-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 10/06/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


المواقف الداخلية في لبنان يجب أن تتناغم مع التطورات الخارجية..؟؟

حسان القطب*

تتعاظم الغيوم السوداء وتتلبد فوق منطقة الشرق الأوسط برمته لتنذر بهبوب عواصف سياسية وحتى عسكرية وأمنية على امتداد المنطقة من أطراف الشرق الأقصى في دولة باكستان ومحيطها..إلى عمق الشرق الأوسط..وصولاً إلى شمال أفريقيا..حيث تتفاقم أزمة السودان الداخلية بين الجنوب الذي يهدد بالانفصال والشمال المطالب باستمرار الوحدة وديمومتها لكن دون أن يعمل لترسيخها وتعزيزها وتثبيتها..وفي دولة مصر التي عادت لتبحث عن دورها وحضورها على الساحة الدولية والإقليمية بعد أن تهددها جيرانها في إضعاف قوة جريان شريان حياتها .. نهر النيل... وصولاً إلى لبنان هذا الكيان المتواضع الذي يعيش التداعياتالدولية والإقليمية والتحولات التكتيكية منها والإستراتيجية بين دول المنطقة كل لحظة وساحة..حيث تلعب بعض القوى الداخلية أدوارا يتجاوز حجمها وحضورها وقوتها الحقيقية، فالتصويت الذي من المقرر أن يجري في مجلس الأمن الدولي (حيث يمثل لبنان المجموعة العربية في هذا المجلس).. على قرار العقوبات الدولية التي تستهدف دولة إيران تربك الدولة والشعب والمقاومة.. فالدولة عاجزة عن إقامة توازن بين علاقاتها بالدول المؤيدة للعقوبات على كثرتها وتلك المعارضة لهذا القرار على قلتها..والمقاومة (ميليشيا حزب الله وحركة أمل) التي ترعاها إيران في لبنان تمويلاً وتسليحاً وتوجيهاً واستخداماً وإرشاداً تريد من لبنان أن يعارض تلك العقوبات تحت طائلة تعطيل الحياة السياسية في لبنان وتجميد أو التشكيك ببعض القرارات السياسية أو الإدارية والأمنية، من بينها مشروع إقرار الموازنة العامة والاتفاقية المنية مع الولايات المتحدة، والإصلاحات الإدارية والتعيينات الإدارية وحتى الأمنية منها.. والشعب وهو العنصر الثالث الأضعف في هذه المعادلة يدفع الثمن..ثمن هذا التباين مرة بعد مرة، جموداً في الحياة السياسية وانقساما وتبايناً بين قواه المدنية والسياسية... ودماً ودماراً وتضحيات، ومع ذلك ورغم كل هذه التضحيات يتعرض بعضه للاتهام والتخوين والتشكيك..فهذا الشعب منقسم بين مؤيد لإيران لاعتبارات دينية ومالية ورعائية وخدماتية.. وبين معارض للانخراط في جبهات وتحالفات إقليمية تستخدم الساحة اللبنانية ساحة تصفية حسابات ومنصة توجيه رسائل ومواقف سياسية ذات نبرة عالية حيناً، وأحيانا يكون الجنوب اللبناني منصة تطلق صواريخ تعبر الحدود والبحار.. لتكرس معادلة التدمير المتبادل ولكن غير المتوازن..لا لتحرير الأرض والإنسان واسترجاع الحقوق.. بل لحماية مشروع يسعى ليتجاوز الحدود الشرقية للأمة العربية ليصل إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط تحت شعار حماية مشروع المقاومة ودعم جمهورها...؟؟ ...

 لبنان هذا الذي يتهدده الخطر الإسرائيلي كل يوم وكل ساعة والذي من الممكن أن نقرأ بعض تفاصيل وحيثيات هذا التهديد في التصريحات العالية النبرة للمسؤولين الإسرائيليين، واستشراف طبيعة ونوعية وخطورة المناورات والتدريبات الإسرائيلية من حيث الكم والعدد والأهداف ..التي تجري في الداخل المحتل أو على الحدود الشمالية لهذا الكيان مع لبنان..ومع كل هذه التداعيات التي نعيشها ونخشى نتائجها أو حتى التعرض لها.. والتي تفترض منا جميعاً دون استثناء ومهما بلغت الخلافات بين أطرافنا السياسية والمذهبية..لا زلنا في لبنان نفتقد الحد الأدنى المقبول من التفاهم والتعاون والتنسيق بين القوى السياسية لمواجهة تداعيات المرحلة المقبلة.. ولكن مع ذلك نرى بعض القوى السياسية في الداخل ... تنخرط في ممارسة سياسات تؤدي إلى تفتيت الجبهة الداخلية وتعطيل الحياة السياسية والتشكيك بالوحدة الوطنية.. من موضوع الموازنة المعطلة والموقوفة منذ سنوات إلى موضوع المليارات التي يعرف تماماً نبيه بري أين أنفقت وكيف ولماذا.. ؟؟ إلى موضوع التشكيك المستمر إعلامياً بزيارات وحوارات الرئيس الحريري كما فعلت إحدى الصحف عبر مراسلها في واشنطن..مما استدعى رداً من مكتب الرئيس الحريري ومن الوزير الأميركي أيضاً.. إلى سياسة رفع الدعاوى القانونية التي بدأ حزب الله برفعها منذ بعض الوقت ضد بعض الصحافة المحلية والدولية وبعض الشهود... فإذا كان حزب الله حريصاً إلى هذا الحد على نقاء العمل الصحفي وحريصاً على الوحدة الوطنية والإسلامية الداخلية والخارجية إلى درجة الإدعاء على بعض الصحافة..لماذا لا يدعي حزب الله قانونياً على بعض الصحافة التي دأبت على اتهام مجموعة (13) بالقيام بالاغتيال السياسي وبعضها من الإعلام القريب منه أو المحسوب عليه.....الم يكن هذا الاتهام غير مبرر خاصةً بعد أن أصدرت المحاكم اللبنانية أحكامها على أعضاء هذه المجموعة..؟؟ دون الإشارة إلى جريمة الاغتيال من قريب أو من بعيد..!! وماذا لو قامت القوى الأخرى وتحت نفس العنوان والذرائع بالادعاء على تلك المؤسسات الإعلامية ورموزها... ألا يحق لنا أن نسأل إلى أين قد يقودنا هذا الأمر..وهذا السلوك...

 أمام هذه المستجدات الهامة والخطيرة التي تعيشها المنطقة اليوم ونحن قبل ساعات من التصويت على العقوبات الدولية التي ستفرض على إيران..وأمام الحائط المسدود الذي تتوقف عنده التفاهمات السياسية والمبادرات بين القوى الفلسطينية وأمام معاناة غزة وقطاع غزة وسكان القطاع والضفة وأراضي فلسطين وأمام الأزمة السياسية العاصفة في العراق الذي لا يزال يفتقد لحكومة تقود مسيرة خروجه من نفق الأزمة بعد أن عطلت القوى المتطرفة مسيرة تناوب وتبادل وتداول السلطة بشكل ديمقراطي سلمي وحضاري... وبعد أن بدأت تبرز بوادر الاغتيال الذي يهدف لتبديل موازين القوى.. إضافةً إلى ما يعانيه لبنان الساحة الضعيفة والخاصرة الرخوة....

بناءً على هذا الواقع لا بد لنا من إعادة النظر في كافة الممارسات السياسية والمواقف والبيانات التي تؤجج الصراع الداخلي أو تزيد من حدة الانقسام بين القوى السياسية والشعبية على الساحة اللبنانية والفلسطينية وسائر منطقتنا لنكون على استعداد لمواجهة ما قد يستجد مستقبلاً على كافة الأصعدة، لأن الوحدة الداخلية بين كافة القوى ومكونات مجتمعنا، وإعادة الثقة ضمن الحدود الدنيا على الأقل، شرط أساسي لمواجهة أي خطر خارجي، خاصةً وان الموقف السياسي التركي الأخير قد زاد من حدة الضغط على إسرائيل مما قد يدفعها لممارسة عمل عسكري كبير تسعى من خلاله لتنفيس احتقان أزمتها الداخلية وذلك بفتح جبهة حرب جديدة وخوض معركة عسكرية تعيد خلط الأوراق في المنطقة من جديد.. مما يعيد تشكيل المنطقة سياسياً وامنياً، ويأخذ الحوار السياسي الحالي بين القوى المحلية والإقليمية والدولية نحو أفاق جديدة وطروحات مختلفة بعيداً عن عناوين المرحلة الحالية المطروحة.... وإذا كان من كلمة أخيرة نوجهها فهي أنه رغم أن الموقف التركي والدور التركي الجديد والمستجد قد أعاد بعض الثقة لجمهور واسع وعريض من أبناء هذه الأمة إلا أن هذا الواقع يتطلب منا الكثير من القراءة والمتابعة قبل الحكم عليه سواء بالتأييد أو المعارضة أو بالتشكيك.. رغم أن ما كتب حول هذا الأمر كثير وكثير جداً...

*مدير المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات

hasktb@hotmail.com

======================

بداية النهاية لأسطورة السوبرمان

بقلم زهير كمال

سيقدم الفلسطينيون والعرب خدمة كبرى للشعب اليهودي بتخليصه من أزمة كبرى وقع فيها الشعب اليهودي عندما أسس الصهاينة دولة مزعومة لليهود سمّوها إسرائيل ، فقد عقّد تشكّلها حياة اليهود، وهي تترك آثاراً عميقة سيئة على مستقبلهم .

فمع تكوّن إسرائيل تشكلت شخصية أخرى تختلف عن الشخصية اليهودية المعروفة وهي مزيج من تعقيدات كبيرة ، ومن أهم ملامحها أنها :

1. انعزالية بتأثير عقلية الجيتو ، فقد عاش اليهود طيلة حياتهم في مجتمعات خاصة بهم، وكانوا يعزلون أنفسهم عن مواطنيهم من الأديان الأخرى ، وفي عواصم الدول والمدن الكبرى فقط تجد دائماً حارة لليهود أو الجيتو ونادراً ما تجد فلاحين أو عمالاً يهود إلا في بعض مناطق روسيا النائية.

2. متعالية : فهم يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار ويعتبرون الآخرين أغياراً لا قيمة لهم.

3. فخورة : فنسبة كبرى من الموهوبين والعباقرة اليهود برزت خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر والقرن العشرين . وكان هذا نتيجة طبيعية لحياة المدن ، فالطفل اليهودي يجد أمامه في البيت الكتب والآلات الموسيقية والعائلة المثقفة التي تتكلم في الفلسفة والطبيعة والكون ، ومثل هذا الجو هو البيئة المناسبة لظهور العباقرة ، فمن بين ألف طفل يهودي على سبيل المثال برز موهوب واحد، بينما في نفس الوقت فقد برز من بين مليون طفل من باقي الشعوب قضوا وقتهم في اللعب في الشارع أو المزرعة موهوب واحد ، وبالطبع فإن الأقليات تظهر موهوبيها كنوع من الاعتزاز والفخر، وهكذا تشكلت عقلية ( نحن نوع ولسنا كمّاً ، ولهذا اختارنا الله لنكون شعبه ) .

4. مرعوبة بالتأثير السيء والمخيف للهولوكوست على اليهود والذي كان تتويجاً لمذابح الأوروبيين ضدهم عبر العصور والتي عمقت في النفس اليهودية فكرة أنهم شعب مضطهد . وكردّ فعل بدأت أسطوانة العداء للسامية التي وصموا بها كل من فتح فمه بكلمة ضد تصرفاتهم حتى وصلت الى العرب رغم أنهم ساميون مثلهم!

5. مصابة بهواجس سكنهم في بيوت الفلسطينيين بعد طردهم منها ، مما أعطاهم شعوراً بأنهم لصوص، ولا يوجد مثل هذا الإحساس عند أي شعب آخر، فمثلاً في أمريكا، شمالها وجنوبها لم يسكن المهاجرون الجدد في بيوت أو خيام المواطنين الأصليين بل قاموا بإنشاء بيوتهم في المدن الجديدة ، أما في جنوب إفريقيا فالسكان البيض لم يخطر ببالهم أن يحلوا محل السود في أكواخهم . كانت حالة فريدة من نوعها في التاريخ أن يحل شعب في بيوت أنشأها وسكن فيها شعب آخر، وفي العقل الباطن لكل إسرائيلي إحساس عميق باللاشرعية ، فالبيت الذي يسكن فيه لم يشتره بل استولى عليه بالقوة ، وساكنه الأصلي موجود في خيمة قريبة خارج الحدود ينتظر عودته الى بيته ، وقد يصعب على القاريء أن يشعر بنفس المشاعر إلا إذا وضع نفسه في الظروف السابقة . عبّر محمود درويش عن ذلك ببراعة في وصف أحاسيس الجانب الفلسطيني في قصيدته حجر كنعاني عندما قال :

واترك أريحا تحت نخلتها ، ولا تسرق منامي

وحليب امرأتي، وقوت النمل في جرح الرخام

أأتيت ..ثم قتلت..ثم ورثت ، كي

يزداد هذا البحر ملحاً

بهذه التعقيدات في الشخصية الجمعية تم تخليق سوبرمان الشرق الأوسط (بل العالم) مغطياً مشاكله النفسية بأوهام الحقوق التلمودية ومتخذاً من ذريعة ارتكاب بعض المجتمعات للمجازر والمآسي بحقه عبر التاريخ مبرراً ليصبح له الحق في وطن صغير كتكفير لذنوب تلك المجتمعات وتعويض له عن ماض قاس .

كانت ظروف المنطقة مهيأة لظهور هذا السوبرمان ، فالعرب سكان المنطقة ، كانوا يحاولون الاستيقاظ من نوم طويل استمر عدة قرون!

وإذا كان القوي يؤمن بمبدأ القوة فوق الحق فان السوبرمان يؤمن أنه في حالة عدم نجاح ذلك فان المزيد من القوة هي الحق نفسه ، وبهذا المبدأ ارتكب أفظع المذابح بحق الفلسطينيين والعرب بدون إعلام وبدون ضجيج ، فسكان المنطقة وحوش وحيوانات لا تستحق الحياة . ونشأ مصطلح جديد التصق بإسرائيل وهو الاستعمال المفرط للقوة !

 وصل السوبرمان اليوم الى عقده السابع من العمر وخاض في العقود الستة الماضية حروباً كثيرة يسترعي الانتباه عددها الكبير في مثل هذا الزمن القصير من عمر الدول . ولكن لندع ذلك جانباً ولنركز على بعض المحطات الهامة في حياته :

1. فلسطينياً

 نتيجة للنظرة الاستعلائية نحو الفلسطينين والعرب ضيعت إسرائيل الفرصة الوحيدة التي منحها الفلسطينيون لها ، ففي لحظة تاريخية خلال الصراع تعبت القيادات الفلسطينية في ما ظهر أنه تسليم بقوة السوبرمان ووقعت اتفاقيات اوسلو ، تنازلت عن كل فلسطين وقبلت بنسبة قليلة لا تتجاوز 22% من مساحتها ، وانتقلت عدوى التعب الى سكان المخيمات أيضاً بعد أن يئسوا من تكوين قيادات حقيقية لإدارة الصراع وتحقيق النصر، وأصبحت مصطلحات التعويض والتوطين والعودة (لجزء بسيط من السكان الى فلسطين 1948 وجزء أكبر الى الدولة الجديدة في غزة والضفة) متداولة بين الجماهير رغم احتجاجات بعض المثقفين المثاليين ، كانت استفتاءات الرأي العام في العام 1993 تجنح بشكل كبير الى السلام وإنهاء المشكلة التي طالت والتي سببت ولا تزال معاناة كبرى .

كان على إسرائيل أن ترضي الفلسطينيين بكل وسيلة ممكنة وتنهي معاناتهم الى الأبد ، ففي ذلك اكتساب لشرعية مفقودة ، وإمكانية للعيش في المنطقة بالتخلي عن أوروبيتهم والتحول الى آسيويين ، ولكن شخصية السوبرمان المعقدة لن تعترف بندّية الآخرين لها ، ناهيك عن التنازل لهم.

2. عربياً

تراوح تعامل العرب مع إسرائيل في الآونة الأخيرة بين أسلوبين : أولهما هو الأسلوب الحكومي المصري وهو التسليم بقوة السوبرمان ودوره في المنطقة والطلب منه النظر بعين العطف الى الفلسطينيين ومأساتهم. أما الثاني فهو الأسلوب الشعبي اللبناني الذي أظهر للسوبرمان أن قوته المزعومة ناتجة عن ضعف خصومه ليس إلا ! ففي عام ألفين جعله يفرّ من لبنان بالمعنى الحرفي لكلمة فرار وفي عام 2006 جعل الشعب الإسرائيلي ينظر عبر شاشات التلفزيون الى فخر الصناعة الإسرائيلية : الجنود وهم متعبون تائهون وعيونهم زائغة ، والميركافا أقوى الدبابات على الكرة الارضية وهي تحترق بالجملة ، والقيادات العسكرية وهي تتخبط بعد أن كانت أنموذجاً لحسن إدارة الحروب الحديثة ، ليس هذا فحسب بل أدخل اللبنانيون الشعب الإسرائيلي في المعركة لأول مرة منذ نشأة الدولة بانهمار الصواريخ فوق رؤوسهم بعد أن كانت كل معارك إسرائيل السابقة خارج حدودها ، وكانت سكين السوبرمان تقطع قالب الزبدة بينما يجلس المدنيون داخل إسرائيل على المقاهي يشربون القهوة ويتحدثون عن الانتصارات والعظمة ويفخرون بالإنجازات اليهودية التي لا يصل الى مستواها أحد في هذا العالم. استطاع اللبنانيون إضافة تعقيد جديد الى الشخصية الإسرائيلية ولن تنجو من هذه العقدة ابداً !

3. دولياً 

 بعد الحرب العالمية الثانية تطور العقل الجمعي للبشر ويمكن القول إن هذا العقل كان يقفز متسارعاً ليصبح أرقى وأكثر إنسانية ، فالأوروبيون مثلاً أصيبوا بعقدة الذنب تجاه ما فعلته أيديهم باليهود خلال العصور وكان ندمهم صادقاً ، حقيقياً وليس مفتعلاً ، وحاولوا التعويض بكل إمكاناتهم لدولة إسرائيل بصفتها ممثلةً لليهود ، وسنغفل هنا العوامل الاقتصادية وما تمثله إسرائيل من مركز متقدم لأوروبا في المنطقة ، ولكن مدارس أوروبا كانت تعلّم الأطفال الدروس المستفادة من التاريخ وتغرس فيهم روح التسامح والمحبة ، فقد كانت نتائج الحروب مروّعة. هذه الروح الجديدة هي التي سمحت بالتقاء النقيضين فرنسا والمانيا ، وفي نفس سياق التطور وقف العالم كله ضد نظام جنوب إفريقيا العنصري وتم إسقاطه ، وفي المقابل أظهر السود برئاسة مانديللا وبتوجيهاته تجاوباً في مغفرة الماضي المرعب للعنصرية وإظهار التسامح لإغلاق صفحة مظلمة من التاريخ الإنساني ، ( وكان هذا ما سيفعله الفلسطينيون) .

واستمر التطور المتسارع لتنتخب أمريكا البيضاء رجلاً أسود لرئاستها. كان المنحى العام واضحاً ، ولكن في مقابل ذلك ظلت إسرائيل تتجه الى اليمين وتصبح أكثر تطرفاً وعنصرية بفعل الغرور والخوف معاً ، وهذا يضعها خارج روح العصر ، وعدم المواكبة هذه هي أخطر بكثير من تأخر بعض الشعوب ، والعرب منهم، عن الركب في المجال التكنولوجي ، فالتطور المادي يمكن اللحاق به إذا توافرت الإرادة ، أما الجمود العقلي فيؤدي الى تدمير المحيط أو الانتحار .

في هذه المرحلة من التاريخ يعمل السوبرمان على تدمير محيطه دون مراعاة لأبسط الحقوق الإنسانية ، ولكن شعوب العالم لا تهضم أبداً حصار المدنيين وتجويعهم لهذه المدة الطويلة بعد هدم البيوت فوق رؤوسهم واستعمال كل أنواع الأسلحة ضدهم ويعمل على إنهاء الحصار بكل إمكاناته المتاحة.

لم يتوقف السوبرمان ليفكر لماذا تشارك امرأة يهودية عجوز حضرت الهولوكوست في سفن رفع الحصار!!

ولم يتوقف ويفكر لماذا يؤيد المفكر اليهودي البارز نعوم تشومسكي الفلسطينيين!! فقام بمنعه من دخول الضفة الغربية ، وبالطبع لن يعير اهتماماً لمشاركة ( المخربين ) أمثال المطران هيلاريون كبوجي والشيخ رائد صلاح.

تم إغلاق جميع حواس الاستقبال لدى السوبرمان ولن يستمع إلا الى صوته ، وهذا ما اتفق عليه من بقي حياً ممن شاركوا في أسطول الحرية فقد قالوا : هؤلاء الجنود والموظفون يقطرون عنصرية!

المعاملة القاسية وقتل المدنيين بدم بارد ، أظهرت مدى حقد السوبرمان على الجنس البشري واعتباره للجميع أعداء يستحقون الموت، لولا هذا الإعلام البغيض.

ولكن سيكون يوم 31 أيار مايو 2010 هو اليوم الرسمي لانضمام شعوب العالم قاطبة الى الفلسطينيين في نضالهم العادل ضد العنصرية والبغضاء وسيسجل بداية النهاية لوجود دولة إسرائيل وما جرته من ويلات على الشعب اليهودي والشعوب العربية ، وستحتاج الشعوب الى وقت طويل لتلتئم جروحها بسبب تشكّل هذه الدولة المخالف للتطور الإنساني.

وقد يخطر ببال بعض الناس أن في الإمكان ان يرتدع الإسرائيلون ويرجعوا الى الصواب ويعيدوا التفكير في مسيرتهم البائسة ، ولكن ذلك هو المستحيل بعينه ، ومن يفكر بإمكانية حدوث ذلك فكأنما يحلم بأن يرجع الشيطان ملاكاً .

إن أفضل حل للمسألة اليهودية لإنقاذ اليهود من أنفسهم هو إنهاء الكيان الإسرائيلي ، ولا بد أن الاذكياء من اليهود الذين يحملون جنسيات مزدوجة سيشعرون ببداية النهاية وسيبدأون العودة الى بلادهم فليس هناك من إنسان يستطيع أن يعيش في جو كراهية وعلى حافة الهاوية الى الأبد، ولو تحققت الوحدة العربية وأنشئت الدولة العربية الواحدة لرحبت باليهود العرب الذين لم يلطخوا أيديهم بدماء الأبرياء! بل إن العرب في وضعهم الحالي لن يمانعوا في عودة اليهود الذين هاجروا الى فلسطين بعد إنشاء الكيان الإسرائيلي .

همسة في أذن رجال سلطة رام الله: لقد فاوضتم قادة إسرائيل من اليمين الى اليسار خلال عشرين عاماً وبالتكرار (الذي يضرب به المثل) مفاوضات مباشرة وغير مباشرة وعرفتم معدن النخبة فيهم وكان إنجازكم صفراً كبيراً ، فاذا كنتم فعلاً تحبون شعبكم فلماذا لا تذهبون الى بيوتكم وترتاحون فيها ؟ فالنتيجة معروفة سلفاً ، وإذا كنتم تعوّلون على الولايات المتحدة وأوروبا أن يضغطوا على إسرائيل وأن يعطوكم شيئاً فأنتم واهمون ، ليس هناك عطايا مجانية في السياسة الدولية ، فلماذا تصرون على تجميل الوجه الإسرائيلي البشع، فهم يوهمون العالم عبر إعلامهم القوي النافذ أنهم طيبون بدليل أنهم يتفاوضون لإيجاد حل ولكن المشكلة مستعصية وتحتاج وقتاً ، ألم يصل أحدكم الى أن الطريقة المناسبة للتعامل مع عقلية كهذه هي الأسلوب اللبناني ؟ .

لقد حقق الصمود الأسطوري للجياع من شعبكم المعجزات ، فهذا الشعب الذي تعمّد بالحديد والنار وصبر على الجوع والآلام بصمت فرض على العالم احترامه ونبّه كل الطيبين للوقوف الى جانبه فلماذا تحاولون إهانة هذا الشعب وتمييع وقفة العز الذي يقفها ؟!

وأخيراً سيفرض العالم مزيداً من العزلة النفسية على السوبرمان الذي قد يقوم بعمليات تجميلية لا تمس الجوهر مثل فتح معبر رفح ، فبالنسبة لهم فلا بأس من إلقاء بعض الطعام الإضافي الى الجوعى!

ولكن لن يزول السوبرمان إلا بعمل جاد من المحيط .

وآن الأوان للبشرية أن تفرض مبدأ أن الحق فوق القوة حتى يسير تطورها وارتقاؤها بسلاسة .

=========================

بسم الله الرحمن الرحيم

هيثم المالح والوحدة الوطنية في مواجهة إسرائيل والولايات المتّحدة الأمريكية

المهندس غسّان نجّار

لا يمكن للمرء أن يصدّق أنّ القفص الحديدي الّذي يقف فيه عادة الجواسيس والخونة أمثال كوهين وغيره أمام محكمة الجنايات العسكرية السورية هو نفسه الّذي وقف فيه شيخ المحامين والقانونيين والمدافعين عن حقوق الإنسان القاضي السابق والمحامي هيثم المالح وذلك في جلسة 3/6/ 2010 ,لقد أعاد عليه رئيس هيئة المحكمة التهمة بنشر أخبار كاذبة من شأنها توهين نفسية الأمّة وبداية أقول –كما يقول القانونيون- أن الجرم ينبغي أن يكون ملازماً لفعل على الأرض , ولم يعد هناك من الشعب السوري خاصة والعربي عامّة من لا يعرف طبيعة نشاط هيثم المالح في مجال حقوق الإنسان, وسلاحه بطبيعة الحال هو فكره وقلمه ومذكراته أمام القضاء للدفاع عن الأبرياء والمظلومين , بل أن ابن الثمانين صار يُلصق اسمه مع نيلسون مانديلا الّذي تصدّى للتمييز العنصري في جنوب إفريقيا وقضى ثلث عمره في السجون يدافع عن قضيّة عادلة يؤمن بها استحق إعجاب العالم الحر وصار رمزاً وعلماً في كل مكان وكذلك هيثم المالح الّذي ستسجل جلسات محاكمته في التاريخ الحديث , لأن ( الجرم الحقيقي ) الّذي مارسه هو تصديه للفساد ..للظلم ..للقهر..للتفرّد ...للإقصاء ...للإضطهاد ..للإرهاب؛فهل هذه الأمور من شأنها أن تؤدي إلى توهين نفسية الأمّة,إننا نتصور أنّ أجهزة النظام فتّشت في قانون العقوبات الجزائي فلم تر أمامها سوى تهمة نشرِ أنباءٍ كاذبة ,وهذه تكون عادة في زمن الحرب والّتي من شأنها أن تؤدي إلى دعم قوات العدو وتحط من قِيَمِ ومكانةِ القوات الصديقة فهل هذا التوصيف ينطبق على هيثم المالح وباقي معتقلي المعارضة من (إعلان دمشق) وغيرهم .

إنّ ابن الثمانين –أطال الله عمره – أوشك أن ينتقل من عناءِ الدنيا وعذاباتها الّذي مارسه عليه الحكّام إلى سعة الآخرة وعدل الملكِ الديّان الذي لا يُظلم عنده انسٌ ولا جان وسيقف معه خصومه مستسلمين,كما ورد في القرآن الكريم(وقفوهم إنّهم مسئولون,ما لكم لا تناصرون, بل هم اليوم مستسلمون) (الصافات24-26) ,لا حاشية ولا بطانة ولا حرس ولا أجهزة أمنية.

إنّ هيثم المالح لم يسترح في الدنيا فلم يكلّ ولم يملْ ,وأولى بنا أن نُخلّدَ اسمه على ساحة من ساحات دمشق العاصمة أو أحد شوارعها الرئيسية ,وهذا ما سيكون بإذن الله,قبل أن نضعه في قفص الاتهام!, لقد حمل على عاتقه أمانةَ الدفاعِ عن الحق أينما كان ولن يستريح قبل أن يُؤديَِها ولو كلّفه ذلك روحه الّتي بين جنبيه ولقد قال في دفاعه أمام المحكمة :(يريد أن يلقى الله شهيداً في سبيله).

لقد فضح بداية تواطؤَ الحكام العرب في القضية الفلسطينية حيث نشر وثائق التخاطب والتواصل بين بعض القادة العرب وزعماء الحركة الصهيونية , كما عرّى نظام الولايات المتحدة في وقوفها مع إسرائيل ورَفَضَ أن يلبّي دعوة السفارة الأمريكية في دمشق لحضور حفل الاستقبال بمناسبة اليوم الوطني للدولة الأمريكية .

إنّ أوباما يدوس على كرامة العرب والمسلمين حين يدعم إسرائيل الغاصبة المعتدية وهي تخنق غزّة الأبية فهو لا يختلف عن سلفه بوش- سيء السمعة- في شيء وأولى له أن يسحب خطابه في القاهرة الموجه إلى العالم الإسلامي فقد كان نفاقا إذ يدعم إرهاب الدولة العبرية حيث قتلت مدنيين يسعون لمد يد المساعدة لإخوتهم في الإنسانية قبل أن يكونوا أخوتهم في الدين والعقيدة , كما فعلت المواطنة الأمريكية راشيل كوري حين قدّمت نفسها قربانا لقضية عادلة أمام جنازير الجرّافات الإسرائيلية, فهلاّ حمل راشيل كوري اسم شارع من شوارعنا؟ .

إذا كانت الولايات المتحدة والغة من رأسها إلى أخمص قدميها في الإرهاب فلماذا نُخْلِص لها ونتعاون معها في تطبيق قانون اخترعته وألزمت الدول عليه وهو(قانون مكافحة الإرهاب) ,ونفتح فرعاً أمنياً خاصاً به؟!! , لماذا سجوننا ملآى بالإسلاميين نعتقلهم(ظاهراً) تحت يافطة مكافحة الإرهاب إرضاءً للولايات المتحدة ,هنا وفي الأردن وغيرها من الدول العربية والإسلامية ؟؟!,وإذا كانت بلادنا ولله الحمد بصورة عامة في منأى عن حوادث العنف والإرهاب وإذا كانت غالبية الشعب ونحن منهم نختلف في قليل أو كثير مع فكر طالبان أو القاعدة فهل وظيفتنا أن نعمل أُجَراءَ لحساب الولايات المتحدة كي نعتقل صاحب لحيةٍ أو جلابية كشاهد ودليل على كون هؤلاء يوصفون بالسلفية وغيرها من المسميات,كما تفعل بعض الدول الأوربية مع المحجبات من النساء المسلمات,أنا أخشى أن يكون المستهدف هو الدين الإسلامي بعينه إرضاءً لحفنةٍ من العلمانيين الّذين يصبون جام حقدهم وغضبهم تارة على النساء الداعيات(القبيسيات)وتارة على قانون الأحوال الشخصية المستمد من الشريعة الإسلامية وهو دين الأكثرية,وتارة كما تفعل وزارة الأوقاف بتحجيم دور المسجد بقرارات ما أنزل الله بها من سلطان مع أن دور المسجد لا ينحصر في أداء الصلاة فحسب كما هي الكنيسة علماً بأنّ الجمعيات المرتبطة بالكنيسة مستقلة تماما ,وهذا ما ندعو إليه ,بينما تتَدّخِّلِِ الوزارة بشئون الجمعيات الخيرية الاجتماعية مع التسلط على تبرعات الشعب في العمل الخيري لدعم مدارس الثانويات الشرعية, مع العلم أنّ ميزانية الدولة لاتنفق عليها درهماً ولا دينارا .

إنّ النظام الأمني حين لايجد ما ينطبق عليه قالب السلفي أو المتشدد –كما يُسمّون-فإنّ هناك تهمة قديمة جديدة وهي (الإخوان المسلمون)وهؤلاء هم الموجودون في الخارج حصرا منذ ثلاثين عاماً وفشلت كل الدعوات من دول شقيقةٍ وشخصيّاتٍ مرموقة للسماح بعودتهم إلى وطنهم كما نسمع ذلك من وسائل الإعلام وقد مدّوا يدَ المصالحةِ-على الرغم من جراحاتهم- إلى النظام ابتغاءَ الوحدة الوطنية وفي سبيل قضية وطنية , قومية وإسلامية ألا وهي قضية فلسطين والجولان وليتّحد الشعب كلّه بعد ذلك في مواجهةِ الغطرسة الإسرائيلية وحلفائهم ولتذهب بعد ذلك الولايات المتّحدة إلى الجحيم .

 إنّ هناك المئات من الشخصيّاتِ المثقّفة المعتقلين على خلفية دينية إسلامية لا يعرف مصيرهم ومنهم على سبيل المثال الدكتور مصطفى الشيخ من حلب والأستاذ الأديب يوسف عبدالله إدريس من دير الزور وغيرهم كثير , فأين هي دولة القانون أمْ أن قََدَرَ الشعب السوري أن يعيش تحت وطأة حالة الطوارئ والأحكام العرفية إلى الأبد ؟!.

إنّ كثيراً من المثقفين والقانونيين يتساءلون عن خلفية مرسومٍ تشريعي يصدر بإعفاء خمسة من أعضاء المكتب التنفيذي ومجلس المحافظة في دمشق دون ذكر الأسباب وهؤلاء الأشخاص منتخبون من الشعب مباشرة ويتحدث البعض عن ذريعة خلفيتهم الدينية , فإن كان هؤلاء قد ارتكبوا جرماً أو فسادا–كما يراد أن يشاع–فما هي وظيفة السلطة القضائية إذن؟! نحن مع محاسبة المذنبين مهما كان وزنهم وصلتهم بالمسئولين ولنبدأ بهم أولا وهم كثيرون, ولكن دون أن تكون أفكارهم وانتماءاتهم الفكرية والدينية سبباً لعزلهم .

يفكّر كثيرٌ من النشطاء بالاشتراك في قوافل الحرية رافعين علم سورية لكسر الحصار عن غزّة الأبية ولكن هناك الآلاف من السوريين الممنوعين من السفر خارج القطر- وأنا منهم- ,فكيف لنا أن نخدم وطننا وقضيتنا الوطنية والقومية والإسلامية ونحن نعيش في حصار أيضا ممنوعون من السفر خارج القطر وإذا تذكرنا أيضا أنّ هناك عشرات الآلاف الممنوعين من الدخول إلى القطر منذ عشرات السنين ,فأين هي مكانة الدستور السوري ومواده ذات الصلة على أرض الواقع ؟!.

 إنّ الذين يراهنون على دعم أمريكا لحقوق الإنسان وقضايا الحريات والديمقراطية واهمون ويعيشون أحلاماً نرجسية ,وأوربا والولايات المتحدة تدرك أنّ تمريرَ مصالحها عن طريق أنظمة المنطقة أسهل عليها ألفَ مرّة من التعاون مع الشعوب الحرّة المستقلّة, ولكن أليس من مصلحة الحكّام تقوية مواقعهم بالجلوس مع الرأي الآخر والاستماع منه دون أن ندفن رؤوسنا بالتراب كالنعامة قائلين أنّ الشعب معنا وأنّه ليس هناك من معارضة؟! , وكأن مهمة المعارضة ليست وظيفة شريفة يفتخر بها أي نظام يحترم نفسه وشعبه ,.. ألا هل بلّغت؟ ؟ ألا هل بلّغت ؟؟ ألا هل بلّغت ؟؟ اللهم فاشهد

وصدق الله العظيم " وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه , إن أريد إلاّ الإصلاحَ ما استطعت وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكّلت وإليه أنيب " (هود88) .

=========================

عرب 48 هم لبُّ فلسطين

د. فايز أبو شمالة

هم الذين احتضنوا تراب فلسطين، ولم يتركوه، وذابوا فيه رغم قيام دولة باسم إسرائيل، أخذت هويتهم، وأعطتهم اسمها، فصاروا عرب 48، وصاروا إسرائيليين، هؤلاء هم لب الشعب الفلسطيني، وهم نواة الكرامة العربية، وأزعم أن جميع نسائهم النائبة في الكنيست الإسرائيلي "حنين زعبي"، بإصرارها، وعزمها، وصبرها على اليهوديات أعضاء الكنيست اللائي انفجرن قهراً في وجهها، ولأعضاء الكنيست اليهود الذين رجموها بألفاظ اليهود، وأزعم أن جميع رجال عرب 48، هم حارس القدس الشيخ "رائد صلاح"، وجميعهم تجري في عروقهم الدماء العربية بشكل أكثر سيولة من باقي الفلسطينيين، وذلك لسبب بسيط؛ هو أنهم يعيشون الوجع بشكل يومي مباشر، ويعايشون المهانة والتحقير من اليهودي الذي صار عظم ولحم وشريان الدولة العبرية، وتركهم زوائد، يتوالد لديهم الإحساس بغربة الأقلية وسط محيط يهودي معادٍ في الفعل، لطيف في القول، وهذا الذي أيقظ فيهم التحدي، والمنافسة، وإثبات الذات، فعرب 48، هم الأكثر نظافة لأن اليهودي يعتبر العربي قذراً، وهم الأشد وطنية لأن اليهودي يتهم العربي بالخيانة، وهم الأكثر صدقاً ووفاءً لأن اليهودي يحسب العربي كاذباً وغادراً، وصاروا الأكثر علماُ وثقافة وفكراً كي لا يظهروا أمام الأخر متخلفين.

لقد فرض الواقع على عرب 48 الحياة بالتنافس، والمزاحمة على فرصة العمل، والصراع اليومي لاستنشاق هواء الحياة، وقد أثبتوا ذاتهم، واجتازوا أسوأ المراحل في تاريخهم عندما سعى عدوهم إلى تمزيقهم، وشحذ أطرافهم ضد بعضها، فأدركوا بالغريزة أهمية حياة الجماعة للحفاظ على البقاء، وانتظموا في مجموعات سياسية، واجتماعية، وفكرية، وإبداعية، قادتهم إلى التفوق، والنبوغ، وكظم الغيظ، والصبر، وإعداد النفس لمرحلة قادمة لا يعرف مداها في ظل تنامي التطرف الديني إلا حاخامات اليهود، وحجم ردة الفعل العربية.

لقد مثل الاحتكاك اليومي باليهود حافزاً لتميز عرب 48 في كل الميادين الحياتية، فقد أبدعوا في التعلم، وتحصيل الشهادات العليمة، وأبدعوا في فن البناء، وفي وسائل الإنتاج، وفي إنجاز الأعمال الشاقة، وفي التقدم الزراعي، والصناعي، وفي الثقافة، وفي الفن، وفي حب الحياة، لتسمع أجمل الأغاني، وأعذب الألحان تصدر عن عرب 48، وتقرأ أرق الأشعار، وأعذب الكلمات عندهم، ولديهم أعمق الدراسات والأبحاث الفكرية باللغتين العربية والعبرية، فإن كانت القدس مجال تضحية الشيخ رائد صلاح، فإن انكشاف الرؤيا كان من نصيب الدكتور عزمي بشارة، ليصير الشعر قرين الشاعر محمود درويش، ويصير الأسير "سامي يونس" ابن الثمانين عاماً نموذج الوفاء لفلسطين حتى هذه اللحظة، وما أكثر النماذج!.

قبل أيام تنبه الدكتور فاروق مواسي، كاتب وأديب من عرب 48، تنبه إلى خطأ  في همزة القطع  وقعت فيه في أحد مقالاتي، فأرسل لي تصويباً! لقد شعرت أن هؤلاء الرجال لا يحرسون الوطن فقط، وإنما يحرسون اللغة العربية، ويراقبون الحاضر، ويحفظون التاريخ، ويرسمون بوقع أقدامه جغرافيا الوطن، قلوبهم الشجن، ويحلمون بانفراجة الزمن!.

==========================

حين نعطي فلسطين كلمة السر سنعود لأرضها الخضراء..

الشيخ خالد مهنا*

بالإرادة والعزيمة ننتصر

يروى أن صوفيا خرج إلى الصحراء متعبدا فرأى في طريقه طائرا أعمى كسير الجناح،فوقف يتأمل الطائر،ويفكر كيف يجد رزقه في هذا المكان المنقطع،فلم يمض وقت طويل حتى جاء طائر آخر،فاطعم الطائر كسير الجناح،كما يطعم الحمام أفراخه ،وقال في نفسه فيم أسعى واتعب ثم أوى الرجل إلى غار ؟....

وسمع به احد المتعبدين،فذهب إليه وقال له:ما حملك على القعود في هذا الغار؟فقص عليه قصته،فقال له:ويلك !! لم أحببت إن تشبه الطائر الأعمى؟هلا

فعلتما فعل الطائر السليم الذي أتى بالطعام ،فتسعى لكسب الرزق لنفسك ولغيرك؟! ....فراى الصوفي صدق هذه النصيحة ،وترك غاره، وغدا يسعى كما تسعى الطير التي تغدو خماصا وتعود بطانا....

.والشاهد في هذه الحالة أن المسلم الذي يسمع القصة قبل أن يصل إلى نصيحة الرجل الثاني الصادق في نفسه إعجاباً بالعبرة التي فهمها الصوفي الذي قعد في الغار معتزلاً بانتظار أن يأتي العون والمدد من غيره..

والشاهد الأكبر في هذا الأقصوصة أن عيوننا البصرية عكس ما ترى العيون الخلفية التي عناها الله تعالى بقوله(ولكن تعمر القلوب التي في الصدور)..

وإن الكون بما كل جزء فيه وكل قارة، وكل دولة ومدينة، مسخر للإنسان يخدم الإنسان مجاناً بلا عوض إذا فهم الإنسان بعينه الخلقية كيف يوجه أوامره إلى هذا الكون – فإذا دعاه بغير الأسلوب والأنظمة المطلوبة فإن هذا الكون يظل معرضاً صامتاً أمام الإنسان،وكما يستعصى القفل أن يفتح بغير مفتاحه،فكذلك الكون لا يستجيب إلا بعد سماعة كلمة السر..

إن السيارة مهما كانت مستعدة للحركة،وأياً كانت جودة ماركتها،فإنها لا تتحرك مع ا مرء لا يعرف فن قيادتها.. بل كل الآلات لا تتحرك للإنسان الذي يجهل كيف يحركها..وهذا الكون لا يسخر للإنسان إلا إذا عرف كيف يسخره،فالشجر مثلاً كان ولم يزل مسخراً له، ولكن في أول الأمر كان الإنسان يسخره بتناول ثمره دون زرعه،وبعد أن تعلم الإنسان زرع الشجر،زادت الأشجار وسائر النباتات من طاعتها للإنسان.

وكذلك الحيوانات بعد أن كانت ثروة للصيادين،عرق الإنسان طريقاً آخر يسخر به الحيوان ويجعله أليفاً ذا فوائد أكبر وأكثر.

وكلمة السر التي تجعل فلسطين مستنفرة لخدمتنا أن تتحرك لها إرادة وعزم وان نفتديها بمجهود جماعي تكتلي أكبر،وأن نحيطها بسياج عربي إسلامي متناسق النغمات.وحينئذ نملك ناصيتها وتعود لبيضة الأمة.

وهذا واضح في قوله صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم"..فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف باكعبة لا تخاف أحداً إلا الله..ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى.. ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو نصفه يطلب من يقبله منه فلا يجد أحداً يقبله منه.. قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله.. وكنت فيمن أفتتح كنوز كسرى بن هرمز،ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم يخرج ملء كفه.." البخاري – كتاب المناقب..

نعم إن طالت بنا الحياة فسوف تفتح لنا فلسطين، ويتحرر أهلها، وينعموا بالطمأنينة والأمان،ولكن دعونا نعترف أننا مقصرين بحقها..ودعونا في ذات السياق من إلقاء التقصير على غيرنا،أو إلقاء أسباب تفاقم أزمتنا في سلة وملعب الآخرين،وإنه لمن المخزي أننا نفرض كل شيء للدفاع عن تقصيرنا وعجز إرادتنا وعن أخطائنا ونبحث دائماً عن كبش الفداء في كل مكان دون أن ينبض فينا عرق،أو تختلج فينا عضلة......

أن عجزنا عن إعطاء كلمة السر لفلسطين،وعدم مراجعة رصيدنا الحقيقي وذواتنا والذي أعقبه شبه صمت مطبق ، وشبه استسلام وركوع وانحناء يخنق الأنفاس هو نتيجة لفرضياتنا الطفولية.

أن مثل هذه المواقف التي يقفها الفلسطيني وكل عربي في الدفاع عن ذاته وتقصيره كأي طفل لم يبلغ سن الرشد،حين رصيف المطبات التي وقعت بها فلسطين بأنها لا دخل لنا فيها،وأن المستخرب إسرائيلياً كان أم دولياً هو الذي شلّ إرادتنا..

إن هذا الموقف المظلم التي نتستر خلفه ينبغي أن نسلط عليه بعض الأضواء لنتمكن من إبصار أنفسنا وما حولنا،ونخجل من التفسيرات العنكبوتية التي تحمي بها أنفسنا،وإن علينا أن نعلم مدى وهن الوسائل التي يريد العرب والمسلمون أن يصلحوا بها البيت الفلسطيني والعائلة الفلسطينية والأرض الفلسطينية.. وإن الحذق كل الحذق أن نعرف كيف نضيء الأسباب المظلمة بأضواء ومفاتيح المعرفة؟..

فإننا مثلاً نضحك من النعامة حين تدفن رأسها، وتقع في الفخ من جراء تصرفها الغبي.. الأرعن.. الأحمق؟ ولكن هل لدينا القدرة أن نرى النماذج الرفيعة من المدافعين عن حمى فلسطين يقعون في مثل هذا الخطأ حين يدفنون عقولهم، ويبرزون عواطفهم وكل واحد منهم يقف موقف القاضي لا موقف المتهم،كما يمكن أن نرى هذا في مثل ذلك المؤذن الذي تأخر في إقامة صلاة الفجر حتى كادت الشمس تشرق،قال له بعضهم:

أن ساعتك متأخرة،ولقد أخرتنا؟!! فأجاب بكل بساطة وبله: أن ساعتي صحيحة ولكن الشمس أسرعت في الشروق.....

ومثل هذا قد يقع في مستوى حركة الحضارة اليومية،كذلك الاخطاء الكبيرة التي وقع بها جالينوس والتي يدحضها ابسط تشريح لجسم الإنسان،وحين سئل دويوا عن هذه الأخطاء قال ببلاهة."إن جالينوس لم يخطئ،ولكن جسم الإنسان اعتراه تغيير منذ عهد جالينوس"..

أن مثلاً كهذا يدل على بساطة هذا الرجل الطيب ومحاولته للدفاع عن ذاته وما يتصل بها من ساعته،لأن كلا التبريرين لا محل لهما من الإعراب.. ولا ينطليان على عقلاء أو مجانين.

إذا استمرت حالة التبرير غير المعقولة لتدهور القضية الفلسطينية"خلفاً دُر" فلا عجب أن سنوات تحريرها ستطول،إذ كيف يكون حالها في مثل هذا الجو العقيم،غير القحط العام؟!!

فإن كان ثمة من لا يرضيه هذا الواقع فلينظر إلى علم أحسن،وليشحذ عزيمته حتى تستقيم الطريق..

وكفانا تبصرة بأخطاء غيرنا، وزحلقة أبصارنا عن خطئنا،ولنعي أن إرادتنا هي مرتكز قوتنا وهي من التنظير والتنجيم والتخريف.(فالسيف(الإرادة) أصدق أبناء عن الكتب(أقوال المنجمين الذين يجلسون في بروج عاجية)،وفي التاريخ عون عظيم على التصور الصحيح،ولنتواعد معاً على شيء ما.. خطوة ما نثق بها ونقوم بعمل شيء ذي قيمة. فليس هناك صعب مطلق،وإنما هناك سنن أن سلكت أنتجت، فإن لم يكن في أعمارنا بقية لتحقق بإرادتنا الصلبة ما عجزت عنه الأجيال السابقة فلنورثها للأجيال المقبلة كما نورث عاداتنا الاجتماعية لأطفالنا لعل وعسى أن يقوموا بما عجزنا نحن عن القيام به،أليس عيباً أن نورث أجيالنا الرفاهية،وزيادة الدخل،والمحافظة على الحياة الحيوانية فقط،بينما نغفل أن نورثهم الإرادة الكبيرة التي تبدو معها الإرادة الصغيرة جرم صغير؟.ة... أراد الجميع لفلسطين أن تموت وأراد الله لها أن تحيا.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

تضخمت فلسطين وكبرت في وعي الأحرار حتى استعصت على الصَغار..تضخمت حتى لكأن فلسطين كل الأمة...ولقد يتساءل البعض -وأنا منهم- ما الذي يدفع أحرار العالم للدفاع عن فلسطين وقسم كبير منهم لا يعرفون الله ولا يرجون اليوم الآخر!!

يبدو لي -والله أعلم- أن السر هو فيما قاله قطب الفكر سيد قطب –رحمه الله- فاقرءوا ما قال:

"عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا نعي وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود...أما عندما نعيش لغيرنا، أي عندما نعيش لفكرة، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض!!.

إننا نربح أضعاف عمرنا الفردي في هذه الحالة، نربحها حقيقة لا وهماً, فتصور الحياة على هذا النحو يضاعف شعورنا بأيامنا وساعاتنا ولحظاتنا، فليست الحياة بعدد السنين.. ولكنها بعداد المشاعر. وما يسميه "الواقعيون" في هذه الحالة "وهماً" هو في الواقع "حقيقة" أصح من كل حقائقهم.. لأن الحياة ليست شيئاً آخر غير شعور الإنسان بالحياة. جرد أي إنسان من شعوره بحياته تجرده من الحياة ذاتها في معناها الحقيقي..فمتى ما أحس الإنسان شعوراً مضاعفاً بحياته فقد عاش حياة مضاعفة فعلاً..! يبدو لي أن المسألة من البداهة بحيث لا تحتاج إلى جدال.. إننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة حينما نعيش للآخرين وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين، نضاعف إحساسنا بحياتنا ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية".

في العهد الجميل وفي الزمن الاستثنائي زمن الفاروق –رضي الله عنه- تعرض الحطيئة للزبرقان بن بدر بقصيدة هجائية فجاء الزبرقان مشتكياً إلى الفاروق –رضي الله عنه- فأمر عمر بحبس الحطيئة. فكتب الحطيئة من سجنه إلى الفاروق مستعرضاً حالة أفراخه (أطفاله) ومستدراً بها عطفه :

ماذا أقول لأفراخٍ بذي مرخٍ ## زغب الحواصل لا ماءٌ ولا شجرُ

ألقيت كاسبهم في قعر مُظلِمةٍ ## فاغفر عليك سلام الله يا عمرُ

فبكى الفاروق وأمر بإطلاق سراحه واشترى منه أعراض المسلمين بثلاثة آلاف درهم كما جاءت بذلك بعض الروايات.

أما نحن فقد ألقينا فلسطين وأفراخها في قعر مظلم لا ماء ولا شجر ولا كهرباء..

ولكن لسوء الطالع ان فلسطين لا تجيد كتابة الشعر وخصوصا شعر الاستجداء والاسترحام

وحتى لو أجادت وجادت علينا بشعرها.. فلن نطلق سراحها لأننا ببساطة لا نملك قلب عمر.

في هذا السجن الكبير المسمى غزة والضفة الغربية ومخيمات اللاجئين .. تركناهم عالة ولكنهم لا يتكففون الناس هل تعلمون لماذا..؟

لماذا دائما تنتظرون مني الإجابة ؟! لماذا لا تعملون عقولكم..صدقوني الجواب بسيط جداً.. ومؤسف جدا..ً

ببساطة كرامتهم العالية الجودة تابى الا ان تظل شامخة.....62 عاما مرت

من قتلنا لفلسطين ولازلنا نجوب بجثتها جميع مؤتمرات العالم والأمم المتحدة والمتفرقة وكامب ديفيد وأوسلو. 62.ستون عاماً من التيه.. فبعث الله لنا مدنيين جاءوا من أقاصي الأرض ليرونا كيف نواري سوءة غزة..

أعجزنا أن نكون مثل أسطول الحرية وأساطيل أخري فنواري سوءة غزة؟؟

إنهم يرون يوم العزة والتمكين بعيدا،ونحن نبصر الحلم السعيد سيخرج قريبا من تحت النوم إلى اليقظة،ويبرز من الخيال إلى العين،..

ها انذا أرى بيت المقدس تتزين ، وقد رصعت نفسها بالورد الأحمر ليوم زفافها من عاصمتها، وقد نسقت الأزهار في السماء بشكل بديع وبدت كانهاعش طائر

ملكي من طيور الجنة أبدع في نسجه وترصيعه بأشجار سقى الكوثر أغصانها......

فيا نسمات الليل الأخيرة...اسأل الله أن يهل ذلك اليوم الموعود ويقبل علينا في جماله الخلاب وأثره وبركته مثل هذا الورد المبتهج،والعطر المنعش،والضوء المحيي،فان هذين العروسين المعتلين عرش الورد قد تنسما الشذى من حور الجنة.

*رئيس الدائرة الإعلامية في الحركة الإسلامية

رئيس الحركة الإسلامية في أم الفحم والضواحي

=========================

ضرورة استثمار عملية القرصنة على قافلة الحرية

عودة عريقات

في ذكرى النكسة العربية التي وقعت يوم الاثنين الخامس من حزيران عام 1967م وكانت هزيمة كبرى للعرب حيث أكملت إسرائيل احتلال بقية فلسطين من نهرها إلى بحرها واحتلال أجزاء عزيزة من الأراضي العربية ،

وما لحق بهذا التاريخ من زمن جرى مسرعا فيه مواقف نصر وعزة وبطولة وصمود أعادت جريان الدماء في العروق العربية وأعادت الثقة بالنفس العربية،

كانت البداية من معركة الكرامة عام 1968 في الأردن التي أعادت الثقة والكرامة للجندي العربي وبعدها معارك الاستنزاف في مصر وبعدها حرب تشرين المجيدة عام 1973 حرب التحرير على الجبهة المصرية والجبهة السورية والتي حطمت مقولة ما كان يسمى جيش الأسطورة الإسرائيلي،

 وصمود المقاومة الفلسطينية واللبنانية بسبب الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1982 ، والانتفاضة الفلسطينية انتفاضة أبطال الحجارة عام 1987 ،

وانتفاضة الأقصى عام 2000 والتضحيات الجسام التي قدمها الشعب الفلسطيني، وبسالة المقاومة اللبنانية التي أجبرت الجيش الإسرائيلي على الانسحاب من لبنان عام 2000 ،

وأيضا صمود المقاومة الفلسطينية وخروج القوات الإسرائيلية وإخلاء المستوطنات من قطاع غزة عام 2005 ،

والحرب الإسرائيلية الكبيرة على لبنان في عام 2006 والتي كانت رمزا للبطولة والتحدي من المقاومة اللبنانية ،

والتضحية والصمود الفلسطيني بسبب الحرب الإسرائيلية الشرسة على قطاع غزة في عام 2008/2009م وبأحدث الوسائل العسكرية المدمرة للبشر والحجر،

 وأيضا ما جرى من معارك وخذلان ومذابح لاحقة لنكسة حزيران أصابت وحلت بالعرب من المحيط إلى الخليج تركت أثرها في نفوس من عاصرها،

 وخاصة ما جرى من استفراد إسرائيل بالحرب ضد لبنان والمقاومة الفلسطينية لمدة ثلاثة أشهر عام 1982 رغم البسالة والصمود اللبناني والفلسطيني,

 واحتلال الكويت المفاجيء في 2/8/1990م من قبل الجيش العراقي ووقع هذا الاحتلال في أوج تعاطف العالم مع الانتفاضة الفلسطينية الأولى وكان من أسباب تحول أنظار العالم عن الانتفاضة مما أثر على إنجازاتها,

 بالإضافة للحرب الغربية والأمريكية ضد العراق في عام 1991 والحرب الأمريكية الثانية ضد العراق في عام 2003 والتي ما زالت آثارها ماثلة،

 وما جرى من انتهاكات واعتداءات ومذابح إسرائيلية متعددة طالت مناطق كثيرة في الوطن العربي وبقيت العدالة الدولية مغيبة عن ملاحقتها ومتابعتها،

وبقي الاتعاظ العربي بالدرس والعبرة مغيبا كأن شيئا لم يحدث مع أن ما جرى من أحداث في السنوات الثلاثة والأربعين الماضية منذ حرب حزيران عام 1967 مليئة بالدروس والعبر الواعظة والمرشدة وأظهرت للأنظمة والشعوب العربية مواطن ونقاط الضعف والتخاذل وأظهرت أيضا مواطن القوة والعزة ،

ولكن العرب لم يسيروا قدما في استثمار النصر في حرب تشرين عام 1973 ولم يستمروا في اسثمار سلاح النفط حيث قننوا تصديره مما أدى إلى ارتفاع أسعاره في العالم ويعني التحكم في شريان مهم من الاقتصاد العالمي،

 ولم يستغلوا ضعف دول العالم آنذاك أمام حاجتها للنفط بأسعار رخيصة واستثمار الحدث في بناء التكامل الاقتصادي العربي وبناء القوة الاقتصادية العربية وتسهيل مهمة حل القضايا العربية،

 فلم يستثمروا العقول العربية الباقية في الوطن الكبير والمهاجرة ولم يستثمروا الأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة ولم يستغلوا ويستثمروا أيضا الأيدي العاملة العربية وبناء الصناعات وتدوير الحركة الاقتصادية العربية وفوتوا فرصا كثيرة لجعل العالم العربي قوة اقتصادية إقليمية دولية مهابة الجانب،

بل استثمروا واندمجوا مع العولمة فوضعوا أموالهم في بنوك الغرب واستثمروها في البورصات المالية الغربية في أميركا وأوروبا والشرق الأقصى والنتيجة خسائر كبيرة للمال العربي بعد انتكاسة العالم المالية والتي كان مصدرها أمريكا وفي خزائنها معظم المال العربي،

وأيضا الإقبال العربي الشديد على تكنولوجيا العمارة القادمة من الغرب واستيراد الآليات والأجهزة الغربية المتعددة الأشكال والاستعمال وأيضا استوردوا الأيدي العاملة الغير عربية والتي أضحت مجموعة كبيرة من السكان تنافس المواطنين الأصليين في بلاد العرب وتهدد اللغة والثقافة العربية والصبغة العربية وأحدثت خللا في معايير المجتمع في عدة بلدان عربية،

وأمسى العرب أكبر مستورد ومستهلك للسلع الأجنبية في العالم ولا حدود ولا ضوابط ولا تنسيق بين بلاد العرب على ما يستورد من البلاد الأجنبية،

وبات اتكال معظم العرب على التجارة الدولية من خلال استيراد المنتجات الأجنبية والخدمات كإستراتيجية اقتصادية سهلة غير مقلقة لبعض الأنظمة العربية بحجة العولمة والاستفادة منها في عدة مجالات وأن العالم قرية صغيرة بفضل تكنولوجيا المعلومات والاتصال والمواصلات وأن الاستيراد أقل تكلفة من الإنتاج ،

ولكن هذه النظرة العربية لا يمكن استمرارها لزمن أكبر فهي محددة لفترة زمنية قصيرة ويجب أن لا تطول لأن التزايد السكاني العربي في تسارع والأيدي العاملة العربية وحجم البطالة في ازدياد مستمر وحجم الفقر في ازدياد،

ويثور التساؤل إلى متى يستمر اعتماد العرب على الصناعات الأجنبية وإلى متى يبقى جزء كبير من ازدهار المصانع والصناعات الغربية والآسيوية في معظم الدول المصدرة لإنتاجها للعالم العربي على حساب تقاعس العرب،

والحاجة العربية ملحة جدا في بناء اقتصاد عربي يعتمد على الذات ويصبو للاكتفاء الذاتي وتوظيف وتسخير شرط المعاملة بالمثل في عملية التبادل التجاري الدولي ليأخذ بالحسبان نصرة القضايا العربية المهمة لكافة الشعوب العربية،

ولماذا لا يربط العرب مصالح الغرب الاقتصادية مع العرب مع مصالح العرب السياسية التي بحاجة إلى دعم دولي وخاصة دعم الدول الكبرى ،

وعلى سبيل المثال فإن لأميركا مصالح اقتصادية كبيرة مع العرب ولكنها تدعم إسرائيل دعم أعمى ضد المصالح العربية(كما يقول المثل على عينك يا تاجر) وهذه معادلة لا تركب لدى الأجيال العربية الشابة ولا يمكن استمرارها طويلا،

 ولذلك يجب ربط المصالح الاقتصادية الأمريكية بالمصالح السياسية العربية لتكون مصالح متبادلة وهذه تحتاج وقفة عربية شجاعة وجادة وموحدة،

والآن هناك فرصة تكون مدخلا للتغيير وهي واجب على العرب كافة في استغلال واستثمار مردود القرصنة البحرية الإسرائيلية في المياه الدولية (في البحر الأبيض المتوسط) والذي تمثل في الاعتداء الدموي الإسرائيلي على قافلة سفن الحرية التي كانت غايتها كسر الحصار على قطاع غزة،

واستثمار التعاطف الشعبي والرسمي الدولي مع شعب القطاع المحاصر ورفضهم واستهجانهم لما قامت به إسرائيل من إرهاب الدولة وقرصنة وهجوم عسكري غير مبرر في المياه الدولية على متضامنين ينادون بحقوق الإنسان وإنهاء معاناة ما يقرب من مليوني إنسان عربي ومسلم محاصرين منذ أربع سنوات،

وذلك قبل أن يصبح الحدث منسيا بفعل مرور الزمن مثلما مرت أحداث سابقة مريرة كثيرة وشعوب العالم تعاطفت معها ولكن لم يتم توظيفها واستثمارها جيدا،

والعالم العربي زاخر ولديه وفرة ولا ينقصه الخبراء الإستراتيجيين العسكريين والمدنيين ولديه الكثير من علماء الإدارة والتخطيط والسياسة والقانون والعلاقات الدولية لتسخير وتوظيف ما جرى من قرصنة بحرية إسرائيلية لخدمة المصالح العربية والقضية الفلسطينية،

والاستثمار العربي المطلوب والكبير أيضا في التقارب الشديد وبناء العلاقات الإستراتيجية مع تركيا حاملة لواء النصرة وإنهاء الحصار على غزة وهي قوة إقليمية إسلامية لها حسابها في الشرق الأوسط وأوروبا والعالم،

والعرب من المفروض أن يبنوا علاقاتهم من وجهة نظر المصالح العربية فقط ولا يبنوها من وجهة نظر الأجنبي لأن المصالح العربية أولى بالاهتمام،

والمطلوب حاليا بناء جبهة عربية تركية إيرانية موحدة ذات إستراتيجية واضحة ومحددة لخدمة القضايا العربية والإسلامية لقلب السياسات الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة رأسا على عقب وتحدي الغطرسة الإسرائيلية،

 وعدم السماح للإعلام الغربي والإعلام الإسرائيلي بالتلاعب في نقل الخبر والذين اعتادوا على قلب الحقائق وعدم السماح باستمرارهم في تسجيل النقاط على الإعلام العربي والإسلامي من خلال خداع العالم الغربي،

ولذلك هناك دور كبير الآن ملقى على عاتق الجامعة العربية وكافة القوى الوطنية العربية لتقوم بدور كبير في تنسيق المواقف مع الأنظمة العربية والنظام التركي والإيراني لإنشاء حلف عربي إسلامي مدافع عن قضايا الأمة الكبيرة،

والاستمرار في تهيئة الأجواء لتنفيذ كافة الخطوات الموصلة لرفع الحصار الظالم عن شعب القطاع الصابر في المحافظات الفلسطينية الجنوبية،

لأنه بدون هذا التنسيق وهذا الحلف لن يكون هناك أمل والأمل في وجه الله في تحقيق أهداف الأمة من رد العدوان وتطهير البلاد من الاحتلال والطغيان.

============================

لقاء شانزليزيه لفلسطين وبغداد

بقلم / جاكلين صالح أبو طعيمة

رفح – الحدود الفلسطينية المصرية – فلسطين

لم تلتق فلسطين وبغداد منذ زمن بعيد إلا بالوجع والويلات، ولم تشارك حتى كلتاهما في بطولة رياضية أو ثقافية معاً، فقد تعودتا أن نجتمعا فقط في الحروب والنكبات والأزمات، هنا ليس هنا بل هناك في باريس حيث المسافة الجغرافية البعيدة جدا عن فلسطين وبغداد، تقرر الاجتماع عند السادسة مساء في شارع Champs elysee وبالعربية شانزليزيه، توشحت فلسطين بكوفيتها المختلطة الألوان الأبيض فالأسود ، ولبست العراق ثوبها الطويل المغطى الرأس من أعلاه، وتزينتا بكحل لعينين سوداوين سواد الحياة فيهما واتساع الكون عاداهما، وسارتا باتجاه شانزليزيه فهي زيارة دولية ولا تعلم كلتاهما هل ستقاوما الحياة وتبقيا حتى يتقرر موعد اجتماع آخر ...

 

الشارع كبير، طويل .. ملؤه الأضواء الساطعة ليست كالتي تأتي فلسطين - بل غزة - ست ساعات باليوم بعطف دولة شقيق .. وأشجاره كبيرة منسقة جميلة تشبه أشجارا قضت في العراق ... أشجاراً كانت يوم كان العراق عراق وكان فيه دجلة والفرات....

فهذا هو الشارع الذي يقام فيه العرض العسكري السنوي تخليدا لذكرى سقوط سجن الباستيل في الثورة الفرنسية، وهو ذاته الشارع الذي تقام فيه الاحتفالات الرسمية والشعبية ومركز التظاهر، هو شارع عريق والسير فيه يعتبر سياحة واطلاع ونوع من الارستقراطية ...

 

العراق وفلسطين في شك وريب هذا ما يقوله التاريخ عن الشارع ... لكن يبدو أن التاريخ حتى هنا مزور... فرواد الشارع هم من البشرة الخمرية أو القمحية، لون الشعر أسود ، هذه لحية وهذه عيون سوداء ، بل هذه الشفاه عربية، وتلك المرأة بعباءتها وشعرها الأسود المسترسل هو شعر امرأة سعودية أو خليجية ...

 

وجوم يرتسم على محيا البائستين.. الصوت هو صوت عربي، اللهجة عربية إنهم نحن إنهم عرب، تقترب العراق وفلسطين من إحدى التجمعات على ذلك الشريط الطويل من المحلات والمطاعم والاستراحات، تتلصص الصوت المنطلق من إحدى الطاولات فتنطلق ضحكة امرأة عربية ساخرة، تقشعر لها الأبدان فتنتفض العراق وفلسطين وتتلتصقا فتلتغي حدود البلدين وتنتفي المسافات بالخوف الذي جمعهما، هم حقا عرب !... لهجتهم خليجية بل هم كما نعرفهم، لكن تلك الجلابية البيضاء والشماغ الذي يميزهم تبدل فأصبح تيشيرت وبارمودا وكوتش ونساءهم اللاتي نشرن موديل العباءات في غزة بفلسطين أصبحت ترتدي البدي والجينز وقليل منهن تضع العباءة على الجسد وخصلات الشعر تحارب الشال فيسيل أرضاً وتنطلق في الفضاء ...

 

الصدمة والذهول سيد البؤس العراقي الفلسطيني في هذا الحين، وقبل أن يأتي الليل بدأ تجول الشوارع للبحث عن مكان تقطناه فكان لليلة الواحدة ألف دولار، فهرول العراق وتبعته فلسطين ضحكا وقلة حيلة .. وآثرتا أن تكملا الليلة حتى الصباح مع شانزليزيه، وعرفتا أنه هذه الفترة من يونيو حتى أغسطس تصبح باريس قبلة للخليجيين، للاستمتاع والاستجمام وصرف ملايين الدولارات وهو ذاته الوقت الذي تشتد فيه الأزمات في العراق وفلسطين، ويزداد عدد الشهداء والجرحى ... والخليج يلهو ويمرح ويركب أحدث سيارات في العالم ويلبس أغلى الماركات ويغير لونه وجلده ولبسه ليصبح أرستقراطياً ليتمتع أكثر... و هَم العروبة يذبحه، فلم يكن من الغريب أن تحيا تركيا ويموت الخليج كله ... هذا حقا هو هم العروبة اللهو والمرح والسيارة وشانزليزيه، والأضواء التي غادرت غزة والماركات التي غزت العراق بامريكيتها ...

الشارع طويل والعرب هناك كثُر والعراق حزين قدميه تنزفا دما ،وفلسطين تربط على بطنها الكوفية لتعتصم بها من الجوع .. وكلمات رنانة في أذنتهما فلسطين والعراق هما الشغل الشاغل للعروبة وهما الجرح الذي لا يندمل، هما الهم الأول، هما قضية العرب هما الألم الذي يقض مضاجع الوطن العربي كله، فواحزناه على الوطن العربي الذي أصبح لا يَنَم وهو يتقلب ويتوجع من فرط الألم لبغداد والقدس ... وتغطي أعين العراق وفلسطين بيان مؤتمر العروبة الأول والثاني والعشرين فافترشا البيانات والتحفا الخطابات وبات رصيف شانزليزيه لهما ليلاً ولم يدفئهما سوى صوت فيروز يصدح في جنباتهما وأحياءهما الفقيرة المغتصبة ...

سنرجع يوما إلى حينا ونغرق في دافئات المنى .. سنرجع مهما يمر الزمان وتنأى المسافات ما بيننا

فلسطين والعراق هما الليل الذي لم يطلع عليه الصبح..

والسلام عليك يا عراق وفلسطين ...

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ