ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 23/04/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

عندما تختصر الأمة في طاغية

د.منير محمد الغضبان

إنها تعني .. ما علمت لكم من إله غيري..

فالأمة كلها : الله ، سورية ، بشار وبس

فلا أحد من البشر فوقه ، ولا أحد معه ، ولا أحد ندا له ، لأن (بس) قطعت قول كل خطيب .

ولكن الأخطر أن ترى هذا في دستور المملكة السورية الأسدية الصادر عام 1973 ، هذا الدستور الذي غُير خلال دقائق حتى لا تخرج من سلطان حافظ الأسد الطاغوت الأكبر الأب ، ليبقى بيد بشار الطاغوت المتأله الابن. .

أما الصلاحيات لرئيس هذه المملكة فهي بسيطة جدا ، أن تكون بيده السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ، فما هي هذه الصلاحيات :

السلطة التنفيذية :

المادة 93

يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب ضمن الحدود المنصوص عليها في الدستور )

وليس هناك حدود منصوص عليها فوق الدستور وفوق الرئيس إلا عندما يتهم الرئيس بالخيانة العظمى ، وتثبت عليه هذه التهمة .

فلو جن مثلا ، فلا يجوز عزله .

السلطة التشريعية :

المادة 107

لرئيس الجمهورية أن يحل مجلس الشعب بقرار معلل صدر عنه ،وتجري الانتخابات خلال تسعين يوما من تاريخ الحل .

لا يجوز حل مجلس الشعب أكثر من مرة لسبب واحد

وخلال غياب مجلس الشعب :

المادة 111

يتولى رئيس الجمهورية سلطة التشريع في المدة الفاصلة بين ولايتي مجلسين ، ولا تعرض هذه التشريعات على مجلس الشعب ، ويكون حكمها في التعديل والإلغاء حكم القوانين النافذة )

فلو قرر مثلا تغيير الدستور كله على هواه ، فالتشريع له ، ولو جاء مجلس شعب جديد فهو محكوم بالدستور الجديد لأن القوانين والتشريعات خلال هذه المرحلة لا تطبق عليه ، ولو وضع مدة الرئيس طيلة حياته حتى يموت ، فمجلس الشعب يشترط موافقته على هذا التعديل الدستوري ..

أما حق إلغاء العمل بالدستور فهو أمر أساسي ورئيسي من صلاحياته:

(المادة 101

يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ ويلغيها على على الوجه المبين في القانون )

ونحن لا نزال نعيش بظل قانون الطوارئ وتعطيل الدستور فقط نصف قرن ، ومن حق الرئيس إلغائها ، دون تشكيل لجان للدراسة ، لكن الديمقراطية المتغلغلة إلى العظم عند الرئيس السوري جعله يحتاج أحد عشر عاما للتشاور في إلغائها أو إبقائها ، وعندما تقدم نائب بطلب إلغاء قانون الطوارئ ، رد مجلس الشعب بالإجماع بعدم التصويت والدراسة لهذا الاقتراح ، ولا شك أن مقدم الاقتراح ضمن هذا الإجماع .

السلطة القضائية :

فالمحكمة الدستورية العليا وهي أعلى سلطة قضائية ، تُعين من رئيس الجمهورية

المادة 139

تؤلف المحكمة الدستورية العليا من خمسة أعضاء يكون أحدهم رئيسا يسميهم رئيس الجمهورية بمرسوم)

وبالمناسبة فهي التي يحق لها أن تحاكمه بتهمة الخيانة العظمى ، هو يعينها وهي تحاسبه فهذا فصل السلطات في نظامنا السوري العتيد .

والرئيس بيده السلطات الثلاث ، وأخيرا لا يحاسب عما يفعل .

لا يسأل عما يفعل

(المادة 91

لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن الأعمال التي يقوم بها في مباشرة مهامه إلا في حالة الخيانة العظمى ، ويكون طلب اتهامه بناء على اقتراح من ثلث أعضاء مجلس الشعب على الأقل وقرار مجلس الشعب بتصويت علني وبأغلبية ثلثي أعضاء المجلس بجلسة خاصة سرية ولا تجري محاكمته إلا أمام المحكمة الدستورية العليا )

ولا عجب فقد أطلق هذا القانون عندما سلمت الجولان على قرار وزير الدفاع وكوفئ لخيانته العظمى ، برئاسة الجمهورية ، كما كوفئ بشار أسد ببطل المقاومة بناء على ترك الجولان بيد إسرائيل واعتبار المقاومة لتحريرها جريمة ..

ونقول أخيرا: إن أي إصلاح لا يغير هذه الصلاحيات للطاغية .

ولا تحتوي تعديل المادة الثامنة من الدستور والتي تجعل حزب البعث القائد للدولة والمجتمع ولا يحمل إلغاء صلاحيات رجل الأمن على القتل والسفك والاعتقال دون محاسبة هو عبث بمصير هذه الأمة وتخدير لها عن الحقيقة ، واستهزاء بها وبعقلها ،

فيا شعبنا الثائر .. ليكن مطلبك تعديل الدستور ، أو تغيير الدستور ، أو المضي في المقامة إلى لأن يتحقق موعود الله ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون )

==========================

كم كنت أتمنى

ابن سورية دكتور مهندس عدنان وحود - لينداو

لا أريد بهذه الكلمات صياغة تقرير يوضح ما يجري أو يعلق على ما يجري في بلدي سورية .. فالصحف والفضائيات ومواقع الشبكات العنكبوتية لتغص بما كتبه الكتاب وأذاعه المذيعون وصوره المصورون .. فيستطيع كل إنسان أن يصل إلى المعلومة وإلى الموقف الذي سوف يستخلصه لنفسه إزاء ما يحدث

وبما أنني لست بالكاتب الصحفي أو السياسي المتمرس على إجادة التعبير ، ولا أنتمي لأي حزب أو تجمع سياسي أو غير سياسي . بل إن انتمائي إنساني الأساس ، سوري المولد ، وسوري ألماني المواطنة . سوف أقتصر بهذه الكلمات على التعبير عن ملاحظاتي وعن موقفي الشخصي تجاه ما يحدث في سورية ، كإنسان حر يؤمن بالأخوة تجاه كل إنسان على وجه المعمورة ، و يؤمن بالحفاظ على حق الحيوان والرفقة به ، كما يؤمن بالحفاظ على البيئة التي خلقها بارئ الأكوان

سورية بلد حر مستقل ، يجب أن يستطيع مواطنوه الأباة الأعزاء أن يتمتعوا بحرية المعتقد ، وحرية التعبير عن الرأي ، وحرية الانتخاب الديمقراطي للنظام السياسي ، الذي يسير بهم نحو أهدافهم السامية وآمالهم الطموحة

النظام الشمولي الديكتاتوري لا يسير بالبلاد – شاء أو أبى – إلا في طريق الفساد والاستغلال والظلم والتقهقر

لا يوجد أي مبرر صادق للتمسك بتطبيق قانون الطوارئ على الحياة العامة في سورية منذ عشرات السنين وإلى الآن

لا يتناسب ومتطلبات العصر الحديث ، أن يحكم سورية أي رئيس إلى الأبد ، وأي حزب قائد حسب أي دستور ، دون إمكانية ترك الحرية للشعب في تكوين الأحزاب السياسية ، التي تمثل الشعب ، وتعبر عن أهدافه وطموحاته وآماله وتقوده نحو طريق التقدم والعيش الكريم

المظاهرات الشعبية السلمية الحضارية التي عمت الكثير من المدن والقرى في سورية ، لتعبر أصدق تعبير عن الأصالة والوعي والنضوج السياسي لهذا الشعب الأبي ، وتكشف عن مدى التضحية والفداء ، التي يمكن أن يبذلها في سبيل الحرية والكرامة والعزة والإباء ، وتؤكد عل توحد وتجانس تطلعاته ومطالبه السامية العادلة

أدين وبكل حزم وشدة كل أعمال القمع والعنف ، التي تواجه بها مثل هذه المظاهرات الشعبية السلمية الحضارية في سورية الحبيبة

لا أستطيع أن أصدق نظرية المؤامرة والاندساس والمندسين . إن من يوجه عنفه وسلاحه إلى المتظاهرين الشعبيين السلميين الحضاريين في سورية هو عدو للحرية والديمقراطية والعزة والكرامة والإباء

إن تعاطي وتفاعل الفضائية السورية مع الأحداث الجارية في سورية بعيد كل البعد عن أية مصداقية ، ولا يتسم بأية جدية ، ويستهين بعقول المشاهدين أشد استهانة

على مدى عدة سنوات وأنا أقرأ باهتمام المقالات الأسبوعية للدكتورة بثينة شعبان ، لما كانت تبعث في نفسي من عظيم الأمل .. لكن اعتقال الفتاة السورية طل الملوحي من قبل النظام ، الذي تمثل الدكتورة بثينة أحد أركانه ، جعلني أحيل هذه المقالات إلى سلة المهملات . طل الملوحي تنادي بقيم الحرية لكل إنسان ، والعدل بين البشر ، والديمقراطية لكل الشعوب . إذا كانت الدكتورة بثينة جادة في مقولاتها ، فلتطالب بإجراء محكمة مستقلة وعادلة وعلنية – على شاشة التلفزيون –. خيانة الوطن كبيرة ولكن لصق الخيانة بالبرئ خيانة أعظم . لقد سرني أن الدكتورة بثينة زارت اليابان ، ورأت بأم عينها أن مقومات التقدم الحضاري مرتبطة أشد الإرتباط بمكانة الإنسان ، وصيانة كرامته . إن المطالبة بالحرية والعدل والديمقراطية ، هي ليست بمثابة إعلان حرب على أي نظام ، يهدف بصدق إلى الوحدة والحرية والاشتراكية

إن منظر طرح الشباب السوريين أرضا ، وجعل أيديهم موثوقة إلى الخلف ، ودعس أجسادهم بالأقدام ، وركل وجوههم وجباههم بنعال رجال الأمن السوري ، لهو منظر ، يندى له جبين أي حر من الأحرار ، ويكفي أن يكون مبررا لتنحي أي مسؤول، يأخذ على عاتقه بصدق أمن البلاد ، وأن يعري أي نظام يرتدي عباءة الدفاع عن الأمة والسير على طريق تحقيق أهدافها ، وأن ينحي عنه مقومات وجوده

كم كنت أتمنى ، لو أن بشار ووليد وبثينة ونجاح انتهزوا هذه الفرصة التاريخية ، وساروا مع الشعب السوري الأصيل على طريق الحرية والديمقراطية والعزة والكرامة والإباء ، ولم ينسجوا ، ويصوروا في الخيال نظرية مؤامرة التطرف ، والمؤامرة الخارجية التي هي أوهن من بيت العنكبوت

تحية لكم شهداءنا الأبطال ، والصبر والسلوان لشعبنا الصامد .. تحية لكما الفنانين القديرين سميح شقير وعلي فرزات .. إنكما لتعبران بالكلمة والصوت والصورة عما يخلج في وجدان كل إنسان سوري حر أبي مخلص لله والوطن .. تحية لكم رجال ونساء سورية الأحرار في مدنكم وقراكم ، وسفحكم وجبلكم ، وجزيرتكم وشاطئكم ، وواديكم وأينما كنتم .. هيا بنا يا أحرار سورية لنرفع كيان الخيمة التي ستظل بوسعها ورحابتها جميع أبناء سورية بأديانهم وطوائفهم وتطلعاتهم المخلصة ونبني مستقبل سورية الباهر ونأخذ موقعنا الحضاري اللائق بين الأمم

==========================

معركة بين الشعب السوري والأمن الأسدي، من سينتصر؟

د: احمد بن فارس السلوم

جاء الرد سريعا ومتسرعا بخلاف ما قال بشار الأسد في خطابه أمام حكومته القمعية الجديدة، وصل الرد إلى الشعب السوري ليلة البارحة في ساحة الحرية في حمص،

هناك حصلت معركة حقيقية بين الشعب السوري المتتطلع للحرية، بسلاحه الوحيد الذي لا يملك غيره وهو الإيمان بحقه في العيش حرا كريما،

وبين اجهزة الأمن القمعية بسلاحها الذي لا تعرف غيره وهو القتل ..القتل ولا شيء سواه، القتل لا لشيء إلا لوأد الحرية وحماية الظلم والاستبداد والفساد والطائفية.

وفي الساحة إياها التقت هتافات الشعب الحر مع أزيز رصاص المجرمين..

وفي الساحة إياها سقطت أجساد طاهرة من اهل حمص فاختلطت دماؤهم بأصواتهم المطالبة بالحرية، ليقولوا للأمير احمد شوقي صدقت حين قلت:

وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق

لكننا دققناها بارواحنا واجسادنا هنا في حمص وليس في دمشق.

وفي الساحة إياها سقطت آخر ورقة من أوراق الكذب والزور التي كان يستر بها النظام عورته، فالاصلاح لا سرعة ولا تسرع فيه، والقمع والاضطهاد

في كل لحظة وحين.

وفي الساحة إياها منحت الحكومة الجديدة شهادة الوفاة قبل أن تولد.

وفي الساحة إياها اشياء تلهم العربي وتحي فيه روحا كان يحتاجها من قبل.

وفي الساحة إياها شب الشعب السوري عن طوق الدعاية والكذب الرسمي، ولم يعد بإمكانه أن يستحمل أكثر فقد بلغ السيل الزبى، وعلا على الرُّبَا.

اختار النظام السوري المستبد أن يواجه الشعب السوري في الميدان، مواجهة مصيرية، وأن يلاحقه في كل مكان على حد السياسة القذافية التي تقذف الموت والدمار: زنقة زنقة دار دار..

مواجهة سيخرج منها أحد الطرفين منتصرا، لأنها مواجهة لا تحتمل انصاف الحلول، فالفريقان لا يلتقيان في نقطة أبدا، تماما كما لا يلتقي الأبيض والأسود ، والليل والنهار، والخير والشر.

كذلك لا تلتقي الحرية مع الظلم والاستبداد والطائفية.

بما أن ذلك كذلك، إذن لن يلتقي بعد اليوم: بشار الأسد مع الشعب السوري أبدا، فقد صارا طرفي نقيض!

والمعركة ستستمر حتى النهاية، وحتى يتنصر أحد الطرفين.

علمتنا الثورات العربية ان الشعب كالقدر هو من ينتصر في النهاية، ولكن علمتنا الأنظمة القمعية أنها لا تستلم بسهولة، فهي مستعدة أن تهلك الحرث والنسل وتحرق الأخضر واليابس

في سبيل مصالحها الضيقة، ومطامعها الاستبدادية.

وعلمتنا الثورات العربية أن الشعب كالليث حين يستدمي ينتفض، وكلما استدمى كلما استبسل.

بينما نَفَس الأمن قصير جدا، فهو يبطش أول ما يبطش بقوة، ثم تبدأ ناره بالخفوت، وقوته بالضعف، فما هي إلا جولة او جولتان حتى يفلس.

الشعب يستمد بقاءه من الأرض، فالأرض كانت قبل هؤلا ومع هؤلاء وستبقى بعدهم، وسيمضي المارون عليها كما مر مَن قبلهم.

وبشار يستمد بقاءه من الطائفية والعفونة والفساد، مصطلحات لا يعرفها الشام الشريف.

إذن سينتصر الماضي والمستقبل، الماضي السوري الحر والمستقل الموعود المشرق سينتصران على حالة الظلم والاستبداد هذه.

فهتافات: (الشعب يريد إسقاط النظام)، اقوى وابقى وأسمع من أزيز الرصاص، فصوت الشعب منه، من ضميره، من عذاباته وجراحاته، من تطلعاته وآماله، وأزيز الرصاص

من فوهات البنادق، وخراطيم الغزاة والعملاء.

سينتصر السوريون ولكن بشرط واحد: أن يصمد الشعب السوري في ساحات الحرية، فالنصر صبر ساعة في ميدان الساعة.

فهل يعي السوريون هذا!.

==========================

الثورة السورية: خواطر ومشاعر

لن تُهزَم أمة فيها هؤلاء

مجاهد مأمون ديرانية

(1)

شاهدت وشاهد الملايين معي المقطعَ المصوَّر الذي انتشر في الشبكة وفي الفضائيات العربية والأجنبية، ذلك الذي يصوّر شبّانَ البيضة وقد بُطحوا على الأرض على وجوههم فيما راح رجال النظام المسلحين يطؤونهم بالبساطير ويضربون رؤوسهم وأجسامهم بالعصيّ والأيدي والأرجل. لم أشاهده مرة ولا مرتين، بل عشراً وعشرين، ليس فقط لأنه ما زال يُعرَض على الشاشات ويُعرَض، بل لأني لم أكتفِ من المشاهَدة الواحدة ولا العشر، ولا شبعت ولا ارتويت.

 

لقد أدمنت مشاهدةَ هذا المقطع لأستمد منه الشجاعة والثبات، فقد أذهلتني شجاعة هؤلاء الشبان وأطربتني بسالتهم؛ الواحد الأعزل المشدودُ الوَثاق منهم يتناوله بالضرب والإيذاء الجماعةُ من الرجال الأشداء المدججين بالسلاح، المدجَّجين حقيقةً لا على سبيل المجاز، وهو، هذا الأعزل البطل، يتلقى الضرب صامتاً رابط الجأش، لا يتأوه ولا يشكو ولا يرجو، ثم يقوم متعثراً بوثاقه ولكنه مرفوع الرأس شامخ الإرادة، ويتلقى الضربة من بندقية هذا ومن كفّ ذاك، وقد يترنح، ولكنه لا يسقط، بل يمضي بينهم بكل العزم والثبات.

 

تخيلت لو أني كنا واحداً من هؤلاء الشبان الأبطال، ماذا كنت أصنع؟ لعل صوتي كان سيعلو بالتأوه والنحيب، لعلي كنت سأرجو المعتدين ليَعْفوا عني ويكفّوا، أو ليخففوا بطشهم على الأقل... ربما صنعت أي شيء مما يصنعه امرؤ فَزِعٌ جَزِعٌ مرعوب، ولكنهم هم لم يصنعوا أي شيء من ذلك كله، ولم يسجَّل في سجلهم إلا البسالة والكرامة والكبرياء.

 

إننا نتعلم منكم اليومَ الشجاعةَ يا شباب سوريا، أما كيف استطعتم أن تقهروا في لحظة واحدة خوفَ السنين الطوال فلُغزٌ لا أعرف جوابه! أحسّ أني -لو كنت بينكم- لاحتجت إلى "إعادة تدوير" خمس مرات، أموت وأحيا ثم أموت وأحيا من جديد، حتى أغتسل من خوف وُلدت فيه وعشت عمري كلَّه في ظله، لكنكم أنتم نفضتموه عنكم بطرفة عين. كيف كان ذلك؟ إنها معجزة ستدوَّن في تاريخ سوريا ولن تنساها الأجيال الآتيات.

بوركتم يا شباب البيضة، بوركتم يا شباب بانياس واللاذقية، بوركتم يا شباب حمص والغوطة وحوران، بوركتم يا شباب سوريا، ولن يُهزَم شعب فيه مثل هؤلاء الرجال.

(2)

ما كدت أشبع من مشاهدة الفلم الأول الذي صوّر شبّانَ البيضة الأبطال، أولئك الذين علّمونا في مشهد طوله ثلاث دقائق كيف ينتصر الشابُّ الأعزل المجرد على صناديد الرجال المسلحين... لم أكد أنتهي منه حتى وصل الفلم الثاني، وهو يصوّر هذه المرة نساء البيضة وبانياس.

 

النساء اللائي كان يُنتظَر منهن أن ينكفئن إلى بيوتهن فيغلقنَ عليهن وعلى أطفالهن أبوابها والشبابيك، ثم يلتفِفْنَ برداء الذعر والخوف والهلع. أليس هذا ما ستفعله نسوةٌ اعتقل العدوُّ المتجبّر المتكبّر رجالَهن وشبّانَهن؟ ولكن لا، إنه ليس ما ستفعله اليوم لَبُؤاتُ البيضة! لقد أغلقن أبواب بيوتهن، ولكنْ من خارجها لا من داخلها، ثم مَضَينَ إلى الطريق في مسيرة مهيبة، يرفعن أصواتهن مطالِبات بذهاب قوم وعودة آخرين، عودة رجال البيضة وذهاب رجال النظام!

 

أقسم إن قلبي قد ارتجف بين أضلعي وأنا أرى حرائر البيضة يفعلن ما يعجز وما يجبُن عن فعله كثيرٌ من الرجال، ثم ازداد عجبي وطربي وأنا أرى نساء بانياس يجتمعن في مشهد حافل متضامنات مع الجارات في البيضة، فيقطعن الطريق... الطريق الدولي الذي يصل بين المدن يا سادة، لا طريق ضَيعة من الطرق الصغيرة الفرعية التي لا تكاد تمشي فيها السيارات. لقد رفعتنّ رؤوسَ الأمة يا نساء البيضة ويا نساء بانياس، ولا عليكنّ أنْ رفعتن أيضاً ضغط "المعلّم" (الذي لم يجدوا خيراً منه لوزارة الخارجية، فصمَّغوه في كرسيّها ليثبت عليه وزارةً بعد وزارة) ارتفع ضغطه وارتفعت نبرته وهو يجعجع هاتفاً: لن نسمح بقطع الطرق بعد اليوم... قطع الله لسانك يا معلم، وزادكنّ الله ثباتاً وفَخاراً يا حرائر الوطن!

 

ثم ما لبثنا أن وصلنا إلى لقطة الختام الرائعة العظيمة في مسلسل "ثورة الحرائر"، حينما اجتمعت نساء بانياس كما تجتمع النساء في الاحتفالات والأعراس، ولكنْ لا ليباركنَ لوالدة ولا ليغنّين لعروس، بل ليهتفن للحرية وللوطن، ولترتفع هتافاتهن إلى السماء وهن ينادين: الشعب يريد إسقاط النظام!

 

بوركتنّ يا حرائر البيضة، بوركتنّ يا حرائر بانياس واللاذقية، بوركتنّ يا حرائر حمص والغوطة وحوران، بوركتنّ يا حرائر سوريا، ولن يُهزَم شعب فيه مثل هؤلاء النساء.

==========================

في سورية التظاهر مسموح به .. لكنّ من يتظاهرْ يُقتلْ أو يُعتقلْ.

الطاهر إبراهيم

ابتدأ الشباب الثورةَ السورية في 15 آذار الماضي، فتصدت لها أجهزة الأمن بالقمع والقتل ابتداء من مظاهرة جمعة "العزة" في 18 آذار الماضي. كانت "درعا" هي المدينة التي ابتدأ فيها القتل قبل غيرها من البلدات السورية. وقد تلتها "دوما" و"بانياس" على الساحل السوري جنوب مدينة اللاذقية، ثم عمت المظاهرات الصاخبة مدن سورية كثيرة، فقابلها أجهزة الأمن بالقمع والقتل والإرهاب المهين. وقد شاهد العالم كله ما عانته قرية "البيضاء" شرق بانياس، حيث تم اعتقال الرجال والأطفال.

لا يكتمل الرسم الذي يصور إرهاب النظام السوري كنظام يشرعن للقمع في المنطقة إلا بعد أن نرى كيف يرفض هذا النظام التعامل بمهنية صحفية مع الإعلام العالمي الذي يعمل على نقل الحدث كما وقع.

"نقطة حوار" التي تبثها قناة ال bbc البريطانية استضافت في 14 نيسان الجاري الإعلامي السوري المعارض "عبيدة نحاس". وقد اتصل بالمذيعة من داخل سورية السوري "عزام"، الذي عرّف عن نفسه بأنه من اللاذقية. عزام هذا لم يجد ما يخاطب به ضيف الbbc إلا أن يتهمه بأنه يتآمر مع السعودي "فلان"، وأن هذا الضيف –عبيدة- لا يصلح معه إلا الحوار بالبندقية.. والمشهد لا يحتاج إلى تعليق.

لكن كيف قابل الشباب المنتفض خوف أهليهم عليهم من بطش أجهزة أمن السلطة الذي عاشه الأهل في الثمانينات؟ وكيف "حسبها" النظام حين ظن أنه بمجرد إعادة "بروفات" قمع أجهزته الأمنية في ثمانينات القرن الماضي سوف يجعل الشباب السوري ينفضّ عن ثورته؟

الشباب السوري من جهته وصل إلى قناعة تؤكد له أن النظام ما يزال يرفض أي إصلاح أو أي تغيير يسمح للسوريين بالعيش عيشةً كريمة حرة. فمع مئات الآلاف من خريجي الجامعة لا يستطيعون الالتحاق بأي عمل، لأن المتوفر من الوظائف –وهو قليل بسبب سوء الإدارة- استولى عليه محاسيب السلطة. إلا أن هؤلاء الشباب لم يثوروا لفقدان الوظيفة أو في سبيل لقمة العيش، وليس ذلك أشعل الثورة في صدورهم، بل إن غياب الحرية بشكل أساس، هو ما أشعل غضبهم. لذلك فإن الشباب في درعا بعد الوعود التي وعدت بها مستشارة الرئيس "بثينة شعبان" كانوا يهتفون: "يا بثينة يا شعبان الشعب السوري مو جوعان".

خطاب الرئيس السوري في 30 آذار الماضي، وكلمته أمام الحكومة الجديدة يوم 16 نيسان الجاري لم يأخذهما الشباب السوري على محمل الجد. ففي المناسبتين أكد الرئيس بأن من حق المواطن أن يتظاهر. لكنه في اليوم التالي للخطاب، وبعد ساعة من كلمته في 16 نيسان قامت أجهزة الأمن باعتقال المتظاهرين واستعملت الهراوات المكهربة، وأطلقت الرصاص الحي فوقع شهداء وجرحى، ما جعل المتظاهر يتساءل: من نصدق الخطاب أم الرصاص؟

ذكرى جلاء المستعمر الفرنسي عن سورية عام1946 صادفت يوم الأحد17 نيسان الجاري. هذه الذكرى رفعت من منسوب الغضب عند الشباب الثائر. تذكروا أن آباءهم قدموا الشهداء لاستقلال سورية، بينما الذين حكموا سورية منذ استولى حزب البعث على السلطة في عام 1963 وحتى يومنا هذا ليس منهم من شارك في الثورة على الفرنسيين.

استطرادا فإن كاتبا أمريكيا مطلعا أكد: أن الرئيس "بشار أسد" عندما طلب من "بثينة شعبان" أن تقدم وعودا للسوريين،كان قد أعد خطابا يعرض فيه تلك الوعود. لكن مجموعة الأزمات التي تحيط بالرئيس رفضت تلك الإصلاحات، فمزق الرئيس الخطابَ وخرج على السوريين بخطاب آخر ألقاه في30 آذار أمام مجلس الشعب، ما خيب آمال الجميع.

المؤكد أن النظام لم يحسب حساب تصاعد الاحتجاجات كما أظهرتها الأحداث الحالية. فقد ظن النظام أن قمع أجهزته الأمنية في ثمانينات القرن الماضي اعتقالا وإعداما ما يزال ماثلا في ذاكرة السوريين، وأن هذا النهج مايزال صالحا للتطبيق. ولن يجرؤ أحد على أن يعرّض أولاده وأمنهم ومعيشتهم للضياع. لذلك استهان النظام باحتجاجات السوريين.

ما تناقله الشعب السوري من أخبار مفادها أن ضابطا أطلق النار على جنديين رفضا إطلاق النار على متظاهرين، جاء ما يؤكده عندما أذيع بأن أهالي قرية قريبة من درعا خرجوا في جنازة جندي مات في السجن وآثار التعذيب بادية على جسمه كما عرضتها الصور، ما أكد مصداقية الخبر آنف الذكر.

الأحداث في سورية تتسارع وفي جعبتها الكثير والجديد كل يوم، بل في كل ساعة. الشباب يصعّد من احتجاجاته ولا يرهب من قمع النظام. الرئيس السوري يقتفي أثر الرئيس "حسني مبارك" خطوة خطوة، ويظن أنه سوف يحتوي الاحتجاجات من دون تقديم ما يرضي الشعب –لا أقول تنازلات- السوري. ما يرضي الشعب السوري حق وليس منة أو تنازلا، والرئيس عليه أن يعيده له ويقدم الاعتذار عما لحق بالشعب من أذى في عهده وعهد أبيه. ما لاحظه المراقبون في سورية –كما في مصر- أن نظام الحكم لا يدرك الحقائق إلا متأخرا وبالتقسيط ، بعد أن تتجسد أمامه حيةً في الشارع، فيبني على الجديد، لكن الشباب يطلبون المزيد.

الأجهزة الأمنية درجت على الاستعانة بزعران "الشبيحة" أو أصحاب الثياب السوداء الذين قتلوا متظاهرين وشرطة مدنية في درعا وفي بانياس وفي اللاذقية وفي حمص، ثم بعد ذلك ادعت هذه الأجهزة بأن هؤلاء "مندسون"، من دون أن تقول من أين جاؤوا. يوم الاثنين في 18 نيسان الجاري تم في حمص تصفية العميد "خضر تلاوي" مع ولديه وابن شقيقه بسيارته ومُثّل بجثثهم، وقتل العقيد "معين محلا" والرائد "إياد حرفوش".

سوف تبقى نقاط استفهام مبهمة، وعلى النظام توضيحها. وإلا فالشعب السوري يعرف أن أجهزة الأمن هي التي جندت هؤلاء المندسين. ويتساءل الناس: لماذا لا يظهر المندسون في تظاهرات التأييد عندما يسيّرها النظام من موظفين في القطاع العام؟ حيث لم يصب متظاهر واحد أثناء تلك التظاهرات الحكومية.

في مواجهة الاحتجاجات الحالية كان يبدو الارتباك في خطط ضباط الأمن، فجربوا الانتقال من خطة إلى أخرى. ادّعوا في بداية الأحداث أن "متسللين" قدموا من خارج سورية وأطلقوا النار على متظاهرين ورجال شرطة في درعا. "بثينة شعبان" اتهمت الإخوان المسلمين أن لهم في الأحداث. ولما رأى ضباط المخابرات أن الشارع السوري والإعلام الحر لم يصدّق ذلك، اتهموا نائبا من تيار المستقبل اللبناني وعرضوا اعتراف عصابة على التلفزيون أن لها علاقة بالنائب. ثم زعموا أن سيارة أسلحة ضبطت قادمة من العراق. وأخيرا اتهموا السلفيين بقتل ضباط شرطة، يسعون لقيام إمارات سلفية في سورية، ولا ندري غدا من يتهمون؟

يبقى أن نؤكد على حقيقة يؤكدها الشعب ويعرفها النظام الحاكم، وهي أن الشعب السوري لا يوجد طائفية بين مكوناته، وإن حاول النظام أن يهدد بها. ففي جمعة "العزة" في 18 آذار الماضي عندما تظاهر شباب من اللاذقية في حي "الصليبة" في وسط البلدة، حاول "الشبيحة" أن يوغروا صدور شباب الأحياء التي يقطنها "علويون". وعندما حضر هؤلاء رأوا الشباب يهتف: "سلمية ، ألله، سورية، حرية، وبس". فانصرفوا ولم يعودوا مرة ثانية.

كاتب سوري

==========================

النظام السوري وإلغاء حالة الطوارئ

بدرالدين حسن قربي

للتاريخ نقول بأن الشعب السوري بثورته وبنزوله إلى الشارع بكل ملله وفئاته وأعراقه هو الذي أسقط إعلان حالة الطوارئ التي كادت تكمل نصف قرن، وهي فترة أكبر من عمر بشار الأسد نفسه حيث ولد وعاش وورث الرئاسة عن أبيه، ومازال وسورية وشعبها يعيشون حالة الطوارئ. وللأمانة نقول بأن الرئيس نفسه لم يكن متضايقاً منها البتة لضرورتها بحجة الحرب المستمرة مع إسرائيل، ومعه أيضاً حلفاؤه من حزب الله وحماس وبعض الرموز الإسلامية والقومية ممن تربطهم به علاقة متميزة دعماً وتحالفاً ومساندة ومؤازرة باعتبارهم له النظام العربي الوحيد المتبقي الملتحف بالمقاومة والممانعة والذي يواجه المؤامرات الصيهو أمريكية. ولئن لم يكن يعني الجميع منهم مايعانيه المواطن السوري في كبت حرياته وهضم حقوقه المدنية والإنسانية وتجويعه وسرقة لقمة عيشه على مدى عشرات السنين، ولايزعجهم باعتبارهم له شأناً داخلياً لايريدون المسّ به خشية أن تتعطل المقاومة أو تتأثر، أو تتوقف معركة التحرير، بل كان ضيقهم منصبّاً على بعض قمعٍ يواجهه بعضهم في بلده، مما لايشكل في الحقيقة شيئاً أمام معاناة المواطن السوري المدعوس.

وللمرة الأولى في تاريخ مجالس الشعب جاء اقتراح أحد الأعضاء في 23 شباط/فبراير الماضي للنظر بإلغاء حالة الطوارئ ولو جزئياً، فرفضوه بالإجماع وحجتهم استمرار حالة الحرب مع العدو الصهيوني. ثم وبعد أقل من شهرين، أكثر من نصفها هو بعض عمر ثورة الحرية والكرامة، يقر مجلس الوزراء مشروع قرار بتعليق قانون الطواريء، وإنما حتى قبل أن يوقّعه رئيس الجمهورية، وقبل أن يصدر بالجريدة الرسمية ليكون ساري المفعول، ولئلا يفرح مواطننا، فقد سبّق علينا وزير الداخلية العتيد ورقعنا بقراراته السارية المفعول والفورية بتنظيم التظاهرات وتوابعها مما يعني في الحقيقة منعها كاملاً، ومع هذا فقد خرج علينا شبيحة الإعلام وغيرهم ممن كانوا نايمين بالعسل بالحديث عن التعليق وبركاته والإصلاح وآياته، متناسين جميعاً المرسوم التشريعي رقم 14 لعام 1969 بعدم جواز ملاحقة أي من العاملين في إدارت أمن الدولة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكلة إليهم إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن مدير الإدارة، والمرسوم التشريعي رقم 69 لعام 2008 ، الذي ضمّ عناصر الشرطة والجمارك إلى المشمولين بالمرسوم السابق. وهما في الحقيقة مرسومان أشد خطراً في فعلهما من إعمال قانون الطوارئ لأنهما يحصّنان جميع أجهزة الأمن والمخابرات والشرطة والجمارك عن المساءلة القانونية مهما عملوا ومهما ارتكبوا من جرائم. وعليه، فيمتنع على أي مواطن المطالبة أو الإدعاء على أي كان منهم، مقابل جرائم قتل مارستها وتمارسها قوات الأمن في درعا واللاذقية وحمص وبانياس وفي كل أنحاء سورية سابقاً ولاحقاً وحتى مع وجود التهور كما أشار الرئيس السوري نفسه إلى ذلك، وإنما للأمانة فإن النظام بحرصه على مواطنيه أحياءً وأمواتاً، لايقبل أن يحمل إثم قتلهم، بل يعتبرهم شهداء، ويدفع لكل منهم مبلغاً من المال يعادل ستة آلاف دولار.

إن تعليق حالة الطوارئ كان لإسكات الثائرين، ولامعنى له أمام بقاء المرسومين السابقين في إباحة واستباحة دمهم، وإن قرارات وزير الداخلية الجديدة التي وضعت، كان غايتها منع تحرك الثائرين. وعليه، فإن حياتنا حتى إشعار آخر يراد لها الاستمرار في شبيه قانون الطوارئ تأكيداً لقاعدة النظام الذهبية برفض الإصلاح تحت الضغط الشعبي علماً أن الشعب انتظره عشرات السنين ولم يصلح من تلقاء نفسه تأكيداً على قاعدته الماسية بعدم الإصلاح.

إن حجة النظام باستمرار حالة الطوارئ كانت على الدوام هي استمرار حالة الحرب مع العدو الصهيوني، وأكد مجلس الشعب ذلك قبل أقل من شهرين بتعليل رفضه إلغاءها ولو جزئياً بإجماع الأعضاء. فهل توقفت حالة الحرب حتى مضى النظام إلى تعليق حالة الطوارئ أم أنها كانت حجة لاستمرار القمع والقهر وقيام دولة الاستبداد والفساد...!؟ نظرياً، إن حالة العداء قائمة مالم يكن هناك سلام مثبت على الورق، وأما الحقيقةً، فإنه لا أحد أطلق طلقة واحدة باتجاه العدو الإسرائيلي منذ قرابة أربعين عاماً، ولئن ذكّرنا أحد بمقولة بشار الأسد بأن المقاومة السياسية هي أحد أشكال المقاومة، وقد تكون أقواها، فإننا نتمنى أن لو تعامل النظام مع مواطنيه بهذه المقاومة طالما عنده مثل هذا الفهم، ولم يطلق الرصاص الحي عليهم من الساعة الأولى لتظاهرهم وليوقع فيهم حتى تاريخة مئات القتلى والجرحى ولسان حاله إما أن أحكمكم أو أقتلكم أو أدعسكم رؤوساً وظهوراً بالبساطير، وأدوس وجوهكم بالأحذية وأمرّغ أنوفكم بالتراب. إن المطالبة الشعبية بتعليق حالة الطوارئ كانت دعوة صادقة للعودة بسورية إلى أن تكون دولة مدنية ديمقراطية، تصان فيها حريات المواطن الإنسانية وتحفظ فيها كرامته، ويحاسب فيها لصوص المال العام ومصاصو دماء الفقراء وآكلو لقمة عيشهم، وأما الالتفاف عليها لبقاء الحال على ماهو عليه، فهذا تأكيد على صوابية قرار شعبي لثوّار الحرية والكرامة: الشعب يريد إسقاط النظام.

http://www.youtube.com/watch?v=0t7t6sw3BuI

==========================

لا بدّ من تفكيك نظام الاستبداد

جلال / عقاب يحيى - الجزائر

سؤال مركزي وحيد يدور في الأذهان، ويشغل جميع السوريين والمهتمين بأحداث الثورة الثورية :

وماذا بعد الانتفاض والتضحيات ؟؟...

حتى الأمس القريب راهن كثير(وما زال قليل يراهن) على قابلية نظام الاستبداد للتجاوب مع حركة الشارع السوري عبر عدد من الإجراءات الإصلاحية وفق حزمة معروفة كحل وسط يفتح الطريق أمام إمكانية، أو احتمال الانتقال إلى وضع ديمقراطي تعددي.. كنوع من آمال نامت عليها السنوات، بل كتعبير عن اختلال ميزان القوى لصالح النظام، وعدم وجود أية أوراق للضغط من قبل المعارضة وهيئات المجتمع المدني والمثقفين وغيرهم تجبر، أو تدفع النظام إلى القيام بمثل تلك الخطوات.. التي يعتقد أصحابها أنها كانت توفّر على سورية، والنظام أساساً الكثير من التضحيات، والاحتمالات والنتائج .

كثير غطى قناعاته وعلمه بطبيعة نظام الاستبداد وركائزه، وأكثرَ من اللوات والأمنيات، خاصة وأن ثورات الشباب  الشعب العربي تدفع جميع الأنظمة للتفكير الجدي بالتغيير، ولو كان عن طريق التلميع والترقيع.. لكن حقيقة الحقائق التي فقأت كل المراهنات والآمال تؤكد كل يوم : أن نظام الأحادية الشمولي، نظام الاستبداد القمعي والكل الأمني، نظام الطغمة والعائلة والمافيا، نظام القتل والترويع والتأليف السخيف والدجل المهلهل.. لا يمكنه أن يقوم بأية إصلاحات جدّية لسبب بسيط : تناقضها مع ألف باء تركيبته ونهجه ووجوده، ولأنه يعتبرها بداية الانقلاب الشامل عليه، وحينها ينبت البعبع المزروع في قاع الوعي فينطلق : قتلاً بالجملة، واتهامات معلبة للآخر، وجرجرة للفتنة.. ولما لا : الحرب الأهلية، ولما لا : استقدام الأجنبي على الطريقة القذافية .. وليكن بعدها الطوفان، وحينها يركب صهوة الشعارات الوطنية ويغرقها بالدماء التي يتعطش للسباحة فيها.. كتواصل لنهج مارس القتل المعمم في المدن السورية، و"انتصر" عبره على الشعب عقوداً، وأمّن الاستقرار الذي يتفاخر ويتاجر ويخوّف به .

 ******

 ولأن المعادلة السورية ظلت لعقود قائمة على طرف واحد : النظام، فإن المطالب الإصلاحية كانت تبدو سقفاً عالياً دونه التضحيات والمحاولات والبيات على لائحة الانتظار اليائس، بينما النظام يركل الحدود الدنيا ويزداد استفشاراً واستعلاءً، وفلسفات كلامية عن الظروف، ووعي الشعب غير المهيّأ للديمقراطية، والإصلاح الإداري والاقتصادي : الرهان.. ثم الغوص في التبجّح عن الشعبية، والوضع السوري المختلف عن غيره في تونس ومصر وليبيا واليمن، والجميع.. حتى كان الخامس عشر من آذار : تاريخ الشرارة الأولى لانطلاق الثورة الشبّانية  الشعبية السورية ومسارها المتصاعد : حجماً، وانتشاراً، وإصراراً، وتضحيات، ومطالباً .

لقد تبدّلت المعادلة ودخل الشعب طرفاً رئيساً فيها، ولم يعد تاريخ ما بعد الخامس عشر كقبله.. ومع ذلك ما زال نظام الاستبداد يرفض الاعتراف بدفع فاتورة المرحلة : حقوق الشعب، وما زال رهانه الرئيس على القمع الراكب على رشّ الوعود والرشا من جهة، واختلاق الروايات الساقطة تباعاً عن جوهر ما يجري، وتكريس نهج الأحادية، والكل الأمني، وإطلاق التهديد والوعيد، من جهة أخرى.. الأمر الذي يكشف بجلاء جوهره، وعجزه البنيوي عن الاستجابة لمستحقات الثورة الشعبية.

 إن وعود، وحتى إنهاء العمل بقانون الطوارئ والأحكام العرفية، وإلغاء محكمة أمن الدولة، وما يقال عن قوانين حق التظاهر، والأحزاب والإعلام.. وما يوجد في جعبة النظام.. هي خارج السياق الطبيعي لحل الأزمة القائمة، لأن الأزمة نابعة من أسّ الأحادية والاستبداد، والاستفراد بالحكم والقرار، ومن موقع وتعدد ودور الأجهزة الأمنية الأخطبوطية، ومجمل النهج الشمولي  القمعي، وعدا عن أنها متأخرة كثيراً، ومجوّفة.. فإنها ما لم تتجه إلى تفكيك نظام الاستبداد جملة وتفصيلاً، بدءاً من إلغاء الأحادية دستوراً وقانوناً، ووزارة وحزباً ومجلس تهريج وتصفيق، وأجهزة أمنية عديدة، ومنظمات مليشياوية وتبويقية، وشبيحة ومرفقاتها، ووقوفاً عند القبول بعقد مؤتمر تأسيسي جامع، سيّد يضمّ كافة أطياف الشعب السوري على قدم المساواة، وبهدف : وضع دستور جديد يكرس التعددية بكل مفاصلها ومفرداتها، والتداول السلمي على السلطة، وتشكيل حكومة وطنية من الكفاءات المستقلة لفترة انتقالية محددة ..وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، ومحاكمة القتلة والمجرمين، وعودة المنفيين وتعويضهم، ومنع الاعتقال السياسي.. وغيره من مستلزمات المرحلة الانتقالية..

 ما لم يتمّ ذلك فإن الطبيعي أن يصعّد الشعب ثورته ومطالبه، ومحورتها حول إسقاط النظام كخطوة لا بدّ منها لتخطي عقبات الانتقال إلى الحياة الديمقراطية .

 ******

ولمنع الوصول إلى هذا المطلب الجماعي.. يعمل النظام على تنفيذ (خريطة طريق) مدروسة من قبل مهندسيه في أجهزته المختصة(قبل عدة أشهر) تظهر ملامحها عبر محاور حركته وفعله، والتي يمكن إجمالها : بالقتل المنظّم والمغطى بتركيبات خارجة عنه(مندسون  عصابات مسلحة  اختراقات  أصولية وسلفية....) ويمكن لهذا القتل أن يتخذ شكل مجازر متنقلة تستهدف استفراد ومحاصرة المدن والمناطق على حدة والتعتيم الإعلامي الشامل، واستخدام الظلام الدامس كي تمارس فرق الموت عملها المعهود فيسود الخوف المميت، تماماً كما فعل الأب في الثمانينات  وبالوقت نفسه القيام ببعض الخطوات الجزئية فيما يعتبره استجابة منه ومنّة وتنازلاً لمطالب الشعب، ومحاولة إرضاء الخواطر بلقاء مع عيّنات شعبية ورشّ الأعطيات والوعود  التركيز على بعبع الفتنة والحرب الأهلية، وعلى المؤامرة الخارجية وتقديم الكثير من (الوثائق) والاعترافات المرتبة لإحداث البلبلة والخلط، ومخاطبة الغرائز الوطنية، دون إغفال محاولات ما يقوم به من تجييش حزبي وفئوي، وعربي وإقليمي .

 وإذا كانت آفاق واحتمالات الوضع السوري تحتاج إلى مقال مستقل، فمن الأكيد والواضح أن النظام لن يستسلم للإرادة الشعبية، وسيستخدم جميع أوراقه(وهي متعددة حتى الآن) لكسر وتقويض الثورة الشعبية والالتفاف عليها وفق تلك المحاولات، وما سيتفتق عن ذهن استبدادي مريض بنهج القوة، والفوقية والاستعلاء.. الأمر الذي يدفع الوضع السوري إلى عدة احتمالات.. نتمنى أن يكون أفضلها، وأقصرها، وأقلها تضحيات سقوط نظام الاستبداد على الطريقتين التونسية والمصرية، وهذا ممكن لأن جيشنا بكتلته الرئيسة هو جيش الوطن، وابن الشعب المطالب بحماية ثورة الشباب، ومنع القتل المنظم، وفتح الطريق لتطور بلادنا سلمياً في بناء دولة الجميع، دولة المواطنة المتساوية، والحريات الديمقراطية التي لا مكان فيها لإثرة الرجل والحزب والصوت الواحد .

==========================

سوريا محصنة بشعبها

أحمد القاسم*

عبثاَ، يحاول النظام السوري التهرب من استحقاقات الشعب الذي نزل الى الشارع للتعبير عن مطاليبه بشكل سلمي بعد ان تلطخت أيادي شبيحته بدماء أبناء هذا الشعب الذي عانى ماعاناه طيلة أربعة عقود متتالية وعلى وتيرة واحدة : مجابهة المؤامرات الامبرالية والصهيونية عن طريق بناء التوازن الاستراتيجي بيننا وبين الكيان الصهيوني ومن ثم بناء جبهة الصمود والتصدي وأخيراً جبهة الممانعة لا المواجهة مع اسرائيل . وطوال هذه العقود تحمل الشعب السوري كل تبعات السياسات الخارجية للنظام من الحصار والحرمان المزدوج : حصار المجتمع الدولي وحصار النظام للمجتمع السوري عن طريق خنق الانفاس والتضيق على الحريات العامة والدوس على الحقوق بوسائل قل نظيرها في المجتمعات المعاصرة , حتى أن وصلت بالبلاد الى ما يسمى بجمهورية الرعب ......

من حق بشار الاسد ان يتفاجأ عندما يرى هذه المظاهرات في شتى أرجاء البلاد , لانه لم يرى المعاناة منذ ولادته , حيث تربى وترعرع في بيت رئاسي وهو لم يفطم من حليب امه . وكبر في بيئة لم يسمع فيها كلمة الرفض من أحد , كما تعودت اذنه على أن يسمع في كل مناسبة شعاراَ يردده الشعب السوري (بالروح بالدم نفديك يا حافظ) حيث واكب حركة الاخوان المسلمين في بداية الثمانينات من القرن الماضي ورأى كيف تم القضاء عليها!!؟

نعم, وحتى الان تشكل سوريا البلد الممانع لاسرائيل واطماعه , ولكن ليس بنظامه المشكوك في امره بل بالشعب الذي يتحمل نتائج تللك الممانعة من اجل ارجاع اراضيه التي احتلت عام1967 . الحجة التي يتذرع بها النظام في كل مناسبة بأنه لا يستطيع البدء بعملية الاصلاح وحدود سورية مهددة من قبل اسرائيل , كما جعلت كل بقاع العالم الغير مستقرة شماعة على انه مشغول بامرهم .......

امتهن النظام اللعبة على الاوتارالتي يتأثر بها شعبنا السوري الذي لم يعلم وطأة راسه منذ احتلال الفرنسين لارضه وبعد الاستقلال . الا أن النظام البعثي استطاع أن يخدع هذا الشعب بشعارات واهية للاستمرار في كلمته وتسلطه على مقدرات البلاد طوال تللك العقود . حتى أن جرائمه وانتهاكه لحقوق الانسان كان يبرره بحجج قومية وتهم مفبركة تعجز عن فبركتها اسقط الانظمة في العالم اليوم . وتم تصفية المئات من المناضلين الشرفاء بصمت مريب وزج الالاف من الابرياء في السجون بتلك التهم الباطلة تحت سيف حالة الطوارئ والتي اعلنها منذ تولي حزب البعث الحكم عام 1963 . وكل من يعارض ممارسات هذا النظام اتهم بالجاسوسية أو المؤمرات على الوطن.

ان النظام لم يتعلم من التاريخ غير الاجترار بما تعلم من اساليبه القمعية ضد شعبه , واليوم يردد نفس الحجج والاوهام كما قام بها في العقود السابقة , على ان هناك مؤامرة تحاك ضد الوطن وهناك سلفيون ومسلحون أتوا من الخارج ليسيرو بالبلاد الى اتجاه غير معلوم , من دون ان يتنازل من عنجهيته وان يعترف بان ذلك النظام القمعي اصبح عاريا أمام الشعب يستوجب محاكمته على جرائمه وفساده . وان قيادة البعث للدولة والمجتمع لم يبقى لها اية مبررات . وجاء الان العمل الجدي للاعتراف بما ارتكب البعث وقيادته من الاساءات بحق الوطن والمواطن طيلة العقود الماضية . ثم الذهاب نحو انعقاد مؤتمر وطني شامل لمناقشة مستقبل البلاد ووضع دستور يحقق الحقوق العادلة للشعب بكافة اطيافه ومكوناته من خلال مجلس وطني منتحب انتخابا حرا نزيها منبثقا من ارادة الشعب السوري .

لكن الذي يجري الان مايسمى (بالاصلاحات ) ليس الا ذر الرماد في الاعين . انه لا ينبري على الشعب السوري وتطلعاته . كما ان حل وزارة وتشكيل وزارة اخرى بأمر تعودنا عليه لا يتجاوب مع متطلبات الشعب وكذلك شكلية رفع حالة او قانون الطوارئ .......... الخ

المطلوب هو صياغة جديدة لمنظومة جديدة ولمرحلة مقبلة تتحقق فيها كافة مطاليب الشعب السوري في اطار وطن ديمقراطي حر مستقل تسوده العدالة الاجتماعية , والانتهاء من تسلط الحزب الواحد والقائد الاوحد.

فهل ماتقدمنا به كثير على شعبنا بعد كل التضحيات والمعاناة, وبعد سيل تلك الدماء الذكية في غالبية مدن سوريا على ايدي النظام وشبيحته الامنية المختلفة ؟

ان مابدأه الشعب السوري لا رجعة عنه مهما كلفته من التضحيات . وان اتهام النظام على ان من يطلقون النار هم غرباء , نقول نعم هم غرباء على شعبنا ولكنهم من صلب النظام الذي تعلم على ارهاب الشعب بتلك الوسائل من الاستبداد والبطش لاستملاك الوطن وجعل المواطنين عبيدا .....فهل فهم النظام رسالة المواطن ؟

*ناشط سياسي كردي

==========================

قبلة الثوّار

محمود صالح عودة

إلغاء الرئيس السوري بشار الأسد قانون الطوارئ يفقد مضمونه في الوقت الذي تمارس فيه أجهزة أمن نظامه القتل والقمع بحق الشعب السوري.

 

فما المعنى من إلغاء الطوارئ، إذا كان سيليه منع أيّ تظاهرات واحتجاجات تحت أيّة ذريعة؟ هذا بحدّ ذاته تكريس لحكم الطوارئ، وإن اختلف المسمّى لاحقًا. كما إنّ زعم الرئيس السوري بأنه "لا تعود هناك حجّة لتنظيم التظاهرات في سوريا" - بعد إلغاء الطوارئ - يشير إلى أن الرئيس مصرّ على إبقاء نظام الدكتاتورية والاستبداد، وهو بمثابة محاولة هروب من مطالب الشعب الحقيقية.

 

حمل خطاب الأسد الأخير لهجة تهديدية لمن يريد الاستمرار في التظاهر، بعد قوله: "المطلوب مباشرة من قبل الأجهزة المعنية وخاصة وزارة الداخلية أن تطبق القوانين بحزم كامل، لا يوجد أي تساهل مع أي عملية تخريب"، فالسيد الأسد يعتبر - بعد "منّته" بإلغاء حالة الطوارئ الشكلية - أي متظاهر في شوارع سوريا "مخرّبًا"، بعد استخدامه وأجهزة الإعلام السورية اسطوانة "المؤامرة" المشروخة؛ فنعم، هناك مؤامرة، وليس على سوريا فحسب بل على كل الأمّة، ولكن وجود المؤامرة لا يبرّر الظلم والفساد والاستبداد والقتل والقمع، وإلاّ يصبح النظام الذي يقوم بتلك الأعمال جزءًا من المؤامرة، إذ إنّ المؤامرة تستهدف وعي الشعوب وحريّتهم وتقدّمهم وتطوّرهم الثقافي والحضاري، وإنّ أي معوّق لعوامل التقدّم والإصلاح تلك يصبّ في صالح المؤامرة والمتآمرين.

 

استمرار الأسد في قتل وقمع شعبه يحرق أكبر ورقة شفاعة يملكها؛ مساندته للمقاومتين الفلسطينية واللبنانية واحتضانه لهما، إلى جانب بعض مواقفه الإقليمية في المنطقة العربية. هو يحرقها لأنه كلما استمر في قمع وقتل شعبه بذرائع وهمية، كلما اتضح أنه يقوم بذلك حفاظًا على نظامه، والذي يقتل شعبه حفاظًا على نظامه، يدعم أيًا كان ليحافظ على نظامه. جدير بالذكر أنّ قاعدتنا تقول "الأقربون أولى بالمعروف".

 

ضمن الأشياء التي لا تدلّ على براءة النظام السوري، تذرّعه بوجود "مندسّين" بين المتظاهرين، وجماعات "سلفيّة"، وغيرها من الادعاءات التي سقطت منذ سقوط زين العابدين بن علي، خاصّة بعد ظهور ما يسمّى "الشبّيحة"، الذين يطلقون النار على المتظاهرين ورجال الأمن، وكون أولئك لا يظهرون إلا في أوساط التظاهرات المعارضة للنظام، بينما لا وجود لهم في التظاهرات المؤيدة للنظام، التي يحشدها رجال الأمن والمخابرات بالقوّة وفق ما قاله أحد المواطنين السوريين. ولا يختلف "شبّيحة" الأسد عن "بلطجية" مبارك و"كلوشارات" بن علي كثيرًا.

 

مشكلة الرئيس الأسد هي المشكلة الكلاسيكية لدى رؤساء الدول الدكتاتورية؛ عدم إدراكهم بأن مصدر القوّة الحقيقي ليس أجهزة الأمن المليونية والسلاح، إنما الشعب المؤمن، الذي يشكّل ضمانة للنظام وأجهزة الأمن والسلاح، التي يفترض أن تكون مسخّرة له وللدفاع عنه بالدرجة الأولى، لا لتستخدم ضدّه. وبيد أنّ بمقدور الشعب أن يكون مصدرًا لقوّة النظام واستمراره، فإنّ بمقدوره أن يكون مصدرًا لضعف النظام وإسقاطه.

 

الشعب السوري ثار من أجل كرامته وحريّته وحقوقه المسلوبة منذ 48 عامًا، ولن يوفَّق من يخوِّن هذا الشعب بحجج واهية. وإن كان النظام السوري يتفاخر بعداوته لإسرائيل، فلماذا تخشى إسرائيل زوال النظام السوري؟، مع الذكر بأنّ النظام السوري "البعثي" قتل ما يقارب 40 ألف مواطن سوري في مجزرة حماة عام 1982، وهو عدد أكبر بكثير من عدد الجنود السوريين الذين قتلتهم إسرائيل خلال حروبها.

لن يوقف الشعب السوري ولا شعوب أمّتنا إرهاب ومكر الأنظمة، ومهما قيل عن هذه الشعوب أو تم اتهامها به، ستظلّ هي الحامية الأولى للقضية الفلسطينية، وستظلّ القدس قبلة ثوّارها.

==========================

كلمة وفاء بين يدي القرضاوي

إن الله يدافع عن الذين آمنوا

نبيل شبيب

كل كلمة تنضح بالباطل تقال بحق الشيخ الجليل والعالم العلامة والداعية المجاهد الدكتور يوسف القرضاوي لغطٌ يسيء لقائلها ولا يستحقّ الردّ، بل إن الردّ عليها يعطي قيمة لِما لا يستحق اهتماما ولا ينبغي أن يثير انزعاجا.

لم يصنع مكانةَ القرضاوي لدى غالبية المسلمين وغير المسلمين في المعمورة كلامٌ عنه، بل ما أعطاه هو عبر علمه الغزير وجهده المتواصل، ولا صنعها هجومٌ على شخصه ودفاع، بل سيرة حياة حافلة بالعطاء، ولا "خلافٌ" حول اجتهاداته، بل تلك الاجتهادات نفسها في زمن يحتاج إليها وظروف يُفتقد فيها الروّاد، وعلى صعيد قضايا محورية في صناعة مستقبل الأمة والبلاد تجعل كلمة الحق الصائبة جهادا بين يدي الله تعالى ومنارا لمن يريد سلوك طريق الجهاد طالبا مرضاته.

ولئن كان من العلماء الأجلاء من يتصدّى للحق في ميادين يتيسر فيها قول كلمة الحق، فقد كان القرضاوي وما يزال من القلّة القليلة الذين يتصدّون للجهر بالحقّ في ميادين تحتاج الأمّة على صعيدها حاجة ماسّة إلى من يقول كلمة الحق لا يخشى في الله لومة لائم، لا تصدّه عن ذلك رهبة ولا تدفعه رغبة، ولا يخرج عن بها الوسطية الإسلامية القويمة منهجا، ولا عن الإقناع القويم الهادئ بيانا، ولا عن استخلاص الأدلّة وتحقيق المصلحة أسلوبا، ولا عن التزام القيم الإسلامية خُلُقا، ولا يمنعه شنآن قوم عن ذكر بعض الخير فيهم، أو نصح قوم عن التحذير من شطط ينزلقون إليه.

إنّ الشيخ الجليل الذي قضى عمره عاملا من أجل أن تستعيد الأمّة ما افتقدته من عزة وكرامة ومنعة ووحدة، قد تصدّى منذ شبابه للجهاد بما يملك حيثما حطّت به الرحال، سيّان كيف تقلّبت حوله الظروف والأحوال، لا ينقطع عن البحث والتأليف والدراسة والتدريس والدعوة والإرشاد، كما أصبحت مواقفه في قضايا المسلمين والعالم المعاصرة، ولا سيّما قضية فلسطين منارا لكلّ من أخلص في مواصلة طريق المقاومة والصمود والتحرير، والجهاد والاستشهاد، بعد أن كلّت الأقدام بكثير ممّن يختزلون قضية فلسطين في حدود رؤاهم المنحرفة عن طريق فلسطين وشعب فلسطين، وعن طريق الجهاد والاستشهاد، فلا تضير القرضاوي وهو يجهر بالحق ولا تمسّ مكانتَه مقولاتُهم، ويكفي ما ينضح فيها ومنها من عداء لكلمة الحق، شهادةً على دوره الجليل في بيان الحق بين أيدي من أصرّوا ويصرّون على مواصلة العمل لإعلاء رايته.

حتى إذا عايش الشيخ الجليل اللحظات التاريخية التي نعايشها في حقبة ثورات شبابيةِ الشعلة شعبيةِ المسار إنسانيةِ المنهج، واصل العطاء رائدا لقول كلمة الحق بشأن الاستبداد والمستبدين والفساد والمفسدين، ولنصرة الشعوب الثائرة، وتطلّعاتها المشروعة العادلة، من تونس حتى سورية، ومن مصر حتى ليبيا، ومن اليمن حتى البحرين.. ويكفيه أن يتلاقى على ما يقول من وراء الحدود والمسافات والحواجز والعقبات أولئك الذين يطلبون التحرّر من الاستبداد والفساد مهما بلغت التضحيات، ومهما استنسر المثبّطون على طريق النصر الموعود.

أين العالِم الذي يجعل من علمه مطية لطلب رضوان الله تعالى وينال درجة "ورثة الأنبياء" من عالم يجعل من علمه –أو ما يُحسب له من علم- مطية لطلب مرضاة الاستبداد والمستبدين، والفساد والمفسدين، لا يبالي بإراقة الدماء، واضطهاد البشر، ونهب الثروات، والتجبّر في البلاد؟!..

أين الإسلام الذي تجسّده كلمة الحق على درب تحرير الإنسان، جنس الإنسان، في أي بلد، وأي عصر، من ذاك الذي يقدّم الإسلام بين أيدي سلطان جائر فيدافع عن جوره، وبين أيدي شعب ثائر فيصوّر ثورته فتنة.. وكأنّ الفتنة التي يبتذلون معناها، ليست في فتنة الناس عن دينهم ودنياهم، وسلبهم حقوقهم وحرياتهم، وحرمانهم من متطلّبات حياة عزيزة كريمة، وتكبيلهم بالقيود والأغلال، وتعذيبهم في الظلمات وعلى الملأ، وتقتيل أطفالهم وشبابهم ونسائهم وشيوخهم دون حساب، وهدر الثروات وبيع القضايا المصيرية بثمن بخس وكرسيّ ذليل؟!..

إنّ من يصوّر الإسلام من خلال أقواله وسلوكه خضوعا وخنوعا وضعفا وتسليما وركونا للظلم والظالمين، لا يخون أمانة العلم الملقاة على عاتقيه فحسب، بل يساهم أيضا في عزوف من يصدّقونه عن الإسلام نفسه، فيحمل وزره وأوزار من يتبعه إلى يوم القيامة.

الإسلام دين الحق والعدالة، والحرية والكرامة، والوحدة والعزة، والمنعة والجهاد، والرقيّ والعطاء، والأخلاق والإبداع، هو دين إنسانية الإنسان الذي كرّمه ربّ الناس والأكوان، دين الحق الذي أنزله رب العالمين ليحكم بين الناس بالحق، دين العدل الذي قرّر أن الظلم ظلمات، ودين العزّة الذي جعل المذلّة والإيمان نقيضين لا يلتقيان في قلب مؤمن موقن بأنّ العزة لله ولرسوله والمؤمنين.

لقد كان لمواقف الشيخ الجليل القرضاوي وهو ينكر العنف غير المشروع ويؤكّد وسطية الإسلام منذ مطالع حياته المعطاءة، مكانها الذي سبق به إلى الخيرات في دفع ألوانٍ من الفتن داخل الديار، وإنّ لمواقف الشيخ الجليل القرضاوي هذه الأيام مكانها الذي سبق به إلى الخيرات في مناصرة الشعوب على فتنة الاستبداد والفساد من جانب المتسلّطين على البلاد والعباد دون وجه حق، المتشبّثين بتسلّطهم رغم إرادة الشعوب.

وإنّ كلّ من يضيره ما يجهر به الشيخ الجليل من مواقف، إنّما يختار لنفسه موقعا في جبهة الباطل والاستبداد والفساد، فليسألنّ نفسه قبل أن يُسأل في يوم لا ينفع فيه جواب، وليحاسبنّ نفسه قبل أن يحاسب يوم يُعرض عليه ما في الكتاب، من قول صدر عنه تضليلا للعباد، ودفاعا عن الاستبداد، وعن كل قولٍ يريد أن ينال به من المكانة الرفيعة الجليلة لِمن يقول الحق إرشادا للعباد، وحربا على الاستبداد.

==========================

النظام السوري ينزلق إلى مستنقع دموي

محمد إسحاق الريفي

يبدو أن النظام السوري يسير على خطى الأنظمة العربية التي وقفت في وجه التغيير والإصلاح وأنكرت على الشعب حقه المشروع في الثورة ضد الفساد والاستبداد، ما ينذر بانزلاق سورية إلى مستنقع دموي خطير على غرار المستنقع الليبي، ويتحمل النظام السوري المسؤولية عن هذا الانزلاق.

 

وتؤكد مماطلة النظام السوري لمطالب التغيير والإصلاح، وتلكؤه في البدء فوراً بخطوات حقيقية وجادة نحو الإصلاح الشامل الذي ينقذ سورية من الفساد والاستبداد والتدخل الغربي، ومحاولته المستميتة للالتفاف على مطالب الشعب السوري المشروعة، أن هذا النظام لا يرغب في الإصلاح الحقيقي، وأنه يريد أن يبقى جاثماً على صدور الشعب السوري مدى الحياة، حتى لو أباده كله. وتدل ردة فعل النظام السوري حتى الآن على أن هذا النظام يحاول كسب الوقت في محاولة يائسة للتهرب من استحقاقات ربيع التغيير العربي والتحرر من الفساد والاستبداد، وذلك بإشغال الشعب في تشكيل لجان وإعادة صياغة قوانين وغير ذلك من الأمور التافهة التي تعرقل الإصلاح الحقيقي. وتدل ممارسات أجهزته الأمنية على أن هذا النظام ينظر إلى الإصلاح على أنه نهاية له ولحزب البعث الحاكم، ما يعزز من التوقعات بأن المشهد السوري، مع الأسف الشديد، مرشح لأن يكون الأسوأ على الإطلاق.

 

إن زعم النظام أن مؤامرة أجنبية، أو أجندات خارجية، أو مجموعات متطرفة، أو غير ذلك من الحجج الواهية، هي التي تحرك الشعب السوري وتضطره للخروج إلى الشارع، متصدياً بصدره العاري لرصاص الأجهزة الأمنية، والهراوى الغليظة، والغازات المهيجة للجهاز التنفسي والعيون، وممارساتهم القمعية الوحشية، لا يعفي هذا النظام من المسؤولية الكاملة عن سفك الدماء والتنكيل بالمتظاهرين السوريين، إذ الأجدر بهذا النظام أن يستجيب لمطالب الشعب الذي عانى أسوأ صنوف الظلم والتنكيل لعقود طويلة تحت نير حزب البعث الحاكم. وقد تكون للولايات المتحدة وحلفائها مصلحة في زعزعة استقرار سورية، وأنها تحاول إيجاد فرصة للتدخل في الشأن السوري، ولكن النظام السوري هو وحده من يستطيع قطع الطريق على الولايات المتحدة ومنعها من التدخل في الثورة السورية، وذلك عبر الاستجابة لمطالب الشعب السوري والكف عن استخدام العنف الدموي لقمع المتظاهرين. إن التغيير والإصلاح مصلحة لسوريا، وليس للولايات المتحدة، ولا للكيان الصهيوني، ولا يجوز للنظام السوري أن يصادر حق الشعب السوري في الإصلاح والتغيير بذريعة أن هذا النظام يدافع عن قضايا الأمة العربية، فأي قضية أصلح للأمة العربية من القضاء على الفساد والاستبداد وإطلاق الحريات الإنسانية العامة؟!

 

مشكلة الرئيس السوري أنه يعد ولا ينفذ، ويتنكب عن طريق الإصلاح الحقيقي، ويُدخل الشعب في متاهات جدلية لا فائدة ترجى منها، ويجر سورية إلى الهاوية، ظناً منه بأن هذه الوعود ستلهي الشعب السوري أو تثنيه عن الاستمرار في المضي قدماً في طريق التغيير والإصلاح. كيف يعد الرئيس شعبه بالإصلاح وهو يحيد عن طريق الإصلاح الحقيقي وأجهزته الأمنية تقمع المطالبين بالإصلاح؟ أليس هذا نفاقاً أجدر بالرئيس السوري أن ينأى بنفسه عنه إن كان حريصاً على مصلحة سورية والأمة العربية؟!

 

إن على الرئيس السوري أن يبدأ فوراً بحل الحكومة السورية وإقالة من صفقوا له وكالوا له المديح في مجلس الشعب، أثناء وبعد خطابه قبل الأخير، والأخير أيضاً، لأن هؤلاء المصفقين منافقون ومتملقون ومتسلقون، ولأنهم فاسدون، بل هم منبع الفساد والاستبداد. ولأنهم جبناء في الوقت ذاته، فهم يقابلون مطالب الشعب بتضليل الرئيس السوري وخداعه بعبارات ممجوجة من النفاق والتملق والمديح والتصفيق الرخيصين، وذلك بدلاً من حثه على الإصلاح واحترام إرادة الشعب السوري والتغيير الشامل. ولكن هؤلاء المنافقين لا يجرؤون على تأييد مطالب الشعب السوري بالإصلاح، لأن الإصلاح سيطيح بهم وبمصالحهم الشخصية والعائلية والحزبية، وسيجبرهم على الوقوف صاغرين أمام القضاء، ولأن التغيير سيلقي بهم في مزابل التاريخ التي يستحقونها، والتي تتناسب مع عتوهم وفسادهم!

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ