 1947، وكان رئيسا لحكومات بعثية في أكثر من مرة. كما اغتال النظام السيدة بنان بنت الشيخ علي الطنطاوي –رحمهما الله تعالى- وزوجة الداعية الكبير الأستاذ "عصام العطار" عام 1981 في "آخن" في ألمانيا. كما اغتال النظام الداعية الإسلامي السوري "نزار صباغ" في اسبانيا في 22 / 11 / 1981، ودفن في غرناطة يرحمه الله تعالى.

يبقى أن نؤكد أنه سقطت وإلى الأبد "الفزاعة" التي كانت تشهرها الأنظمة القمعية في المنطقة عندما كانت تزعم أن البديل عنها هو تيارات إسلامية متطرفة. فقد سقط النظامان المصري والتونسي. ودخل التيار الإسلامي في كلا البلدين كواحد من تيارات نشطت من خلال لعبة الديمقراطية.

في سورية لن يكون الأمر على خلاف ما جرى في مصر وفي تونس. فرض النظام الحالي نفسه بانقلابات أشاعت القمع والاستبداد في سورية. وعندما يدعى الشعب السوري كي يحكم نفسه، فسيجد من الكفايات الشعبية لإدارة شئونه بنجاح من خلال نظام مدني يعتمد التعددية والتبادلية عبر صناديق الاقتراع، ولا يحتاج هذا الشعب إلى وصاية من أحد.

*كاتب سوري

=========================

المثقفون نبض الأمة وبوصلتها

محمد فاروق الإمام

المثقفون في كل أمة هم النبض الحي الذي يخفق بمشاعرها والبوصلة التي تصحح مسارها.. فتاريخ أي أمة عند الحديث عنها لابد من الاستشهاد بمقولات حكمائها وعقلائها وشعرائها وأدبائها وخطبائها فهم الرموز الذين تستهدي الشعوب بشموع حكمتهم وقناديل معرفتهم ومصابيح استشرافاتهم.

في بلدي سورية من الصعب – إن لم يكن من المستحيل – الوقوف على آراء المثقفين فيها وهم الضحية الأولى لقمع النظام السادي الجاهل الأحمق، الذي يقرب أهل الولاءات ويبعد أهل الكفاءات، ويستشير المتملقين والوصوليين، ويدير ظهره للعقلاء والصادقين، ويقرب تجار المخدرات على أنهم وجوه المجتمع، ويبعد قادة الأمة ومفكريها ونخبها الوطنية، فالمثقفون في بلدي موزعون في المنافي أو خلف قضبان الزنازين أو في قبور جماعية، والذين هم على الساحة السورية الآن نفر قليل ممن وضعوا أنفسهم في مواجهة النظام يكشفون أكاذيبه وأباطيله وافتراءاته رغم معرفتهم بالمصير الذي ينتظرهم من قبل نظام لا يحتمل كلمة انتقاد أو كلمة حق يفندون بها أكاذيبه ودعاويه الباطلة، وقد شهدنا خلال الأيام القليلة الماضية اعتقال أمن النظام لأهم شخصيات المعارضة في الداخل (حسن عبد العظيم الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي، والنائب السابق رياض سيف، والإعلامي فائز سارة وغيرهم)، وفئة مثقفة باعت نفسها للشيطان بثمن بخس وارتضت أن تكون بوقاً للسلطان تسوّغ فعاله وتسوّق أعماله وتبرر جرائمه، يسبحون بحمد القائد الملهم والرجل الضرورة والمخلوق الذي عقمت أرحام السوريات عن ولادة مثيل له.

وفي هذا السياق أنقل ما دار بين المذيع جمال الريان وبين أحد هؤلاء المثقفين في نشرة حصاد اليوم التي بثتها قناة الجزيرة في الثامن من أيار الحالي، حيث استضافت القناة عبر الهاتف من دمشق المثقف والإعلامي المعروف شريف شحاته الذي سأله المذيع جمال الريان عقب الانتهاء من عرض تقرير عما يجري في سورية من أحداث وعن توريط الجيش الوطني في مهمات قمعية لا تليق بالجيش السوري الذي بني على عقيدة الدفاع عن الوطن وحماية الشعب: هل من تفسير لتوالي دخول الجيش والدبابات إلى مدن سورية؟

شحاته: إن التقرير المنحاز وغير المهني الذي قدمتموه في بداية النشرة عما يجري في سورية، وقلتم إن هناك مظاهرات تمت ولم يحدث أي تصادم مع أجهزة الأمن في حين يسقط ضحايا في مظاهرات أخرى، فهذا يعود لكون المظاهرة سلمية وليس بينها إرهابيين أو مندسين فإنه لن يكون هناك أي إشكالات، ولكن إذا وجد في المظاهرة مخربين أو مندسين فإنه لابد لأجهزة الأمن التعامل معها بحزم وقوة وملاحقة هؤلاء الإرهابيين، وأن السيد الرئيس اتخذ، وأمر، وشكل، ووعد.. إلخ.

لم يحتمل المذيع جمال الريان تبريرات هذا الإعلامي عما تقوم به أجهزة الأمن والكلمات الهابطة التي يصف بها المتظاهرين السلميين، فسأله بحدة:

على التلفزيون السوري نشاهد قوافل الشهداء من الأمن الذين سقطوا، هل يعقل أن يكون هناك شهداء سقطوا من رجال الأمن ولا يكون هناك شهداء من المحتجين الذين تعترض على عرضهم على شاشة الجزيرة، وإذا لم يكن هناك متظاهرين كما تقول فلماذا تدخل الدبابات إلى المدن والقرى؟

شحاته: المتظاهرون الذين يتظاهرون بشكل سلمي لا أحد يقترب منهم، الذين يقتربون منهم هؤلاء من الإرهابيين الذين أدخلوا كميات كبيرة من الأسلحة.. لا يمكن لدولة عاقلة في العالم أن تقبل بمثل هذا الوضع، وأسألك من قتل رجال الأمن ومثل بجثثهم؟

جمال الريان: لماذا لم تعرضوا ولو لمرة واحدة نجاح الأمن في اعتقال هؤلاء الإرهابيين المزعومين، ولماذا لا تسمحوا لوسائل الإعلام العالمية بالدخول إلى سورية وتصوير ما يجري فيها بشفافية وحيادية.. وأؤكد ثانية لماذا لا تعرضون صور الشهداء المحتجين على التلفزيون السوري؟ وقفل معه الخط.

في بلدي سورية تُحاصر المدن بالدبابات والمدرعات والفرق العسكرية والأمنية، ويمنع عنها الحليب والماء والغذاء والاتصالات، ويقمع الإنسان وتصادر الحريات، وتسيل الدماء وتجز الرقاب، ويختفي الرجال وتنتهك الحرمات والمقدسات، ويساق الأطفال والنساء والرجال والشباب إلى المدارس ودور العلم والثقافة لاعتقالهم وإجراء التحقيق معهم، بعد أن ضاقت أقبية التحقيق عن استيعابهم، حيث يتعرضون لصنوف من التعذيب الجسدي والنفسي مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال بشر. ومن مضحكات ومبكيات ما يجري الآن قتل أربعة من النسوة كن في مسيرة نسائية في مدينة بانياس يطالبن بإطلاق سراح أبنائهن المعتقلين، والحكم بالسجن ثلاثة أشهر على طفل في الرابعة عشر بتهمة مشاهدة قناة الجزيرة وقناة العربية وقناة بي بي سي الإنكليزية.

في بلدي سورية لا صحافة حرة ولا فضائيات مستقلة ولا إعلام محايد فكل هذا مصادر منذ ما يزيد على 48 سنة، وفي ظل هذا التعتيم تقام مسرحيات الاستفتاء على شخص رئيس الجمهورية ليفوز ب(99,999%) ويفوز أعضاء مجلس الشعب بالتزكية الأمنية، ويختار أعضاء المجالس المحلية من قبل فروع الأمن.

في بلدي سورية حزب وحيد يحكم منذ خمسة عقود تقريباً تنص المادة الثامنة من الدستور أن الحزب (حزب البعث) هو القائد والموجه للدولة والمجتمع، ويتكئ هذا الحزب المترهل على مجموعة أحزاب هلامية وضعها في مقر معزول سماه (الجبهة الوطنية التقدمية) لا بتكش ولا بتنش، مهمتها إصدار البيانات المؤيدة لكل ما يتخذه القائد من قرارات، منددة بكل من يعارض السيد الرئيس.

في بلدي سورية نحو أربعة فروع أمنية رئيسية تتفرع منها أكثر من ثلاثة عشر فرع كل منها يتبع غول متوحش أمره مناط إليه، يقتل يعتقل يسجن يعذب ينهب يسرق يقرب يبعد يعين يسرّح يقبل يرفض، يرتكب كل الفواحش والموبقات ويستبيح كل المحرمات ويتدخل بخصوصيات الناس ومفردات حياتهم من ولادتهم وحتى مواراتهم التراب، محمياً بقوة المادة السادسة عشر من الدستور التي تمنع مساءلته.

في بلدي سورية انتفض الشعب، كما سبق وحدث في تونس ومصر، مطالباً بالحرية والكرامة، فواجهته قوى الأمن والشبيحة وعصابات الدولة ومرتزقة النظام والحرس الجمهوري والفرقة العسكرية الرابعة (سرايا الدفاع) ومليشيا اللجان الشعبية بكل ما تملك من أسلحة فتاكة ورصاص متفجر فمزقت أجساد الشباب وأجهزت على كل جريح وكل من وقع بيدها ولم يتمكن من الفرار من آلتها القاتلة، وبحسب التقارير المحايدة والدولية لمنظمات حقوق الإنسان كانت المحصلة: 800 قتيل، 2000 جريح، 1000 مفقود، 9000 معتقل خلال ستة أسابيع من قيام هذه الانتفاضة.

في ظل هذا الواقع الأليم والمفجع غاب المثقفون والعقلاء والحكماء المتوجعون على الوطن، وخلت الساحة السورية منهم ليتصدر المشهد مثقفو السلطان الذين تصدروا كل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية المحتكرة من قبل النظام، الذي لا يريد أن يقرأ أو يسمع أو يرى المواطن السوري إلا ما يريده له (لا أريكم إلا ما أرى)!!

وأختم مقالي هذا بما قاله الكاتب والمثقف السوري ياسين الحاج صالح.

(من الصعب الوقوف على آراء المثقفين السوريين في الداخل حيال ما يجري في بلادهم من قمع دموي للانتفاضة الشعبية.

القبضة البوليسية للنظام لا تراقب الهواتف ووسائل الاتصال وتمنع الصحافيين من نقل ما يجري فقط! بل تكمّم الأفواه وتلقي بأصحاب الآراء الحرة في السجون. سورية اليوم سجن كبير لشعبها).

ويقول الشاعر طه خليل: (ما يحدث هو مجزرة بدم أسود. الصور التي تتناقلها المواقع تفوق قدرة التحمل.. روحي تشرط على امتدادها بسكين مثلوم.. تؤلمني روحي كأنها معلقة بخطاف قصاب تؤلمني كأنها تدق بحجر.. أي جريمة تحدث.. أي روح شريرة تربي الموت كنبات أسود في الشوارع.. حياتنا بالنسبة إليهم كأنها معارة.. كأنها ليست لنا.. كأنها من شأنهم ليفعلوا بها ما يشاؤوا لقد فقد النظام صوابه وقرر بالمقابل أن يفقدنا حياتنا الدماء التي تطرطش أمام كاميرات الهواة أنصاف الوجوه المبتورة الوجوه التي تتوسل بقية حياة.. أطفال يشحبون على مهل بينما تغادر أرواحهم على شكل أحمر لزج كل هذا كأنها لا تعنيهم كأنما عبء ويجب التخلص منه كأنما وجدت لتطعم شهية السلطة المفتوحة على القتل.. تنمو شجرة الموت السوداء سريعا ولم يعد في هذه الغابة الداكنة سوى طريق وحيد. فايس بوك).

=========================

سورية ..!؟ شعبٌ يموت و مصيرٌ مبهم

ميرآل بروردا

إن المتتبع لمجريات الأحداث التي عايشتها سورية و تعيشها منذ تولي نظام البعث – السيئ الصيت – دفة الحكم السوري أعقاب انقلاب آذار 1963 و الانعطافة التي فرضها وزير الدفاع حافظ الأسد عام 1970 بما

سمي بالحركة التصحيحية آنذاك عبر إقصاء و نفي كل مخالف و وضع البلاد في حالة الطوارئ و الأحكام العرفية و القوانين الاستثنائية المستمرة إلى يومنا هذا و التي حافظت عليها هذه السلطة عبر الأب و الابن الأسد و ما آلت إليه أحوال العباد و البلاد يستطيع جلياً قراءة و تقسيم تلك المجريات إلى طورين :

1-الطور الأول عهد حافظ الأسد ( الأسد الأب:(

و الذي استطاع خلاله حزب البعث الحاكم بقيادة حافظ الأسد إدارة البلاد بحنكة و ذكاءٍ بالغين استطاع فيه أن ( يذبح الشاة السورية و هي مبتسمة )

فعمل جاهداً على عزل الشعب السوري عن الخارج و فرض نفسه و نظامه كممثل شرعي دون منازع أمام المحافل الدولية و استغل الصراع العربي الإسرائيلي كورقة رابحة في إغواء الداخل و الضرب على وتر القوموية - العروبية مازجاً الكراهية الإسلامية لليهود كبعد آخر لهذا الصراع علماً أنه جعل السوريين ينسون الأراضي الملحقة بتركيا المسلمة و المباعة في عهد الرئيس الابن ( لواء اسكندرونة)

 

عُرف حافظ الأسد بحلوله المسبقة للمشاكل السورية و الإقليمية ( على سبيل المثال لا الحصر مشكلة المياه مع تركيا عبر تصفية حزب العمال الكوردستاني في تزامنٍ مع ضرب القضية الكوردية في البلدين سواءً بتهجير الأكراد من سورية إلى ساحة القتال في وجه تركيا و ترسانتها العسكرية و تحويل المنطقة الكوردية في الشمال إلى ساحة لتصفية الكورد شعباً و أرضاً دماراً و خراباً .

 

كما عمل على أن يبقى لبنان منطقة عزل لسورية عن إسرائيل و عزلها نفسها عن التأثير الغربي بفرض نظام موالٍ له و الاستفادة القصوى من النزاعات اللبنانية - اللبنانية بالإضافة على فرض شرطيها الأمين على توجهاته و المحافظ على الوضع المزعزع عبر حزب الله و الحركات الإسلامية الفلسطينية المتطرفة علماً أنه لم يسمح للإسلام السياسي بالتسلل إلى الجسم السوري و إن تسلل فقد تسلل ميتاً كما حدث في أحداث مدينة حماه الدموية سنة 1982 و ما تلاها .

 

في الداخل عمل الأسد الأب على إسكات الشعب السوري ككل بالحفاظ على لقمة العيش استمراراً في الحياة بما يحقق عملية الارتباط التام بين حياة المواطن و مدى رضوخه للنظام و فكك مقومات الشعب السوري عن بعضها البعض واضعاً حواجز لم تسمح لتلك المقومات بالتفاعل أو التقارب فيما بينها فارضاً التحكم المطلق بمساراتها و توجهاتها حتى داخل كل مقوّم بحد ذاته محققاً حالة من الشتات كي تتسنى له استمرارية التحكم بها ..

 

إذاً نستطيع أن نستخلص خلاصة عبر هذا السرد السريع و الموجز للطور الأول :

أن نظام البعث في عهد الأسد الأب حقق توازناً و اتزاناً واضحاً في التعاطي مع الوضع العام مخلفاً للطور الثاني إرثاً من الأوراق الرابحة للعبة الاستمرار في حكم سورية .

 

2-الطور الثاني طور بشار الأسد ( الأسد الابن:(

 

مع الأسف جرت الرياح بما لم تشتهه سفن النظام فالمتغيرات الدولية عموماً و الشرق أوسطية خصوصاً استهلكت مجمل الأوراق الرابحة الموروثة لهذا النظام خلال فترة قصيرة جداً إضافة لخسارته توازنه المعهود في التعامل مع تلك المتغيرات سواءً بإرسال الجماعات الأصولية و الإرهابية إلى العراق لضرب عملية دمقرطة العراق أو عبر التشبث بالورقة الإيرانية المحروقة ( إيران لديها من الملفات الكثير خاصة فيما يتعلق بملفها النووي و تسلحها و معادة إسرائيل طفل العالم المدلل ) و تدهور علاقاته العربية - العربية خاصة في خلافه الكبير مع السعودية و مصر الحليفين الاستراتيجيين لسورية في عهد الأسد الأب .

 

لم يستطع النظام السوري اتخاذ الموقف الواضح من الصراع السني الشيعي الحديث فالعلاقة مع إيران و دعم حزب الله في لبنان و الحركات الإسلامية في فلسطين رجحت كفة الميزان للشيعة و في مفارقة واضحة بدعم الجماعات السنية و خاصة فلول نظام البعث المقبور في العراق في محاولة لضرب الاستقرار العراقي و إبعاد شبح الديمقراطية عن نظام سورية التي ضُربت مصداقيتها لدى الطرفين خاصة إثر الضغوطات الأمريكية في هذا المجال .

 

و في خطأ جسيم آخر ارتكبه هذا النظام عبر استقبال السلاح النووي الكوري و شراءه على حساب الاقتصاد السوري المتدهور علماً أن إسرائيل دمرت و حصلت عليه في هجمة على العمق السوري دون أن يحرك النظام ساكناً مضحياً بالملايين من الدولارات التي كان الشعب السوري في أمس الحاجة إليه .

 

لم يتوقف النظام عن التخبط في مساره و تعاطيه مع الأحداث و هو يراقب لبنان خارجاً عن طوعه فكان لا بد له من كسر العمود الفقري لتحرر لبنان و استقراره و استقلاله وتم ذلك بتصفية رفيق الحريري و العديد من الشخصيات الوطنية اللبنانية خاصة إعلاميو لبنان و مثقفوه .

 

إن السياسة المتخبطة التي انتهجتها سلطة البعث في عهد الأسد الابن انعكست بالسلب عليها نفسها فالانقسام بدأ يدب في صفوفه من انشقاق عبد الحليم خدام الركيزة الأساس في العهد السابق و الخلافات المستفحلة بين الركائز الحديثة خاصة داخل العائلة فيما يتعلق بآصف شوكت و ماهر الأسد و استمرار إبعاد رفعت العم ..!؟

 

و من ثم تصفية العديد من القيادات العسكرية آخرها ( العميد محمد سليمان المستشار الأمني للرئيس بشار الأسد)

 

اقتصادياً استمرت المافية السورية في نهب المقدرات و الموارد السورية و اتخذت لها أشكالاً حديثة عبر الانفتاح على الاقتصاد العالمي بالتعاقد مع الشركات العالمية وفق أقنية خاصة لا حكومية و حكومية فتراجع القطاع العام متزامناً مع تضخمٍ للاقتصاد بشكل مرعب و قاتل و خانق للشعب السوري و الانخفاض الكبير في مستوى المعيشة للمواطن وصل في معظم الشرائح إلى درجة الفناء فنمت الجريمة و اتسعت المخالفات القانونية دفاعاً عن لقمة العيش علماً أن أصحاب الامتيازات يعملون على الإسراع بعمليات النهب و تصفية استثماراتهم في الداخل السوري و نقلها إلى الخارج تحت أسماء و واجهات بعيدة عن النظام السوري و مقوماته ( رامي مخلوف الملياردير المعروف مثلاً ) . كم أن النفط السوري الذي أدى استخراجه من قبل شركات أجنبية و تنحية شركة الجبسة الوطنية عن العمل في حقولها إلى أضرار كبيرة لحقت بالاقتصاد السوري و الجغرافية السورية و ما الزلازل المتعاقبة في منطقة الجزيرة السورية إلا خير دليل على ذلك خاصة في تركزها في منطقة الشدادي قرب الحقول المذكورة .

 

إن الوضع الذي اقتضته الحالة البعثية منحت المعارضة السورية فرصة الظهور و التشكيل في الداخل و الخارج خاصة لما فرضته انتفاضة آذار الكوردية في سورية بعد الخطأ الكبير الذي ارتكبه نظام دمشق في التعاطي مع القضية الكوردية عموماً و محاولته اليائسة في ضرب الكورد بعد الانفراج العراقي المنعكس على الأجزاء الكوردستانية الأخرى و استكمالاً للخطيئة المذكورة أقدمت على محاولة ضرب الاستقرار الديني الكوردي عبر تصفية الشيخ محمد معشوق الخزنوي و بعده تصفية القيادات الكوردية البارزة باعتقالها بشكل عصاباتي كما حدث مع الشيخ ألي القيادي في حزب الوحدة الكوردي و بعده مشعل التمو الناطق باسم تيار المستقبل الكوردي و الاعتقال المباشر كما في حالة بشار أمين القيادي في حزب آزادي الكوردي في سوريا و محمد موسى سكرتير الحزب اليساري الكوردي في سوريا و العديد من القيادات الكوردية في تزامنٍ مع تصفية المعارضة العربية السورية أيضاً كما كان الحال في تصفية قيادات إعلان دمشق الأبطال و العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان في سورية و العمليات العصاباتية اليومية التي تتبعها في وجه كل رأي مخالف لها و ناقد لسياساتها كلما تنفست هذه السلطة في علاقاتها مع العالم كما حدث وقتما منحتها فرنسا فرصة حفظ ماء الوجه ..

 

إن ما حدث في هذا الطور مؤخراً من إعادة العلاقة السورية مع أوربا خاصة فرنسا و ألمانيا أثبتت خطورة الوضع الشعبي السوري فيما لو حدثت مثل هكذا انفراجات في علاقاتها مع أمريكا لذا فالشعب السوري يموت كل يوم و يبقى مصيره مبهماً في ظل الصفقات العالمية و استعادة النظام لتوازنه ...(هذا الجزء تم نشره سابقاً عام 2009 و آثرت إرفاقه لتتم المقالة )

 

3-الطور الثالث : الربيع العربي

نتيجة لأزمة الثقة التي تغلغلت بين الشعوب العربية و من يحكمها ونتيجة طبيعيةلتراكمات طويلة الأمد استفحلت بشتى مجالات الحياة العربية خصوصاً و الشرق أوسطية عموماً هبت الطاقات الشبابية لرفع الغبن الذي لحق بها جراء العقليات الإقصائية المتمثلة بعقائد و أفكار الستينيات من القرن المنصرم و الملل الذي لحق بها من الضرب على وتر القوموية العربية و إشغالها بالصراع العربي الإسرائيلي ( الوهمي ..!؟) و أقول وهمي كونه كان مجرد شماعة سترت الحكومات العربية بها عوراتها لا أكثر و الاتفاقات العلنية منها و السرية التي طافت على وجه المستنقع السيادي العربي بعيد انطلاق الثورات في تونس و مصر و مؤخراً في سورية ( حكومة الممانعة و المقاومة ..!؟) .

إن العقود التي حكم فيها نظام الأسد سورية و التي امتازت بقبضة الحديد و ووعود الاصلاح التي ما انكف عهد الأسد الابن باطلاقها عبر عقد من الزمن و التي لم تكن سوى التفافات و جرعات مهدئة و مسكنات مورفينية (أعتقد أن القلة القليلة لا تزال متأثرة بها و هي أمر طبيعي في حالات الإدمان ) و انطلاق الهبة العربية في مختلف البلدان العربية أثرت بشكل مباشر على الشارع السوري الذي استبعد نظام الأسد هبته فيما مضى ثقة منه بقدرته على السيطرة القوية على هذا الشارع فكان لا بد من ثورة الكرامة التي انطلقت منذ قرابة الشهرين و لا تزال في توسع .

إن عملية الاصلاحات التي بقيت أغلبها مؤطرة في كواليس النظام عبر مراسيم وهمية لم تعبر إلا عن مماطلة النظام و إمعاناُ منه في غبن الشارع السوري الذي وصل إلى نقطة اللاعودة لأنه عليم بمدى العقلية الانتقامية التي يتمتع بها نظام الأسد الابن ( كمثال على ذلك أورد الاجراءات العقابية التي مارسها هذا النظام بحق أبناء الشعب السوري من القومية الكوردية التي تقطن في الشمال الشرقي من سورية إبان انتفاضته البطلة عام 2004 و التي راح العشرات من شباب و بنات هذا الجزء الهام من النسيج السوري برصاص الأمن السوري – على مرأى من العالم أجمع - و الآلاف من المعتقلين ووجه ضربة لاقتصاد هذه المنطقة عبر مراسيم انتقامية كالمرسوم 49 الذي منع التملك و أوقف الحركة العمرانية التي شهدهاونزح إثره الآلاف من المواطنينإلى الخارج و تشرد الآلاف في مناطق ريف دمشق و حمصوغيرها من المدن الصناعية السورية .. تبعتها اعتقالات و اغتيالات لمختلف فئات هذا الشعب – أكثر من ستين عملية قتل لمجندين إلزاميين من السوريين الأكراد اعتقال العديد من قيادات حركته السياسية كمشعل التمو ومصطفى جمعة و غيرهم)

لم يستطع النظام الأمني بكافة أشكاله ( يتجاوز عدد فروعه الخمسة عشر فرعا ) إضافة لمؤازريه من الجماعات اللاقانونية كالشبيحة و الخلايا الإرهابية التي كانت تدرب في أقبيته و ترسل إلى العراق و غيرها من بلدان العالم على قمع حركة الاحتجاج السورية رغم الممارسات الوحشية التي مارسها مستخدماً الدبابات التي هي ملك للشعب السوري المحتج و التي تم شراؤها للدفاع عن أراضي سورية و تحرير أجزاءها المحتلة .

فإن كانت لهذا الغرض ( قمع الشعب السوري ) هذا ما يوضح بجلاء أن مسألة الصراع مع إسرائيل ليست سوى تلك الشماعة التي تحدثنا عنها .

فتوسعت رقعة الاحتجاج و توسعت مع كل تزايد للقمع الذي لم يكن ليزداد لو لم يكن هناك تنازلات أخرى من النظام فلما تزامن ظهور ابن لادن على الساحة و انتقال حركة حماس إلى القاهرة و تعديل القرار الاتهامي في قضية اغتيال رفيق الحريري و ما خفي أعظم خاصة بوجود حلفاء استراتيجيين كروسيا و الصين و شريك البلبلة و القلاقل إيران.

إن العزلة التي خلفها نظام الأسد الأب لوريثه و غياب قوة فاعلة ( على الأقل إعلامياً) من جانب المعارضة السورية التي لم تتبلور منذ عقود من نشوءهاو ضعفها الواضح في التعامل مع المشهد السوري تؤثر بشكل واضح على مسار الربيع السوري و تؤخر ازدهاره و تمنع دول العالم الديمقراطي ( الغربي و العربي ) من اتخاذ موقف حاسم تجاه نظام الأسد الابن ..

 

ما وراء المشهد :

 إن سماح النظام لبعثة أممية بدخول سورية و تأجيل هذا الدخول لم يكن إلا لإزالة الآثار المروعة لمجازره بحق أبناء درعا و المدن التي تعمل حالياً على قمعها فهو يعمل بكل جهد على قلب المجريات في تأخر واضح لإجماع عالمي باتخاذ إجراءات عملية بحق نظام دمشق وهنا يبقى مصير الشعب السوري مبهماً رغم توضح المعالم الأساسية لما ستؤول إليه الأحوال .

على ما يبدو فإن نظام الأسد الابن سيستمر بقمعه للمحتجين و ستطول عملية التغيير مدة أطول مما حدث في تونس و مصر و الخراب سيكون أكبر مما حدث في ليبيا وسيناريو اليمن لن يكون مماثلاً في غياب ممثل حقيقي للمعارضة وبالتالي غياب الوساطة. لكن الاحتجاج لن يتوقف لأن الشارع السوري وصل إلى نقطة اللاعودة...

=========================

منحة في محنة سوريا!

بقلم: د أحمد بن فارس السلوم

عجبا لأمر المؤمن إن أمره له كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن..

سوريا في محنة عظيمة، ومنحة كذلك من الله عظيمة.

كنت أُحدث نفسي عن هذا الشعب الذي أُخيف في الله وهُجِّر صالحوه وجُهِّل وضُلِّل وعاش تحت حكم البعثعقودا طويلة كيف سيرجع إلى دينه؟

وكنت كذلك مع هبوب الثورات العربية متحيرا هل ستأخذ سوريا نصيبها منها؟

أشياء تتردد في صدري، وأكره البوحَ بها.

ثم أذن الله بما شاء.

وانطلقت الثورة، وأُهريقت الدماء وصودرت الحريات، فقلت: من لي بهؤلاء يعلمهم كيف يموتون في سبيل الله، من لي بهؤلاء يبصرهم بأمر دينهم، من لي ومن لي؟ ولكن الله عز وجل إذا اراد شيئا هيء أسبابه، وإذا شاء صير المحنة منحة..

 

رأيتُ الناس يخرجون من المساجد وينطلقون منها وهم يرددون كلمة التوحيد، كلمتهم الأولى التي رفعوها: لا إله إلا الله، وهي كذلك الأخيرة التي قالوها وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة.

 

رأيت الشباب حديثي الأسنان وهم يستقبلون الموت بصدور رحبة، ويتسابقون إلى الشهادة في سبيل الله، رأيتهم صرعى والسبابة تشير إلى معبودهم ومحبوبهم.

رأيت الشباب يلقن بعضهم بعضا كلمة التوحيد.

رأيتهم وهم يقرؤون على موتاهم يس.

رايتهم وهم يزفون قتلاهم : إلى جنات الخلد إلى جنات الخلد..

لم أملك دمعتي فسقطت من عيني حارة - كحرارة الحدث - على شعب يتمرد على سجانه، ويثور على قاتله.

حزنت وفرحت في آن واحد، حزنت لموتهم، بآلة حرب بُنيت بأموال الشعب لكي تحارب اليهود، لا لتقتل أبناءهم، وفرحت لتساميهم وتفانيهم وتطلعهم إلى ما عند الله.

ما أسرع ما رجعت يا سوريا إلى الله.

ما أسرع ما عطفت إليه وفئتِ إلى حِماه، عودي بالله عليك فعودك إلى الله أحمد.

 

كم في المحنة من منحة، لو مكثت أعدد المنح على بلاد الشام في المحنة التي حصلت لطال، أعظم ذلك - بعد العودة إلى الله - أمران:

 

الأول: اتخاذ الشهداء من هذه الأمة العظيمة، وإحياء معنىً خلت منه معاجمها ردحا من الدهر طويلا.

من خرج ثأرا لكرامته ونصرة لأخيه المسلم وجاره القريب والبعيد وغضبا للحرائر المسجونات وطلبا لمظلمته فلقي حتفه فهو شهيد، هذا والله الذي نعلمه والذي أخبرنا به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لما قال:

من قُتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد.

هكذا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، وفي حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه: ومن قتل دون مظلمته فهو شهيد.

مَن منكم يا أهل الشام لم يظلمه هذا النظام البعثي العلوي الفاجر، من منكم لم ينله أذى منه، من منكم لم يكتوِ بناره، ويتقلّى على جمره، لذلك أقول مطمئنا: قتلاكم يا أهل الشام شهداء عند الله بإذن الله..

 

وأي منحة أعظم من أن يتقبلك الله شهيدا، لولا هذه المحنة ما نلتم هذه المنحة، فلم الحزن إذن؟ ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين).

منازل بلغتموها بقليل من العمل ما كان لكم أن تبلغوها لو لم يهيء الله لكم أسباب الشهادة، فهنيئا لكم.

الثاني: صناعة الانسان وتحريره من العبودية والذلة والهوان، والعالم العربي عامة وبلاد الشام خاصة محتاج إلى تحرير الانسان وبنائه كي يتسنَّ له أن يصنع المجد ويبني الأوطان.

فالسوريون أحرار، وهكذا لدتهم أمهاتم، ولكن النظام العلوي البعثي أرادهم عبيدا له، واليوم قد صحا السوريون وهاهم يستعيدون حريتهم.

يا أهل الشام :

من أنزل عليكم المحن هو القادر على رفعها، ومن ابتلاكم هو الذي يعافيكم، ومن أسقمكم يشفيكم، فعودوا إلى الله، ولوذوا بحماه، وخروا له سجدا، وتقلبوا بين يديه، وألحوا بطرق بابه، طهروا أنفسكممما تراكم عليها في عهد البعث والنصيرية، واغسلوا قلوبكم بالماء والثلج والبرد، ثم املؤها ثقة بالله، ورضىً بقضائه، واطمئنانا إليه، وتبتلا له، فسنة الله قائمة:

إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فانصروا الله أولا وأخيرا كي ينصركم.

(إن تنصروا الله ينصركم)

(إن ينصركم الله فلا غالب لكم)

(واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين)

(يا أيها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون).

 

أبشروا يا أهل الشام فقد قرب رحيل الطغيان..

النظام السوري يستمطر غضب الله الجبار، ويسعجل نقمة الكبير المتعال، وذلك لما امتهن حرمة المساجد، ومنع بيوت الله أن يذكر فيها اسمه، هذا مسجد الصديق أبي بكر وقد خرب، وهذا الجامع العمري تصدح من مآذنه الموسيقى والأغاني التي تمجد الرئيس، وتسبح بقدسه، بعد أن كان يجلجل من مكبراته الأذان، وتمجيد الرحيم الرحمن، ويلكم أيها الأسديون البعثيون، هل جعلتم بشار الخاسر ندا لله القادر،،

وأبشر يا شعبي في سوريا، فقد أزفت نهاية الظلم والطغيان، فالله القائل (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها اولئك ما كان لهم ان يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم)، ومن اصدق من الله قيلا..

=========================

معتقلونا: كي لا ننساهم

إبراهيم يوسف

اتصل بي صديق كاتب عزيز، يبدي رأيه حول وتيرة أداء شباب الانتفاضة في سوريا، مقدّماً وجهة نظره الخاصة، داعماً رأيه بكل ما لديه من مسوّغات، وهو صاحب رأي وموقف، كما أعرف. إلا أن هناك –دائماً- ثمّة شرخ بين الواقع والإمكانات، بين الحقيقة والحلم، وهو ما يجب الانتباه إليه برأيي.

وللحقيقة، يبدو أن النظام لما يزل عازماً على أن الحلّ الأمني هو –الوصفة الناجعة- لقمع كل من تسول له نفسه بالتطاول، وطلب استحقاقه من جرعة الحرية، والشروع المتأخر بالتململ من الكابوس الأمني الذي يرزح على صدورنا، وصار يعدد أنفاسنا، ويحصي خفقات قلوبنا، ويدسّ أذنه في أجهزة هواتفنا، وعيونه في حواسيبنا، ويرسل كتبة تقاريره إلى مجالسنا، بعد أن طوروا أدواتهم، وصاروا يستفيدون من تقنيات ثورة المعلوماتية في إنصاتهم إلينا، بوساطة ميزات في أجهزة الهاتف، أو عبر"فلاشات الميموري" في أمثلة موصوفة، من قبل بعضهم!.

 

إن هذا الحل، حتى وإن اكتسب بعضاً من الانتصار الخلبي، من خلال التلذذ بمنظر إراقة الدماء، وهي تسيل على إيقاعات أصوات الأسلحة الأوتوماتيكية، التي ترتعد أوصال الأطفال لمسمعها، سواء أكان ذلك في حمص الصامدة-المدينة التي أحمل ديناً لها بذمتي، واعتبرتها إلى بعض من الوقت، مدينتي الثانية، أو غيرها، من مدننا الباسلة، إلا أن هذا الحل الأمني-كما أشرت وفعل ذلك غيري- يضرّ بصاحب الوصفة، قبل من يدفع ضريبتها من روحه ودمه.

ولعلّ ما يدفع إلى الألم أن العالم برمته صامت إزاء ما يجري، وثمة تواطؤ واضح سواء أكان من قبل الجامعة العربية، أم من قبل البلدان العربية، ناهيك عما يوازيه من احتجاج دولي خجول، وهو في صميمه مباركة فعلية لذبح السوري، لولا تلك المفاجأة الأردوغانية، التي تجعل المرء يتنفس الصعداء، وإن كانت أمام الرجل، أسئلة تتعلق باستحقاقات مواطنه الكردي، بالشكل المطلوب، بل وإن كان التضامن المطلوب -هنا- هو تضامن الموقف، وإن الإعلام الحر لما يزل قاصراً عن تقديم الجريمة، كما هي، بل ليعد ما يحدث في سوريا مضاعفاً من حيث روح الانتقام، قياساً لما يجري في اليمن، بعشر مرات -عدد الشهداء في اليمن لم يصل بعد إلى100 شخص بعدبينما عدد شهداء سوريا يكاد يقارب الألف- وإنه يوازي من خلال درجة الهستريا والحقد ما يتم في ليبيا، مع فارق ملاحظة أن المواطن السوري سيظل يلوح بغصن الزيتون والورد، ولا يقبل بالتدخل الأجنبي، وإن كان النظام لما يزل يستمرىء عدم السماح للمنظمات الحقوقية العالمية للإطلاع على حقيقة ما يتم، لأنها على يقين من أن الكذبة التي أطلقت رسمياً من قبل آلته، وبات يروج لها الإعلام، اعتماداً على توافر غطاء مكشوف، من قبل المتهافتين من الفنانين، من أمثال دريد لحام، وسليم صبري، وغيرهما كثيرون، كما أن منهم من دعا للانتقام من الأم "منى واصف" وغيرها، وكفروا فنانينا أصحاب الموقف، واستعدواالشبيحة عليهم، وهو نفسه ما يقال على الكتبة والمثقفين الأشباه الذين يلتقون مع الفنانين، في محاولة تطهير اليد الآثمة، وتقديمها في مظهر المخلص، بيضاء، في إهاب لون ثلج القداسة، مع أنها ملطخة بدم مواطننا وأهلنا، وبسرقة لقمة هؤلاء جميعاًويستعدون على أشراف كتابنا الأحرار.

وتحت ظل مثل هذا الوضع المأزوم، تتزايد قوافل وطوابير المعتقلين، على نحو مروّع، حتى وإن كان المعتقل جريحاً، لأنه لم يوقع على ورقة بيضاء ،يؤكد فيها أنه تابع، ومندس، ومأجور، ومدفوع له، من جهة معادية وغير ذلك، وهو طالب الإباء والكرامة والمواطنة الكاملة. وإن أعداد هؤلاء المعتقلين قد صارت الآن بالآلاف، فإنه لابدّ من أن يتم العمل من قبل الجهات الدولية للضغط من أجل السماح للجاننا الحقوقية في سوريا بأن تفتح باب تقديم المعونة لأهلهم، ولأسرهم، ناهيك عن تمكينهم من تأمين الدواء، وإن عدم القيام بذلك خيانة، وتواطؤ مع القاتل، ليتمّ منع أي تصدق عليهم، من جهة ما، من خارج حدود الوطن.

أكثر من صديق لي اعتقل، وكانت أسرته لا تملك ثمن خبزها اليومي، ناهيك عن المصاريف الأخرى، التي تلزم كل أسرة، وهو ما دفعني كي أتساءل عن انعدام الضمان والتعاون بين أهلنا، ولعل سبب ذلك هو الإرهاب الأمني، الذي نجح في أن يقطع كل آصرة جميلة، إنسانية، تربط المرء بجاره، وأهله، وحتى أسرته، يكمن وراء كل ذلك.

إن المواطن الذي يتم اعتقاله، لا بد على من حوله من أن يشعروه بأن أسرته في مأمن من جوع، ومرض، وإذلال، وهو أضعف ما يترتب على من هو متفرج على من يؤدي رسالته النضالية، الأمر الذي لم يتم في حدود معرفتي، بل يقيني، لا معنوياً، ولا مالياُ، وأكاد أسمي الأحزاب والأثرياء من جهة، وكذلك المعتقلين ولاسيما المستقلونمنهم، مثقفين وحقوقيين، من جهة أخرى، وذلك على ضوء علاقتي الواسعة بأوساط جلّ المعتقلين، شأن غيري الكثيرين، طبعاً.

 وعن الدعم المعنوي، فقد روى لي أصدقاء معتقلون كثر، منذ سنوات وحتى الآن، إن أول ما يتبادر إلى ذهنهم ويشعرهم بالاطمئنان،وهم في منفرداتهم، أو زنزانتهم، أوفي المهاجع الجماعية التي ينامون فيها "تسييفاًًًًً"، أنني وعدد من أمثالي ممن دأبوا الكتابة عنهم حقوقياً وإعلامياً -ولاسيما من مناضلي حقوق الإنسان الجبابرة-، أول من يعولون عليهم، وهم في معزل عن العالم الخارجي.

وشخصياً، أتذكر كم أن وقفة الشباب الكردي-في الخارج-كانت مهمة أثناء انتفاضة12 آذار المباركة، وهوما أريده أن يظل في إطاره المعنوي، لا أن تتقهقر تلك الروح تجاه الأهلين، في أصعب مرحلة يتعرضون لها.

ولقد آلمني اعتقال صديقي الشاعر إبراهيم بركات على خلفية قصيدة، كما آلمني اعتقال الصديق عبد الصمد محمود وزميليه، من أجل دعوتهما لإقامة أمسية شعرية، فقدموا من أجل الشعر للقضاء العسكري، وهو ما حدث مع صديقي سيامند إبراهيم الذي اعتقل من أجل اقتناء كتب أدبية عربية وعالمية، مترجمة للكردية، وهكذا بالنسبة إلى صديقي حواس محمود، أو حفيظ عبدالرحمن، أو كمال شيخو وكلهم مستقلون، كما آلمني اعتقال صديقي المناضل الفذّ حسن صالح، ورفاقه أو مشعل التمو ومصطفى جمعة وكل معتقلي أحزابنا سواء أكانوا من حزب يكيتي أو آزادي –أومن معتقلي حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تتم مطاردتهم على نحو بشع، بل وهو شعوري إزاء معتقلي الحركة الوطنية السورية بشكل عام.

ولكم آلمني أن بعض من أشرت إلى أسمائهم تعيش أسرهم في ضنك العيش-ولا أرغب في أن أفصل هنا-من دون أن يسأل عنهم أحد، وما أريده هو أن يعلم أبناء مجتمعنا السوري من درعا وحتى عين ديوار، أن اعتقال أي مواطن سوري يعني اعتقال أحد أفراد أسرته، وهذا ما سيعدّ ضرباً من النضال، ناهيك عن أنه سوف يعيد إحياء الروابط التي نسفت عنوة. وإذا كان بعضهم قد تخاذل، أو تهاون، قبل الآن أمام اعتقالات معينة ولم يقدموا يد المعونة لهم ولأسرهم - وأشير إلى حالتي سيامند إبراهيم وإبراهيم بركات مثلاً وهما مستقلان بل وهما غيض من فيض - فإن هناك الآن أمانة كبيرة ، وثقيلة، في أعناق كل شريف من هؤلاء، من أبناء بلدنا سوريا، وما عليهم إلا أداء هذه المهمة الجليلة، على جناح السرعة، لأن النظام يريد استطالة زمن المواجهة، وهذا ما يجعلنا أمام تضحيات كبيرة، قبل تحقيق الهدف المنشود لمحتجينا السلميين، في الهواء، والكرامة، والخبز.

=========================

من ينقذ النظام السوري من ورطته !

علي الرشيد

ALIRASHID3@HOTMAIL.COM

بات في حكم المؤكد أن وجهة نظر أصحاب المعالجات الأمنية في النظام السوري هي التي انتصرت، لمواجهة الاحتجاجات السلمية للجماهير المطالبة بالحرية والكرامة والإصلاح على حساب أصحاب المعالجات السياسية .. اتضح ذلك بجلاء خصوصا في الأسابيع الثلاثة الماضية،مع كل ما يترتب على ذلك من إدخال البلاد في نفق مظلم والإضرار حتى بمصالح السلطة الحاكمة.

دائما كان الأمني في سوريا منذ نحو أربعة أو خمسة عقود مقدما على السياسي ، ودائما كانت السطوة الأكبر والصوت الأعلىللأجهزة الأمنية على حساب المؤسسات السياسية والمدنية ، فالمواطن لا يستطيع اقتناء فاكس ، أو فتح صالون حلاقة ، أو الحصول على وظيفة له في الدولة ، أو السفر ، إلا بموافقة أمنية ، والإعلام الرسمي لا يتنفس إلا برئة الأجهزة الأمنية ، ولا يسمح له إلا بالتعبير عن وجهة نظرها، وتبرير أفعالها حتى لو كانت بمنتهى القسوة والعنف، كما حدث في مواجهة التظاهرات الأخيرة وحصار واقتحام المحافظات والبلدات والقرى، وأي خروج له عن سياق النص الأمني ولو بجملة أو كلمة واحدةيكون له القرارلها بعزل المخالفين عقابا لهم،وتأديبا لغيرهم (أقيلت رئيسة تحرير صحيفة تشرين الرسمية من منصبها باتصال من مسوؤل أمني بسبب انتقاداتها لأداء الأجهزة الامنية في مواجهة المتظاهرين بدرعا) .

عندما وصل الرئيس بشار الاسد إلى سدّة الحكم وإن من بوابة التوريث الجمهوري استبشر الناس خيرا بعهد جديدغير ماكان سائدا في عهد أبيه تنجز فيه إصلاحات سياية مهمة، وتغلق فيه ملفات أمنيةسابقة، لكن أيا من ذلك لم يحدث رغم مرور أحد عشر عاما على حكمه ، وبدا واضحا أن فترته لم تكن سوى امتداد لفترة سابقة ، تم فيها وأد ربيع دمشق ( معارضة الداخل) وحكم على قيادتهم بالسجن لمدد طويلة ، وظلت الكلمة للحزب الواحد ، وغاب أي إعلام غير الإعلام الحكومي ، وبقي عشرات الآلاف من المنفين القسريين خارج بلادهم ، وتعاظم الفساد المالي والإداري . واعترف الرئيس بعظمة لسانه بتأخر هذه الإصلاحات التي طرح شيء منها للنقاش في مؤتمر حزب البعث عام 2005 .

وعندما هبت رياحثورات التغيير العربي ووصلت إلى دمشق تفاءل الناس خيرا في تعامل مختلف هذه المرة من قبل النظام السوري ، رجاء استفادته مما وقع في تونس ومصر، واستيعابا منه للروح الجديدة التي تسري في المنطقة والمتغيرات العالمية المرتبطة بوسائل الاتصال المباشر والإعلام الجديدوشبكات التواصل الاجتماعي ، لكن تطور الأحداث كشف عن انتصار التيار الأمني مخيبا أي أمل بالتغيير ، تمثل ذلكفي غياب أصوات شخصيات تحدثت عن حلول سياسية وبشرت بها في الأيام الأولى للتظاهرات ، مثل مستشارة الرئيس السوري ونائبه، واقتصار الحديث عن الإصلاحات على الوعود فقط ، وازدياد الممارسات العنفية المفرطة للأجهزة الأمنية، بعد الحديث عن إلغاء حالة الطوارئ، وحصار الحواضر والقرى واقتحامها والعقاب الجماعي لأهلها، وارتفاع عدد الشهداء إلى أكثر من 800 ، والمعتقلين والمفقودين جراء الاحتجاجات إلى ما يزيد عن 8000 شخص، بينهم عدد من الناشطين السياسيين والحزبيين والحقوقيين والصحفيين والكتاب والمثقفين، وغياب شبه تام للحكومة ، واستمرار الإعلام الرسمي في فبركاته الممجّة.

الحل الأمني أضروما يزال بأرباب السلطة ونظامها أكثر مما أضر بغيرها، ومن أهم ذلك :

 انكسار حاجز الخوف لدى الجماهير وتواصل المظاهرات والاحتجاجات رغم قوة القمع والحصار والرصاص الحي ، وهو أمر لم يكن معهودا من قبل.

 ازدياد السخط الشعبي الداخلي مع اتساع رقعة إراقة الدماء وأعداد المعتقلين ومسلسل الإهانات.

 تغير الصورة الذهنية لدى الشارع العربي ولدى كثير من النخب عن النظام السوري عن ذي قبل ، كنظام ممانعة ومواجهة ومساندللمقاومة، وعن رئيسه الشاب الطبيب المثقف المنفتح والمتحدث اللبق الذي يفيض حيوية ..

انكشاف مظاهر العنف ضد المدنيين لشاشات وسائل الإعلام العربية المعتبرة والعالمية المرقومة، وتوثيق كثير من الجرائم ضدهم بالصوت والصورة ، رغم منع النظام لهذه الأجهزة من تغطية الأحداث الجارية .

 التذكير بمجازر سابقة ارتكبتها الأجهزة الأمنية ضد المدنيين في الثمانينات كمجزرة حماة وتدمر وجسر الشغور وحلب.

 إدانات دولية وأممية لممارسة النظام العنف المفرط ضد المدنيين ، وإيقاع عقوبات من قبل الاتحاد الأوربي على بعض مسؤوليه ، وتشكيل مجلس حقوق الإنسان الدولي للجنة تقصي حقائق حول انتهاكات حقوق الإنسان .

 بدء تغيرمواقف حلفاء النظام منه بسبب الأحداث وتطوراتها ، وصولا إلى توجيه تحذيرات له ، وأبرز هذه المواقف موقف تركيا الأخير وتحذيرها من تكرار ارتكاب مجزرة أخرى كحماة وإلا سيكون للإنسانية ولتركيا موقف مختلف .

ترى هل من شخصيات راشدة عاقلة داخل النظام في سوريا تنقذه من سوء مخاطر الحلول الأمنيةوعواقبها على الوطن وعليه نفسه .

==================

ثورة سورية الحرة

شعر ابن العاصي

أمـسك بـقلبك فـالآهات iiُتـشتعلُ
وامـدد  جـناحيك (للثوار) يا iiبطلُ
واجـهر  بـصوتك للآفاق iiترسلها
نـبض  القلوب بكل الأرض يتصل iiُ
هـذي  النفوس رأت بالنور iiعزتها
ونـشوة  الـحر بـالآمال تكتحل iiُ
وهـذه(ثـورة الأحـرار) iiتـعلنها
جـحافل ٌوغـدت لـلحق تـمتثل iiُ
حـرباً على الظلم والعدوان إن iiلهم
في  كل حرف ٍلهم من شعرنا جمَل iiُ
سـلـبٌ ونـهبُ وتـقطيعٌ iiلأوردة
بـطشٌ وسـجن ٌوإذلالٌ لمن iiعَقلوا
بعقودنا الخمس من أعوامنا iiنضحت
هـزائم ٌ رضـيت عن جهلها هبل iiُ
كـفاكم ُ يـا (أسـود العار) iiمهزلةً
أيـن الـصلاح ُوايـن العزُ iiوالأملُ
أيـن الـحقوق لشعبٍ تحت iiمطرقةٍ
والأرض  يسرقها الحراس والغفُل iiُ
أين  الدفين من (الألماس )قد iiنهبت
مـازال للشعب فيها الخيل والجمل iiُ
يـا  قادة (الثورة الأحرار) لا iiتهنوا
فـأنتم ُبـقلوب ِ الـناس iiتـرتحلوا
إنـا مـع (الثورة الزهراء ii)نشعلها
بـالحب  ِ أنـشودة ً غنت لنا iiدولُ
هذي  (الشآم )بغصن الغار نحضُنُها
حـتى شربنا ومن أزهارها العسل iiُ
تبقى الشموس شموس الشام ترقبنا
وهـذه فـرحة الـثوار iiفـابتهلوا
يـا رب فرج ل(شعب iiالشام)كربتهم
وإهـزم  (فراعنة) والعرس يكتمل ُ
إنـي حلمت و(وردُ الشام) iiملهمتي
والشعر والجرح من نجواي يندمل iiُ
يـا  معشر الثورة (الزهراء)آن لكم
أن تـجهروا وبصوت الحق iiتأتملوا
يـا شـعلة َالـحق يا نبراس iiأمتنا
إنـي  أنا شاعر في روضكم جزل iiُ
بـوركتم  ُ يـا شباب المجد يا iiأملاً
مـا  غـرد الطير أو ما حنت iiالإبلُ

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ