ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 13/04/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

ثورة شعب سورية.. بين القمع والتضحيات

الشعب يصنع الثورة.. والاستبداد يصنع ثمن انتصارها

نبيل شبيب

يؤكّد مسار ثورة الشعب في سورية أن الشعب يصنع التغيير وأن النظام يحدّد ثمن التغيير، وأن الثورة ستنتصر وأن النظام سيسقط ما لم يمتثل لإرادة الشعب، ولا يختلف ذلك عن الوضع في ثورات عربية أخرى.

شعب تونس وشعب مصر يصنعان التغيير، بدءا من الجولة الأولى للثورة، مرورا بالجولات التي يخوضها الشعبان بعد سقوط النظام، انتهاء بالوصول إلى التغيير الجذري الشامل في نهاية المطاف، وهذا ما يسري على اليمن وليبيا. كل شهيد سقط ويسقط، وكل جريح أصيب ويصاب، وكل خسارة مادية وقعت وتقع، إنّما هو نتيجة مباشرة للأسلوب الذي يتبعه كلّ نظام من الأنظمة في مواجهة الشعب الثائر، ومواجهة إرادة التغيير الحتمي الثابتة التي يظهرها من خلال ثورته وتضحياته، وكذلك من خلال وعيه واستمرارية ثورته حتى تتحقق سائر أهدافه.

 

"الأثمان المرتفعة".. للثورات وللاستبداد

ما الذي تعنيه كلمة "الثمن" الذي يدفعه شعب من الشعوب العربية لتحقيق إرادته من خلال الثورة؟..

هل هو عدد الشهداء والجرحى؟.. هل هو قيمة الخسائر المادية؟.. هل هو طول الفترة الزمنية الفاصلة ما بين اندلاع الثورة وتحقيق المنجزات بعد استرداد الدولة؟.. هل هو نشأة فرص إضافية أمام المطامع الخارجية؟..

كل شهيد يسقط "ثمن مرتفع".. وكل قطرة دم جريح ينزف وأنّة ألم يطلقها ثمن مرتفع.. وكلّ طاقة من طاقات البلاد وثروات الشعوب تُهدر ثمن مرتفع.. وكل يوم ينقضي في الصراع بين إرادة الشعوب وتعنّت الأنظمة بدلا من انقضائه في النهوض والبناء بعد الاستبداد والفساد ثمن مرتفع.. وكلّ فرصة يحصل عليها عدوّ خارجي لمحاولة تحقيق مطامعه ثمن مرتفع.. إنّما لا بدّ من تأكيد أمرين أساسيين منطلقا للسؤال عن "الثمن" الذي تدفعه الشعوب العربية اليوم على طريق ثوراتها:

1- إن الأنظمة المستبدة تحمل المسؤولية عن كل ثمن جرى ويجري دفعه منذ عقود وعقود، قتلا، واعتقالا، وتعذيبا، وتشريدا، وانتهاكا للحقوق والحريات، وهدرا للثروات والإمكانات، وفسادا وإفسادا على كل صعيد، وتبعية للهيمنة الأجنبية أو مساومة على قضايا مصيرية من أجل استمرار الاستبداد والفساد.. كما أنّها تحمل المسؤولية الحصرية أيضا، عن الثمن الذي جرى ويجري دفعه خلال الثورات العربية إلى أن تبلغ غايتها.

2- إنّ اندلاع الثورات يعني في جوهره، أنّ ما استمرت الشعوب على دفعه من "أثمان" لاستمرار الاستبداد والفساد عبر أجهزة حكم قائمة، عقودا متتابعة، قد بلغ حدّا لا يُطاق، فلم يعد يمكن الاستمرار عليه، وهذا بالذات ما يجعلها تتحرّك الآن بطريق الثورات وهي واعية ومصمّمة على الاستمرار مع إدراكها بأنّها ستدفع الثمن خلال الثورات أيضا، إنّما تدرك في الوقت نفسه، أنّ ما بقيت تدفعه لعدة عقود مع المعاناة من الاستبداد والفساد، أصبح نتيجة الركون لهما مسلسلا لا نهاية له، وأن ما تدفعه الآن عبر الثورات التي أطلقتها.. له نهاية.

إنّ ارتفاع ما يوصف بثمن الثورة مرتبط –بعد تصميم الشعوب على الثورة والانتصار- بمدى همجية النظام، ومدى تشبّثه بمواصلة "الجرائم" الاستبدادية التي كان يرتكبها على كل حال، مع تصعيدها من قبل كلّما "تململت" الشعوب، ولهذا يظهر "حجم تصعيده المضاعف" الآن.. وقد تحوّل "التململ" إلى "ثورات".

لا يختلف في ذلك النظامان السابقان في تونس ومصر عن الأنظمة اللاحقة بهما في اليمن وليبيا وسورية –مبدئيا- إنّما اختلف "عنصر المفاجأة" الذي جعل الشعب يسبق بتحرّك الثورة ردودَ فعل الاستبداد عليها مع الأيام الأولى لها، في كل من تونس ومصر، وجعل الأنظمة في اليمن وليبيا وسورية تحاول –واهمة- "استباق" وصول الثورة إلى مرحلة متقدمة نوعيا وجغرافيا بالشروع فورا في "تصعيد" عنفها القمعي الاستبدادي "المعتاد" إلى درجة قصوى.

لم يتغيّر "مصير الثورة" من خلال هذا الفارق على أهميته، فهي بالغة غايتها في كل بلد ثار شعبه، بل يساهم تصعيد العنف في مضاعفة سرعة خطاها وعملية انتشارها النوعي والجغرافي، إنّما يتغيّر مجراها أو "حجم الثمن" الذي يفرضه النظام الاستبدادي أثناء الثورة، قبيل سقوطه، على غرار ما فرضه طوال أيام وجوده.

 

معالم الثورة وثمنها في سورية

وصول الشعب إلى الاستعداد لدفع ثمن الثورة مهما بلغت التضحيات، ناجم عن وعيه بحجم ما اضطر إلى دفعه من ثمن أكبر نتيجة وجود الاستبداد والفساد واستمرارهما زمنا طويلا، ولهذا نرى أنّ حجم التضحيات المرافقة لثورة شعب ليبيا وتصميمه على الاستمرار في ثورته رغم ذلك، يكشف عن ضخامة ما سبق أن دفعه ثمنا لوجود الاستبداد والفساد خلال أربعة عقود ماضية، ممّا قد يزيد على ما كان في تونس أو مصر، ويتناسب مع نوعية الهمجية والشذوذ في البنية الهيكلية للاستبداد والفساد حتى الآن في ليبيا، مع ضرورة التنويه مجددا بأنّ كل روح تُزهق وقطرة دمٍ تنزف وأنّة ألم تنطلق، في أي بلد من البلدان، ثمن مرتفع باهظ.. فما الذي يمكن قوله عن ثورة شعب سورية، وعن البنية الهيكلية للاستبداد والفساد فيها، وبالتالي ما يصنعه في مواجهة الثورة، ويحمل المسؤولية عن كل ما يسبّبه من "أثمان باهظة" ليحقق الشعب إرادته ويستردّ دولته؟..

أوّل ما يمكن قوله في مجرى ثورة شعب سورية خلال أسابيعها الثلاثة الأولى أنّ النظام الحاكم خسر جولته الأولى خسارة بيّنة:

1- في تصعيد القمع الدموي على الفور.. فلم يستطع جرّ الثوّار إلى فخّ "عنف وعنف مضاد".. كما صنع الحاكم المستبد في ليبيا..

2- في نشر "الفتنة الطائفية" والترهيب بفزّاعتها.. فلم يستطع أن يدفع قسما كبيرا من جماهير شعب سورية التي ترفض الطائفية بمختلف أشكالها وتجلّياتها ومسمّياتها إلى الامتناع عن المشاركة في الثورة، وبالتالي إلى الحدّ من انتشارها نوعيا وجغرافيا..

3- في اصطناع مظاهرات "التأييد" كما صنع الحاكم الاستبدادي في اليمن، فلم يستطع إيهام أحد بأنّها "عفوية" وليس من صنع "ترويض" الأجهزة الرسمية على "استنفار" كل من يمكن استنفارهم تحت طائلة التهديد بقطع الأرزاق أو فقدان مقاعد الدراسة ناهيك عن "موظفي" الأجهزة القمعية أنفسهم، وهي بضعة عشر جهازا يتبع لها مئات الألوف من العناصر المدرّبة.. أو المروّضة على طاعة "عمياء" تجعل من تقديس رأس الدولة بديلا عن "الحرية"..

4- في استخدام أسلوب "فرّق تسد" عبر تقديم المغريات لفئات من الشعب والرصاص الحيّ لفئات أخرى، فتجلّى الإخفاق في ذلك بوضوح، بعد رفع مرتبات "موظفي الدولة" ثم بعد وعد المواطنين الأكراد المحرومين من جنسيتهم بإعادة هذا الحق إليهم بعد حرمانهم منهم طول فترة حكم الاستبداد القائم حاليا..

5- في لعبة "الأصابع الخارجية" وهو يرسل "عصاباته المسلّحة" و"شبّيحته" و"عناصر قمعه بزي مدني" و"قنّاصته على أسطح المباني الرسمية" ويوزّع أدوار القمع عليها جميعا إلى جانب عناصر الأجهزة القمعية الرسمية ومعدّاتها من رصاص وغازات وأصفاد وهراوات وغيرها، واستخدام القوات المسلّحة لحصار المدن ونشر الدبابات في شوارعها في الدرجة الأولى..

6- في محاولة تصوير دور الفضائيات وكأنها "تصنع" الثورات.. وليس "تواكبها" لترقى مكانتها بقدر ما تعرض الأحداث الجارية وتفسح المجال لسائر الأطراف في متابعتها، ولتهبط مكانتها إن لم تفعل ذلك، مثلما ترقى مكانتها أيضا بقدر ما تتمكن من "اختراق" حواجز التعتيم عبر منع وسائل الإعلام (إلاّ ما يحمل هذا الاسم زورا وهو جزء من النظام الاستبدادي القائم) من الوجود داخل الحدود أو التحرّك دون قيود، حتى إذا اخترق الثوار الحواجز بأصوات شهودهم، رغم الإرهاب الاستبدادي، وبما يرسلون من معلومات وأحداث مصورة، رغم العبث بوسائل التواصل والاتصال، جرت محاولات "التشكيك" العقيمة في صدق الصوت والصورة، ويكفي صدور التشكيك عن استبداد لم يعرف يوما ما تعنيه حرية الكلمة والصورة والتعبير، لإخفاقها مسبقا..

7- في "إطلاق الوعود" القديمة بلباس جديد، عن إصلاح "متأخر" آن أوانه فجأة، دون "تسرّع" ومع إنكار "ضغوط الثورة"، على أمل التهدئة، وامتصاص الغضب، جنبا إلى جنب مع إنكار وجود ما يستدعي التهدئة وامتصاص الغضب، أو للحصول على "ثقة الشعب الثائر"، وليس استعادتها، إذ لم يحصل عليها من قبل، فأصلُ وجوده قائم على الإكراه والاستبداد والفساد والتسلّط واحتكار الوصاية على الآخرين، ولا يمكن "بناء الثقة" دون زوال "البنية الهيكلية" لذلك كلّه، دستورا وطوارئ ومحاكم صورية ومعتقلات وميليشيات قمعية ومراسيم فوقية تعبّر –مثل سواها- عن أنّ الحكم القائم حكم استبدادي محض..

7- في الاستنجاد بورقة "استهداف سورية" فالشعب يدرك أن سورية شعب وأرض وتاريخ ومستقبل، وليس نظاما استبداديا حاكما، فوجوده وسقوطه سيان، وسورية كانت مستهدفة ستبقى مستهدفة، لأنّها سورية، وليس لأنّ الحاكم فيها يمارس سياسة يضع فيها "استعباد الشعب" في مقابل "قضية فلسطين والمقاومة"، دون أن يحرّر الجولان ولا فلسطين، ودون أن يأذن للمقاومة بأكثر من "الكلام على أرضه" وليس العمل.

جميع هذه الأوراق انطلقت ونُثرت، رشّا ودراكا، منفردة ومجتمعة، أثناء جولة العنف القمعي الأولى، على امتداد ثلاثة أسابيع، استمرّ فيها القتل والاعتقال دون حساب، واستمرّ فيها الإعلام التحريضي ضدّ الثوّار، فانقلب في مفعولها إلى استفزازات عبر إعلام استفزازي تزيد الثورة اشتعالا وانتشارا.

لهذا يمكن القول إن يوم جمعة الصمود في 8/4/2011م، وما وقع فيه على أرض الثورة، وما صدر من مواقف عن النظام الاستبدادي الحاكم، قد تحوّل بهذا وذاك إلى يوم حاسم بين مرحلتين من مراحل الثورة:

1- فهو يؤكّد استمرارها وانتشارها ومتابعة خطاها حتى تتحقق أهدافها المشروعة العادلة..

2- كما ينذر بانتقال النظام الحاكم –على الأرجح- من العنف المطلق مع محاولة التغطية عليه إلى عنف أكبر دون المبالاة بانكشاف مدى همجيته وعدوانيّته على الشعب الثائر.

 

جماعات "القوة الناعمة".. داخل سورية

شهدت الأسابيع الثلاثة الأولى ازدياد جرأة الناشطين الحقوقيين والسياسيين من الأصل على قول ما يقولون رغم ما سبق أن واجهوه من قمع استبدادي..

كما شهدت أصواتا يُعتبر أصحابها "جزءا" من النظام الحاكم، أو "ملحقا" به، تؤدّي دورها –وفق إرادة الحاكم- في محاولة الجمع بين الدفاع المزعوم عن إرادة الشعب من حيث مطالبه المشروعة، وبين "تثبيط الثائرين" وفق إرادة الشعب، تثبيطا ينطلق من ذريعة أن عملية الإصلاح انطلقت، بينما يدرك أصحابها أنّ إرادة الشعب تجاوزت مرحلة انتظار "الاعتراف بالمطالب العادلة المشروعة"، فقد استمرّ الانتظار زهاء نصف قرن، وانتهى، كما يدركون أنّ عملية الإصلاح الموعودة.. موعودة، ولم تنطلق، وأن المثل الشعبي المعروف في سورية "من جرّب المجرّب فعقله مخرّب" يسري بامتياز على علاقة الشعب بالنظام الاستبدادي القائم ووعوده، ولم تكن المشكلة يوما مشكلة "عقل يدرك" حقيقة استحالة أن يصنع الاستبداد عدالة، والسجّان حرية، والمفسد إصلاحا، إنّما هي مشكلة "صبر طويل" نفذ.

ولكنّ السؤال الذي يطرح نفسه وتذكّر به صيغةٌ للتغيير أوردها د. مخلص الصيادي في مقالة له بعنوان "سورية.. الأثمان المرتفعة للتغيير" هو: هل يمكن أن يتحقق طريق التغيير عبر ما ذكره في تلك المقالة:

(النظام السوري، كأيّ نظام بل وأكثر من أي نظام تدعمه قوى "ناعمة" تتمثل في مجموعة من رجال الدين، والمثقفين، وزعماء مناطق وعشائر، وتكوينات دينية وطائفية وعرقية، ومجموعات من التجار والصناعيين وأصحاب المصالح الذين لا يهتمون كثيرا بالظهور لكن كانوا دائما أصحاب تأثير حقيقي في مسار النظام. إن هؤلاء مدعوون بحكم المسؤولية التاريخية تجاه الوضع الراهن لسوريا ومستقبلها لممارسة دورهم تجاه القيادة السياسية السورية، لإعادة تصويب الرؤية، ولاعتماد منهج صحيح في التعامل مع الوضع الراهن، وهناك مصلحة مباشرة لهذه القوى في تحقيق ذلك، بل إن تقاعسهم عن القيام بهذا الدور سيدفع الأمر إلى دروب مدمرة للجميع).

هذه المجموعات موجودة.. ومسؤوليتها ثابتة.. وتأثيرها ممكن.. إنّما يوجد عشرات الأسباب الداعية إلى الشكّ في قابلية النظام الحاكم للتأثّر بها، ويكفي هنا التنويه بواقعة قريبة واحدة، أنّ رئيسة تحرير جريدة تشرين الرسمية، سميرة المسالمة، فقدت موقعها –وهو جزء من النظام القائم- خلال ساعات بعد موقفٍ أعلنته، لم تبتعد فيه عمّا يقول به النظام تحت عناوين.. مؤامرة.. وعصابات إلى آخره، ولكن لمجرّد أنّها طالبت بالنظر أيضا في مسؤولية الأجهزة "الأمنية" عمّا يُستخدم من عنف في مواجهة المتظاهرين السلميين!.

هذه المجموعات التي توصف بالقوة الناعمة، تستطيع التأثير عندما تتحرّك إلى جانب الشعب الثائر، بوضوح، وقوة، تحركا جماعيا، توظّف من خلاله ما تملك من قوّة، في ممارسة الضغوط على النظام الذي يمارس العنف ضدّ الشعب، ليجتمع مفعول هذه الضغوط مع مفعول ضغوط الثورة السلمية المتصاعدة، كي يضطر النظام إلى التراجع، قبل أن تصل الثورة به إلى مرحلة تجعل طريق العودة مسدودة عليه هو، وليس على الثورة.. فهي ماضية حتى تتحقق أهدافها.

لا يزال تحرّك غالبية من ينتسبون إلى "القوة الناعمة" انفراديا، محدودا، وخجولا إذا صح التعبير.. وهذا ما ينبغي أن يتغيّر، وسيتغيّر بقدر ما تتابع جماهير الشعب الثائرة خطاها رغم التضحيات التي يفرضها عنف النظام ضدّها.

درعا.. الصامدة، لم تعد وحدها في الميدان، حوران بمدنها وقراها لم تعد منفردة في تقديم التضحيات، فقد أصبح لثورة الشعب في سورية عشرات "ميادين التحرير وشوارع التعبير" في حمص، واللاذقية، وبانياس، وجبلة، وحماة، وطرطوس، والقامشلي، والحسكة، وإدلب.. وغيرها، كما أنّ العاصمة السورية دمشق تضمّ في جنباتها الثائرين، وإن بقيت وسائل الإعلام مقتصرة على "توزيعهم" على مواقع في "ريف دمشق" كأنّها تتجنّب القول باندلاع الثورة في "العاصمة"، فدوما، والتل، وعربين، وكفر سوسة، وسقبا، والمعضمية، وأخواتها، جزء من دمشق العاصمة، وما بدأ في صيغة مظاهرات في المساجد والشوارع، واعتصامات ليلية ونهارية، ينذر النظام الحاكم القائم، بأنّ الاستمرار على ممارسة العنف القمعي، يزيد الثورة الشعبية السلمية تصعيدا وانتشارا، ويستحيل أن يكسر ما يعنيه الهتاف باللهجة السورية: "ما في خوف بعد اليوم"..

الخوف يسري في عروق النظام الاستبدادي الحاكم وليس في نسيج الشعب "الواحد"، إنّما هو الخوف على استبداده وفساده وبقائه واحتكاره للسلطة، فإنّ تحوّل –قبل فوات الأوان عليه- إلى خوف على سورية وطنا وشعبا وتاريخا وحاضرا ومستقبلا وطاقات كبرى على الصعيد الإقليمي والعربي والإسلامي.. آنذاك، يجد الطريق إلى التخلّي عن العنف، والتلاقي مع "القوى الناعمة والخشنة" ومع "المعارضة المنظمة وغير المنظمة" ومع الشخصيات المعتبرة من "المخلصين في سورية وخارجها" ليشترك الجميع على قدم المساواة، في وقت واحد، في الخضوع لإرادة الشعب الواحد، بكل فئاته وأطيافه، ويصنعون معا "الثورة" على واقع مضى، ويضعون معا جدولا زمنيا لمخطط تغيير جذري شامل، عسى يكتسب ثقة الشعب الثائر.. وآنذاك –فقط- يمكن أن يهتف الشعب للجميع، ويتحرّك بهم ومعهم، بدلا من أن يتحرّك ضدّ النظام، ويستثير وجدان الجميع للتحرّك معه، وصناعة التغيير الجذري المنشود.. رغم النظام الاستبدادي القائم.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ