-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 14/06/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


من أساليب التربية النبوية

القسـَم

الدكتور عثمان قدري مكانسي

     إنه من أشد أنواع التأكيد(1) ، فالمسلم يقسم بخالق الكون وبارىء النسم أن ما يقوله أو يقرره صدق لا جدال فيه ، سواء أكان ذلك سلباً أم إيجاباً .

     والقسَم طريقة من طرائق الإقتناع والوصول إلى إرضاء المخاطب والدخول إلى نفسه ، وجلاء الشك فيه .

     وقد سلك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذه الطريقة لإقناع المسلمين ، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : (( . . . والذي نفسي بيده ، لقد هممت أن آمُرَ بحطب فيُحتطب ، ثم آمُرَ بالصلاة فيؤذنَ لها ، ثم آمر رجلاً فيؤمَّ الناس ، ثم أخالفَ إلى رجال فأحَرّقَ عليهم بيوتهم (2) . . ))

     فالرسول الكريم يوضح مكانة صلاة الجماعة ، وينعى على الذين يهملونها كسلاً ، ويؤكد أنه همّ عدة مرات أن يعاقبهم ، فأقسم بالله سبحانه وتعالى ـ وهو الصاق الصدوق الذي لا يحتاج إلى القسم ـ أنه كاد يعاقبهم على تخلفهم عن صلاة الجماعة .

     وأقسم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ القسم نفسه على شدة هول يوم القيامة ، وما أعد الله للكافرين من العذاب ، وذكر أن الناس غافلون عنه ، فقد روى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال :

     خرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على رهط من أصحابه يضحكون ويتحدثون ، فقال : والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ، ثم انصرف وقد أبكى القوم(3) .

     وفي معرض وجوب اتباع سنته والسير على منهجه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينهي عن التنطع في الدين ، لأنه يسر .

     تروي عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه ؟ ! . .  فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية(4) .

     فقد أقسم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه أعرف الناس بالله تعالى ، وخشيتـُه لله سبحانه إنما تأتي من معرفته الحقةِ له ، ويعْرفـُه من بعده العلماء العاملون ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )(5) . ولا ينبغي لمؤمن بالله ، مسلمٍ متبعٍ للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا أن يكون مثله في عبادته .

     وحين يرى عاملـَه يأتي بالزكاة ويقتطع لنفسه شيئاً يزعم أنه أهدي إليه ، يوبخه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم يعلو المنبر موضحاً أن ما يأخذه العامل غير أجرِه إنما هو رشوة يحاسب عليها يوم القيامة ، ويقسم على ذلك لتأكيد هول الموقف  وخطورة أخذ الرشوة .

     يروي أبو حميد الساعدي أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : . . . . . والذي نفسي بيده ، لا يأتي بشيءٍ إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته ، إن كان بعيراً له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة تيعر(6) . . . .

     وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال :

     خرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذات يوم أو ليلة ، فإذا هو بأبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ

     فقال : ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة ؟

     قالا : الجوع يا رسول الله .

     قال : والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما(7) . . . ( والحديث طويل )

     فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتحبب إليهما ، وأنه خرج لِما خرجا له ، ويقسم على ذلك .

     وهكذا نرى أن القسم جاء تأكيداً للمعاناة التي يعانيها الصحابة من جوع وشظف عيش ،، وتصويراً لاشتراك الجميع فيها ، دون أن يحتاج صاحبه للقسم عليه .

     وكثيراً ما كان العرب يستعملون القسم لا لكبير حاجة ، إنما هو أسلوب من أساليبهم .

     ومن بديع أحاديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الجامعة : الحديث الذي صدّره بالقسم ليشد الانتباه إليه والتفكير فيه ، مع استحضار اليقين . ثم يصورُ أربعة أنواع من الناس ، تجمع كل اثنين منهم النية ، لأنها مفتاح الجنة أو النار :

     فعن أبي كبشة عمر بن سعد الأنماري ـ رضي الله عنه ـ أنه سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : (( ثلاثة ( أقسم عليهن ) وأحدثكم حديثاً فاحفظوه :

     ـ ما نقص مال عبد من صدقة .

     ـ ولا ظُلِمَ عبدٌ مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزاً .

     ـ ولا فتح عبدٌ باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر ، ( أو كلمة نحوها ) ، وأحدثكم حديثاً فاحفظوه عني : " إنما الدنيا لأربعة نفرٍ :

     1ـ عبدٍ رزقه الله مالاً وعلماً ، فهو يتقي فيه ربه ، ويصل فيه رحمه ، ويعلم لله فيه حقاً ، فهذا بأفضل المنازل .

     2ـ وعبدٍ رزقه الله علماً ، ولم يرزقه مالاً ، فهو صادق النية ، يقول : لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان ، فهو بنيّته ، فأجرهما سواء .

     3ـ وعبدٍ رزقه الله مالاً ، ولم يرزقه علماً ، فهو يخبط في ماله بغير علم ، ولا يتقي فيه ربه ، ولا يصل فيه رحمه ، ولا يعلم لله فيه حقاً ، فهو بأخبث المنازل .

     4ـ وعبدٍ لم يرزقه الله مالاً ولا علماً ، فهو يقول : لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان فهو نيّته ، فوزرُهما سواء(8) .



(1)    لا يحل لمسلم أن يقسم إلا بالله .

(2)    رياض الصالحين ، باب فضل صلاة الجماعة ( متفق عليه ) .

(3)    الأدب المفرد الحديث / 254 / .

(4)    متفق عليه .

(5)    سورة فاطر : الآية 28 .

(6)    رواه الشيخان .

(7)    من رياض الصالحين الحديث / 495 / .

(8)    رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ