ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 08/03/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

قضية سورية.. الأخطار والمواجهة

استهداف سورية استهداف الإسلام والعروبة والوطنية معا

نبيل شبيب

الثغرة الأخطر أمام الأخطار الخارجية - الآخر محليا والآخر دوليا - التلاقي محليا معيار الوطنية

لم يعد يفيد القول إنّ الأخطار الخارجية بما فيها استخدام القوّة العسكرية في الحرب على وجه الاحتمال إنّما تستهدف النظام، كما كان يقال، فتقع الهزيمة العسكرية، ويقع احتلال جزء من الأرض، وتُدمّر الإمكانات التي أُنفقت عليها ثروات الشعب، ويبقى النظام، فيقال إنّ "العدوّ لم يحقّق هدفه"!.

ولا يفيد أحداً في الوقت الحاضر أن يقال إنّ الأخطار الخارجية المتفاقمة تستهدف إسلام سورية فحسب، أو عروبتها، أو ما يوصف بالتيار الليبرالي، أو التيّار العلماني، بمعنى أنّها تستهدف بأسلوب الحرب الاستباقية، أو الحملة المضادّة الاستباقية، ما يمكن أن يصنعه الانطلاق "فقط" من أحد هذه المنطلقات، فيكون حاجزا مستقبليا في وجه تحقيق مطامع أجنبيّة ما، في سورية نفسها، أو إقليميا.

 

الثغرة الأخطر أمام الأخطار الخارجية

آن الأوان أن يتصرّف جميع الأطراف في سورية من منطلق أنّ المستهدَف بالأخطار الخارجية هو سورية، لا النظام ولا المعارضة، ولا تيّار كبير ولا تيّار صغير.

سورية هي المستهدَفة بتاريخها وحاضرها، بأرضها وشعبها، وبسائر طوائفها وأطيافها. فسورية إذا ما أصبحت دولة مستقرّة على أسس قويمة جامعة، تنطلق من الإرادة الشعبية، وتعتمد على الطاقات الذاتية وتنميتها، وعلى الوحدة الوطنية الجامعة ومفعولها، تتحوّل بذلك -وليس بسيطرة تيّار أو حزب عليها- إلى قوّة إقليمية يُحسب حسابها، شأنها في ذلك شأن أيّ قطر عربيّ أو إسلامي آخر، تتحقّق فيه هذه الشروط، مع بعض العوامل الإضافية الأخرى، مثل الموقع، أو الثروة الطبيعية، أو الحجم الجغرافي والسكاني، أو الطاقة العلمية التخصّصية، وغير ذلك من العناصر الإضافية لصناعة القوّة الذاتية، والتي تضمحلّ وتضيع -كما نعلم من التجربة التاريخية والواقع القائم- فتفقد مفعولها، ما لم تتوافر لها الشروط الأساسية المذكورة آنفا.

ليست الثغرة الأكبر التي تنفذ منها الأخطار الخارجية هي ثغرة الحكم الاستبدادي وحده، وليست هي ثغرة ضعف المعارضة فقط، ولا هي ثغرة ولاء فئة حزبية أو غير حزبية للعدوّ الخارجي، إنّما الثغرة الأكبر التي تجعل من هذا كلّه أو بعضه سبب ضعف ووهن وعجز عن مواجهة الأخطار الخارجية، هي ثغرة عدم الالتقاء على أرضيّة مشتركة بين سائر التيّارات القائمة، في الحكم والمعارضة، وانشغالها ببعضها بعضا عن المواجهة.

ليس مستغربا أن يكون من بين المخطّطات العدوانيّة في المنطقة ما يستهدف تفتيتها إلى دويلات، على أسس طائفية وقومية، تتنازع فيما بينها، على رقعة أرض، أو مادة دستورية، أو ثروة طبيعية، أو لمجرّد التعصّب الأعمى بمختلف أشكاله وصوره. ولكنّ المستغرب أن ينتشر في أدبيّاتنا السياسية، على اختلاف منطلقاتها، الحديثُ عن ذلك، وشرحه، وتوثيقه، والتحذير منه، ثمّ أن تتصرّف التيّارات والأحزاب والفئات المتعدّدة وفق ما تتطلّع إليه تلك المخطّطات المعادية، فتتولّى واقعيا تنفيذها بنفسها، فيما يصدق عليه الوصف بالسياسات الانتحارية.

إنّ ما عجزت قوّة الاحتلال الصهيوني عن صنعه بفلسطين في مواجهة الانتفاضة، يمكن أن يصنعه الاقتتال الداخلي بين الفصائل الفلسطينية، وإنّ ما عجزت قوّة الاحتلال الأمريكي عن صنعه في العراق في مواجهة المقاومة، صنعه الاقتتال الطائفي بين الفئات العراقية، وإنّ احتمال العجز عن فتح جبهة إضافية في سورية، يمكن أن يعوّضه لصالح ما تريده المخطّطات المعادية، ما يسود من استبداد سلطة وتشرذم معارضة، دون الحاجة إلى استخدام قوّة عسكرية خارجية أصلا.

حرب احتلال العراق لم تكن حربا على نظام، ولا حربا على تيّار، ولا حربا على النفط الخام، ولا حتّى بسبب تسلّح مزعوم، إنّما كانت -من قبل ذلك كلّه- حرب "تدمير وتفتيت"، كانت حربا على العراق بتاريخه الحضاري الإسلامي، وواقعه الراهن، وبتوجّهه القوميّ، وطاقاته العلمية، وثرواته الطبيعية، بما يشمل الشيعة والسنة، والأكراد والعرب، وسائر الأطياف الأخرى، فحصيلة الحرب، وإن تلاقت بعض الفئات مرحليّا مع المحتلّ، أو كان أغلب الضحايا من خارج صفوفها، هي الحصيلة النهائية، وهي على حساب تلك الفئات جميعا، بإضعافها جميعا، وشغلها بحرب بعضها بعضا جميعا.

وذاك ما يسري على سورية دون حرب أو بحرب مقبلة، فاستهداف سورية أرضا وشعبا، حكما ومعارضة، إسلاما وعروبة، وطنا مشتركا وطوائف متعدّدة، تجعل العواقب إن وقعت، تصيب الإسلاميين والعلمانيين، والقوميين والشيوعيين، العرب والأكراد، المسلمين والمسيحيين.

وأيّ نظرة تميّز بين جانب وآخر، وتيّار وتيّار، وحكم ومعارضة، وفريق وفريق، في هذا الاستهداف على وجه التخصيص، إنّما هي نظرة واهمة، تؤدّي إلى ضعف الجميع بمن فيهم أصحاب تلك النظرة، وتعرّض الجميع للأخطار وإن ظنّ مَن ظنّ أنّه بمنجاة منها، وإن وُجد تمييز ما في الاستهداف من جانب القوى المعادية، فيستحيل أن يكون إلاّ تمييزا مؤقّتا، يزول أو يتحوّل إلى طرف آخر آجلا أو عاجلا.

ولا يكاد يكفي تكرار التأكيد، مرّة بعد مرّة، أنّنا يجب أن نخرج من تلك النظرة الضيّقة، إلى نظرة تستحقّ وصف نظرتنا المشتركة إلى أخطار مشتركة، وأن نخرج من العصبيّة بمختلف أشكالها، ومختلف منطلقاتها، ومختلف مسوّغاتها، إلى أرضيّة مشتركة تجعل من التنوّع مدخلا إلى التكامل، ومن الاختلاف مدخلا إلى التآلف، ومن التعدّد مدخلا إلى الحاضنة الوطنية المشتركة، ما دامت المخطّطات العدائية -وهي باقية على ذلك- تستهدف الجميع، معا أو على التتالي.

 

الآخر محليا والآخر دوليا

لقد تجاوزت تلك المخطّطات العدائيّة وأخطارها في هذه الأثناء مرحلة الاكتفاء بتعاون مع نظام محليّ، مع ضمان حمايته، أو مرحلة الدخول في اتفاقات ضمنيّة معه، ليكون له مجال حركة إقليمي محدّد، مقابل ما يقدّم من خدمات إقليمية جمّة لعدوّ أجنبي. فالمطلوب في هذه الأثناء هو التطويع المطلق، تحت طائلة التهديد العلني بالعمل على عزل هذا النظام أو ذاك أو إسقاطه، والتخلّي عن هذا التيّار أو ذاك أو ملاحقته، والتحالف مع المستبدّ أو معارضيه وخصومه، وإن اختلفت اتجاهاته أو اتجاهاتهم مع أهداف العدوّ، ولن يتبدّل ذلك من حيث الجوهر وإن تبدّلت الاساليب مع نشوء خارطة جديدة نتيجة الثورات الشعبية على الاستبداد. (إن قيل هذا ما تقلبه الثورات الشعبية العربية رأسا على عقب في هذه الأثناء، فينبغي القول يسري ذلك على البلدان التي تنتصر الثورات فيها، ويمكن أن يسري على البلدان التي يتحقق فيها تغيير جذري شامل قبل أن تتعرّض لثورة شعبية.. كما هو الحال مع سورية ساعة إضافة هذه السطور).

ليس المطلوب التوافق أو الاختلاف مع القوى المعادية، إنّما المطلوب هو استخدام جميع الفئات، ضدّ جميع الفئات، وكافّة التيّارات ضدّ كافّة التيّارات، لتنتشر الفوضى "الخلاّقة"، بمعنى الخلاّقة لظروفٍ تخدم تحقيق أهداف معادية، ولا يهمّ بعد ذلك وجودُ حكم يرفض تلبية بعض المطالب الخارجية أو يلبّيها، فضعف نظام الحكم مع ضعف المعارضة في وقت واحد، يعني الاضطرار إلى التلبيّة بشكل من الأشكال، أو -على الأقلّ- العجز عن التحرّك لإعاقة المخطّطات المعادية في المنطقة، ناهيك عن منعها، وذاك هو هدف التطويع.

هذا بعض ما يعنيه بالمقابل أنّ التبجّح بالقوّة في حقبة تاريخيّة مضت، تحوّل إلى تبجّح بالعجز في الوقت الحاضر، وأنّ الإساءة في تجارب الوحدة في الماضي، تحوّلت إلى حملة تيئيس في الوقت الحاضر من أيّ صيغة من صيغ التعاون -كإيجاد سوق عربيّة مشتركة- وليس من صيغ الوحدة فقط.

إذا صحّ ما يقوله الحكم في سورية عن نفسه، أنّ السياسة السورية كانت وما تزال عقبة في وجه تحقيق المطامع الخارجية إقليميّا، فقد بدأ يعلن بنفسه عن "انفراده" عربيّا على هذا الطريق، وعن إقدامه على خطوات جديدة لم يكن يصنعها من قبل، سواء كانت اضطراريّة، مثل الانسحاب من لبنان، أو طوعية مثل التعاون مع المخابرات المركزية الأمريكية، التي كانت في الماضي من الجهات المدبّرة للانقلابات العسكرية في سورية، وما تزال على استعداد لصنع ذلك أو ما يشابهه بصيغ جديدة.

إنّ مواجهة الأخطار الخارجية لا يمكن أن تتحقّق عن طريق تبجّح السلطة بقوّة عسكرية أو سياسية ذاتية مهترئة، والتراجعُ أمام هذه الأخطار أصبح ماثلا للعيان، خطوة بعد أخرى.

وإنّ مواجهة الاستبداد الداخلي لا يمكن أن تتحقّق عن طريق تبجّح مَن يتحدّث مدّعيا لنفسه موقع المعارضة الخارجية، أنّ التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية هو "استخدام لها" نتيجة التقاء المصالح، كما ورد على ألسنة بعض هؤلاء، وقد كانت تجربة أفغانستان والمجاهدين فيها، منذ الاحتلال الروسي لها، تجربة حافلة بتحوّل التعاون المطلوب في مرحلة معيّنة، لهدف محدّد في المخطّطات الأجنبية، إلى عداء واستئصال في مرحلة تالية، لهدف آخر في المخطّطات ذاتها.

ويسري هذا عى الصعيد الإقليمي، وقد اقترنت حرب احتلال العراق بألوان من التهديد لبعض أنظمة الحكم الأخرى وبعض التيّارات التي تمثّلها أو القريبة منها، بأن ينقلب الدعم إلى خصومة، والتحالف إلى عداء، مقابل أن ينقلب الحصار حول بعض أطراف المعارضة إلى انفتاح، والعداء إلى تأييد.

من العسير أمام هذه المعطيات وما لا يُحصى من القرائن والشواهد عليها، من التاريخ المعاصر الذي نعايشه مباشرة، أن نستوعب منطقيا استمرارَ وجود مَن يعتقد بإمكانية انفراده على طريق المواجهة لخطر خارجي، أو على طريق التحالف مع مصدر ذلك الخطر.

وإنّ الإصرار على الانفراد داخليا في طريق المواجهة، كما يزعم الحكم في سورية لنفسه واقعيّا، لا يكاد يختلف في تبعاته وعواقبه عن الإصرار على تكرار تجارب التحالف أو التعاون مع عدوّ خارجي لتحقيق هدف سياسي داخلي، كما يزعم بعضُ من ينسب نفسه إلى المعارضة السورية في الخارج، ويأباه سائر أطرافها في الداخل والمنفى بوضوح.

لم يعد ذلك مقبولا حيثما يصدر عن السلطة بدعوى تحقيق مصلحة سورية، والمصلحة العربية المشتركة، فذاك الطريق الانفرادي لا يمكن أن يحقّق حتّى هدف استمرار احتكار السلطة، كما تقول المعارضة عن الحكم القائم، فضلا عن تحقيق المصلحة العليا المشتركة. ولا يمكن أيضاً القبول بطريق انفرادي لتيّار أو حزب أو جماعة أو طائفة من سائر أطراف المعارضة في المرحلة الراهنة على وجه التخصيص، فهو طريق انفرادي يستحيل أن يحقّق المصلحة العليا لسورية وشعبها، ناهيك عن المصالح المشتركة في المنطقة، بل لا يحقّق حتى المصلحة الذاتية للجهة التي تتبنّى الطريق الانفرادي، ولا يمكن أن يوصل إلى إنهاء الاستبداد، وإن أوصل جدلا، فلن يكون الوضع البديل سوى استبداد جديد. ولا يعني رفضُ الطريق الانفرادي رفضَ استمرار الانفراد بالتصوّر الذاتي في نطاق أرضية مشتركة.

لا يمكن القبول منطقيا أو وطنيّا وقوميّا وإسلاميّا بالتلاقي مرحليا أو على المدى البعيد، مع "الآخر" دوليا، رغم عدائه، وعدم التلاقي مرحليا وعلى المدى البعيد، مع "الآخر" محليا، رغم المصلحة المشتركة والحاضنة الوطنية الواحدة معه.

 

التلاقي محليا معيار الوطنية

ليست القوّة الذاتية المتفوّقة بالمقاييس المادية وحدها الوسيلة التي تعتمد عليها المخططات العدائية لتحقيق ما تريد في بلادنا، وعلى حساب شعوبنا، وحساب حاضرنا ومستقبلنا، فقد كان ولا يزال المدخلُ الأهمّ والأكبر فاعليّة إلى تحقيق أهدافها، في أوقات السلم والحرب على السواء، هو ما تجده القوّة الخارجيّة من مرتكزات محلية، تعتمد عليها، وتستخدمها، وتؤيّدها، وتتخلّى عنها، وتدعمها بمقدار ما يحقّق الدّعم هدفا مؤقتا على حساب "الآخر" محليا، ثمّ توجّه بنفسها إليها الضربات إذا ما بلغت من القوّة الذاتية ما يمكن أن يمثّل عقبة في وجه "الآخر" دوليا. ولا يمكن أن يحول دون وجود تلك المرتكزات أو أن يبطل مفعولهَا، استبدادٌ يحتكر السلطة، ولا خلافٌ في المعارضة، بل وجودُ أرضية مشتركة للعمل المشترك، رغم الاختلاف، والتحوّل من الصراع إلى التنافس، مع الاختلاف.

إنّ الحكم القائم في سورية مطالَب في الوقت الحاضر أكثر من أيّ وقت مضى، بالتخلّي عن احتكار السلطة والاستبداد من خلالها، ولا يمكن أن يتحصّن وراء هذا الاحتكار والاستبداد، بعد أن أصبحت الأخطار الخارجية أكبر من أيّ وقت مضى، وبعد أن ظهر من خلال القدر الضئيل من تحرّك المعارضة حتى الآن، أنّ في سورية من الطاقات المعطّلة، والمحاصرة، والمنفيّة، ما لا يمكن الاستغناء عن تعبئته، ناهيك عن تعبئة الجهود الذاتية وهَدْر طاقات سورية عبر الانشغال بمحاصرته وملاحقته، ولا تتحقّق التعبئة دون استرجاع الحقوق المهدرة والحريّات المقيّدة، لمواجهة الأخطار الخارجية، وللمضيّ على طريق بناء مستقبل الوطن المشترك.

إنّه لضرب من ضروب السياسة الانتحارية الذاتية أولا، وضرب من ضروب السياسة "الضارّة" على الأقل، بالمصلحة الوطنية، والعربية، والإسلامية، عدمُ استجابة صانع القرار في الحكم القائم، لهذا الواجب الملحّ، وعدم تحمّله مسؤوليّته أمام تفاقم الأخطار الخارجية، واستمرارُ ممارساته الراهنة لخنق المعارضة أو إضعافها أو محاولة ضرب بعضها ببعض، أو الاكتفاءُ بمحاولة غير مجدية، لتعبئة بعض تلك الطاقات -كالطاقات الاستثماريّة لمغتربين- دون فتح أبواب المشاركة الجادّة في صناعة القرار لا في تنفيذه فقط، وعبر استغلال أشواق المغتربين -ومعظمهم مهجّرون مشرّدون- إلى أهلهم وبلدهم، وليس عبر تعبئة طاقاتهم من أجل المصلحة العليا للبلد وأهله.

وإنّ المعارضة في سورية، بسائر أطرافها وأطيافها، في الداخل والمنفى، مطالَبة بأن تضع معا لنفسها صيغة شمولية مشتركة، تسدّ من خلالها سائر أبواب التشرذم والتعصّب، وتمنع الإقصاء والاستئصال، وتحول دون أيّ صورة من صور الارتباط التبعيّ بقوّة أجنبية، وتحدّد لنفسها متطلّبات عملها، خطوة بعد خطوة، ومرحلة بعد مرحلة، على طريق الإصلاح التغييري، وبناء مستقبل سورية، وتحقيق المنجزات الآن، وضمان الحفاظ عليها مستقبلا.

ومن دون هذا وذاك يقع التفريط في المصلحة العليا المشتركة، والمصالح الذاتية، ويساهم مَن يمتنع إسهاما مباشرا في خدمة المخطّطات الأجنبية، قاصدا أو دون قصد، وإنّ الخطأ في مثل هذه الحالات جريمة كبرى، فكيف بمن يتعمّد ممارسة سياسة انتحارية لنفسه وشعبه وبلده!.

إن التقاء أطراف المعارضة وأطيافها على أرضية مشتركة لعمل مشترك، مع بقاء الباب مفتوحا أمام من يسلك السبيل نفسه طواعية من داخل السلطة بانفصاله طواعية عنها، أو من جانب السلطة بتغيير علني شامل لنهجها، لا يمكن أمام الأخطار الخارجية أن يكون مجرّد هدف مؤقّت أو مرحلي، أو "تكتيكي" كما يقال، بل هو الواجب المطلق، المطلوب الآن ومستقبلا، من منطلق الحاضنة الوطنية المشتركة. وهو الواجب المطلوب من أجل سورية بإسلامها وعروبتها، وبما يحقّق المصلحة لجميع طوائفها وفئات شعبها في الوطن الواحد، وبما يعطي النموذج الحيّ لسائر أقطارنا العربيّة والإسلامية.

ويجب أن يكون أداء الواجب من أجل هذا التلاقي هو المعيار الأوّل للانتساب إلى الحاضنة الوطنية المشتركة، ولصدق ادّعاء من يدّعي الحرص على مواجهة الأخطار الخارجية المتفاقمة المحيطة بسورية والمنطقة بمجموعها.

==================================

"أمي.. طاب لي أن أقتل عربيا" ...!

نواف الزرو

nawafzaru@yahoo.com

حدث ذلك في الثالث والعشرين من شهر شباط الماضي، حيث اقدم اربعة من المستعمرين اليهود تتراوح اعمارهم بين 16 و17 عاما، على طعن الشاب المقدسي الشهيد حسام الرويضي من سكان سلوان حتى الموت. وقد وجهت النيابة العامة الاحتلالية لهم تهمة "القتل غير المتعمد"، اذ زعمت الشرطة "الإسرائيلية" ان عراكاً اندلع بين الأربعة وعدد من الشبان المقدسيين طعن خلالها الشاب الرويضي".

واليوم وبعد مرور نحو اسبوعين تكشف صحيفة يديعوت احرونوت/2011-3-4/النقاب عن الحقيقة الموثقة في الاعترافات لدى المحققين، فتقول:"ان الشاب اليهودي الذي طعن وقتل المقدسي الرويضي قال لامه:

امي..طاب لي ان اقتل عربيا فقتلته..."/ وتضيف الصحيفة الصهيونية على لسان امه:": انه-اي القاتل-لا يحب العرب ويكرههم".

تصوروا...العنصرية الصهيونية الحاقدة في ذروة تجلياتها السيكولوجية..!

والحكاية هنا لا تقتصر عند هذا القاتل بدم بارد الذي طاب له ان يقتل عربيا، وانما تمتد مساحة الذين يطيب لهم ان يقتلوا عربا لتشمل الحكومة والاحزاب والمؤسسات الامنية والعسكرية والاستخبارية ووحدات المسعربين، وصولا الى كتائب المستعمرين اليهود في انحاء الاراضي المحتلة....!

لذلك ان اردنا ان نتحدث عن الذين يطيب لهم ان يقتلوا عربا ويستمتعون بذلك فهم لا حصر لهم، ويتوزعون على مختلف طبقات المجتمع الصهيوني، ويعششون في مختلف مؤسسات الدولة الصهيونية، بل ان ثقافة هذا القتل العنصري تعشش في كل مكان صهيوني.

فالعنصرية هى السمة المميزة للدولة الصهيونية منذ أقامتها في فلسطين، فتلك الظاهرة التى تضرب المجتمع "الإسرائيلى" منذ احتلالهم لفلسطين أصبحت حالياً مشكلة ضخمة تجتاح المدارس والمؤسسات التعليمية المختلفة فى المجتمع "الاسرائيلي"، حيث تزداد العنصرية المتفشية بين الطلبة يوماً بعد الآخر ضد العرب، بل ارتفعت الأصوات بتدمير الدول العربية.

فنقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الصهيونية فى تقرير لها /الأربعاء 19 / 01 / 2011/، عن العاملين وبعض المدرسين فى قطاع التعليم تأكيدهم أنهم يواجهون ظاهرة مقلقة للغاية وواقعاً عنيفاً يزداد تطرفاً، وضربت الصحيفة مثالاً على هذه الظاهرة بأنه فى إحدى المرات "كتب طالب فى المرحلة الإعدادية على ورقة الامتحان "الموت للعرب"، وفى حادث آخر قام أحد طلبة المرحلة الثانوية، وفاجأ المدرس وصرخ بأعلى صوته "حلمى الذى أتمنى أن يتحقق، هو أن ألتحق بحرس الحدود بالجيش "الإسرائيلى"من أجل إبادة الدول العربية"، وذلك قبل أن يصفق له زملاؤه فى الفصل على كلماته ضد العرب.

وأشارت الصحيفة إلى أن بعض المعلمين فى الفصول الدراسية وجدوا على الجدران شعارات كان قد نطق بها الحاخام الأمريكى العنصرى المتطرف مائير كاهانا، عندما قال "إن العربى الجيد والعاقل هو العربى الميت"، بالإضافة لعبارات التحريض الأخرى التى تشكل إشارة حمراء لما هو قادم من تفشى العنصرية داخل الأوساط التعليمية "الإسرائيلية".

وقالت إحدى معلمات مادة التربية الوطنية "الإسرائيلية" إنه عندما يتم الحديث عن المساواة وغيرها من القيم سرعان ما تخرج الأمور عن دائرة السيطرة، ويبدأ الطلبة بمهاجمتها ونعتها بالأوصاف البذيئة.

وفي حالة اخرى ذكرت الصحف الصهيونية ان الشرطة "الاسرائيلية" تجري-وكالعادة-تحقيقا قضائيا-صوريا- بطلب من مكتب المدعي العام ضد موقعين إلكترونيين في الفيس بوك يدعوان لقتل العرب/ يديعوت 6/1/2011 ".

وحمل الموقع الأول عنوان "الموت لكل العرب"، ويضم مائة وسبعين عضوا، وجاء فيه " اقتلوهم فردا فردا، العربي الجيد هو فقط العربي الميت، العرب حيوانات ضالة"!

 أما الموقع الثاني فدعا للتظاهر في أم الفحم ضد الحركة الإسلامية، وكتبوا فيه :" محمد خنزير، الموت للعرب"!

ولعل الاخطر دائما هي تلك الفتاوى الابادية التي يطلقها الحاخامات، اذ رأى احد حاخامات الصهيونية الدينية رئيس معهد "تسومت" في غوش عتسيون الحاخام يسرائيل روزن انه «"لو كان زمام الدولة بأيدٍ يهودية، ليست بالضرورة من مرتدي القلنسوات، لكان ينبغي السماح لشبان سديروت وأشكلون (عسقلان) والنقب الغربي او كل شاب قادر على حمل السلاح بالرد على الحرب في اطار ميليشيا غير خاضعة للسيطرة"، وذلك في تعليقه على سقوط صواريخ المقاومة الفلسطينية على القرى والبلدات "الإسرائيلية" في فلسطين المحتلة عام 1948/25/11/2006". وقال روزن" إن الرد الأبدي على الارهاب هو الارهاب المضاد، العين بالعين والنفس بالنفس". واعتبر أنه ليس هناك خيار الا الاسلوب «اليعقوبي» وهو "ان يرتدي الجدي ثياب النمر ويكسو ايديه بثياب مكسوة بالشعر".

كذلك دعت مجلة صادرة عن التيار الديني الصهيوني في "إسرائيل" إلى إقامة "معسكرات إبادة" للفلسطينيين. وذكر موقع "واي نت" الإخباري التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت/ 01/17/2011 /أن مجلة أسبوعية صادرة عن هذا التيار يتم توزيعها في الكنس اليهودية في جميع أرجاء إسرائيل نشرت فتوى وقع عليها عدد من كبار الحاخامات تدعو إلى إقامة هذه المعسكرات، باعتبارها فريضة شرعية.

وأشار "واي نت" إلى أن الموقع اعتبر" أن إقامة هذه المعسكرات مهمة "اليهود الأطهار". وهاجمت الفتوى بشدة الحاخامات الذين يتحفظون على إقامة هذه المعسكرات للفلسطينيين، الذين وصفهم بأنهم "العمالقة"، في إشارة إلى العمالقة الذين تروي مصادرهم الدينية "أن الرب أمر بني إسرائيل بذبحهم وذبح أطفالهم ونسائهم وشيوخهم وحتى بهائمهم قبل ألفي عام".

 وحسب ما قاله الحاخامات في مجلتهم، فإن التوراة تلزم اليهود بمحو أي أثر للعمالقة في هذا العصر، في إشارة للفلسطينيين، وأوضحوا أنه حتى الحاخامات الذين يرفضون التوقيع على هذه الفتوى يؤيدون جوهرها.

وتعقيبا على هذه الفتوى الجديدة، اعتبر المفكر "الإسرائيلي" "أودي ألوني" أن الدعوة للقضاء على الفلسطينيين يتم التعبير عنها بشكل صريح وعلني في الكنس اليهودية، على اعتبار أن التخلص من الفلسطينيين بات خيارا عمليا، واستهجن ألوني أن أحدا لم يعترض على كل من الحاخام شلومو إلياهو، الحاخام الأكبر لمدينة صفد، والحاخام شلومو أفنير، الحاخام الأكبر لمستوطنة "بيت إيل"، اللذين كانا من بين الموقعين على الفتوى.

من ناحية ثانية، أعلن العشرات من الحاخامات أن "عرب اسرائيل" ليسوا أكثر من ضيوف في "إسرائيل".

 وتذهب النزعة العنصرية الابادية الى ابعد من ذلك، فترتقي لديهم الى مستوى فلسفي –كما حدث مع جابوتنسكي وتلاميذه من امثال بيغن وشارون ونتنياهو وباراك وموفازويعلون وغيرهم، حيث جاء في ادبيات هؤلاء مثلا: "ان قوة التقدم في التاريخ ليست للسلام بل للسيف" و"انا احارب اذن انا موجود"، و"اولا وقبل كل شيء يجب ان نقوم بالهجوم عليهم - اي على العرب"، و"لا يمكن الوثوق بالعربي باي حال من الاحوال، وبالتالي فان الطريقة الوحيدة للتعامل معه هي قتله".

 اذن، المشهد بمنتهى الوضوح، فهم يخططون ويبيتون ويعملون من اجل قطع رؤوس العرب وابادتهم، والغاء الكيانات العربية سياديا واراديا ومعنويا و عسكريا و سياسيا..؟!

 فلا يتوقعن احد اذن ان يخرج الجابوتنسكيون والشارونات /الذين فرخهم الفكر والنهج الجابوتنيسكي والشاروني مثل نتنياهو وباراك واولمرت وموفاز وليفني ويعلون / من جلدهم وعن طبيعتهم ...او عن ذلك الثراث الارهابي الدموي وعن ذلك المجتمع العنصري الملوث وتفريخاتها الارهابية ...؟!!!!

==================================

المقاومة إذ تصبح أفيون الفساد والاستبداد

بدرالدين حسن قربي

عندما تسمع إلى حديث الناس من تونس إلى مصر ثم ليبيا فسوريا في وصف أوضاعهم وأنظمتهم فكأنك تتحدث عن منظومة واحدة في كافة مظاهر الحياة العامة، الفساد فيها يتبدّى والاستبداد يتحدّى. ولئن كان لكل الرسميين في هذه البلدان جوابهم المتقارب، فإن للسوريين الرسميين منهم تفسيرهم الخاص مما يمكن تسميته بالتفسير المقاوم والممانع للتاريخ.

فإن كان سبب انتفاضة المصريين والتونسيين قمع الحريات واستشراء النهب والفساد، أخذ بك الرسمييون السورييون إلى أن السبب استسلام النظام الذي أضعف العرب وأصابهم بالذل والهوان على العكس من نظامهم المعجون بمرق المقاومة وعسل الممانعة، ومن ثم فهو فائق الحلاوة، وسلسبيلٌ عذبٌ فراتٌ سائغٌ طعمه، ومسكرٌ لذةٌ للجماهير.

ولئن تكلموا عن كامب ديفيد، فيعترفون أنها أنتجت هدوءاً مصرياً هو هدوء استسلام وذل عمره ثلاثون عاماً، وسلاماً مصرياً إسرائلياً أيضاً من بعد استرجاع الأرض المصرية ولكنه مذلّ مهين. أما الهدوء السوري من طرف الجولان السوري، فصحيح أن عمره ثمانية وثلاثون عاماً ولم تطلق فيه خرطوشة واحدة، ولكنه هدوء متوثب متحفز رافض للاستسلام والهوان ويستعد ويتحضّر ويعبئ للتحرير، ولئن كان هناك سعي لمفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين سورية وإسرائيل فهدفه بوضوح استرجاع الجولان وإنتاج سلام مشرّف وشجاع.

أما إن خطر ببالك مقارنة الحزب الوطني وفعاله وسرّاقه وفاسديه بحزب البعث العربي الاشتراكي، فهو أمر مردود عليه، فلا مجال للمقارنة بين حزب محلي وحزب تاريخي قومي عريق منصوص عليه بنص الدستور السوري بما ليس له شبه في دساتير العالم أجمعين من أن حزب البعث هو الحزب القائد في الدولة والمجتمع. أما عن المقارنة بين سراق الأول ومختلسيه مع الثاني فهي فاقدة لموضوعيتها من أصله، فمن المستحيل أن تجد بين لصوص الأخير ونهابيه ولو واحداً يرضى بذل الاتفاقيات وهوان المعاهدات. وعليه، فأن تُسرق ثروة الوطن وتكون في بطن المقاومين السباع خير وأبقى من أن تكون في بطن المتخاذلين من جماعة كامب ديفيد الضباع.أما أن حالة الطوارئ وإن قاربت الخمسين عاماً، فمردها عند السوريين أنهم مازلوا يعيشون حالة الحرب مع العدو الإسرائيلي.

وأما إن تكلمت عن التزوير، أفادوك بأن التزوير السوري للانتخابات له مبرراته الموضوعية لمنع المتسللين وضعاف النفوس من أعداء الوطن الصامد والمقاوم في استغلال الديمقراطية والحريات للوصول إلى مواطن القرار والمسؤلية، فخسارتهما تعني ضياع الأمة. في حين أن تزوير غيرهم يفتقد مبرراته المشار إليها، فلا صمود عندهم ولا مقاومة يُخاف عليهما. وعليه، فلا مقارنة بين تزوير الضرورات وحفظ الكرامات بتزوير من أقام العلاقات، ووقّع على أحطّ المعاهدات.أما موضوع الاعتقالات للمنتقدين والمعارضين في سورية فهو أمر طبيعي أيضاً يختلف عما هو في مصر وغيرها. فالنظام السوري الحامل الرئيس للمشروع الوطني القومي المقاوم والممانع للأمة، الذي تجاوزه أهل كامب ديفيد. ومن ثمّ فإن انتقاد النظام والنيل منه ولو ببعض كلام متستر بنقد فساد أو استبداد، فهو في النهاية فعل يضعف المشروع ويوهن نفسية الأمة. وعليه، فمنع أي تظاهرة أو اعتصام مهما كان شكلها ولونها إنما يراد منه الحفاظ على سلامة المشروع من النقد والتشكيك، ونفسية الأمة من الوهن. ويلحق بهذا أيضاً موضوع المظاهرات ومسرحياتها، فمصر وغيرها غير مضطرة لمثل هذه التمثيليات في حين أن النظام السوري بحاجة لمثل هذا العمل والفبركة ليُري الأعداء تأييد الجماهير، ورحم الله رجلاً أرى أعداءه من نفسه قوة.

وأخيراً، فإذا أضفنا إلى كل ماسبق، أن لاصوت يعلو على صوت المعركة، ومقولات مماثلة لطيف واسع من كتاب ومفكرين عروبيين يساريين وليبراليين وإسلاميين، فإننا نصل إلى واقع حالٍ نُسام به أشد أنواع الظلم والعذاب، وتمارس علينا كل فواحش القمع والفساد تحت غطاء المقاومة وحجية الممانعة. وإذا ثار الناس وغضبوا لحريتهم وكرامتهم ولقمة عيشهم ولو بالكلام، اتهموهم بتوهين الأمة وإضعاف نفسيتها كما في سوريا، أو بسبب حبوب الهلوسة والمخدرات التي أخذوها كما هو حاصل في ليبيا.

ضرورة المشروع المقاوم في الأمة هي الدولة الخالية من القمع والإرهاب والتجويع، والنظام الذي يحفظ الكرامات ويشيع الحريات، ومن قال بغير ذلك فإنه يريد لنا أن نتعاطى مقاومته أفيوناً ليمارِس علينا استبداده وفساده وأبشع قباحاته. ونحن بدورنا لانريد مشروعه مهما كان اسمه، وخطابه مردود عليه أيّاً كانت عباءته،لأننا لانبتغي أنظمة وقادة ممانعين نهّابين ولا مقاومين مستبدين.نداؤنا إلى جميع العرب أنظمة وأحزاباً ومنظماتٍ وتحالفات على كل اتجاهاتها، وإلى كل الكتاب والمفكرين أيضاً، لاتجعلوا من المقاومة والممانعة أفيون الجماهير ولا من الزعم بمواجهة المؤامرات الصهيونية والأمريكية هيروئين الأمة، ولاتخلطوا حابل الوطن وطهره، ومنظومة قيم الحرية والكرامة ورفعتها فيه بنابل الديكتاتوريين المستبدين وفساد سرّاق الأمة.

==================================

الديكتاتور إذ يجعل من نفسه "خرقة بالية"؟!

عريب الرنتاوي

الديكتاتور مصدوم...فالغرب تخلى عنه برغم كل الخدمات الجليلة (الخسيسة) التي قدمها لهم...لقد حمّل "برنامج ليبيا النووي" بكامل عدته وعتاده، وعلى نفقته الخاصة إلى واشنطن...دفع لكل ضحية من ضحايا لوكربي مبلغ عشرة ملايين دولار، وهي أكبر ديّة رسمية تدفع حتى الآن...لم يبق مسؤول غربية لم "يُلقمه" عقداً مدنياً أو عسكرياً...أبناؤه محدودي الذكاء، عوضوا النقص في قدراتهم الذهنية والعقلية بالاعتماد على خزائن ليبيا المالية...سيف الإسلام يرشي مدرسة لندن للعلوم الاقتصادية، والبعض يتحدث عن دكتوارة "حصل عليها بفلوسو"...الساعدي وهانيبعل تسبقهم فضائحهم الرياضية والجنسية حيثما حلّوا وارتحلوا، حتى عائشة القذافي، إبنة أبيها المدللة، ظهرت كشاهد على فساد عصر بأكلمه.

 

الديكتاتور في حالة ذهول...فالغرب تخلى عنه بعد أن قدّم له، وعلى طبق من فضة، رؤوس خصومه السياسيين والأمنيين...كل أراشيف الحركات اليسارية والإسلامية والجهادية...كل المعلومات عن الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية، التي كانت تأنس للقذافي وتتلقى الدعم من عنده..كلها سُلّمت لأجهزة المخابرات الغربية، واستتباعاً للموساد، وها هي حركة الجهاد الإسلامي تفتح مبكرا ملف استشهاد مؤسسها في مالطا على يد الموساد الإسرائيلي، وبتواطؤ من العقيد.

 

الديكتاتور مسكون بإحساس عميق بالترك والخذلان...فهو حوّل ليبيا إلى خندق أمامي لأوروبا للدفاع عن أمنها في المهاجرين والإرهابيين والإسلاميين، الذين يتدفقون من بطن القارة السوداء وأطرافها إلى مدن "القارة العجوز" وشواطئها، مجاناً ومن دون أن يبعث بفاتورة لأحد، فهو كان شديد الاقتناع بأن الاستمرار في تقديم خدمات من هذا النوع، هو الضمانة الأكبر لبقائه في السلطة كل هذه السنين، ولتوريثها لأنجاله من بعده، فمن ذا الذي سيجروء، وفي الغرب كله، على الجهر بالاستغناء عن "أيادي القذافي البيضاء" ؟!

 

لكن "ملك ملوك أفريقيا" لم يستسلم لليأس بعد...فهو لا يتوقف عن تذكير أوروبا بهذه الخدمات...لسان حاله يقول أنتم لا تعرفون مصالحكم...أنا الأدرى بها...أنا الأقدر على خدمتها...أنا الأخلص لحسابات نظرية أمنكم وسلامة "دواخلكم"....ما بالكم لا تستمعون لنداءات التحذير االتي أطلقها صبح مساء...ما هل فقدوتم الرشد والرشاد...ما كل هذا الحديث عن مرحلة "ما بعد القذافي"...هل هناك مرحلة بهذا الاسم؟...العقيد لم يخطر بباله سؤال كهذا، فهو وضع نفسه في خانة "الخالدين"، ومن بعده تؤول السلطة والجاه والثروة والثورة لنسله وذريته إلى يوم الدين.

 

ألا تخشون موجات المهاجرين والإسلاميين والمتطرفين والإرهابيين...يصرخ القذافي بأعلى صوته...لا يترك صحفياً أو دبلوماسياً أو وسيطاً إلا ويصيح أمامه بأعلى صوته...هل تريدون "قندهار" ثانية في بنغازي...هل "تبّو" تورا بورا ثانية في طرابلس...هل تريدون لشوارعكم ان تمتلء عن بكرة أبيها ب"زنوج أفريقيا وعبيدها"...هل استغنيتم عن النفط، إن كان الصيف قد أطل برأسه الآن، فماذا عن شتاؤكم المقبل...الرجل لا يتوقف عن تذكير الغرب، وبصورة ذليلة، بأنه الحارس الأمين لمصالحه والخادم المخلص لأطماعه...الرجل يريق ماء وجهه وكل الوجوه التي تصطف خلفه، في مسعى يائس للحصول على لفتة...طرق أبواب زميلة "الخالع" في روما فوجدها مغلقة...الآن استدار نحن فرنسا علّها تفلح في تخفيف دوائر الحصار المضروبة حول عنقه، ولها بعد ذلك ما شاءت من خدمات وعقود وتسهيلات وأعطيات...لها أن تحكم ليبيا تحت مسمى الجماهيرية، وسيكون رهن إشارة من بنان ساركوزي...الرجل يتوسل ويتسول، وهو في وضعية من يقبل بتقبيل الأيدي والأرجل، لقد جعل من نفسه "خرقة بالية"، المهم أن يبقى في السلطة، المهم أن لا تطويه نيران الانتفاضة الشعبية الباسلة.

 

هذا هو مصير القذافي ومن هم على شاكلته، من زعماء قضوا أعمارهم في إسترضاء "الآخر"، أي "آخر" طالما كان مقتدراً، حتى وإن تطلب ذلك "الدوس على رقاب شعوبهم" وتبديد أحلامها وثرواتها...هذه هي نهاية كل مريض ومتغطرس من طراز "عميد الملوك والرؤساء العرب"...وهذه هي أخيراً، العظة والدرس لكل من مشى على درب "العقدة والعقيد"، ونسي في ذروة الانتشاء بالسلطة والمال والجاه، بأن الشعوب أيضاً، تمهل ولا تهمل...وأن ساعة الحساب، آتية لا ريب فيها، وإن طالت الآجال واستطال الانتظار.

==================================

عن عقيد باب العزيزية

بقلم: آصف قزموز

asefsaeed@yahoo.com

عندما يفقد الديكتاتور زمام السيطرة ذاتاً وموضوعاً، وتغادره الكياسة والحكمة والأهلية الوطنية للحكم، فيزداد سعاراً وتشبثاً بديكتاتوريته التي امتشقها منذ اعتلائه صهوة كرسي الحكم، ليصبح لسان حاله وأفعاله مقولة "أنا أعمى ما بشوف أنا ضرّاب السّيوف" و"إما أنا أو الطوفان". كيف لا، وهو الذي طالما أثار الجدل حول شخصيته وصفاته الغريبة بأفعاله وتصرفاته الأغرب، مستمرئاً على الدوام سوق الهبَل عالشّيطنة والجنون عالملعنة. ليجعل من المشنقة عكازه ومن المال المسروق من الشعب مداد قوته الذي اشترى بها لحكام والذمم وأشعل الصراعات والفِتن، معتمداً على العمالة الرخيصة السوداء من مرتزقة أفريقيا عند كل أزمة او منعطف يواجهه في طريقه وصولاً لتتويجه ملك ملوك أفريقيا!!

وما أشبه اليوم بالبارحة وهو الضليع في تقديم تنازلاته الاستباقية المبدّدة لثروات البلاد والعباد لحماية رأسه وضمان حكمه وحسب.

فهو الذي اعتاد على تجنيد المرتزقة واستقدامهم إبّان أزماته مع الرئيس أنور السادات، وتدخله العسكري في تشاد الذي أنفق فيه ملايين الدولارات هباءً منثوراً. وهو الذي ارتكب الجرائم بحق الإنسانية أفراداً وجماعات وسارع لدفع أكثر من ثلاثة مليارات من الدولارات لضحايا طائرة لوكربي التي فجّرها في العام 1988، ناهيك عن تصفية واختفاء العديد من الشخصيات الوطنية العربية والفلسطينية المهمة، لم يكن اولهم ولا آخرهم الإمام موسى الصدر في العام 78، والمسلسل يطول بطول حكمه.

وبذات القدر والمسافة الرابطة ما بين الولايات المتحدة ومصالحها النفطية في ليبيا، يمكن القول إن القذافي يرتبط اليوم بذات المصالح النفطية وثرواته الخاصة. ومع تزايد التعدي على مصالح شعبه العليا ودم أبنائه المسفوح يومياً في الشوارع، يتزايد انحسار اولوياته بهذه المصالح وتزداد عزلته عن شعبه الذي ذاق منه الأمرين على امتداد اكثر من اربعين عاماً من الديكتاتورية وجنون العظمة الفردية واللامؤسساتية المتعمدة لتكريس الذات وعبادة الفرد، وفي هذه المعادلة يكمن سرّ التلكؤ والتردد الأميركي في اتخاذ موقف مبكر حاسم وحازم ضد الانتهاكات والجرائم اليومية للعقيد القذافي بحق شعبه وبلاده التي اختصرها بذاته المجنونة. لكن عندما يصبح الديكتاتور عبئاً ثقيلاً على حامله تختلف الحسابات وتتراجع المواقف غير العادلة الى اقرب مربع آمن حتى حدود الرّضى من الغنيمة بالإياب اذا لزم الأمر. ولعل في ما اقترفه من جرائم حتى الآن وما اعلنه على الملأ من عزمه على حرق البلاد وجعلها ناراً حمراء وجمرة على حد وصفه وقوله، وانتهاءً بتهديده تطهير ليبيا بيتاً بيتاً وهو ما يعني تطهيرها من الشعب في هذه الحالة، لعدم وجود احتلال اللهم إلاّ إذا اعتبر سكان البلاد محتلون فيصبح في هذا دعوة صريحة للإبادة، تنذر بشؤم وحماقة، لما يمكن ان يتمادى به من جنون وإجرام لا حدود ولا رادّ له. لكن غريب الأمر في هذا الشأن، هو ان محكمة الجنايات الدولية سارعت للاعلان عن اسماء من ارتكبوا جرائم حرب في ليبيا وهذا شيء جيد ونبيل، لكنها لم تستطع حتى الآن اتخاذ ذات الموقف واعلان أسماء من أجرموا بحق الشعب الفلسطيني من مجرمي الحرب الإسرائيلية، تماماً مثلما لم يرتقوا بأخلاقهم ومسؤوليتهم الدولية والإنسانية إلى مستوى اتخاذ موقف دولي، يدين الاحتلال الإسرائيلي وممارساته واستيطانه، بل تراهم ينافحون عنه وعن جرائمه ويستخدمون حق النقض بوجه كل من يحاول إدانته أو الإشارة إليه من قريب أو بعيد.

وفي الوقت الذي أصبحت مسألة توجيه ضربة عسكرية أميركية لليبيا مسألة تشاور وفصال ما بين واشنطن والاطراف الدولية، حيث تريد واشنطن تدمير الدفاعات الجوية الليبية قبل فرض حظر جوي ويا عالم اذا كانت الضربة ستقف عند هذا الحد، علماً أن فرنسا لا تعترض على التدخل العسكري الأميركي والمشاركة فيه كما فعلوها غير مرة، وإنما ترغب بتفويض دولي ليصبح الأمر حلالاً مشفوعاً لا يؤاخذهم به أحداً باعتبارهم مخوّلين ليقضوا حقاً واجباً!! وفي ظاهر هذا المشهد فعل عسكري لدوافع إنسانية نبيلة في حماية الشعب الليبي من بطش العقيد القذافي الذي انفلت من عقله وعقاله، وفقد أهليته كقائد لشعبه الذي احتمله لأكثر من أربعة عقود عجاف محمّلات بالتخلف والتسلّط والقهر. ناهيك عن أن كل ما أسلفناه ولاحقه يؤكد تماماً أن عقيد باب العزيزية لم يكن يوماً عدواً للأميركان والإمبريالية كما كان يدّعي، بل بريء براءة الذئب من دم ِ ابن يعقوب لأنه بفعله أثبت أنه كان دوماً الشريك الأفضل واللاعب الجاهز والمؤتمن على مصالحهم، وفي الوقت الذي يثبت به اليوم أنه بريء من شرف عدائه المزعوم لواشنطن، يؤكد في ذات الوقت إدانة لذاته حول جرائمه بحق شعبه وأمته.

"ولأنو اللّي بنشرى بنباع"، و"اللي بيبيع شعبه بيجي اليوم اللّي يبيعه شعبه ويتخلى عنٌّه الى الأبد"، وهي الحقيقة التي غابت عن بال سيادة العقيد القعيد، كانت الصدمة والشعور بالنكران المتأتي من شعبه والأميركان ضربتين قاتلتين حلّتا على رأسه، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون ولا كل ما اقترفه من بطش وجنون. فهو الذي اشترى كرسي حكمه بتبديد مال الشعب وثرواته دون حساب، فأغدق على الأميركان قبل غيرهم ولبّى كامل رغباتهم بإعلان ودون إعلان، الأمر الذي تجلّى باستباقه تخصيص حصة الأسد إن لم نقل جلّها من النفط الليبي لحساب أميركا وبعض حلفائها وزجّ بالمليارات من الدولارات لدعم اقتصادهم، وفي كل هذا ما يفسّر تلكُّؤ الإدارة الأميركية في إعلان موقف رادع للقذافي، ومسارعتها بعدما بدا وضعه الشعبي بائساً ولا رجاء منه إلى الإعداد للتحرك العسكري الجدّي في ليبيا الذي يشكّل في الحقيقة دفاعاً عن مصالحها وعقودها النفطية تحت عنوان عدّة النصب المألوفة المتمثلة بمقولات حماية الشعوب والديمقراطيات وحقوق الإنسان وخلافه، وكأنما يضعون أصابعهم بأعين العالم ويقولون إن النفط الليبي المستهدف باستحواذهم وتحصّلهم عليه بأبخس الأثمان أهم وأثمن من المبادئ والقيم والدم الفلسطيني والحق الفلسطيني المستباح بجرائم الاحتلال وقطعان المستوطنين صباح مساء تحت سمع وعين المجتمع الدولي الكليلة وفاقدة الحول والحيلة.

إنه الهارب على الدوام من أعدائه ومسؤولياته الوطنية تجاه شعبه، فقبل أن ينتهي أمر العراق من بين يدي واشنطن وإعدام الرئيس صدام حسين، كان القذافي قد انتهى وبزمن قياسي غير مسبوق من التفاوض مع واشنطن لتسليم سلاحه النووي وقبل أن يُسائله أحد، وهو المنطق ذاته الذي حكمه اليوم وهو يقدم العطايا والتنازلات المجانية المسبقة ويوقع عقود النفط حكراً لواشنطن وحلفائها في سبيل حماية كرسي حكمه وديمومته.

كل هذه الملفات والإرهاصات المحمّلة على التخلّف والجهالة وجنون العظمة حدّ عبادة الفرد، تحمل معاني ودلالات، إن دلّت على شيء إنما تدل على بؤس واقع الحال في ليبيا مع حكامها حين تتقدم الديكتاتورية والذات الفردية على مصالح الشعب والوطن وحالة سعار ويأس غير مسبوقة يعيشها نظام العقيد المترنّح بباب العزيزية.

أخيراً أقول، إنه يخطئ كل من يعتقد ان حالة المخاض الثوري والشعبي التي انبثقت في كل من مصر وتونس وليبيا وباقي البلدان العربية الأخرى قد انتهت، وسواء كانت حال مصر او تونس او ليبيا فإني أعتقد أن ما يجري بهذه البلدان اشبه بعملية قلب مفتوح لحالة مريض مزمن، مما يجعل الأمل في استقرار حالة المريض غير منظورة ومحفوفة بالمخاطر والانتكاسات والمفاجآت، بل ومفتوحة على جميع الاحتمالات، سيّما وأن شبح التدخل الخارجي في ليبيا وغيرها إن لزم الأمر، ما زال يلوح بالأفق. مثلما يخطئ، أيضاً، من اعتقد أن ما يجري في منطقتنا ومناطق أخرى من العالم، بعيد عن حدود التوجيه والتأثير لمراكز النفوذ الدولي والأميركي بوجه خاص. ليس من حقنا ان ننكر على اميركا او غير اميركا حقهم في حماية مصالحهم الحيوية والاستراتيجية أينما كانت لكن دون أن يتنافى ذلك مع العدالة وحقوق شعوبنا في ثرواتها والضرب بيدٍ من حديد على أيدي كل المفرطين من الحكام، مثلما هو حقنا وحق كل الشعوب كذلك، وبالتالي علينا أن نبحث عن مصالحنا وندافع عنها من خلال رؤيتنا لمصالحهم وحقهم في الدفاع عنها. وذلك من على قاعدة إدراكنا وإقرارنا بأن ما يجري يقع في اطار إعادة صياغة صريحة ل "سايكس-بيكو" جديدة،وأن علينا أن نسعى ونفاوض بعقل مفتوح من أجل الوصول لأفضل ما يمكن تحقيقه لحماية آمال شعوبنا واسترداد بعض من مصالحها وتطلعاتها وتحديد موقعها الجديد ومكانتها على خريطة الشرق الأوسط الجديد، وذلك انطلاقاً من موقعنا وحجمنا وتأثير فعلنا تحت ذات المظلّة التي لا يحملها إلاّ الأقوى.

==================================

قوافل التغيير تزحف ... والقطار يسير

م. محمد فقيه

ما ألفناه عن أبواق الأنظمة المستبدة عامة وأدواتها التي تستخدمها ، كيف تقوم بصناعة عمليات التجميل لممارسات النظام وتلميع صورته ، فتحول قمعه إلى أمن ، وظلمه إلى عدالة ، واستبداده إلى حرية ، وفساده إلى إصلاح ، وشموليته إلى تعددية ، وقبضته البوليسية إلى انفتاح وديموقراطية .

كما تحول تراب الوطن وحصبائه إلى ربيع أخضر، وهضابه وجباله إلى كنوز ومعادن ثمينة ، وبيدائه وصحاريه إلى واحات خضراء ترقد فوق بحار من النفط أو الغاز .... أو المياه .

 و تحول هزائم النظام إلى بطولات وانتصارات ، ونكساته إلى أمجاد وأعياد وطنية ، وتخلفه إلى رقي ومدنية ، وعصاباته وطائفيته وشلليته إلى مساواة وعدالة اجتماعية ، وعمالته وتآمره وخياناته إلى تضحية وتفان ووطنية .

 وتصور فقرالمجتمع وبطالته أنه نهضة اقتصادية ، وأزمة السكن حالة تطورعمرانية ، وانتشار الجهل والأمية قفزة علمية . والفساد المستشري إصلاحا وتقدمية ، وتزوير الانتخابات نزاهة وشفافية .

ويوصف الحاكم بأنه الزعيم الأوحد وملهم الأمة ، فهو هدية الأرض ومنحة السماء لهذا الشعب المعطاء ، الذي وهبه الله هذا القائد الفذ ليفخر به الوطن ويتيه به عجبا أمام الدنيا والتاريخ ، فيتشرف الشعب به ، ويفخرأمام العالم بزعامته ، حتى يسمّون الوطن باسمه فخرا واعتزازا، كأنما حاز ملكية الوطن وحوله اإلى مزرعة له ولحاشيته ، وأما الشعب المسكين فما هم إلا عبيد وأجراء مسخرون لخدمته ، بل إنهم يتشرفون بالعبودية لخدمة الزعيم الأوحد .

ويصور الشعب على أنه صفوة البشرية ، وخيرة بلاد الله في خلقه ، تمتد جذوره في الحضارة إلى آلاف السنين ، ولا تتسع الكتب والمجلدات الضخمة لتدوين بصماته الحضارية ، وانتصاراته المجيدة ، وتاريخه المشرق ، وموقعه الاسترتيجي المتميز، وشعبه الذكي المنتج .

كل هذا يتم في أيام الرخاء للحاكم عندما يكون الأمن مستتبا والكرسي مستقرا، فإذا ماهبت نسائم الفجر وانطلقت رياح التغيير، وتناثرت شظايا الثورات ، وسقطت عروش المستبدين وزملاؤه من الطغاة والمستبدين ، وشعر باهتزاز الكرسي وزلزلة الأرض وهي تموج من تحته ، عندها تتغير لهجة المستبد وأبواقه من النفاق إلى دجل ساذج وخداع ومراوغة للشعب مكشوفة وتملق رخيص ، ليلتف على مطالب الجماهير ويثيرالبلبلة بينهم ويقوم بتنازلات شكلية هامشية تفضلا وامتنانا ، وجرعات مسكنات رخيصة موضعية ، لتقدم موضوعا تافها للأبواق ، ليصدحوا به ويحعلوا منها الفرصة الثمينة ، وابتسامة الحظ الوحيدة للجماهير الثائرة .

ولكن من عجيب ما سمعناه من الرئيس بشار الأسد معلقا على ثورة التغيير التي تهب على العالم العربي ، يقول إن الشعب السوري غير معني بهذا التغيير، كما قالها من هو أكثر منه خبرة وحنكة سياسية وقدما في مصاحبة الكرسي والالتصاق به ، ثم أضاف سببا آخر فزعم أن شعبه منغلق ، وأنه غير مؤهل للتغيير في الوقت الحاضر ويحتاج إلى جيل آخرجديد حتى تحين ساعة الاصلاح الحقيقية ، ويصبح الشعب جاهزا للإصلاح والانطلاق نحو الحرية .

كلمات قالها من قبله عمر سليمان بأن شعب مصر غير مؤهل للديموقراطية ، فأثبت شباب مصر الأبي كذب ادعاء سليمان ودجله ، وأن شعب مصر أهل للديموقراطية والإصلاح والتغيير ، وأن الغيرمؤهل حقيقة لهذا الأمر هو عمر سليمان وسيده مبارك وأمثالهم من هؤلاء المستبدين الذين تؤذيهم رائحة الحرية ، وتسمم مزاجهم رياح الإصلاح والديموقراطية ، لأنها دخيلة عليهم وعلى أمثالهم ، فكان حق الشعوب أن تطرد هؤلاء المستبدين الذين لا يعيشون عصورهم ولا يواكبون التطورات الحضارية فهم أشبه بالمومياءات المحنطة ، حتى تنعم الجماهير بالحرية وتعيش حياة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، بعيدا عن هؤلاء المستبدين من أعداء الحرية والعيش الكريم

وأما النكتة الأخرى والتي حاول بعض حاشية النظام من أجهزة الأمن السرية المتخفية من أنصار الرئيس بشار أن يجعلوامنها حجة لرفض التغيير، ألا وهي دعوى الخوف من الحرية ! !

هكذا يقول أنصار النظام من المنتفعين والملتفين حوله ، وممن ربطوا مصيرهم بمصير هذا النظام البائس ، إنهم يخافون الحرية لأن الشعب غير معتاد على ذلك وقد تسيل الدماء ، وقد تؤدي الحرية إلى حرب أهلية .... وغير ذلك مما يجر الخراب والدمار للبلاد ! !.

يا لها من نكتة سمجة وتخريف مضحك لا تصدرحتى عن الأطفال ! .

إذن لقد كان ثوار سوريا الذين طردوا الاحتلال الفرنسي حتى ينال الشعب حريته مخطئون ومتجنون على هذا الوطن ، إذ منحوه الحرية وهو غير مؤهل للثورة والجهاد والتضحية لأجلها .

وإذا كانت سورية بشعبها الواعي الذكي الذي تمتد جذوره في الحضارة إلى آلاف السنين ، وبعد كل ذلك الاستبداد والاستعباد الذي يطبق عليها غير مؤهلة للحرية والإصلاحات ، فهل هناك دولة من حولنا محتلة أو مضطهدة مؤهلة للثورة ضد أعدائها حتى تنال حريتها ؟ !

إذا كان كذلك .... فهي دعوة مفتوحة لجميع الشعوب المحتلة والمضطهدة والمسحوقة أن تسارع فتصالح أعداءها وتعتذر عن سابق ثوراتها ونضالها ، وتحمد هذا المستعمر الصهيوني لفلسطين أو الاحتلال الأمريكي في العراق ، أو المستبد التونسي بن علي أومبارك أو القذافي أو غيرهم ، لما لهؤلاء المحتلين والمستبدين على هذه الشعوب الجاهلة والمنغلقة من فضل وأياد بيضاء بهذا الاحتلال والاستبداد ، لأنها بمصادرة هذه الحرية تجنبها المشاكل والخلافات الداخلية والحروب الأهلية ، وتحقن دماء المواطنين بدل أن تسير أنهارا في شوارع الوطن ! .

أليست طرفة جميلة ونكتة ظريفة يصدربعضها من رأس النظام ، وبعضها الآخر من أعوانه وأجهزة قمعه ، الذين بحسبون حساب ما بعد الثورة وينظرون إلى مواقعهم وما يحل بهم بسبب ما أوغلوا في ظلم هذا الشعب وانتهاك حقوقه بإذلاله واستعباده .

إن ثمن الحرية الحقيقي أرخص بكثير من ثمن العبودية ، إن ثمن الحرية يدفع مرة واحدة ويسجل أبطالها روادا للأمة ورموزا لتاريخها المشرق في صفحات الشرف والعزة والكرامة .

 وضريبة الاستبداد والذل والاستعباد تدفع طول العمر كل يوم ، ويسطر تنابلها كغوغاء متخاذلين وعبيدا جبناء في صفحات التاريخ الكالحة السوداء ، لتبقى وصمة عار تلتصق بهم على مر الزمن .

 

 إذا كان سيادة الرئيس يؤمن بما يقول بأن شعبه منغلق بسبب سياسته وسياسة أبيه من قبله الذين حكموا سوريا لأكثر من أربعين عاما ، فهو اعتراف بفشل سياسته وسياسة والده وسياسة الحزب الشمولي الذي يحكم باسمه ، وإذا كان الشعب منغلق فإن الرئيس بشار هو رئيس المنغلقين وسيد المعزولين وأمير المهمشين وقائد المتخلفين والمتطفلين وحاكم الغوغاء والدهماء المغيبين ، ومالك مزرعة العبيد والمسحوقين .

إنني أربأ ببني وطني شعب سوريا الأبي أن يوصف بهذه الصفات من الإنغلاق والعزلة والعيش متخلفا على هامش التاريخ ، وعهدي به شعبا أبيا ذكيا واعيا مثقفا متحضرا نشيطا فاعلا ، ولا أزعم هذا الكلام أو أدعيه عنصرية أو مجاملة ، إنما أقوله عن علم وتجربة وقناعة .

لو تفوه بهذه التصريحات مسؤول في بلد ديموقراطي حر متمدن ، لعزله شعبه في ساعة .

ولو صدرت من رجل يحترم نفسه ويهتم بمصلحة شعبه لبادر بالإعتذار لشعبه وسارع بالإستفالة من موقعه ، لكن حكامنا المستبدون في عالمنا العربي هم نسيج آخر قد أسكرتهم نشوة الكرسي ، فهم لا يحسون بما حولهم إلا إذا شعروا بزحزحة هذا الكرسي الذي التصق بهم والتصقوا به حتى جعلو منه إلها يعتصمون به من دون الله ، ولو تربعوا عليه فوق آهات هذا الشعب وأناته وآلاف الجماجم والمجازر، ولا يفيقون من سكرتهم إلا في الوقت الضائع وبعد أن يفوت القطار ويتخلفوا عنه مراحل ومراحل .

" حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت بالذي آمنت به بنو اسرائيل "

سيادة الرئيس إن العاقل من اتعظ بغيره ، والإعتراف بالخطأ فضيلة ، وعهدنا بك رئيسا شابا

فطنا ، ولعل ما صدر عنك كان زلة لسان ، فباب التغيير والإصلاح مازال مفتوحا ، وحبوب المسكنات من أسبرين الأطفال وأمثالها لا تجدي نفعا ، فالرياح تهب والتغيير قادم والقافلة تزحف والقطار يسير.

فهل ستلحق بالقطار ، أم سيفوتك كما فات غيرك ؟ ! .

==================================

كلكم قذافي، وأولادكم سيف

د. فايز أبو شمالة

رقصت مع الراقصين، وطرت فرحاً مع عشرات آلاف المرحبين بعودة أبي عمار سالماً إلى فلسطين، وذبحنا العجول مع الذابحين ابتهاجاً بعودة الفاتحين، فما أروع الأمل بتحرير الوطن وعودة اللاجئين! وكنت إذا جلست أمام عائد من الخارج أشبك يديّ، وأجلس في أدب، فأنا أمام الثورة الفلسطينية صانعة المجد، ولا قيمة لأمثالي من سكان الأرض المحتلة أمام هؤلاء الأبطال؟ ماذا تساوي عشر سنوات أمضيتها في السجن أمام هؤلاء العمالقة الذي حملوا الثورة على أكتافهم، واعتصروا الصمود دماً طاهراً من قلوبهم؟ يكفيني فخراً أن أتحدث إلى أبطال بيروت، وشهداء صيدا، وشهامة صور، هؤلاء هم أحراش جرش، وضحايا تل الزعتر، وزغاريد الدمع في صبرا وشاتيلا!

ظللت أقطر عرقاً وأنا أحدق في عظمة الرجال العائدين، حتى جاء يوم وسألت عن بطولات أحدهم، فقيل لي: كان في الجزائر طالباً فاشلاً، ولا علاقة له بالمقاومة الفلسطينية. وعندما سألت عن سيرة قائد عسكري آخر؛ قيل لي: إنه أمضى حياته في مصر، ولم يشارك في أي معركة! وعندما سألت: أين هم الذين قاتلوا الإسرائيليين في الساحات؟ قيل لي: لقد استشهدوا! ولا نعرف من أين جاء هؤلاء، انظر إلى هذا القائد العسكري الفلسطيني، إنه برتبة مقدم، ويخدم في سرايا غزة، ووظيفته أن ينظف "الشيشة"، ويحشوها بالتبغ، ويشعل في رأسها النار، ويحملها بين يديه ليقدمها إلى مدير مالي برتبه عميد!

كان ألاف الفلسطينيين يحسبون أن أصحاب الرتب العسكرية، والوظائف العالية منشغلون بالتفكير في تدمير إسرائيل، ولا يرون أنفسهم إلا شهداء، حتى اكتشفوا أن حالهم كحال ملوك ورؤساء العرب؛ الذين حلمنا أنهم سيحاربون إسرائيل حتى تصفيتها، وأنهم سيستردون الأرض المغتصبة، وأنهم في مؤتمرات قمتهم ينشغلون بتحرير فلسطين، وما علينا إلا أن ننتظر القرارات السياسية المزلزلة الصادرة عنهم.

من يتنبه هذا الأيام لتصرفات القذافي، ومن يطلع على تجربة حسني مبارك، وزين العابدين، وغوغائية علي صالح، يكتشف حجم الوهم الذي عاشه المواطن العربي، الذي تأمل من هؤلاء النصر، والحرية، والعدالة، بل ويكتشف أسباب غياب الوطن العربي عن الخارطة السياسية، وضياع مستقبل هذا الأمة.

فما أحوجنا إلى هذه الثورات، التي أمسكت بالمحراث لتقتلع الجذور، ولم تكتف بكنس الوجوه، لأن معظمهم قذافي، وأولادهم سيف يذبح الإسلام والعرب!.

==================================

انتهاكات حقوق الطفل تحت الاحتلال

بقلم : سري القدوة

ان المجتمع الدولي اهتماماً خاصاً بوضع أطر قانونية محددة تكفل للطفل الرعاية والحماية وذلك من خلال الإعلانات والاتفاقات الدولية، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948، والتي نصت المادة الأولى منه على أن ّ" كل الناس يولدون أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاَ وضميراً، وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء". ثم توالت الجهود الدولية لتحويل المبادئ التي تضمنها الإعلان إلى التزامات قانونية بصورة عامة، فصدر العهدان الدوليان الخاصان بالحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام 1966م.

ان اطفال العالم يتمتعون بالحرية وفقا لما نص عليه القانون الدولي حيث خص الأطفال بالإعلان العالمي لحقوق الطفل الصادر عام 1959، واتفاقية حقوق الطفل الصادرة عام 1989، والتي تعالج حرية الاطفال واحترامهم في ظل المجتمعات واعتبارهم جزء أساسي من تكوين المجتمع حيث اعتبرت حقوق الطفل القانونية جزءا أساسا من حقوق الإنسان .

وفي ضوء القانون الدولي نلاحظ ان الاحتلال الإسرائيلي عمل علي ضرب كل القوانين الدولية بعرض الحائط حيث عملت سلطات الحكم العسكري الإسرائيلي وبإشراف أجهزة المخابرات الشين بيت علي استخدام أبشع الوسائل الخاصة بالتعذيب بحق الأسري الفلسطينيين في سجون الاحتلال حيث انتشرت ظاهرة العنف ضد المعتقلين الفلسطينيين والتنكيل بهم، وأن الخطير بهذه القضية هو سلوك جنود وقادة ما يسمي بالجيش الإسرائيلي واستمرارهم في قمع ابناء الشعب الفلسطيني دون رادع او محاكمة دولية ، حيث تتجاهل سلطات الاحتلال فرض القوانين التي تحد من هذه الظاهرة ولا تحرك ساكنا لوقفها ضاربه بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية في ظل صمت دولي وعدم وصول قضية الأسري الفلسطينيين الي المستوي الدولي ومحاكمة قيادة جيش الاحتلال أمام المحاكم الدولية .

وفي هذا المجال ذكرت العديد من تقارير مراكز حقوق الانسان والمهتمين بشؤون الأسري الي استخدام أساليب متنوعة ومتعددة لتعذيب المعتقلين الفلسطينيين في مراكز الاعتقال , وأكدت العديد من الشهادات التي أدلي بها المعتقلين أنهم تعرضوا للتنكيل في محطات مختلفة من اعتقالهم من قبل جنود جيش الاحتلال .. ويفيد معظمهم أنهم وقعوا ضحية للتنكيل بعد اعتقالهم حينما كانوا مكبلي اليدين ومعصوبي الأعين، كما وتؤكد التقارير أن التنكيل طال أيضا المعتقلين صغار السن الذين تضمن القوانين حماية خاصة لهم.

ان (قوات الاحتلال) وهيا تمارس انتهاكات حقوق الانسان لا تقوم بجهد للتحقيق في الظاهرة ولا تقدم لوائح اتهام ضد الضالعين فيها، كما تتجاهل المؤسسة السياسية الإسرائيلية قضية تعرض المعتقلين لعنف الجنود.

كما أقدمت محكمة إسرائيلية صوريه الي تبرئة الجيش الإسرائيلي من المسؤولية عن قتل 13 فلسطينياً من المدنيين الأبرياء أثناء عملية اغتيال القيادي العسكري صلاح شحادة صيف 2002.

وكانت لجنة تحقيق إسرائيلية برأت ضباطاً في جيش الاحتلال من المسؤولية عن قصف هدف الى اغتيال شحادة صيف 2002 عندما ألقت طائرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي قنبلة بزنة طن على منزله في غزة، مما أسفر عن مقتله مع حارسه الشخصي و14 مدنياً، بينهم زوجته وأولاده التسعة، وإصابة 150 آخرين كانوا في منازل مجاورة.

أن رجال المخابرات الإسرائيليين يعملون بشكل دائم على إساءة مُعاملة وتعذيب معتقلين فلسطينيين بدنيا, حيث تقوم إدارة مصلحة السجون العامة بحرمانهم من أبسط حقوقهم‘ والزج بهم في غرف تتسم بالبرودة، تنبعث منها روائح كريهة، نتيجة تسرب مياه الصرف الصحي داخلها إضافة إلى تعريتهم بشكل كامل ، والمس بمشاعرهم من خلال تمزيق المصاحف، ومصادرة أدواتهم الشخصية وصور أقاربهم والوثائق الخاصة بهم.

وان الأغلبية من المعتقلين الاطفال تعرضوا للتعذيب بوسائل مختلفة ومتعددة والتي منها:-

1) وضع الكيس في الرأس.

2) الشبح.

3) الضرب.

ورغم حظر التعذيب واستخدام العنف الجسدي والمعاملة القاسية ،الا ان إسرائيل تعتبر الدولة الوحيدة في العالم التي أجازت التعذيب وشرعته بقرار من المحكمة العليا الإسرائيلية، لتعطي بذلك رخصة للمحققين الإسرائيليين وأجهزة الأمن المختلفة في مواصلة تعذيب الأسرى والمعتقلين بأشكال وأساليب متنوعة منها الشبح بطرقه المتنوعة والعزل والضرب العنيف والتعذيب النفسي والحرمان من النوم ومن تناول الطعام وقضاء الحاجة، واستخدام أسلوب الهز العنيف والصدمات الكهربائية وتعريض المعتقل لتيارات هوائية باردة وساخنة وتهديده بأعتقال أفراد أسرته أو إغتصاب زوجته أو هدم بيته، وغيرها من الأساليب والأشكال الوحشية..

 

وتقوم إسرائيل باعتقال الأطفال الفلسطينيين ومحاكمتهم واحتجازهم ضمن ظروف سيئة جداً وغير إنسانية تفتقر للحد الأدنى من المعايير الدولية لحقوق الأطفال بشكل خاص، وتعاملهم معاملة قاسية ولا إنسانية، وتعرضهم لصنوف مختلفة من التعذيب وتنتزع منهم الإعترافات بالقوة ، وتقدمهم لمحاكم صورية لتصدر بحقهم أحكاماً تعسفية تصل في بعض الأحيان للسجن مدى الحياة ، اذ اعتقلت سلطات الإحتلال خلال انتفاضة الأقصى فقط ، أكثر من ( 7000 ) سبعة آلاف طفل ، بقىَّ منهم لغاية الآن في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ( 277 ) طفلاً ، من بينهم ( 85 ) طفلاً يعانون من أمراض مختلفة ، فيما 99 % منهم تعرضوا لصنوف مختلفة من التعذيب وعلى الأخص وضع الكيس في الرأس والشبح والضرب .

أن "إسرائيل" هي الدولة الوحيدة في العالم التي تعتقل وتحاكم أطفال قاصرين في محاكم عسكرية وتتعامل معهم كالبالغين وتفرض عليهم إجراءات لا إنسانية بما يخالف كافة الشرائع والاتفاقات الدولية.

وبلغت حالات اعتقال الأطفال عام 2010 ألف طفل، قسم كبير منهم فرضت عليهم إقامات منزلية وغرامات مالية عالية , وعملت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى ظاهرة ملاحقة أطفال القدس وسياسة فرض إقامات منزلية عليهم وإبعادهم عن أماكن سكنهم.

ويذكر أن أصغر طفل أسير فى السجون الإسرائيلية هو الأسير الطفل يوسف الزق ولد من أمه الأسيرة فاطمة الزق 42 عاما من حي الشجاعية بغزة، والتي كانت قابعة بسجن هشارون برفقة العشرات من الأسيرات الفلسطينيات والذي أنجبته بمستشفى مئير بكفار سابا في يوم 18/1/2008، وكذلك الطفلة غادة ابو عمر ابنة الأسيرة خولة زيتاوي والتى تبلغ من العمر سنة وسبعة اشهر .

ويذكر أن من الأسرى فى السجون الأخرى ما يقارب 463 أسير فلسطيني كانوا أطفالا لحظة اعتقالهم، وتجاوزوا سن 18 عاما فى الاعتقال .

 

وما من شك بان الأسري الاطفال المعتقلين في سجون الاحتلال يخضعون الي أبشع أنواع التعذيب بالإضافة الي حرمانهم من مواصلة تعليمهم وحياتهم الاجتماعية وتفرض سلطات الاحتلال الإسرائيلي الرقابة عليهم وتتابعهم وتحد من حريتهم لأنهم بالأساس يطالبون بحقوقهم بالعيش بحرية واستقلال .

وتبقي الإشارة هنا الي ضرورة قيادة تحرك عربي وإسلامي فاعل لنصرة الأسرى الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية، وتفعيل ملفهم دوليا للإفراج عنهم والتوجه إلى محكمة لاهاى الدولية لاستصدار فتوى حول وضع وقانونية اعتقال الأسرى الفلسطينيين من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذى لا يعترف بهم كأسرى حرب وفق ما أقرت به المعاهدات الدولية.

________

*رئيس تحرير جريدة الصباح

==================================

الشعب يريد إسقاط أوسلو

زكريا عبد الرحيم

هذا العنوان يعلو مقالة بقلم عبد الستار قاسم قرأته صباح اليوم على مدونة مركز الشرق العربي المقرب من حركة الأخوان المسلمين السوريين في سورية .. ويخلص المقال الى " ولهذا فان الشعار الذي يجب أن يرفع هو الشعب يريد اسقاط أوسلو " .. وكان المقال في بدايته ركز على أن مهرجانات تقام في الضفة الغربية تدعو الى انهاء الأنقسام , ولكن هذه الدعوات لا توضح الأسس التي يجب أن يتم انهاء الأنقسام وفقها

وهل الأنقسام ينتهي تلقائيا وتنتهي بذلك الأسباب التي أدت اليه, أم ستتم معالجة الأسباب أولا ثم ينتهي الأنقسام بعد ذلك.. ويقول " كل الشعب يريد انهاء الأنقسام , لكن يجب ألا يستعمل الشعار للجذب العاطفي

ثم يتابع وهنا بيت القصيد " لم يأت الأنقسام من فراغ وتعود جذوره وأسبابه الى قرارات المجلس الوطني

الفلسطيني عام 1988 والتي اعترفت باسرائيل وبقراري مجلس الأمن 242 و 338 وتعززت الأسباب بتوقيع اتفاق أوسلو وبالأتفاقيات التي تلت " , وينهي " تزول الأسباب , يزول الأنقسام . ولهذا فان الشعار الذي يجب أن يرفع هو الشعب يريد اسقاط أوسلو " . وهنا ينتهي المقال

أعتقد أنه " عداني العيب " كما يقول أخوتنا المصريون , فلقد أتيت على مقال عبدالستار قاسم كله, ولم

أتخطى أيا من مقاله.. أي أني تصرفت بصدق وموضوعية وأمانة ولا يستطيع هو أو أحد غيره من المنادين برأيه أو المنتسبين لتنظيمه - ان كان منتظما بأي تنظيم فلسطيني اسلامي - أن يتهم ما سأعلق به بأنه تجن على مضمون المقال

وكما بدأت من ايراد نهاية المقال , فاني سأبدأ بالخاتمة التي أركز عليها وهي تتفق مع المقال وهي أني أدعو د. عبد الستار - الذي أحترم مبادئه وفلسفته السياسية - أن يكون منسجما مع ما كتب وأن يطلب بل يلح بالطلب من حركة حماس أن ينهوا الأنقسام فورا ويعيدوا السلطة في قطاع غزة الى سلطة الرئيس عباس وأن يستقيل نوابهم في القطاع والضفة من عضوية المجلس التشريعي , وذلك لسبب وجيه وهو أن تواجد حركة حماس في السلطتين التشريعية والتنفيذية ما هو الا انبثاق عن اتفاق أوسلو والأتفاقيات التي تلته .. وهذا هو السبب الجوهري الذي دفع ويدفع بحركة الجهاد الأسلامي أن لا تخوض الأنتخابات التشريعية والرئاسية وأن ترفض المشاركة في أية حكومة للسلطة الوطنية الفلسطينية .. وهي بهذا تنسجم مع معتقدها ومع مبادئها وتنال كل الأحترام من الشعب الفلسطيني ومن جل الحركات السياسية الفلسطينية ومن منظمات المجتمع المدني .. ومن المنطقي بل من الطبيعي أن تسلك حركة حماس هذا النهج انسجاما مع معتقدها ومع مبادئها وأن ترفض بالتالي التعامل مع اتفاق أوسلو ونصوصه التي أنشأت السلطة الفلسطينية وحكومة السلطة اضافة للمجلس التشريعي.. ولا شك أن حركة حماس عندها ستبتعد عن المناكفات السياسية التي تستغرق جل وقتها في مواجهة حركة فتح وعدد من الفصائل الفلسطينية الوطنية , ويصبح عندها لا لزوم لتوقيع الورقة المصرية , وتسير الأوضاع في قطاع غزة بعد ذلك بشكل طبيعي معقول , وتضخ الأموال بغية اعادة اعمار ما دمرته آلة الحرب العدوانية الأسرائيلية وتفتح المعابر وتتحرك العجلة الأقتصادية وتقوم أثناءها الحكومة الواحدة للضفة والقطاع والقدس الشرقية

ولن أنسى أن أهمس في أذن د. عبد الستار أن رفض حركة حماس لأتفاق أوسلو والأتفاقيات التي تلته وابتعادها عن مكوناته , من المؤمل أن يعيدها الى أستئناف جهادها وعملياتها العسكرية المشروعة ضد العدو المحتل

وهذا سيشعل الخوف والقلق في قلوب المحتلين ويزيد في قوة حركة حماس وسط شعبها ويجعلها أكثر تعبيرا عما يختلج في صدور الفلسطينيين عموما .. وأضيف في أذن د. عبد الستار أن عليه أن يتمسك بمضمون مقاله وأن لا يتراجع عنه , وأن يتم ترك العمل السياسي وأوحاله لمنظمة التحرير الفلسطينية ولتطبيق البرنامج السياسي الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني في ال 1988 وما قبل وما بعد ذلك

ان الأنقسام الفلسطيني عبء ثقيل على القضية الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني , وها هو د. قاسم قد وضع الحل الأمثل وأدعوه ورفقاءه التمسك بهذا الحل وتطبيقه , والى الألتزام - وفق معتقدهم ومبادئهم وأسلوب جهادهم - بالعمل المسلح ضد العدو الأسرائيلي المحتل للأراضي الفلسطينية

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ