ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 27/11/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

سلاح الدروع البشرية في القدس

أحمد أبورتيمة

ما يحدث في مدينة القدس هذه الأيام يمكن اعتباره بأنه أخطر المراحل التي تواجهها منذ احتلالها عام 1967، فالإجراءات الهادفة إلى تهويدها وطرد سكانها الأصليين تشهد تسارعاً غير مسبوق.

في هذا السياق يتم الحديث عن نية الاحتلال هدم عشرين ألف بيت في المدينة المقدسة بحجة عدم الترخيص، وحين يكون الحديث عن هذا العدد المهول فهذا يعني عملية تطهير عرقي كامل بحق الأرض والإنسان والتاريخ، وأن الاحتلال الصهيوني يسابق الزمن لشطب معالم المدينة المقدسة.

إننا إزاء جريمة تاريخية مروعة تتناقض مع كل القيم والمبادئ والأخلاق.وما يثير الحنق أكثر أن هذه الجريمة التاريخية تتم في حالة صمت عربي ودولي فاضح، وكأن ما يحدث لا يستحق حتى عبارات الإدانة والشجب والتي لا نرضى بها على أي حال، ولكن حتى هذا الشجب والاستنكار الذي كنا نسمع به فيما مضى لم نعد نسمعه الآن.

يزداد وضع القدس مأساويةً في ظل تنوع المآسي والمصائب التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، حتى لم يعد قادراً على تركيز جهده للتصدي لجبهة واحدة، فالجبهات قد فتحت على مصارعها، وهو حائر بين انشغاله بالأسرى أو الاستيطان أو المؤامرة التي يتعرض لها فلسطينيو الداخل أو القدس أو حصار غزة والتلويح بحرب ضدها، هذا التنوع في المآسي يخلق تشتيتاً ويفقد القدرة على تركيز الجهد، خاصةً في ظل انعدام السند وتحول القضية الفلسطينية وكأنها شأن فلسطيني خاص، وكان الله في عون الشعب الفلسطيني وهو يواجه كل هذه الآلة من الإجرام لوحده وقد استفرد به الأعداء في الميدان.

لكن اشتداد الخطب وقلة النصير لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال مسوغاً للتراجع والإحباط والاستسلام، فمهما اشتدت حلكة الظلام وعم الظلم والطغيان، فإن ذلك ليس مبرراً للاستسلام، ليس لفضل شجاعة ومروءة من الفلسطينيين وحسب، ولكن لأنهم لا يملكون إلا ذلك، فالصمود والتصدي للجرائم الصهيونية ليست خياراً وحسب، ولكنه قدر مكتوب على الفلسطينيين، لأن البديل عن ذلك هو الموت والفناء ولعنة الدهر.

وحين يكون الحديث عن القدس بما تمثله من مكانة دينية وتاريخية ورمزية فإن مبررات الصمود والمقاومة تصير مضاعفةً، والتراجع يصير أكثر جرماً، فلم يعد من خيار للمقدسيين سوى الرفض والمقاومة إلى آخر رمق.

حين نتحدث عن خيار المقاومة في القدس فإننا لا نغفل الواقع الموضوعي هناك، ومدى الصعوبات والمعيقات التي يواجهها المقدسيون، لذلك فإننا لا نحصر المقاومة في شكلها العسكري، فهذا خيار ليس يسيراً خاصةً في حالة القدس، وإن توفرت الفرصة للجوء إليه، فلن يستطيع المقدسيون ممارسته بدرجة من الزخم والكثافة ينجح معها في إبطال مخططات الاحتلال في تهويد المدينة، وربما استغله الاحتلال بشكل مضاد واتخذه ذريعةً في تعجيل تنفيذ مخططاته الإجرامية، ومضاعفة إجراءاته التهويدية، وهو بعد كل ذلك لن يكون رداً على الفعل من جنسه، وإنما سيكون أقرب إلى ردة الفعل العاطفية للتنفيس عن الغضب والاحتقان..

أما الرد على الفعل من جنسه فإننا نقصد به أنه إذا كان الفعل هو هدم البيوت فإن الرد على ذلك يكون بالسعي بكل الوسائل الممكنة إلى منع هدمها، ولعل الوسيلة الأمثل في ذلك هو اتباع السنة الحسنة التي استنها الشهيد نزار ريان رحمه الله في غزة لمواجهة تدمير طائرات الاحتلال للبيوت بعد أن كانت تجبر سكانها على مغادرتها، فكان الإبداع الفلسطيني بأن يتوجه مئات من المدنيين إلى البيوت المهددة بالقصف ويتحصنوا فوق أسطحها مما كان يصعب على الاحتلال ارتكاب جريمته خوفاً من التداعيات الإعلامية والسياسية، وقد نجحت هذه الخطة بفضل الله إلى حد كبير في إرغام الاحتلال على التراجع عن مخططاته.

لقد استشهد نزار ريان رحمه الله في سبيل هذا المبدأ وهو متحصن وأسرته في بيته يرفض أن يغادره، ولكنه أضاء لنا الطريق، ومنحنا خياراً إضافياً لمواجهة آلة الموت الصهيونية ، وإن كان هذا الخيار يتطلب بأساً ومخاطرةً وإقداماً ولكن ماذا نفعل وقدرنا أن تكون معركتنا على هذا القدر من الشدة والصلابة.

لقد أثبتت سنة الدروع البشرية نجاحها في غزة حين أفشلت مخططات العدو، وهي بمشيئة الله قادرة على النجاح في القدس حين تجد من يتبناها ويرعاها ويحولها إلى آلية نضالية شعبية، ولن يكون من السهل على العدو أن يتجاهل وجود مئات من النساء والرجال والفتية وهم قد حولوا أجسادهم إلى دروع بشرية لحماية حقهم التاريخي والإنساني في البقاء في ديارهم، ولو فكر الاحتلال في ارتكاب حماقة فإن ذلك سيسبب له مزيداً من المآزق الأخلاقية والسياسية خاصة في ظل وجود تغطية إعلامية عالمية مكثفة في القدس.

إنه لم يعد يجدي المناشدات والنداءات لوقف الجريمة التي تستهدف أهلنا في القدس فمن نناديهم أموات غير أحياء، ولم يعد من سبيل لمواجهة الاحتلال سوى التصدي بالأجساد والالتفات إلى عناصر قوتنا الأخلاقية واستثمارها لإساءة وجه عدونا وإلحاق الهزيمة به..

إننا قادرون على انتزاع النصر من بين أنياب الموت، وإنه لم يعد من خيار أمامنا سوى البقاء والمواجهة والإصرار..

إن ينصركم الله فلا غالب لكم

والله أعلى وأعلم

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ