ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 08/11/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

مراجعات فكرية (13)

الحرية: الثقافة اللازمة

د نبيل الكوفحي

Nabil_alkofahi@hotmail.com

احد الدوافع العميقة لدى المنخرطين بالعمل الإسلامي الحركي المنظم الحاجة لتحقيق الحرية بكل أطرها، حيث تحفز هذه الرغبة في العمل والقدرة على التضحية واستمرارية السير الصعب المحفوف بالمكارة.

هذا الدين في جوهره دعوة لتحرير الإنسان، تحريره من الطاغوت، وتحريره من الاستعباد، وتحرير عقله من الخرافة والتقليد، وتحرير سلوكه من العادات السيئة والضارة، وتحرير إرادته من الضعف والعجز، وتحرير نفسه من الأنانية والاستحواذ والهوى والشهوات. وقد جاء القران الكريم لإعتاق الحياة الإنسانية من كل ما يقيد حريتها، وجاء الخطاب الإلهي واضحاً في وجوب الجهاد نصرة للمستضعفين من الناس مسلمين وغير مسلمين، يقول تعالى (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (75 - سورة النساء). ولقد جاء قول ربعي بن عامر – رضي- وقد فقه هذه الحقيقة فقال لرستم الفرس: جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد لعبادة رب العباد... ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.

ان  "منهج التحرير" لا يقتصر فقط على تحرير الأرض المغتصبة من دنس الغاصبين، وإزالة كل العوائق أمام إرادة الإنسان الحرة في الاختيار، بل أيضا في تحرير الإنسان في تفكيره أولا وفي سلوكه الإنساني ثانياً

لكن هل طبيعة المنهج التربوي والتثقيفي لدى الحركة الإسلامية تعزز هذا الدافع العميق؟ وهل شكل الأطر الهيكلية ترفع من هذه الممارسة ؟ وهل القيادات تشكل قدوة في ذلك؟ وهل الثقافة السائدة ترحب بذلك؟

ان التحليل العلمي يخلص إلى أن آليات التربية والتثقيف تنحى باتجاه بطيء لهذا المعنى المقصود شرعاً والمطلوب عقلاً، حيث أن التربية على السمع والطاعة لا يواكبها تربية موازية في تعميق الشعور بالحرية، وأبرزها تعزيز كينونة الفرد ككائن متميز بفكره وشعوره عن الآخرين، ويحمل "بصمة فكرية وشعورية خاصة" ، إذ أن السلوك العملي في التبعية غير المؤطرة منهجياً أو رسميا لأشخاص أو التعصب لأرائهم هو بمثابة خنق لذلك الشعور المتأصل في نفسية طلاب التغيير علاوة عن صانعيه.

من ابرز الظواهر السلبية في تقييد حرية التفكير والاختيار هي: ظاهرة التعصب للأشخاص، فنجد بعض العاملين في الحقل الإسلامي يود بعض الأشخاص ويواليهم لا لسبب شرعي يوجبه الفقه، و إنما بسبب العلاقة الخاصة، حتى لو كانت الأسباب الشرعية ترشد إلى قطع ما هو فيه من ولاء، من وجود ظلم عند أصحابه الذين والاهم، أو الخروج عن خُطة الأكثرية، ويبرز تأثير ذلك قاسياً على تقدم الجماعة والتمكين لدين الله في بعض جوانب الحياة.

ومن المظاهر السلبية أيضا إغلاق الباب أمام كثير من الاجتهادات الجديدة لا لشيء فيها إلا حداثتها وأنها غير مجربة، سواء كان ذلك في منهجية التفكير والتخطيط أو في وسائل التربية والتثقيف أم في الهياكل التنظيمية وقنوات الاتصال الأفقية والرأسية. وقد انعكس ذلك سلباً أمام رواد التجديد في العمل الإسلامي، إذ أن مستويات التجديد تبدوا ضئيلة أمام حجم التحديات ومستويات التعريف بالفكرة، وهذا انعكس سلبا على صيرورة العمل الطلابي والشبابي والذين تمتاز فئاتهم العمرية بالتغير والبحث عن الجديد أكثر من الثبات والاستمرار على كثير من الموروثات من اجتهادات البشر، فما كان مقبولا كخطاب استقطابي في فترة الثمانينات من " أحلام توحد الأمة" وسرعة نهوضها ورقيها إلى أستاذية العالم، لم يعد اليوم "خطابا مستوعبا" عند الكثير من الشباب بسبب الاحباطات والانكسارات التي تشهدها الأمة في كل دولها ومناحي حياتها.

وباستعراض بعض قصص الناجحين من الدعاة الذين تركوا العمل التنظيمي، فربما يكمن السبب في كثير منها في عدم تفعيل مبدأ الحرية هذا، فكم من المبدعين في الشعر أو الإعلام أو الأدب أو في العمل الاقتصادي أو العمل الدعوي المباشر أو غيره كثير، خسرت الأمة والجماعة تالياً نتاج جهودهم الإبداعية لعدم قرتنا على تطبيق منهج الحرية الذي يولد الإبداع ويحفظه ويصونه.

ومن المزالق الخطيرة تقييد اجتهادات القيادة في الصغير من الأمور ناهيك عن كبيرها، فالقائد كتلة مشاعر، ومجموعة عواطف وذهن يتأمل، يجب أن ندع له مجال الاجتهاد حتى وإن قيدناه بخُطة، وعلينا أن نترك لفراسته دوراً، ولذوقه مجالاً، وكيف لنا أحياناً أن نقيد القائد، ونجرده من أي حرية في اختيار الأعوان، ثم نطلب منه أن ينجز المعجزات؟

ومن الامور التي لا يراعى الاهتمام بها التربية على منهج التفكير النقدي، فهذه ملكة اذا امتلكها الداعية فانها تعينه على البحث عن الحقيقة واتباعها، وتعطيه قدرة حوارية واقناعية كبيرة، تترجم في قدرته على الاقناع والتأثير، وتقلل الثغرات في العمل التي يلج منها الخصوم، وتؤسس لجيل من المؤهلين للقيادة على مختلف مستوياتها، فقد جعلت " القدرة على الاجتهاد" احد خصائص القيادة العليا في فهم علماء الاصول، اذ لا مكان لتابع محدود التفكير في صف القيادة المتقدم.

هذه دعوة مفتوحة لكل العاملين في الحقل الإسلامي أن يتذكروا: أن قيمة الحرية ضرورية لإحداث تقدم في العمل الإسلامي ولوقف النزف في الطاقات المؤهلة التي تغادرنا لفضاآت فردية أرحب، مذكراً بالقاعدة الذهبية التي قررها الفاروق عمر بن الخطاب –رضي-  حينما قال لعمروا بن العاص – رض-: يا عمرو متى تعبدتم (استعبدتم) الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.

ولا يكون ذلك إلا من خلال تأسيس منهج تربوي وتثقيفي يقوم على إعلاء قيمة وكينونة الفرد الفكرية والشعورية، ومن خلال اطر هيكلية مرنة تتفاعل وتستوعب الحكمة البشرية في كل جوانب تقدمها، ومن خلال نماذج قيادية تقتدي برسول الله – ص- وهو يقول - رداً على سؤال صحابي في اختيار موقع الجيش في معركة بدر الكبرى-: بل هو الرأي والحرب والمكيدة.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ