ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 22/11/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

كفى، يكفى، بيكفى، كفاية..

 لقد بلغ السيل الزبّى

أ.د. ناصر أحمد سنه*

كفى تشرذماً، وتصارعاً، وتفرقاً، وتفتتاً، وتقاتلاً، فالكل خاسر، خائب، مهزوم، مقتول. أعداؤنا، ومن حالفهم وعاونهم، هم فقط الفائزون. أين التوحد والتوحد، يا أمة الوحدة: "إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ" (الأنبياء: 92).

كفى طغياناً، واستبداداً وقهراً للشعوب.. متي استعبدتموهم وورثتموهم وأورثتموهم، وقد خلقهم الله تعالي، وولدتهم أمهاتهم أحراراً؟؟. كفى استكثارا لهم، (تطبقون خرافة مالتوس، وندرة الموارد عن الوفاء باحتياجات بأعداد البشر المتزايدة)، هل ترزقونهم وتطعمونهم؟:"وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ، فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ" (الذاريات:22-23). لكن وفق الداروينية السياسية والاجتماعية.. إذا البقاء للأقوى وللأقهر وللأبطش..، تقتلونهم وتبيدونهم وتحاصرونهم، وتفقرونهم، وتدعون أنكم تعملون وتتولون وتنافحون عن مصالحتهم.

كفى طغياناً واستبداداً واستكباراً في الأرض من الميلاد حتي الممات، من القصور حتى القبور. أين تداول السلطة، وتغيير البرامج والسياسات والوجوه؟؟. إن التغير والتغيير سنة الحياة، والعقم والفناء "ودعاوي استقرار الأنظمة الفاسدة المستبدة" صنو الجمود والتخلف والموت، وما هكذا شأن ومآل أمتنا. لقد بلغ السيل الزبي.

كفى احتقانا طائفياً، وشحناً مذهبياً، وشوفينية عرقية. لقد رضيتم بالاحتلال الأنجلوـ أمريكي، (والاحتلال والطغيان والاستبداد والإستكبار صور لعملة واحدة)، وسهلتم له غزوه أفغانستان والعراق، وليقتل الأبرياء في باكستان واليمن، ومن قبل في الصومال، وفي سبتة ومليلة، والصحراء الكبري. وهو يثير الفرقة والتفرقة "فرق تسد" بين أبناء الوطن الواحد، ويزكي التنازع والبغضاء بين أبناء الأمة الواحدة. هل كان ـ قبل مجيئه ـ ثمة صراع بين سُنة وشيعة، أو بين عرب وكرد وتركمانأ، أو بين عرب وأمازيغ، أو بين مسلمين ومسيحيين. لماذا يُهجّر الناس من بيوتهم، ويجبرون علي ترك أوطانهم إلي المنافي والشتات؟؟: "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" (الممتحنة:8-9).

بيكفى إرهاب وإكراه الناس في عقائدهم ونفوسهم وعقولهم وأموالهم ونسلهم وأوطانهم. بيكفى حياة لا تُحق الحقوق لأصحابها، ولا ينعم الناس فيها بحرياتهم المنضبطة.

لقد بلغ السيل الزبي. سيشرب الاستعمار الحديث ومعاونوه، قريبا نخب انفصال"دول جنوب السودان، وعاصمتها جوبا"، كما شرب نخب انفصال "تيمور الشرقية عن الوطن الأم اندونيسيا"، وكما شرب من قبل نخب " استرداد الأندلس"، واسترداد فلسطين، وتقسيم كشمير، وانفصال بنجلاديش عن باكستان، وقهر تركستان والشيشان، ونخب عدم قيام دولة في البوسنة والهرسك" كاملة المقومات كأقرانها اليوغوسلافيات السابقات. وتراه يحذر كل التحذير من إعلان"دولة مستقلة في الضفة الغربية وغزة علي أقل من 22% من أراضي الـ 67". وكما شرب نخب إجهاض المسيرة الديمقراطية في الجزائر في 1992م، فمن له غير العسكر. وبيكفى خلاف ونزاع حاد بين الجزائر والمغرب حول أزمة الصحراء، وجبهة البوليساريو. 

كفى تهويدا لمدينة القدس، وتحضيرا لهدم الأقصى، واستمراراً للاستيطان الصهيوني في القدس والضفة الغربية، وتشريد وتدمير بيوت ومزارع أهلها. بيكفى مفاوضات عبثية، وسياسيات انهزامية، ووجوه نفعية تطبيعية.

بيكفى حصار ظالم فاجر علي غزة، وقتل مليون ونصف المليون من البشر.. لخيارهم الديمقراطي، ولوقوفهم ضد الاحتلال الصهيوني. بيكفى اغتيال الأطفال والنساء والشيوخ جوعاً ومرضاً وعرياً.. ورعباً من هجمات وعدوان لم ينقطع يوما ما منذ انسحاب الصهاينة الأحادي الجانب من غزة . 

بيكفى معتقلين وأسري، ظلماً وعدواناـ في سجون الاحتلال الصهيوني والأمريكي البريطاني في فلسطين المحتلة وأبو غريب وأفغانستان وجوانتانمو، وغيرها كثير من السجون العلنية والسرية. كفى أرامل، وأيتام، وعجزة، ومشردين ولاجئين (العرب المسلمون أكبر الأمم عددا في نسب المشردين واللاجئين والمُهجرين) لا يجدون من يواسيهم، ويخفف عنهم.

كفى حرباً مُعلنة سافرة علي حضارتنا ومقدساتنا وخصوصيتنا وقيمنا وشعائرنا ومشاعرنا. كفى استعلاءً ونفياً ـ وجودياً ومعنوياً وحضارياًـ لنا، وعنصرية وغطرسة في موجهتنا. حربا علي الإسلام (بمسمي الإرهاب).. لا قرآن، لا مآذن، ولا آذان، ولا حجاب، ولا تعليم ولا قانون تشريعي خاص. إنهم يفرضون علينا التحاكم بقوانينهم وشريعتهم الفرنسية والأنجلو سكسونية، رغم أن من أسس الاستقلال والهوية الوطنية التحاكم بقوانيننا الخاصة. في حين تقوم دنياهم ولا تقعد إذا أعلنت إحدى ولايات نيجيريا التحاكم إلي شريعة غالبية مواطنيها فيتدخلون بكل عنف لإيقاف ذلك الأمر. بيكفى تدخلاً سافراً مرفوضاً في شئوننا في حين أننا لا ولم نتدخل في أي من شؤونكم.

كفى تكريساً للتبعية والارتهان والتخلف، وتيئيسا من سبل ومقومات نهوضنا، وريادتنا الحضارية: لماذا نجحت اليابان و"نمور" جنوب شرق آسيا، وألمانيا، بل والبرازيل، والهند (بدأت الهند معنا مشروعها النووي في ستينيات القرن الماضي، دخلت الهند النادي النووي وجلسنا علي الباب)؟؟. فمقارنة بهؤلاء تبقي امتنا غنية بمواردها البشرية والمادية ومع ذلك تظل "مُتخلفة" علي كافة الصُعد. بيكفى تكدس السلاح (ليعمل دولاب صناعتها عند الآخر)، ولا نستعمله ضد عدونا الحقيقي.

كفاية شلل وإجهاض لأي دور فاعل لمنظمة أو جامعة أو هيئة مؤسسية ترعى قضايا الأمة، وتنهض بها، وتهتم بمشكلاتها، وتسعى لحل أزماتها.

كفاية حياة ذليلة، مهينة، مشلولة، بئيسة، خائبة، لا يحقق الكلٌ فيها حاجاته المشروعة وفق قدراته، حياة فقدت بهجتها، يصرخ الناس:"باطن الأرض خير من ظاهرها"، في حين أنهم يستحقون حياة كريمة: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا" (الإسراء:70).

ليس من مات فاستراح بميت   =     إنما الميت ميت الأحياء.

كفى حياة ليس فيها أثر وتأثير للفرد/ المجتمع/ الأمة. فما تراه المجتمعات، (إذ هي مصدر السلطات) ينبغي أن يكون، وما لا تراه ليس بكائن. توجه أمورها وفق ما تريد، لا ما يـُفرض عليها.. قهرا واستبداد وظلما وطغيانا وتزييفا وتزويراً. لا خوف من حاكمين من محكومين، ولا سخط أو كراهية من محكومين لحاكمين، لا عداء متبادل، إذ العدل والتوافق والشرعية متوافرة...لا تواد مع أعداء، ولا تسيّد لعملاء، لا تعذيب معنوي ولا مادي.

بيكفى الأمة هروب البعض من شرُف الانتماء إليها، والتخلي عن هوياتها، والهرب منها. بل ينبغي لها أن تستعيد قلوب وعقول وسواعد أبنائها المهاجرين / المُهجرين الذين سيفتخرون بالعودة إلي أعشاشهم الأولي ومواطن صباهم، ووطنهم الحقيقي.. الأول والأخير.

كفى فساداً وإفساداً، نهباً وإنتهاباً، وتبريراً وتسويقاً له. كفى سلطة مُطلقة فـ "السلطة المُطلقة، مفسدة مُطلقة". أين الأمانة النزاهة والرقابة والمراقبة والمسئولية والمحاسبة؟. أين تنفيذ أحام القانون، وتمتع السلطة القضائية بالاستقلال الكامل؟. كفى رشوة ومحسوبية وتحايلاً  واحتكاراً، ومحاباة، وعصبية، وإستقواء بمال وقبيلة وعشيرة ومنصب وجاه الخ.

كفى تحالفاً مقيتاً، وتداخلاً مدمراً للمجتمعات بين أصحاب الثروات، وأصحاب السلطات، وعلماء السوءات. إنهم يعملون فقط لتنامي ثرواتهم، ومص دماء الشعوب، تحت مظلة من حماية، وحصانة. كفاية احتكار للسلع الأساسية، ومص دماء الشعوب، واستنزاف مواردها، وتدمير مقدراتها الوطنية لصالح الاستيراد السريع، المضمون الربحية، بيكفى تغول وتوحش وتحالف الشركات العابرة للجنسية.

كفى فقراً وإفقاراً، وظلماً اجتماعيا.. لقد وصموا "الحضارات الزراعية" التي تقوم علي الأنهار والزراعة بأنها "أصل الطغيان والقهر والاستبداد، وصنو الذل والخنوع"..يحرث ينتظر حصته من الماء، يدفع الضريبة علي الماء والحرث والضرع بل ورؤوس عائلته، ينتظر الحصاد، ينهب، لا يبقي له إلا القليل". ومع كل ذلك لقد "رضي الناس بالهم، ولم يرض الهم بهم". تراهم اليوم، يتقاتلون فيَـقتلون ويُقتلون في طوابير الخبز، وطوابير اللحم. يستوردون غالب قوتهم، فضلاً عن سلاحهم من أعدائهم، فأني لهم التحرر والاستقلال الحقيقي، والريادة والسيادة.

كفاية قتل.. وأغتال وذبح وتشرد البشر، وتدمّر الشجر والحجر. يكفى قتل الكفاءات والطاقات والسواعد والعقول. كفى مناخاً مقصودا لتهجير العقول والسواعد.. والأجنة في بطون أمهاتهم، وتدمير الطبقات المتوسطة. إن غالب علية القوم يضعون مواليدهم هناك خلف البحار والمحيطات، لينالوا الجنسية والجنسيات، الخير والخيرات، في الحاضر وعواقب الأمور والمآلات.

 

كفى بطر الحق، وغمط الناس وحقوقهم.. لماذا يقتل الناس تعذيباً وخوفاً وجوعاً وإهمالاً.. صحياً ومرورياً وتعليمياً ومدرسياً.. وإعلامياً؟؟. لماذا يقتل الناس ـ ولا حسيب ولا رقيب ـ في العبارات والقطارات والطرقات و"قوارب الموت علي شواطئ جنة أوربا.. العنصرية".

كفى تشويشاً علي ذاكرتنا التاريخية وتميعيها، وسرقة لمتاحفنا وكنوزها الاثرية ونهبها. جامعاتنا ودعمنا للبحث العلمي في ذيل القوائم، وعلماؤنا يُستنزفون، ثقافة غثة، إعلام يُخدر، أغان هابطة، أفلام ماجنة، نحصد أصفارا رياضية لا ميداليات ذهبية الخ

كفى سرقات للأراضي، ونهباً للمال العام، وبيعا لمقدرات وثروات الشعوب ومدخرات الأجيال. بيكفى ترويجاً للمخدرات، والفكر التخديري، و"التسلية المخدرة"، والوعود الكاذبة، والسياسات الفاشلة.

كفى العمل علي تآكل دور الأسرة، وتفككها، وتزايد معدلات الطلاق، وشيوع المخدرات، والانتحار، والجرائم، والقمار، والرقيق الأبيض، والعنف الاجتماعي بأنواعه، ومشكلة الجوع، وتزايد معدلات الفقر والديون، وانتشار أسلحة الدمار الشامل والحروب، والجريمة المنظمة، وغياب الأمن، والمشكلات النفسية والصحية والوبائية والمناخية والفنية الخ. بيكفى بطالة، وعنوسة وعزوبة .. وغلاء فاحش، وطلاق وجريمة. كفى مرضاً وإمراضا بالكيمياويات، والمبيدات، والملوثات والمسرطنات. كفى أن تكون أراضينا مكبا للنفايات من أجل حفنة من الدولارات، وهم يتمتعون ببيئة نظيفة.

إنهم يسعون لكي تكون "فوضي هدامة" لا تبقي ولا تذر:

لا يصلح الناس فوضى لا سَراة لهم  =  ولا سَراة إذا جهالهم سادوا.

كفى، يكفى، بيكفى، كفاية.. لقد بلغ السيل الزبيّ.

كفى، يكفى، بيكفى، كفاية.. لقد بلغ السيل الزبيّ.

كفى، يكفى، بيكفى، كفاية.. لقد بلغ السيل الزبيّ.

كفى، يكفى، بيكفى، كفاية.. لقد بلغ السيل الزبيّ.

كفى، يكفى، بيكفى، كفاية.. لقد بلغ السيل الزبيّ.

كفى، يكفى، بيكفى، كفاية.. لقد بلغ السيل الزبيّ.

كفى، يكفى، بيكفى، كفاية.. لقد بلغ السيل الزبيّ.

ليست صرخات في واد، بل كل الحناجر تصدح بتلكم الصرخات.

ـــــــــ

*كاتب وأكاديمي.

nasenna62@hotmail.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ