ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 13/11/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

طــارق عزيز

بين فوكوياما ويوشكا فشر

د. محمد أحمد الزعبي

عندما فاجأني نبأ الحكم بالإعدام على الرفيق المناضل طارق عزيز ، ( أبو زياد ) كنت منهمكاً في قراءة الترجمة العربية لكتاب يوشكا فشر ( Joschka Ftscher ) وزير خارجية ألمانيا الاتحادية ورئيس حزب الخضر الأسبق ، الذي يحمل العنوان " عودة التاريخ "(die Rückkehr der Geschichte) والصادر عن" هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث/ كلمة" عام 2009 . يوحي عنوان هذا الكتاب للوهلة الأولى بأنه ردٌّ أوروبي على أطروحة المفكر والمستشار في وزارة الخارجية الأمريكية فرانسيس فوكوياما الشهيرة حول " نهاية التاريخ والإنسان الأخير" والتي اطلقها مباشرة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في نهاية ثمانينات القرن الماضي ، والذي يعتبر من أعمدة المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية .

لقد كان هاجسي الأساسي وأنا منهمك في قراءة كتاب يوشكا فشر ، هو البحث عن جواب لتساؤل كنت أناقشه بصورة مستمرة مع أحد أصدقائي حول العلاقة بين أوروبا وأمريكا ، وموقف كل منهما من قضايانا القومية ، ولا سيما من القضيتين العربيتين المركزيتين ، القضية الفلسطينية والقضية العراقية . وبدخول الرفيق طارق عزيز على خط هذه الإشكالية بشقيها النظري والعملي ، تعمقت هواجسي حول الدور الأوربي في قضيانا القومية عامة وفي المسالة العراقية خاصة ، وفيما إذا كانت أوروبا ( الاتحاد الأوروبي الحالي ) بريئة من كل ماجرى في العراق منذ شهر آذار 2003 وحتى هذه اللحظة ، مرورا بالغزو ، فالاحتلال ، فالتحالف مع العديد من الأنظمة العربية الموالي للغرب ، ومع النظام الإيراني صاحب الأجندة الخاصة في العراق ، فتصفية معظم المفكرين والمثقفين والعلماء وكبار الضباط العراقيين ، فسجن وقتل واغتيال وتصفية مئات الألوف من المناضلين والشرفاء العراقيين من بعثيين وغير بعثيين ، ومن تهجير الملايين من بيوتهم سواء نحو الخارج أو نحو الداخل ، وأخيرا وليس آخراً الحكم بالإعدام على طارق عزيز ، وعلى ثلة من رفاقه المناضلين ، الذي صدر عمّا يسمى زورا " محكمة " ، وهي لاتعدو ان تكون هيئة وظيفية تتلقى أوامرها من كل من واشنطن وطهران ، بعيدا عن أي دستور أو قانون بل وبعيدا عن كل وازع ديني أو أخلاقي .

 

إن الكاتب لايخفي هنا أن وجهة نظره في هذا الموضوع تتمثل في وجود تقاطع بين الموقفين الأوروبي والأمريكي ( جناحي الأطلسي ) ، من قضايا العالم الثالث بصورة عامة ، وقضايا العالمين العربي والاسلامي بصورة خاصة ، بيد أن هذا التقاطع لايصل حدّ التماهي بين هذين الموقفين ، اللهم إلاّ بالنسبة للعلاقات الأمريكية البريطانية التي وصلت في الموقف من المسالة العراقية حدّا على بعد خطوة واحدة من التماهي .

 إن رؤية الكاتب في هذه المسألة ، تنطلق من منظور واقعي يرى أن الانقسام العالمي منذ القرن التاسع عشر إلى دول مستغلّة ( بكسر الغين ) متطورة صناعيا وعسكريا ( تحالف المصنع والمدفع ) ، وأخرى تابعة وفقيرة ومستغلّة ( بفتح الغين ) من قبل المجموعة الأولى ، مايزال ساري المفعول حتى يومنا هذا ، وبالتالي فإن الكاتب لايعفي النظام الرأسمالي بشقية الأمريكي والأوروبي من مسؤوليته عن كل ماجرى ويجري في العراق من المذابح والمجازر ومختلف الارتكابات غير الإنسانية وغير الأخلاقية ليس فقط منذ عام 2003 وإنما منذ عام 1990 وحتى اليوم .

إن "عودة التاريخ " التي وضعها يوشكا فشر عنوانا لكتابه ، إنما عنت من خلال قراءتنا الخاصة لهذا الكتاب ، أن طائرة النظام الراسمالي ( بطيار أو بدون طيار ) ، باتت ــ بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 خاصة ــ ، بحاجة إلى جناحي الأطلسي ، لكي تستطيع متابعة التحليق بهما عاليا فوق قارات آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية ، وبالذات فوق الشرقين الأدنى والأوسط ، وبالذات فوق ماأطلق عليه المؤلف " حزام الأزمات الإسلامية " والذي من ضمنه أفغانستان

والعراق، حيث بلغ التعاون بين هذين الجناحين ذروته. ولعل المقتطفات القصيرة التالية من كتاب فشر تؤكد ماذهبنا إليه:

 

ـــ وفي الحقيقة بحث المسؤولون على جانبي الأطلسي ، عن حلول استراتيجية جديدة لتحدّيات القرن الواحد والعشرين. ويزعمون أن كل جانب يستطيع الإستغناء عن الجانب الآخر ، إمّا لأن أوروبا ضعيفة ، أو لأن الولايات المتحدة الأمريكية ذات قوة استثنائية . إلاّ أن الطرفين في الوقت نفسه ، يعرفان جيداً أن انفصالهما عن بعضهما يعني خسارة لهما كليهما ، ومن ثم يعني نهاية الغرب باسره ، وهذا مالا يتحمل مسؤوليته أي من الطرفين . ( ص 189 ) .

ــ تشكل العلاقات الأطلسية المستقرّة ، والقضاء الديموقراطي المبني على اقتصاد السوق ، العمود الفقري لأمن الأوربيين والأمريكيين الشماليين ( 190 ) .

ــ فروسيا والصين والهند واليابان والبرازيل وقوى أخرى عديدة ، ستكون بين اللاعبين الرئيسيين او المهمين على الأقل ، إذا لم نقل من المعارضين في عملية بناء نظام عالمي جديد. لكن أوربا قوية وموحدة ولديها شعور فطري وحس سليم للتاريخ وللروابط الوثيقة في القيم والاهتمامات مع الطرف الاخر للاطلسي ، هي وحدها القادرة على القيام بدور شريك حقيقي. وهكذا فإن من يتصدّى لهذه التحديات هو الغرب ككل ، تقوده الولايات المتحدة المريكية (196 ) .

ــ لقد حدد الحادي عشر من سبتمبر 2001، ومن دون أي أوهام المنطقة التي ينطلق منها الخطر الكبير على أمن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ، ومن ثم على الغرب عامّة . إنها المنطقة التي تشكل لب حزام الأزمات الإسلامية التي تمتد من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي ، أي منطقة الشرقين الأدنى والأوسط ( 243 ) .

ــ وقد أكد " تيموثي غارتون أش " وبحق ،أن "مصالح أوروبا وأمريكا الأساسية في الشرق الأوسط هي في مطلع القرن الحادي والعشرين أقرب إلى بعضها من أي وقت مضى " فمن الناحية السياسية أظهرت هجمات الحادي عشر من سبتمبر مصلحة مشتركة عميقة وبأسلوب جديد ( 243 ) .

ــ من الشرقين الأدنى والأوسط ينبثق تهديد ثوري شمولي متزايدللغرب يستخدم وسائل إرهابية دون أي اعتبارات ، ولن يتورع أبداً عن استخدام اسلحة تدمير شامل بدائيةإذا ماوصلت مثل هذه الأسلحة إلى أيدي هذه المنظمات الإرهابية ، ولن يجدي تجاه هذه المجموعات أي منطق للردع، بل المكافحة الفاعلة هي فقط التي يمكن أن تحول دون حدوث مثل هذا التطور . طبعا تواجهنا هنا واحدة من المسائل الاستراتيجية الأساسية الراهنة التي لابد أن يتم البحث فيها بين أوربا وأمريكا ( 244 / 245 ) .

ــ إن الدعم غير المشروط لوجود دولة إسرائيل الديموقراطية الحقيقيةالوحيدة والحديثة في الشرق الوسط .. تشكل بالنسبة لأوروبا ليس مجرد التزام أخلاقي وتاريخي ، بل أيضا مصلحة ذاتية بالغة الأهمية سياسيا وأمنيا ( 258 ) .

ــ إن إسقاط نظام صدام حسين من قبل الولايات المتحدة الأمريكية جعل من الأكراد والشيعة في العراق ، وهما من

ضحايا الدكتاتور ، المستفيدين من قلب النظام الذي جاء عن طريق قوى خارجية . ومن الجيران الإقليميين الذين كسبوا الحرب على العراق نذكر بالدرجة الأولى إسرائيل وإيران .( 261 ) .

ــ وبالنسبة لإسرائيل فقد تم من خلال إسقاط صدام حسين القضاء على التهديد القوي الذي يشكله الجيش العراقي . وفقدت " جبهة الرفض " العربية قاعدة أخرى من قواعدها وضعف بذلك الضغط المحتمل على حدود الأردن (261 ) .

 

إذن ليست نظرية نهاية التاريخ ( غرب الأطلسي ) وحدها المسؤولة عمّا جرى ويجري في العراق الشقيق ، وإنما أيضا شقيقتها عودة التاريخ ( شرق الطلسي ) مسؤولة أيضا ، إن لم يكن أمام القانون ، فأمام الله والتاريخ . إن محاولة الشريكين إخفاء هذه الحقيقة المرّة بمحاكمة جندي او جنديين أو حتى ثلاثة جنود في واشنطن أو في لندن ، والحكم عليهم بالسجن ذي الخمسة نجوم شهراً أو شهرين أو حتى ثلاثة أشهر لايغير من الأمر شيئاً ، إنه أشبه بمحاولة من يريد إخفاء الغابة بإصبعه.

ويريد الكاتب ان يورد هنا بعضاً من النداء الذي ووجهه الأب ميغل ديسكوتو بروكمان الرئيس السابق للجمعية العامة للأمم المتحدة ، ووزير خارجية نيكاراغوا الأسبق ،بتاريخ 3.11.10 من أجل الإفراج عن طارق عزيز ، وهو نداء موجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية خاصّة بوصفها المسؤول الرئيسي عن حياة طارق عزيز . يقول الأب ميغل :

[ أود أن أقول بكل وضوح، أنني حزين وغاضب جداً لأنني أرى أن ظلماً كبيراً جدّاً يمارس، مرّةً أخرى، من قبل الولايات المتحدّة، التي كانت قد أنشأت وأدارت، ومولّت وسلّحت حرباً عدوانية غير معلنة ضد بلدي نيكاراغوا، والتي أدت إلى إزهاق أرواح 50000 إنسان .

في هذه المرّة، العمل الذي أشير إليه موجّه ضدّ صديق عزيز جدّاً عليّ، وهو مسيحي أيضاً، ولطالما ذهبت بصحبته للصلاة، إنه طارق عزيز، {نائب} رئيس الوزراء السابق في العراق.

 إن الولايات المتحدّة، بتعمدّها إقامة محاكمة غير عادلة له، فأنها مسؤولة عن ما يٌخطّط له الآن من عملية إعدام صورية له خارج نطاق القضاء. وبعمل كهذا، تكون الولايات المتحدّة قد إرتكبت خرقاً فاضحاً لاتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة، وأنه لمن السخرية أن تدّعي الولايات المتحدّة أنها ملتزمة بالبحث عن، ومحاكمة ومعاقبة الأشخاص الذين يرتكبون تلك الجرائم الدولية الخطيرة.

وامتثالا لما لاحظه الفريق العامل للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي فيما يتعلق بالطبيعة غير القانونية، وعدم مراعاة الأصول القانونية والعدالة في محاكمة طارق عزيز، فأن الولايات المتحدّة أمام التزام أخلاقي وقانوني للعمل على إطلاق سراح طارق عزيز على الفور.]( نقلا عن موقع البصرة . نت ، تاريخ 9.11.10 )

إن الكاتب إذ يثمّن الروح الإنسانية العالية في نداء الأب ميغل حول الرفيق المناضل طارق عزيز، والموجه أساسا إلى عميدة وكبيرة المحتلين والمجرمين ( أصحاب نهاية التاريخ )، فإنما يضيف إلى نداء الأب ميغل مطالبته أيضا لأصحاب ( عودة التاريخ ) ، وأيضا وأيضا إلى عملاء الطرفين في بغداد ( أصحاب نفي التاريخ ) ، أن اخجلوا من أنفسكم ومن شعوبكم ، ومن القيم التي تتشدقون بها ليل نهار، وأفرجوا فورا عن كل المناضلين والشرفاء من المدنيين والعسكريين في سجونكم،السرية والعلنية، وعلى رأسهم الأستاذ والمناضل الشريف طارق عزيز. لقد طفح الكيل وجاوز الحزام الطبين فطائر العنقاء يحوم فوق رؤوسكم جميعا ( أمريكا ، إنجلترا ، أوروبا ، الأنظمة العربية العميلة ، أحفاد ابن العلقمي في العراق ) مطالبا بدماء الرئيس الشهيد صدام حسين ودماء ملايين الشهداء الآخرين من أبناء العراق الشرفاء ، الذين اغتالتهم أياديكم سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة ( وجاء النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير) _ فاطر / 37 .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ