-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 20/05/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الطارق والمطروق في أنظمة الطوارئ

 2/2 

بدرالدين حسن قربي

واقع المعارضة المصرية يتجلى بمظاهراتٍ واعتصامات عامّة واحتجاجات عمّالية تتجدد، وصحافة تتهم، وكتابات وتصريحات بنبرة عالية جداً تُكتب وتُقال عن رجالات النظام.  كل ذلك يحدث في ظل قانون الطواريء المتهم، والذي وصلت فيه أيضاً المعارضة الإسلامية بثمانين عضواً لهم تكتل واضح ومتميز تحت قبة البرلمان، وانتخبت فيه مكتبها التنفيذي ومرشدها العام وأعلنت ذلك في مؤتمر صحفي حاشد.   ومع كل ماسبق، تعتقد المعارضة المصرية والإسلامييون في مقدمتهم أن التمديد الجديد لاستمرار العمل بقانون الطواريء وإن كان لأجل معلوم، ورغم تقييد استعماله بنص قرار التمديد نفسه 126 لعام 2010 ،فإنما هدفه خنق الحريات وزيادة القمع والتأثير على نتائج الانتخابات القادمة، والعمل على توريث السلطة ومنع تداولها، ومن ثم كان للمعارضين حراكهم السياسي، وصوتهم العالي في الاحتجاج على التمديد 

في المقابل فإن واقع المعارضة السورية أساسه أنها معارضة منفية ومهجّرة في بقاع المعمورة قسراً وهرباً، وماكان منها في الداخل فمقموع أو مسجون مع ملاحظة مهمة أن الإسلامية منها محكومة بقانون الإعدام رقم 49 لعام 1980 وليس الحظر، وإذا كان عمر حالة الطواريء في مصر قارب الثلاثين عاماً، فهو في سورية اقترب ليصبح نصف قرن من دون تمديد لأنه حتى إشعار آخر من يوم إعلانه ممدود.  وللتذكير كان الأمر العسكري رقم  1 تاريخ 8 مارس 1963  إعلاناً عن قيام ثورة حزب البعث ومجيء عسكره على ظهر الدبابات واستيلائهم بالقوة العسكرية على مقاليد نظام حكمٍ مدنيٍ ديمقراطييٍ تعدديٍ، قرأ فيه السيد/ صابر فلحوط بيان الثورة، ثم أتبعه بقراءة الأمر العسكري رقم 2 بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء سوريا حتى إشعار آخر. ثم لحقه فيما بعد المرسوم التشريعي رقم 14 لعام 1969 بعدم جواز ملاحقة أي من العاملين في إدارة أمن الدولة (المخابرات العسكرية والمخابرات الجوية والمخابرات العامة) أوالمتعاقدين معها أو المعارين إليها والمنتدبين عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكلة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن مدير الإدارة.  وعليه، فما لم يصدر مثل هذا الأمر فلاتستطيع أي جهة متضررة من الجرائم المشار إليهم حق مقاضاتهم في مقابل جرائمهم.   ثم تبعه المرسوم التشريعي رقم 69 لعام 2008 ، فضمّ عناصر الشرطة والجمارك إلى المشمولين بالمرسوم السابق ليصبح الجميع في عصمةٍ عن المساءلة القانونية مهما عملوا ومهما ارتكبوا من جرائم على حد تعبير المرسومين القديم منهما والجديد من قبل الضحايا والمعتدى عليهم. 

ولئن كان الموقف المعارض لإعلان حالة الطواريء في كافة دول منطقة الشرق الأوسط مفهوماً ومتفهّماً من بعض جوانبه الحضارية والإنسانية والسياسية باعتبار أن شعوب منطقتنا تستحق حياة فيها قدر ولو يسير من الكرامة والتقدير المفقودَين، وإنما اللافت فيه أيضاً سقوط هذا الموقف فيما عنه ينهى ويستنكر، وانكشاف قصوره وازدواجية معاييره في هذه المسألة بالذات.  فلئن كان لأصحاب الطواريء حججهم وتخريجاتهم البارعة في استمرار طرئهم وطوارئهم والتي تبدو منطقية أحياناً من أخطار خارجية قائمة، ومشاكل إقليمية داهمة، وقضايا إرهاب ومخدرات، ونوايا عاطلة لمعارضة تشكك دوماً بالسلطة وتتعامل معها بالريبة وسوء الظنّ، فإن لمعارضيهم وخصوصاً الإسلاميين منهم أيضاً تخريجاتهم وفتاويهم في المعاكسة والمشاكسة لأنظمتهم، والمقاربة والإعجاب والتأييد لسلطات عربية أخرى يمكن ان تُنعت بكل المآخذ التي تؤخذ على سلطتهم المحليّة بل هي أدهى وأمرّ.  فإن كانت مصر فيما هو مشهود تُمدّد الطوارئ علناً، وعبر مصادقة برلمانية وإن كانت شكلية، وتسمح بمناقشة علنيةٍ لسياستها، وللمعارضة بانتقادها رغم حال الطواريء، وتحظر الوجود الحزبي أو التنظيمي الإسلامي من أن يكون متاحاً وممارساً على شاكلة الموجود في الأردن مثلاً، ولكن بالنتيجة فالتنظيم موجود رغم الحظر ومسكوت عنه نسبياً، فإن في غيرها من بلدان عربية أخرى ممن يثير إعجاب المعارضة المصرية والأردنية مثلاً يعتبر أيّ كلامٍ من جنس ماسبق هو حديث في الممنوع أو التعاطي في المحرّمات التي توجب الاجتثاث والاستئصال فضلاً عن أن التيار الإسلامي بعناصره أيضاً ليس ممنوعاً فحسب، بل محكوم بالإعدام أفراداً وجماعةً بنص القانون الواضح والصريح.  

قد يبرر الإسلاميون المعارضون المصرييون منهم والأردنيون، ويتعذّرون بعمومهم أنهم بتأييدهم لبعض السلطات العربية الشمولية والطوارئية والمورّثة والمعجبين بها والمصطفّين خلفها والحاضرين لمؤتمراتها إنما هو تأييد لها في سياستها الخارجية الممانعة والمقاومة ليس غير، ولاعلاقة لهم بسياستها الاستبدادية على جماهيرها مما هو شأن داخلي.  ولكن وإن كان المعارضون على العموم والإسلاميون منهم خصوصاً أدرى بمعارضتهم وأعلم بسياساتهم، ولهم تقديراتهم وقياساتهم ومقاساتهم واجتهاداتهم واصطفافاتهم وتفصيلاتهم ومبرراتهم وفتاويهم مابين شأن خارجي وداخلي، فهل يمكن التذاكي والمحاماة عن سياسة خارجية بعيداً عن سياسة داخلية مستبدة وفاسدة إلا أن يكون موقف المدافعين فاقداً لتماسكه ومصداقيته في الدفاع عن قيم الحق والعدل والحرية عندما يقدمون تأييدهم لجهة تمارس الظلم والفساد والطواريء بأكثر مما في بلدهم بما لايقارن، وخصوصاً على أشقائهم وإخوانهم، وإلا فكيف يمكن فهم السكوت عن معاناة الآلاف من المهجرين والمنفيين عن وطنهم، أو التجاوز عن حل مشاكلهم الإنسانية العالقة، والمساعدة في العمل على إلغاء قانون الإعدام بحقهم، والكشف عن مصير عشرات الآلاف من مفقوديهم.

لاريب أن استمرار إعلان حالة الطوارئ والعمل بها بالطريقة المشهودة في بلداننا يُعتبر انتقاصاً معيباً من حريات المواطنين أينما كانوا، وازدراءً حقيقياً لكرامتهم، ومصدراً رئيساً لكافة انتهاكات حقوقهم الإنسانية، ويمنع بشكل قاطع تحقيق أيَّ برنامجٍ جادّ للإصلاح السياسي والديمقراطي والنهوض والمواجهة.  ولكن العيب كله أن نرفض بانتقائية ماهو منه في بلدنا، ونسكت عنه عندما يمارس على الآخرين بحججٍ واهية.  وقد نتفهّم مايدفع الأنظمة والحكومات الطارقة والطارئة على الدوام لإقناعنا بضرورات ومنافع حالات الطوارئ وتطبيقاتها وعدم قدرتنا على العيش بدونها، لنكمل بقية عمرنا معها وقد عشنا بمعيتها قرابة نصف قرن، وأنهم لايستخدمونها إلا من أجل أمننا وأماننا وفي الضرورات الملحة.  ولكن ماليس متفهماً أيضاً أن يكون الاستبداد والفساد لبلدٍ ما ضرورة من ضرورات الممانعة والمقاومة بل ومسكوت عنه من قبل معارضين وإسلاميين أيضاً في بلد آخر لنفس الضرورات.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ