ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 03/03/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

مناورات الاستيلاء على إنجازات الانتفاضة العربية المباركة

بوفلجة غيات

إن انتصار ثورة الياسمين في تونس، وثورة الغضب بمصر، وبروز معالم انتصار ثورة الكرامة بليبيا، هي أحداث أخذت الغرب على حين غرّة، مما جعله يلهث وراء سرعة تطوّر الأحداث، رغبة في القبض على قرون ثور الثورة العربية ومحاولة التحكم فيها وتوجيه مسارها.

وهكذا شاهدنا تدخل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا بل حتى ألمانيا التي ليست لها علاقات قوية بالوطن العربي، وغيرها من الدول بتصريحات سياسية مختلفة من وزراء الخارجية ورؤساء تلك الدول محاولين التأثير على مجريات الأحداث.

لقد استبشر العرب خيرا بالحركة الثورية المباركة لقلب الأوضاع، بطريقة مفاجئة وسريعة، لقلع الطغاة والمستبدين من جذورهم. وهكذا نجحت الحركات الشبابية والانتفاضات العارمة والمسيرات المليونية والتجمعات العفوية والاعتصامات السلمية، في الحصول على نتائج لم تحققها ضغوط أحزاب المعارضة الداخلية ولا الانتفاضات المسلحة ولا الضغوط والتهديدات الدولية، فرضتها المسيرات الشعبية السلمية.

وهكذا هرب بن علي أمام ضغط الشارع وتصميمه على التغيير. نفس الشيء حصل بالنسبة إلى مبارك الذي كان معلما من معالم مصر كالأهرامات ونهر النيل، لطول بقائه في رأس هرم السلطة والتي أراد توريثها لأبنائه. ونحن ننتظر سقوط معمر القذافي وهو أحد أكبر الجبابرة المخبولين والمتسلطين على الشعب الليبي، الذي أطلق على نفسه لقب ملك الملوك.

وهي نتائج كبيرة، عبارة عن زلزال سياسي في المنطقة، يؤرخ لنهضتها وتحولاتها واقتلاع الحكام المتسلطين العرب من جذورهم، واسترداد الشعوب لحريتها وكرامتها، وتحقيق الآمال التي طالما انتظرها العرب شبابا وشيوخا، رجالا ونساء، عمالا وفلاحين ومثقفين بل حتى ساسة، حتى أصح التغيير حلما استعصى تحقيقه لعقود.

لقد انطلقت الثورة العربية الكبرى والانتفاضات الجماهيرية بطرق عفوية من الداخل، فبرزت ظاهرة جديدة تحتاج إلى دراسات علمية. لقد أصيبت القوى الأجنبية بصدمة وانتابتها الدهشة من هول ما رأت ومن المعجزات التي صنعتها الانتفاضات، وما كان لها من آثار غير متوقعة وتهديد للمصالح الأمريكية والإسرائيلية والغربية، وخلط للأوراق في منطقة الشرق الأوسط ككل. وما أن استفاقت القوى الأجنبية من صدمتها حتى بدأت تعمل جاهدة لسلب العرب انتصاراتهم وفرحتهم وإنجازاتهم. إذ أن جهات أجنبية تترصد الشعوب العربية، تأبى أن السماح لها بالتحرّر وتريدها دوما مكبلة بحكام يأتمرون بأوامر الغرب.

وهكذا بقي الغرب أثناء الأحداث في تونس ومصر وليبيا يتفرج على الأوضاع، لأنه لم يتوقع تطور الأحداث ووصولها إلى ما وصلت إليه. إلا أنه منذ اللحظة التي بدأت الأحداث تميل إلى انتصار ثورات الشباب، بدأ الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، يتحرك بسرعة، فكثرت تصريحات الرؤساء ووزراء الخارجية وخبراء الدفاع، وذلك من أجل إظهار نوع من البُعد عن الأنظمة الرسمية ومحاولة كسب علاقات حسنة مع شباب الثائر في كل من تونس ومصر وليبيا حاليا.

إن الهدف الأساسي هو التأثير على مسار الثورات، وبث رجال للغرب ، يتم تلميعهم، وتقديمهم على أساس أنهم وطنيون وخبراء ومخلصون، وأنهم هم الذين أشعلوا الثورة، في محاولة من القوى العظمى لتحويل الأمور لصالحها. فالهدف الأساسي للغرب هو التخلي عن رأس هرم السلطة مع الحفاظ على النظام الذي يتم تجديده وبهذا يتم وأد الانتفاضة ومنعها من تحقيق أهدافها المعلنة.

وهو ما شاهدناه في تونس حيث رحل بن علي وأفراد أسرته، إلا أن رئيس البرلمان هو الذي أصبح رئيسا للحكومة الانتقالية، وبقي نفس رئيس الحكومة محمد الغنوشي وبقي غالبة الوزراء والمسؤولين الساميين في الدولة، مما يؤكد أن النظام باق، وأنه سيعمل في الفترة الانتقالية للحصول على نتائج لصالحه من خلال الانتخابات، غير بعيدة عما كان عليه عهد بن علي. وأنهم الآن يشتغلون ليل نهار لإيجاد أشخاص يتم تقديمهم بطرق استخباراتية على أنهم قادة الثورة، ويدفعون في اتجاه انتخابهم لتعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل الانتفاضات الشعبية ولو بوجوه جديدة.

نفس الشيء بالنسبة إلى مصر، حيث أراد النظام المصري السابق بتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، تنصيب عمر سليمان رئيس المخابرات السابق، كنائب للرئيس، بحيث ينسحب مبارك ليخلفه عمر سليمان على رأس الجمهورية، وبذلك يتم الحفاظ على النظام بدون حسني مبارك. إلا أن شباب ميدان التحرير كان واعيا للمخاطر، ذلك أن المؤامرة واللعبة كانت مكشوفة، واستمرّ الاعتصام إلى أن غادر حسني مبارك وغادر معه عمر سليمان، وتقدم المجلس العسكري لقيادة المرحلة الانتقالية في مصر.

وهكذا نلاحظ أن سيناريو التغيير في مصر، كثير الشبه بما حدث في تونس. إذ تنحى الرئيس وبقي النظام، رغم ما وضعوا عليه من مساحيق، حيث غيروا بعض الوجوه هنا وهناك. إلا أن الأساسي بقي نفسه، وزارة الداخلية وزارة الدفاع وزارة الخارجية، وغيرها من المناصب العليا التي بقيت بيد نفس الأفراد والوجوه، بعد أن قدموا بعض التبريرات، وصرحوا بولائهم للثورة. وقد تم التضحية بالقليل للحفاظ على الكثير.

أما في ليبيا، فالواضح أن سيناريو الثورة يختلف عما شاهدناه في تونس ومصر. ذلك أن تعنت العقيد القذافي، وإفراطه في استعمال القوة، أدى إلى ظهور ثورة حقيقية، حيث تفكك الجيش واضطر الحكام والقادة السياسيين والعسكريين والموظفين الكبار إلى اختيار ولاءاتهم. وهو ما يؤدي حتما إلى القضاء على النظام الحالي، وأن كل من اختار النظام البائد فلن يكون له موقعا في نظام ثورة الشباب.

ومع ذلك فقد بدأت الولايات المتحدة والقوى الغربية تناور، وتلقي التصريحات المتتالية، ومحاولة إيجاد أفراد وجهات ليبية معارضة لربط علاقات معها وتأييدها للوصول إلى السلطة، وبالتالي ضمان خدمة مصالحها في المنطقة.

لقد تأكد انتصار كل من تونس ومصر حتى الآن، وأن ثورة الكرامة في ليبيا انطلقت وبقي انتصارها قضية وقت فقط، لحسمها لصالح الثوار. إلا أن المعركة الكبرى تبقى تدعيم الانتصارات، بحيث تحصل تغيرات حقيقية، تتجسّد في الديمقراطية وحقوق الإنسان والتحرر من التبعية الغربية وتعزيز التعاون العربي والدفاع عن القضايا العربية العادلة التي فرّط فيها القادة العرب الذين بدؤوا يتهاوون الواحد تلو الآخر، مصداقا لقوله تعالى: ًوقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا".

إن قادة الشباب المنتصر بالدول العربية يواجهون تحديات كبيرة، فهم يواجهون أعداء الداخل من الأجهزة الأمنية والمخاراتية، وأجهزة الخارج من الدول العظمى التي تسخر كلّ طاقاتها وإمكانياتها، من أجل إجهاض محاولات التغيير، بعدما فشلت في الحفاظ على نفس الأفراد على هرم السلطة. لهذا يجب على شباب "الفايس بوك" أن يكون يقضا وأن يتعاون مع العدد الهائل من الخبراء في مختلف المجالات، من أجل إفشال محاولات الأنظمة البائدة في العودة في صور أخرى وبوجوه جديد. وهو تحدّ كبير إلا أنه بالإمكان تحقيقه وبذلك يتحقق الحلم العربي الذي طال انتظاره.

========================

كيف ستؤثر الثورات العربية على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية؟

صالح النعامي

هناك سؤال يطرح بقوة في هذه الأثناء في كل من واشنطن وتل أبيب حول تأثير تداعيات الثورات التي تعتمل حالياً في العالم العربي ضد الأنظمة الديكتاتورية على العلاقات بين الطرفين، فهل هذه الثورات ستؤدي إلى تعزيز هذه العلاقات أم إنها ستؤدي إلى تراجعها؟. على الرغم من أنه لم يصدر تقييم رسمي من الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن مستقبل العلاقات بين الجانبين في أعقاب هذه التطورات، إلا إنها يتضح من خلال الجدل الدائر بين النخب الإسرائيلية على وجه الخصوص أن الإجابة على هذا السؤال متفاوتة إلى حد ما. فهناك من يرى أن الثورات التي شهدها العالم العربي والتي أدت إلى سقوط أنظمة استبدادية متعاونة مع الولايات المتحدة والغرب وضعضعة أنظمة أخرى من نفس الطراز، يدلل على أن مكانة إسرائيل كحليف استراتيجي للولايات المتحدة قد زادت بشكل كبير، على اعتبار أن هذه التطورات أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك بأنه لم يعد هناك للولايات المتحدة حليف مستقر يمكن الاعتماد عليه في الحفاظ على المصالح الأمريكية في المنطقة سوى إسرائيل.ويرى وزير الحرب الصهيوني الأسبق بنيامين بن اليعازر أنه في أعقاب سقوط نظام الرئيس مبارك، الذي كان يعد أوثق حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وأكثرهم استعداداً لخدمة المصالح الإسرائيلية، فإنه لا يمكن الوثوق بالأنظمة العربية الأخرى التي لازالت متحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية، سيما الأردن ودول الخليج والمغرب. يورام إتينغار رئيس مركز " بمحشفا " للدراسات الإستراتيجية " يرى أن ما خسرته الولايات المتحدة من حلفاء في غضون شهرين يذكرها بما خسرته على مدى عقود، منوهاً إلى خسارة واشنطن في الماضي نظام الشاه في إيران وتركيا، وهي اليوم تخسر مصر وتونس، وهناك مخاوف كبيرة أن تنتقل الثورة إلى الأردن لتطيح بالنظام القائم في عمان، وهو ما يمثل ضربة قاصمة ليس فقط للولايات المتحدة، بل لإسرائيل بشكل أكبر. ويذكر إيتنغار بالخدمات التي قدمتها إسرائيل للولايات المتحدة في فترات حساسة جداً، منوهاً إلى إنه في غمرة إنشغال الولايات المتحدة في حربها في فيتنام، تدخلت إسرائيل وحركت قواتها لمنع سوريا عام 1970 من إسقاط نظام الملك حسين، بعدما نفذ المجزرة ضد الفلسطينيين، فيما بات يعرف بأيلول الأسود. ويشير إيتنغار بشكل خاص إلى دور إسرائيل في منع الدول العربية من التحول إلى قوى عسكرية كبيرة، على اعتبار أن هذا يمثل أيضاً مصلحة أمريكية واضحة، مستذكراً بقيام إسرائيل بقصف المفاعل الذري العراقي عام 1981، والمنشأة النووية شمال شرق سوريا عام 2006. لكن – حسب – إيتنغار – فإن أعظم ما تقدمه إسرائيل للولايات المتحدة يتمثل في المجال الاستخباري، حيث ينقل عن السيناتور إينويا رئيس لجنة الموازنة في مجلس الشيوخ، والذي شغل في الماضي منصب رئيس لجنة الاستخبارات، قوله أن ما تقدمه إسرائيل من معلومات استخبارية للولايات المتحدة يفوق ما تقدمه دول حلف الناتو مجتمعة. ويكشف إيتنغار النقاب عن أن إسرائيل أسهمت وتسهم بشكل كبير في تطور القدرات الأمريكية في مواجهة قوى المقاومة في العراق وأفغانستان، مشيراً بشكل خاص إلى إسهام إسرائيل في تقديم مساعدات تقنية وفنية واستخبارية للجيش الأمريكي مكنته من تحسين قدراته في مواجهة تهديد العبوات الجانبية والسيارات المفخخة، فضلاً عن تعقب المقاومين والتحقيق معهم.

لكن زلمان شوفال السفير الإسرائيلي الأسبق في الولايات المتحدة والقيادي في حزب الليكود يتحفظ على تصور إيتنغار، ويرى أن سرعة تخلي الولايات المتحدة عن حليفها الرئيس مبارك سيشجع من تبقى من حلفائها على إعادة تقييم موقفه من التحالف مع الولايات المتحدة. ونوه شوفال أن هناك من الزعماء من قد يتحول للتعاون مع إيران في حال تبين له أنه لا يمكنه الاعتماد على واشنطن في ساعة الاختبار. وبخلاف معظم المحللين الإسرائيليين، فإن شوفال يرى أن الخطر الذي يتهدد العلاقات الأمريكية الإسرائيلية مصدره الجمهوريين، وليس الديموقراطيين. ويشير في هذا الصدد إلى أن هيكابي، الذي يعرض نفسه كمرشح للرئاسة في الانتخابات القادمة عن الحزب الجمهوري يقول بشكل صريح وعلني أنه يتوجب على الولايات المتحدة العودة إلى حدودها والتوقف عن التدخل في الشؤون الأجنبية واستثمار الإنفاق على العلاقات مع الدول الخارجية في الانفاق على مشاريع التنمية الداخلية، حيث يصل الأمر بهيكابي إلى حد الدعوة إلى قطع المساعدات الاقتصادية والعسكرية عن إسرائيل. صحيح أن هناك أغبية ساحقة داخل الحزبين الجمهوري والديموقراطية تدعو بحماس للحفاظ على وتيرة العلاقات مع إسرائيل، إلا إنه من غير المستبعد أن يصل الكثير من الأمريكيين إلى ذات القناعة التي توصل إليها هيكابي.

بغض النظر عن التباين في تصور النخب إزاء تأثير الحراك الديموقراطي الذي يجتاح العالم العربي، فإن ما تجمع عليه هذه النخب هو حقيقة أن التحول الديموقراطي سيؤثر سلباً على إسرائيل. فمعظم التحليلات والمقالات التي زخرت بها وسائل الإعلام الإسرائيلية تعتبر أن تحول أنظمة الحكم العربية للديموقراطية يمثل ضربة قاصمة لإسرائيل، على اعتبار أن الأنظمة الديموقراطية العربية ستكون أقل تسامحاً مع إسرائيل، علاوة على أنها ستبدي استعداداً أقل للتعاون الأمني مع إسرائيل من وراء الكواليس، في حين أن الأنظمة الديكتاتورية بطبعها أكثر برغماتية ونفاقاً، حيث أنها في الوقت الذي تكتفي بدفع ضريبة كلامية للفلسطينيين، فإنها في المقابل ترتبط بتحالفات سرية مع إسرائيل.

Saleh1000@hotmail.com

===========================

مطالب عاجلة من أجل مصر!!

حسام مقلد *

hmaq_71@hotmail.com

لا شك أن مصرنا الغالية تعيش بعد ثورة الشعب المباركة لحظة فارقة وحاسمة في مسيرة تاريخها المجيد، فمصر بعد 25 يناير ليست هي مصر قبل ذلك؛ فنحن اليوم بصدد إرساء رؤية وفلسفة جديدة للدولة المصرية المدنية (غير الثيوقراطية) الحديثة التي نتمناها لنا جميعا، دولة ركائزها الأساسية: الاعتزاز بالهوية الحضارية العربية الإسلامية والحفاظ عليها، والعدالة الاجتماعية والحرية (الحرية المسئولة طبعا) والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وميثاق أخلاقها: المحبة والتسامح وقبول الآخر والتغافر والتكافل والتعاون والتراحم والبذل والعطاء...، والرغبة الحقيقية الجادة في بناء مجتمع حديث متطور يتخذ من البحث العلمي سبيلا لإنجاز نهضة شاملة للإنسان والبنيان، وفي هذه الظروف الدقيقة الحرجة والمرحلة بالغة الحساسية من عمر ثورتنا المباركة، ينبغي لنا جميعا أن نتصارح ونتحاور (دون تعصب أو تشنج) بمنتهى الوضوح والشفافية حتى نؤسس دولتنا على دعائم قوية راسخة "أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [التوبة : 109] وحري بكل منا أن يدلي بدلوه في هذا الحوار البناء، وانطلاقا من ذلك أود الحديث في النقاط التالية:

أولاً:

بداية يجب أن ندرك جميعا أن مصر تعيش بالفعل ثورة جذرية شاملة، وليست مجرد إصلاحات جزئية للنظام السابق، فهو أشبه بثوب خَلِقٍ مهترئ لا يصلح معه الترقيع والترميم؛ فذلك لن يزيده إلا اهتراءً، وهنا يجدر بنا أن نتوجَّه بالشكر الجزيل، وبأسمى مشاعر الاعتزاز والعرفان لجيش مصر الباسل على موقفه التاريخي العظيم والمشرف من الثورة المصرية البيضاء التي فجرها شباب مصر الأوفياء الأبرار؛ فبهذا الموقف الحكيم والنبيل والشجاع أثبت جيشُنا العظيم كما عودنا دائما أنه درع مصر والأمة العربية، وحامي حمى أمننا القومي.

ثانيا:

علينا في هذه المرحلة المهمة أن نعزز من ثقتنا في بعضنا البعض، ونشدد على أنه لا مجال للإقصاء ولا التهميش، ولا مجال لإحتكار أي طرف للحقيقة وازدراء الآخر واحتقار أطروحاته، ولا مجال للتخوين ولا للتشفي أو الانتقام؛ فهذا ليس من أخلاق الكرام، بل إن الصفح والعفو عند المقدرة هو من أرقى وأرفع وأسمى الأخلاق النبيلة التي يحثنا عليها الإسلام، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة، فقد قال لأهل مكة بعد الفتح، وهم الذين آذوه وعذبوه هو وأصحابه وأخرجوهم منها قال لهم: "يا معشر قريش ما ترون أني فاعل فيكم؟" قالوا: خيرا أخ كريم وابن أخ كريم، قال صلى الله عليه وسلم : "اذهبوا فأنتم الطلقاء" وأحب أن أؤكد هنا على أن معركة مصر ليست مع الماضي، وإنما هي مع المستقبل وتحدياته الخطيرة، فمعركتنا الحقيقية هي بناء مصر المدنية الحديثة العصرية العادلة الديمقراطية الرائدة عربيا وإقليميا ودولياً.

ثالثا:

إذا كنا نؤكد على مبدأ التسامح والتصافح والتغافر، لكن هذا لا يعني إهدار ثروات الدولة المنهوبة التي سرقها رجال النظام السابق، وإن كانت الخسارة الكبيرة لمصر العظيمة لن تعوض، فبكل أسف ليس ممكنا إعادة هذه العقود الطويلة التي اُخْتُطِفَت فيها مصر وحُرِمَت من إنجاز أي نهضة حقيقية، فتراجعت وتقدم غيرها وضَعُفَت وقوِي غيرها!! إلا أنه ينبغي إرجاع الحق إلى أصحابه فهذا هو العدل، وبكل وضوح نقول: ينبغي أن يكون هناك محاكمة سريعة وعادلة وفقًا للقانون لكل رموز النظام السابق بدءا من الرئيس السابق وزوجته وأبنائه وكل رجال السلطة ورجال الأعمال المشتبه بهم أو المتورطين بالفعل في سرقة ونهب الأموال الطائلة والثروات الهائلة، ولا بد أن يطبق على الجميع قانون: "من أين لك هذا؟" وأن يخضعوا للمحاكمة بكل شفافية وعدل وإنصاف، لرد المظالم إلى أصحابها وإرجاع الحق لأهله، وإعادة هذه الأموال فورا لخزانة الدولة، على أن يُعلن ذلك بكل شفافية وبكل وضوح لأبناء الشعب المصري في وسائل الإعلام كافة؛ ليكون درسا رادعا لمن توسوس له نفسه ويزين له شيطانه أن يخون الأمانة ويسرق ثروات الوطن أو يستولي عليها دون وجه حق!!

رابعا:

بالنسبة لرجال الشرطة ووزارة الداخلية وتحديدا (جهاز أمن الدولة) فيجب أن تتم الإجراءات التالية على الفور دون أدنى إبطاء:

1. حل (جهاز أمن الدولة) الآن ودون أي انتظار، وتكليف ضباطه بمهام أمنية أخرى بعد إعادة تأهيلهم نفسيا ومهنيا.

2. إعادة النظر في أنظمة ومناهج وفلسفة كلية الشرطة، لبناء شخصية الضابط على أسس علمية ونفسية صحيحة، وتسليحه بالعلم النافع والخلق القويم، وبكل صراحة أقول يجب إعادة النظر في سياسة القبول بكلية الشرطة لتكون بناءً على معايير علمية دقيقة وحازمة بعيدا عن الوساطات والمحسوبيات ودفع رشاوى تصل إلى50 ألف جنيه؛ فكيف سيحرص من يلتحق بكلية الشرطة بهذه الطرق الملتوية على تطبيق القانون وخدمة المواطنين؟!!

3. تغيير مفهوم العمل الشرطي برمته وإعادة هيكلته على أسس جديدة تُعْلِي من قيمة العدل واحترام كرامة المواطنين والحرص على حقوق الإنسان، فليس معنى توفير الأمن للوطن إهدار كرامة أبنائه!!

4. التوقف تماما عن ممارسة كل أساليب التعذيب البشعة التي كانت تستخدم مع المواطنين لإجبارهم على الاعتراف، وتطبيق القانون بكل حيدة ونزاهة مع المتهمين خاصة السياسيين منهم.

5. ينبغي التأكيد على أنه لن تفتح صفحة جديدة بين الشرطة والشعب ويعاد بناء الثقة بين الطرفين بمجرد تغيير الشعارات، أو توزيع الورود على الناس، وإنما باحترام المواطنين وعدم امتهان كرامتهم وظلمهم والتعالي عليهم.

6. تطبيق القانون على جميع أبناء الشعب بكل حيدة ونزاهة، وتحقيق المساواة التامة بين الأثرياء والمسئولين ورجال الشرطة وبين غيرهم من المواطنين العاديين فالجميع أمام القانون سواء، أي تحقيق مبدأ سيادة القانون عمليا في أرض الواقع.

7. الإسراع بمحاسبة كافة الضباط الذين يثبت تورطهم في تعذيب المواطنين أو قتلهم أثناء انتزاع الاعترافات منهم.

8. حبذا لو يقدم السيد وزير الداخلية اعتذارا رسميا للشعب المصري عن كل ما اقترفته هذه الوزارة من أخطاء فادحة( ولن أقول جرائم) في حق المواطنين على مدى العقود الماضية، مع قطع الوعود الجازمة بأن تكون وزارة الداخلية وزارة متحضرة بالفعل تليق بمصر، وأن يكون على رأسها وزير سياسي وليس رجل أمن تربطه علاقات زمالة وعلاقات اجتماعية متشابكة مع الضباط، وينبغي أن تكون وزارة الداخلية المصرية كبقية وزارات الداخلية في دول العالم المحترمة تحقق الأمن وتحترم مواطنيها في ذات الوقت.

9. ينبغي أن تختفي السلوكيات الهابطة التي يمارسها عدد كبير من منسوبي الشرطة (ضباطا كانوا أو أمناء شرطة) كانتهاكهم لقوانين المرور، أو فرضهم إتاوة على الناس، أو تعاملهم الفوقي واستعلائهم على المواطنين واستفزازهم وانتهاك حرماتهم وجرح مشاعرهم وخدش حيائهم بقاموس الألفاظ البذيئة الوضيعة التي أتعجب (أقسم بالله العظيم أتعجب!!) من قدرتهم على تحمل سماعها فضلا عن النطق بها!!! ( وما قصة عماد الكبير وخالد سعيد منا ببعيد!!).

خامسا:

أعتقد أنه قد آن الأوان كي يبادر المجلس الأعلى للقوات المسلحة باتخاذ إجراءات عاجلة وفورية لطمأنة الناس وبث الثقة في نفوس جميع المواطنين، وتعزيز مناخ التسامح والتراحم والتوجه الجاد البنَّاء نحو بناء مصرنا الحبيبة على أسس من الشفافية والنزاهة والعدالة والحرية والمساواة، ولعل أهم وأبرز هذه الإجراءات التي يجب أن تتخذ فوراً وبشكل عاجل جداً ما يلي:

1. الوقوف بكل حزم وقوة في وجه فلول النظام البائد التي تحاول بشتى الطرق القيام بثورة مضادة، وتسعى لإشاعة الفوضى في مصر، وإحداث حالة من الفلتان الأمني والعنف الاجتماعي والاضطراب والعشوائية وتأزيم الأوضاع؛ بقصد الالتفاف على الثورة وإجهاضها وإفشالها وإبعادها عن تحقيق أهدافها.

2. إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين دون استثناء سواء بعد ثورة 25يناير أو قبلها، بل لعل الأولى الآن الإفراج الفوري عن كل السجناء والمعتقلين الذين اعتقلهم النظام السابق وحبسهم دون وجه حق على مدى العقود الثلاثة الماضية، فهذه هي البداية الطبيعية للدلالة على حسن النية وطي صفحة الماضي بكل مراراتها وأحزانها، وبدء صفحة جديدة لعصر جديد ومستقبل مشرق زاهر بإذن الله تعالى، وبناء جسور الثقة بين السلطة الجديدة وبين جموع الشعب المصري العظيم والطيب والمتحضر، ومن حق كافة أبناء هذا الشعب العريق أن يتنفسوا نسمات الحرية، ويشعروا ببداية جني ثمار ثورتهم المباركة، ويلمسوا عمليا فكرة أن الحرية والعدالة والمساواة ( طبعا في الحقوق والواجبات) ستعم الجميع دون أدنى تمييز.

3. اتخاذ إجراءات عملية سريعة لمحاسبة كل من قام بالاعتداء على أبناء الشعب المصري خلال ثورة 25 يناير المباركة، والإسراع في محاكمة المفسدين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، والتحفظ الفوري على أموالهم وممتلكاتهم وتجميد أرصدتهم في البنوك وفرض الإقامة الجبرية عليهم حتى لا يتمكنوا من الهرب، أو تهريب أموالهم، أو إتلاف الوثائق والأدلة التي تدينهم، وبكل صراحة نطالب بالتحقيق فورا مع كلٍّ من: صفوت الشريف، فتحي سرور، زكريا عزمي، علي الدين هلال،... وكل رموز النظام السابق سواء كانوا من رفاق مبارك الأب أو الابن!!

4. طمأنة الناس على تحقيق مطالبهم الفئوية العادلة، ويجب إجراء حوار مباشر معهم لبث الثقة في نفوسهم، والبدء فورا في دراسة رفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات، لاسيما للشرائح الدنيا وطبقة محدودي الدخل؛ ليشعر المواطنون بتحسن عملي وحقيقي في مستويات معيشتهم، وتخفيف العبء عنهم ولو قليلا!!

5. ينبغي إقالة حكومة الدكتور أحمد شفيق فورا مع كامل احترامنا له، فهو في النهاية ومعه وزيرا الخارجية والعدل وجوه من الماضي بكل ما في ذلك من رمزية فكيف يعبرون عن الحاضر ويؤسسون لصياغة المستقبل؟!! وهل يعقل أن حواريي مبارك و تلامذته سيغيرون قناعاتهم وأفكارهم بمثل هذه السرعة ليكونوا بناةً لعصر جديد؟! إن هذا الوهم يتصادم تماما مع كل حقائق علم النفس الاجتماعي وعلم الاجتماع السياسي، ويتعارض مع كل النظريات والمعارف الإنسانية المتعلقة بعلم التغيير والحراك الاجتماعي الشامل، ولا أفهم مطلقا كيف يتوقع أحد أن تنطلي هذه الأوهام على أبناء الشعب المصري العريق!!

6. البدء فورا في تطهير وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية من كهنة النظام القديم الذين تلونوا سريعا كالحرباء، وطبعا ليس من المنطقي استبعاد جميع الناس، فهذا غير معقول ولا مقبول، وإنما المطلوب استبعاد كافة الرموز المستفزة التي كان لها دور بارز في تزوير الحقائق وتزييف وعي المواطنين، وهم معروفون لكافة أبناء الشعب المصري الأصيل!!

7. الانفتاح الحقيقي على كافة أبناء الشعب المصري وإجراء حوارات ولقاءات علنية وشفافة معهم، وعدم اختزال المثقفين المصريين في نفس الوجوه القديمة التي مللنا تقديمها باعتبارها رموزا لمثقفي مصر وعلمائها ومفكريها، وصدقا أقول إن أغلب هؤلاء لا يمثلون سوى أنفسهم فقط أو قطاعات محدودة جدا وشرائح ضيقة للغاية من المجتمع المصري، وهناك الكثيرون غيرهم لعلهم أصدق وأوسع تمثيلا للمجتمع المصري وأقدر على التعبير عن هموم الشارع والمواطن المصري، من بينهم: أ.د. حلمي محمد القاعود، أ.د. رفيق حبيب، د.عصام العريان، د.عبد المنعم أبو الفتوح، أ. فهمي هويدي، أ.د. محمد عمارة، أ.د. جابر قميحة، الشيخ. محمد حسان، د.هشام عقدة، أ.جمال أسعد عبد الملاك،أ.جمال سلطان... وغيرهم الكثير الكثير!!

سادسا:

علينا أن نحذر جميعا من التدخلات الخارجية الناعمة والمستترة، والتي بدأت تسعى سرا وعلنا لسرقة الثورة الشعبية المصرية، وتوجيه التغيُّر التاريخي الحادث حاليا في مصر، وتحاول التأثير عليه بشكل أو بآخر؛ لإجهاضه وتفريغه من مضمونه، والالتفاف عليه باستنساخ نظام جديد من حيث الشكل والوجوه لكنه يحمل نفس الجينات والعوامل الوراثية التي وجدناها في النظام السابق، والتي تسببت في استفحال خطر الفساد وتشعبه وانتشاره في كل مفاصل الدولة المصرية حتى تدهورت أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتقزَّم دورها خارجيا وتفشت فيها كل عوامل الضعف والتفكك والانحلال، فلسنا بحاجة مطلقا لإعادة إنتاج هذه التجربة الفاشلة وإضاعة ثلاثة عقود أخرى من الزمن، وعلينا جميعا أن نتحلى بأقصى درجات الحذر واليقظة والوعي والنضج والحكمة والوطنية بحيث نساعد أنفسنا ونعمل جميعا يدا واحدة من أجل قيام دولة مدنية قوية تهتم ببناء الإنسان، وتطوير البحث العلمي الجاد والحقيقي، وتوفير الحرية الكاملة والمسئولة لجميع المصريين، وتسعى لتشييد مجتمع قوي ناهض قادر على إسماع كلمته وفرض إرادته في الساحة الدولية.

والله تعالى أسأل أن يحفظ مصر وأمنها، ويعز أهلها، ويصونها من كل مكروه وسوء، ويبقيها حصنا منيعا ودرعا قويا لأمتها ووطنها، ويحميها من الوقوع في شباك أية خديعة أو مكيدة محلية أو دولية تريد أن تلتف على ثورة شعبها، وتسرق جهود شبابها وتغتال أحلامه وحقوقه من جديد، وتسعى لجلب نظام مستنسخ من النظام السابق تكون مهمته فقط موالاة الغرب وخدمة مصالحه ومصالح إسرائيل، ولو على حساب مصالح الشعب المصري الصبور المكافح، وكبت حرياته وإهدار طاقاته ومنعه من تحقيق أية منجزات حضارية له ولأمته، "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" [يوسف : 21].

*كاتب إسلامي مصري.

========================

"عينُ المصالحِ والرِّضى عن كلّ عَيبٍ كليلةٌ"

بقلم: آصف قزموز

لقد حقّقت الدبلوماسية الفلسطينية نجاحات وانجازات دولية مهمة، شكّلت بلا شكّ توطئة ومرتكزاً صلباً، هيأ لموقف فلسطيني تاريخي بعدم الاستجابة للتهديدات الأميركية والإسرائيلية التي هدفت لإجبار الرئيس أبو مازن على سحب مشروع القرار الفلسطيني بإدانة الاستيطان من قبل مجلس الأمن الدولي. وعلى الرغم من الفيتو الأميركي الذي أجهض مشروع القرار الفلسطيني بإدانة الاستيطان من قبل مجلس الأمن الدولي. وعلى الرغم من الفيتو الأميركي الذي أجهض مشروع القرار، واظهر نجاحه انحيازاً أميركياً فاضحاً، لإسرائيل المعتدية، وانتقادات بعض الأوساط الأميركية للرئيس أبو مازن ومن أخذوا عليه أنه قد تسبّب في إحراج للإدارة الأميركية وانصاع لرأي الشعب ومزاجه السياسي والوطني، وبصرف النظر عمّا يمكن أن يتسبّب به هذا الموقف الفلسطيني الصلب من أذى وضغوط باتت مألوفة لكل فلسطيني، إلا أن اتجاه البوصلة السياسية والدبلوماسية الفلسطينية، يجب ألا يهتز، بل ويؤكد اليوم وأكثر من أي وقت مضى، على صحة الخيار الفلسطيني الصعب والموقف الذي امتشقته القيادة باعتزامها التوجه مجدداً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، وهو أضعف الإيمان، وأقل ما يمكن أن نُواجه به هذا الصلف والاستخفاف السياسي بحقوق ومشاعر الشعب والقيادة الفلسطينية الذين مُسّت كرامتهم. مع حفظ التوازن والتعقّل والاعتدال دائماً.

لقد استطاع الطرف الإسرائيلي من خلال دخولنا اتفاق الشراكة لبناء السلام الموعود معهم، أن يدفعونا لمبالغة كبرى في حجم التوقعات إلى درجة تعظيم الحلم والخيال المتطيّر، بحيث قمنا بالمسارعة لتنفيذ كافة الاستحقاقات المطلوبة من جانبنا استحقاقاً واستباقاً، الأمر الذي جعل من إيماننا الاستراتيجي بإمكانيات تحقيق هذا الحلم أداةً ومعولاً لتدمير منظمة التحرير التي تشكل بالنسبة لنا الهوية الرسمية والأم والسند وخط الرجعة الآمن في جميع الآجال والأحوال. نحن قدّمنا كل ما هو مطلوب وما يمكن أن يُطلب منا بزمن قياسي، معتقدين أن في ذلك تشجيعاً وإلزاماً للطرف الآخر لتقديم ما عليه. لكن الحقيقة المرَّة هي أنهم أخذوا منَّا جانبنا كافة الالتزامات وأكثر ولم يقدّموا لنا شيئاً يُذكر من جانبهم، ما يجعل الأمر مرهوناً بمدى الالتزام الأخلاقي والدولي تجاهنا في دفع عملية السلام وإعادة شيء من التوازن لها ولو من باب إبقائها على قيد الحياة وقيد الدرس، أيضاً، من منظور مصالحهم. فلو نظرنا مثلاً إلى نقاط الضعف ونقاط القوة لدى الطرف الآخر، ونظرنا بالمنظار نفسه لنقاط الضعف والقوة لدينا بالمقابل، لطلعنا "على بال مين يا اللّي بترقص في العتمة"، بل وأمام شريك خصم لعوب يُلاعب لنا اصبعه الوسطى.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار والمسؤولية، حجم توقعاتنا والتزامنا بالمقبل من وعود المجتمع الدولي، لا سيما استحقاقات أيلول القادم المتمثلة بإنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس في حدود الرابع من حزيران العام 67، ولأن جوهر المسألة يرتبط اليوم ارتباطاً وثيقاً بالمصالح وتوازناتها ومعادلاتها، فإن الموقف الأميركي لن يكون عادلاً تجاهنا إلاّ بقدر ما يحقّق مصلحة إسرائيل المتأتية من مصلحة أميركا هي الأخرى، ذلك لأن المصالح الاستراتيجية الأميركية الدائمة هي مع إسرائيل وليس مع أحد سواها.

نعم، إن الموقف الدولي تجاه القضية الفلسطينية مهما علا أو دنا، لن يكون إلاّ صدىً وانعكاساً للمعادلات الدولية وتوازنات مصالحها عموماً ومع أميركا وإسرائيل على وجه التحديد، ولأجل كل هذا لن يكون في صالحنا المبالغة في التصعيد ضد الولايات المتحدة، ولنترك الأمر للتفاعلات الدولية ونتمسك بالعروة الوثقى بموقفنا بشأن الاستيطان ورؤيتنا الواقعية للحل الممكن في اللحظة التاريخية المواتية، وذلك من على قاعدة إن حدود الحل الممكن، الذي يمكن لنا أن نتحصّل عليه، لن يتعدى في كل الأحوال حاصل مخرجات المصالح الدولية آنفة الذكر ليس إلاّ.

هذه حقائق دامغة لا يجوز تجاهلها ولا الاجتهاد حول صحتها من العدم، لأنها واقع مُعاش منذ سنين طويلة، فوقود هذه السياسات وأهدافها هي ثروات الشعوب، لا سيما النفط على وجه الخصوص، وهذا ما بتنا نقرأه هذه الأيام في حركة ومضامين المواقف الدولية والأميركية في سلوكها وردود فعلها تجاه التحولات والثورات الشعبية الجارية في البلدان العربية، من تونس إلى مصر وليبيا وما بعدها وقبلها، فالعقود النفطية الأميركية هي التي حددت وحرّكت المواقف والسياسات الأميركية ومسافات البُعد والقرب من الأنظمة المُطاح بها أو الآيله، وهو ما تبدّى جليّاً في الماضي القريب من خلال حربي "الخليج الأولى والثانية" وغزو العراق وأفغانستان، ومؤخراً في إعلان البيت الأبيض عدم استبعاد التدخل العسكري في ليبيا، وبذلك يمكن القول إن معايير الديمقراطية التي ينشدها أصحاب النفوذ الدولي لشعوبنا تختلف من بلد إلى بلد، لأن ما يحدّدها بمنظورهم هو المصالح أولاً وآخراً وليس المثل والقيم ولا المبادئ، وبالتالي تصبح "عين المصالح عن كل العيوب كليلة". مثلما "ضَرْب الحبيب زْبيب وِحْجارتُه قُطِّين".

في ضوء سابق قولنا وهذا الظرف بالذات، ونحن نشهد كل هذه التحولات والثورات والهزّات وارتداداتها من حولنا، وعندما نحدد مواقفنا وسياساتنا أو نشكّل حكوماتنا، يجب أن نرى كل هذا ونأخذه على مَحْمَل الجَدّ وفي الاعتبار، فنترك عيناً على مصالح شعبنا العليا والأخرى على مصالح الآخرين منها، لا سيّما أصحاب النفوذ والمقرّرين عبر أوزانهم في المعادلة.

فالحكومة الفلسطينية المُزمعة، والتي أخذت مَدىً واسعاً وشاملاً في التشاور غير المسبوق في فلسطين، يجب أن تتلاءم مع طبيعة الواجبات والمهام المطلوبة منا، وتعكس بدقة طبيعة المرحلة الحالية واختلالاتها وتحدياتها التي نعيشها. بل إن من أخطر القضايا الملحّة المطلوبة منا، هو أن نُسارع كسلطة وحكومة للتركيز على تحصين الجبهة الداخلية، من خلال تحسين وتطوير السلوك والأداء الإداري والسياسي والتفاوضي، مثلما على المعارضة أن تُسارع للتمييز بين ما هو ثانوي وما هو رئيسي، لأننا نعيش مرحلة استثنائية في غاية الدقة والخطورة، والحكومة القادمة يجب وبالضرورة أن تعكس أقصى ما يمكن من التطمينات للناس والشعور بالأمان حول حقوقهم وحرياتهم، وملامح العدالة الاجتماعية المقبلة والصلابة السياسية المتلائمة مع ضرورات معادلة المصالح، بحيث "لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم" ويجري تصالح على حدود السيف بين الخيل في البيداء، والدّهماء والقرطاس والقلم. ولتكن حكومة كفاءة وعدالة اجتماعية متوازنة ومتمّمة لسلفها، بحيث تُعزّز التطوير والتحسين ولا يحتشد الناس لإسقاطها في الميادين. وحتى لا نبقى بين "مقالة" و"مستقيلا"، إن وجدنا لذلك سبيلاً.

asefsaeed@yahoo.com

============================

بوركت وبورك بلدك .. مركز الشرق العربي

راجع إلى بلدي..

الطاهرالعبيدي

taharlabidi@free.fr

سأعود إن شاء الله إلى بلدي تونس، وطن العزة والكرامة وشرارة الثورات، وعناوين الرفض والتحدّي، وذلك يوم السبت 5 مارس ( آذار ) 2011 حوالي الساعة الحادية عشر وخمس وثلاثين دقيقة صباحا، بتوقيت تونس، على الخطوط الجوّية التونسية.

مع الإشارة أني اضطررت إلى مغادرة وطني، الذي ظل يسكنني كما يسكنني الحنين والذكريات، ويسافر معي أينما حللت كما الشوق والاشتياق والمسافات..

كان ذلك يوم 15 جانفي (يناير ) 1992، حيث تمكنت من الفرار من قاعة محكمة مدينة " الكاف " مباشرة بعد النطق بالحكم بالسجن ضدّي، لأجتاز حدود شرعية الاستبداد، بطريقة تجرأت على بطاقات البحث والتفتيش، وتجاسرت على عيون الوشاة والمخبرين، لأقضّي سنة بين التنقل والسفر في رحلة التيه والمخاطر والمغامرة بين الجزائر والمغرب وسوريا وتركيا ولبنان، يحدوني أمل لعل الوضع يتغيّر وأعود من جديد، حيث كنت كالكثيرين لا أرغب في الهجر والفراق والرحيل والاقتلاع من تربة أرض وطني، خصوصا وأني وحيد عائلتي التي لا تملك سواي، بيد أن الوضع السياسي بات حجريا، والطغيان ازداد شراسة وافترس وجه البلاد، ممّا لم يترك لي خيارا سوى البحث عن بلد استقبال، لأتمكن من اللجوء السياسي بباريس. ومنذ ذاك التاريخ، منذ سنة 1992 حرمت قهرا وقسرا وظلما وحيفا وجورا من رؤية بلدي وأهلي، وفي المقابل ضلت تونس تعشّش في داخلي، ولم ينطف لهيب الذكرى والذكريات، وبقيت اخبأ حلم اللقاء والتيمم يوما بتراب وطني. إلى أن لاح فجر ثورة الأحرار...

تحبل السماء فيولد المطر..تحبل الطبيعة فيولد الربيع

يحبل الليل فيولد الفجر..يحبل القلم فيولد الحرف

ويحبل القهر فيولد الوطن..

من كتابي / حفريات في ذاكرة الزمن / الصادر عن منشورات مرايا سنة 2003 / باريس

______

لكل الزملاء والأصدقاء والقراء الذين يرغبون في الاتصال بي هذا

رقم هاتفي الجوال بتونس / 24166296 00216

ورقم هاتفي الجوال بباريس / 0033614306850

========================

العالم العربي بين خيارين: الديمقراطية أو الفوضى

بقلم حسان القطب

مدير المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات

يعيش العالم العربي اليوم من المحيط إلى الخليج حالة انتفاضة ثورية غير مسبوقة في تاريخه الحديث..وبالتحديد منذ معاهدة سايكس – بيكو، الشهيرة التي قسّمت العالم العربي، إلى دول وكيانات، نالت استقلالها في تواريخ ومناسبات متفاوتة ومتباينة ومتعددة...وانتهت مرحلة الاستعمار مع مطلع العقد السابع من القرن العشرين..باستثناء فلسطين..؟؟

عام 1948، سقطت فلسطين بيد اليهود، فكانت قضية فلسطين الجامع الأساس والقضية المركزية للأمة العربية، والعنوان الذي من اجله تعقد القمم العربية، والمبرر الرئيسي الذي من اجله يتم الاستيلاء على السلطة في هذا البلد أو ذاك، وكان ولا زال الهّم الفلسطيني الغطاء الذي يلتحفه ويرتديه كل نظام عربي لتغطية عجزه عن إدارة شؤون بلاده، كما لإخفاء شجعه ورغبته في التمسك بالسلطة والتحكّم برقاب العباد.. ولا زال هذا النهج مستمراً إلى يومنا هذا.. ليس على مستوى الأنظمة فقط بل حتى على مستوى الأحزاب والتجمعات والجمعيات والقوى والمنظمات المسلحة في فلسطين نفسها أو في دول أخرى كالدولة اللبنانية وإيران وليبيا وسوريا وغيرها..مرت 63، عاماً، على نكبة الشعب الفلسطيني، وسائر الشعوب العربية تحكمها الديكتاتوريات باسم القضية، وتحت شعار تحرير فلسطين وسائر الأراضي المحتلة، دون تحقيق أي تقدّم ملحوظ..وحتى دون الالتفات للعناية بهموم ومشاكل الشعب الفلسطيني المقيم في الأراضي المحتلة أو المشتت والمشرد في أنحاء العالم اجمع..

 ولو نظرنا قليلاً إلى الخلف لوجدنا أن الانتفاضات والثورات الشعبية التي تقع في الدول العربية اليوم، قد طاولت دولاً مضى على وجود زعمائها في الحكم ما يقارب من نصف أو يزيد قليلاً على بداية الأزمة الفلسطينية..حسني مبارك هو الرئيس الثالث للجمهورية المصرية منذ إنشائها، حكم مصر منذ العام 1981، وفترة حكمه امتداد لثورة جمال عبد الناصر التي حكمت مصر منذ العام 1953.. وزين العابدين بن علي الذي أطاحته ثورة الشعب التونسي بعد أن حكم 27 عاماً، هو الرئيس الثاني للجمهورية التونسية بعد الحبيب بورقيبة بعد أن نالت استقلالها العام 1956، ومعمر القذافي الذي يحكم ليبيا، استلم السلطة بعد انقلاب قام به عام 1969، وبشار الأسد الذي يطاوله القلق اليوم من احتمال امتداد الثورة إلى الشارع السوري، يحكم سوريا بقبضة حديدية منذ العام 2000، وهو خلف والده حافظ الأسد الذي حكم سوريا عقب انقلاب دموي أطلق عليها أسم (الحركة التصحيحية) في عام 1970، تحت شعار تصحيح مسار حزب البعث، وتحرير هضبة الجولان والأراضي الفلسطينية المحتلة.. ولا زالت الحال في هضبة الجولان وفلسطين المحتلة على ما هي عليه...

لم يعرف الشعب العربي الموزع في أقطار عديدة ومتعددة، منذ أن نال استقلاله وإلى اليوم، تداولاً سلمياً للسلطة.. بل كانت السلطة تنتقل من يد إلى يد، ومن زعيم إلى أخر بواسطة الانقلابات العسكرية في بعض الجمهوريات.. وحتى في عدد من الإمارات التي يتم فيها توريث السلطة.... حيث قام أمير دولة قطر الشيخ / حمد بن خليفة آل ثاني بأخذ السلطة من والده عام 1995، وقال بأنه قام بالانقلاب هذا من أجل الشعب والبلاد وتحسين وضع البلاد الذي كان بدائي ومتواضع وشبه رجعي....وكان سبقه في هذا الأمرالسلطان قابوس بن سعيد، سلطان عمان، الذي وصل إلى السلطة في... 18-11-1970، حين أطاح قابوس بأبيه السلطان سعيد بن تيمور، وتولى حكم السلطنة ولا يزال إلى اليوم...وللأسباب عينها التي أطاح من أجلها أمير قطر والده...لذا نرى أن كل هذه الانتفاضات التي يعيشها العالم العربي اليوم هي نتيجة سياسات هؤلاء الحكام، وثورة الشعب العربي في كافة الأقطار تحمل العناوين عينها..محاربة الديكتاتوريات وسياسة التوريث للسلطة في الجمهوريات الوراثية..!! واستبدالها بأخرى ديمقراطية.. والعمل على تحقيق التنمية والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.. وتثبيت وتفعيل منطق الحريات العامة من حرية الإعلام، إلى حرية تشكيل الأحزاب والجمعيات، والحق في ممارسة النشاط الديمقراطي بالشكل الصحيح، حيث يتم تداول السلطة في انتخابات حرة وديمقراطية وشفافة...والتعديل الدستوري المصري الذي وافق عليه المجلس العسكري الحاكم مؤخراً، والذي سيعرض على الشعب للاستفتاء والموافقة عليه.. يتضمن نصًا مفاده: (فترة رئاسية مدتها أربع سنوات ولمدة دورتين فقط).. وهذا معناه الانتقال إلى مرحلة مختلفة تماماً..من حالة الرئيس الملهم والقائد الفذ..الذي يحكم مدى الحياة..إلى حالة الاختيار عبر صناديق الاقتراع للمرشح الأوفر حظاً لتولي المنصب ويكون عرضةً للمحاسبة والمساءلة على سياساته الداخلية والخارجية، الاقتصادية والاجتماعية، هو وحزبه عبر صناديق الاقتراع كل أربع سنوات...

يقول تقرير نشر مؤخراً..أن ما مجموعه 24000، طبيباً سورياً يعملون خارج الأراضي السورية ومنتشرين في أصقاع العالم..وهذا معناه أن سياسات هذه الأنظمة القمعية تؤدي إلى خسارة الكفاءات والأدمغة العربية التي تهاجر للخارج بحثاً عن الاستقرار النفسي والاجتماعي، وسعياً للعيش بحرية دون الرضوخ لقانون الطوارئ، الذي يبيح للسلطة السياسية ممارسة كل أشكال القمع والقهر بحق المواطنين في الدول العربية هذه كما في دولة إيران المجاورة، والتعرض للاتهام بضعف الانتماء القومي، وبالعمالة وخدمة المشاريع الإستكبارية والإمبريالية.. والعدو الصهيوني..والمشروع الأميركي في المنطقة..إلخ.. كما أن فساد هؤلاء الحكام المالي وعائلاتهم، لم يعد يخفى على احد بعد أن نشرت أرقام مخيفة عن حجم ثرواتهم وممتلكاتهم في الخارج، فيما شعوبهم تئن من وطأة العوز والفقر والتخلف والأمية والحاجة والبطالة، وتهاجر إلى كل بلاد العالم بحثاً عن عمل ولقمة عيش لائقة، وبعضهم يفقد حياته غرقاً في قوارب تالفة تبحر بهم في أعالي البحار رغبةً في بلوغ شاطئ الأمان..

رغم كل هذا نلحظ في لبنان أن البعض يتملك مواقفه التناقض، فيحتفل بسقوط القذافي ويتجاهل أخر..ويندد بالطائفية والمذهبية في لبنان فيما يمارس أبشع صورها.. ويؤيد شيعة البحرين.. يطالب بالحريات والمساواة في بعض الدول، ويتجاهل مأساة الأقليات في إيران.. ويرفض التوريث والتمسك بالسلطة ويطالب بتداولها فيما هو سليل عائلة تاريخية، كالسيد وليد جنبلاط.. الذي ما زال يتربع على عرش سلطته خلفاً لوالده منذ العام 1977، وكالسيد نبيه بري الذي يطالب بتداول السلطة في الدول العربية، وهو متمسك إلى الآن بقيادة حركة أمل منذ العام 1979، عقب اختفاء السيد موسى الصدر في ليبيا، ويطلب من الرئيس سعد الحريري القبول بمنطق تداول السلطة، وهو يتربع على عرش البرلمان اللبناني منذ العام 1992، وينطبق الأمر عينه على السيد نصرالله الذي يهاجم المتمسكين بالسلطة فيما قام حزبه بتعديل النظام الداخلي لحزب الله، ليستطيع البقاء إلى اليوم على رأس الهرم القيادي، مطلق الصلاحيات، منذ العام 1992، بعد استشهاد السيد عباس الموسوي..

لبنان ليس جزيرة منعزلة، ولا بد أن يتأثر بتداعيات ما يجري في المنطقة وأول الخاسرين ستكون تلك القوى التي تستخدم علاقاتها وارتباطاتها الإقليمية لإرهاب المواطنين اللبنانيين بالسلاح والممارسات الميليشيوية، والتي لا تزال تستخدم المفردات والمصطلحات التي رفضها ولفظها الشارع العربي في شوارع المدن الثائرة، حين تخرج الجماهير العربية للتظاهر ومواجهة الأدوات الأمنية بالصدور العارية وتبذل الدم رخيصاً لتحقيق التغيير الشامل والكامل، وتعلن رفضها لكل الشعارات البراقة والاتهامات الباطلة، ولعبة الاتجار بالقضية الفلسطينية وشعارات المقاومة والممانعة..

 لم يعد منطقياً أن يبقى لبنان وشعبه تحت رحمة حزب واحد مرتبط بأنظمة ديكتاتورية وفاشية، يسعى لتقليد سياساتها القمعية في الداخل اللبناني بالطريقة عينها التي تمارسها هذه الدول بحق شعوبها..تماماً كما لم يعد مقبولاً أن يبقى العالم العربي أسير هذا الواقع إلى اليوم، والثورات التي نشهدها هي للخروج من هذا القمم، فالعالم العربي اليوم ومحيطه من الدول المجاورة أمام فرصة تاريخية لتحقيق التغيير الفعلي والحقيقي، وإنجاز الانتقال إلى الدولة الديمقراطية وتحقيق الاستقرار السياسي، وتثبيت العدالة، وتفعيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ووقف الفساد ومحاكمة الفاسدين المتسلطين على رقاب البلاد والعباد لعقود طويلة (باسم الحرية والتحرير)..وإلا فإن الفوضى واستمرار الديكتاتوريات سيكون البديل..

hasktb@hotmail.com

=========================

بشار أسد وإصلاحات الجيل القادم!!

بقلم: مواطن سوري

عشت في الفترة الأخيرة - كغيري من أبناء الوطن العربي - حالة الحماس والترقب التي سادت عالمنا أثناء الثورة المصرية. وكنت أتابع بشغف الأخبار لحظة بلحظة. جلست أمام التلفاز، وفتحت حاسوبي المحمول، وفتحت "كومة" من المواقع الالكترونية؛ الجزيرة، فيسبوك، تويتر…إلخ. ووضعت هاتفي المتنقل بجانبي لعل خبراً غفلت عنه كل هذه المواقع يصلني برسالة قصيرة، أو ربما بمكالمة من "واحد فاضي".

بدأت البحث كالمهووس عن أخبار الاصلاحات التي يتسارع الحكام لتحقيقها واحداً تلو الآخر في محاولة لصد سيل الحرية العارم. وعود بعدم الترشح مجدداً للرئاسة هنا وهناك، تخفيض للأسعار في البلدان الفقيرة، ترخيص لأحزاب سياسية في بلدان لم تعرف معنى كلمة "حزب" سابقاً، مفاوضات بين الحكومة والمعارضة، إقالة حكومات …

وتزداد حالة الحماس والترقب، وتتفتق مواهبي في اكتشاف مواقع الأخبار العربية والأجنبية، وتتطور لغاتي الأجنبية لا إرادياً كي تطفئ عطشي لشم روائح الديمقراطية تنبعث هنا هناك…

فجأة، وإذا بدلو من الماء البارد ينصب فوق رأسي ويغمرني إلى أخمص قدميّ … "لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه … لكي نكون واقعيين علينا أن ننتظر الجيل القادم لتحقيق هذا الإصلاح". أعدت تدوير عجلة "الماوس" لكي أقرأ العنوان مجدداً، لعل المقابلة التي أقرؤها كانت مع رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، أو لعلها مع رئيس جمهورية الصين الشعبية، البعيدة كل البعد عن ساحة الأحداث، أو لعلها أجريت قبل أشهر. لكنني تأكدت مجدداً بأنها مقابلة مع السيد بشار الأسد، وتاريخ إجرائها يلي انطلاق الثورة المصرية بسبعة أيام، ويسبق سقوط نظيره بعشرة أيام.

رغم كل حماسي المتزايد، لم يخطر ببالي أن الإصلاح في سوريا سيتسارع إلى هذه الدرجة. لماذا يا سيادة الرئيس؟ لماذا تستعجل الإصلاحات والثورة المصرية قد بدأت للتو؟ كيف يمكن لها أن تتم بنجاح دون أن تُطبخ على نار هادئة؟ ألم تدرّب شعبك على مهارة "كتم الأنفاس" و "طولة البال"؟ ألم تعوّدهم بحكمتك اللامتناهية على كيفية "الاحتفاظ بحق الرد"؟ وعلى "انتظار الوقت المناسب"؟

ألم يتعلم منك شعبك أن محاكمة السجين تستغرق عقداً وربما عقدين من الزمن، ليخرج بعدها بعفو من سيادتكم؟ ليس عفواً مجرداً، إنما هو عفو "مزدوج"، عفو عن المجرم، وإعفاء له من المحاكمة. ألم تعلمك جراحة العيون أن العملية الإصلاحية تحتاج إلى دقة وتؤدة، وإلا أدت إلى العمى لا قدّر الله؟ هل يرضيك أن يقال عنك: "إجا ليكحلها عماها"؟

يا سيادة الرئيس…

نحن لا نزال في بداية الطريق، والثورة إنما هي ثورة جياع، وكما قلت في مقابلتك، فالفجوة التي بين سيادتكم وبين شعبكم ليست كبيرة إلى الحد الذي يحدث ثورة. ونسبة فوزكم في الانتخابات أكبر من النسبة التي حصل عليها مبارك وبن علي مجتمعين. والحزب الوطني الحاكم في مصر كان يسيطر على نصف البرلمان أو يزيد قليلاً، بينما "مجلس الشغب" الذي تمخضت عنه قيادتكم يخضع لرغباتكم بنسبة 100% أو تزيد قليلاً.

أما عن علاقتكم مع إسرائيل فتختلف جذرياً عن علاقة مبارك، فهو أقام جداراً معدنياً على حدوده مع غزة، بينما لم يكتفِ والدكم الكريم بإقامة جدار، بل وهب العدو الإسرائيلي جبال الجولان لكي يكون لدى العدو هامش للمناورة في حالة هجوم جيشكم الباسل على أرضه. لقد قمت أنت ووالدك فعلاً بتقليص الفجوة، لكنها كانت الفجوة الخطأ.

وعلى ذكر الجيش والإصلاح، فأعتقد أن الجيش يجب أن "يعفى" من عملية الإصلاح الراشدة التي ستقومون بها. فهو يمتلك عتاداً لا يستهان به من الأسلحة الروسية الصدئة، وعدداً لا يستهان به من صواريخ شهاب1 وشهاب2 التي وضعتها إيران في أمانتكم ليتسنى لحزب الشيطان تسلمها حين تطلب منه إسرائيل العون.

أعدك يا سيادة الرئيس بأن شعبك سينتظر اللحظة التي يحتاج فيها إذناً يومياً من فروعكم الأمنية العامرة لكي ينام في بيته قرير العين. سينتظر حتى تزداد عيونكم حتى يصبح لكل مواطن أربعة عيون، عينان يبصر بهما، وعينان تبصرناه. حينها لن يثور عليكم، بل سيوقن بأنكم تسهرون على راحته، وتهيئون له أسباب الأمن والأمان.

سينتظر الشعب "حافظ الصغير" لكي يرث عنكم سدة الحكم، حينها سيطمئن الشعب إلى تمكن آل الأسد من الكرسي، وسيمتلك بذلك الثقة المطلقة بأنكم أوصياء عليه من رب العالمين، وبذلك يكون قد وصل إلى أقصى درجات الصلاح التي تريدونها له.

سينتظر شعبك إصلاحاتك لأجيال وليس لجيل. سينتظر "مخلوفَك" ليملأ جيوبه التي لم تمتلئ بعد بأموال الشعب. سينتظر المواطن اللحظة التي سيصبح عندها مضطراً لدفع رشوة مقدارها 25 ليرة مقابل حصوله على اسطوانة أوكسجين يتنفس منها، أو ربما يتنفس فيها. حينها، سيدرك مواطنكم كم هي رخيصة تلك الحياة التي دفع ثمنها رشوة زهيدة. ربما يقرر بعدها أن يقدم حياته رشوة لبقية أبناء شعبه مع ما تبقى من غاز في اسطوانة الأكسجين، لكي يثوروا عليكم.

عندها ستجد عناوين الصحف قد تحولت إلى "شعب يحرق نفسه بالأكسجين" بدلاً من "شاب يحرق نفسه بالكاز"، وستكون الثورة السورية إلهاماً جديداً لبقية الأحرار في العالم. وسينسى التاريخ قصة "البوعزيزي" ويسجل بدلاً منها قصة الشعب الذي قال لحاكمه بعد مقابلة صحفية: "تلحس …"

=========================

لا تناطحوا المريخ ولا تقفوا أمام التاريخ !

د.امديرس القادري

سنوات طويلة ما إنفكت فيها أقلام المثقفين الوطنيين عن مخاطبة القادة والحكام العرب ، بالتحذير والتنبيه ، وبالنصح والإرشاد ، ولكن بلا فائدة فما كانوا يرغبون في الإستماع ، وفضلوا إدارة الظهور لكل المناشدات ، فالطغيان والإستبداد والتسلح بقمع الأجهزة الأمنية وقوة المال المنهوب أعمى بصائرهم عما كان يختمر بداخل مجتمعاتهم .

الحالة العربية الراهنة لا يجب أن يندهش لها أحد ، فالغضب العربي المعمد بالدماء والعذاب ، والظلم الذي بدأ يتفجر في العديد من الميادين ما هو إلا نتيجة طبيعية لتراكمات طويلة كان جمرها يتقد تحت الرماد ، فالأرض وبما عليها من بشر ضاقوا ذرعا بهذه الأوضاع فكيف بهم أن لا يثوروا ؟ .

بسرعة البرق ، وبشدة الصاعقة ، هاج بحر هذه الجماهير المضطهدة، والمقموعة ،وراحت تتلاطم أمواجه ،و بدأت شواطئه تستعد للتمرد على هدوئها المزمن، وأصبحنا نتحدث عن زلزال وبراكين في الشوارع والميادين العربية ، صرخة واحدة تدوي من الخليج إلى المحيط ، فالشعب يريد إسقاط النظام ولا تراجع عن تحقيق هذا الهدف ، والملايين مصممة ولا تأبه ولا تخاف من الأثمان ومن التضحيات ، وهاهي على أتم الإستعداد لدفع كل ما هو مطلوب منها ،فالمعركة عنوانها واضح ، فإما الحياة الحرة والكريمة وإما ملاقاة الشهادة وعن طيب خاطر .

أنتم أيها السادة تتحملون كامل المسؤلية عن كل هذه الأوضاع التي آلت إليها الأمور ، أنتم السبب وراء هذه الإنهيارات وهذا التهاوي الذي بدأت تتعرض له أنظمتكم التي أصررتم على بنائها بالرعب والإرهاب والفساد والنهب والسلب ، ولأنكم تخافون من الديمقراطية والحرية كنتم دائما تلجأون إلى كواتم الصوت ، والإعتقالات ، وسحق كل من يحاول معارضتكم حتى في أبسط الحقوق ، أنتم أعطيتم لأنفسكم حق الأكل والشرب والتمتع بنعيم الدنيا ، وتركتم شعوبكم تجوع وتعرى وتكابد المشقات والويلات ،وقد آن الآوان لتسديد الفواتير المتراكمة.

ولذلك فإن الشعوب التي بدأت تشعر بأنها على مشارف الزمن المتخلف لا يمكن أن ترحمكم أو تشفق عليكم ، فلا قيود ولا أغلال بعد اليوم ، ولا تحاولوا محاربة الأقدار، وتأخير النهار الجديد الذي بدأت تشرق شمسه على كل هذا الوطن العربي ، لا تكابروا أكثر لأن سياسات التركيع التي ما كنتم تقبلون التنازل عنها لا يمكن أن تداويها محاولات الترقيع التي يحاول البعض منكم اللجوء إليها الأن، إن الشعوب التي إستفاقت ونهضت من غفلتها أصبحت تعرف جيدا ماذا تريد وكيف يمكن الحصول عليه ؟!.

إنه النداء الأخير للبقية الباقية لكي تتفاهم مع شعوبها ، فاتركوا عنكم مناطحة المريخ ولا تتصلبوا أمام عجلة التاريخ حتى لا تدوسكم بدورانها الذي أبهر العالم ، وأربك كل الحسابات عند أعداء هذه الأمة ، هذه هي المناشدة التي أطلق العنان لها فضيلة الشيخ الدكتور القرضاوي وهو يخطب في الملايين التي إحتشدت بميدان التحرير في جمعة الإنتصار ،فإستمعوا إلى نصيحة الرجل وقبل أن يفوت الأوان.

أنتم أيها الحكام أمام ولادة جديدة للشعوب و لشبابهم الذين كسروا كل حواجز الخوف ،و ما عاد لديهم في برنامجهم أية حلول وسطية، فالقرار واضح فإما الإنتصار أو الإنتصار و هذا ما لن يتراجعوا عنه ، فإياكم أن تقطعوا عنهم خيوط الشبكة العنكبوتية التي أطاحت بكم و بالضربة القاضية ،لأن تصميمهم على مواجهة المستحيل هو الأساس،و ها هي أحداث المنازلة الثالثة الذي تجري وقائعها في ليبيا ماثلة أمامكم ، فاتعظوا وجنبوا شعوبكم القتل وسفك الدماء ، وجنبوا أنفسكم نهايات الذل والإنكسار والفرار .

عليكم ومن أجل النجاة بأعناقكم إعادة كل ما تمت سرقته من حقوق ، ونحن لسنا معنيون بأن نقول لكم ماذا يتحتم عليكم إعادته إلى أصحابه ، فأنتم أدرى بكل الذي نُهب وسُلب ، والويل كل الويل إذا حاولتم التلاعب أو الإلتفاف على قائمة المسروقات فنحن نحفظها عن ظهر قلب ولن نقبل أبدا بإستلامها ناقصة ، اللهم إن الشعوب قد بلغت ، اللهم فاشهد عليهم !!.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ