ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 17/01/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

تونس " الحمراء" بداية التغيير في عالم العرب

رشيد شاهين

منذ أسابيع والعالم يشهد ما يجري في تونس من انتفاضة شعبية عارمة سقط فيها العشرات من أبناء الشعب التونسي بين قتيل وجريح، في مشهد عزت رؤيته في مدن الأقطار العربية منذ عشرات السنين، انتفاضة لم تكن بالتأكيد تخطر ببال الرئيس المخلوع ولا "العيون الساهرة" التي يتم الصرف عليها في كل أقطار الوطن العربي أكثر مما يصرف على أي مشروع تنموي آخر، هذه العيون والأجهزة التي تروع أبناء الشعوب العربية لتبقيها مجرد – قطعان- من البشر تسلب كرامتهم وآدميتهم وإنسانيتهم ليل نهار على أيدي جلادي الأنظمة في كل الدول العربية بدون استثناء.

تونس هذا البلد الذي لم يتوقف شعبه عن الثورة في كل الحقب الاستعمارية السابقة، يعود للثورة من جديد، بعد أن طفح كيل الظلم والفقر والجوع والحرمان وبعد غياب للتعددية وللديمقراطية الحقيقية بشكل كامل، هذا الشعب الذي لم يعرف الاستكانة ولا الرضوخ خلال الفترات الاستعمارية المختلفة، يثور مطالبا بالحد الأدنى من حقوقه المشروعة في العيش بكرامة وحرية افتقدهما كما باقي الشعوب العربية.

ثورة الجياع والمضطهدين والبؤساء والعاطلين عن العمل والراغبين في العيش بحرية وكرامة انطلقت في تونس التي عبر شاعرها أبو القاسم الشابي في قصيدته عن إرادة الشعب الثائر

 إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ ..... فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ

ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي ..... ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ 

ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ ..... تَبَخَّرَ في جَوِّها واندثر

للمرة الأولى ينجح أبناء إحدى الدول العربية في إزاحة من تولى الحكم غصبا ونخر البلاد فسادا وبطشا ومحسوبية واستغلالا واستهتارا بكل ما يطمح له أبناء تونس.

مصير الرئيس المخلوع لم يكن أفضل من مصير شاه إيران الذي رفض العالم أن يستقبله بعدما تم خلعه من سدة الحكم في إيران، وهاهم حلفاؤه في دول الغرب وفي المقدمة فرنسا يرفضون استقباله، فتضيق عليه الدنيا بما رحبت ليجد ملاذا بعد استجداء في دولة خليجية، هذا الرفض الغربي لاستقبال زين العابدين ومن قبل كان الشاه ربما تكون الرسالة الأمثل لكل من يحكم بلاده في الوطن العربي على طريقة بن علي.

لقد كان حكم بن علي لتونس وشعبها الثائر يعتبر النموذج الذي يتغنى به الغرب والذي على جميع قادة امة العربان الاقتداء به، وفي اللحظة الأولى التي تم خلعه فيها تحلى عنه من أوهمه أنهم الحلفاء والحماة. وفي هذا السياق فقد استشعرت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون هذا المصير للرئيس المخلوع، ومن هنا فقد خاطبت قادة العرب خلال وجودها في منطقة الخليج على مدى خمسة أيام محذرة بطرقة غير مباشرة من مصير قد يكون مشابها لمصير بن علي حتى قبل أن يهرب الرجل من البلاد، فلقد قالت لهم ""من يتمسكون بالوضع الراهن قد يتمكنون من إخفاء الأثر الكامل لمشاكل بلدانهم لفترة قصيرة لكن ليس للأبد."كما قالت لهم" إن دول الشرق الأوسط تحتاج لإصلاح المؤسسات الفاسدة وإنعاش النظام السياسي الراكد"

الوزيرة كلينتون قالت ذلك ليس حبا أو خوفا على أو تعاطفا مع شعوب المنطقة، لكن في سياق تحذيرها وتخويفها ممن قالت إنهم المتشددين الإسلاميين علما بأن ما يجري في تونس لا علاقة له بالإسلاميين بشكل محدد أو خاص، حيث أن ما جرى في تونس كان فعلا شعبيا عاما وشاملا، عبر فيه أبناء تونس بكل أطيافهم عن حالة الغضب والثورة، ومحاولة الباس ما جرى في تونس لبوسا إسلاميا لا يمت للحقيقة بصلة وهو خداع على الطريقة الأمريكية في تزوير الحقائق.

إن ما جاء على لسان كلينتون جاء على أرضية الخشية والخوف والرعب من امتداد مشاعر الغضب والثورة إلى العديد من أقطار المنطقة العربية، لأنها تعلم تماما الطريقة التي يتم فيها حكم البلدان العربية وحالة القمع التي تتعرض لها الشعوب في هذه المنطقة من العالم، وهي بالتالي تحشى فقدان العديد من الحلفاء أو التابعين للسياسة الأمريكية، وبالتالي أيضا الخشية من تشكل أنظمة وطنية تنتمي إلى شعوبها ولا تأتمر بأوامر السادة في واشنطن ولندن وباريس وغيرها.

ما جرى في تونس يجعل العديد من القادة في الوطن العربي يتحسسون رؤوسهم خشية من انتقال عدوى الثورة إلى بلدانهم، وفي هذا السياق فقد اتخذ العديد من قادة الدول العربية إجراءات وتدابير "بالأخص اقتصادية" خشية من أن ينتقل ما جرى في تونس إلى شوارع المدن والعواصم في تلك البلدان.

إن ما جرى في تونس وهروب بن علي أشاع مشاعر النشوة والانتصار بين أبناء العديد من الشعوب العربية، ففي مصر على سبيل المثال توجه المئات من أبناء مصر لتحية الثورة في تونس من خلال التوجه إلى السفارة التونسية في القاهرة، وهنا في فلسطين سرت حالة من السعادة كبيرة بحيث صار الكل يتصل بالكل لتناقل خبر هروب بن علي.

نجاح ثورة الجياع في تونس هي مقدمة لا بد منها حتى وان طال الوقت لثورات مماثلة في العديد من أقطار الوطن العربي الذين لم يشبعوا الخبز والطعام فقط شبعوا القهر والاضطهاد والفقر والمرض، إنها الشرارة التي لا بد ستنتشر في المدن والحواضر العربية كافة فهل من يعتبر؟

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ