ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 19/03/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

يا قادة المعارضة ..أمامكم الرموز الثلاثة فكونوا أمام شعبكم في المواجهة

د. منير محمد الغضبان

لقد أمضيتم حياتكم تعلنون حربكم ضد النظام الفاسد ، النظام الذي يأخذ ولا يعطي ، والذي يفسد ولا يصلح . وقلتم كلمتكم بدون مواربة : نريد التغيير السلمي للنظام.

وتحملتم مقابل كلمتكم الشريفة المعتقلات ونزلتم في أقبية السجون ، وحرمتم من مغادرة وطنكم لتدافعوا عن شعبكم في منتديات حقوق الإنسان ، وهاهو شعبكم بين أيديكم يقول: الشعب يريد تغيير النظام ، ويريد منكم أن تكونوا قادته بكل أطيافكم واتجاهاتكم . فأنتم الأسد الذين يذودون عن العرين . وربيتم جيلا لا يرى سوى الموت سبيلا لحريته ، يقدمون صدورهم عارية للسلاح وزنودهم السمر تُكسّر بها بنادق النظام .

دعوا الكلام . والتنظيم والتعبئة لشعبكم لكن كونوا أمامهم فقط ، فهو أكبر نصر لهم ، فأنتم أساتذتهم . علمتموهم كلمة الحق أن يقولوها ولو على أرواحهم ، وهاهم جاؤوا ليقولوها .أنتم علمتمونا ونحن في الخارج الصبر في الداخل . والجهاد على الثغر بعد أن حرمنا من أوطاننا ، وليس لنا بين أيديكم كلمة أو موقف أو رأي فأنتم أدرى بالوطن في داخله ، وأعلم به في مواطنيه .

ودعوني أعبر عن قادتكم العظام الثلاثة جيل الثمانين شارفها أو تجاوزها . هؤلاء القادة الثلاثة الذين سلخوا من عمرهم في سجون الطاغوت الأسدي حافظ وبشار سنوات طوالا وعلمونا حيث تكون الكلمة أقوى من الرصاصة ، وحيث يكون الموقف أعظم من المدفع . وحيث يكون الحق أعظم من القوة .

هاهو أشب القادة الثلاثة المهنس غسان النجار الذي خرج للتو من السجن يدعو إلى التظاهر السلمي في حلب للمرة الثانية في الخامس من شباط قائلا:

إلى الشعب السوري ، إلى الأصدقاء جميعا ، ثم يتوجه للنظام قائلا:

أخيرا أرجو أن تسمحوا للشعب والشباب أن يعبروا عن رأيهم بكل حرية . وأنا أكفل أنها لن تخل بالأمن ، فحرية الرأي والتظاهر كفلها الدستور . فالشعب السوري متحضر وعلى درجة من الوعي . ولن يكون أقل من باقي الشعوب المتحضرة

الحرية للشعب ، وعاشت الشبيبة المناضلة درع الشعب والوطن . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

والشيخ القائد الثاني هيثم المالح يقول لشعبه وهو في وطنه وبين يدي السلطة الطاغية الظالمة وهو في سيارته عائدا لبيته .

يقول : التغيير في سورية صعب . ونحن أحق الناس بالديمقراطية . وطريق الجنة صعب ، وحقت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات ، وقد لاقينا من الظلم والفساد والطغيان ما لم يلقه أحد . ولم نترك وسيلة إلا طرقناها من أجل التغيير ولكن لا أحد يسمع ، ولا حياة لمن تنادي، وإرادة الشعب أخيرا فوق إرادة الطغاة لأنها من إرادة الله.

وهاهو القائد المناضل الثالث رياض الترك يخاطب شعبه قائلا: لقد ولى زمن السكوت.لن تبقى سورية مملكة الصمت .

في سورية اليوم طيف اسمه الحرية يهيمن على كل أرجاء الوطن ، ورياح التغيير التي هبت في الأشهر الثلاثة الأخيرة على كل العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه ، لا يمكن لها في النهاية إلا أن تطرق باب الوطن السوري الكبير – لقد سقط حاجز الخوف –لقد غير الخوف من وجهته ، وانتقل من طرف الشعب إلى طرف السلطة .

إن الملايين التي تهاجم اليوم بصمتها عنف الاستبداد وجبروته في دمشق وحلب واللاذقية وطرطوس في حمص وحماة في حوران وجبل العرب لن تلبث أن تخرج عن صمتها وتواجه هذا الاستبداد بوقفاتها الاحتجاجية ،وتحركاتها السلمية ، مستندة إلى تضامن أبناء المجتمع السوري وتكاتف الجيش مع الشعب .. ولن يبقى الخوف مطبقا على الصدور ، ولن يبقى الوطن سجنا كبيرا (الشعب السوري ما بينذل)كما هتف متظاهرون في دمشق وحلب قبل أيام . وهو يريد الحياة الكريمة ومن إرادته سينبثق فجر الحرية . وستولد سورية الجديدة .

أيها العظماء الأبطال ، أيها الرموز الثلاثة ، يا سادتنا وقادتنا ، يا قادة المعارضة في سورية الحبيبة الآن دوركم ن والشعب رهن إرادتكم وقد قرر أن يموت ليحيا من جديد وكما قال الحسين سيد الشهداء .

كفى بك موتا أن تُذل وترغما

أيها العظماء الثلاثة . وقد مثلتم كافة التيارات الفكرية للأمة , هلا ضممتم معكم عظماء آخرين يمثلون كافة طوائف الأمة من الدروز والأكراد والعلويين والعشائر. والأمة جميعها تثق بكم , بحكمتكم وقيادتكم .

أنتم ربيتم هذا الشعب الثائر، ولم يربه حافظ ولا بشار إلا على الذل والخنوع والموت

فأنتم مع كافة المعارضة في الداخل والخارج يدعون إلى الثبات وقول الحق وإزالة الظلم والفساد

(ولتأخذن على يد الظالم . ولتأطرنه عن الحق أطرا . ولتقصرنه على الحق قصرا )

نحن في خارج الوطن نملك قلوبا تحيا بكم ، وتؤازركم وتدعو لكم ، وأنتم الهداة في الداخل ، والحداة للركب ، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.

==============================

هل يتخلى النظام السوري عن الحوار بالهراوة؟

الطاهر إبراهيم*

في إحدى إطلالاته الكثيرة التي نادرا ما تأتي بفائدة، بل لا تكاد تأتي بخير، ظهر علينا "وليد معلم" وزير الخارجية السورية يوم الثلاثاء في15 آذار الجاري ليقول:"إن الحوار بين النظام وبين الشعب مستمر، وإن لنا أسلوبنا الخاص في الإصلاح، وإن الإصلاح يجب أن يسير وفق نظام البلد وليس خرقا له، وإن هناك حوارا مع المنظمات الشعبية في سورية".

هذا الخطاب الخشبي المعلب غادرته معظم الحكومات التي تحترم نفسها، ولم يعد يتمسك به إلا قلة من الأنظمة العربية القمعية التي لا تجيد الحوار مع شعبها إلا من خلال التعذيب في أقبية المخابرات، كما هو حال النظام في سورية.

سورية الآن مقبلة على حوار حضاري من نوع آخر يختلف عما عناه "معلم". حوار سيجريه الشباب السوري في الميادين العامة وهو ينتفض على غرار مافعله الشباب التونسي والشباب والمصري. وسيرى العالم كله صدقية تصريح الوزير السوري من خلال سلوك النظام. فهل نرى حوارا يليق بشعب سورية؟ أم أن أجهزة الأمن السورية ستجري الحوار على طريقتها الخاصة المعروفة مع الشباب الذي بدأ انتفاضته في دمشق وحلب يوم الثلاثاء في 15 آذار؟

النظام التونسي القمعي والنظام المصري المستبد، ربما كان لهما فضيلة واحدة وهي أنهما لم تمتد أذرعها الفاسدة إلى الجيش في تونس وفي مصر. فقد احتفظ الجيش التونسي والجيش المصري بقدر لا بأس به من الالتزام الوطني. ونحن نعتقد أن القيادة التونسية كما القيادة في مصر حاولت أن تزج الجيش في قمع المتظاهرين، فرفض الجيش في تونس ورفض الجيش في مصر النزول عند رغبات القيادتين بحجة منطقية وهي الخوف من انقسام الجيش على نفسه. وبقي الجيش متماسكا وحارسا للأمن الوطني في تونس وفي مصر.

في سورية كان الأمر مختلفا، منذ انقلاب آذار عام 1963 على الديمقراطية. فقد حول حزب البعث الجيش السوري المقاتل الذي كان يحرس الحدود في وجه عدوان إسرائيل إلى مؤسسة عقائدية كأحد مؤسسات حزب البعث. مع ذلك فهناك اعتقاد لدى الشعب السوري أن الجيش لن يستجيب لقيادته إذا ما حاولت الزج به في قمع زحوف المواطنين الهادرة التي ستسيل بها شوارع وميادين المدن السورية فيما لو رفض النظام الاستجابة لما تطلبه التظاهرات السلمية بأن ينزل النظام عند رغبة المواطنين في أن تكون سورية دولة لكل مواطنيها ليس فيها أبناء "ست" وأبناء "جارية". وأن تعود سورية دولة ديمقراطية، يتم فيها تداول السلطة، فتقتسم الأحزاب الحكم فيها، كل بحسب ما ينال من حصة من خلال صناديق اقتراع شفافة.

بعض السوريين غير متفائل باستجابة النظام السوري لطلبات المواطنين. لأن النظام استعمل القمع سابقا في مناسبات معروفة، لا نريد أن نسميها أو نعيد ذكرها الآن. لكننا نعتقد أن ذلك جرى عندما استفرد النظام بكل مدينة سورية على حدة، وكان هناك تعتيم دولي، بل وكان هناك رضى من دول توافق على قمع الإسلاميين.

من خلال مارأينا، فلقد تغير السلوك الدولي تحت ضغط منظمات حقوق الإنسان، وذلك أثناء الثورة التونسية. فقد وجهت تلك المنظمات نقدا لاذعا للحكومات الأوروبية التي تكتمت على انتهاكات حقوق الإنسان في تونس قبل الثورة.

لايفوتني هنا أن أنبه الشباب السوريين المنتفضين بألا ينجروا إلى مقابلة عنف السلطة بعنف مقابل، لأن المعركة غير متكافئة. وربما كان من الأنفع أن تنتفض المدن السورية كلها في وقت واحد. وأن تجري الاعتصامات في كل الشوارع، لأن ذلك يشتت أجهزة الأمن. كما أحذر من تدمير المنشآت لأنها ملك للأمة.

يبقى أن نقول إن النظام السوري مخير بين السلوك السلمي الذي اتبعه النظامان التونسي والمصري في التصدي لمواجهة المتظاهرين، وبين السلوك العنفي الذي اتبعه معمر القذافي المحكوم بالزوال مهما استعان بطيارين من دول قمعية أو بالمرتزقة.

عناصر الأجهزة الأمنية السورية تتحرك للقمع عندما لا يكون هناك مقاومة لها. ولا يدري النظام كيف سيكون سلوك هذه العناصر إذا صمد الشباب في وجهها، فقسم كبير من عناصر تلك الأجهزة سوف ينحاز إلى الشعب لأنه منه. يبقى أن الجيش خط أحمر، ربما يفكر النظام ألف مرة قبل إنزاله إلى الشوارع لمقاومة المتظاهرين. فالجيش في أكثريته الساحقة (جنود وضباط صف وضباط الرتب الصغيرة) غير موال للنظام، وقد عانى كثيرا من إهمال النظام له خلال خمسة عقود.

حفظ الله سورية وحفظ أبناءها.

*كاتب سوري

============================

اللحظة الأليمة ..حيث لانصر..ولاهزيمة

نوال السباعي - مدريد

مشاعر مختلفة ومضطربة تجتاح المرء ،وهو يرى احتفال بنغازي بقرار مجلس الأمن تطبيق الحظر الجوي اخيرا على ليبيا بشروطه وملابساته ، بعد أن منح "المجتمع الدولي" النظام في ليبيا شهرا ، ليحاول استعادة سيطرته على الدولة والشعب ، لكن صمود الثوار الليبيين وعزمهم وتصميمهم ، حال دون أن يستطيع القذافي وأبناءه استعادة أمجاده الواهية ، وإحكام السيطرة من جديد على شعب كان قد نهب ثرواته الهائلة ، وسامه سوء الذل والعذاب .

على الرغم من المبررات الكافية التي قد يجدها أهالي بنغازي للاحتفال بذلك القرار ، لردع هذا النظام الإجرامي ، ولجمه عن الولوغ في الدماء ، بعد أن استنفذ كل وسائل القهر والتركيع ، حتى وصل به الحال ان يقطع عن الناس الماء والكهرباء ، ويهددهم بأعراضهم ودمائهم ، فإننا لانجد حلاوة لتلك اللحظة الأليمة ، حيث لانصر.. ولاهزيمة ،فلم ينتصر الشعب ، ولم يُهزَم الطاغية الجبان الذي يستأسد على شعبه ، لقد انتصر المجتمع الدولي بقدرته على حياز كل مصالحه في الوقت الذي يبدو فيه المخلص الوالمنقذ ، وانهزمنا ، انهزمنا لأننا وللمرة الثالثة ومنذ غزو الكويت ، نضطر للاستعانة بالآخرين للخلاص من طغاتنا ، إنها ساعات مريرة تلك التي تحتاج فيها الأمم للاستعانة ب"الأعداء" لتتخلص من ذوي القربى ، ولقد تكررت هذه اللحظات في تاريخنا القريب والبعيد ، حتى أن حكامنا أنفسهم وعلى رأسهم القذافي المذهول ، كان قد استعان بإسرائيل لإعادة سيطرته على ليبيا !.

لم يترك لنا حكامنا خيارات كثيرة في معاركنا معهم من أجل الحرية والكرامة والحياة ، لقد سدّوا الأبواب في وجه الأمة ، إلى درجة استعانتها بالرمضاء من النار ، معظمهم اليوم مابين مرقع ومقرقع ومفرقع ، لهم بطائن لاتسمع ولاتعي ولاتفهم ، يستمدون منها وجودهم ، وتستمد منهم قوتها الشيطانية على البطش الوحشي ، وبينما يقوم البعض منهم بالاستعانة بالعسكر لقمع الثورات، يقوم آخر بمعالجة شعبه الصامد المتألق المذهل ، بالغازات السامة المحرمة ، ويقوم ثالث برشوة شعبه بالمليارات التي لايدري أحد من أين جاء بها على حين غرة ، وكأنها كانت قد سقطت منه سهوا! ، مليارات تنهض بها أمم ودول ومدنية ،لكنها في سياق رشوة الشعوب سترمى في مقالب التضييع والترهات ، بينما يستصدر الرابع مذكرات قضائية بحبس الأحرار الثوار الأبطال ، الذين وقفوا في وجه طغيانه الأعمى الذي أصم وأبكم شعبا لاقدرة لديه على رفع الصوت ، ولاقدرة لرجاله على الثورة ، فكانت نساؤه هن الرائدات وهن الثائرات وهن أشجع الشجعان في أرض الذل والاستكانة.

لايتعلم معظم حكامنا الدروس ، ولايفقهون سنن الحياة ، لأنهم لايتمتعون بأدنى قدر ممكن من الذكاء ولاالإنسانية ولا الأخلاق ، ولأنهم يحكمون شعوبا لا تحبهم ولاتثق بهم ، وأوطانا لايخدمونها ولايحرصون عليها ، لقد ركبوا ظهر الأمة وادّعوا نصرة القضية ، التي باسمها خانوا الأمة والأمانة والحاضر والمستقبل والقضية نفسها!، لاتجد فيهم حريصا على مشاعر شعبه ولاسلامة مواطنيه ولاأمن بلاده ، لقد جعلوا خياراتنا محدودة للغاية ، بين الامن والحرية ، بين التهريج والتصفيق لهم أو الفرم في آلات تعذيبهم الرهيبة ، بين الذبح والاستعانة بالعدو الذي أصبح صديقا وملاذا !، وأجارنا الله من من مثل زمن ملوك الطوائف!!.

نجد أنفسنا هذا اليوم العصيب ، أمام تحديات تاريخية ، تعيد رسم خارطتنا النفسية والفكرية ، من هو العدو ؟ ومن هو الصديق؟ من هذا الذي يمدّ لنا يد العون ، وقلبه على مصالحه وعينه على ثرواتنا ؟ ومن ذاك الذي غلّب مصالحه وشراكاته السرية على سيل الدماء وعذابات الشعوب ؟ من نحن؟ وماذا نريد؟ وإلى أين تمضي الأمة في هذه الايام المباركات باستيقاظ الشعوب ، النحسات بأداء حكام أقل مايقال فيهم أنهم أغبياء عملاء! .

أين ستتجه ليبيا ؟ وماذا تخبيء لنا الأيام القادمة ؟ هل هي الحرب الأهلية؟ هل هو انقسام ليبيا ؟ هل هي قدرة الشعب على إخراج هذه العائلة الحاكمة من أرضه وحياته ، وهو ليس بالأمر السهل ؟ ، وماهو الثمن ؟ ، ماهو الثمن الذي سندفعه عاجلا وآجلا لهذه المساعدة الغربية الأممية ؟ ، وهل نحن قادرون على تحويل هذه المساعدة إلى فعل إيجابي في عالم البناء الاجتماعي ، والقرارات السياسية ، ونهوض الأمة والإنسان ، وبدء مرحلة جديدة في تاريخنا تتغير فيها كل الأشياء ، بدءا من نظرتنا للإنسان والوطن ، وانتهاءا بنظرتنا إلى القضية الفلسطينية ، وإمكانيات التعامل معها ، لأنها أولا وآخرا هي القضية ، وهي التي تطوف حولها كل عذاباتنا وثوراتنا وآمالنا ، وإليها يجب أن تحج كل تطلعاتنا نحو الغد والمستقبل .

==========================

دردشات ثوروية في الساحة السورية

نرفزة رسمية تجاه ثورة شعب ليبيا والدعوات الشبكية

نبيل شبيب

لا يخفى مدى التشابه بين أوضاع ليبيا قبل الثورة وأوضاع سورية حتى الآن، وليس مجهولا أنّ التعاون بين الطرفين كان "حميميا" على مختلف المستويات، بما فيها الاستخباراتية والعسكرية، وهذا ما جعل ثورة ليبيا "مثالا" يتطلّع إليه كلّ من يعايشه ويتساءل عن مستقبل سورية، من الداخل والخارج، من جهاز الحكم ومن يرتبط به، ومن الشعب والمعارضة وجيل الشبيبة. إنّما لا يخفى أيضا وجود اختلاف في البنية الهيكلية للحكم القائم في سورية وسواه، بما في ذلك البنية الهيكلية للحكم في ليبيا، ومن هنا التساؤلات المطروحة خلال متابعةِ دمويةِ الكيان القذافي، حول ما يمكن أن تشهده سورية في نطاق رياح التغيير الشاملة للمنطقة العربية بكاملها، مقابل تساؤلات –وحتى تمنيات- أن يأخذ التغيير الجذري المحتم في سورية مجراه إما على غرار ثورة شعب مصر بأبعادها السلمية والحضارية والواعدة مستقبليا، أو على أساس استباق الثورة بتغيير جذري شامل يتحوّل النظام الحاكم في سورية من خلاله بنفسه إلى جبهة الشعب حقيقة لا كلاما.

 

حقائق أم شائعات

أثناء الأسابيع الثلاثة الأولى لثورة شعب ليبيا تردّدت أخبار عديدة لافتة للنظر حول الموقف الرسمي السوري من الثورة، ونوعية العلاقات السورية-الليبية وهل تتضمن دعما للكيان القذافي ضدّ الثوار. ولا يمكن الجزم بصحة خبر من الأخبار دون توافر أدلّة قطعية، إنّما لا يمكن العثور على أدّلة قطعية في الظروف الليبية الراهنة بسهولة، هذا علاوة على أنّ المصادر الإعلامية –كفضائيات الجزيرة والعربية وسواهما- التي أصبحت مصادر رئيسية لتقديم الأدلّة من صور وشهادات ووثائق، يمكن أن تتجاوز بتأثير ظروف عملها والظروف العربية ما تفرضه المهنية الإعلامية في جوانب "فرعية" –كالسلوك الرسمي السوري- ترتبط بالحدث الرئيسي، كثورة شعب ليبيا.

لقد تردّد أنّ طياريْن سوريين اثنين على الأقلّ شاركا في الغارات الجوية القذافية على الثوّار، وأنّ أحدهما تمّ تشييعه ودفنه في سورية بعد سقوط طائرته ومقتله.. ونفت المصادر الرسمية السورية ذلك بطبيعة الحال، كما تردّد أنّ باخرة مشحونة بالأسلحة والسيارات الصالحة للاستخدام العسكري غادرت ميناء اللاذقية السوري باتجاه طرابلس، ونفت المصادر الرسمية السورية ذلك أيضا.. ولا يمكن حتى الآن الجزم بحقيقة الأمر، وتردّد سوى ذلك من أخبار مشابهة، ممّا لا يمكن نفي صحته ولا تأكيده –حتى الآن- بصورة قاطعة، إنّما يمكن تعداد العوامل التي ترجّح هذا أو ذاك، ومنها:

1- نوعية التعاون بين الطرفين.. وهو قائم منذ زمن بعيد، وتجلّى مفعوله بصورة أوضح خلال مناقشات جامعة الدول العربية للموقف الواجب عربيا تجاه ثورة شعب ليبيا والكيان القذافي، فقد تركزت المعارضة على المسؤولين من الجزائر وسورية تخصيصا حتى اللحظة الأخيرة.

2- يرى النظام الحاكم في سورية لنفسه –على الأرجح- مصلحة موهومة في ألاّ يسقط الكيان القذافي عبر ثورة شعبية، إذ يعني ذلك انتشار الاقتناع بأنّ اندلاع الثورة في سورية لا يمكن قمعه بالقوة المسلّحة، وهو ما لا يبالي المواطن السوري العادي بتفاصيله، مثل ضبط البنية القمعية والعسكرية في سورية على نحو يختلف عنه في ليبيا.. فالقاعدة أو الانطباعات العامة هي التي تؤثّر على العامة، وبالتالي يمكن أن تشجّع على الثورة.

3- تأثير العلاقة بين قطر وسورية، وكذلك تأثير التوجّهات "القومية" الذاتية على فضائية الجزيرة الأكثر متابعة للثورات العربية من سواها، وهو ما لا يلغي مكانة الجزيرة شعبيا بالضرورة إلا إذا بلغ هذا التأثير درجة بعيدة المدى، فعنصر الاستقلال الإعلامي وعنصر المهنية أمران نسبيان، يلعبان دورهما في تفضيل وسيلة إعلامية على أخرى شعبيا، ويمكن موضوعيّا تقدير عدم رغبة الجزيرة في فتح "جبهة عدائية عربية" أخرى في الظروف الراهنة، إضافة إلى ما تلقاه في دول عربية عديدة حتى الآن. وكان ممّا يلفت النظر في متابعة الأخبار ذات العلاقة بسورية، تراجع الفضائية عمّا نشرته من أخبار حول التعاون الرسمي العسكري السوري-الليبي، بل وإلغاء تقارير نشرتها حول أحداث شهدها تاريخ سورية الحديث مثل ما يُعرف بمجزرة سجن تدمر التي يجري تشبيهها بمجزرة سجن مشابه في ليبيا عام 1996م، أو استخدام الأسلحة الثقيلة في تدمير مدينة حماة وتشبيه ذلك بما صنعه الكيان القذافي بعدد من المدن الليبية حاليا.

من المؤكّد أن المسؤولين في سورية يقدّرون حاليا استحالة بقاء الكيان القذافي، ويعلمون أنّ سقوطه بات مسألة "وقت" فحسب، ولئن كان في إطالة فترة احتضاره، وظهور حجم التضحيات، ما قد ينظرون إليه كعامل ردع وترهيب من احتمال التحرّك في اتجاه الثورة بسورية، ولكن المفروض بالمقابل، أن يقدّروا في الوقت نفسه –وهذا بالذات ما تشير إليه السرعة في نفي أخبار أو شائعات حول التعاون الحالي- أنّ تثبيت مثل تلك الاتهامات عليهم بشأن المشاركة في القمع الدموي للثوار الليبيين، يضاعف من درجة الاحتقان الشعبي داخل سورية، ويضاعف بالتالي من احتمالات الثورة.

رغم ذلك لا ينبغي إعطاء الدور الحقيقي الذي يمارسه المسؤولون في سورية على صعيد التعامل مع ثورة شعب ليبيا أكثر من حجمه الفعلي، فالمشكلة الحقيقية في سورية الآن ليست في تقديم الدعم أو عدم تقديمه لمثل ذلك الكيان الدموي الاستبدادي في ليبيا، بل هي مشكلة (1) واقع الوضع القائم في سورية بحدّ ذاته من حيث الأصل، ومدى إدراك المسؤولين لاستحالة توقّف رياح التغيير عند الحدود السورية.. (2) ما يستخلصونه من ذلك لاستباق الثورة المحتملة بتغيير جذري حقيقي، أو الاقتصار على إجراءات ترقيعية استباقية، لا تسمن ولا تغني من جوع كما يقال.

 

الدعوات الشبكية للثورة

واضح من متابعة الشبكة العالمية أنّ الجهود القديمة لأجهزة المخابرات السورية، قد تضاعفت منذ اللحظة الأولى لانتصارات ثورة شعب تونس إلى حد كبير، ولكنّها تضاعفت كمّاً ولم تتغيّر من حيث نوعيتها. وبتعبير آخر، ما زالت تتبع –علاوة على الملاحقة والاعتقالات داخليا- أساليب تقليدية غوغائية مستفزة عبر الشبكة نفسها، وتساهم بالتالي في زيادة الغليان والاحتقان، ولم تستفد من تجارب الثورات العربية، ربما نتيجة العجز الذاتي عن الاستفادة أصلا لتغيير تلك الأساليب. من الأمثلة على ذلك:

1- يتابع المخبرون السوريون المقالات الإعلامية الاعتيادية، والمدوّنات الشخصية، وما يسمّى مواقع التواصل العالمية، وحتى المواقع السورية الناشئة حديثا، التي تقلّد شباب مصر وشباب تونس في الدعوة إلى مظاهرات جماهيرية سلمية، في مواعيد محددة، فيغرقونها بتعليقات مضادّة، المهمّ فيها هو الكمية، فالمضمون أوهى بكثير من أن يردّ حجة، أو يثبت أمرا إيجابيا، أو يعطي معلومة مخالفة.. ويكشف الأسلوب أن الأقلام التي تسجّل تلك التعليقات أقلام معدودة، أي مجنّدة استخباراتيا لهذا الغرض، ومن السهل على فردٍ يقضي بضع ساعات على "هذه المهنة" أن يكتب كمّاً ضخماً من التعليقات ردّاً على عشرات أو مئات ممّن يريدون التعبير عن الكلمة التي خنقتها الأنظمة الاستبدادية زمنا طويلا.. وبدأ الانفجار الشعبي ضدّ استبدادها.

2- من الملاحظ أيضا أنّ هؤلاء يتعمّدون استخدام الألفاظ النابية والسباب البذيء الفاحش، ولا يبدو أنّ ذلك يعود فقط إلى أنّهم لا يتقنون سوى ذلك، بل يستهدف أيضا دفع العامّة من الشباب والشابات من الجيل الذي أصبح يصنع الثورات، إلى الامتناع عن "المشاركة" في حوارات أو تعليقات أو تواصل، فهم يعلمون أنّ الجانب الخلقي هو الجانب الغالب على تربية هذا الجيل، رغم حملات الانحلال الأخلاقي الطويلة، وهذا بعض ما كشفت عنه الثورات التي أطلق عليها وصف ثورات الشباب، فالمطلوب أن يشعر الشباب والشابات بالقرف والتقزّز من البذاءات المكتوبة.. فينأون عن المشاركة في أصل الحوار الجادّ. بل يظهر لِمن يقارن بين "أساليب التعبير اللغوية" بسهولة أنّ بعض هؤلاء المخبرين، يتقمّص لنفسه عمدا اتجاه المعارضة، مع استخدام تلك اللغة الدونية المنحطّة لديه، في محاولة مكشوفة لإعطاء "الحوار" بمجموعه صبغة حوار ساقط، لا قيمة له، كي يربأ جيل الشبيبة –تحت تأثير سجاياه الخلقية- بنفسه عن المشاركة فيه، فيتحقق الغرض المطلوب رسميا.

3- من جانب آخر.. لا عيب في أن يقلّد الشبيبة من البلدان العربية الشقيقة بعضهم بعضا فهذا الجيل يثبت وحدة الأمّة على أكثر من صعيد، إنّما لا بد في الوقت نفسه من تقدير أنّ حقبة التجزئة لعدّة أجيال أعطت لكل قطر عربي خصوصيات، وجعلت عملية التحرّك إلى أرضية "حقبة الثورات" الحالية متفاوتة السرعة والنوعية بين قطر وآخر. لقد شملت عملية الإعداد للثورة في مصر مثلا دعواتٍ شبكية وغير شبكية، إلى احتجاجات ومظاهرات صغيرة ونوعية، مرة بعد أخرى، لعدّة سنوات، حتى إذا آن أوان الثورة موضوعيا وتاريخيا كانت الدعوة الشبكية إلى مظاهرات سلمية موضوعية موضع استجابة واسعة النطاق، سرعان ما استقطبت جميع فئات الشعب على أرض الواقع.. هذه الصورة مختلفة عمّا كان في تونس من قبل، ومختلفة عما وقع في ليبيا والعراق واليمن والأردن والبحرين وسواها من بعد، وهذا الاختلاف يسري على سورية، وإن كان القاسم المشترك بين جميع الأقطار العربية قائما، وحتمية التغيير سارية المفعول.

إنّ السؤال الذي يطرح نفسه على صعيد سورية، لا ينحصر في السؤال عن استخدام الدعوة الشبكية وكيف ينبغي أن يكون، بل هو السؤال الحاسم عمّا ينبغي العمل من أجله الآن، أو السؤال عن مضامين الدعوات التي تحقق أغراضها في الوقت الحاضر، لتحقيق أهداف قريبة ممكنة، تصبّ حصيلتها في اتجاه تحقيق هدف التغيير، ثم يتفرّع عن ذلك السؤال عن الكيفية المناسبة لاستخدام "وسيلة" التواصل الشبكي.

 

معيار الذكاء في قرار استبدادي

يتردّد أحيانا أنّ ما انتشر من نعوت حول الكيان القذافي لا سيما حول "تصرّفاته الجنونية" لا يسري على الحكم القائم في سورية، وهذا صحيح.. ولكن لا تكمن فيه "خصوصية" الوضع في سورية، إذ لا تسري تلك النعوت على سائر الأنظمة العربية الأخرى، سواء تلك التي اندلعت الثورات ضدّها وأعطت ثمراتها المبدئية أو تلك التي تنتظر، وسورية واحدة منها.

ليس السؤال الأهم –الذي يشغل للأسف الأنظمة الحاكمة- هو كيف تختلف عن بعضها بعضا في التفاصيل، بل هو السؤال عن القواسم المشتركة بينها، وهي كثيرة، وهي التي تجعل الاستبداد القائم وصمة مشتركة فتجعل التغيير الجذري محتما.. فيها جميعا.

وبالتالي ليس المهمّ –وهو ما يشغل الأنظمة الحاكمة حتى الآن للأسف- هو كيف تواجه إرهاصات الثورة لدى كل منها بطريقة "قمع" أخرى تختلف عمّا شهده سواها حتى الآن، أو تتطابق معها، إنّما المهمّ هو كيف ينبغي أن تتصرّف بعقلانية كافية وبسرعة كافية لتحقيق التغيير الجذري طوعا، دون اضطرار الشعوب إلى اتباع وسيلة الثورة لإرغامها عليه قسرا.

كل نظام استبدادي يزعم لنفسه –أو يخدع نفسه بأن يزعم لنفسه- قدرا من الذكاء والدهاء يتفوّق به على سواه، ويحاول بذلك أن يخفّف من درجة قلقه هو على مصيره في حقبة الثورات العربية الحالية، وهذا أخطر ما يواجه الحكم القائم في سورية.. فالحصيلة هي تفويت الفرصة الزمنية القصيرة المتوافرة للتغيير الجذري قبل اندلاع ثورة مفاجئة، بغض النظر عن لحظة اندلاعها من حيث لا يدري الحاكم ولا يحسب لها حسابا، وبغض النظر عن مجراها.. فالثورة منتصرة حتما، منذ لحظة اندلاعها الأولى.

إن حقبة الثورات العربية تنطوي دون ريب على فرصة كبرى في مسار تاريخ المنطقة لتحقق لنفسها مكاسب بالغة الأهمية والتأثير في الحاضر والمستقبل على جميع المستويات، وهي مكاسب تعود في حصيلتها على الشعوب والحكومات معا، مع فارق حاسم، وهو أن الشعوب هي الشعوب.. فلن تتبدّل، أمّا الحكومات فيمكن أن تتبدّل، فإن بدّلت نفسها بنفسها وفق مسار التاريخ وتيّار الحقبة الثوروية الحالية فيها، ساهمت بسرعة تحقيق تلك المكاسب وكان لها من ذلك نصيب، وإن أبت وقاومت إرادة الشعوب وتشبّثت بالاستبداد والفساد، فستضيف إلى أوزارها الماضية أوزارا جديدة، ثم تزول في نهاية المطاف، وتتحقق إرادة الشعوب، ويتحقق التغيير الجذري، ويأخذ التاريخ مساره الطبيعي.. وهذا أهم دروس مجرى ثورة الشعب في ليبيا، التي ستنتصر رغم إراقة الدماء وإن وقعت انتكاسات، والتي ينبغي أن "يستفيد" الحكم القائم في سورية منها، إيجابيا لا سلبيا.

لا ينبغي للحكم القائم في سورية أن يضع نفسه بين خيارات متعددة تحصره في "كيفية" مواجهة حدث الثورة فقط، وبأي أسلوب قمعي استبدادي، وكيف يستفيد في هذا الإطار وحده من ثورات أخرى، فما يدّعيه لنفسه من عقلانية، وإيجابيات في السياسات الإقليمية والخارجية، وسوى ذلك، بغض النظر عن تقويمٍ ما في هذا الموضع، يوجب عليه أن يرى نفسه بين خيارين اثنين لا ثالث لهما: الاستجابة السريعة والشاملة لإرادة التغيير الجذري الشعبية، أو المناورة فالخسارة.. والمفروض وفق ما يدّعيه لنفسه أن يأخذ بالخيار الأول، فهذا معيار حقيقي وحاسم، بشأن ما يوصف بذكاء النظام الحاكم.. لا سيما إذا كان استبداديا.

============================

الاستبداد ودوره في تبلد الشعوب وغبائها( شواهد تاريخية )

د / أحمد عبد الحميد عبد الحق

يذكر المختصون النفسيون أن للغباء والتبلد أسبابا عدة ، منها الوراثة ، والبيئة ، وسوء التغذية ، والمرض الجسماني والعقلي ، وغيرها مما هو معدد في كتب علماء النفس ، ولكن تلك الأسباب على أهميتها ليست إلا أسبابا ثانوية ..

فالوراثة مثلا ليست سببا أصيلا في الغباء ، بدليل أننا نرى أبناء الأسرة الواحدة يختلفون أحيانا في درجة ذكائهم ، كما أن البيئة وحدها ليست سببا رئيسا في وجود التبلد ؛ لأننا نرى أبناء الحارة الواحدة منهم من يصل إلى درجة العبقرية ، ومنهم من تلازمه البلاهة ، وسوء التغذية وإن كان له دور في التكوين العقلي للإنسان إلا أن تأثيره نسبي ؛ بدليل أننا نرى في أحايين كثيرة نابغين من بين البؤساء والمعدومين ..

أما السبب الأول والرئيسي لإيجاد الغباء والتبلد فهو الاستبداد والطغيان والبطش ، وقد تأملت في التاريخ قديمه وحديثه ، وفي حياة الأمم على اختلاف ألوانها وأعراقها وديانتها وفقرها وغناها فوجدت أنه ما وجد مناخ الحرية والعدل والمساواة إلا ورافق ذلك نبوغ وذكاء وابتكار وإبداع بين من عمهم هذا المناخ التحرري ، وما وجد مناخ الاستبداد والطغيان والبطش إلا ولازمه تبلد وجمود وتخلف وعقم فكري وقلة في الإنتاج ...

فالطفل الصغير قد يجد الاستبداد من أبيه أو أمه أو مربيته فيغلبه الخوف والوجل ، ويمنعه ذلك من التعبير عما بنفسه بالكلام أو بالحركات أو بالانفعالات فينطوي على نفسه ويخفي شعوره وأحاسيسه فيصاب بالتبلد ..

والتلميذ في المدرسة قد يسمع السؤال من معلمه المستبد القاسي فيمتنع عن المشاركة في الإجابة خشية أن يخطئ فيعاقبه ، بل ربما أعرض عن مجرد التفكير في البحث عن الإجابة بسبب الخوف فيتولد عنده التبلد .

والطالب في الجامعة قد يجد أستاذه مستبدا لا يعجبه غير رأيه فلا يكتب إلا ما يرضيه وإن خالف فكره خشية أن ينقص درجاته ..

والباحث قد يخشى على درجته العلمية التي يسعى للحصول عليها ، فيعمل على أن يرضي أذواق من حوله بغض النظر عن موافقة ذلك للحقيقة العلمية أو غير العلمية فيصاب بالتبلد .

والمدرس يخشى من المراقبين عليه والموجهين له فيتقيد بالكتاب الذي يدرسه تقيدا أعمى ، ولا يسمح لنفسه بإبداء الرأي فيما يدرسه لتلاميذه فيصير أداؤه تقليديا ، ويصاب بالتبلد .

وإمام المسجد قد يرى المخبرين الأمنيين يتناثرون في حلقة علمه أو خطبته فيتلعثم ولا يكاد يُبين عما في نفسه ، ويخشى إن سئل سؤالا فقهيا أن يجيب عليه إجابة شافية ؛ لربما كانت الإجابة لا ترضي ولاة الأمر فيغضبون عليه ؛ فيصاب فكره مع مرور الأيام بالتبلد .

والكاتب أو المفكر قد يجد الأجهزة الأمنية تراقب تحركاته وسكناته فيخشى من التعبير عما يجيش في نفسه ويُؤثر السلامة ؛ فتضيع أفكاره أو تبقى حبيسة في نفسه فتموت بموته ..

والعالم قد يجد القيود محاطة به فلا يشغل نفسه بعظائم الأمور إيثارا للسلامة ، ومع مرور الزمن يجد نفسه يدور في حلقة مفرغة ، ثم يصاب بالتبلد ، ولا نجد في أبحاثه مهما كثرت شيئا مفيدا .

بل إن الرجل قد يصل إلى درجة الوزارة في عالم ملبد بغيوم الاستبداد ، فلا يعرف ما ينبغي فعله وما لا ينبغي ، وربما كان صاحب أفكار صائبة ورشيدة ، ولكنه يخشى من تطبيقها في عمله ؛ لأنه لا يعلم هل توافق هوى من أوصله إلى الوزارة أو لا توافقه ، فيظل مضطربا ، وقد يجد نفسه مضطرا لكي يحافظ على كرسيه أن يتخلى عن آرائه الصائبة المستنيرة ، وأن يصير مجرد تابع لواليه ينتظر منه الأوامر ، فيصاب نتيجة لذلك بالتبلد ..

وحاشية الحاكم قد يرون منه ما يضر بمصلحته ومصلحتهم ومصلحة البلد فلا يجرءون على نصحه خوفا من استبداده ، ويضطرون إلى مجاراته والتامين على كل ما يصدر منه وإن كان غير صواب ، وبمرور الزمن يجد هذا الحاكم نفسه يتخبط في الحكم دون أن يجد من يساعده ويُقوّم له أمره ؛ حتى يورد نفسه وشعبه المهالك .

وبذلك تتحول ظاهرة التبلد والغباء من مجرد ظاهرة فردية إلى ظاهرة عامة تشمل كل أفراد المجتمع على اختلاف طبقاته ؛ فتتراجع الدول إلى الوراء ، وتتخلف عن ركب الحضارة ، وتصير عالة على غيرها ، ولا تستطيع أن تنتج ما يكفي أدنى حاجاتها ومتطلباتها المعيشية .

والتاريخ مليء بكثير من الأمثلة لبلاد كانت في مصاف الأمم ، فلما غلبها الاستبداد تراجعت وصارت في المؤخرة ، فبلاد مصر والشام والعراق مثلا كانت في مهدها أساس الحضارة البشرية التي ما زلنا نرى أثرها الملموس إلى الآن ، وذلك لأن تلك الشعوب كانت في البداية عبارة عن تجمعات يحكمها الأصلح والأقوى من السكان ، فلما وقعت تحت نير الاحتلال تعطلت الحركة الفكرية فيها حتى وصلت إلى مرحلة الجمود ..

ففي مصر والشام دخل المحتل اليوناني ثم الروماني ، ومارس القهر والاستبداد لشعوبها ، واستمر أكثر من 2000سنة ، ونتيجة لذلك توقفت النهضة الحضارية بها ، ولم نعد نسمع خلال تلك القرون الطويلة عما كنا نسمعه من مآثر الحضارة المصرية الفرعونية التي شاهدناها من قبل ، ولم نعد نسمع عن فنون الابتكار التي تميز بها السوريون وغزوا بها العالم من قبل ، اللهم إلا المزارع التي كان يعمل فيها الفلاحون المصريون عمل العبيد ؛ لينتجوا لروما حاجتها من القمح وسائر المزروعات ، والمصانع التي ورثها الرومان عند دخول الشام ؛ فأبقوا عليها وعلى عمالها لتقدم لهم ما تحتاجه أوربا ..

وفي العراق اضمحلت المشروعات التي أقامها الآشوريون بعد احتلال الفرس لها ، ولم تبق غير الترع والسدود والمزارع التي شيدوها ليعمل فيها العراقيون كأجراء عند الفرس المحتلين ..

وللقارئ أن يتخيل ماذا كان سيحدث للبشرية من تقدم وازدهار لو نجت تلك البلاد من الاستبداد خلال تلك القرون الطويلة ، وسارت في طورها الصحيح..

ولما دخل الإسلام تلك البلاد ، وبسط المسلمون نفوذهم عليها ، وفكت قيود مواطنيها ، ورفعت عنهم الأثقال التي كانت عليهم ، وتمتعوا بالحرية التي منحها لهم الإسلام ، عملوا على مواصلة عملهم ومضاعفة جهدهم ، وأنشئوا لنا حضارة سامية ، وأنجبوا العلماء الأفذاذ الذين كان لإنتاجهم وأفكارهم وابتكاراتهم الفضل الأكبر في المدينة الحديثة التي تنعم بها البشرية الآن بشهادة كل المفكرين المنصفين .

وما حدث لتلك البلاد من تبلد وجمود بسبب الاستبداد حدث لليونان أيضا ، إذ اضمحلت الحركة الفكرية بها ، تلك الحركة التي أنتجت أشهر العلماء في الفلسفة والمنطق والرياضيات والطب والهندسة والفلك ، اضمحلت بسبب احتلال الرومان لها ، ومحيت آثارها بعدما دفنت مؤلفات هؤلاء العلماء في المعابد والقصور ، وحرم على الناس الاطلاع عليها ، قبل أن يتعرف عليها المسلمون ويستخرجونها من مخابئها ..

وبالطبع ما كان للمستبدين الرومان الذين أتوا على الحضارات التي سادت في بلاد مصر والشام واليونان وأفنوها أن يسمحوا بقيام حضارة ذات قدر في بلادهم (بلاد الغرب ) بعد أن قضى استبدادهم على قدرات الناس العقلية وأصابوهم بالتبلد والغباء ؛ بسبب مباشرة الإرهاب والبطش والجبروت عليهم ، وإنما مارسوا الاستبداد على شعوبهم أيضا ، وظلت أوربا خلال العصور الوسطى تغط في سباتها ، ويعمها الجهل والظلام ، ولا يخفى على أحد ما فعلته محاكم التفتيش وسلطة الكنيسة من تنكيل بالعلماء ومن حاول أن يخرج على الأساطير والخرافات التي كانوا يلقنونها للناس ..

وما أن زالت سلطة الكنيسة حتى وجدنا العباقرة والمبدعين يملئون ساحات أوربا باختراعاتهم ؛ مما يعني أن الشعب الأوربي الذي غط في نومه خلال العصور الوسطى لم يكن متبلدا بسبب البيئة أو الوراثة أو غيرهما ، وإنما كان متبلدا بسبب سلطة الاستبداد التي مورست عليه ..

وفي العصور الحديثة عادت الشعوب التي كانت من قبل متأصلة في الحضارة ( الشعوب العربية وعلى رأسها مصر والشام والعراق واليمن) إلى جمودها وتبلدها مرة أخرى ، وتأخرت عن ركب التقدم والحضارة بالقياس إلى البلاد الأوربية ، ولم يكن تبلدها وتجمدها لعوامل البيئة أو الوراثة ، وإنما بسبب الاستبداد الذي يمارس عليها ، ويوم أن تجد شعوب تلك البلاد جو الحرية الذي أتيح لها من قبل ستعود لا محالة إلى مقدمة الأمم ، وفي زمن قياسي إن شاء الله .

==========================

"ايتمار" سياسة استخدام الدم...

هاني العقاد

يقول المؤرخ اليهودي المؤرخ دان ياهف أن المؤرخ العسكري الإسرائيلي المشهور مئير بعيل أكد أن اليهود الصهاينة ارتكبوا مجزرة دير ياسين عن سبق التخطيط بغية تهجير الفلسطينيين، لافتا إلى توفر إفادات حول أعمال تتنافى مع ما يعرف ب" طهارة السلاح" و يقول من ضمن هذه الشهادات التي يرويها "ياهف" تلك الواردة عن طريق جهاز المخابرات التابع ل"هجاناة" والمعروف ب"شاي" والموجهة لقائد منطقة القدس في "الهجاناة" دافيد شالتئيل وجاء فيها :"تم تحويل جزء من أسرى دير ياسين ومعظمهم من النساء والأطفال والشيوخ الى معسكر خاص وهناك قام بعض الحراس بطلاق النار على طفل أمام والدته الشابة التي أغمي عليها فبادروا إلى رميها بالرصاص هي الأخرى وقتلها".

إن ثقافة المقاومة الفلسطينية لم و لن تضع في استراتيجياتها قتل الأطفال اليهود مهما كانوا مستوطنين أو غيرهم ,و لم يحدث أن استهدفت الثورة الفلسطينية أطفال يهود سواء بشوارعهم أو بمدارسهم , وما هذه الثقافة إلا ثقافة بنى صهيون فهم قتلة الأطفال والمدنين الفلسطينيين , و لو استعرضنا التاريخ لوجدنا أن الصهاينة هم من ذبحوا الأطفال في دير ياسين و بقروا بطون الأمهات و بحثوا عن الأجنة فيها بسكاكينهم الحاقدة حسب اعترافاتهم ,و استخدموا هذا الدم لتهجير باقي سكان القري الفلسطينية الاخري, وليس ببعيد فقد حصدت الحرب الأخيرة على غزة من أرواح عديدة كان نتيجتها 1335 شهيد منهم 420 طفل دون سن الخامسة عشرة , هؤلاء الأطفال تطايرت رؤوسهم بعيدا عن أجسادهم الممزقة بفعل آلة الدمار الصهيونية و قذائف الموت , و لن تفارقني تلك الصور التي شاهدتها لأطفال و نساء محرقي الأجساد في مشفى دار الشفاء بفعل قنابل الفسفور الأبيض التي استخدماها الجيش الصهيوني في قصف الأحياء المدنية والمدارس والمستشفيات بقصد و تخطيط أيضا , أنها إسرائيل و جيشها المجرم ومستوطنيها الحاقدون من يمعن قتل الأطفال والنساء و الشيوخ و قد اعترف عدد من جنود الاحتلال في مقابلات صحافية نشرتها صحف عبرية مهمة مؤخراً بأنهم، و زملاءهم في الجيش الإسرائيلي ، تعمدوا إطلاق النار على أطفال وقتلهم خلال المواجهات، وبرر بعضهم جرائم القتل هذه بحالة الضجر التي يعيشونها في مواقعهم ؟!!

 بات مخيفا ما تخططه إسرائيل و أجهزتها المتطرفة للنيل من الوجود الفلسطيني بالضفة الغربية بالكامل , أنها خطط شيطانية لا يعرفها إلا الشياطين أصحاب جهنم , فتخطيطهم كان أن يقتل عدد من المدنين بالمستوطنات بغض النظر من القاتل..؟ !! لإثارة غضب المستوطنين و استخدامهم بدرجة ارهاب اكبر مما يدفعهم تحت حماية الجيش الإسرائيلي لتدمير بيوت الفلسطينين بالقري و المدن المجاورة و ليس هذا فقط بل وقتل وطرد الفلسطينيين الذين يجاورون المستوطنات في نابلس و جنين و طولكرم و رام الله لتوسيع رقعة المستوطنات الصهيونية على حساب البلدات الفلسطينية دون لوم من احد , والغرض الثاني هو إقامة المزيد من الوحدات السكنية الاستيطانية في المستوطنات كرد فعل على الجريمة المزعومة ,و ثالثا هي رسالة تهديد للسلطة الفلسطينية و القيادة الفلسطينية بان إسرائيل تستطيع تغير الخارطة كيفما تشاء بعد اتهام الفلسطينيين بالتحريض على القتل واتهام الرئيس محمود عباس مباشرة بالتحريض ,فقد اعتبر الوزير عوزي لانداو من كتلة إسرائيل بيتنا "انه ليس هناك أي أمل في تحقيق السلام في الوقت الذي يواصل فيه جهاز التعليم الفلسطيني تحريض الطلاب ضد إسرائيل"، على حد تعبيره , ودعا هذا الوزير نتنياهو إلى عدم وصف الرئيس أبو مازن بشريك للسلام إذ انه المسئول عن هذا التحريض وخاصة في جهاز التعليم الفلسطيني, على اعتبار أن هذا سيخيف الفلسطينيين حسب تصور إسرائيل و يدفعهم إلى الموافقة على الدخول في مفاوضات مع إسرائيل دون شروط ,و بالتالي القبول بالدولة الحدود المؤقتة من خلال خارطة طريق إسرائيلية يعدها مكتب نتنياهو و الذي سيطرح بنودها خلال الأيام القادمة أمام التجمع اليهود في واشنطن.

 لعل عملية ايتمار, عملية الفرصة بامتياز لان اسرائيل تعرف المنفذين لكنها تصمت وتتهم الفلسطينين وهذا من نوع سياسية استخدام الدم , بالتالى خلق تبعات خطيره للنيل من الصمود الفلسطيني ,و إن دل هذا الاستخدام على شيء فانه يدل على أن الإجرام الصهيوني الذي فاق أي تصور في حدته , و بات مؤكدا أن الصهاينة يمكنهم قتل بعضهم البعض بل و ذبح ما يستطيعوا من نساء و أطفال حتى ولو كانوا يهودا لصالح دولة إسرائيل , و الأخص أن هذا أسلوبهم الذي كان متبعا عند إجبار اليهود للرحيل إلى فلسطين و ترك البلدان العربية و الأجنبية التي كانوا يعيشوا فيها تحت دعوي ان دمهم مستباح ,فالخيوط تدلل بشكل قاطع أن الإسرائيليين أنفسهم وراء هذه العملية التي قد تكون ارتكبت بقصد أو بناء على خلفية جنائية تم استغلالها سياسيا ليدفع الفلسطينيين الثمن و بالتالي تؤدي لكسب سياسي إسرائيلي و تحقيق تغيرات على الأرض و تهيئة الأجواء السياسية لمخططات نتنياهو القادمة بما يكفل لحكومة التطرف صنع سلام على الطريقة النتنياهوية الصهيونية الدموية المتطرفة .

Akkad_price@yahoo.com

=============================

أنا آسفة يا ريس

يسرية سلامة

أنا آسفة على دمعة ذُرفت من عيني متأثرة بكلماتِك

آسفة على يومِ تصديتُ فيه لمن يسبُّك وأنا بالحقيقةِ أجهلُ

آسفة على شلل كاد يُصيبني والوطن يحترق، قلت كفي سيُوفي الرجل فلماذا تحتشدوا؟

آسفة على دماءِ برقبتك تعلقت كنت بكلمةِ منك تعصمُها لكنك لم تفعل!

آسفة على النكسة لعصور الجاهليه، والعالم علي جملِ وبغلِ يضحكُ

آسفة على إعلام مُضلل، وجوه كاذبة، وعقول مظلمة، على سذاجتي ما زلتُ أتأسفُ

آسفة على أجيالِ لاحقة ماتت من أجلي ولم أفعل من أجلها شيئًا....أنا أتأسفُ

آسفة على ثلاثين سنة أنت رمزُ لها ضاعت من عمرى ولم أستطع من التاريخ إسقاطُها

آسفة على ظُلمي في عهدك ولم أكن يوماً مُعارضة أو مُؤيدة، بل بالسعي مُنشغلة مع جيل نحرته

آسفة على جيل أجهضت أحلامه وأسقطته من دائرةِ حساباتك، ومازال في الدنيا يتلطمُ

آسفة على أيامِ طرقتُ فيها أبواب وزاراتك بحثأ عن عملِ، فلم أجد وكنتُ بالكتابة أتنفسُ

آسفة على أبياتِ من شعرى حذفُتها، فمن كان يقول الحق في زمنك يُقهر

آسفة على رجالِ أفرزهم حُكمك، يُدّرسون للشيطانِ منهجهُ، وبألفِ وجهِ يتلونوا

آسفة على حبيبِ وهو العدو للشعبِ أكمله، وأدعو ألا يكون في تفجير الكنيسة متورطُ

آسفة على أمن لدولة، وما هو إلا أمنُ لك وعلى أنفاسنا يتنصتُ

آسفة على دمائنا التي تقاسمتها الزبانية، طبّالُ ورقاصُ وقوّادُ وما خفي كان أعظمُ

آسفة على وزيرة تُجيد تقبيل الأيادي وجيلاً لايعرف غير الإجتهاد سبيلا! وفي الوطن لا يتقدمُ

آسفة على عملِ في عهدك لم يُسند إلى أهلهِ، وأمانة ضيّعتهَا، فكنا للساعةِ ننتظرُ

آسفة على قمحِ وقطنِ، وأرزًا وغازًا لعدونا يُصدّر، ولسان للحقِ مخصيًا ومصنع يُخصخصُ

آسفة على ملياراتِ نُهبت وشعبك تحت ذُل الفقر والعوز يتمزقُ

آسفة على شريفِ يترقى على مر السنين وهو من كل معنىً للشرف يَتجردُ

آسفة على شعبِ مُستباح يبيع أعضائِه، وقلوبُ خرسانية تحكمُه

آسفة على بنك للطعام في وطني وإهدار لكرامةِ شعب بأكمله من الجوع يَتضرعُ

آسفة على مرات إجتمعت بنا زوجتك تخدعُنا، وهي بخزائن البلاد تتحكمُ

آسفة على نفسي حينما قنعت بوعودِ واهية، والآن على نفسي أتأسفُ

آسفة على طيورِ كُسرت أجنحتها، عجزت عن التغريد في أوطانها وغدت لعصورك تترقبُ

آسفة أن أرى الآن زويل وهيكل على شاشة وطننا وقد مُنعوا سنينا لمَ؟..لا أعلمُ!

آسفة على ملط يُعري حكومتك ملطًا والآنً في شرفَهِ يُطعن، وعن نفسه يدافع وكأنه هو المُذنب

آسفة أن أري مخلصين اليوم وهم أمامك طيلة الزمن، كان بيدك أن تُصلح فلمَ لم تفعل؟

آسفة على الشهيد أحمد خاطر، ولقتله الصهاينة لم يُكّرم.... بل بأمرك يُقتل!

آسفة على عصر رواج صبغات شعر لرجالِ شابوا في كراسي حكمِ السوس فيه يَنخرُ

آسفة على نهاية مؤلمة طغت على حسناتك، فقد كنت المُحارب وبالسلم قرنتها ..ليتك تفطنُ!

آسفة على بطانةِ جعلتك أسير كبرياءك، تُسبّح بحمدك ..والإله الحي في السماء يُعبدُ

أنا آسفة ياريس على شعبِ تأسّى ..........لكني عليك لن أتأّسفُ

========================

عذرا .... أيها الشعب الليبي العظيم

بلال داود*

لست معتذرا نيابة عن النظام السوري، فأنا و الشعب السوري براء منه ومن جرائمه.

و لست معتذرا عن جرائم النظام السوري بحقكم، فالجريمة لا يمحوها اعتذار و لا يخفف من خستها عذر.

 بل أعتذر إليكم نيابة عن أحرار الشعب السوري الأبي ، عما لم نستطع تقديمه لكم من نجدة و غوث و تخفيف مصاب و مد يد العون في محنتكم أمام مجنون حاقد يريد اقتلاعكم من أرضكم ، أو إبادتكم جميعا إذ رفضتم السجود له .

و أعتذر إليكم أننا لم نستطع منع طغاتنا من مشاركة فرعونكم مجازره الوحشية بحقكم ، ولم نملك منع إرسال الطيارين الذين تقتطع أجورهم من لحوم أبنائنا و دماء شبابنا و من حليب الرضع ، و لم نتمكن من إيقاف خبراء القمع الذين يرسلهم للتفنن في سحقكم .

و أعتذر إليكم أننا ما استطعنا إغراق سفن الإمداد الحربي قبل أن تغادر موانئنا ، و لا نملك تغيير وزير خارجية النظام الذي يرفض فرض حظر جوي على طائرات القذافي ، بل يريده أن يستمر في القتل والإبادة حتى آخر فرد من شعبكم .

 و عذرنا أننا مثلكم .....شعب أعزل مسحوق تحت جنازير دبابات النظام منذ قرابة نصف قرن ، وجلدنا مسلوخ من سياط أجهزته القمعية ، وشهداؤنا لا حصر لعددهم و لا شواهد لقبور معظمهم و لا بواكي لهم ، و معتقلاتنا تتسع لمعتقلينا و شعبكم معهم ، أما عن مشردينا ومهجرينا فحدث ولا حرج ، فالجيل الثالث من أبنائهم ما يزال هائما في أصقاع المعمورة ، ممنوعا من زيارة بيت الجدات في الوطن المسروق .

متوهم من يظن أن النظام السوري أصابه الحول ، فأرسل طياريه الحربيين لإبادتكم أيها الأحرار عن طريق الخطأ بدلا من إسرائيل ، فهذه هي رؤيته من يوم وصل إلى السلطة ، لا جديد فيها ولا تغيير و لا تبديل و لا حول ، وهو ما فتئ يصم آذاننا و آذان المخدوعين باستعداده ليوم تحرير فلسطين ، فمعتوه من يظن أن الطريق من دمشق إلى تل أبيب يمر من طرابلس و بنغازي و راس لانوف و الزاوية ومصراتة و طبرق و العقيلة ..... .

النظام السوري ليس مصابا بالحول ، فقد أرسل خبراءه القمعيين و طياريه لإبادتكم ، عن سابق علم و ترصد وإصرار ، و نعلم يقينا أن ذلك ليس حبا بالقذافي و لا نصرة له ولا حفاظا عليه ، بل يفعل ذلك حرصا على نفسه وحفاظا على نظامه القمعي من يومه التالي .

سيسقط النظام السوري يوم خلاصكم من نظام القذافي ، لذلك فهو يحاول جاهدا إيجاد سابقة تمنع الشعب السوري من توقد نار غضبه من جديد ، و قد خبت جذوته تحت الرماد أكثر من ثلاثين عاما ، يتجرع القمع و القهر و الظلم والطغيان و الاستخفاف و الاحتقار بعد أن أباد النظام عشرات الآلاف في أسبوع واحد في مدينة (حماة) وحدها .

منذ عام 1973 لم يسمح نظام الصمود والتصدي لعصفور باختراق أجواء هضبة الجولان المحتلة ، ولم يسمح لأرنب باجتياز الأسلاك الشائكة ، و ربض على صدورنا كل هذا العمر يضرب برجله و خيله ، وهو يرقص مغنيا لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ، و اليوم يدرك المخدوعون أن المعركة التي يحضر لها النظام السوري منذ نصف قرن ما هي إلا إبادة الأحرار و وأد حركات التحرر والاستبسال في قتل شعب أعزل آخر غير الشعب السوري و اللبناني و الفلسطيني .

عذرا ... عذرا ...عذرا .. أيها الشعب الليبي العظيم ، إذ لا نملك لكم إلا الدعاء ، وهو في الوقت ذاته دعاء لأجلنا ، فسيقرأ أحفادنا يوما في التاريخ الحديث : أن يوم سقوط طاغيتكم كان بداية النهاية لطغاتنا .

*كاتب سوري

Arcan48@yahoo.com

========================

الشعب يريد.....

بقلم : ثامر سباعنه

انتفض المارد وكسر حاجز الخوف ، تمرد على كل قوانين الظلم والاستعباد واعلن ان الامه لازالت بخير ، ضحكت وفرحت القلوب قبل الوجوه ، عادت للامة جزء من كرامتها المستباحه .علي مدي التاريخ كم من طغاة حكموا العالم لكن في النهاية مهما طال ليل الظلم والاستعباد

نجد نور الغسق يشع بارادة الشعوب ...

فارادة الشعوب هي كلمة السر للتغيير والتحول من مرحلة إلي مرحلة من الظلام إلي النور،ومن الاستعباد للحرية،فالثورات لاتقوم بها الناس احتجاجا علي الظلم فقط بل أملا في التغيير .....

تعتبر إرادة الشعوب من إرادة الله وفطرته التي فطر الناس عليها لأنها الكفيلة والأداة الوحيدة وعلى مر العصور لبناء المجتمعات على أسس المحبة والتسامح والسلام واحترام رأي وقرار الغالبية فيما يتعلق بإدارة وتسيير شؤون حياة الجميع، وفي المقابل ضمنت لكل فرد حرية المعتقد وممارسة الحياة بما يراه ومثل ذلك ضمنت تحقيق مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات فالحرية فطرة إنسانية ومنحة ربانية وضرورة إسلامية، إنها انفكاك من استعباد العباد وهضم الحقوق في البلاد إلى العيش بكرامة، ولتصبح النفس والعرض والدين بسلامة.

انتصرت ارادة الشعب في مصر ومن قبلها في تونس ،والان الشعب الليبي يكتب حريته بدمه القاني ، تاريخ جديد يكتب على صفحات من العز والرفعه ، كف الشعب العاري الجائع لكنه يحمل الايمان انتصرت على مخرز الظلم والفساد .

لن نحلق بعيدا باحلامنا لكننا ندرك ان ما فعله التونسيون وبعدها المصريون امرا ليس بالبسيط ولا يستهان به ، بالرغم من خشية البعض بأن تسرق هذه الاحلام من قبل المتربصين بعالمنا وثرواتنا لكن ما حصل الان في الشارع العربي من تحرك بل انتفاض على الظلم والفساد ، أعاد للشارع العربي والمواطن العربي ثقته بقدرته على التغير .

الشعب يريد .... يريد الحريه... يريد الكرامه... يريد مكانه في الوطن وفي الامه ، الشعوب العربية ماثارت من اجل لقمة العيش او الرغيف ، فقد خرج الاغنياء ورجال الاعمال والمال في مسيرات الغضب في تونس ومصر وليبيا وباقي الدول العربيه ، انما ارادت الشعوب كرامتها وعزتها التي ضاعت تحت عروش همها الاول كان كنز الثروات على حساب كرامات شعوبها واوطانها.

انتصارات الشعوب في تونس ومصر وضعت انظمة الحكم في العالم العربي في وضع صعب ومحرج فالانظمة الان تدرك ان الشعوب ماعادت ترضى بالظلم والاستعباد ، وباتت الشعوب واعيه لحقوقها واحلامها .، لذلك لن تستطيع انظمه الحكم في العالم العربي تجاهل هذه الاحلام والتطلعات .

بالاضافة الى ان انتصار الشعوب يضع امام حكام المستقبل خطوط حمراء لايمكن تجاوزها لانهم يدركون ان الشعوب هي التي اوصلتهم الى كراسي الحكم والشعوب هي القادره على ازاحتهم.

انتصرت مصر وانتصر شعب مصر بل انتصرت الامه كلها وخرج مارد الحريه يهتف بالشعوب العربية ، لكن ما ينتظر مصر الان الكثير الكثير من العمل وبإذن الله هم قادرون على الانتصار مرة اخرى على ذاتهم وبناء دولتهم التي ستغير وجه الامه العربية والاسلاميه.

خلاصة القول أن ارادة الشعوب هي التي تغيير وجه التاريخ كم من طغاة خربوا أوطانا ومارسوا كل ألوان القهر علي شعوبهم من تضييق لسبل العيش وتخريب للتعليم ،لكن الشعوب بارادتها تغيير الظلم وتبدأ من جديد .

sbana3@yahoo.com

=============================

أرقام يقشَعِرُّ منها البدَن

الدكتور عبد القادر حسين ياسين

فرغتُ قبل أيام من قراءة كتاب للباحث الألماني الدكتور ديتلف ألبرس يتناول فيه ، بالأرقام وبالتفصيل الممل ، إستراتيجية الجوع وأدوات السيطرة على مقدرات دول العالم الثالث. وقبل أن أبدأ بقراءة الكتاب بدا لي العنوان غريبا أو باعثا على الفضول. هل يمكن أن تكون للجوع إستراتيجية؟

 

لكن الكتاب لا يدع لهذا السؤال مكاناً، حين يُصَدره المؤلف (وهو واحد من ألمع علماء الاقتصاد في ألمانيا) ببند من "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" ينص على أن " لكل شخص الحق في مستوى معيشي كاف لضمان صحته والعيش الكريم له ولعائلته، وخاصة في ما يتعلق بالتغذية والملبس والمسكن والرعاية الصحية، وكذلك الخدمات الاجتماعية الأساسية”، ليخلص إلى أن قسماً مهماً من الجنس البشري محروم من هذه الحقوق.

 

لكن الأمور ليست هنا، إنما في تلك الأرقام المفزعة التي يقدمها الكاتب، فهي أرقام يقشعر منها البدن... يشير الدكتور ألبرس إلى أن الثلاثة أشخاص الأكثر غنى في العالم "يملكون ثروة تفوق مجموع الناتج القومي الإجمالي للدول الثماني والأربعين التي تعد الأكثر فقرا والأكثر بؤسا في العالم"، والتي تشكل أكثر من 25 % من إجمالي سكان هذا العالم!

 

أكثر من ذلك يضع الكاتب يده على الجرح المؤلم، حين يكشف أن "الليبرالية الجديدة"، التي أعلنت خلال العقدين المنصرمين انتصارها، وتباهت بما حققته من “انتعاش” اقتصادي، متبجحة بأنها من أسقط الأنظمة الشمولية في أوروبا الشرقية، هي نفسها، أي هذه الليبرالية، من جلب الخراب لملايين البشر في أرجاء المعمورة...

 

والكاتب هنا أيضا لا يقوم بالتنظير، إنما يعطي الأرقام الجارحة كحد السكين، ذلك انه إذا كان ال 20% من سكان العالم الذين يعيشون في البلدان الأكثر غنى لهم دخل يفوق ب 34 مرة دخل ال20% الأكثر فقرا عام 2000 فان هذه الهوة قد اتسعت لتصبح في العام الماضي اثنتين وثمانين مرة، والأرقام تترى، فدخل الفرد في أكثر من سبعين دولة من دول العالم هو دون ما كان عليه قبل عشرين سنة، وفي العالم قرابة ثلاثة بلايين من البشر، أي أن نصف البشرية بالتمام والكمال ، يعيشون بدخل يقل عن دولار واحد في اليوم .

 

وخلال العقدين الأخيرين تفاقمت مديونيات دول العالم الثالث على نحو لم يسبق له مثيل. ويسلط الكاتب الضوء على الشروط المجحفة لعمليات الإقراض الخارجي وإعادة الجدولة التي تتعرض لها الدول النامية، فتسقط فريسة لجماعة الدائنين.

 

وبصرف النظر عن مسؤولية السياسات والتوجهات الانمائية الخاطئة لمعظم الدول النامية التي ترزح تحت عبء المديونية الخارجية، واعتمادها المفرط على النمط الاستهلاكي المستورد والتكنولوجيا المستوردة، فإن عملية "خدمة الدَين الخارجي" غدت احدى الآليات المهمة للسيطرة على مقدرات دول العالم الثاث ونزع الفائض الاقتصادي المتاح لها، وبالتالي تقويض الشروط الموضوعية لعملية التراكم الداخلي والذاتي.

 

ولا غرو في ذلك، فالمتفحص لأحدث الاحصاءات التي ينشرها البنك الدولي عن تطور مدفوعات الفائدة الخاصة بخدمة الديون الخارجية لمجموع الدول النامية، يكشف ان مدفوعات الفائدة وحدها من دون تسديد أصل الدين كانت تلتهم ما يربو على 11% من حصيلة صادرات الدول النامية منذ منتصف الثمانينات. كذلك، فإن مدفوعات خدمة الدين (الأصل + الفوائد) كانت تلتهم نحو 22% في المتوسط، من حصيلة صادرات الدول النامية منذ منتصف الثمانينات، بعدما كانت هذه النسبة تصل الى 14% في بداية الثمانينات، الأمر الذي يهدد باستنزاف معظم حصيلة النقد الأجنبي المتاحة.

 

ونتيجة لذلك، فإن بعض الدول النامية، لم تعد لديها كميات من النقد الأجنبي سوى تلك الكافية بالكاد للوفاء بالتزامات خدمة الدين الخارجي، من ناحية، ولتسديد فاتورة واردات الحبوب الغذائية، من ناحية أخرى، من دون ترك أي "فائض" يذكر لتمويل برامج التنمية والاستثمارات الجديدة... وفي أحوال كثيرة، نجد ان بعض الشروط المرتبطة بعمليات تجديد الديون وإعادة جدولتها شروط "غير مالية" وتمتد كي تفرض تصورات معينة لجماعة الدائنين حول "الإطار المؤسسي" الملائم لادارة العملية الاقتصادية في البلد النامي. بل قد يصل الأمر الى المدى الذي يجعل جماعة الدائنين تحصل على ما يشبه "عقد ادارة من الباطن" للاقتصاد الوطني المدين، لضمان حسن السير والسلوك، وفقاً ل "قواعد المرور الدولية". عندئذ نجد ان رقعة "الاستقلال الوطني" وحرية "القرار الوطني" تتقلص الى أن تنتفي تماماً.

 

لعل هذا الاستعراض الموجز لأدوات السيطرة على مقدرات دول العالم الثالث، يوضح هول الأوضاع المتردية التي تعيشها معظم تلك الدول، حيث تعرضت كلها بدرجات مختلفة لعوامل التعرية، واختزِلت "رقعة الاستقلال الوطني" الى اضيق الحدود.

 

لقد هوى العالم الثالث من حالق، إذ بعدما تخلص من ربقة الاستعمار، صار مغلول الأيدي والأرجل والعقل والارادة.

 

يحدث كل هذا في الوقت الذي وصلت فيه وفرة السلع إلى مستويات لا سابق لها، والحبوب الغذائية لم تتوفر أبدا كما هوالحال الآن. المشكلة تكمن في التوزيع غير العادل للثروات الذي من جرائه يموت كل سنة 38 مليون شخص بسبب الجوع، ويعاني 822 مليون آخرين من سوء تغذية دائم، ومن مجموع 5.3 بليون نسمة هم سكان الدول النامية، فان قرابة الثلث لا يشربون مياهاً صالحة للشرب، وان أكثر من 20% من هؤلاء يعانون من سوء التغذية.

 

يقول الكاتب انه يكفي اقتطاع أقل من 4% من الثروة المتراكمة لما لا يزيد على 225 رجلا فقط هم أثرى أثرياء العالم، للوصول إلى تلبية حاجات كل دول العالم الثالث في الصحة والتعليم والغذاء، والتي لا تزيد كلفتها على ثلاثة عشر بليون دولار، أي بالكاد ما يصرفه سكان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سنويا على شراء العطور... وأقل بكثير مما ينفقه الأمريكيون والأوروبيون لإطعام الكلاب....

 

وبعد ؛

إن الحلَّ الأساسي لمعظم المشاكل التي تعاني منها دول العالم الثالث يكمن في احترام حرية الفكر ، فحرية الرأي وفتح الباب على مصراعيه لتعدد الأفكار هو المخرج، وهو صمام الأمان لكل شعب كما أن إقامة الإطار الاجتماعي والسياسي السليم الذي يسمح بحرية التعبير لكافة الاتجاهات الفكرية والسياسية هو الطريق الوحيد للشعوب التي تنوي حقاً هزيمة مشاكلها.

==============================

عاوزين كنيستنا!!

حسام مقلد *

hmaq_71@hotmail.com

لم يكن غريبا أن نرى ويرى العالم أجمع سيدات مسلمات مصريات منقبات تشاركن في تظاهرات إخوتنا الأقباط أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون بماسبيرو في القاهرة يهتفن مع الهاتفين (عاوزين كنيستنا!!) وتحمل الواحدة منهن المصحف الشريف في إحدى يديها والصليب في اليد الأخرى، ولم يكن موقف الإخوان المسلمين الناصع الواضح منذ البداية ضد الاعتداء على الكنائس، وضد النَّيْلِ من الوحدة الوطنية للمصريين جميعا، وضد الإساءة لأي مصري أيا كان وبأي شكل من الأشكال، ولم يكن الكلام الحازم الحاسم لفضيلة شيخ الأزهر وفضيلة مفتي الجمهورية، وللشيخين والعالمين الجليلين الدكتور صفوت حجازي والشيخ محمد حسان بتحريم هدم أية كنيسة أو الاعتداء عليها تحريما قاطعا، ولم يكن موقف رجالات الكنيسة وآبائها المؤكد على الوحدة الوطنية والنسيج الواحد للمجتمع المصري، والداعي إلى فض الاعتصام في ماسبيرو... لم يكن كل ذلك أمرا مفاجئا ولا حدثا طارئا؛ فهذه هي مصر وهذه هي الروح المصرية الحقيقية بكل تدينها وسماحتها وتحضرها ورقيها ونسيجها الاجتماعي الواحد دون أية مزايدات أو شعارات جوفاء أو خطب عصماء!!

وفي الحقيقة أنا شخصيا لا أنكر وجود قلة قليلة جدا وندرة نادرة من الشباب المصري المسلم فيهم عنف وغلظة وتطرف ورعونة شديدة تكفي لتنفير الناس منهم، وصرفِ المجتمع عنهم وعن أفكارهم جملة وتفصيلا، بل وربما صرْف المرء عن فكرة وجود أي نوع من التسامح في الإسلام بين المسلم ومخالفيه من المسلمين بله أن يكون بين المسلم وغير المسلمين!! وبنفس الوضوح والصراحة أقول كذلك إنني شخصيا متأكد تماما من وجود قلة قليلة جدا وندرة نادرة من الشباب المصري القبطي فيهم عنف وغلو وتطرف ورعونة شديدة تكفي لتنفير الناس منهم ومن أفكارهم الشاذة، وبث الخوف والفزع في المجتمع بسبب طوفان الحقد والكراهية التي يضمرونها للمخالفين لهم سواء أكانوا مسلمين أو مسيحيين من مذاهب أخرى!! ومع ذلك تبقى آفة التشدد آفة اجتماعية معتاد وجودها في جميع الشعوب وفي مختلف الدول وفي كل الديانات بلا استثناء، وبالمناسبة فهذه الأمور أعني التحيز الشديد لرأي أو لفكرة أو لمبدأ أو لعقيدة... أمور طبيعية وجزء من الشخصية الإنسانية والجبلة البشرية التي تدفع المرء للاعتداد بنفسه، والاعتزاز بمكوناته ومعتقداته والاستبسال في الدفاع عن عرضه وماله وممتلكاته ودينه ووطنه، والمشكلة ليست في مجرد الاعتداد بالرأي ولا في التمسك الصارم بالقناعات الذاتية والرؤى والمواقف الشخصية، فهذا كله وارد ومفهوم، بل المشكلة كلها في الغلو والتطرف ورفض الآخر وعدم الاعتراف به أو الإقرار بحقوقه، ومن المفترض أن التدين الصحيح والالتزام الحقيقي والمجتمعات الراقية المتحضرة تكسر حدة هذه الغلواء، وتشذِّب هذه العصبية المقيتة، وتفرض على الناس جميعا نوعا من الوسطية والاعتدال، وقبول الآخر والاعتراف بحقوقه.

إن الدين الإسلامي العظيم يرسي مبادئ إنسانية جامعة مثل: حرية العقيدة، أي حرية إيمان الإنسان واقتناعه بدين ما واعتناقه له دون آخر، والدعوة إلى تعايش الناس في محبة ووئام وتسامح، وضرورة العدل بينهم بغض النظر عن العرق واللون والدين، هذا هو جوهر الموقف الإسلامي، وصلب العقيدة الإسلامية ويؤيده صريح آيات القرآن الكريم ونصوص الأحاديث النبوية الشريفة وما ورد من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة المطهرة، قال تعالى:"وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ" [يونس:99] وقال عز اسمه: "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [البقرة:256] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة (أي لم يشمها) وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما" رواه البخاري والنسائي وابن ماجة وأحمد.

 وأكد دين الإسلام الخالد أن أقرب الناس إلى المسلمين هم النصارى، قال تعالى:"لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ" [المائدة:82] ولم يحرم الإسلام العلاقات الإنسانية الراقية بين المسلمين وبين أهل الكتاب من اليهود والنصارى، بل بين المسلمين وبين غيرهم من المسالمين من سائر بني البشر، وجعل الإسلام العظيم تلك العلاقة بين المسلمين وغيرهم علاقة تراحم ومودة إنسانية قائمة على الاحترام المتبادل والعدل والبر وليست قائمة على الاستعلاء ولا التكبر، ولا البغي على الآخرين ولا الاستطالة عليهم، قال سبحانه وتعالى: "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الممتحنة:8] وأباح الإسلام للمسلمين أكل طعام أهل الكتاب والزواج من نسائهم، قال تعالى: "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [المائدة:5] وكيف سيكون هناك زواج بين مسلم ونصرانية أو يهودية ولا تتولد بين الزوج وزوجته ثقة متبادلة وعلاقة زوجية حميمة؟! وكيف لا تتولد بينهما المودة الإنسانية والرحمة التي أوجدها الله تعالى بين الزوجين وجعلها عز وجل آية من آياته سبحانه؟! قال تعالى:"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"[الروم:21] كما أمرنا الإسلام بمجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن وألا نغلظ لهم القول، قال تعالى: "وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" [العنكبوت:46].

في الواقع لاشك عندي في أن النظام البائد حتى يستقيم له الأمر وعلى مبدأ فرق تسد كان يسعى لإيجاد مناخ فاسد وبيئة ملوثة تعزز ثقافة الفرقة والانقسام بين أبناء المجتمع المصري، وترسخ مقولة (نحن وهم) (الأغلبية والأقلية) (المسلمون والأقباط) حتى بدأنا نسمع لغة ومفردات هذه الثقافة الكريهة تتردد بين حفنة من الشباب والتلاميذ الصغار، ولا أدري أي فائدة كانت ستجنيها مصر وشعبها ونسيجها الوطني الواحد، ونهضتها ورقيها الحضاري من شيوع مثل هذه الثقافة الهابطة الرديئة التي تُحرِّض على التشظِّي والانقسام على أسس تجاوزتها الأمم المتحضرة منذ قرون، نعم هناك اختلاف ديني بين الناس وهذه إرادة الله تعالى، قال عز وجل: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ" [هود:118] بل إن الله تعالى هو الذي شرع مبدأ حرية اختيار الدين وحرية اختيار العقيدة لكل إنسان، قال سبحانه:" لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ" [البقرة:256] وقال عز من قائل: "لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" [الكافرون:6] وقال تعالى: "وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ" [الكهف:29] والله سبحانه وتعالى هو الذي سيحاسب الناس يوم القيامة على معتقداتهم وأعمالهم واختياراتهم، ولا يوجد أحد من الناس لا في الدنيا ولا في الآخرة مفوَّض من قبل الله تعالى للقيام بذلك، فَلِمَ لا نترك الناس يختارون ما يشاؤون لأنفسهم والله رقيب عليهم؟!

 

ولم تكن مؤامرات إثارة الفتنة الطائفية في مصر صناعة محلية فقط تحاك وتدار من الداخل بمعرفة جهاز أمن الدولة وزبانيته، بل هناك مؤامرات محمومة أقسى وأشد وأنكى تحاك في الخارج ولا تزال... يديرها أعداء مصر الكُثُر، ولا يظنن أحد أن أجهزة المخابرات العالمية وما تمتلكه من وسائل وأدوات غافلة عن مصر أو غير مدركة لأهميتها السياسية والإستراتيجية البالغة، إننا نقرأ كثيرا من المواد والأخبار والتقارير المنشورة، ونسمع ونشاهد برامج إعلامية كثيرة تُبَثُّ في مختلف وسائل الإعلام العالمية كإذاعة وتليفزيون البي بي سي ... وغيرها، تتحدث بطريقة ملتهبة مُهَيِّجة وبأسلوب مثير ماكر يلح على فكرة أن الأقباط في مصر يعانون من الاضطهاد والتمييز ويعيشون محنة قاسية، ويحاول هذا الإعلام المشبوه بكل خبث ودهاء أن يرسخ فكرة اضطهاد الأقباط في مصر، لإثارة الفتن والقلاقل والاضطرابات ونشر الفوضى العارمة في ربوعها؛ للضغط عليها وتخويفها من التدخل في شئونها الداخلية، ومن ثم ابتزازها ودفعها لاتخاذ مواقف معينة في مجال السياسة الدولية تلبي مطالبهم وتحقق مصالحهم المختلفة....!! هذه هي الحقيقة فالغرب لا يهمه شيء سوى مصالحه مهما اختلفت الشعارات التي يرفعونها، حتى لو كان قميص عثمان الذي يرفعونه هذه المرة هو حماية الأقباط من الاضطهاد!! في برنامج على شاشة البي بي سي جاؤوا بفتاة ادعت أنها قبطية وزعمت أنها مضطهدة وأن زميلاتها المسلمات يعتزلنها في الجامعة ولا يسلمن عليها لاعتقادهن بحسب زعمها...!!! بأن من تفعل ذلك منهن لا تُقْبَلُ منها عبادة أربعين يوما..!! فأين هذه المزاعم من الآيات الكريمة التي ذكرتها سابقا؟!! أين هذه المزاعم من المشهد الرائع الذي رأته الدنيا كلها والمصريات المسلمات المنقبات ترفعن المصحف الشريف في يد والصليب في يد ويهتفن مع غيرهن بكل قوة: عاوزين كنيستنا!! الحمد لله فلن يصدق أي عاقل هذه الافتراءات الظالمة والأكاذيب الباطلة التي يفضح كذبها ويكشف زيفها عدل الإسلام وتسامحه ورحمته وما يوجبه على أبنائه من معاملة الناس بالبر والإحسان، وما يسعى إليه من نشر الألفة والمحبة بين البشر جميعا!! وما رآه العالم أجمع من التلاحم الشديد بين أبناء الشعب المصري بمسلميه وأقباطه!!

وينبغي على المصريين جميعا مسلمين وأقباط ألا يسمحوا للشيطان أن ينزغ بينهم أبدا بعد الآن، وعليهم أن يعلنوها للدنيا كلها: نحن أمة واحدة وشعب واحد، نعم ينبغي أن يُسمَع المصريون جميعا يقولون لأعداء مصر: كفاكم كذبا وافتراء وكيدا لمصر وأهلها، اتقوا الله في مصر وشعبها فهم شعب واحد مسلمين وأقباط ولن تستطيعوا أبدا مهما فعلتم أن تفرقوا بين أبنائها؛ لأنهم يمتزجون امتزاجا قويا امتزاج الروح والدم والثقافة والحضارة والهوية، ويربط بينهم تاريخ واحد ومصير مشترك!!

*كاتب إسلامي مصري.

=========================

اختفت جميع الشعارات من الحياة العربية لصالح شعار واحد هو "الشعب يريد إسقاط النظام"

عارف دليلة

وهذه واحدة من ألاف القصص المشابهة : بعد اعتقالي ،وقعت والدتي في حالة عجز كامل عن الحركة مع بقاء نظرها وسمعها ووعيها كاملين لكن صوتها اخذ في الاختفاء تدريجيا . كانت تسأل :اين عارف ؟ لقد وعدني ان ياتي . كانوا يجيبون : انه مسافر! ولكن اضطروا ...بعد ستة اشهر على الاعتراف اني في السجن ( وكل الناس تعرف ان (جريمتي )الوحيدة عند من يدعون انهم يكافحون الفساد انني كنت ضد الفساد ولم تنفع كل وسائل الترغيب والترهيب الهائلة في (ردعي ) عن ارتكاب هذه "الجريمة النكراء " ) وقد قاومت وهي على هذه الوضعية حوالي ثلاث سنوات وهم يتنصتون عند كل زيارة على اسئلتي واجوبة الزائرين عن وضعها الصحي آملين ان يؤدي ذلك الى انحطاط قواي والانضمام الى عبادة الفاسدين (من بين الكثيرين من العابدين) وذات صباح جاؤوني بالجريدة اليومية التي كنت اشتريها وكالعادة قلبت صفحاتها بسرعة فوجدت نعوة والدتي . اغلقت الجريدة وقمت اتمشى في زنزانتي الانفرادية واتفكر في دوافع ارباب الانحطاط الاخلاقي للاقتناع بهكذا ممارسات وحشية ضد الانسان فلم اجد الا هيمنة النوازع الحيوانية. وبعد دقيقة واذ باحد (العناصر ) يفتح النافذة بسرعة فيراني اتمشى والجريدة على السرير فيطلب مني ان اعيره اياها لان الضابط يريد الاطلاع عليها وسيعيدها بسرعة . عرفت انهم رأوا النعوة وارادوا اخفاءها قبل ان اراها .اعطيته الجريدة متظاهرا اني لم افتحها . يومان طويلان جدا مرا وانا افكر في تقديم طلب للسماح لي بالمشاركة في دفن والدتي ثم يعيدوني الى السجن . كتبت الطلب اكثر من مرة لامزقه بعدها لاني واثق انهم لن يفعلوها ( مع مجرم بهذه الخطورة التي تقدر بحجم ارقام فسادهم الهائلة !) وبعد ايام زارتني اختي طبيبة الاطفال سلمى التي كانت تعمل في السعودية منذ ثلاث سنوات لابسة السواد فتظاهرت امام ( العناصر) باني لااعرف شيئا سألت اختي عن والدتي فاخبرتني انها لم تعد تحتمل المقاومة والانتظار اكثر (اختي سلمى ايضا قضت مع زوجها نور الدين بدران في حادث مروع وهي عائدة في الصيف بعد سنتين ولم يخبرني احد بذلك حتى بعد يومين من خروجي من السجن خوفا على صحتي التي كانت تسوء بسرعة!) بعدها بفترة سمعت من مونت كارلو ان والدة الصديق ميشيل كيلو ( وكان قد زج به في السجن بنفس الجرائم التي اسميتها "اللصاقة " المستلة من قانون عقوبات حسني الزعيم ، مرتكب جريمة اول انقلاب عسكري عام 1949 المتهم بعثيا بانه (عميل المخابرات الامبريالية -الصهيونية ) وهو القانون الاكثر احتراما عند متهميه في الممارسة على مدى حوالي نصف قرن ؟!) قد توفيت وانه طلب من داخل السجن السماح له بالمشاركة بدفنها والعودة في نفس اليوم( وقد اخبرني لاحقا ان الاهل في الخارج هم الذين طلبوا ذلك ) ورفضوا الطلب فحمدت الله على انني مزقت الطلب ولم اتقدم به اليهم .

 

والبلية الاكبر ان اسمع وانا منعزل في زنزانتي الفردية من اذاعة النور (اذاعة حزب الله )في نفس الفترة حوارا مع احدي النساء الفلسطينيات المجاهدات في الضفة الغربية وقد روت ان الشهيدالدكتور الزهار ( نائب الشهيدالشيخ احمد ياسين مؤسس حماس في غزة رحمهما الله كان اسيرا عام 1981 في سجون الاحتلال الاسرائيلي عندما توفيت والدته فاخرجه الاسرائيليون لتشييعها قبل ان يعرف ويطلب ذلك ؟!

 

(بالطبع ليس من عظمة اخلاقهم الانسانية وهم الذين يرتكبون من الجرائم على مدى قرن كامل ما حمل الامم المتحدة عل وصم الصهيونية بالعنصرية في قرار شهير اواسط السبعينيات ولم يلغ الا بعد تخاذل الحكام العرب وتواطؤهم مع الصهيونية ضد شعوبهم )

 

كان القرار الاسرائيلي نوعا من "السياسة " لاغير في التعامل مع من يعمل على ازالة اسرائيل من الوجود ، وبالسياسة - اضافة الى الوحشية والدعم الامبريالي الاعمى-مازالت اسرائيل تدعم وجودها وتتوسع في القتل واغتصاب الحقوق على مدى حوالي قرن كامل . ترى اليس غياب الوعي السياسي لدى الحكام العرب هو ماجعلهم يصطدمون اليوم ليس فقط باحتقار العالم لهم بل ايضا باحتقار شعوبهم بعد نصف قرن من احتكار السلطة والامعان في الاستبداد والفساد حتى اختفت جميع الشعارات من الحياة العربية لصالح شعار واحد هو "الشعب يريد اسقاط النظام " ولتحل محل كل عبارات الاطناب التي استمرأوها على مدى نصف قرن كلمة واحدة لاتقبل التأويل " ارحلوا " وإجابة واحدة على كل عروضهم بالتنازلات"لقد تأخرتم كثيرا " ؟!

 

العقل والضمير هما (فقط لا غير ! )ما ينقص الحكام ( العرب ) !!!!! فهل آن الأوان لحكام عرب ذوي عقل وضمير ؟

هذا سؤال كبير برسم الثورة العربية العظمى المندلعة حاليا على الأرض العربية من المحيط إلى الخليج.

=========================

الثورة الليبية من التعثر إلى الانتصار

محمد بن المختار الشنقيطي

دخلت ثورة الشعب الليبي خط اللارجعة، فليس بعد المفاصلة الدموية مع القذافي مجال للتراخي أو النظر إلى الوراء. وقد مات نظام القذافي سياسيا ودبلوماسيا، فلم يعد يملك سوى كثافة القوة المجردة. ولا يوجد نظام سياسي في الدنيا يستطيع البقاء اعتمادا على كثافة القوة وحدها. وكلما أوغل القذافي في المنطقة الشرقية وانتشى لتحقيق تقدم على الثوار، كلما طال خط إمداد قواته، وترجح إمكان تخليها عنه. وليس أمام الشعب الليبي سوى السير قدما في ثورته، إذ لا بديل عن ذلك سوى تسليم الرقاب لطاغية مجروح الكبرياء متعطش للدماء.

ومن الواضح أن الثورة الليبية نسيج وحدها ضمن الثورات العربية القائمة والقادمة، نظرا لغرابة أطوار القائد الليبي ودمويته. حقا إن القذافي نوع فريد من القادة:

- فهو يحكم باستبداد لا نظير له، ويجمع السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية في يديه.. لكنه يقول إن السلطة للشعب..

- وهو ثائر اشتراكي كادح، يعتز بأنه لا يملك شيئا، وأن راتبه الشهري حوالي 300 دولارا، لكنه وأولادَه يضعون اليد على كل ثروة ليبيا..

- وهو أمير المؤمنين وقائد المسلمين، لكنه يرهب الغربيين من وجود إمارة إسلامية في ليبيا إذا سقط حكمه..

- وهو نجل الصحراء الزاهد الذي يدفع ابنه مليون دولار مقابل أربعة ألحان للمغنية الأميركية ماريا كيري..

- وهو عدو الامبريالية الجلد الذي يفكك برنامج التسلح في بلده ويشحنها إلى الأميركيين، حتى دون غطاء من الأمم المتحدة يحفظ ماء وجهه!!

وحينما اندلعت شرارة الثورة الليبية المجيدة تعامل معها القذافي بمنطق قاطع الطريق، فانخرط في إبادة جماعية للمدنيين المتظاهرين، دون رادع من خلُق أو ضمير، أو حس دبلوماسي أو سياسي . وهكذا فرض العقيد المتعطش للدماء على شعبه حربا لم يكن الشعب يفكر فيها ولا أعد لها عدة. فقد انطلقت الثورة سلمية بيضاء، على خطى شقيتيها التونسية والمصرية، لكن العقيد أبى إلا أن يضرجها بدماء الشهداء، في مذابح يندى لها جبين التاريخ، ويخجل منها ضمير الإنسانية.

كل هذا مع حرص شديد على محو آثار الجريمة، تفنن فيه العقيد، إلى حد نبش قبور الشهداء، وحمل رفاتهم إلى جهة مجهولة، واختطاف الجرحى من على أسرَّة مستشفياتهم، لقتلهم بعيدا عن الأنظار، خوفا من الإعلام الغربي الذي يفزع العقيد منه، رغم كل عنترياته الجوفاء ضد الامبريالية الغربية. وهكذا اضطرت الجماهير الليبية إلى حمل القتال بما وصلت إليه أديه من سلاح بسيط.

وتواجه الثورة الليبية اليوم تحديات عظمى توشك أن تغتالها، إلا إذا انفتح باب من أبواب الدعم والصمود يحول المعادلة لصالحها. ويمكن إجمال هذه التحديات في الآتي:

أولا: قعود أهل طرابلس عن التحرك الجدي مع الثورة، بعد أن أرهبهم القذافي بأيام دموية خلال هبَّتهم الأولى. وأهل طرابلس هم قلب الدولة الليبية، إذ يعيش في المدينة ربع سكان ليبيا، وفيها أهم مؤسسات الدولة.

ثانيا: تماسك القوة الأمنية التي يحتمي بها القذافي، ويضع أعنتها في أيدي أبنائه وأقربائه. فلم يحدث حتى الآن تآكل جدي في هذه القوات التي هي قلب الحماية والذراع الضارب للدكتاتور، على خلاف الجيش الذي انضم العديد من ضباطه وجنوده إلى الثورة.

ثالثا: اختلال الميزان العسكري في الأيام الأخيرة، كما تدل عليه معارك (الزاوية) و(رأس لانوف) وغيرها. وهو أمر متوقع في ظل ضعف الخبرة العسكرية لدى جل الثوار، وانعدام الإمداد بالسلاح الثقيل الذي تحتاجه الثورة حاجة ماسة.

رابعا: ضعف الموقف العربي الذي اكتفى بتحويل الأمر إلى الأمم المتحدة، وذلك باب واسع من أبواب التسويف والتواطئ الدولي، وحسابات الربح والخسارة التي لا تمت بصلة إلى مصلحة الشعب الليبي وحفظ دمه وماله.

خامسا: التردد الأوربي والأميريكي في دعم الثورة لعدم وجود بديل سياسي مضمون الولاء. فجهاز الدولة الليبية كان مغلقة لحقبة من الزمن، فلم يتوغل الغربيون في بنيته، كما فعلوا مع الحكومات المقربة منهم، ولا عرفوا الكثير عن خريطته السياسية وقاعدته الاجتماعية.

وأمام هذه التحديات الجمة تبدو الثورة الليبية اليوم على مفترق طريق خطر، يحتاج قادتها أن يستوعبوه، كما يحتاج ذلك كل الراغبين في ميلاد دولة ليبية جديدة بعيدا عن خبالات القذافي ومهاتراته. ولا يزال من الممكن حصول تحول ستراتيجي لصالح الثورة إذا تحقق الآتي:

أولا: أن ينخرط أهل طرابلس في الثورة الشعبية، فهو أقدر الليبيين على ذلك اليوم، خصوصا مع وجود الإعلام العالمي في طرابلس الآن، على خلاف أيام الهبَّة الأولى التي كان القذافي فيها قادرا على ارتكاب مذابح في طرابلس بعيدا عن مراقبة الإعلام. أما إذا استمر أهل طرابلس في الخوف والقعود السلبي فإن الثورة الليبية ستظل في خطر جليل.

ثانيا: أن تنشق بعض الكتائب الأمنية على القذافي، وتنضم إلى الثورة، وهو ما سيقلب الموازين العسكرية رأسا على عقب لصالح الثورة. ولا يمكن استبعاد هذا الخيار إذا تصاعد الضغط الدبلوماسي على نظام العقيد وأدرك المدافعون عنه أن لا مستقبل له، وأن مصيرهم -إن لم يتخلوا عنه- سيكون في المحاكم الدولية.

ثالثا: أن تدرك القيادة المصرية الحالية أن الاستثمار في ثورة الشعب الليبي مكسب ستراتيجي لمصر وشعبها على الأمد البعيد، إضافة إلى كونه واجبا أخلاقيا وإنسانيا، فتدعم الثوار الليبيين بالسلاح، ولو بيعا. ويمكن تغطية ثمن السلاح من الأرصدة الليبية المجمدة، كما تستطيع دول الخليج التي لا تكن ودا للقذافي تحمل الكلفة المالية لذلك التسليح، تخفيفا عن لاقتصاد المصري المرهق. وهذا أمر ممكن دون إشهار ولا ترويج، فالمعطيات على الأرض أهم الآن من الدعاية الإعلامية.

رابعا: أن تدرك أميركا وأوربا أن سلطة ديمقراطية مستقرة أضمن لمصالحها الاستراتيجية من حكم رجل قُلَّب، تتسم سياساته بالخبال والاستهتار. فالذي يعامل شعبه بمنطق قاطع الطريق، لا يمكن أن يأمنه عاقل على مصالحه. وتستطيع أميركا وأوربا فرض حظر جوي على القذافي، وشن حرب نفسية عليه من خلال رسو سفنها الحربية عند شواطئ طرابلس، وهو ما لن يكلفها دما ولا مالا يذكر.

أعتقد أن هذه النقاط هي التي ينبغي أن يركز عليها قادة الثورة الليبية، والناطقون باسمها. وأنصح المتحدثين باسم هذه الثورة في الإعلام بالتخفف من الأقوال السلبية التي تصدر عن بعضهم تجاه هذا الطرف أو ذاك من الأطراف التي خاب ظنهم فيها بسبب تراخيها في دعمهم. فهذا وقت جمع الكلمة، وكسب الناس لثورة الشعب الليبي، وليس وقت تصفية الحسابات السايسية أو إرسال الكلام على عواهنه.

إن مسار الثورة الشعبية المتعثر في ليبيا اليوم لا ينبغي أن يعمينا عن رؤية مآلها المضيء.. فلن تضيع دماء الشهداء هباء، ولن نفقد الأمل في هبة شجاعة من أهل طرابلس، ووثبة حرة من العسكريين المحيطين بالقذافي، ويقظة ضمير وكرامة من قادة الدول العربية.. وغير ذلك من أبواب الخير الواسعة. ولله الأمر من قبل ومن بعد

===========================

اليومُ العالميُّ لمناهضةِ تعسّفاتِ الشّرطةِ في 15 آذار

آمال عوّاد رضوان

مناشداتٌ تَبلُغُنا للتّضامن مع قضايا إنسانيّةٍ عديدة، كإغلاقِ وسيلةِ إعلامٍ ومُقاضاتِها، بحُجّةِ التّشهيرِ والخطابِ الكاذب، لمجرّدِ تناوُلِ مواضيع حقوقيّة أو وطنيّة!

 

ومناشداتٌ أخرى تُبلِغُنا عن اختفاءٍ قسريٍّ وتفشّي عمليّاتِ توقيفٍ واحتجازٍ تعسّفيّ، وتُطالبُ بالإفراجِ عن أطفالٍ ونساءٍ اختُطِفوا للاتّجارِ بهم أو لتزويجِهم، واحتجازِ نساءٍ وفتيان ومواطنينَ ولاجئينَ، ورعايا أجانب بدون جنسيّات ترفضُ دائرةُ الأمنِ الوطنيّة والمخابرات طلباتِ لجوئِهِم وقرارات ترحيلِهم، واحتجاز كُتّابٍ وأدباء وصحفيّينَ وطلاّبٍ ونشطاء وسياسيّينَ ومُعارضينَ ومُتمرّدين ومُحرّضين اختُطِفوا دونَ إعلامِ أُسَرِهِم، ودونَ معرفةِ أسبابِ الحجْزِ ومُدّتِهِ ونتائجِه، ودون معرفةِ الجهةِ الّتي اعتقلَتْهم، إن كانتْ مِنَ الشّرْطةِ أو أعوانِ الدّولة، ودونَ معرفةِ مكان احتجازِهِم: في مراكزِ شرْطة، قواعدَ عسكريّةٍ، سجونٍ سرّيّةٍ وغيرِ رسميّة، أو في مقرّاتِ المخابرات!؟

 

كثيرٌ مِنَ المُدَّعى عليهم تقومُ الشّرطةُ بتوقيفِهم دونَ إجراءاتٍ قانونيّةٍ أو خارجَ رقابةٍ قضائيّة ورسميّةٍ لوزارةِ العدل، وبناءً على أقوالِ شهودٍ مجهولي الهُويّةِ، فتتذرّعُ بظروفٍ استثنائيّةٍ لتبريرِ التّعذيب، وتُمارسُ انتهاكاتٍ خطيرةً بحقّهم، بأنماطٍ مُتعسّفةٍ واعتقالاتٍ سِرّيّةٍ وعلنيّةٍ، واستجوابِهم وتهديدِهم وملاحقتِهم وتعذيبِهم، فتُعرّضُهم للاعتداءِ والاغتصابِ وللعنفِ الجنسيّ وتشويهِ الأعضاءِ التّناسليّة، بضروبٍ مُهينةٍ ومعاملاتٍ لا إنسانيّةٍ، لانتزاعِ اعترافاتِهم القسْريّةِ أو لِحمْلِهم على التّوقيعِ على مَحاضِرَ لم يَقرؤوها، فلا تُتيحُ لهم الاتّصالَ بمُحامٍ لإعدادِ الدّفاع، ولا تستمعْ إلى شهودِ الدّفاع، بل تُعيقُ محاكمَتَهم ولا تسمحُ بالطّعنِ في حُكم صادرٍ بحقّهم، وقد تُنفّذُ فيهم عقوبةَ الإعدامِ وخارجَ القضاء!

 

لمَن ينبغي التّوجّهَ بالتّظلُّم؟ هل لهؤلاءِ المُحتجَزينَ ضماناتٌ حقوقيّةٌ؟ ما هي؟ وكيفَ يمكنُ إنصافُهم وتقديمُ الشّكاوى ورصْدُ هذهِ الانتهاكاتِ والتّصدّي لها؟

ما مسؤوليّةُ مَن يُمارسون شتّى أشكالِ التّعذيب، والمتواطئينَ والمشاركينَ مِن حيث العِقاب؟

 

الجمعيّةُ العامّةُ في الأممِ المُتّحدةِ اعتمدت الاتّفاقيّة في قرارِها في 10-12-1994، وبدأ الانضمامُ والتّوقيعُ في 4-2-1985، والتّنفيذ في 26-6-1987.

الدّولةُ الطّرفُ الّتي وقّعت الاتفاقيّةَ، لديها مُنظّماتٌ حقوقيّةٌ دوليّةٌ تتطرّقُ إلى وضعيّةِ حقوقِ الإنسان، وتشريعاتٍ واتّفاقيّاتٍ دوليّة في هذا المجال، مِن حيث حقّ الفردِ في عدَمِ التّعرّضِ لجميعِ أشكالِ التّعذيب، واعتمادِ القانونِ الجنائيّ الّذي يُحرّمُ ممارسةَ التّعذيبِ والعنفِ الجنسيّ والممارساتِ التّقليديّةِ الضّارة، فالتّعذيبُ محظورٌ بشكلٍ مُطْلقٍ ومُدانٌ بحسب القانون، لاتّسامِهِ بخطورةٍ بالغةٍ على الضّحايا.

 

أهمُّ الضّماناتِ للمُحتجَزين:

أن يُعلموا بسببِ توقيفِهم والتّهمِ المُوجّهةِ إليهم، والاتّصال بأُسَرِهِم وبمُحامٍ والاستفادةِ بمساعدةٍ قانونيّة، والخضوعِ للفحصِ الطّبّيّ، وإعادةِ النّظرِ في شرعيّةِ احتجازِهم وِفْقًا للمعاييرِ الدّوليّةِ وليسَ لدستورِ الدّولة، وتخفيفِ عقوباتِ الإعدامِ عن سجناء عنبرِ الموت، وتأمينِ الحمايةِ المنصوصِ عليها في الاتّفاقيّة!

 

هل هناكَ تعريفاتٌ واضحةٌ بخصوصِ أشكالِ التّعذيبِ، تدخلُ في نطاقِ الاتّفاقيّةِ وتَحُولُ دونَ تعسّفِ السّلطة؟

 

هل حكوماتُنا تتمتّعُ بإرادةٍ سياسيّةٍ عادلةٍ ومُهيّأةٌ لتنفيذِها؟

ماذا عن الجهازِ القضائيّ حينَ يتعرّضُ لتدخّلاتِ الجهازِ التّنفيذيّ، ولضغطٍ سياسيٍّ وحالاتِ تخويفٍ وتهديدٍ وعزْلٍ وفصْلٍ وتواترٍ، وفرْضِ اعترافاتٍ مُنتزَعةٍ بواسطةِ التّعذيب؟

 

هل هناكَ متابعاتٌ للتّوصياتِ والاقتراحاتِ بخصوصِ الشّكاوى المُتعلّقةِ بانتهاكاتِ حقوقِ الإنسان، ورصْدِ المَرافِقِ الصّحيّة، ومُلاحقةِ القضايا التي يُثبَتُ فيها التّعذيبُ وسوءُ المعاملة، وإحالة الاستنتاجاتِ إلى النّيابةِ العامّةِ وتقديم بياناتٍ وإحصاءات؟

 

وهل التّحقيقاتُ حقًّا تُوكَلُ إلى الإداراتِ الاتّحاديّةِ للتّحقيقاتِ الجنائيّةِ وللمَحاكِم، ويُعهَدُ بها إلى هيئاتٍ مستقلّةٍ، ومكاتبَ إداريّةٍ مُخوّلةٍ بمصداقيّةٍ عادلةٍ، لضمانِ حمايةِ وإنصافِ مُقدِّمي الشّكاوى، وعدمِ تهديدِهم وتزويرِ أدلّتِهم؟

 

وماذا عن لغةِ التّحايلِ الّتي تتمُّ بتسجيلِ تاريخِ اعتقالٍ مُزوَّرٍ وتمديدُهُ، مِن أجل التّمويهِ والتّهرّبِ وعدمِ الامتثالِ للقوانينِ الدّوليّة؟

وماذا عن امتثالِ الشّرْطةِ لأوامرِ المحكمةِ، بالإفراجِ عن المُشتبَهِ بهِ بكفالةٍ دونَ احتجازِهِ المُطوّلِ في الحبْسِ الاحتياطيّ، ثمّ تصفيته خارجَ القضبان؟

 

وماذا عن القوّةِ العسكريّةِ حينَ تقومُ بتنفيذِ مهامّ القانونِ بدلاً مِنَ الشّرطة، في حالاتِ النّزاعاتِ المُسلّحةِ الّتي لم تُعلَنْ فيها حالةُ الطّوارئ، وبمنتهى التّحايلِ تستخدمُ القوّةَ الفتّاكةَ في المُظاهرات؟

 

وماذا عن حالاتٍ يُقاضى ويُعاقَبُ فيها ذوو الرّتَبِ المُتدنّيةِ المتورّطينَ في حالاتِ قتلٍ وتعذيب، بإيعازٍ مِن ذوي رُتبٍ عاليةٍ لا تَطالُهم يدُ القانون!

 

هل تتمتّعُ دولُنا بتدابيرَ سريعةٍ وفعّالةٍ لتكفلَ تمتّعُ جميعِ المُحتجَزينَ عمليًّا، بجميعِ الضّماناتِ الحقوقيّةِ القانونيّةِ الأساسيّةِ منذُ بدْءِ احتجازِهم؟

 

هل تعمل دولُنا الأطراف على تدريبٍ إلزاميٍّ في مجالِ حقوقِ المُحتجَزين، للقضاةِ ومُوظّفي السّجون والشّرطة والمخابراتِ وأفرادِ الجيش، بدوراتٍ وحلَقاتٍ دراسيّةٍ ومحاضراتٍ متعلّقةٍ بحقوقِ الإنسان، للتّزوّدِ بوعيٍ ومهاراتٍ وتقنيّاتِ تحقيقاتٍ مناسِبةٍ لاستجوابِ الأفراد، تَحظُرُ التّعذيبَ بشكلٍ مُطْلَقٍ؟

 

هل تُعزّزُ قدراتِ مكاتبِ مُحامي الدّفاعِ، لإسداءِ خدماتِ المساعدةِ القانونيّة؟

 

وفي المجالِ الطّبّيّ، هل تُجري تدريباتٍ تتعلّقُ بكيفيّةِ الكشْفِ عن آثارِ التّعذيبِ، واستخدامِ دليلِ التّقصّي والتّوثيقِ الفعّاليْنِ لضروبِ التّعذيب؟

 

هل تفحصُ وتُقيّمُ مدى نجاحِ هذهِ الدّوراتِ التّعليميّة، وتُقدّمُ ﺭﻋﺎﺔً صحّيّةً ﻀﻤَُ ﺍﺘﻘﻼﻟﻴّﺔَ فحوصِ الطّبّ الشّرعيّ، وتقبلُ الاﺘﻨﺘﺎﺎﺕِ كأدلّةٍ في الإجراءاتِ الجنائيّةِ والمَدنيّة؟

 

هل تتعاونُ معَ المُنظّماتِ غيرِ الحكوميّةِ واللّجانِ الدّوليّةِ كالصّليبِ الأحمر وغيرِها مِنَ الآليّاتِ الدّوليّةِ المستقلّة؟ وهل تسمحُ لهم بزياراتٍ فجائيّةٍ أو بانتظامٍ بعمليّاتِ تفتيشٍ وتقييمٍ، للسّجونِ والمَرافقِ الإصلاحيّةِ ومَرافقِ الاحتجاز، للرّصْدِ المنهجيّ لأماكنِ الحرمانِ مِنَ الحُرّيّة، كي توفّرَ الحمايةَ للضحايا، والخدماتِ القانونيّةِ والطّبّيّة والنفسيّة وخدماتِ إعادةِ التّأهيل؟

 

هل تُشجّعُ وسائلَ الإعلامِ بنشْرِ الوعيِ والإعلانِ عن المُنظّماتِ غيرِ الحكوميّةِ كعنوانٍ للتّظلّم؟

وختامًا...

وعلى ضوْءِ أحداثِ الانتفاضاتِ في دولِ شرْقِنا ومنذُ عقودٍ، هل هناكَ حقًّا إجراءاتٌ ومقاضاةٌ للجُناةِ مُنتهِكي الحّرّيّاتِ، ومعاقبتُهم بجزاءاتٍ مناسِبةٍ ومُلاحقاتٍ قانونيّةٍ تأديبيّة؟

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ