ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 06/01/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

أجهزة اتصال خفيفة في مواجهة أنظمة رسمية ثقيلة

بوفلجة غيات

عرفت الفترة الأخيرة مع نهاية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، عدّة أحداث أمنية وسياسية وإعلامية كان لها صداها على المستويين المحلي والإقليمي. وقد كان لكلّ هذه الأحداث قاسم مشترك وهو ظهور تسرب أخبار عن أحداث، خطط لها منفذوها لتتم في الخفاء. إلا أن أخبارها تسربت إلى الإعلام وتم التعرف على بشاعتها فشاهدها مواطنون تفاجئوا بها، بل كانت لها تداعيات سياسية واجتماعية.

لقد استُعمل الهاتف المحمول وأجهزة التصوير كأسلحة في فلسطين المحتلة والتقطت صور مرعبة عن اعتداءات الجنود الإسرائيليين. وقد تناقلتها مختلف القنوات الفضائية وساهمت بذلك في إظهار حقيقة ممارسات العدو الإسرائيلي التي طالما أخفاها عن العالم. من أهم هذه الصور ما التقط لمحمد الدّرة حيث قتل الجنود الإسرائيليون طفلا بريئا أما عيني والده. وهو ما ساهم في فضح الممارسات الإسرائيلية بالصورة التي لا يمكنه نكرانها بل حتى تبريرها.

كما شاهدنا تداعيات الصور التي تسربت من سجون أبو غريب من العراق، حيث مارس جنود الحلفاء أساليب همجية لا إنسانية ولا أخلاقية في تعذيب السجناء العراقيين. وما كان لهذه الصور من تداعيات سياسية وإعلامية، أبرزت حقيقة الاحتلال البغيض، حتى ولو كان ذلك الإحتلال أمريكيا.

من الأحداث الأخرى ما شاهدناه في مخيم العيون بالصحراء الغربية، في إطار مسلسل النزاع بين حركة البوليساريو والمملكة المغربية. حيث تسربت أخبار الاضطرابات الأمنية نتيجة استعمال الهاتف النقال لرصد بعض مجريات الأحداث، وقد ظهرت صور الوقائع على شاشات كثير من القنوات التلفزيونية وعلى رأسها قناة الجزيرة. كانت ردة فعل السلطات المغربية عنيفة، حيث قامت بإنهاء مهمة قناة الجزيرة، وتوقيف نشاطاتها وسحبت تراخيص الصحفيين والتقنيين الذين كانوا يشتغلون بالمملكة.

وفي منطقة أخرى من الوطن العربي، ظهرت صور مرعبة من السودان هذه المرّة، حيث قام شرطيون بجلد مواطنة سودانية تحت الأنظار، وهو شريط قصير قام شاب هاو بنقله عن طريق هاتفه الجوال، ووصلت الصور إلى قناة الجزيرة، التي بثتها ضمن برامجها. وهو ما أدى إلى استياء كثير من المشاهدين والجمعيات حقوقية السودانية والدولية لبشاعة المناظر التي ظهرت بالشريط.

قصّة أخرى من الكويت هذه المرّة، وهي الدولة التي يعتبرها الكثير من بين الديمقراطيات القليلة في الوطن العربي. حيث شاهدنا هجوم القوات الأمنية على البرلمانيين بقوة وبطش، مما ذكّرنا بهجوم قوات الأمن الإسرائيلي على المواطنين الفلسطينيين العزل. وقد وصل الشريط القصير إلى قناة الجزيرة، فقامت بدورها الإعلامي وبثته لإظهار مكانة البرلماني العربي عند السلطات الرسمية وأنظمة الحكم العربية. وهنا أيضا، وأمام انكشاف عورات النظام الرسمي الكويتي، لم يبق أمامه إلا منع نشاطات قناة الجزيرة من نشاطها الإعلامي من داخل الكويت، حيث اتهمتها بتضخيم قضية الاعتداء ووقوفها متحيزة إلى جانب البرلمانيين ضحايا الاعتداء.

أما أكبر حدث عرفه الأسبوع الأخير من سنة 2010، ما وقع بولاية سيدي بوزيد بتونس حيث بدأت الأحداث بعد مصادرة رجال الأمن لبضاعة طالب جامعي بطال، وقاموا بمنعه من النشاط التجاري غير القانوني. وقد وصل اليأس والإحباط بالشاب البطال درجة أدت به إلى إبرام النار في جسده، تعبيرا عن سخطه واستنكاره. وقد كانت حروقه خطيرة نقل على إثرها إلى المستشفى للعلاج.

إلا أن العملية لم تتوقف عند هذا الحدّ، بل أدت إلى انطلاق شرارة الاحتجاجات الشعبية من طرف الشباب البطال، الذي نادى بتوفير الشغل للبطالين والاهتمام بالمناطق المهمشة والعدل في توزيع الثروات.

وهنا أيضا كانت الصور الوحيدة التي تناقلتها القنوات الفضائية، بما في ذلك قناة الجزيرة، هي الأشرطة التي التقطتها أجهزة الهاتف المحمول من طرف شباب هواة.

وهنا أيضا وقفت الحكومة التونسية ضد قناة الجزيرة، لأنها قامت بنشر الصور الموثقة للأحداث والتعليق عليها وإجراء مقابلات مع مختلف الجهات، من معارضين وصحفيين ومواطنين عاديين. فما أغضب السلطات التونسية، هو أنها كانت ترغب في طمس معالم الأحداث والتكتم عنها والتنكيل بكل المعارضين للسلطة، والمعبرين عن عدم رضاهم عن الأوضاع في تونس العميقة.

وهكذا نستنتج أننا دخلنا مرحلة جديدة من الإعلام، تتمثل في استعمال الهواتف النقالة لفضح بعض الممارسات اللا إنسانية ، ونشرها على شبكات الإنترنت أو بثها على شاشات قنوات مستقلة متحررة عن ضغوط الأنظمة الرسمية العربية.

فبعد ما اعتادت الأنظمة الرسمية العربية على التحكّم في وسائل الإعلام والاتصال التي تملكها، وممارسة التعتيم عن الحقائق ومضايقة كل صوت حرّ مستقل، عرفت السنوات الأخيرة تزايد أهمية وسائل اتصال خفيفة في مواجهة أنظمة رسمية ثقيلة. حيث تعمل الأنظمة الرسمية العربية كلّ ما بوسعها لتكميم الأفواه، لخوفها من نور الحقيقة.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ