-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 07/07/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


نعم يا أبي هذا قراري

بقلم آرا  سوفاليان

arasouvalian@gmail.com

ـ هل يحق لك أن تغتال أمانيّ وتقتل أحلام أمك المسكينة بمثل هذا القرار؟

ـ لم أغتال أمانيك يا أبي ولم أقتل أحلام أمي ... هناك من فعل ذلك بالتأكيد ولكن لست أنا... المعدلات الفلكية والمجاميع الأسطورية التي وضعها من وضعها هي التي تغتالنا وتقتل أمانينا وأحلامنا... ورسالتهم معروفة ... لا يريدون المزيد ... لم تكن علاماتي تؤهلني لدخول الطب لأن دخول كلية الطب في هذا الزمان الذي ولدنا فيه يحتاج لمعجزة ... وقد ولى زمن المعجزات... وخلافاً لأبسط قوانين الحياة فإنه لم تكن في الإعادة أي إفادة لأني بعد الإعادة كما تعلم... خسرت ثمانية علامات من أصل المجموع الذي حصلت عليه قبل الإعادة وبالتالي سقى الله أيام ما قبل الإعادة... هذا يكفي يا أبي لقد تعبتم معي بأكثر مما تقتضيه مروءة الأهل.

ـ لا يمكن أن يلازمك سوء الطالع يا بني... فأنا وأمك نعرف بأنك لم تقصر في شيء... ونحن معك حتى نراك على بر الأمان... وسنبقى على ما عهدتنا عليه لطالما أن هناك روح تجول في أجسادنا المتعبة.

ـ وهل تتوقع يا أبي أي وميض ضوء أو ذرة أمل...  لقد طردوني لأنني عاجز عن الاستمرار في الدفع وبمعنى أدق عاجز عن الاستمرار في لعبة النصب... و ذهب ما دفعتموه في جوف الحيتان من أصحاب الجامعات الخاصة وضاع ثمن بيت الضيعة ثم أرث أمي وها أنت تنوء تحت وزر قرض الاكساء ونحن لا نكسوا شيئاً يا أبي نحن نكسوا كسوتهم ونجمع الملايين لهم... وهم لا يهتمون لأن كل جامعات العالم في خدمتهم وخدمة أولادهم ونحن لسنا أولادهم وهم لن يفكروا بنا ولا بالملاعق الصدئة التي وجدت في أفواهنا عندما ولدنا... لأنهم مشغولون بشراء ملاعق الذهب ليضعوها في أفواه أبنائهم وهكذا  فالجامعات الخاصة مهازل كبرى تضاف إلى جملة المهازل الكثيرة التي صرنا ننوء بها ومنها.

أنقذني يا أبي فالندم يقتلني لأنني أنا الذي... دفعك دفعاً لتغرق في هذا المستنقع القذر.

أنا لا أحب إدارة الأعمال يا أبي وأرجو أن تتوقف عن إيجاد منفذ جديد للاستدانة فأنا لم يخلقني الله لأخرب عيشك واسلب هنائك وراحة بالك ... أنا لم يخلقني الله لأستولي على رواتب أمي وما ادخرته وما جمعته عن طريق جمعيات النساء... دول الخليج لم يعد لها حاجة بنا... لا حاجة لها بالمحاسبين ولا بمديري الأعمال فلا توجد أعمال يا أبي لا توجد أعمال ولا مشاريع يا أبي بل تبييض أموال وها هم يطردوننا الآن ... لا توجد صناعة وطنية يا أبي لأن الصين قضت على الصناعة الوطنية التي لم تجد من يحميها ... صناعة النسيج العريقة لفظت أنفاسها الأخيرة وتم تسريح العمال وإغلاق المنشآت... ولا توجد زراعة يا أبي لأن الدولة تعيد جدولة قروض الفلاحين المفلسين العاجزين عن الدفع وتفكر بسلل غذائية لإعانة الفلاح فالفلاح يجوع اليوم وهذا ما لم نشهده من قبل... ولا توجد سياحة يا أبي لأن السائح الذي يصل إلينا يتم اقتناصه فيدفع إيجار عشرة بيوت وخمسة فنادق وأربع سيارات  ودفتر مخالفات ويتم إتحافه أخيراً بدورية أخلاقية لتعليمه الأخلاق فيخرج بحيث لا يعود ولا بالأحلام ويعطي الدروس لغيره لتشملنا الشفاعات.

ـ رأتك أختك وأنت تنقل كيس الطحين على الدراجة وتحمله على ظهرك وتدخله من الباب الخلفي للمحل

ـ نعم يا أبي... وإذا كنت تخجل في إيجاد التسمية المناسبة لي فسأجدها أنا... أنا لم أعد طالب طب ولا طالب إدارة أعمال ولا محاسبة لأنه لا حاجة لنا بالطب هنا ولا حاجة لنا بإدارة الأعمال هنا لأن هناك من يديرها عنا ويديرنا معها ويحاسبنا دون أن نتمكن من محاسبته... أنا يا أبي أجير صاحب محل حلويات... أنا يا أبي خزمتشي صاحب محل كاتو... وكيس الطحين الذي أحمله على ظهري يا أبي نصنع منه الكاتو... ونعمل ونبيع ونربح ولا نحصد الأوهام كما يفعل المحاسب ورئيس الحسابات والمدير المالي والمدير العام... أنا ومعلمي حيث لا تهمنا التسميات الرنانة الطنانة ولا أصحابها الذين يتسولون بطريقة ما في القطاعين العام والخاص ليعيلوا أسرهم ويوهموا أنفسهم بأنهم يعملون في مكان لا عمل فيه... أنا يا أبي أجير صاحب محل كاتو يخبز الكاتو ويبيع ولدي في جيبي ما يكفيني لكي لا أطلب منك... وسأكون يوماً ما صاحب محل... وحالياً أجير أو صبي محل حتى أتعلم المصلحة... وهذا أرحم بكثير فأنا يا أبي لم أعد أحتمل نظرة الضياع في عينيك ولم أعد أحتمل حرقة الألم التي تخرج من صدرك المتعب وأنت تحتاث لتتدبر أمورنا وقد مللت من البحث معك ومع أمي عن قرض جديد وأمل كاذب جديد... انسى يا أبي فأنا لن أكون ألكسندر فلمنغ ولا باستور ولا هانريك روبرت كوخ  فهذه التسميات ومثيلاتها لم تعد بالمطلق لنا لأنهم قرروا بأن مجاميعنا الحقيرة لا تؤهلنا دخول كلّياتهم الكريمة.. وهكذا وبالاتفاق فهناك من يؤمن الزبائن للجامعات الخاصة ويتقاسم المغانم... ارفع رأسك بي يا أبي فلقد فشلت في ان أكون طبيب ونجحت في أن أكون شريف وابن لشريف.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ