ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 22/02/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

أصحاب الجمل ولازمة الفساد والاستبداد

بدرالدين حسن قربي

ماسمعت مسؤولاً سورياً أياً كان، يتحدث في شأن عام أياً كان هذا الشأن محلياً أو إقليمياً أو دولياً، اجتماعياً أو اقتصادياً أو سياسياً ولو كان في حفلة عرس أو عن أزمة مرور، إلا وينتهي بكلام عن المقاومة والممانعة والمقاومين والاستسلام والخانعين وكامب ديفيد أيضاً، وكأنه عائد للتوّ من أرض المعركة لبعض الوقت ليرجع إليها من جديد.  ولئن استغربتَ أن نهايات الكلام هي غيرها تماماً عن بداياته، فإن استغرابك يزول عندما تفهم منه أن هذه هي ثقافة المقاومة وفعلها عند المقاومين، وليذكّرك - بطريقة ما - بذلك الطالب صاحب الجَمَل المفتون بجمله، حيث مايلبث أن يبدأ كلامه إلا وينتقل إلى الحديث عنه أياً كانت بداية حديثه.

 

فإن كتب صاحب الجمل عن الربيع قال: هو فصل من أجمل فصول السنة، تكثر فيه المراعي الخضراء مما يتيح لجملنا أن يشبع، والجمل حيوان يصبر على الجوع والعطش أياماً، ويستطيع المشي على رمال الصحراء بكل يسرٍ وسهولة، من أجل ذلك لقبه العرب بسفينة الصحراء واستخدموه في نقل متاعهم وترحالهم، ثم يتابع والجمل ......الخ.

 

وإن هو كتب عن الصناعات والتقنية في اليابان قال: تشتهر اليابان بالعديد من الصناعات ومنها السيارات، ولذلك فهم لايستخدمون الجمال في تنقلاتهم علماً أن الجمل حيوان يصبر على الجوع والعطش أياما، ثم يكمل والجمل ......الخ.

 

ولئن كتب موضوعاً عن الكومبيوتر وفوائده قال: هو جهاز مفيد يكثر في المدن التي لايوجد فيها جِمال، وإن استقدم إلى المدينة فلغايات الحرب كما حصل في معركة الجمل المصرية في ميدان التحرير، لأن الجمل حيوان يصبر على الجوع والعطش أياماً، ثم يكمل بحديثه عن الجمل....الخ.  وهكذا هو في كل مسألة يتحدث بها، ينتهي إلى الحديث عن الجمل، كما هو حديث مسؤولينا عندما ينتهي إلى المقاومة وإسرائيل والعلاقات معها وكامب ديفيد بمناسبة وغير مناسبة. 

 

فكل أهل الأرض -إلا صاحب الجمل - يعلمون أن الانتفاضتين التونسية والمصرية كانتا احتجاجاً واضحاً على استبداد نظام الحكم وفساد جوقته، مما ترتب عليه انتشار فواحش القمع السياسي ونهب المال العام وجوع المعترين من العباد.  وعليه، فكانت المطالبات واضحة أيضاً أمام الخلق أجمعين، برحيل النظام وتنحي الرئيس، وإجراء إصلاحات دستورية فاصلة تمنع الاستبداد وتوقف السرقة وتطلق الحريات وتحاسب المتجاوزين، وتلاحق لصوص الوطن وبلّاعيه، إلا صاحب الجمل ومستشاريه وأنصاره وحلفاءه فكان لهم مطالعاتهم بأن ماكان، إنما هو ثورة على كامب ديفيد، التي تقوضت بفعل هذه الانتفاضة.  ومن ثمّ فطالما هم خارجها ولاعلاقات لهم مع إسرائيل، فهم بالتأكيد غير تونس وغير مصر، وهم في أمن المقاومة في حال من الاستقرار مكين، وفي أمان الممانعة في حصن منها حصين، ولا يجري عليهم ماجرى على الآخرين، من احتمال امتداد الاضطراب السياسي والاحتجاجات إليهم مهما ارتكبوا من فواحش الفساد وموبقات الاستبداد ونهب الثروات.

 

وعليه، ففيما يبدو أن الرؤية البراغماتية لأصحاب الجمل أن الفساد والإفقار والتجويع والنهب والاستبداد القابل للانتفاض عليه وهزيمته هو ماكان من النوع الخانع والمستسلم والمكشوف بعلاقات مع إسرائيل أو اتفاقيات من مثل كامب ديفيد كما حصل في مصر، أما أن تكون الانتفاضة عليهم، فسوف تنتهي بفشل متحقق بفعل المقاومة والمقاومين، فعزم هؤلاء غير عزم المستسلمين.  قد يستغرب البعض مثل هذه البراغماتية، وإنما هذا مايريده لنا أصحاب المشروع الوطني والقومي المقاوم والممانع أنظمة وجماعات وأحزاباً على كل مذاهبهم وطوائفهم وأديانهم وقومياتهم أن نسكت على ديكتاتوريتهم وفضائح فسادهم، لأنهم ملتحفون بقدس القضية وطهرها رغم أنهم أثبت شأناً وأقدم عهداً في القمع والنهب والتوريث ممن انتفض الناس عليهم في تونس وأم الدنيا، فرحّلوهم ونحّوهم آخر نحنحة.

 

ياناس..!! ياعرب..!! يامسلمون..!! ( شـــوفوا ) لنا مشروع مقاوم وممانع خال من القمع والإرهاب والتجويع والقهر، إلا إذا كانت لازمة مشروعكم الوطني والقومي وضرورته دولة أمنية عصيّة ومستعصية على الإصلاح ممتهنة للكرامات، وفسادها ليس فيه ذرة من حياء، فإننا لانبتغي مشروعكم مهما كان اسمه، وخطابكم مردود عليكم أيّاً كانت عباءته. وسلام عليكم لانبتغي قوماً ممانعين نهّابين ولا مقاومين مستبدين.  اعدلوها وأصلحوا أنفسكم قبل تنحّيكم أو تنحيتكم أو رحيلكم، فسواء كنّا مثل تونس ومصر أو لن نكون، فإن لكل واحد منّا ساعة حساب آتية لاريب، يوم تهتز أرضنا بالحياة وتربو، وتعلو عرائس الياسمين والورد جدرانَنا وتزهو، تزّين فجرنا الوليد الجديد ويحلو، وتغرّد بلابلنا ليومٍ عابق بالحرية وتحدو.  ويل يومئذ للظالمين، وبهدلةٌ وشرشحة للفاسدين، وما أمر المفترين والحرامية البلّاعين عنكم ببعيد..! فهل من مدّكر..!!؟

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ