ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 19/04/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

المثقفون والنظام السوري

بقلم زهير كمال

"لا شُفت فيكي هَنا

ولا شفت فيكى تَرَفْ

كل اللي فيكى قَرَفْ

كرامتنا مِتهانَة

واللقمة بإهانة

بتخلفينا ليه لما انتي كارهانا"

مقطع من "قصيدة جحا" للشاعر هشام الجخ

تطرح الثورة السورية إشكالية كبرى لبعض المثقفين الذين يعتبرون النظام السوري محصّناً ضد موجة الثورات التي تهب على منطقتنا ، وحجتهم في ذلك انه نظام وطني يختلف عن غيره من الأنظمة المستسلمة والتي أثبتت الوقائع إرتباط إستسلامها وتبعيتها للأجنبي بالفساد والإهمال واللصوصية.

 

نظرياً : مناعة النظام ضد الثورات المضادة سببها أنه ثوري يعيش بين الجماهير مثلما تعيش السمكة في الماء ، ولكن عندما يبدأ بقتل الشباب المحتجّين ضده ، فانما يحكم على نفسه بالموت فالسمكة لا تجفف الماء الذي تعيش فيه .

تحليلاً للموقف لا يوجد سوى فرضيتين اما ان الجماهير على خطأ ويمكن لبعض المثقفين ان يريحوا أنفسهم بالقول ان هناك عناصر مندسّة تم تحريضها من الخارج وهناك أموال دفعت للتحريض ، الى آخر هذه الإسطوانة التي رددتها كل الأنظمة عند ثورة شعوبها ، ولم يقم نظام واحد بإثبات هذه النظرية من قبل ولن يقوم النظام السوري بإثباتها أيضاً. 

 او ان النظام مدعي للثورية ! 

كان أول طلب للمتظاهرين في كل مدن سوريا: الحرية وأول شعار من شعارات حزب البعث العربي الإشتراكي هو الحرية.   

تحليلاً للموقف يوجد عدة فرضيات : اما ان الجماهير لا تعرف معنى الحرية ولا تستمتع بها ( كل الطغاة العرب يشيعون ان الشعوب غير مستعدة للديمقراطية ) واما ان حزب البعث قد خان مبادئه وقد شطب المبدأ الأول من شعاراته

او ان حزب البعث غير موجود .

حزب البعث موجود فعلاً كجسم وأطر ولكنه فقد الروح منذ مدة طويلة ، فبعد إنتهاء الصراعات الداخلية وتولي عسكري طموح قيادة الدولة والحزب وتصفية كافة المعارضين قتلاً او سجناً ، بدأ حافظ الاسد يمهد لتوريث السلطة لإبنه ولم يصادف اي معارضة جدية من كوادر الحزب، شاء القدر ان يموت الوريث الأصلي باسل في حادث سيارة ، بعد ذلك مات الرئيس ،  ومثل نائم او مخدّر قام مجلس النواب بتغيير الدستور في جلسة رفع أيادي استغرقت دقائق وخفّض السن القانونية لتولي المنصب الأول ليتناسب مع سن الإبن الثاني بشار. 

ظهر حاكم الدولة الحقيقي ، أجهزة الأمن التي بثت الرعب في أعضاء الحزب وشلّت تفكيرهم وألغت عقولهم. 

لم ينج اي حزب من فقدان روحه بعد إنتهاء الصراعات الداخلية وتولي السلطة رجل قوي في كل الدول ذات الحزب الواحد. ولعل الحزب الشيوعي السوفييتي أكبر مثل على ذلك . يتحول الحزب كله لخدمة فرد واحد حتى لو كان قراراته مخالفة لمباديء الحزب وعقيدته . مع الوقت نلاحظ التضاؤل التدريجي لأصحاب المباديء وتنامي عدد الانتهازيين والمنافقين وماسحي الجوخ من أجل مصالحهم الشخصية على حساب الصالح العام .

وهذا يعطينا قاعدة ان شرط إستمرار اي حزب او (منظمة جماهيرية ) هو وجود منافس ( او منافسين ) وترك القرار للجماهير للإختيار. 

 

عامل آخر لا ينبغي إغفاله  وهو المجازر التي يرتكبها النظام وما يحدثه ذلك من أثر عكسي على أعضاء الحزب العاديين فتزرع في قلوبهم الخوف فتعقد ألسنتهم ، وكمثل على ذلك انه في كل مرة كان ستالين او هتلر يرتكب مجزرة كان الحزب يصبح أكثر طاعةً وإنضباطاً ، ويمكن أدراج مجزرة حماة عام 1982 في هذا السياق.  ولكن التأثير الأعمق للمجزرة كان على جيل كامل من السوريين الذين عايشوها ، فمقتل 30- 40 ألفاً من السكّان الأبرياء العُزّل وتدمير المدينة على رؤوس أصحابها يترك جراحاً لا تندمل بسهولة في نفوس أفراد الشعب كله .  كان الهدف من المجزرة إرهاب الشعب السوري الذي يحب الحرية ويحب التجمّع والتظاهر تعبيراً عن رأيه في كل القضايا حتى لو كانت انقلاباً في إحدى دول العالم البعيدة فما بالك بالجرح المفتوح منذ سنين ، الجولان المحتل ، ويسمع الشعب جعجعة ولا يرى طحناً .

ما تفعله المجازر انها تفتّت الكتل الى أفراد يحاول كل فرد الحفاظ على نفسه ،  فمن سيفكر بعد المجزرة  في السؤال عن إسترداد الأراضي المحتلة . وقد يستبعد البعض تحليلاً كهذا ولكن تدمير الكنائس في حماة دليل قاطع على صحته. 

تحليل الأوضاع الراهنة :

1.   جبهة الثورة    

صمت الشعب السوري فترة إستغرقت قرابة ثلاثين عاماً واحتاج الأمر أجيالاً جديدة لم تعش أهوال المجزرة حتى تتحرك وتتظاهر.  تشابه خطوات الثورة السورية نظيرتها التونسية ،  بدأت الثورة من جنوب البلاد في درعا وقُراها وتعتبر نسبياً أفقر من المحافظات الأخرى ثم  بدأت الإنتشار ببطء حتى عمّت البلاد كلها ، ولكن وتيرة الإنتشار في سوريا أسرع من تونس . المحيّر في بداية الثورة هتافات الجماهير المتظاهرة ، فالهتاف الاول هو الحرية وهذا مفهوم ولكن الهتاف الثاني عن المدن  ، كان المتظاهرون يحيون ويفدون  المدن الأخرى ، فقد سمعنا في اللاذقية  نداء مثل : بالروح والدم نفديك يا درعا وسمعناهم يفدون بانياس في درعا وهكذا ، في لا وعي الأجيال الجديدة مدينة حماة والمأساة التي وقعت فيها والخشية من إرتكاب النظام مجزرة في إحدى هذه المدن. وعندما تنتفض حماة بكامل عنفوانها رافعةً شعار إسقاط النظام سنعرف ان سوريا قد تغلبت على عقدة المجزرة .

في تقديري انه قد فات الوقت على النظام لوقف الثورة الشعبية فقد نضجت كافة الظروف الموضوعية لها.

 

2.   جبهة النظام

يشبه النظام السوري الى حد كبير نظيره الجزائري فجنرالات الجيش والأمن هم الحكام الفعليين للدولة ، الفرق ان النظام في سوريا له واجهة برّاقة هي الشاب بشّار الأسد الذي حاول عندما تولى رئاسة الدولة إجراء إصلاحات ولكنه إصطدم بالحكام الفعليين وقد اعترف بذلك في أول خطاب له بعد اندلاع الثورة ، هناك قرارات جميلة على الورق ولكن التنفيذ غير وارد . ويخرج بعض المحللين ان السلطة هي تحالف المؤسسة الأمنية مع طبقة رجال الأعمال التي بدأت بالظهور ولكن هذا التحليل يجانب الصواب ، فالمؤسسة الأمنية هي التي تسمح لبعض الأفراد بتكوين ثروة مستفيدين من قوانينها وقبضتها الحديدية ولن يستطيع هؤلاء الأفراد تكوين طبقة متماسكة تشارك في السلطة . ( لا يختلف رامي مخلوف عن احمد عز او غيره في الدول العربية ممن يوصفون برجال الأعمال ، والنهاية معروفة ) .

اذا خطر لأحد سؤال اذا كان بالامكان إصلاح النظام السوري فالجواب معروف وسيجيب عن هذا السؤال شعب تونس ،  مصر ، اليمن او ليبيا ، فهل كان بالإمكان إصلاح أنظمة الحكم في هذه الدول؟

المؤسسة الأمنية السورية لن تتخلى عن مكتسباتها ، قد تراوغ وتهادن بعض الوقت ولكنها غير قابلة للإصلاح وليس هناك من حل الا إزالتها.

 

3.   جبهة المثقفين

لقد سبقت الجماهير بحدسها وذكائها الفطري كثير من المثقفين ليس في سوريا فحسب بل في الكثير من البلاد العربية وهذا ما يؤسف له فمن المفترض ان المثقف يقود الثورة التي يبشّر بها ولكن البعض بقي يراوح مكانه في حالة ستاتيكية . يظهر هذا عظمة الجماهير البسيطة وروعة جيل الشباب الذي لم يقم بعمل حسابات الربح والخسارة التي تقوم بها الاجيال الأخرى ، كان الكثير من هؤلاء ينتقدون النظام العربي القديم ويصلون الى الإستنتاج الصحيح انه وصل الى نهاية المطاف فلا  مستقبل له ، ولما شمّرت الجماهير عن سواعدها بدأ التشكيك فيها وحتى لومها على ما قامت به ، والبعض أيد الثورة في البلاد الاخرى وإستنكرها في بلده مع ان الظروف والاوضاع هي نفسها في كل البلاد العربية.  وعلى الكثير مراجعة مواقفهم فان لم يستطيعوا الوقوف مع الثورة فعلى الأقل الصمت والوقوف على الحياد وستكشف الأيام مدى العفن المستور في كل بلد عربي كما يتكشف الآن في مصر وتونس. 

لا أحد يستطيع وقف بزوغ الفجر القادم !     

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ