ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 05/08/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

مستقبل المفاوضات في ظل اختلال ميزان القوى !

بقلم/ د. أيمن أبو ناهية*

من الواضح أن دولة الاحتلال الإسرائيلية لا يوجد لديها أي توجه للسلام ولو كانت تريد السلام لحققته قبل ثلاثين عاماً، رغم ذلك يستمر المفاوض الفلسطيني بالانغماس في نفق المفاوضات، سواء عن طريق الكفاح المسلح أو بالعمل السياسي، ولكنه لم يستخدم أي من الخيارين، وبالتالي لن يغير ميزان القوى الذي تتفوق فيه دولة الاحتلال. فلم يسجل التاريخ أن أرضاً احتلت قد عادت بفعل التفاوض، في ظل اختلال ميزان القوة بين المحتل الذي يغتصب الأرض بالقوة، وبين صاحب الحق الشرعي الضعيف، ولم يسجل التاريخ أيضاً أن النصر لم يكن حليف المقاومة ؛ فالمقاومة وحدها هي الخيار الاستراتيجي، وأما التفاوض فمرحلة لاحقة تكون عندما يعترف المحتل بالحق المشروع لأصحاب الأرض المغتصبة.

 

فلو نظرنا إلى مطلب المفاوض الفلسطيني نجد أنه يطالب بدولة في حدود الرابع من يونيو/حزيران 67 التي لا تزيد عن 22% فقط من مساحة فلسطين التاريخية، وبأن يكون شرقي القدس عاصمة لها، وتكون قابلة للحياة، ومتصلة وغير مجزأة بطرق التفافية وكتل استيطانية وجدار عازل.

 

وتشمل الدولة في التصور الفلسطيني فضلاً عن شرقي القدس الضفة الغربية وقطاع غزة، مع إمكانية تواصلها مع العالم الخارجي عبر الموانئ والمطارات والمنافذ البرية، لا بأس، لكن ماذا عن القضايا المهمة الأخرى على رأسها اللاجئون والأسرى والمياه والحدود والمعابر والحواجز والمستوطنات والتسلح فيما يختص بتكوين جيش مسلح لهذه الدولة الوليدة، لم تكن مذكورة على جدول أعمال هذه المفاوضات وما إذا كانت هذه القضايا ستدخل ضمن إطار مفاوضات قضايا الحل النهائي بشأن الدولة أم لا؟! لأن دولة الاحتلال ترفض التعامل مع هذه القضايا جملة وتفصيلاً، فإذا ما ركزنا على أهم هذه القضايا وهي الحدود نجد أنها ترفض منذ اتفاقية "أوسلو" الإعلان بصراحة وبدقة عن مساحة الأراضي التي ستتركها للفلسطينيين لإقامة دولتهم عليها. وهذا ينقلنا مباشرة إلى طرح السؤال التالي: هل يمكن أن تحقق المفاوضات المباشرة وغير المباشرة ما عجزت "أوسلو" وغيرها عن تحقيقه؟!

 

للإجابة عن هذا التساؤل كتبت صحيفة "معاريف" (8-3-2010) وتحت عنوان "خارطة أبو مازن للتسوية"، "أن السلطة الفلسطينية على استعداد لمناقشة إبقاء المستوطنات في إطار الاتفاق المستقبلي، وضم 1.9% من مساحة الضفة الغربية، مقابل الحصول على مساحة مماثلة".

 

هذا الاتفاق يعد الأخطر على مستقبل القضية الفلسطينية برمتها وستكون كارثية على الشعب الفلسطيني إلى أبد الآبدين، ألا وهي قضية "التبادلية": أي اعترافنا بضم المستوطنات الإسرائيلية إلى دولة الاحتلال يقابله إعطاؤنا أرضاً في النقب، ومعروف أن النقب مكب للنفايات النووية، يقابله تفريطنا بأهم وأخصب الأراضي في الضفة الغربية. فأغلب المستوطنات الإسرائيلية قائمة على آبار المياه الجوفية الفلسطينية في الضفة الغربية، إذن ما هي مقومات الحياة للدولة الفلسطينية العتيدة التي تتحكم بمياهها دولة الاحتلال؟!

 

فلنعي الأمر جيداً بأن دولة الاحتلال كيان عنصري لا يؤمن بالسلام، ويعمل على مشروع استيطاني استعماري يتوسع بمقدار ضعفنا واستعدادنا للقبول بما يُفرَض علينا.. إنه كيان عسكري مجرم بامتياز، يقتل الأطفال ويهدم البيوت على رؤوس ساكنيها، ولا يقيم وزناً لحياة البشر، ويتلذذ بالتعذيب.. وقادته مجرمون متعجرفون غير أخلاقيين، يؤمنون بعقيدة القتل مع سبق الإصرار والترصد. فما الذي ننتظره منهم؟! وما الذي يجدينا نفعاً في مواجهتهم غير الثبات على الحق والمبدأ، واستخدام قوتنا في الدفاع عن أنفسنا وحقوقنا المشروعة بحماية مقدساتنا، وتحرير أرضنا، واستعادة بلادنا؟

 

فإغلاق الأبواب في وجه وسائل المقاومة يؤدي إلى عبثية التفاوض، لأن الاحتلال ليس لديه أي نية للاعتراف بالحق المشروع لشعبنا، ما لم تكن هناك قوة تجبره على هذا الاعتراف ولا شيء غير القوة يستعيد ما أخذ بالقوة؟!، لأن اختلال ميزان القوة بغياب المقاومة وتبني شعار السلام خيار استراتيجي، يجعل من المفاوضات مساهمة في تحقيق الاحتلال لأهدافه في الاستيطان وابتلاع المزيد من الأرض والعمل على تهويدها.

 

فالمطلوب، على الأقل، ألا نلعب دور المغفلين لسنوات قادمة أخرى قد تطول، فنخوض مفاوضات "عنترية" نتيجتها معروفة مسبقاً، وأن ندرك أن المجرَّب لا يجرَّب بعد أن لُدغ من الجحر ذاته ألف مرة ومرة. فقد جرّبنا المفاوضات مع الكيان الصهيوني سنين طويلة، كانت خلالها الأرض تقضم والقدس تهود، والشعب الفلسطيني يذبح ويحاصر ويشتت ويفتت، وجربنا التدخل الأميركي وتسليم مفاتيح الأمر له، وهو الذي يشد على يد دولة الاحتلال بتقديم الدعم المادي والعسكري المطلق لها، فالإدارة الأميركية ومواطنوها يساهمون في تمويل الاستيطان، وبناء جدار الفصل العنصري والحصار وتطوير القدرة العسكرية النووية وغير النووية، بما لا يتطرق إليه شك أو ريب من أن يؤدي الأمر إلى فشل المفاوضات بسبب الفارق الواضح في ميزان القوة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.

ـــــــــــــ

* أستاذ الاجتماع والعلوم السياسية – غزة

aym164@yahoo.de

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ