ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 16/09/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

وفاز أصحاب الأكف البيضاء

محمد فاروق الإمام

نعم فاز أصحاب الأكف البيضاء التي لم تلوثها ثقافة التغريب ولم تنل منها رغم سيطرتها على تركيا لنحو قرن من الزمان.. نعم فاز من يمثلون ضمير الأمة ويتفاعلون مع قضايا الشعب وآماله وتمنياته..  مخلفين العسكر وانقلاباتهم وأصحاب النزعات القومية والعنصرية والعلمانية ليصبحوا في ذمة التاريخ الذي لا يرحم أمثال هؤلاء وسنشهد في قابل الأيام تجفيف معاقل هؤلاء بإرادة شعبية ستفرزها صناديق الاستفتاء أو الانتخاب مرة بعد مرة لتصبح شيئاً من الماضي الذي يتندر به الناس ويرون سلوكياته وقصصه وحكاياه.

لقد حقق (حزب العدالة والتنمية) بقيادة رجب طيب أردوغان انتصاراً كبيراً على خصومه العلمانيين والأتراك الطورانيين بالفوز في الاستفتاء الذي أجري الأحد 12 أيلول الحالي على تعديل الدستور التركي الذي وضع بنوده الانقلابيون العسكريون عام 1980 بعد إطاحتهم بحكومة ديمقراطية منتخبة، وتعليق العمل بالدستور، وحل البرلمان.

لقد أراد أردوغان المضي قدما في إدخال التعديلات هذه للحد من سيطرة العسكر ومنع الانقلابات العسكرية، وتقديم جميع المتورطين فيها إلى القضاء لمحاكمتهم، الأمر الذي دفع إلى تكتل معظم الأحزاب القومية والعلمانية ضده، وكانت النتيجة إقرار الشعب لهذه التعديلات بنسبة 58% من مجموع الذين أدلوا بأصواتهم وقد تجاوزت نسبة المشاركين 80% وهي الأعلى من نوعها.

وإذا ما كان التصويت في شكله الهدف منه التعديلات الدستورية إلا أنه في مضمونه يعني التصويت ضد الأتاتوركية الطورانية وإرثها العلماني الذي مجته الجماهير التركية وأرادت نزع هذا الثوب القاتم عن كاهلها بعد معاناة تحملتها هذه الجماهير لنحو قرن من الزمان ذاقت خلاله مرارة الحروب وفظاعتها وحنظل الفقر وقتامته وانقلابات العسكر ودكتاتوريتها وحكم القادة السياسيين العلمانيين والقوميين واستبدادهم.

الجماهير التركية أثبتت في هذا الاستفتاء أنها على مستوى المسؤولية وتعرف أين تكمن مصلحتها وكيف تفرق بين الغث والسمين، فأحسنت الاختيار وأجادت القرار الذي فيه خيرها وخير أبنائها ومستقبل بلدها.

ومن المفارقة أن هذه التعديلات الدستورية تقرب تركيا أكثر من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي نظرياً، فسيطرة الجيش على مقدرات البلاد كانت من المآخذ الأوروبية على النظام السياسي التركي، حيث طالبوا الأتراك أن يفعلوا ما فعله اليونانيون من قبلهم، أي إبعاد المؤسسة العسكرية كلياً عن النظام السياسي، وإجراء التعديلات الدستورية التي تضع حداً لانقلاباتهم العسكرية، ولم تدخل اليونان الاتحاد الأوروبي إلا بعد إجراء هذه التعديلات، ولهذا نجد الدول الأوروبية وأمريكا سارعت إلى الإشادة بالاستفتاء ونتيجته، لأنها لا يمكنها سوى فعل ذلك، رغم اعتقادي الجازم أنها كانت تتمنى لو جاء هذا الاستفتاء ونتائجه على يد العلمانيين الذين ربتهم على موائدها لسنين طويلة، ولكن الرياح أتت بما لا يشتهون فقد جاء الاستفتاء النزيه والشفاف على يد أصحاب الأكف البيضاء التي ما عرفت الفساد يوماً أو صافحت كف عدو أو أبرمت اتفاقية مع عدو.

وأعتقد جازماً أن الشعوب العربية لا تقل وعياً وإدراكاً لمصالحها وأين تكمن من الشعب التركي إذا ما أتيحت لها فرصة اختيار ممثليها وبمن تضع ثقتها، فأصحاب الأكف البيضاء لا يزالون – رغم الفساد والقهر والقمع – يشكلون الطيف الأكبر من جماهير الشعب العربي شرقه وغربه.. فهل نجد في بلداننا العربية حالة كتلك التي جرت في تركيا وفق المعايير الإنسانية الراقية من الشفافية والنزاهة لاختيار لون الحكم ونوع الدستور الذي فيه مصلحة الشعوب العربية والبلدان العربية التي تتعرض لأكبر هجمة استعمارية عنصرية عرفها التاريخ الحديث؟!

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ