ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 24/01/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

الانتحار ليس هو الحل

سوسن البرغوتي

بدأت نزعة حرق المظلومين والعاطلين عن العمل، تتسع وتمتد، تيمناً بحادثة محمد البوعزيزي العفوية، والذي عزت عليه كرامته جراء صفعة شرطية، فأشعل جذوة الغضب عند الشعب في تونس، إلا أن الانتحار لن يجلب الحقوق الضائعة، ولن يفجر ثورة على غرار ثورة تونس، فلكل بلد عربي معطيات وظروف وطرق مواجهة النظام المتكلس المتهالك، ولا ينبغي أن يصبح حرق الإنسان لنفسه (موضة) أو ظاهرة، لما لها من مخاطر على البنية الفكرية الملتزمة بثقافة المواجهة والجرأة أولاً، والأهم هو أنها تؤدي إلى انعتاق المجتمع من الالتزام بمعتقدات دينية مجتمعية راسخة، تحرم قتل نفس كرمها الله بالحياة.. فالأجدى بالشباب أن يواجه هذا النظام، حتى النهاية، لتمتد إلى كل قطاعات الشعب العاملة وقواه الحية، فلدى أبناء الوطن أكثر من سبب لإسقاط النظام الديكتاتوري والمستأثر بمال الشعب والمصادر لقراره، والمستهتر بأمنه. لا.. يا شبابنا، ليس هكذا تواجهون الظلم، لا تواجهوا الظلم بأن تظلموا أنفسكم وتحرموها من الحياة التي وهبها الله لنا. إن إشعال الثورة في تونس، كانت بفعل تراكمات من ممارسات استبدادية النظام لعقود، واستمرار الضغط الواقع على الشعب، كان لا بد له من الانفجار، وإن جاءت حادثة البوعزيزي، لحظة انطلاقة الإصرار على استعادة حرية الشعب وكرامته، وليس بالضرورة أن يتبع الشعب العربي في بقايا البلدان العربية، نفس السيناريو، فالحدث العفوي لا يتكرر وإلا فإنه سيصبح مفتعلاً وتقليداً، ومفتقداً لإشغال العقل بابتداع طرق ووسائل، يحتكم لها كل الشعب، لانطلاق شعلته باتجاه هؤلاء المسؤولين اللامبالين، المتخمين بشبق الكرسي والمال، والذين لا يعنيهم قتل الآلاف من الشعب، فنحن بأمس الحاجة إلى مجتمع مقاوم لا مجتمع محترق!.إن تحريض شباب يملك طاقات لتغيير الواقع المزري، لا يقود الى الاقتداء بما حدث بتونس وغير المرتب والمجهز له، فواجهوا وتصدوا، وإن قضى الله أمره، فإنكم شهداء، ومن مات دون عرضه وماله وأرضه فهو شهيد، أما أن يتحول الانتحار حرقاً..غرقاً، أو بأي شكل آخر، فهذا يعني استسلاماً ويأساً، وثوار بلا قضية!. أدعو جميع الكتاب والمفكرين المصلحين وعلماء الدين في الأمة العربية والإسلامية، إلى وقفة جادة للحد من هذه النزعة غير الصحية وغير الصحيحة على الإطلاق، التي لن تؤدي إلى أي حل، أو تغيير الواقع المرّ، ولتوعية الشعوب من الآثار التخريبية لثقافات الشعوب المتحضرة والمؤمنة. فمسألة الإيمان في صلب الموضوع، ومن يؤمن بالله وقضيته، وأن الوضع المتغير لا بد زائل، وأن الأصل هو الكفاح من أجل تحقيق الحق وإزهاق الباطل، فمن أراد التغيير، عليه أن يضع نصب عينيه أهمية أن يكون إيجابياً فعالاً، لا سلبياً مستهتراً بحياته، وبقدرته – مهما تضاءلت- على تجميع لمّ شمل الصفوف المبعثرة في بلده، وإعلان العصيان المدني أو الإضراب عن العمل، إسقاط الحكومة كخطوة أولى لفرض إرادة الشعب، ولا بد أن تتراكم التحركات لتأتي برياح طيبة تسيّر سفننا إلى بر الأمان، وتنهي هذا النظام العربي الساقط بكل المعايير، ورفض سياساته الخارجية الدائرة في فلك الهيمنة الاستعمارية وغيرها من فعاليات وتظاهرات ضد اتفاقيات التطبيع وتواجد اليهود الصهاينة على الأرض العربية، وما هم بسياح، بقدر ما هم جواسيس لكيانهم، وكذلك رفض وجود أي نفوذ خارجي عسكري أو سياسي، فالأفكار تتجدد كموج بحر ثائر لا يهدأ إلا حين تزول عاصفة مدمرة، طالت الوطن بأسره وانتهكت أمنه واستقلاله. فليس المتضرر من هذه النزعة غير الشخص نفسه، ويمتد الضرر إلى فكر النشء الجديد، الذي قد يستسهل الرفض ولمجرد الرفض بالانتحار. إن الاحتجاج على النظام العوج، والذي أدى إلى ازدياد الفقر نتيجة البطالة وانتشار الجرائم والإباحية، التي تبثها فضائيات هدفها إشغال الشباب عن قضاياهم، لم تتوقف عند هذا الحد، بل جردت ضعاف النفوس، من احترام حياة الإنسان كقيمة مجتمعية. فرق كبير بين العمليات الاستشهادية ضد المحتل، وبين الانتحار، فالأولى هي جهاد المضطر، وهي مواجهة أيضاً له، تحتاج إلى تدريب منظم واستعداد، بطريقة تختلف عن الاشتباك المباشر، لزيادة عدد القتلى في صفوف المحتل، وترويعه، أما الحالة الثانية، فهي تقزز كل نفس قويمة لا تقبل وضع نهاية أناس جبنوا عن المواجهة. وحتى لا نقود مقاربة أو مقارنة خاطئة بالجوهر بين الحالتين، وسوق نماذج رائعة لعمليات استشهادية، نقول أن لكل مرحلة وسائلها بالتصدي للعدو، وخير الأنام من يبتدع الأفضل لبلده وأبناء شعبه، والأصلح لدنياه ودينه. فلا يوجد شريعة سماوية أو قوانين وضعية، تبيح نزعة قتل النفس، لمجرد الاحتجاج والغضب على ضنك العيش، والأجدى حرق أنفاس هؤلاء المجرمين، الذين يمثلون نظام تحميه القوى الاستعمارية، ومحاصرتهم بفضح فسادهم وقطع أرزاقهم وإحداث أضرار لمصالحهم، فذلك أجدى لنا ولكم، واتعظوا يا أولي الألباب. لو كان أمرهم إفقار الشعب، فهذا يهون والفقر والعوز ليس عيباً، لكن قضيتنا مع هذا النظام البشع، أكبر من لقمة خبز وأخطر على مصير الوطن العربي، إنها قضية حرية وكرامة، وهذا العنوان الأهم لثورة تونس الشعبية.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ