ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 24/01/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

ربيع التحرر والتغيير العربي

محمد اسحق الريفي

من المفارقات العجيبة في هذا الزمن أن يعيش المواطن العربي فقيراً مسحوق الكرامة والحقوق في أرض احتوى باطنها على ثروات هائلة ومنها بزغت شمس الإسلام العظيم الذي حرر الإنسان من الظلم والاستبداد وكرمه وحفظ حقوقه وإنسانيته.

 

يمر الشعب العربي بأصعب الظروف وأشد اللحظات قسوة، إذ تغلق الأنظمة العربية الشمولية أبواب الإصلاح، وتقمع كل من ينادي بالتغيير وتزج به في غياهب السجون، ولم يعد أمام الشعب العربي لكي يحرر إرادته ويتخلص من الاستبداد والقمع سوى الثورة العنيفة، فقد بات من المؤكد استحالة التغيير بطريقة سلمية، وقد صدق من قال: "من يجعلون الثورة السلمية مستحيلة يجعلون الثورة العنيفة حتمية".  فالتعددية السياسية الحقيقية التي تعد صمام أمان ضد الاستبداد والفساد ممنوعة في بلادنا العربية، والسلطة حكر على النظام الحاكم وغير قابلة للتداول، والمشاركة السياسية محرمة، وثروات الوطن منهوبة، والانتخابات مزورة، والشرفاء المخلصون محاربون، والفاسدون مسيطرون ومستبدون.  والأنظمة العربية الحاكمة غير قادرة على حماية بلادنا من التقسيم والتمزيق والتفتيت بعد أن أضاعت فلسطين والعراق، لأن معظم هذه الأنظمة متواطئة مع الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني.  وتستكثر الولايات المتحدة والاستعمار الإمبريالي الغربي على شعوبنا "الديمقراطية" والعيش بكرامة وحرية، فما تطالب به الولايات المتحدة في ما يسمى "العالم المتحضر" تحاربه في العالم العربي، وهذه عنصرية شيطانية تتناقض مع كل القيم الإنسانية التي يتشدق بها الاستعمار الإمبريالي الغربي.

 

لقد انتشرت البطالة في البلاد العربية، وانتشر الفقر، رغم أن الوطن العربي يحتوي على ثروات طبيعية هائلة، ويحتوي على معظم احتياطي النفط والغاز العالميين، ويسهم في إنتاج نسبة كبيرة منهما ومن القطن والتمر والصمغ العربي، وغيرها من المنتجات الزراعية والمعادن الثمينة.  ورغم كل هذه الثروات الهائلة، يعيش المواطن العربي غربة مريرة في وطنه في ظل التوزيع الظالم للثروة التي أصبحت دُولة بين فئة محدودة مستبدة ومتسلطة وفاسدة يدعمها الاستعمار.  ترفض الأنظمة العربية الحاكمة التكامل بين البلاد العربية، وتفتح أبواب بلادنا أمام المستثمرين الغربيين، وتفتح الشركات والجامعات العربية للغربيين، حتى صارت أجواؤها غربية، وأصبح العربي فيها غريباً.

 

وهذا الظلم وانعدام فرص العمل والاستبداد يجعل المواطنين العرب يحرقون أنفسهم، رغم حرمة ذلك، ورغم الألم ومصيبة الموت حرقاً.  فالفقر في الوطن غربة، كما قال علي بن أبي طالب، والجوع لا ضمير له، ولا يوجد في هذه الدنيا شيئاً أشد مرارة من الفقر، كما قال لقمان الحكيم: "ذقت المر فلم أذق أمر من الفقر".  ولهذا فإن المواطن العربي مطالب بأن يثور على الواقع المؤلم الذي يعيشه، بهدف تغييره، لا أن يحرق نفسه أو ينتحر!  وفي الفقر قال أبو ذر الغفاري: "عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج شاهراً سيفه على الناس".  وقال عمر بن الخطاب أيضاً: "لو كان الفقر رجلاً لقتلته".  ولا أدري ماذا سيقول لنا عمر بن الخطاب لو علم أن الفقر استشرى في بلادنا مصحوباً بالقمع والاستبداد والظلم ونهب الثروات؟  إن الفقر عصابات مستبدة وفاسدة متسلطة تستحل حرمات المواطن، وتنهب أمواله، وتصادر حقوقه، وتنتهك كرامته، ولهذا فإن التصدي لهذه العصابات أمر لا بد منه.

 

ومما يجدر الحديث عنه في هذا الصدد أن النظام الرسمي المقبول لدى الاستعمار يجب أن يتمتع بثلاث صفات رئيسة، وهي: القدرة على قمع الشعب وكسر إرادته، والقدرة على حماية حدود الكيان الصهيوني وأمنه، والقدرة على رعاية مصالح الاستعمار ونفوذه في بلادنا.  وإذا لم تتحقق هذه الصفات في أي نظام رسمي عربي، فلن تكف الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون عن زعزعة استقراره والتآمر عليه وخلعه.  ويدعم الاستعمار الإمبريالي الغربي المفسدين في بلادنا، وطابوره الخامس، ويساعدهم على الوصول إلى الحكم والسلطة، ويحتضنهم عندما يعصف الشعب العربي بهم ويحاول خلعهم ومحاكمتهم على جرائمهم، أو يوفر الاستعمار لعملائه من الحكام المستبدين ملاذاً آمناً في بعض البلاد العربية، ليبعد الشبهات عن نفسه، وليجمل صورته القبيحة، وليخدع الناس بالديمقراطية.

 

قد تستطيع الأنظمة الحاكمة خداع المواطن العربي فيما يتعلق بمواقفها السياسية الخاطئة، ولكنها لن تستطيع تخدير معدة المواطن الجائع أو حشوها بالأكاذيب ليشعر بالشبع، ولن تتمكن من إقناع المواطن الذي يعيش بلا مأوى مناسب ولا يجد فرصة للعمل بكرامة بأن حكومته معنية بتنمية المجتمع وتقدمه، ولا تستطيع حجب شمس الحقيقة في ظل العولمة وتقدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.  إن ثورة الشعب التونسي وتململ الشعب العربي في البلاد العربية يؤكد أن ربيع التحرر والتغيير العربي قد حل في وطننا العربي، وأن خريف الاستبداد في طريقه إلى الاندثار.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ