ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 22/02/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

سقوط " بدعة " التوريث :

من إندفاعة الاستبداد .. إلى لعنة الشعوب

" سورية غداً "

الدكتور ميشيل سطوف - الجزائر

      لاشكّ أنّ جيلنا المخضرم يعيش دورة كاملة من دورات التاريخ بكل عرضه وعمق بصماته وكثافة حركيته وانعطافاته.. فلقد عايش مرحلة آمال الصعود القصيرة في الخمسينات ، وخضعنا

 لمرحلة التراجع والانحدار والانكسار الطويلة في ظلّ استبداد شمولي متفرّد عمّ معظم ساحات الوطن العربي حتى أصبحنا في ما يشبه مواتاً تاريخياً  رحلت فيه الآمال والآفاق ..

     كدنا ننسى أنّ عبقرية الشعوب لا تعرف ، في مواجهة أقدارها وانسدادات آفاقها ، الجفاف أو العقم ..

     وكدنا ننسى مفاعيل القوانين الطبيعية والاجتماعية ، من أنّ تراكم الفعل السلبي والقسري الهدّام في مسيرة المجتمعات يهيئ لانفجاره فعلاً إيجابيّاً بنّاءً..

     كما كدنا نتجاوز حقيقة أنّ لكلّ أمر أو معطى وجهان على الأقل. . حيث لا يستطيع أيٌّ كان أن يحتكر أو يأسر جملة المفاعيل في الوجه الواحد الذي يبتغي. فلا التكنولوجيا ولا العولمة ولا المعرفة

و لا الشباب والضمائر ملك أو حكر على أحد ..

    وكدنا نغفل عن بعض دروس التاريخ ، من أنّ الاستبداد والشمولية فعل بشري شاذ لا يمكن له أن يستمر ، وأنّ " عبقرية " التسلط والاستقواء الداخلي أو الخارجي  لا بدّ لها من أن تنتهي في انتحارها

حيث تندفع من ا بعض  أنظمة الاستبداد  واهتزاز البعض الآخر خير دليل ..

    فها هي الضحايا البريئة والمجانية تسقط في ربوع عديد أقطارنا على يد جلادين أعماهم تسلطهم وإرهابهم وأوهامهم عن الإقرار بأنهم لا يختلفون عن بعضهم البعض في الجوهر أو في جلّ السمات..

    هكذا نعيش إذاً زلزال التاريخ في بلداننا التي تقع في منطقة الزلازل الشعبية والعصرية والحضارية ..

وليس قصدنا هنا أن نساهم في تسجيل أو تكرار جملة الدروس المستفادة من ثورة الأرز السلمية في لبنان ( أذار 2005 )  التي أنهت عهد الوصاية السورية عليه ، ثم ثورة تونس  نهاية 2010 وثورة مصر

 مطلع 2011 وبواكير الانتفاضات في عديد الساحة العربية  ، في عدوى النضال من أجل الحرية والكرامة وآفاق المستقبل ..

بل قصدنا هنا أن نؤشّر إلى مصير " بدعة التوريث" التي انطلقت من سورية منذ أكثر من عقدين ،

إعداداً وتجريباً وشيوعاً ..

فمن المعروف عن سوريا دورها في طليعة الأقطار العربية وهي تقدّم دروساً نضالية وقومية  مشهودة أواسط القرن الماضي .. إلى أن صار واضحاً قلب هذا الدور في الاتجاه المعاكس تماماً منذ

 الاستيلاء التام لحافظ الأسد على مقاليد السلطة نهاية عام 1970 ليؤسّس " لعهد " شمولي فئويّ تسلّطي قمعي دموي تضليلي متفرّد :

 حيث لم تقف ممارساته القمعية والدموية على الشعب السوري فحسب ، بل تعدته إلى كل الأقطار المحيطة ، وفي المقدمة فلسطين ولبنان ..

وحيث لم يقف إرهاب نظام حافظ أسد على اغتيال أو اعتقال المعارضين وتمزيق القوى السياسية الأخرى  وتأميم كل مظاهر الحياة السياسية ..

بل تفرّد بتنفيذ مجازر دموية مروعة شملت عديد المناطق السورية من حماة وحلب وغيرها في اوائل الثمانينات .. لتمتد إلى المجزرة الجماعية المدبّرة لمعتقلي سجن تدمر  الهمجية ..

كما تفرّد بالإعداد لبدعة الوراثة منذ الثمانينات  بعد أن ركب أحصنة  الحزبية والطائفية ..فالعشيرة لينتهي في تسلط الأسرة فالأبناء..

هذه البدعة التي هيّأ لها داخلياً وإقليميا ودولياً  ، حتى ما حدث استبعاد الأخ ( الوريث المحتمل ) رفعت أسد .. ورحل الوريث الثاني المعدّ ( الابن  باسل أسد  ، عام 1994) أعدّ المسرح للوريث الثالث

الملتقط ( الابن الشاب بشار أسد ) ليتمّ التعديل المسرحي للدستور في دقائق قصيرة على مقاس هذا الشاب الذي رُفّعَ إلى رتبة رئيس  وريث  بمباركة مسبقة ومباشرة من قبل الإدارة الأمريكية والرئاسة

 الفرنسية دولياً وزعيمي ّ كل من السعودية ومصر عربياً  ، وحيث كانت عيون الزعامات اليمنية والليبية وغيرها من الجمهورية المزيفة ، المفرغة من أي مضمون ، منتشية شاخصة إلى الغد

 الذي يعنيها ..

حتى أنّ بعض الوطنيين العرب راح ينصح بتحويل هذه الجمهوريات الوهمية إلى ملكيات ، ربما يكون التسلط و الفساد والتضليل فيها أقلّ دويّاً ..

ولقد فضحت وقائع الثورة المصرية كيف أنّ الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك كان قد باشر بتنفيذ خطة الإعداد للتوريث منذ عام 1998 .. وكيف أنّ عائلة الرئيس التونسي المخلوع كانت تعود

 لتوريث ابنه المراهق .. وكيف أنّ الرئيس اليمني المهتزّ اضطر للإعلان عن وقف الحديث عن التوريث ، الأمر الذي يمتدّ إلى ليبيا ، ناهينا عن دور الأخوة والعائلة لهذا الرئيس أو ذاك ..

وبالتوازي لقد كشفت التفاعلات المجتمعية تجاه عمليات التوريث في مختلف هذه الساحات عن الاستهجان والرفض المتواصل والمتعاظم  له،  رغم كل الوسائل والإمكانات التي جيّشت خلال سنوات

 طويلة لصالح تبليع التوريث ومقبوليته شعبياً .. إلى درجة أن انقلب الأمر على رؤوس أصحابه وأصبحت بدعة التوريث مدخلاً بارزاً من مداخل رفض الجماهير الشعبية لهذه الأنظمة الاستبدادية

 والاستفزازية بكل تفاصيلها وللمطالبة برحيلها ..

   واليوم ، وقد سقطت عروش وتهتزّ عروش أخر ، كما وترتفع المطالبات بتطوير الملكيات البائسة المتكلسة في كل من الأردن والبحرين إلى ملكيات دستورية ، يصبح من الوضوح والفصاحة

بأنّ بدعة التوريث انتهت وهي تعود القهقرة إلى ( نقطة انطلاقها في دمشق  ) حيث يكون العهد الأسدي الشاذ " ساقط سياسياً وتاريخياً " بقوة المنطق وروح العصر والضرورة قبل أن يسقط عملياً ،

 مهما توقّعنا مبدئياً من هدر للدماء البريئة في ميادين سورية العديدة من قبل أدوات قمعه المتعددة والمتنوعة و الوفية لتقاليدها الدموية ، ومن تحشيد مزيّف للموالين لنظام الوراثة  قبل استسلام

 هذا العهد لقدره المحتوم وانفضاض حاشياته وداعميه وأنساق المقربين والمصفقين عنه ، كلّ في اللحظة التي تعنيه ..

بل إنّ عديد النخب والمثقفين والمترددين " أفقياً وشاقولياً " بشكل عابر للمناطق واالفئات والطوائف  ، ستتحرّر من خوفها وتنظر إلى غدها و المساهمة في بناء مستقبل الوطن وأبنائه بما يتجاوز

وضعية وألفة البقاء أسرى النظرة المصلحية الآنية والضيقة  ..

كما لنا في سلوك قمة النظام منذ الأيام الأولي للثورة المصرية وحتى الآن تجليات يومية متتالية  لتعاظم رعبه وخوفه من الشعب و الغد ( تعطيل الأنترنيت ومشتقاته بالتوازي مع تعطيل نظام حسني

 مبارك قبل أسابيع – هستيريا الاعتقالات والأحكام الجائرة كما مع الفتاة الصغيرة طل الملوحي – حشد القيادات الأمنية المتقاعدة في القصر مع ما لذلك من دلالات متعددة – استنفار شامل وحدّي لأجهزة

 الأمن بكل قياداتها – ارتباك وزوغان قمة النظام في مقابلاته وتصريحاته .. )

 يقابله انهيال بواكير مطارق المناضلين المتعطشين للحرية على جدار الخوف وتراجع الرعب  الشعبي المفروض والمعهود

هكذا يعود منطق العصر إلى سياقه الطبيعي فيصحح اعوجاجه ، وينتقل " التوريث من البدعة إلى " لعنة الشعوب " الفاصلة في قدر أصحابه المستبدين .. 

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ