ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 10/02/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

ثورة التحرير في مصر.. المظاهرات لا تكفي

لا بد من قراءة واعية متجددة لجهود إجهاض

الثورة وصياغة واعية لطريق انتصارها

نبيل شبيب

من أعظم عوامل النصر في ثورة التحرير والنصر في مصر الأبية ما عبّر عنه النداء الجماهيري الهادر "سلمية سلمية".. في يومي مواجهة البلطجية التي حسمها يوم جمعة الرحيل المليونية.. ويجب أن تبقى هذه الثورة الناصعة سلمية حتى تحقق أهدافها الجليلة.

ومن أبرز ما أثبتته الثورة منذ أيامها الأولى أن قياداتها الشبابية التي أطلقتها من عقالها منذ تحرّكها على الأرض في إضرابات 6 نيسان/ إبريل 2008م وبلغت بها ذروتها الأولى يوم 25/1/2011م قيادات أوعى سياسيا وأقدر تنظيميا من كثير من الساسة المحترفين و"الزعماء" الحزبيين، في أنظمة حكم مهترئة وأحزاب وجماعات معارضة، بقيت لزمن طويل ملاحقة ومحاصرة، فاستطاعت قيادات الثورة الثبات على ما ثبت عليه الشعب معها: الشعب يريد إسقاط النظام.

 

خطة نظام يحتضر لإجهاض ثورة هادرة

لا يسقط النظام بوعود أطلقها بعد هزيمته في جمعة الغضب أمام الثوار على جسور النيل نحو ميدان التحرير.. ولا يسقط النظام بتنازلات قدّمها بعد هزيمة "أجهزة قمعه" ثم "بلطجيته" قبل جمعة الرحيل..

ولا يسقط النظام بمناورات أطلقها على طريق انسحابه المحتم بتبديل بعض المناصب وملاحقة بعض الفاسدين ودعوات للحوار على طريق التغيير..

إنّ التغيير الثوروي الجذري هو صناعة ما بعد النظام الاستبدادي، فلا يمكن أن ينطوي على "مرحلة" من مراحل سقوطه، ولا يمكن بالتالي أن يشارك أحد من أركانه في عملية إنهاء وجوده، كما تدعو القوى الدولية التي احتضنته، وتطلق على ذلك وصف "نقلة منظمة.. أو دستورية.." أو ما شابه ذلك.

جوهر عملية التغيير هو رحيل نظام فقد مشروعيته المزعومة –وما كان مشروعا من قبل فالمشروعية والاستبداد نقيضان لا يلتقيان- ويجب أن يبقى رحيله هو الهدف الأول قبل أي خطوة تالية من بعده.. إنما لا بد من التحضير للخطوات الواجبة آنذاك.

لقد بدأ النظام المحتضر بإطلاق آخر ما في جعبته كي يكون احتضاره "كريما"، ويستحيل أن يكون في احتضار الاستبداد تكريم فهو الذي انتزع التكريم عن نفسه من قبل..

أو يحاول النظام المحتضر عبر آخر ما في جعبته أن يحقق وهم اليائسين من بقايا أركانه، كي ينجو ببعض جلده من السقوط، فإن استعاد القدرة للوقوف على قدميه فعلا، فسيعود إلى الغدر والبطش والقمع، فما أتقن من قبل ولا يمكن أن يتقن إلا الغدر والبطش والقمع.

ولا بد من صياغة خطة تواجه ما يصنع النظام في فترة الاحتضار، فهو أيضا لا يتحرك عشوائيا بل وفق خطة واضحة المعالم:

1- عروض التغرير عبر ما يسمّيه حوارا وعقد جولات حوار يستجيب لها للأسف فريق من أحزاب المعارضة وجماعاتها ومن الشخصيات المعتبرة بمكانتها الوطنية، والمطلوب أن تقع في حبال إغراءاته لتوظيف نتائج الحوار من "فتات" في صيغة وعود لا يمكن ضمانها ما بقيت للنظام بقية، لمحاولة إحداث ثغرات في الجسد الثوروي الواحد.. على المستوى الشعبي وعلى مستوى قيادات الثورة الشبابية في ميدان التحرير وفي مختلف المدن المصرية..

2- تسيير ما سبق أن عطّله هو من الحياة العامة للمواطنين، كالمواصلات والمصارف والتموين وسوى ذلك مقترنة بوعود إضافية على صعيد رفع مرتبات الموظفين، واستثمارات جديدة لصالح المحرومين، ومحاسبة بعض الفاسدين.. والمطلوب أن يتمكّن من خلال ذلك من إقناع فريق من الجماهير الشعبية بالتوقف عن الاحتجاجات.. عسى يظهر أنّه هو "صاحب النفس الأطول" في ثورة تتطلب الصمود والصبر..

3- التضييق على القلب النابض للثورة في ميدان التحرير والميادين والشوارع المحيطة به، والتظاهر بأن نداء "الشعب يريد إسقاط النظام" لا يصمّ أذني الاستبداد ولا يقضّ مضجعه ولا يؤثر فيه.. فالدولة على ما يرام وستنتقل بهدوء إلى حقبة تالية يتحقق فيها شيء من التغيير ولكن لا يتحقق التغيير الجذري الشامل.. والمطلوب هو: دعوهم يتظاهرون.. وسوف يتناقص عددهم وتعيا حناجرهم وينفضون آجلا أو عاجلا.. وتمضي أثناء ذلك جهود الالتفاف على الثورة من خلال إيجاد صيغ ما للتعامل مع "الساسة المحترفين" من أطياف المعارضة.

 

صياغة طريق الثورة

ما هي صيغة الثورة والثوار بالمقابل؟..

هل يمكن الاعتماد على تكرار رفض مناورات الأحزاب المعارضة سواء في ذلك من أخلص القصد منها أم من بدأ يعمل لحساباته الخاصة؟..

إن كل ما تصنعه هذه المناورات لا يمكن أن يسفر –والثورة في أوجها- إلا عن الإسهام في إضعاف جذوتها، وفي إطالة فترة احتضار النظام، وربما في تمكينه من استعادة بعض قواه المنهارة.. فيعود إلى سابق عهده، ويمكن آنذاك أن تكون تلك الأحزاب والجماعات نفسها من ضحاياه.

هل يمكن الاكتفاء باستمرار المظاهرات المليونية والاعتصامات بأعداد ضخمة في ميدان التحرير وسواه في المدن المصرية الأخرى؟..

لا بدّ لقيادات الثورة من الانطلاق من صيغة عمل لمزيد من أشكال الاحتجاج والتصعيد السلميين لتحقيق التغيير على أرض الواقع وليس في نطاق ما ينقله الإعلام من "مطالب" على ألسنة الجماهير المليونية.

من ذلك على سبيل المثال:

1- توسيع الرقعة الجغرافية للمظاهرات بحيث يتحول الوافدون ألوفا مؤلفة باتجاه ميدان التحرير إلى مظاهرات في أحياء القاهرة الكبرى..

2- الإضراب في قطاع بعد قطاع يوما بعد يوم على صعيد الحياة العامة، كقطاع المحامين، فالأطباء، فالصحفيين، فالعاملين في المواصلات العامة، فالتجار، وهنا يمكن أن تثبت النقابات وأحزاب المعارضة وجودها على أرض الواقع وترتقي بمستوى عملها على أرض الثورة، من خلال جهود مباشرة تبذلها على هذا الصعيد بالتنسيق المباشر مع القيادات الميدانية للثورة في ميدان التحرير.

3- تشكيل لجان من الصحفيين والكتاب والمتخصصين وأخرى من الحقوقيين والمحامين والقضاة لتتولى تلك اللجان توثيق مجرى الثورة وما تصنعه وما يرتكبه النظام وما بدأ ينكشف تباعا من أفاعيله وتعميمها شعبيا داخل مصر، على المنظمات العربية والإسلامية والدولية.

4- مطالبة الأحزاب بأن تسمّي من جانبها من تقترحهم من الشخصيات المستقلة لتشكيل حكومة انتقالية منذ الآن، وتشكيل الإدارات العليا لمختلف الأجهزة الأخرى الضرورية لتسيير أمور الدولة بعد تنحي النظام الفاسد، مع تحديد موعد زمني لتقديم الاقتراحات والتوافق عليها ما بين الأحزاب وبينها وبين قيادات الثورة في ميدان التحرير.. فإذا انقضى الموعد تنطلق الاقتراحات مباشرة من قيادات الثورة في ميدان التحرير.

5- مطالبة القضاة والمتخصصين الدستوريين بالإقدام الآن -وعدم انتظار استكمال سقوط النظام الفاسد- على تشكيل هيئة لصياغة دستور مؤقت جديد بديل عمّا يسمّى دستورا وقد فقد مشروعيته من قبل الثورة بزمن طويل، ولصياغة أهم القوانين التي تنبثق عن الصيغة الجديدة والضرورية لتنفيذ الخطوات الأولى على طريق بناء الدولة الجديدة، كقانون انتخابات وقانون أحزاب، بحيث تكتمل تلك الخطوات في المرحلة الانتقالية، أي في الشهور الأولى فور عودة مصر لشعبها وإنهاء النظام الذي خطفها طوال أكثر من ثلاثين سنة مضت.

6- تشكيل لجنة خاصة من أصحاب الاختصاصات من الشخصيات المستقلة بمشاركة من يكون على استعداد للمشاركة من القوات المسلحة، وممّن سبق تسريحهم من القادة العسكريين الذين يحوزون على ثقة الشعب، لوضع صيغة واضحة المعالم للدور الملقى على عاتق القوات العسكرية في المرحلة الانتقالية حتى تحقق الثورة أهدافها الأخيرة، ثم في نطاق الدولة الوليدة بعد اهتراء النظام الفاسد وزواله.

 

مقدمات البناء في مرحلة الصمود

لقد شاع أو أشيع عن ثورة شعب مصر الأبيّة أنّها ثورة شبابية دون "رأس".. والشعب هو رأسها وجسدها، وذاك من أسرار قوتها ونجاحها، وشاع أو أشيع أنّها تفتقر إلى التنظيم، وتلك من أشنع الاتهامات أو الأخطاء بحق الثورة، فما شهد تاريخ الأمم والشعوب مثل هذه الثورة قدرة على التنظيم السريع من قبل تشكيل لجان حماية البيوت والأسر والممتلكات وعلى امتداد أيام المظاهرات اليومية وتأمين مختلف الاحتياجات للمشاركين بالملايين فيها.. وشاع أو أشيع أنّ الثورة لا تعرف أهدافا محددة بعد سقوط النظام الاستبدادي، وذاك نوع من التشويه فليس من طبيعة الثورة في أي حقبة من حقب التاريخ أن تحدد "تفاصيل" ما سيكون بعد انتصارها، إنما المطلوب تحديد العناوين الكبرى، وقد سبق تحديدها، ويكفي أن يكون العنوان الجامع لها "حرية الشعب وحقوقه" وأن تكون الأهداف الأولى مبينة لسقوط النظام الفاسد فهو العقبة في وجه حرية الشعب وحقوقه، وجميع ما سوى ذلك تفاصيل من الطبيعي أن تتحدد بعد الانتصار وليس قبل اكتماله على أرض الواقع.

إنّما لا يغني ذلك عن تأكيد ضرورة اتخاذ الخطوات المبدئية الممكنة لتحقيق النقلة المطلوبة من نظام فاسد إلى نظام قويم، وفيما سبق بعض تلك الخطوات، التي تبدو ملحّة للحيلولة دون استغلال عنصر الزمن من جانب من يريدون تقويض الثورة بعد اندلاعها أو الالتفاف عليها لتفريغ أهدافها من مضامينها الحقيقية.

ولقد أذهل صانعو الثورة العالم كله بما صنعوا، وباستطاعتهم بإذن الله، اعتمادا على وعيهم، وصمودهم، وطاقاتهم المتفجرة بالحق والعدالة، أن يصنعوا المزيد، وأن يحموا ثورتهم وشعبهم وبلدهم من بقايا النظام المحتضر، ومن أي قوة ظاهرة أو خفية من قوى الأرض، تحاول الالتفاف على هذا الإنجاز التاريخي، بعد أن أفاقت من ذهولها ومن مفعول المفاجأة الأولى التي صنعها هدير الملايين: الشعب يريد إسقاط النظام.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ