ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 20/02/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

تصدير الثورة المصرية إلى ...إيران!

نوال السباعي - مدريد

عجيب أمر هؤلاء القوم من بعض حكام المنطقة ، أو من الدخلاء المغتصبين ، ممن جمعتهم هذه الظروف الاستثنائية في "سرير واحد" كما يقول المثل الإسباني السياسي الشهير !، لم يجدوا غير سرير النذالة هذا للاستراحة فيه معاً من عناء رحلتهم المشتركة الشاقة نحو الجحيم .

بالضبط كما فعلت إسرائيل، ارتكبت بعض الأنظمة العربية خطأ فاحشا ، عندما أعربت عن مخاوفها بشأن استيلاء ماأسموه "القوى الإسلامية المتشددة" على مقاليد الأمور في مصر ، وقيام هذه القوى بسرقة الثورة! .

أخطأوا ..لأن الإخوان في مصر ، كانوا حتى الآن على مستوى الحدث ، سياسيا واجتماعيا وتاريخيا ، قاموا بواجباتهم في الثورة ، نظموا ، ورفدوا ، وقدموا الكوادر والمساعدات ، نظفوا الشوارع والساحات ، وضبطوا حركة المرور ، حرسوا البيوت والحارات والكنائس ، ثم.. أعلنوا أنهم لن يقدموا أي مرشح عنهم لرئاسة الجمهورية ، وفي هذا ما يمكن أن يعيد للإخوان مصداقيتهم في الشارع المصري ، بعد "الغلطة" الاستراتيجية التي وقعوا فيها باستجابتهم لدعوة نائب الرئيس المخلوع إلى ماأسماه بالحوار الوطني ، والذي كان في حقيقته ، حوار سليمان هذا مع نفسه ، وهو المصاب ككل أركان النظام المتفسخ بمرض التوحد الاختياري ! .

قد ..نجد لما فعله الإخوان مبررا ، إذا رجعنا وراجعنا مايصدر عن وسائل الإعلام الغربية المهووسة بموضوع "الإسلاميين" ، ولايخفى التأثير الصهيوني في الغرب واستخدام الفزاعة الإسلامية الإرهابية ، لاستدرار عطف الرأي العام العالمي ، لكن الذي كان مخفيا ، ولايكاد يصدقه أحد ، هو قيام هذه الأنظمة باستخدام فزاعة الإسلام لتبقى ملتصقة بكراسيها ، مستعينة بالغرب وبإسرائيل على قمع شعوبها وتركيعها !.و لايحق لإسرائيل أن تتفوه بكلمة فيم يختص بالثورة المصرية ، وهي التي افتُضحت في العالم بالدندنة في قضية انفرادها بالديمقراطية في منطقة تُحرم فيها الشعوب من الحرية والكرامة كما تحرم من الخبز والماء الصالح للشرب .

يحاول الجميع الآن ركوب سفينة الثورة ، حتى أن "آيات الله العظمى والصغرى" حاولوا نسبتها إلى ثورتهم!! ، التي لم تمد يد العون في حينه إلى شعوبٍ في المنطقة كانت تئن تحت سوء العذاب ،وبدأت ثوراتها تيمناً بثورة إيران ، لكن ثورة إيران لم تفكر في تحرير الآخرين إلا من زاوية طائفيتها المقيتة !!، على العكس تماما من الثورة التونسية المصرية ، فهي ثورة إنسانية عالمية ، ستزلزل الأرض عاجلا تحت أقدام كل الانظمة الفاسدة في المنطقة ، بل وفي العالم ، كل الانظمة المنافقة التي تتشدق بما لاتفعل ، وتصفق لنجاحات الآخرين ، وتكتم على أنفاس شعوبها لكي لاتصيبهم عدوى الكرامة والشجاعة ، أنظمة تعدم البشر وتقطع أيديهم اليوم باسم الإسلام ، والإسلام منها بريء! ، أنظمة تجلد الظهور وترجم النساء أمام كاميرات العالم المذهول الذي لايستطيع استيعاب مايجري ، وتفعل ذلك باسم الدين ، والدين يلعنها صبحا ومساءا ، أنظمة تقتاد فتاة مبدعة فتحاكمها وتحكم عليها ، وتقتطف من شبابها خمسة اعوام ، دون حياء من التاريخ ولا من الرأي العام .

النظام في إيران -وكثير من الأنظمة المتعسفة في المنطقة العربية ، وأرجاء أخرى من العالم -، يحتاج إلى اليقظة وبعض الذكاء هذه الأيام ، لأن رياح التغيير هبّت ، ولأن الشعب الإيراني ، ضاق ذرعا بمن يفرض عليه الدين من أضيق أبوابه . ولأن نسائم فجر الثورة المصرية- التونسية الطاهرة النظيفة هي التي ستسري في المنطقة من أقصاها إلى أقصاها ، بدعوة الحق والخير والإنسانية والحرية والكرامة ، وفهم الدين كما هو ، وكما أراده رب العباد ، رحمة للعباد ، وأمنا للبلاد ، دون سفك دماء ، ولاإعلانات سخيفة عن تصدير الثورات ، وركوب الموجات ، حتى لو كانت .. موجات المقاومة والصمود والتحدي!.

فياأصحاب الكراسي والنفوذ والجيوش التي لاتقهر من أصحاب المنطقة ، ومن الدخلاء عليها ، ننصحكم ..أن تلوذوا بالصمت في أيامكم العصيبة هذه – على رأي عمر سليمان- ، لاخوف على ثورتي تونس ومصر من التطرف ، بل الخوف ..كل الخوف عليكم وعلى كراسيكم ،، من أن تصل شعوبكم من مصر نسائم الفجر العليلة ، وتصافح وجوهها المتعبة أشعة شمس الحرية من جديد.

===================

بعد تونس ومصر!.. سورية إلى أين؟

الطاهر إبراهيم*

لا حاجة بنا للتذكير بأن المراقبين السياسيين أحسوا هذه الأيام أن هناك تأزما في الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في أكثر من قطر عربي. وعندما يحصل التأزم بأحد هذه القضايا أوكلها فستحاول أن تجد لها متنفسا بأحداث سياسية واحتجاجات عمالية أواعتصامات نقابية، وربما تنفلت الأمور لتصبح ثورة عارمة كما حصل في تونس ومصر.

أكثر المراقبين كانوا يرشحون مصر لتقود لواء التغيير في العالم العربي لأسباب عدة، منها على سبيل المثال لا الحصر: وجود حراك سياسي تمثل في عدة حركات مثل حركة "كفاية"، وحركة "شباب 6 أبريل" وغيرهما. كما أن ضخامة الشارع المصري كان ينبئ بأنه يصعب السيطرة عليه إذا ماانفجرت ثورة في مدن مصرية، كلها أوأكثرها. لعل الذي ساهم في توقع أن يكون التحرك الأول مصريا بامتياز لوجود هامش صغير من الحرية تمثل بصحافة حرة وقضاء نزيه وأحزاب مرخص لها وإن كانت ضعيفة، ووجود نقابات مستقلة إلى حدٍ ما.

لكن الذي فاجأ الجميع غربا وشرقا عربا وعجما أن التحرك الأول بدأ في تونس التي لم تكن مرشحة لتكون أول من يبدأ بالتحرك. فقد كان الرئيس "زين العابدين بن علي" يكتم الأنفاس، فلم يترك متنفسا لأي من الجهات التي ذكرناها في الحالة المصرية.

لا أريد أن أسهب في الحالة التونسية والحالة المصرية. فعلى ما يظهر أن هذين القطرين قد قطعا شوطا متقدما في مرحلة الانتقال نحو الحرية، ووضعا أقدامهما على السكة الصحيحة، بشهادة العالم كله بأن الحراك قد نقلهما من الاستبداد إلى الديمقراطية، ومن القمع إلى الحرية ، وأخذ المراقبون يتطلعون إلى البلد الذي ستبدأ به إرهاصات الأنموذج الثالث.

يؤكد المطلعون على شئون المنطقة أن سورية هي الأكثر قابلية لتكون القطر الثالث المهيأ لبدء حركة الاحتجاجات فيها بعد مصر. لكن هؤلاء يعتقدون أن الرحلة السورية لن تكون بالسهولة نفسها التي تمت بها في تونس ومصر. السوريون لا بد أنهم وَعَوا الدرس أثناء أحداث تونس ومصر، وربما ابتكروا من الوسائل ما لم يخطر ببال النظام السوري.

الأنظمة في كل من سورية وتونس ومصر تميزت بالفساد والاستبداد واحتكار السلطة، التي كانت ممسوكة من الحزب الحاكم، من رئيس الدولة وحتى أمين عام وزارة، (في سورية كل ما هو تحت مسمى مدير يجب أن يكون بعثيا وحتى منصب مدير مدرسة ابتدائية). وبالجملة فإن محفزات الثورة تتشابه في الأنظمة الثلاثة. وتؤكد الدلائل أن المواطن السوري يحمل في داخله بذور الثورة. فما الذي حدا بالرئيس "بشار أسد" أن يقطع بأن التغيير لن يقتحم سورية؟

يعتقد البعض أن سبب اطمئنان الرئيس بشار هو المنظومة الأمنية التي وضع أسسها "حافظ أسد" منذ استولى على السلطة عام 1970. ولا نذيع سرا إذا قلنا أن الرئيس "حافظ أسد"، منذ استولى على السلطة -ورغبة منه بحماية نظامه من أي انقلاب- استعان بضباط ينتمون إلى المنطقة التي يتحدر منها. أما البعثيون من مناطق سورية أخرى، فاقتضت الخطة الأمنية أن يكونوا بعيدين عن المراكز الأمنية الحساسة. إذا فرضت الرتبة رئيسا لجهاز أمني أو فرقة عسكرية، فيعين معه نائب مقرب من الرئيس يشاركه القرار أو يعزله. هذه الخطة الأمنية مكنت حافظ أسد – ومن بعده وريثه بشار- الاستئثار بالسلطة. فإن تبين أن هناك من يحاول منازعته السلطة فإنه يبطش به بقوة، وما أمر "صلاح جديد" منا ببعيد!

لم يختلف الوضع في عهد الرئيس "بشار أسد" كثيرا عنه في عهد الرئيس "حافظ أسد"، إلا بكون الرئيس الأب عمل على استقطاب قيادات عسكرية وأمنية من منطقته قربهم منه بعدما صور لهم في بداية ثمانينات القرن الماضي أن النظام مستهدف من قبل الإخوان المسلمين. هذا الأمر لم يجد الرئيس بشار أنه بحاجة إليه، بعد أن خلت سورية من الإخوان المسلمين، أو كادت. فقد تشتتوا في المنافي خوفا من "ساطور" القانون 49 لعام 1980 الذي يحكم بالإعدام على مجرد الانتماء للإخوان المسلمين. كما تخلى الرئيس بشار عن ضباط وقفوا إلى جانب والده ، وذلك لصالح قيادات عائلية أسرية، احتكرت لنفسها النفوذ والمال.

في ظل هذا الجو المحبط، ما كان أحد من السوريين ليجرؤ بالشكوى من احتكار المقربين لمعظم الوظائف الهامة في سورية. ومن كان في وظيفة عليا من البعثيين الآخرين، فليس له من الأمر شيء، وكأنه شاهد زور. هذا الإحباط تعاظم وكبر في نفوس السوريين خصوصا أهل السنة، وهي الطائفة التي تشكل 70% من سكان سورية، وقد فرض عليهم أن يعيشوا على هامش الحياة السياسية والاقتصادية، فكأنهم "لا في العير ولا في النفير".

اطمأن النظام الحاكم للاستقرار الظاهري الذي يبدو على صفحة الحياة في سورية. هناك من يعتقد أن هذا الاطمئنان ظاهري وأن التغيير سوف يأتي من حيث لم يحسب الرئيس الراحل –ومن بعده الرئيس بشار- له حسابا، لكن قيل قديما: "من مأمنه يؤتى الحذر! فكيف ذلك؟

لو رجعنا إلى الوراء قليلا، وقبل يوم من قيام "محمد بوعزيزي" بحرق نفسه، ومن ثم اندلاع الثورة، وسألنا تونسيا ناقما عن الكيفية التي يمكن التخلص بها من النظام؟ فربما رفع حاجبيه تعجبا ولم يحر جوابا. الناظر إلى ما حصل في تونس الآن، يجد الأمر أبسط مما توهم قبل الثورة من عظم الهم الذي كان يضغط على القلوب. والأمر نفسه ينطبق على مصر.

لن تكون سورية استثناء من الأمر وقد عمت الاضطرابات الجزائرَ واليمنَ وليبيا والبحرين، بعد أن أنجز كل من تونس ومصر المهمة. لا بل إن سورية هي أكثر الأقطار جاهزية لكي تطالب بالتغيير والعمل على نيل الحق. من هذا المنطلق، فلا أحد يعرف متى تقصم الشعرةُ في سورية ظهرَ البعير، ولا متى ينتفض ال "بوعزيزي" السوري، ولا في أي مدينة سورية؟ ما يشعر به السوري أن الإناء فاض بما فيه "وبلغ السيل الزبى وتجاوز الحزام الطبيين"، ولم يعد هناك زيادة لمستزيد. وقد جاء تحرير تونس ومصر من احتكار السلطة الاستبداد ليصب زيتا على النار في أكثر من قطر عربي، وفي مقدمتها سورية.

العناصر المجهولة، متى؟ وأين؟ وكيف؟ يعجل في توقيت استحقاقها وصول النفوس لحظة الانفجار. عندها لن تنفع الأجهزة الأمنية، ولا الضباط المقربون من النظام، ولا حتى محاولة التهدئة من قبل رأس النظام، لأنه يكون قد فات الأوان. المعارضة السورية لم تترك فرصة إلا اغتنمتها لتذكر النظام بحقوق السوريين. لكن النظام أصم أذنيه عن سماعها، وأصغى سمعه لمن أخذته العزة بالإثم وزعم أنه قادر على أن يحمي النظام، وأنه يملك من القوة ما فيه الكفاية. السوري البسيط يرد عليه: "ما كان غيرك أشطر".

النشطاء على "الفيس بوك" تداولوا عبرالإنترنت خبرا بأن "حسن نصر الله" جهز عشرة آلاف مقاتل من حزب الله، للتدخل السريع إذا ما انفجر الوضع في سورية! ربما لا يعلم "نصر الله" أن هذا إذا ما حصل فسوف يجعل سورية كرة نار، لأن النفوس مشحونة منذ ذلك اليوم الذي دفع الحزب فيه بميليشياته في شوارع بيروت لإرهاب اللبنانيين في 7 أيار 2008.

القضية في سورية قضية كل السوريين، بمن فيهم أهل السنة والعلويين والمسيحيين والدروز والأكراد. فقد طاول ليل الظلم الجميعَ، بعد أن استبد بالأمر حفنة استولوا على كل شيء في سورية. ليس هذا فحسب، فإن الاعتقال أصبح يجري على الشبهة. أما الأحكام فلم تفرق بين شيخ وفتاة، وكان آخرها الحكم على المدونة "طل الملوحي" ذات التسعة عشرة ربيعا، ومن قبلها حكم على حكيم دمشق المحامي هيثم المالح، ومن قبلهما اعتقل الاقتصادي المشهور "عارف دليلة"، ولم يشفع له أنه علوي، لأنه لا حصانة إلا لأبناء الأسرة الحاكمة.

أخيرا أتجرأ، -وما عاد ينفع إلا الجرأة- فأسأل سيادة الرئيس بشار، مع حفظ المقامات: إلى متى ستبقى تحكم سورية أيها الرئيس؟ أبو حكم سورية على مدى ثلاثين عاما. وأنت شاب في مقتبل العمر وتعرف كيف تداري صحتك. فإذا بلغت ما بلغه والدك من العمر، فيعني أن أمامنا ثلاثين سنة أخرى –لا سمح الله- تكون فيها رئيسا لسورية. فمن أعطاك الحق في أن تحكمنا أربعين سنة، ومن قبلك والدك الراحل حكم ثلاثين سنة؟ لا تقل لي أيها الرئيس أن الشعب السوري هو من أعطاك هذا الحق باستفتاء بلغت نسبة التأييد فيه97%. فقد رأيت –ورأينا- الاستفتاء الذي قيل إن المصريين أيدوا فيه الرئيس المخلوع "حسني مبارك" بنسبة 95%، فهل أغنت عنه هذه النسبة. لقد خرجت المظاهرات المليونية تطالب برحيل مبارك، ولم يستطع أنصاره أن يجيشوا أكثر من ألفين من المؤيدين.

لن تنفع ال 12 ملياراً من الليرات السورية قدمتها حكومتك منذ أيام كرشوة للشعب السوري، ومن قبلها قدمت ثمن بضع لترات من المازوت في تخفيف الاحتقان، فإن الإنسان السوري عنده كرامته أغلى من مليارات العالم كلها.

أيها الرئيس قال الحكماء: من أراد الكل فاته الكل". لقد جرب "حسني مبارك" من قبلك اللعب في الوقت الضائع، حاول فيه أن يبيع الشعب المصري تنازلات "ملغومة" وبالتقسيط، فرفض الشعب التنازلات وأصر على رحيل "مبارك".

أمامك فرصة ثمينة أيها الرئيس كي تبدأ بالتغيير من الآن. فتلغي قانون الطوارئ والقانون 49 لعام 1980، وتحل مجلس الشعب الحالي وتقيل الحكومة الحالية وتشكل حكومة مؤقتة، يكون فيها حزب البعث واحدا من فصائل الشعب السوري وليس وصيا على الشعب السوري كما جاء في المادة "8" من الدستور الذي فصله المنافقون على مقاس الحزب. وأن تدعو إلى انتخابات نيابية حرة وشفافة. وقبل ذلك تعلن أنك لن تبقى في الحكم بعد نهاية المدة المتبقية لك. عندها سوف تجد نفسك رئيسا فعليا لسورية. وعندما تنتهي مدة رئاستك فإنك تستطيع أن تعيش في سورية آمنا بعد أن ترد المظالم إلى أهلها...

يبقى أن أشير إلى مظاهرة قامت في حي "الحريقة" في دمشق يوم الخميس في 17 شباط الجاري عندما اعتدت الشرطة على شاب سوري اسمه "عماد نسب"، فتجمع أكثر من 1500 دمشقي ينصرون الشاب المعتدى عليه وساروا في الشارع يهتفون "سورية مابتنزل.. سورية مابتنزل " واستمرت المظاهرة قرابة ثلاث ساعات. أيثور الشعب السوري لكرامة مواطن واحد ولا يثور لكرامة سورية التي تعرضت كرامتها للامتهان على مدى خمسين عاما؟

سؤال برسم الإجابة من سيادة الرئيس بشار أسد!

*كاتب سوري

===================

سقط التوريث .. إلا عندنا

 جلال / عقاب يحيى - الجزائر

1

 عجيب غريب أمر حكّام الاستبداد العرب كأنهم تخرّجوا من مدرسة واحدة، كأنهم شربوا من عين الاستبداد المكين فما ارتوا أبداً .

تسابقوا وتلاحقوا ليس في الاستدامة عقوداً في الحكم وحسب بكل ما عرفته من قمع وبطش ونهب وإفساد فقط.. بل تكالبوا على الأبدية نهماً لا يتوقّف وعيونهم شاخصة إلى ممالك وإمارات التوريث، ولسان حالهم يقول : " ما في حدا أحسن من حدا"، في دنيا العرب المكلومة، كيف لا وهم القدر، الاستثناء، الفذاذة، ومثلهم أولادهم وأولاد أولادهم، وأخوتهم، وأصهارهم، ونسائهم، وعائلاتهم، وأفخاذهم، وأيديهم ..!! ..

 جميعهم، بلا استثناء، أعدوا الأولاد ليكونوا خلفاءهم، ومن كان ولده صغيراً(كزين العابدين) راح يمدّ في الحكم علّ الصغير يكبر فيفصّل له دستوراً يخصه، وإلا ف" السيدة الأولى" وكومة عائلتها يتكفلون بالإعداد لليوم المطلوب، أو المجيء بالأخوة، وأهل العشيرة والأقارب وفرضهم في المواقع الحسّاسة .

 الغريب أيضاً أنهم جميعاً " يستندون" إلى أحزاب يدّعون أنها مليونية، وأنها تمثّل خيرة أبناء الشعب، وخلاصة وعيه، ونضاله ومثقفيه(وهم يختلفون بذلك عن إخوانهم في نظم الممالك والإمارة الذين استبدلوا الأحزاب بالعشائر والعائلة)..

وإذ بتلك الأحزاب منخورة، مجوّفة، وإذ بالنخب لا نخب فيها ولا يوجد من يصلح لأن يكون الوارث لهم(بعد عمر طويل)، وإذ بالملايين قطيعاً للتصفيق والتلفيق ..والنهب، والبلطجة والتزويق .

 2

البعث، كحركة تاريخية تعتبر من أهم الأحزاب القومية، نشأ بالنقيض للاستبداد وأنظمة الحكم الملكي المطلق، وفي تراثه ومقررات مؤتمراته أطنان واضحة عن تضاده للدكتاتورية، والتخلف وإرثه، ونظم الملكية، وتلك التي لا تعبّر عن إرادة الشعب، ولا تأتي نتيجة اختياره الحر .

 عندما وصل البعث(بالانقلاب العسكري) إلى السلطة كان شعاره الدائم : محاربة الثالوث المعادي : الإمبريالية والصهيونية والرجعية ، معتبراً أن النظم الملكية عنوان وقاعدة وخلاصة الرجعية، وأنها أنظمة مفروضة على الشعب، وتتآمر على قضاياه الأساسية، وأن تحرير الوطن منها جزء لا يتجزأ من معركة التحرير الشاملة ضد الإمبريالية وكيان الاغتصاب والاستيطان .

 أكثر من ذلك، فالاتجاهات اليسارية في البعث ذهبت بعيداً في تحديد ورسم التخوم بين الثورة وأعدائها، معتبرة أن النظم الملكية بؤرة الخبث والتآمر، وعنوان الاستبداد والتخلف والرجعة، وأنها جزء من حلف مكين فأعلنت الحرب عليها بلا هوادة، إلى درجة أن الشعار تعب لكثرة الترداد .

 أبداً لم يتصوّر أحد من المؤمنين بصدق ووعي بالبعث، والحركات القومية أن تتحوّل النظم التي تحكم باسمه، وتحت يافطاتها، إلى رمز الاستبداد، والأحادية، والقمع الشمولي، وعنوان انتهاك الحرّيات العامة والخاصة، وعائق التحرر والتقدّم والتحرير، ومشنقة مُفزعة لرموز الحرية، والرأي الآخر، تتفوّق على الجميع في ممالك الرعب، والقضاء على الآخر، وتقدّم أنموذجاً رهيباً يجعل أكثر ممالك الاستبداد أكثر رأفة ورحمة بالشعب، وأقل دموية متأصلة تلاحق الأجنّة، وتطبق على الرقاب والحياة بجيوش جرارة من أجهزة قمع مكلوبة، وبصاصين ينخرون الضمير، ويزرعون الرهبة الفاجعية.. لقتل براعم الحياة، وديمومة أبدية الحاكم .

 فكيف بالتوريث ؟؟.. وكيف يتحوّل(( حزب الثورة العربية))، و(( الرائد والقائد، والأحد الواحد)) الذي سيوحّد الأمة من المحيط للخليج، ويحرر فلسطين من النهر إلى البحر، وكافة الأجزاء العربية المغتصبة(من الإسكنرونة إلى عربستان، وصولاً إلى سبتة ومليلة)، ويُدخل الأمة عصر التقدّم والحداثة والاستقلالية والديمقراطية (الشعبية) الكاسحة ؟؟، الماسحة لكل(الديمقراطيات) المزيّفة ؟؟!! ..

كيف يصبح(( حزب الثورة العربية)) بوقاً مبوّقاً تخلو منه الرجال والقيادات فلا يعود فيه أحد مؤهلاً للمنصب الأول إلا القائد الأبدي(إلى الأبد)، ومن ثم أحد أنجاله .. وإلا .. ؟؟ ...

 3

ليس الوقت مناسباً لفتح الدفاتر القديمة، كما أن الحديث عن التوريث لا يخصّ الموَرث بالتحديد(بغض النظر عمّا له وعليه)، والذي لم يكن يوماً في عير البعث ولا نفيره، وإنما محاولة الإحاطة بتلك العملية(الخارقة)، الاستثناء في التاريخ السوري على العموم، والبعث الحاكم على وجه الخصوص .

 نحن أبناء البعث المخلصين مارسنا، بدءاً من أنفسنا، نقداً صارماً لتلك التجربة الأحادية التي انتهت في تشرين الثاني 1970 بانقلاب الأسد الصريح على أعلى مؤسسة حزبية، وإقامة مملكة الاستبداد المكين .

وبقدر ما كنّا أمناء للبعث الذي آمنّا، ولشعبنا وحقوقه في الحريات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والتقدّم والكرامة والمساواة(بكل مكوناته وثقافاته وأعراقه ومذاهبه وأطيافه)، ووعينا لماهية الانتماء الحزبي الذي يجب أن يشكل فيه الإنسان الغاية والمآل، بقدر ما كان علينا الخروج من عباءة الزيف، وتهديم أركان الأحادية ونفي الآخر، والفوقية، والوصاية، وديكتاتورية الحزب الواحد المغلفة بالشعارات الكبيرة المخادعة، وتهديم مقولة الحزب الواحد القائد، وولوج ميدان الاعتراف بالآخر على قدم المساواة، والإيمان الذي لا حدود له بالعمل الجماعي، وبالتعددية، والتناوب على السلطة .

نعم كان علينا، بغض النظر عن النجاح والإخفاق، وعمّا واجهناه من متاعب ومآل، أن نقوم بعملية نقد شاملة لفكرنا ومقولاتنا وتجاربنا، وأن نرتقي إلى مستوى إرادة شعبنا، وروح العصر، فنتطهّر من درن تركة الماضي، ونفتح العقل والصدر للحوار مع الآخر دون عصبوية، وذاتية أكلت الكثير منا، ومن إمكاناتنا .

 كنا أكثر من يدرك أن نظام الانقلاب(التصحيح) لم يكن تصحيحياً أبدا، وليس له علاقة بالشعارات الفضفاضة التي رفعها(خاصة فكرة الجبهة والانفتاح على الآخرين والشعب)، وأنه يحمل في صلبه جنيناً استبدادياً ذاتوياً مرعباً، وأمراض التخلف التي سيوظفها لصالح نجاحه وبقائه، ناهيك عن جوهر المواقف في الخط السياسي، خاصة ما يتعلق منها بالتسوية، وبالصراع العربي الصهيوني .

 لقد حاولنا مراراً بذل الجهد للتخلص من النزعة الثأرية فينا، والتحلي بالموضوعية في تحليلنا لبنية النظام، والموقف منه، والسعي للاعتراف بأن القائم هو شكل ما تحوّلي لاتجاه في البعث(وليس نفي الصفة البعثية عنه كما حال بعض أوساطنا)، وأن البعث في السلطة تشرّذم إلى أحزاب البعث، وأن الذي انتصر جناح مدعوم بقوة العسكر، والأجهزة الأمنية، وبنى التخلف التي سلّمت أهم المفاصل الحيوية، وشعارات الزيف والتعمية والاختلاط . وأن مشروع تحول البعث(الرسمي) إلى حزب ثوري، وشعبي قد دفن في أول يوم للانقلاب، وأن عمليات كبرى للتجريف والتجويف والطمي مورست عليه بتنهيج يفرّغه تماماً، ويحوّله إلى مجرد واجهة للتصفيق، وقاعدة للاستعراض، ومزرعة لبعض الانتهازيين والمرتزقة والمبوّقين، وأنه ضحية، مسلوب الإرادة والقرار، والكثير مضطرّ للبقاء، أو ينتسب إليه حماية، وبحثاً عن وظيفة، ومكان في بلد تسدّ فيه أجهزة الأمن كل المنافذ ولا يمرّ شخص إلى وظيفة عادية إلا عبر غربالها .

 وعندما كان البعض يندهش لفكرة التوريث ويستبعدها تماماً كنا نؤكّد على أن النظام الأحادي الذي هصر الحزب، وقزّم الدولة وفصّلها على قدّ الحاكم، وفعل ما فعل(في كل الميادين) جادّ في تحضير الوريث، وأن المشروع جزء من عقيدة وتكوين الرأس، وقد بدأه بالأخ رفعت، وبجملة الأخوة الذين عاثوا فساداً ونهباً وبلطجة، وأنه عندما أراد (القائد الصغير رفعت) استغلال مرض أخيه والاستفراد بالسلطة.. حصل الخلاف، وبدأت عملية إعداد باسل ليكون خليفة..

 مات باسل في تلك الحادثة الغامضة، ولم يكن الدكتور الشاب في وارد التهيئة للوراثة حيث يواصل تخصصه في بريطانيا، ولم يظهر عليه كبير الاهتمام بالشأن السياسي، ناهيك عن الحزبي.. فاستدعي على عجل لبدء التحضير السريع .. وكان الذي كان ..(مفاجأة المفاجآت، وفاتحة عصر التوريث) ..

 كان الذي كان في (تدشين) عهد التوريث، واقتراب النظم الجمهورية من الملكية (ألسنا عرباً وأخوة ؟؟ !! )وخروج مصطلح جديد راح يطوف أبراج النظم المسماة ب" الجمهورية"(الجملكية)فمرّ على مصر مبارك، ويمن علي عبد الله صالح، وليبيا القذافي، وسودان البشير، بينما كان زين العابدين يأمل أن يمدّ الله بالعمر ليكبر ولده ، ولم تعد مسألة التوريث تلقى ذلك الاستنكار لدى سماعها : ألم نكن الألى الذين يحق لنظامنا أن يتفاخر فيسجل براءة الاختراع باسمه ؟؟.. ألم نشجّع البقية على السير في هذا الصراط الغرائبي فيصبح مطلب الأحزاب المليونية المرسّمة ؟؟..وضمان الاستقرار والديمومة ؟؟ .

 لن ينسى التاريخ تلك الدقائق النزقة، المستعجلة التي تم فيها تهديم مواد الدستور السوري وتفصيله على قدّ الوريث، ولا حقيقة ما يسمى بمجلس الشعب ووجوه أعضائه وتصريحاتهم المألوفة، المكررة، ناهيك عن الذي اسمه حزب البعث الملاييني بآلاف قياداته وإطاراته، وقيادته القومية، وقياداته القطرية وما بينهما وفيهما .. ولا حال(نوّاب الرئيس) ودورهم، وبصمهم على ما رتبّ وفُرض ..

 كما لم ينسَ الكثير "خطاب القسم" الذي تهاطلت فيه وعود الإصلاح والتغيير والانفتاح، فصدّق البعض واستبشر بمرحلة جديدة سوّق الكثير لها وهو يلمّع الوعود، وصفات الرئيس الجديد، الشاب، الذي عاش في أوربا، المتفتح، المستوعب لعصر التقنية وثورة المعلومات.. والكثير الكثير من وسائل التجميل والتمرير.. فنام العديد على لهب الانتظار، بينما كانت الإجابة المنطقية على فعل وأسباب التوريث ومعانيه توفّر على هؤلاء ذلك الاستبشار والانتظار، وتؤكد لهم أنهم مخدوعون، وأنهم يراهنون على قبض الريح، وقصف الفوات، وأن الأمر يتجاوز الوعود والنوايا إلى صلب بنية النظام وأركان استمراره، وأنه يستحيل على الوريث أن ينقلب على المورِث، بل أن يقترب من الخطوط الحمر بفتح أي ملف لأن ذلك يعني بداية (الانفلات)، بل والانقلاب على السائد(والبعبع جاهز، والتهم مسجّلة مسبقاً).. لذلك لم نكن يوماً واهمين بقدرة النظام على إحداث إصلاحات سياسية جدّية، وأن أقصى ما يحاول القيام به الالتفاف (إذا ما انزنق) عبر بعض الإجراءات الشكلية المحسوبة التي تبدو حتى الآن أقل من المنتظر بكثير، والتلاعب بالكلمات والمصطلحات، مع استعداد دائم، وجاهز للبطش بأي حركة ديمقراطية، أو مطلبية منذ بدايتها، وترويج الشعبية الكبرى للنظام ورأسه بعديد المظهرات والمظاهرات( آخذين بالاعتبار وجود قاعدة للنظام، وبالقدرة على التحشيد، خاصة في المراحل الأولى لحدوث نوع من المجابهات ) .

 4

((للأسف الشديد)).. فإن ثورات الشعوب العربية، بدءاً من تونس، ووقوفاً عند مصر الركيزة، ومصر القاطرة والمدحلة، ومروراً بيمن علي عبد الله، وربما القذافي غدا، والحبل على الجرار.. إنما قطعت الطريق على مشاريع التوريث فدفنتها في الحياة .

 لقد أكّدت الجماهير في بركان غضبها، وعبر زلزالها المتواصل أنها ترفض : أبداً استمرار هؤلاء الحكام يوماً واحداً، فكيف بأبنائهم وأصهارهم وعائلاتهم ؟؟، وأن التوريث عنوان صفيق للمدى الذي وصله الحكام في استهتارهم لإرادة الشعوب، كوصمة لطبيعتهم، وإدانة لما اقترفوه من جرائم بحق الأمة ومستقبلها .

 وطالما أن مشاريع التوريث قد قبرتها الشعوب، ولم تعد قائمة، حتى لو كتبت الحياة لبعض نظم الاستبداد، ولو إلى حين، سيبقى الوضع السوري الحالة النادرة، الفريدة التي قد تصيب الرئيس الذي وجد نفسه رئيساً في حالة من الكآبة، أو الفرادة.. لا ندري .

 نقول ذلك وشعبنا الطيّب، المتسامح، الحضاري قادر على تجاوز تلك الحالة الاستثناء، والتعامل مع الأمر الواقع بروحية المصلحة العليا للوطن العزيز .

روحية الوحدة الوطنية الجامعة، ومشاركة الجميع(على قدم المساواة) في صنع حاضرهم ومستقبله، واختيار من يمثله(نواباً، أم رئيساً) في انتخابات حرّة نزيهة ترسي أسس الدولة المدنية الحديثة التي تفتح صدرها لجميع أبنائها، والذي تعيش فيها وتتعايش كافة الأطياف والأديان والقوميات والمذاهب، على قاعدة الاعتراف بحق الآخر في التعبير والرأي والتحزّب والعمل، وفي تعددية يكرّسها الدستور .

=====================

فقهنا السياسي وثورات الشعوب

د.أحمد زقاقي

لقد ظل فقهنا السياسي لقرون طويلة أسيرا لمقولة عدم جواز الخروج على الحكام ولو خرجوا عن جادة العدل والصواب،بالرغم من أن الكثير من فقهاء السياسة الشرعية كانوا يقصدون الخروج المسلح،لكن الحاكمين عمموا وصف الخروج حتى على الحركات السلمية،مما أدي إلى ترسيخ الاستبداد وانتهاك الحريات،ولا شك في أن للاستبداد مرتكزات نفسية وفكرية في عواطفنا وعقولنا ،وإن القطع معه وتفكيك منظومته رهين بالتفتيش عن تلك المرتكزات السلبية لاجتثاتها وتيسير سبل انبعاث الثورات والنهضات من داخل النفس البشرية،ورب قائل يقول إن الناس العاديين لا شأن لهم بالأفكار المجردة عندما تعصرهم تكاليف الحياة بفعل السياسات الظالمة للمستبدين والمفسدين،نعم قد يبدو للوهلة الأولى أنه لا شأن لهم،لكن بعد طول تفكير وتأمل سيتبين أن الانفجار هو عملية تراكمية لضغوط اجتماعية وسياسية ليست وليدة اليوم أو الليلة،بل تضرب جذورها عميقا في التاريخ؛في تاريخ الغرب من يوم أن ألغت الكنيسة المطالب المادية للإنسان واستغلته باسم الدين الذي احتكرت تأويله،وتاجرت به )صكوك الغفران (،وتحالفت مع الإقطاعيين والمستبدين،وفرضت على العلماء تصورها هي للحقيقة العلمية والحقيقة التاريخية،إلى أن قامت ثورات نبه شعار"اشنقوا آخر ملك بأمعاء أخر قسيس" على تخلُّصها من الاستبداد السياسي والتزييف الديني،ورفعت من شأن الإنسان على الرغم من حدوث نوع من التطرف من تلك الثورات بعدم إقامة كبير وزن لمطالبه الروحية كرد فعل على الكنيسة.

وفي تاريخ العرب والمسلمين من يوم أن وقع الانقلاب على الخلافة الراشدة لصالح الملك العضوض الذي صادر حق الأمة في اختيار حاكميها ومحاسبتهم،ورسخ سوابق التمديد والتوريث،وجعل المال دولة بين الأغنياء والمترفين،فكان هذا هو شأن أولية الاستبداد الذي تقعد بتوالي القرون بفقه "الأحكام السلطانية" وظهرت مقولات"السلطان ظل الله في الأرض"،وغدت الأمة كالقطيع يسوقه الحاكم حيث شاء،إلا أن السلطة العلمية كانت غالبا في يد علماء عاملين مصلحين وملتحمين مع شعوبهم ولم يمثلوا كما في التاريخ الغربي "إكليروسا" يحتكر الاجتهاد في الدين،ويطحنون المساكين،ويتلمظون بدمائهم،بل كانوا يواجهون الحرفية والتحريف والانحراف بمقتضى الحديث الشريف"يحمل هدا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين،وتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين".

لقد تحالف الاستبداد السياسي غالبا منذ ذلك الانقلاب مع الفساد الاقتصادي فاحتوش المستبدون الأموال وراكموا الثروات وانفردوا عن باقي الناس بالامتيازات التي صاروا يقاتلون شعوبهم عليها قتالهم على العقائد الدينية،وجَلبوا على الناس لأجل إسكاتهم بصوت إعلامهم،وخَيلهم وجِمالهم،ورَجْل عُملائهم ومُندسيهم ومُتَملقيهم ومُتسلقيهم،وتجرعت الأمة قرونا مديدة غصص الاستبداد،وعوملت المعارضات الشريفة بثلاثية السيف والسم والسجن،واليوم تثور الشعوب العربية والإسلامية لتقطع مع فقه سياسي منحبس ظل لقرون طويلة يُفهِم الناس أن الطاعة للحاكم واجبة مهما ظلم وجار،ومهما ضرب ظهر المواطنين وأكل مالهم،وأنها من الدين وسنن المرسلين،وأن الخروج عليه مجلبة للفتنة وإلقاء بالنفس إلى التهلكة،وتثور لتواجه"الوصال الأنكد" بين الثروة والسلطة،وتطالب بالعدل في الحكم وقسمة الأرزاق،فكيف ترسخت سوابق التمديد والتوريث في تاريخنا؟وكيف انحدر فقهنا السياسي وانحط بحيث لم يصر له هم غير تطويع إرادة الشعوب والتعمية على البدع والضلالات الكبيرة كاحتكار الحكم والثروة؟كيف نضمن لثورات الشعوب النجاح حتى لا ترتد إلى محاور الاستبداد والاستعباد والفساد؟لماذا تتحول النخب الحزبية والسياسية إلى عنصر تهدئة تمني الناس بالإصلاح بينما هي في واقع الحال تُطيل من عمر الاستبداد والفساد؟ إن الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها تقتضي التنبيه على جملة أمور:

أولا:التسليم بوقوع الانقلاب

صدر التحذير الأول من وقوع الانقلاب من صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام،فقد رُوي عنه أنه قال: "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبرية، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة"[1]،والرسول عليه الصلاة والسلام أضفى صفة الرشد على الخلافة على منهاج النبوة ليس لبساطة أشكالها من حيث التسيير الإداري،بل لغنى مضامينها المتمثلة في عدم مصادرة حق الأمة في اختيار الحاكم،وعدم احتواش رجالها للأموال،وعدم انفرادهم بالامتيازات،وصار سلوك الراشدين في الحكم سنة أُمرت الأمة بالعض عليها بالنواجد،فمُدح هذا العض وذُم الآخر المرتبط بالملك لأنه يَعض على الناس بالوراثة وبيعة الإكراه،وغدا واضحا في عقول العلماء والصلحاء وقوع الانقلاب؛فعندما سأل الملك الأموي سليمان بن عبد الملك أبا حازم الأعرج: "ما تقول فيما ابتلينا به؟ قال: أعفنا من هذا وعن الكلام فيه أصلحك الله، قال سليمان: نصيحة تلقيها، فقال: ما أقول في سلطان استولى عنوة بلا مشورة من المؤمنين، ولا اجتماع من المسلمين؟ فسُفِكت فيه الدماء الحرام، وقطعت به الأرحام، وعطلت الحدود، ونكثت به العهود"[2]،وبعد أن أتى القاضي أبو بكر الباقلاني (ت 403 ه) على ذكر شروط الإمامة قال: "وهذه الشرائط كانت موجودة في خلفاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وقال عليه السلام: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يصير ملكا" وكانت أيام الخلفاء الأربعة هذا القدر"[3]، وقال ابن حزم – في سياق تعريضه بالقضاة الذين نصبهم الحكام الظلمة : "أولئك القضاة وقد عرفناهم إنما ولاهم الطغاة العتاة من ملوك بني العباس وبني مروان بالعنايات والتزلف إليهم بعد دروس الخير وانتشار البلاء، وعودة الخلافة ملكا عضوضا، وانبراء على أهل الإسلام، وابتزاز للأمة أمرَها بالغلبة والعسف"[4]، ووصف الإمام الجويني واقع الحال بعد مضي الخلفاء الأربعة فقال: "أضحى الحق في الإمامة مرفوضا، وصارت الإمامة ملكا عضوضا"[5]،وتابعه على هذا الرأي العلامة المغربي أبو علي اليوسي فقال:" فلما ذهب الأئمة المقتدى بهم دخل الناس هذا الأمر بالعنف والشهوة، وانقطعت الخلافة، وجاء الملك العضوض، وذهبت السيرة المحمدية إلا قليلا، وجاءت الكسروية والقيصرية، وتصرفوا في هذا المال بالشهوة، وعاملهم الناس بالرغبة والرهبة"[6]،وقبله أفتى الإمام مالك بعدم جواز بيعة المكره؛إذ لما قام محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب علي أبي جعفر المنصور، استفتى الناس مالكا في الخروج معه وقالوا: "إن في أعناقنا بيعة لأبي جعفر، فقال مالك: إنما بايعتهم مكرهين، وليس على مكره يمين، فأسرع الناس إلى بيعته"[7] أي إلى بيعة محمد بن عبد الله بن حسن.

وليس من الصواب قصر ذلك الإكراه على مسمى الملك فقط بل ينسحب أيضا على الأشكال السياسية المحدثة من أمثال الجمهوريات والجماهيريات والسلطنات الوراثية، ما دام وصف مصادرة حق الشعوب في اختيار الحاكم لاصقا بها،وملازما لها.

ثانيا:مواجهة مصاديق الانقلاب

ونذكر من أهم تلك المصاديق:

1.التوريث

 لقد مثل الانقلاب ردة سياسية تصدى لمواجهتها بالقول والفعل الكثير من الصحابة رضوان الله عليهم؛فحينما عزم أول ملك على العهد بالحكم لابنه يزيد ، قال له عبد الرحمان بن أبي بكر:"إنك والله لوددت أنا وكلناك في أمر ابنك إلى الله،وإنا والله لا نفعل،والله لتردن هذا الأمر شورى بين المسلمين أو لنعيدنها عليك جدعة ثم خرج"[8]،ولم يكتف بالتهديد بل عرض الخيارات أيضا فقال:"يا معشر بني أمية اختاروا منها بين ثلاث:بين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم،أو سنة أبي بكر،أو سنة عمر،إن هذا الأمر قد كان،وفي أهل بيت رسول الله من لو ولاه ذلك كان لذلك أهلا،ثم كان أبو بكر،فكان في أهل بيته من لو ولاه ذلك لكان لذلك أهلا،فولاها عمر فكان بعده،وقد كان في أهل بيت عمر من لو ولاه ذلك لكان لذلك أهلا،فجعلها في نفر من المسلمين،ألا وإنما أردتم أن تجعلوها قيصرية،كلما مات قيصر قام قيصر"[9]،وبنفس المنطق خاطب عبد الله بن عمر معاوية فقال:"إنه قد كان قبلك خلفاء لهم أبناء،ليس ابنك بخير من أبنائهم،فلم يروا في أبنائهم ما رأيت أنت في ابنك،ولكنهم اختاروا للمسلمين حيث علموا الخيار"[10]،وانتهت مقاومة الانقلاب بالفتك برائدها(المقاومة) الحسين بن علي رضوان عليه في كربلاء،وعندها أدرك الصحابي زيد بن أرقم الأثر السياسي والنفسي العميق الذي سيعقب ترسيخ الاستبداد فقال:"أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم" [11]،ونص كثير من فقهاء "الأحكام السلطانية" على التوريث وولاية العهد كشكل من أشكال انتقال السلطة برغم عدم شرعيته لأن المعروف فقها وقضاء أن الحكم ليس مما يرثه الابن عن أبيه،وترسخ ذلك التوريث بأساليب الترغيب والترهيب إلى أن أصبح"دينا" سماه ابن خلدون"دين الانقياد" فقال:" إذا استقرت الرئاسة في أهل النصاب المخصوص بالملك في الدولة وتوارثوه واحدا بعد آخر في أعقاب كثيرين ودول متعاقبة نسيت النفوس شأن الأولية، واستحكمت لأهل ذلك النصاب صبغة الرئاسة، ورسخ في العقائد دين الانقياد لهم والتسليم، وقاتل الناس معهم على أمرهم قتالهم على العقائد الإيمانية، فلم يحتاجوا حينئذ في أمرهم إلى كبير عصابة بل كأن طاعتها كتاب من الله لا يبدل ولا يعلم خلافه"[12] ،كما عد الكواكبي التوريث المتذرع بالدين من أشد أنواع الاستبداد فقال:"وأشد مراتب الاستبداد التي يتعوذ منها الشيطان هي حكومة الفرد المطلق،الوارث للعرش،القائد للجيش،الحائز على سلطة دينية"[13]،ولذلك لا نتحرج من القول بأن الثورة التونسية على نظام بن علي الذي قام على"مسوغات حداثية" ستعتبر أسهل من الثورة على أنظمة مستبدة قائمة على سلطة دينية تدعي حماية حمى الملة والدين.

2.التغلب والإكراه

قال الإمام أحمد : "أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم- والاقتداء به وترك البدع (...) والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين والبر والفاجر، ومن ولي الخلافة فاجتمع الناس عليه ورضوا به، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة، وسُمِّي أمير المؤمنين والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة والبر الفاجر لا يُترك"[14]،وزاد عليه الباجوري بما يمكن أن نعتبره وصفة جيدة لتخريج أمثال شاه إيران وبن علي وحسني مبارك والقذافي وأمثالهم؛ فذكر من طرق تعيين الحاكم:"وثالثها: استيلاء شخص مسلم ذي شوكة متغلب على الإمامة ولو غير أهل لها كصبي وامرأة وفاسق وجاهل،فتنعقد إمامته لينظم شمل المسلمين،وتنفذ أحكامه بالضرورة"،وكل هذه"الاجتهادات" تتعارض مع منهاج القرآن الكلي القائم على العدل،والداعي الناس إلى عدم الركون إلى الذين ظلموا خشية أن تمسهم النار(ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار)[15]،والكثير من العلماء شر|َعوا العدول عن حرية الاختيار إلى أشكال التوريث والتغلب- في نظرهم- بحكم الضرورة الداعية إلى الحفاظ على الوحدة وحقن الدماء ودرء الفتنة، إلا أنهم في الحقيقة بالغوا في التحرز والاحتياط بما أدى إلى ظهور فتن عظيمة لم تكن تخطر لهم على بال؛ كالوقوع في حبائل الاستعمار القديم والجديد،والانحطاط الحضاري،والتأخر العلمي،وإزاحة الشريعة عن مواقع التشريع ،والاستلاب والتبعية وفقدان استقلالية القرار الاقتصادي والسياسي،وتفكك المجتمعات العربية والإسلامية إلى شيع وأحزاب متناحرة نتيجة لغياب ثقافة الحرية والتدبير السلمي للاختلاف،وهو غياب أنتجه فقه التغلب والاستبداد،فشاعت في الشعوب العربية والإسلامية أخلاقيات النفاق والأنانية وإيثار العافية والمصلحة الشخصية وسلوكيات الرشوة والمحسوبية والغموض والتقية بدل الوضوح والشفافية والصدع بكلمة الحق.

ولقد ضاعت مع التغلب كل قيم الحرية التي جاء بها الإسلام وافتداها الأنبياء والعلماء والمصلحون بأرواحهم،وأَعْظَمَ الفاروق عمر النَّكير على المستبدين الذين راموا حرمان الناس من حرياتهم فخاطبهم قائلا:"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار"،وذكر الحسين جلاديه بأن حريتهم تمنعهم من سفك دمه الطاهر"إن لم تكونوا أحرارا في دينكم فكونوا أحرارا في دنياكم" ،فلم يكونوا أحرار في دينهم بفعل الاستبداد الذي تذرع بالعقيدة الجبرية الدينية،وتذرع بأحاديث نبوية- لها سياقها الخاص- تطلب من الناس تقديم طاعة مطلقة للحاكم،في غفلة عن القيام باستقراء كلي لأحاديث السمع والطاعة، فبعضها يَنُص ظاهرها على وجوب بذل طاعة مطلقة للحكام سواء عدلوا أم ظلموا كالحديث المروي عن عبد الله بن مسعود: "إنها ستكون أثرة وأمور تنكرونها، قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم، وتسلون الذي لكم"[16]، وفي الحديث الآخر عن عوف الأشجعي: "ألا ومن له وال فيراه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزع يدا من طاعة"[17]، وبعضها الآخر ينص على طاعة مشروطة ومقيدة: فروى ابن حبان عن أبي سعيد الخدري عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: "من أمركم بمعصية فلا تطيعوه"[18]، وفي الحديث الآخر عن علي: "لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف"[19]، وفي الحديث الآخر : "ليأتين عليكم أمراء يقربون شرار الناس، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها، فمن أدرك ذلك منكم فلا يكونن عريفا ولا شرطيا ولا جابيا ولا خازنا"[20]، والثابت في قواعد الأصول أن المطلق يُحمل على المُقيَّد،فلا طاعة مطلقة لحاكِم،ولا أنفع في لجم هوى الحاكم من الفصل بين السلطات وتمتيع القضاء باستقلال حقيقي.

3.الظلم في القسمة وتوزيع الثروات

أول تأسيس للسياسة المالية الظالمة اقترن بالانقلاب على الحكم الرشيد،وتوسل بكلمة حق أريد بها باطل وهي"المال مال الله" ،والغرض البعيد هو الخوض في أموال الشعوب بلا حسيب ولا رقيب،ولذلك واجه أبو ذر تلك الكلمة –التي يؤمن بها ويضعها في موضعها- بكلمة أخرى مؤداها: "أن المال مال المسلمين"، كما ندد سعيد بن المسيِّب بتلك السياسة المالية الظالمة للمستبدين لما رأى ارتفاع مؤشرات الفساد،فيروى أنه مر به رسول لبني مروان فقال له سعيد: من رسل نبي مروان أنت؟ قال: نعم، قال سعيد: كيف تركت بني مروان؟ قال: بخير، قال سعيد: تركتهم يُجيعون الناس ويُشبِعون الكلاب"[21]،ولما ولي الراشد عمر بن عبد العزيز انتقد بشدة سياسة سلفه المالية وعمل على تغييرها فقال لسليمان بن عبد الملك:" لقد رأيتك زدت أهل الغنى وتركت أهل الفقر بفقرهم"،وخطب الناس يوما على المنبر فقال:" وددت أن أغنياء الناس اجتمعوا فردوا على فقرائهم حتى نستوي نحن وهم وأكون أنا أولهم" ،إلا أن المؤامرات لم تمهله فمات مسموما،وظلت أماني تحقق الكرامة والحرية والعدل في الحكم والقسمة مكبوتة في النفوس،يمنع الناس من النهوض لطلبها تحالف السلطة والمال والأمن،نعم كانت تظهر بين الحين والآخر مطالبات لم يكتب لها الدوام؛ لأنها لم تتبنها جبهة شعبية عريضة،وعندما كانت نخبة العلماء والمفكرين والمصلحين تتقدم بها لا تجد الأنظمة مَشقّةً في الفتك بها.

   ومن عجيب ما ذكره الإمام الزمخشري في تفسير قوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم،فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول"[22] هو ربطه بين التغلب ونهب المال العام،فقال:" لما أمر الولاة بأداء الأمانات إلى أهلها وأن يحكموا بالعدل، أمر الناس بأن يطيعوهم وينزلوا على قضاياهم. والمراد بأولي الأمر منكم: أمراء الحق؛ لأن أمراء الجور الله ورسوله بريئان منهم، فلا يعطفون على الله ورسوله في وجوب الطاعة لهم، وإنما يجمع بين الله ورسوله والأمراء الموافقين لهما في إيثار العدل واختيار الحق والأمر بهما والنهي عن أضدادهما كالخلفاء الراشدين ومن تبعهم بإحسان... وأمراء الجور لا يؤدّون أمانة ولا يحكمون بعدل، ولا يردون شيئاً إلى كتاب ولا إلى سنة، إنما يتبعون شهواتهم حيث ذهبت بهم، فهم منسلخون عن صفات الذين هم أولو الأمر عند الله ورسوله، وأحق أسمائهم: اللصوص المتغلبة"[23]،هؤلاء اللصوص الذين لا يطلع الشعب على حساباتهم المحمية بأرقام سرية في البنوك الأجنبية إلا بعد حلول ساعة الخلاص منهم،ولذلك عد الكواكبي من طبائع الاستبداد"أنه لا يظهر فيه أثر فقر الأمة ظهورا بينا إلا فجأة قُرَيْب قضاء الاستبداد نحبه"[24]،ونَبَّه على أن"حفظ المال في عهد الإدارة المستبدة أصعب من كسبه"[25].

إن نهب المال العام وتبذيره نازلة جماعية تقتضي فقهاً يتجاوز ما تقتضيه النوازل الشخصية من حجر القضاءعلى السفهاء والمبذرين والمفلسين والصغار بمقتضى الآية الكريمة "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم"[26]،وذلك التجاوز لا يتأتى أولا إلا باعتبار نهب المال العام"علة اجتماعية اقتصادية سياسية مُوجِبة لمنع كل من يبدو منه سفه من التصرف في أموال المسلمين،ولو كان العرف والقانون يحكم بأنها أمواله"[27]،ويضع ممثلو الشعب الحقيقيون آليات للرقابة والبحث عن مصادر الثروة ووجوه صرفها،وثانياً: باعتبار الفساد المالي في الوسط الحاكم علة تنضاف إلى الفساد السياسي تسقط كل حاكم عن مرتبة الشرعية،وتجرده من حق طاعة الشعوب التي بدأت فعلا تسلك في أوج ثوراتها نهج"العصيان المدني"،نزولا عند الأمر الإلهي "ولا تطيعوا أمر المسرفين"[28]،ومن بديع صنع الله في هذه الأيام العظيمة التي شرفت بنهوض الأمة كلها لتقول كلمة حق أمام سلطان جائر،أن منحنا دلائل إيضاح للصفات الفرعونية التي ذكرها القرآن الكريم،فتجسدت في فرعون مصر المخلوع"حسني نبارك" ،وإن أمام الشعب المصري العظيم مهام كبيرة للتخلص من تراث الفرعونية الثقيل،ولنكتف بالعرض العابر لجوانب من هذا التراث واضعين نصب أعيننا عصابة النظام المصري السابق:

- الطغيان :وهو مجاوزة الحد في الظلم،والعلو والاستكبار،أي الفساد السياسي:"اذهب إلى فرعون إنه طغى"[29] ، "إن فرعون لعال في الأرض"[30]

-الانفراد بالرأي والاستبداد: "قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى"[31]،ومن مصاديقه المعاصرة حجب القنوات عن نقل الحقيقة وقمع الصحافة والتضييق على الإعلام.

- الإسراف ونهب المال العام وتبذيره؛أي الفساد المالي:يصف القرآن الكريم فرعون فيقول"وإنه لمن المسرفين"[32] و"إنه كان من المفسدين"[33]،ودونك ما كشف عنه من تراوح ثروة آل مبارك بين الأربعين والسبعين دولارا ليعيش قرابة الأربعين في المائة من الشعب المصري تحت خط الفقر.

- القتل والتعذيب:"وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبناءكم"[34]،ولقد بدأت تقارير المنظمات الحقوقية وشهادات الضحايا تتوالى مؤكدة على تحول التعذيب إلى سياسة ممنهجة في السجون ومخافر الشرطة،وعلى تفشي القتل بطريقة سادية ؛إذ شاهد العالم كيف اخترق الرصاص الحي صدور المحتجين والآمرين بالقسط من الناس، وكيف كانت شاحنات وسيارات الأمن المصري و"بلطجيته"تدوس على المتظاهرين في الساحات والشوارع والأزقة والطرقات.

- قلب الحقائق وتلفيق التهم والتشويه:لقد بلغ فرعون قمة الاستخفاف بعقول الناس عندما حذرهم من موسى وهو نبي مرسل من الله،وحجته كما حكاها القرآن الكريم على لسانه "إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد"[35] فأي دين هذا الذي خشي فرعون تبديله من موسى،إنه دين الاستعباد والانقياد وتلذذ المستعبدين بالخضوع ،وهذا شأن الفراعنة في كل وقت مع المعارضات الشريفة،اتهامها بإثارة الفتن والقلاقل وزعزعة الاستقرار،وعن نفس المنطق الفرعوني صدر فرعون مصر/مبارك عندما برر عدم تخليه عن الحكم بخشيته من الفوضى وتسلم"الإخوان" مقاليد الحكم،أما إرسال قوات الأمن بلباس مدني والقتلة والمجرمين للاندساس في صفوف الثوار لشق صفوفهم والتنكيل بهم فليس من الفوضى في شيء.

ثالثا:الثورة والغضبة لله والمستضعفين

قبل عشرين عاما كتب الأستاذ عبد السلام ياسين قائلا:" يكون الغضب الفطري البشري على الظلم، الغضب المختزن في نفوس المحرومين، الطاقة الفاعلة التي تحمل في ثناياها المبعثرة إمكانيات الثورة"[36]،وقبل ذلك في حوار له مع النخب قال:" إن الثورة الإسلامية لا تعني العنف والانتقام - ولكنها لا تعني كذلك الأخلاقية الخائرة المبلدة - بل إن الثروة الإسلامية تعني جهادا منظما وفق قانون مضبوط: عدالة ذات أسس أخلاقية مَرضية تنسجم وسائلها مع غاياتها، تضحيات مبذولة عن رضى وطواعية وجهود مصروفة لتسود المساواة الإسلامية الأصلية. لا بد من تغيير الأوضاع الراهنة وإلا فهناك خطر الوقوع في المنزلق الحتمي أو التعنت الذي لا يقل عنه خطرا. ويوما ما سينفجر الحقد الطبقي الذي يزداد تأججا خلف المظاهر الخادعة والانضباط الكاذب... وسيكون الإسلام وقتئذ قد حذر بجلاء، ووضع الحقائق القاسية المرة أمام أعين أساتذة السياسة من حكامنا والمعارضين المتواطئين معهم الذين يحترفون تزوير الحقائق"[37] و"بما أن الإسلام في عصرنا وقبله استعمله الظالمون ويستعملونه لإسكات صوت المظلوم الجائع الضائع، وإلهاء العامة عن المطالبة بالإنصاف"[38]، تساءل "كيف نزحزح عن أكتافنا وزر التهمة بأن الإسلاميين، ككل المؤسسات الدينية، كتائب في جيش الثورة المضادة، لا سيما إن سكتنا عن الهم الذي يُلهب الأكباد، أو اكتفينا بالتنديد اللفظي الهياب"[39]،ودعا في وقت مبكر إلى أن تحتل الاعتبارات التفصيلية لغضب المستضعفين مكانها في فكر الحركة الإسلامية وشعاراتها وتخطيطها لتعبئة الأمة[40]، لأنها تمثل في المجتمعات العربية والإسلامية القوة المعارضة الأكثر تنظيما ،والأوسع قاعدة شعبية،فتتكلم"لغة الخبز اليومي والأجور، والصحة، والسكن، والمدرسة، والكرامة، وتفصل كل هذا لرجل الشعب، المستضعف القاعدي تفسر له لِمَ يجب أن يغضب، وكيف ومتى، ومع من"[41].

إن هذا الغضب للمستضعفين حافز معتبر وأسمى منه الغضب لله،فيتفرغ القلب لعبادة الله وتأليهه وحده عندما يتفرغ من شواغل الرزق وذلك بأن يحصل الإنسان على كفايته و سبيلها هو العدل في القسمة،ومن شواغل القهر والاحتقار بأن يحصل على حريته وكرامته وسبيلهما العدل في الحكم،و"ينبغي أن لا نكون من البلادة بحيث ننتظر قومة مجردة للحافز السامي وحده، ولا أن نكون من السطحية بحيث نترك الحوافز الدنيا تقود المعركة، المحسنون المتجردون لله قلة عددا، والعضل اللازم للقومة غذاؤه الغضب الطبعي"[42]. ومهمة أبناء الحركة الإسلامية هي "أن يحقنوا العضل الشعبي بجرعات إيمانية. وبلقاء الحافزين، وبقيادة الاعتبار الإحساني، وهيمنته، وجدارته وقدرته على ضرب المثال، نرتقي بالحركة عن مستوى الغضب الجماهيري إلى مستوى القومة لله"[43] ،وإلا ستفقد الحركة الإسلامية مبرر وجودها أصلا،وإذا كان برنارد غروتويزن قد قال وهو يؤرخ للثورة الفرنسية:"إن الشعب وحدة لا يزال علينا أن نحققها بحيث تتكون من جميع الميول المختلفة إرادة واحدة"[44]،فإن الحركة الإسلامية مدعوة إلى الانفتاح على جميع الحساسيات والمشارب الفكرية والسياسية،والتحلي بأخلاقيات الوسع الفكري لتلتحم مع شعوبها ،ولتفوت على دوائر الاستكبار العالمي فرص عزلها عن الحركية العامة للمجتمعات الحرة،ولتنتصر- بالتالي- في صراع الإرادات ذي الإشكالية الثلاثية الأضلاع:

-إرادة دولية ترى في الدكتاتوريات والاستبداد ضماناً لمصالحها،وتُداري رؤيتها تلك بخطاب منافق عن الديموقراطية وحقوق الإنسان،وتصريحات تُخَفِّض من سقف المطالب والشعارات التي رفعتها الشعوب العربية والإسلامية في ثوراتها المباركة.

-وإرادة أنظمة حاكمة مستبدة تواجه المطالب الشعبية بقوة الحديد والنار،وعندما يخونها الحول تلجأ إلى الحيلة فتروم الالتفاف على المطالب الشعبية،وإجهاض الثورات.

-إرادة شعبية تنبثق قوتها من قوة الله،وتَصدُر عنها دساتير شعبية لا ممنوحة،وتمتلك قرارها بيدها،وترغم النخب والمعارضات بجميع مشاربها الفكرية والسياسية والأيديولوجية على الجلوس إلى مائدة حوار لا يقصى منه أحد لبحث سبل تجاوز الأزمات وحل المشكلات،واقتراح الحلول والبدائل،وتُصَعِّب على الأجنبي التدخل،وشعبيتها مظهر من مظاهر اللطف الإلهي الذي ينتصر به الله تعالى للظالم من المظلوم، ولا يبقى إلا الحرص على أن تكون الثورات "محكمة، محكومة، مملوكة، موجهة وجهة الحق لا وجهة الغضب والانتقام. هذا يريد جهادا أكبر: سابقاً ومواكباً ولاحقاً ؛ جهاد النفس وتربيتها"[45]، حتى لا يندس المجرمون و"البلطجية"،بعد ذلك،وفي سبيل الله والمستضعفين لا يبالي القائمون والثوار إن وقعوا على الموت أو وقع الموت عليهم.

zqaqimak@yahoo.fr

_____

الهوامش

 [1] مسند الإمام أحمد، 6/ 384. [2] ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، 2/ 155

 [3] الباقلاني،الإنصاف [4] ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، 1/ 624- 625.

 [5] الإمام الجويني، غياث الأمم، ص: 124. [6] فاطمة خليل، رسائل أبي علي اليوسي (الرسالة الثالثة) 1/ 249

 [7] ابن الأثير، الكامل، 4/ 156- 157 [8] تاريخ خليفة بن خياط ص 214

 [9] أمالي القالي 2/175 [10] تاريخ خليفة بن خياط ص 213- 214

 [11] تاريخ الطبري 3/288 [12] المقدمة ص 159

 [13] الكواكبي،طبائع الاستبداد،ص 14 [14] أبو القاسم الطبري، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، 1/ 160.

 [15] هود/113 [16] ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل، 2/113.

 [17] المصدرنفسه [18] علاء الدين الفارسي، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان، باب طاعة الأئمة، 7/44

[19] نفسه [20] نفسه

 [21] الذهبي، تذكرة الحفاظ، 1/ 54- 55. [22] النساء/

 [23] الزمخشري،الكشاف [24] طبائع الاستبداد،ص 75

 [25] نفسه [26] النساء /

 [27] عبد السلام ياسين،في الاقتصاد،ص 42

 [28] الشعراء/151 [29] طه/24

 [30] يونس/83 [31] غافر/29

[32] يونس/83 [33] القصص/4

[34] الأعراف/141  [35] غافر/26

[36] الإسلام والماركسية اللينينية ص 8

[37] حوار مع النخبة المغربة ص 22

[38] الإسلام والماركسية اللينينية ص8  [39] نفسه

[40] المنهاج النبوي تربية و تنظيما وزحفا ص 372  [41] نفسه

[42] نفسه  [43] نفسه

[44] فلسفة الثورة الفرنسية،ص 6  [45] نفسه

=======================

هكذا سقطت الانظمة وهكذا ستنهار البقية..

د. محمد احمد جميعان

ان سقوط النظام المصري له تبعات لا يمكن تجاوزها ، وله تداعيات لا يمكن توقعها، لا سيما انه جاء بعد سقوط نظام آخر تشاطر معه وتقاطع في المنهجية ومحور التوجه ومرتكزات السقوط ، ناهيك عن الاجواء الملتهبة والتي ستبقى قابلة للانفجار والاندفاع في اكثر من مكان والى اجل غير مسمى .

 وقد ارتكز كلا النظامين في سقوطهما على اساسي الفساد والنفاق؛ فساد نخر في مفاصل ومؤسسات ورموز كلا النظامين ، ونفاق حتى الثمالة يتصاعد طرديا مع ارتفاع حومة الفساد والخوف من مكافحته ، فساد ونفاق وازلام حملوه ليعززوا به الفقر والجوع والقهر والتكميم والسياسة الخارجية التابعة المجيرة والمعروفة للجميع، حتى طار الصواب وهاج الوجدان واشتعلت الرؤوس تازيما اختمر في النفوس وتفاعل في العقول ، فاندفع الناس في قرار باطني جمعي لرفع الظلم وتحطيم مظلة الفساد والافساد وقهر المنافقين الذين مثلوا على الشعوب كلاما تماما كما باعوا على الانظمة زيفا وغرورا .

 ربما الثمالة هو التعبير المناسب لمن يغرق في النفاق حتى اذنية ، وهو يرى الفساد يغرق به الوطن حتى ينخر فيه ، ليصل به الاسفاف ان يضرب ظهر الحائط بكل من حوله من اجل ارضاء نفسه ورغباته و الحفاظ على مكتسباته ، ولا يلتفت بما يقال عنه ، ما دام ذلك يحقق مصالحه واهدافه وبقائه الموهوم وتفاهاته ..

الثمالة هي حالة الاغراق في المسكرات حتى يفقد الانسان عقله ، ويترنح يمينا وشمالا وهو لا يدرك ما يجري معه سوى انه في حالة نشوة غائبة عن الصحيان، يفعل كل ما يريد ، يتخبط ، يتمتم ، يضحك ، يبكي ، يصرخ ، يفعل كل شيء حتى يصل به ان يخلع بنطاله او سرواله الداخلي ليغطي به راسه المكشوف من المهازل والفساد والنفاق .

يلتقي الفساد والنفاق معا ، يجمعهم الهدف والمصير في حالة النخر والثمالة وكلا يخدم الاخر ليخدم نفسه في نهاية المطاف ، وكلا يتبادل الادوار مع الاخر ، وكلا مكشوف للاخر ، ولا صحة لمن يدعي جهلا او قصدا ان احدا مخدوع بالاخر ، بل كلا من الفاسد والمنافق يكمل دور الاخر ، وكلا يشرب من كاس واحده، ويتنادمون في ليلة واحدة استغفالا للشعوب المقهورة والمظلومة، وهم في حالة استرخاء بانهم يضحكون على الذقون ، وعلى الشعب المسكين .

لست مع من يبرر للفاسد فساده ، فقد مللنا اسطوانة البطانة المنافقة ، وسئمنا الوعود الزائفة ، وضجرنا اساليب التجويع والترويض، ولم تعد تنفع،بعد ان جعلنا منها سكوك غفران وبراءة للفاسد والظالم والقاهر ، وحقيقة الامر ان لا صغيرة ولا كبيرة الا تمر تحت قدميه وقلمه او امره الشفوي ، او غمزة عينه ، او رضاه ومباركته بشكل او بآخر..

الفاسدون همهم البقاء للحفاظ على مكتسباتهم ، والمنافقون يمارسون صنعتهم خدمة لانفسهم ،لادامة تدفق نبع المال والسلطة لهم ولابنائهم واحفادهم ، وبذلك يحافظون على مصالحهم ، وهم غارقون بالفساد جمعا وقصدا وعمدا وسبق اصرار، وما الخاسر سوى الوطن المنهوب والشعب المغلوب ، والنخب المخدوعة الذين يجهدون وقتهم بالتحليل والتنظير هل البيضة مسؤولة ام الدجاجة ، يبررون تارة ويلعنون تارة اخرى ...

المنافقون لن يعدمون الوسيلة في تلميع الفاسد والمحافظة عليه ، حتى ولو كان ذلك بالبلطجة والقتل والتشويه والتدمير وما مصر وتونس عنا ببعيده، التي ابصرنا من خلالها كيف يحافظ المنافقون على الفساد واهله .

ولن يعجز الفساد امره ، من تسخير الاخرين لتغطيته عبر المنافقين وادواتهم، فهم يملكون القدرة والسلطة والمؤسسات والسطوة والمهارة في استغفال الاخرين وخداعهم ، حتى ولو قارب النظام على السقوط ، ففي ذروة ضعف النظام المصري، عندما ادخل غرفة الانعاش في نزاعه الاخير امام هدير الحناجر والمتظاهرين، استطاع ان يسخر ويخرج مسيرات صاخبة بالالاف في اكثر من محافظة، وهي تهتف تاييدا للنظام وفساده في مواجهة الشرفاء الثوار بالحجارة والبهائم والسكاكين والرصاص، ولكن الفساد والنفاق فشل في الاستمرار وسرعان ما بهت وسقط وانسحب فالحق يعلو ولا يعلى عليه، وهو حال الفساد والنفاق فلا يستطيع ان يثبت امام الحق والمصير .

وكلما اقترب الفاسدون من الغرق ، كلما عظم تخبطهم وتنازلاتهم، واشتدت معه حدة المنافقون واساليبهم للحفاظ على مصالحهم وسحتهم والحرام الذي جمعوه بغير وجه حق ، وسوف يتصاعد نشاطهم طرديا، كما راينا اساليبهم البذيئة، ولن يتورعوا من استخدام كل المحرمات حتى لو بالتجني والافتراء والعهر المكشوف .

ولكن الحقيقة التي تعمى بها ابصارهم ، انه كلما زاد ارتعاد الفاسدين كلما زادت حماقة المنافقين سعيرا ، كلما صحى الشرفاء وارتفع صوتهم وازداد عدهم وعددهم وجمعهم وحيلتهم وانفاسهم قوة فانفاس الرجال تحيي بعضها بعضا ، عندها سنرى الاغلبية الصامته تتخطى حاجز الانتظار والتردد ليقولوا كلمتهم واضحة عالية ، ان لا للفساد ولا بد من محاربته بارادة وعزيمة واعادة الحقوق لاهلها كاملة غير منقوصة، وهذا هو ما جعل المصريون يخرجون عن بكرتهم عندما شاهدوا المنافقين يجاهرون بنفاقهم وسطوتهم مما عجل في سقوط النظام .

ان رؤوس النفاق لهم القدرة على جمع غيرهم من البسطاء والطيبين وغيرهم من المخدوعين الذين لا ناقة لهم ولا جمل سوى لحسة او صرة او وعود كاذبة او طبطبة على كتف او كلمة بها طراوة وحلاوة من علية القوم ومؤسساته، وقد راينا بعض هؤلاء الذين القي القبض عليهم من قبل الثوار وهم يسردون كيف غرر بهم ودفعوا الى ما لا يريدون بدراهم معدودة ووعوده مؤجلة للابتزاز .

هؤلاء المخدوعين هم من نحزن عليهم ونخاطبهم على مر الاجيال والسنون ان لا تكونوا حصان طرواده يمتطيه المنافقون للحفاظ على الفساد واهله خدمة لمصالحهم، وانتم لا مصلحة لكم سوى الوهم والوعود المعسولة ..

واذا كان لنا من الراي للانظمة التي ترغب بالبقاء ، فان القول واحد في ابعاد النفاق واهله ، واعتماد الاصلاح الحقيقي ورجاله من اجل اقتلاع الفساد واستعادة الحقوق كما يجب دون مواربة وتلكؤ ومراوغة ، ليعاد برمجة العقل الجمعي بما يريح النفس ويهدأ له البال ، ونضع اسس سليمة لبناء المستقبل المضيء الذي يتبرأ من النفاق والفساد وازلامه ..

drmjumian@yahoo.com

=====================

هل تقبل أمريكا بديمقراطية تقود لوصول الإسلاميين للسلطة في المنطقة العربية؟؟؟

وليد المشرفاوي

برز دور العامل الخارجي كمؤثر في التحول السياسي الديمقراطي في العالم أو في المنطقة العربية على نحو الخصوص ومن بين هذه العوامل :التحولات في الاتحاد السوفيتي وبقية بلدان أوربا الشرقية ,وثورة المعلومات والاتصالات ,وموجة الديمقراطية الثالثة,على الصعيد العالمي ,وتمدد المجتمع المدني العالمي وتنامي دور منظمات التمويل الدولية واتساع ظاهرة العولمة بإبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.إن انهيار نظام الحزب الواحد في الاتحاد السوفيتي عام(1991) وبقية بلدان شرق أوربا , واتجاه هذه الدول نحو تبني أشكالا من الديمقراطية الليبرالية واقتصاد السوق ,قد افقد نظام الحزب الواحد شرعيته السياسية والأيديولوجية في بلدان عالم الجنوب ومنها عدد من الدول العربية التي كانت قد أخذت بهذا النظام اقتداء بتجربة الاتحاد السوفيتي ولما انهارت هذه التجربة في دولة الأصل فقدت مبرر استمرارها في الدول الكبرى , كما إن تمدد ما يعرف ب(المجتمع المدني العالمي) المعني بحقوق الإنسان , شكل نوعا من الضغوط النسبية على النظم التسلطية في المنطقة العربية وغيرها من مناطق العالم , وذلك من خلال ما تنشره هذه المنظمات من تقارير وما تشنه من حملات ضد انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها هذه النظم , وبغض النظر عن أساليب تعامل النظم السياسية العربية مع تقارير وأنشطة المنظمات ألا إن هذه النظم لم تعد قادرة على تجاهل دورها المتنامي , أي-دور منظمات المجتمع وقراراتها أو أنشطتها- كما كانت تفعل في السابق ,الأمر الذي أسهم في دفع بعضها إلى اتخاذ خطوات ولو جزئية من اجل تحسين سجل حقوق الإنسان. وبخصوص موجة التحول الديمقراطي على الصعيد العالمي وبعيدا عن أطروحات (نهاية التاريخ وصدام الحضارات ) يمكن القول إن هذه الموجة جعلت من الديمقراطية بالأشكال المتعددة لتطبيقها هي النظام الوحيد الذي يحظى بالشرعية على الصعيد العالمي وبخاصة إن هناك مجالا واسعا لتكييف التطبيق الديمقراطي مع الخصوصيات الثقافية والحضارية للشعوب والدليل على ذلك هو انتشار الديمقراطية في مناطق عديدة من العالم مختلفة اختلافا بينيا من حيث ثقافتها .وإزاء هذا التحول على الصعيد العالمي ,لم تعد النظم السياسية العربية قادرة على تجاهل هذه الحقيقة وخاصة مع تزايد الانتقادات الموجهة لهذه النظم باعتبار أنها تمثل استثناءا في إطار موجة التحول الديمقراطي على الصعيد العالمي, ما أسهم في دفع بعضها إلى التحرك على طريق التعددية السياسية والانفتاح السياسي وان كان بأسلوب خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الخلف, وعلى الرغم من الآثار المهمة التي أحدثتها وتحدثها ثورة المعلومات والاتصالات في التأثير على النظم السياسية العربية وعلى ذهنية وتفكير الشعوب في المنطقة العربية فانه يتعين عدم المبالغة في تقدير انعكاسات هذه الثورة على إمكانات الإصلاح الديمقراطي في المنطقة العربية وذلك لأسباب عدة أهمها: ارتفاع معدلات الأمية واتساع نطاق ما يعرف (بالفجوة الرقمية) في شتى المجالات بين المنطقة العربية وغيرها من مناطق العالم. من المؤكد إن قضية الديمقراطية لم تأت قط ضمن أولويات السياسة الأمريكية في المنطقة العربية في مرحلة ما قبل أحداث أيلول 2001 بل إن للولايات المتحدة الأمريكية سجلا طويلا في دعم ومساندة النظم السياسية التسلطية , وقد اقترن ذلك بعوامل عديدة منها: محاربة المد الشيوعي في المنطقة وسهولة التعامل مع نظم سياسية غير ديمقراطية تقوم على شخصية (الزعيم أو القائد –الملك) وغياب قواعد واليات للمساءلة والمحاسبة , خاصة ما يتعلق بتمرير القرارات ذات الصلة بالمصالح الأمريكية في النفط وصفقات الأسلحة وإقامة القواعد التسهيلات العسكرية فضلا عن توجس الإدارات الأمريكية المتعاقبة من احتمال أن تؤدي الديمقراطية إلى وصول حركات إسلامية إلى السلطة أو تعزيز دورها على نحو ما كان أن يحدث في الجزائر في مطلع تسعينات القرن العشرين,كل ذلك وغيره يجعل السياسة الأمريكية إزاء قضية الديمقراطية في المنطقة تعاني معضلة عدم المصداقية , فعلى الرغم من الحضور المكثف لقضية الديمقراطية العربية في الخطاب السياسي الأمريكي في مرحلة ما بعد هجمات أيلول(2001) إلا إن توجه الولايات المتحدة بهذا الخصوص يفتقر إلى المصداقية وذلك في ضوء خبرتها التاريخية في التعامل مع هذا الملف إذ إن لها سجلا طويلا في دعم ومساندة النظم السياسية الشمولية الدكتاتورية في المنطقة, كما إن هناك الكثير من الهواجس بشأن دورها الحالي بهذا الخصوص الذي يمكن تلخيص بعضها في عدد من التساؤلات تشكل الإجابة عنها احتكاك عملي لمدى جدية ومصداقية الولايات المتحدة الأمريكية في تبني قضية الديمقراطية في المنطقة العربية , فهل ستقبل أمريكا بديمقراطية تقود إلى وصول حركات إسلامية للسلطة في المنطقة العربية عبر صناديق الاقتراع؟؟ وهل ستقبل وجود الديمقراطيات في المنطقة العربية يخضع فيها الحكام للمساءلة والمحاسبة والمراقبة من قبل برلمانات قوية ومنتخبة وإعلام حر مستقل ورأي عام فاعل ومؤثر وتقوم باحترام إرادة الشعوب عندما تقول (لا) بشان القواعد والتسهيلات العسكرية وصفقات الأسلحة وغير ذلك من المصالح الأمريكية في المنطقة .في ضوء ما سبق يمكن القول إن الحالة الديمقراطية التي تنشدها الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة هي ما يتوافق مع مصالحها خاصة وان هذه المصالح مرتكزات أساسية لتعزيز الدور الأمريكي على الصعيد العالمي وبالذات في ما يتعلق بالتعامل مع القوى الكبرى في النظام الدولي.

========================

من سِيدي عامود سورية إلى سِيدي بوزيد تونس، وصَلنا نداؤكم

بدرالدين حسن قربي

الزمان ثلاث ساعات من ظهيرة يوم الخميس 17 شباط/فبراير 2011 ، والمكان إن سألت عنه فهو في جوار بقعة دمشقية مباركة يرقد على جنباتها بعض أكرم الخلق وأطهرهم. فإن قصدت الأنبياء فمنهم يحيى عليه السلام (يوحنا المعمدان)، وإن أردت كراماً فهو صلاح الدين، وإن أردت أبراراً أطهاراً فهم بعضٌ من آل بيت النبوة الكرام، وإن كنت ممن يحب الصالحين ففيها مقام سِيدي عامود. وإن أردت الكل معاً أصلاً وفصلاً وفخراً فهنا كان التاريخ منذ آلاف السنين وشهودنا أحياء، من أنبياء كرام إلى رجالات عظام إلى مباني ومقابر وآثار وأسواق ومساجد وكنائس وأحياء.

في حي دمشقي عريق اسمه سيدي عامود، كان ماعُرف بحريق دمشق، يوم قصف الفرنسييون الغزاة بأحقادهم ومدفعيتهم شباب الحارة الدمشقية المدافعيين عن كرامتهم ووطنهم، فكان حريقاً كبيراً عام 1925 التهم المنطقة بأكملها، وغطّى الحدث بآثاره على الاسم الأصلي فأصبح الحريقة.

وعليه، فإذا كانت شرارة الانتفاضة التونسية على النظام المستبد فيها انطلقت من سيدي بوزيد بسبب صفعة لعينة من يد شرطية أهانت بها كرامة محمد بوعزيزي صاحب عربة الخضار، وانتهت بعد أيام بأن أشعل النار في نفسه، فاشتعلت من نيرانه نيرانها ورَحَل رئيسها، فإنه من سيدي عامود انطلقت شرارة الغضب السوري عندما دخل شاب بسيارته في السوق لم ير فيه شرطي المرور ممن هو في خدمة الشعب إلا حيواناً رغم أنه من الشعب، فقال له بأدبه الجمّ: امش ياحمار، ورغم أن الشاب ردّ عليه بنفس لغته المهذبة، مما أغضبه فضربه بعصا المرور التي يحملها، مما دفع بالشاب إلى الترجل من سيارته لرد الإهانة للشرطي، غير أن تدخل اثنين من عناصر الشرطة المتواجدين في المكان ومشاركتهما في ضرب الشاب حتى إدمائه بشكل وحشي مهين أشد بشاعة مما فعلته الشرطية التونسية. استغاثة الشاب المدمى عماد نَسَب وهو ابن أحد أصحاب المحلات التجارية في المنطقة بمن حوله وصراخه، ورؤية المواطنين حاله واستغاثته، أدى إلى تجمع المارة والمتسوقين وتجار الحريقة الذين أغلقوا جميعاً محلاتهم ليغدو الأمر تظاهرة عفوية قدّر عددها بأربعة آلاف، ونداؤها: الشعب السوري مابينذل، مخاطبين الشرطة العتاولة: اتركوه، اتركوووه. حضور وزير الداخلية بنفسه ولأول مرة لمثل هذا الأمر، وتدخله ووعده بمحاسبة الشرطة وأخذه الشاب العشريني معه، أنهى المسألة فيما يظن. ولكن هل انتهت المسألة بما فعله وزير الداخلية السوري..!؟ في بعض الجواب نذكّر بما فعله الرئيس التونسي السابق بن علي حينما زار بشخصه ومقامه الشاب بوعزيزي في مستشفاه قبيل وفاته، ووعدَه بما وعده معتقداً أن ابن سيدي بوزيد قد انتهت مشكلته، لنسأل أيضاً: ياتُرى هل خطر ببال الرئيس الراحل وهو من اعتاد قمع مواطنيه وقهرهم بأن مثل هذا الشاب البائس الفقير ممن لايعرفه أحد ولا يُرى عليه أثر معارضة قد أشعل ملكه، وأضرم النار تحت أعمدة حكمه..!؟ بالتأكيد، لم يخطر بباله البتة، لأن يقينه أن ليس لابن سيدي بوزيد أن يهز شعرةً في مفرق رأسه. وإنما لو أنه استدرك من أمره مافات، ورجع إلى سلطانه الزائل، لبادر قبل زيارته بفعل مافعله الناس من بعد هربه بإطلاق الحريات ومساعدة الفقراء والعمل لحل مشاكلهم وملاحقة لصوص الوطن والحجز عليهم، إذاً لكان مصيره غير هذا المصير، ولكن من بعد إيييه، وقد حكمَ فظلمَ فهرب، وقد أصبح في عالم غير عالمنا وقد فات الأوان..!!

وعليه، فإننا بصراً وبصيرةً لانعتقد أن مافعله الوزير السوري قد أنهى مظلومية ابن سيدي عامود، لأن المسألة أعظم من أن تكون ظلامة فردٍ، وأكبر من مكانٍ اسمه الحريقة، ولمن أراد تلافي تأخر فهم الأمور عليه، وتدارك مصير بئيس ماضٍ إليه من غير اعتبار أو عظة، فهم ملايين في دوّامة الظلم والامتهان والتجويع على امتداد الوطن.

إننا نعيد النصح، لمن أراد أن يتدبر مصيره ويتعقل أمره، بأن حالنا أدهى وأمر من الحال التونسي والمصري، وقد رأينا من فضائح فسادهم وقبائح استبدادهم مارأينا، وقد زاد في كريه روائحهم ماانكشف أكثر وأكثر من بعد الرحيل لمن رحل والتنحي لمن اعتزل. حزب حاكم ومجالس شعب تحلّ، تماثيل تُحطّم، وصور في الشوارع والميادين تمزّق، وبالأحذية تضرب، مليارات من اليورو والدولارات والعقارات والشركات للعائلة والقرابات والشخصيات النافذة داخل البلاد وخارجها تُحجز، إطلاق سراح آلاف المعتقلين من سجناء الرأي والفكر من المعتقلات وعودة الناس من منافيهم القسرية والطوعية، وغير ذلك ملاحقات وملاحقات، أولها شرشحة وآخرها بهدلات.

ومن ثمّ، فالاعتقاد بمشروع وطني قومي مقاوم ممانع لازمته الفساد والاستبداد، أنه يمنع الانتفاضة الشعبية ويرجئ غضب الجماهير، لم يعد ينطلي علينا، وشاهدنا مستشارة الرئاسة السورية السيدة بثينة شعبان: هي أن الشعب العربي (السورييون طبعاً عرب) لا ينسى ولا يُهمل، وها هو يُبرهن أنه قد تجاوز حكامه، وحاله يقول: لقد أمهلناهم طويلاً ولم يعد ينطلي علينا أي تصرّف يفرِّط بحقوقنا (الشرق الأوسط 31 يناير 2011 ).

إن الجماهير مع المشروع الخالي من القمع والإرهاب والتجويع والقهر، والقائم على إصلاح ديمقراطي دستوري حقيقي تُطلَق فيه الحريات، ويُوقَف به العمل بقانون طوارئ مضى على إعلانه والعمل به قرابة خمسين عاماً، ويُفك به سراح معتقلي الرأي والفكر والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتوقَف به الملاحقات والمطاردات والإعدامات للمعارضين في الداخل السوري وخارجه، ويُعمل على ضمان حياة حرة كريمة للمواطنين جميعاً، والمحافظة على ثرواتهم وخيرات بلادهم وفي مقدمة ذلك إيقاف النهب ومحاسبة اللصوص والفاسدين.

في بلدٍ فيه مما لا شبه له في بلدٍ من العالمين، حزب البعث فيه هو القائد في الدولة والأمة والمجتمع بنص الدستور، وأقبح معتقلاته ومراكز مخابراته يسمّى باسم فلسطين، مضى على شعبه ومعتّريه قرابة نصف قرن يعيشونها في طاحونة القهر والنهب والاستبداد. في هذا البلد شرارة الانتفاضة من الحريقة انطلقت، وعلى بركة الله تريد الخروج من أسر الفساد والقمع تحركت، روائحها ياسمين شامنا وجوريّ حلبنا، سلامها سنابل قمح جزيرتنا وحوراننا، رسوخها صلابة الزيتون في ساحلنا وشمالنا، ونخوتها من أبي الفداء وابن الوليد راياتنا، وحداؤها الشعب السوري مابينذل نشيدنا.

سنة التاريخ التغيير، اعدلوها وأصلحوا قبل تنحّيكم أو تنحيتكم أو رحيلكم، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبكم الجماهير، وتظهر الفضائح، وما أمر بن علي وأم الدنيا عنكم ببعيد، فهل من مدّكر.

==================

فيتو أمريكي

بقلم : ثامر سباعنه - فلسطن

استخدمت الولايات المتحدة الأميركية الليلة حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار لمجلس الأمن يدين الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس ويعتبره غير شرعي. وسبقت جلسة مجلس الأمن تصريحات أميركية معارضة لأي إدانة محتملة للاستيطان الإسرائيلي في مجلس الأمن, وهو الموقف ذاته الذي كانت تبديه واشنطن في السابق مع أي تحرك فلسطيني أو عربي في هذا الاتجاه.وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في تصريحات صحفية إن التصويت على مشروع القرار سيأتي بنتائج عكسية.!!!!!

تعلمنا من الدنيا ان نجتهد في صنع الحياة، وان نحرص على الانسان والمجتمع، وقرأنا في القانون الدولي عن مفاهيم تتعلق بحقوق الانسان، وبالشرعية الدوليه، ولكننا وللاسف الشديد اكتشفنا زيف هذه المفاهيم ووهم المناداة بها، الأمم المتحدة وجدت لتضبط التعامل بين الدول ولتوقف الحروب وتمنع العدوان، لكن أصبح القرار فيها هو لمن يملك القوة والسيطرة حتى وان ظلم واعتدى، أصبحت مجرد مشرع للظلم والعدوان، وراعي لدول القوة ومساعد لها وحامي مخلص. من حق القوي المعتدي أن يمتلك كل انواع القوة والسلاح سواء الذري أو الكيميائي أو النووي ولكن يمنع لغيره أن يمتلك أي منها، اسرى الحرب والمعتقلين لهم حقوق خطها المجتمع الدولى وتعهد بالحفاظ عليها، لكن كل تلك العهود والمواثيق والقوانين توقفت أمام بوابة معقل غوانتينامو ومنعت من الدخول لتطبق على معتقليه لأن المعتقل لأم القانون والقوة أمريكا.

العراق ضاع تحت الدبابات الأمريكية التي حرثت ارضه لتزرع الحرية والديمقراطية المزعومة! فزرعت بدلا منها الدمار والقتل والتشريد ،الجندي الامريكي محمي وفوق القانون ولا يحق لأي محكمة غير أمريكية أن تحاكمه أو تسجنه حتى وان نفذ جرائم حرب، نساء العراق يغتصبن ويعتقلن في السجون، والعالم المتحضر يطالب بحقوق المر أه متناسيا النساء في العراق وفلسطين وافغانستان.

امريكا التي تتدعى النزاهة في الوساطه في عملية السلام ، تدعي زورا وتلفيقا انها تسعى لاتمام عملية السلام العادله !! لكنها تسعى لاعطاء المعتدي ( اسرائيل) كل الحقوق التي هي اصلا ليست حقوقا له تنما هي حقوق لشعب فلسطين ، ابعد كل هذا نعتبر امريكا وسيطا نزيها!!!!!

أصبح مقياس التعامل مع الجميع هو القوة وأدركت الشعوب والاجيال القادمة من كل شعوب العالم ان الذي يحكم هو القوة وليس الحق والعدل والقانون، وأصبح العالم غابة يحكمها الأقوياء بدلا من مجتمعات متمدنة راقية.

لكن قول الله وقوله الحق الذي لا تشكيك بحكمه: {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} الأعراف وقال سبحانه: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} الأنفال وفي سورة يونس قال تعالى: {وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} {وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} الإسراء. فالحق قادم منتصر وان طغت أمم الفساد ومحاور الشر، الحق هو الحق وسيملك القوة التي تصنع النصر والتمكين بإذن الله.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ