ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 17/08/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

النار والجليد 

( الحرب التي دقت ساعتها ألف مرة )

أ. محمد بن سعيد الفطيسي*

azzammohd@hotmail.com

         منذ النهاية المزعومة للحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي السابق , لم يشهد العالم حربا أكثر برودة مما هو حاصل اليوم بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإيرانية , وتكمن تلك البرودة في ذلك الكم الهائل من الفوضى الإعلامية والسيناريوهات والتحليلات والتوقعات والاحتمالات والنظريات السياسية والعسكرية التي أحيطت بما أطلق عليه " بالمواجهة المنتظرة بين الجمهورية الإيرانية والولايات المتحدة الأميركية " منذ أكثر من عقدين من الزمن 0

         والمتابع لتلك الحرب الإعلامية التي شكلت ملامح الصراع فيها منذ البداية ما يطلق عليه بالبروبوغاندا propaganda - أي – الدعاية وحرب التأثير على الرأي العام , يعايش نوعا معقدا من حروب الشد والجذب والانتقال الى خطوط التماس وحافة الهاوية وعرض العضلات وسياسة النفس الطويل ومحاولات لي الذراع والابتزاز واستغلال نقاط الضعف من قبل الطرفين – وبمعنى آخر – استخدم فيها كل الأنواع التكتيكية والإستراتيجية المتعارف عليها في السياسة اللينة 0

         خلاصة الأمر , أن اغلب الآراء والتحليلات والسيناريوهات الاستشرافية التي توقع ساعة الصفر فيها " حتى الآن " عدد من المتخصصين والمراقبين والمتابعين لذلك الصراع المحتدم بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة , والجمهورية الإيرانية من جهة أخرى منذ عقد التسعينيات , قد وقعت نفسها في براثن تلك الحرب الدعائية التي نجح كلا الطرفين في تسويقها وترويج مظهرها الخارجي إعلاميا , وان الحرب التي دقت ساعتها لأكثر من ألف مرة خلال تلك السنوات لم تقع بعد , وربما لن تقع مطلقا , وربما ستقع في أي لحظة 0

         المهم في الأمر أن المتتبع لتفاصيل ما يحدث ويدور على الساحة الدولية بخصوص هذه القضية وبينما يتوقع أن تلك الحرب ستشتعل في أي لحظة , وانه لم يتبقى غير سماع صفارات الإنذار وهي تنطلق من على ضفاف الخليج العربي وشرق أوربا والولايات المتحدة الأميركية وإيران , يصطدم بتصريح جديد ووجه آخر يطالعنا به قائد عسكري أو سياسي من كلا الطرفين يؤكد من خلاله استعداد بلاده للحوار مع الطرف الآخر , وبينما يشاهد الجميع أن الجليد الساخن قد ذاب وبرز ما تحته من وقود مشتعل , إذا به قد تم إطفاء نار تلك الصواريخ بنفس جليد الدعاية الإعلامية التي أشعلته 0

         وكغيرنا من المتتبعين والمراقبين لتطورات " العد العكسي للازمة " وضعنا بعض النقاط التي يمكن من خلالها توقع ساعة الصفر , وذلك من خلال استخلاص أفكار عدد من المقالات التي كتبناها سابقا كمقال السيناريو الأخير , ماذا ينتظر الشرق الأوسط ؟ ومقال التحولات الجيوسياسية في الفضاء العالمي القادم ومقال الشرق الأوسط ,,, العد العكسي للمرور بنقطة اللاعودة 0

         حيث توقعنا تصاعد وتيرة الأحداث وتأزمها بشكل اكبر خلال الفترة من يونيو 2010م وحتى يونيو 2011م تحديد , بحيث أن هذا الملف سيتم حسمه وبشكل نهائي قبل نهاية العام 2011م , وإلا فان الاحتمال الآخر والأقرب الى التوقع هو رضوخ الولايات المتحدة الأميركية وإذعانها للتوجهات الإيرانية بعد ذلك التاريخ , وبالتالي اعترافها بالحقوق الإيرانية في امتلاك الطاقة النووية , وبغض النظر عن الطموحات التي ستسعى إليها الجمهورية الإيرانية في المستقبل 0

 وتلك النقاط التي يمكن من خلالها تقريب وتوضيح ملامح ساعة الصفر هي :

( 1 ) تعزيز قدرات الردع والاحتواء في كل من شرق أوربا وإسرائيل ودول الخليج العربي , وذلك من خلال تعزيز القدرات العسكرية والدفاعية تحديدا , كنصب بطاريات الصواريخ المضادة للصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى 0

( 2 ) تسارع وتيرة الزيارات المكوكية للقيادات العسكرية والسياسية لكلا الطرفين الى عدد من دول   الشرق الأوسط المرتبطة من الناحية الجيوسياسية والجيواستراتيجية بجغرافيا الحرب من جهة , كما ستتزايد من جهة أخرى تلك المحاولات الدولية المعلنة والسرية لدرء فتيل الحرب , وخصوصا من قبل الدول لها تأثير على أطراف الصراع  0                       

( 3 ) سيكون هناك تغير ملموس على السياسة الخارجية لكل من الصين وروسيا , و- بمعنى آخر – سنشهد ردود إعلامية وسياسية عكسية من الدول الحليفة للجمهورية الإيرانية , وهنا يمكن ان نشهد تكرار تلك الصورة السياسية التي طالعناها قبل شن الحرب على الوطن العربي العراقي , وذلك من خلال رفض بعض الدول لتلك الحرب ومن ثم إذعانها للولايات المتحدة الأميركية بعد ذلك 0

( 4 ) زيادة حركة القطع العسكرية في منطقة الخليج العربي ومنطقة البلقان لكلا أطراف الصراع , وبطريقة لا يمكن سوى اعتبارها أنها المرحلة الأخيرة لدق ناقوس الحرب 0

( 5 ) بعد نصب إسرائيل لما أطلقت عليه بمظلتها الدفاعية وتجربتها ونجاحها كما تقول , تكون قد أنهت الخطوة الأولى من استعداداتها الدفاعية لاحتمالية وقوع الحرب 0

( 6 ) ستتزايد في نهاية المطاف الحرب الإعلامية والدعائية لكلا أطراف الصراع , بحيث سيتم نقل تلك الحرب الى كواليس الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي 0 

         إنما وبالرغم من ذلك , فلا زال الجانب الدبلوماسي يلعب دوره على صعيد هذا الملف المتأزم  والحلول السياسية اللينة لم تستنفد بعد كما نشاهد ونسمع , كما ان تلك الحرب الإعلامية والدعائية التي تمارسها أطراف الصراع لم تتوقف بعد , فكل منهما يحاول استنفاد أنفاس الأخير , وذلك من خلال الترويج لقوته واستعراض إمكانياته الهجومية والدفاعية , ورمي الكرة في ملعب الآخر لمشاهدة ردة فعله على ذلك 0   

         وبعد كل ذلك الشد والجذب , والدفع بالمنطقة لأتون حرب لا يعلم غير الله عزوجل كيف يمكن ان تنتهي , تبقى بين هذا الجانب وذاك , أسئلة والغاز عمرها أكثر من 20 عاما لا زال البعض منا يطرحها بين الحين والآخر , ومن تلك الأسئلة : حقيقة الحرب نفسها , وهل يمكن ان تقوم لتقضي على آخر آمال المنطقة بالسلام والأمن والاستقرار ؟

         وإذا كان ذلك ممكنا , فما الذي تنتظره الولايات المتحدة الأميركية في ظل التأجيج الصهيوني لذلك منذ سنوات طويلة ؟ وهل يمكن بالرغم من كل تلك الهالة التي أحيطت بهذه الحرب ان تكون في نهاية المطاف مجرد معادلة عالمية لم يفهم حساباتها العرب كعادتهم , ويكونون الخاسر الأكبر فيها ؟ لتبرز في نهاية المطاف قوى إقليمية وقارية وعالمية جديدة وخارطة سياسية للمنطقة وثرواتها وتوزيعها تكون الأجيال العربية القادمة المتأثر الأكبر منها ومن موازينها 0

         على العموم , ستكون الشهور القليلة القادمة والتي لن تتجاوز شهر يونيو من العام 2011 م , وفي مدة أقصاها ديسمبر من نفس العام , وبناء على الكثير من التحليلات والحسابات والمعطيات العسكرية والسياسية هي الفصل الأخير على ما اعتقد من هذه الحرب , والتي نرجو من الله عزوجل أن يطفئها ويجنب منطقتنا وكافة بلاد لمسلمين فتنها الظاهرة والباطنة 0

ــــــــــ

*باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية – رئيس تحرير صحيفة السياسي التابعة للمعهد العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية 0

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ