ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 14/04/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

مصر أعظم وأبقى من مبارك !!

حسام مقلد *

hmaq_71@hotmail.com

حاول الرئيس المخلوع مبارك في كلمته الصوتية التي أذاعتها قناة العربية أن يستدر تعاطف المصريين معه، وحرص على خلط الأوراق وإثارة سحب من الدخان الكثيف؛ للتغطية على الجرائم التي ارتكبها بحق مصر، وكان الأغرب في هذه الكلمة غير الطيبة نبرة العنجهية والاستعلاء التي استطال بها مبارك كعادته على الشعب المصري، وكلامه من علٍ وكأنه يعطي ويمنح ويهب ويمنع، وكأن القضاء المصري بيده، وكأن المجلس الأعلى لقواتنا المسلحة الباسلة رهن إشارته، وكأنه لا يزال يتحكم في كل شيء في مصر ويتصرف فيها كيف يشاء؟! وإذا كان هذا الخلط والتدليس ليس بغريب على مبارك، وقطعا ليس منتظرا منه غير ذلك، لكن الغريب حقا هو موقف بعض دول الخليج والدول الكبرى من هذا الرجل!! فقد تناقلت الأنباء أن هناك ضغوطا تمارسها عدة دول من بينها السعودية والكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة... وغيرها للحيلولة دون محاكمة مبارك محاكمة جادة وإيداعه السجن، بل هناك اعترافات ضمنية من قبل جهات رسمية على علاقة بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة تؤكد وجود مثل هذه الضغوط التي تمارس على مصر لمنع محاكمة مبارك، أو إعداد طبخة سياسية بسيناريو درامي مؤثر على غرار الأفلام العربية العتيقة المكرورة لتهدئة الشعب المصري العاطفي وتطييب خواطره، وفي نفس الوقت إفلات مبارك من العقاب!!

وفي الحقيقة فإن هذه المحاولات المؤسفة  لمنع محاكمة مبارك، وإنقاذه من تحمل تبعات جرائمه ما هي إلا جريمة كبرى ترتكب بحق مصر وشعبها العريق وأبنائها الكرام البررة، بل هي في ظني جريمة ضد مبدأ العدالة الإنسانية التي يجب أن تأخذ مجراها لإرساء نموذج قيمي إنساني في مصر والعالم العربي يؤكد أن المجرم لن يفلت بجرائمه دون عقاب، ويكون ذلك سنة حسنة وسابقة حميدة لردع كل الطغاة والظالمين في المستقبل.

إن جرائم مبارك لم تكن فقط نهب ثروات الشعب المصري وسرقة أمواله، بل جرائمه أعظم خطرا من ذلك، ولائحتها طويلة ومثيرة، وفي تصوري أن أبرز الجرائم التي ارتكبها مبارك بصفته ونظامه كانت:

1. اختطاف مصر من أهلها والسطو على حضارتها، وسرقة مجدها التليد وتاريخها العريق، والعمل على استلاب قيمتها ومكانتها، والتخطيط المتعمد لإفقادها هويتها الحضارية، وعزلها عن أمتها العربية والإسلامية، وفصلها عن عمقها الاستراتيجي.

2. إخراج مصر من العصر التقني الحديث وثورة المعلومات التي دخلها العالم، بتكبيلها اقتصاديا وتهميشها علميا وثقافيا وإبداعيا، وصرفها عن الاهتمام الحقيقي بالبحث العلمي الجاد، وإجبار أغلب العقول المصرية النابهة على الهجرة إلى الخارج.

3. تجريف عقول المصريين، والسعي لإفساد ذممهم وإماتة ضمائرهم، وتخريب هويتهم وعقلهم الجمعي، وتبديد جهودهم وطاقاتهم في السعي الدائب واللهاث الدائم وراء لقمة الخبز.

4. معاداة الفكر والثقافة بشكل غريب وغير مفهوم، والسعي الحثيث المنظم من خلال وسائل كثيرة لتسطيح الشخصية المصرية، وإفراغها من مضمونها وميراثها الثقافي الطويل، وحقنها بأفكار غريبة وشحنها باهتمامات شاذة إمعانا في سلخها عن هويتها.

5. انتزاع مصر من أمتها العربية والإسلامية، والسعي لتحييدها وإبعادها عن دورها التاريخي في زعامة وقيادة هذه الأمة وحمل همومها والدفاع عن قضاياها المصيرية.

6. التآمر على المصريين ومحاربتهم في صحتهم وغذائهم، والتضييق عليهم في أرزاقهم لحملهم على الهجرة، أو سحقهم الدائم تحت وطأة مطالب حياتهم اليومية.

7. تبوير الأرض المصرية (ماديا ومعنويا) وإفساد وتلويث بيئتها الخصبة في جميع المجالات: السياسية، والاجتماعية والاقتصادية، والدينية، والعلمية والفكرية.

8. زرع الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب المصري، وضرب الجماعات والطوائف الدينية بعضها بالبعض الآخر، وتهميش المؤسسة الدينية الإسلامية وإبعادها عن دورها الطبيعي، الأمر الذي أدى إلى افتقاد الناس لثقتهم فيها واتجاههم لغيرها، وفي نفس الوقت تحالف مبارك ونظامه مع الكنيسة سياسيا وأطلق في مقابل ذلك يدها لتستولي على الشعب القبطي؛ فترك أغلبهم ممارسة السياسة والحياة العامة من خلال منظمات المجتمع المدني، ومارس ذلك من خلال الكنيسة التي انصهر في بوتقتها، وبدأ مع الوقت يتأثر بمشاعر الخوف والانعزال والكراهية... وكانت المحصلة والنتيجة النهائية لكل ذلك مزيدا من انعزال أبناء المجتمع عن بعضهم البعض، وتنامي مشاعر الكراهية وخفوت مشاعر التسامح.

9. تخريب الفن والرياضة والإعلام والفكر والثقافة، وإفساد التعليم والصحة...؛ الأمر الذي أدى إلى تراجع مصر كثيرا جدا في هذه المجالات، فتأخرت وتطور غيرها وتراجعت وتقدم من هم أقل منها.

10.       ضرب قوة مصر الناعمة في مقتل بمجمل السياسات الفاشلة والتصرفات الرعناء والحسابات السياسية الخرقاء التي أخرجت مصر من اللعبة أو كادت، الأمر الذي أدى في النهاية إلى فقدان مصر للكثير من نفوذها وتأثيرها الإقليمي، ولولا مكانتها التاريخية العريقة، وموقعها الجغرافي الحساس، وثقلها الحضاري والسكاني... لولا كل ذلك لأدت سياسات مبارك الداخلية والخارجية إلى فقدان مصر تماما لهذا الدور الإقليمي، ولتجاهلتها القوى الدولية وتجاوزتها في قراراتها السياسة الإستراتيجية المتعلقة بالمنطقة بأسرها.

11.       تهديد مصر بقطع شريانها الحيوي، وجعلها دائما تعيش تحت رعب دائم وخوف حقيقي بسبب مياه النيل، فنتيجة لتعالي مبارك وفشل سياساته الأفريقية ضاعت هيبة مصر بين دول حوض النيل، وتآكلت قوتها الناعمة في القارة كلها رغم أنها العمق الاستراتيجي المرتبط مباشرة بأمن مصر القومي شئنا ذلك أم أبينا.

12.       ..........................

وبعد فهذه بعض أبرز الجرائم التي ارتكبها مبارك بحق مصر والشعب المصري، ولائحة الاتهامات طويلة ومفتوحة، وبإمكان كل واحد منا أن يضيف عليها الكثير من الجرائم، ومنطقي جدا أن يقدم مبارك كأي مواطن مصري آخر إلى القضاء الطبيعي للنظر في هذه الادعاءات، والدستور والقانون يكفل له كغيره من الناس الدفاع عن نفسه وتفنيد كل هذه الدعاوى وإبطالها ـ إن استطاع ـ بالطرق القانونية السليمة، والسؤال هو: لِمَ الخوف من محاكمة مبارك لو كان بريئا؟! وما حكاية الحفاظ على كرامته وماء وجهه باعتباره رجلا عسكريا سابقا؟! فهل هناك أحد معصوم من الخطأ أو منزه عن المساءلة والحساب والمحاكمة إن ارتكب ما يوجب ذلك؟ ولماذا لا يكون حكامنا كغيرهم من حكام العالم؟! أ لم نسمع عن مثول الكثيرين من رؤساء الدول الكبرى أمام القضاء لمحاكمتهم في قضايا مختلفة، أم أن حكامنا آلهة لا يخطئون آناء الليل وأطراف النهار؟! وإذا كان مفهوما أن من مصلحة مبارك وفلول نظامه محاولة الهرب والإفلات بجرائمهم من العقاب، وإذا كانت رغبتهم في عدم تقديم مبارك للمحاكمة مفهومة تماما فالسؤال الأهم هو: لِمَ تحرص بعض الدول على حماية مبارك من هذه المحاكمة العادلة؟! أليس من مصلحته هو شخصيا أن يُبرَّأ إن كان بريئا بالفعل؟! وإن كان مجرما وثبتت إدانته فما المصلحة في إفلات المجرم بذنبه وجرمه من العقاب؟! والسؤال الأخير والأهم الذي أطرحه على كل هؤلاء: مع من مصلحتكم؟! هل مصلحتكم مع مبارك أم مع الشعب المصري والدولة المصرية؟!

ولأتكلم بصراحة أكثر فما قيمة مبارك دون مصر؟! إن مبارك في النهاية ما هو إلا إنسان سيموت عاجلا أو آجلا ويذهب إلى ربه كغيره من البشر ويفضي إلى ما قدمت يداه، إن مبارك زائل لا محالة، لكن مصر الدولة والشعب والتاريخ والمكانة باقية بقاء الحياة إلى أن يشاء الله تعالى لها ألا تبقى وتقوم الساعة، فأي عاقل هذا الذي يربط نفسه بفرد زائل ويسعى بكل جهده إلى حمايته من يد العدالة، ويتصادم مع رغبات خمسة وثمانين مليون إنسان في الانتصار لأنفسهم ممن ظلمهم من خلال تقديمه لمحاكمة عادلة نزيهة أمام القضاء الطبيعي الحر المستقل؟!! أم أن خلف الأكمة ما خلفها!! وأن الخوف ليس على مبارك بل هو الخوف من انكشاف المستور، أو الخوف من أن تعتاد الشعوب العربية تنفس هواء الحرية والعدالة والمساواة؟!!

ـــــــــــــ

* إعلامي وكاتب إسلامي مصري.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ