-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 29/04/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الشرق الأوسط .. العد العكسي للمرور بنقطة اللاعودة

أ.محمد بن سعيد الفطيسي*

بالنسبة لي شخصيا لا استغرب أي تغيير استثنائي قادم قد يحدث على رقعة الشطرنج الدولية بشكل عام , وتلك الشرق أوسطية على وجه الخصوص , وتحديدا خلال الفترة من يونيو 2010 - يونيو 2011 م , حيث أننا نتصور أن هذه الفترة الزمنية ستحمل بين طياتها الكثير من التغيير والأحداث الدولية الحاسمة والخطيرة التي ستغير الكثير من المسارات الجيوسياسية , فماذا تعني هذه المرحلة دوليا من جهة , وإسرائيليا من جهة أخرى ؟:

أولا : هي فترة زمنية تفصل بين عقدين , وهما نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وبداية العقد الثاني منه , والتي نعتبرها فترة تحولات شبه حتمية ستسعى من خلالها بعض القوى العالمية للتأكيد على مكانتها الجيوسياسية الدولية بشكل نهائي خلال المرحلة الزمنية القادمة كالولايات المتحدة الاميركية وروسيا والصين على سبيل المثال لا الحصر , وهو ما يدعونا لطرح فرضية " نقطة النهاية " التي ستختم بها تلك القوى الدولية وجهة نظرها للمرحلة الزمنية القادمة , وستصنع من خلالها العقد التاريخي الذي ترغب في تشكيله بما يناسبها 0

ثانيا : هي فترة زمنية لابد أن تحدد فيها الأهداف والتوجهات الاستراتيجية وبشكل نهائي , ويتم من خلالها محاولة القضاء على ما تبقى من الإشكاليات والعقبات المتبقية من العقد الذي سينصرم لاحقا , والتي تنظر إليها تلك القوى العالمية على أنها ستشكل عائقا لها خلال الفترة الزمنية القادمة , فهي لا ترغب بالدخول الى العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين , وعلى كاهلها الكثير من المشاكل والتحديات والعقبات , وبالتالي فان هذه الفترة الزمنية ستكون الأخيرة قبل انصرام العقد الأول لتحقيق ذلك الهدف , والقضاء على تلك العقبات 0

بل ربما ينظر إليها البعض الآخر على أنها الفرصة الأخيرة لتحقيق ذلك , وإلا فانه سيضطر لتحمل المزيد من المعاناة والخوف والتبعات , ونتصور ان مستعمرة الكيان الصهيوني تنظر الى الأمر من هذه الجهة , فليس أمام إسرائيل خلال الفترة القادمة سوى خيارين أحلاهما أمر من الآخر , بل الأسهل منه أصعب بكثير عليها من غيره , فخيار السلام تحديدا سيعني تنازل إسرائيل عن المزيد من الأراضي المحتلة في فلسطين وسوريا ولبنان , وبالتالي تناقص مساحتها الجغرافية وتقلص عمقها الاستراتيجي , وهو ما ترفضه الأكثرية القيادية في إسرائيل 0

أما الخيار الآخر فهو خيار الحرب ونشر الفوضى العسكرية , لذا فقد توفرت لهذه الأخيرة من جهة العديد من الأعذار والأسباب التي يمكن ان تستغلها لإشعال فتيل الحرب في المنطقة , وذلك لتغيير الخارطة الشرق أوسطية لصالحها , كما أنها ومن جهة أخرى تعاني العديد من التغييرات الداخلية التي تفرض على صانعي القرار الإسرائيلي ومحركيه وتلك الشريحة القيادية الصهيونية السياسية تسريع وتيرة المخططات التي ترى من وجهة نظرها بأنها ستخفف من الضغوطات الداخلية عليها , وتحديدا تلك التي تلامس البعد القومي لإسرائيل , وإلا فان المستقبل سيحمل لها العديد من التحديات والعقبات التي لن تستطيع تحملها حتى بخيار السلام 0

ومن ابرز تلك المخططات والأهداف التي ستحاول المستعمرة الإسرائيلية تسريع وتيرة فرضها على ارض الواقع خلال هذه الفترة الزمنية , تحقيقا لأهدافها الاستراتيجية سالفة الذكر التالي :

أولا : القضاء على البرنامج النووي الإيراني بطريقة او بأخرى , وخصوصا أن البيئة الدولية قد أصبحت اليوم مناسبة لتحقيق ذلك , فها هي إيران تعلن كل يوم عن انجاز جديد على هذا المسار المرفوض دوليا , هذا بخلاف الانجازات العسكرية وتصاعد وتيرة الخطاب السياسي العدائي الموجه لها , وبالتالي فان هذه الفترة الزمنية مناسبة لتوجيه ضربة عسكرية حاسمة للقدرة النووية الإيرانية وبشكل نهائي , وخصوصا بعدما أكدت الولايات المتحدة الاميركية ومصادرها الاستخبارية إمكانية امتلاك إيران للسلاح النووي خلال فترة زمنية تتراوح بين سنتين وخمس سنوات 0

ثانيا : تعزيز قدرتها الاستراتيجية على الأرض , وذلك بتعميق البعد الاستراتيجي على المسارين السوري واللبناني , فإسرائيل تعيش منذ عقد من الزمن تقريبا رعب إمكانية تشكيل تحالفات عسكرية تهدف لإضعاف عمقها الاستراتيجي الضعيف أصلا , وربما القضاء عليها لاحقا , وهو ما يدفعها بين فترة وأخرى للتخبط والجنون وهستيريا فرض العضلات والقوة على جيرانها 0

وربما تتصور ان هذه الفترة الزمنية القادمة هي فرصتها الأخيرة لضرب سرب من العصافير بحجر واحد , فبضرب المنشات النووية الإيرانية ستقضي على قلقها الأول الكامن بالقوة الإيرانية وتهديداتها , ومنها القضاء على حليف استراتيجي للجمهورية السورية التي تحاول تحقيق حلم استعادة هضبة الجولان يوما ما , وعليه ستحافظ على قوة عمقها الاستراتيجي بالمحافظة على الجولان , الذي بدوره سيمنحها التفوق الاستراتيجي في محيط تلك المنطقة 0

كما انه وبتحجيم ذلك الحلم السوري باستعادة الجولان العربية السورية , وإضعاف القوة الاستراتيجية الإيرانية والسورية – من وجهة النظر الإسرائيلية – سيقضي على مخاوفها المتزايدة من قوة حزب الله اللبناني , وربما بضربة عسكرية موازية للمنشات النووية الإيرانية ستقضي بشكل نهائي على هذا المارد الذي طالما شكل تهديدا استراتيجيا للأمن القومي الإسرائيلي 0

ثالثا : ستشغل الأحداث سالفة الذكر المجتمع الدولي عن الانتباه الى ما هو دون ذلك , - ونقصد – قيام إسرائيل بالقضاء على كل أشكال المعارضة والقوة الفلسطينية , وذلك من خلال غزو جديد وربما حاسم لغزة والضفة الغربية , وذلك بهدف تامين المحيط المجاور للمستعمرة الإسرائيلية الكبرى , وخصوصا إذا ما علمنا ان ذلك سيرافقه الكثير من أشكال الفوضى السياسية والعسكرية , التي لن تترك مجالا لوعي المجتمع الدولي لتلك الجرائم التي ستحدثها مستعمرة الخوف تجاه الفلسطينيين بشكل خاص 0

رابعا : ستتغير أوتوماتيكيا نظرية الحرب والسلام في الشرق الأوسط حينها , وخصوصا ان تم القضاء على إيران وتحجيم سوريا واحتواء حزب الله , فبعد ان كان يفترض من إسرائيل أن تطالب هي بالسلام نظير بعض التنازلات , ستضطر الدول العربية وقتها للموافقة على شروط السلام الإسرائيلية , وبالتالي فهي فرصة أخيرة لقلب المعادلة والقضاء على ما تبقى من الأصوات العربية المعارضة للسلام مع إسرائيل , وبالتالي تكميم أفواهها وبشكل نهائي , وهو ما سيرافقه رسم خارطة جيوسياسية جديدة للشرق الأوسط بشكل عام ولدول الجوار الإسرائيلي بشكل خاص , ستكون بمثابة اللوحة النهائية التي سترسمها إسرائيل لرغباتها وأهدافها وطموحاتها بالمنطقة العربية 0

وها نحن اليوم نسمع واحدا من تلك الإرهاصات والمقدمات الصهيونية للإعداد للسيناريو القادم , - ونقصد – المزاعم الإسرائيلية بان سوريا تنقل صواريخ سكود الى حزب الله اللبناني , بهدف تغيير التوازن العسكري في المنطقة , حيث زعمت عدد من القيادات الإسرائيلية بان الرئيس السوري بشار الأسد يعمل على زيادة التعاون بين القيادة العسكرية السورية وحزب الله وإيران ، لذا عملت سوريا على نقل هذه الصواريخ المصنوعة بتكنولوجيا روسية أو كورية شمالية الى حزب الله ,

وبحسب إسرائيل فإن حزب الله يملك أكثر من أربعين ألف صاروخ يصل مدى بعضها إلى 300 كلم وهى قادرة بالتالي على بلوغ كبرى المدن الإسرائيلية , وخلال الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان فى صيف العام 2006م , أطلق حزب الله أكثر من أربعة آلاف صاروخ على شمال إسرائيل ما اضطر مليون شخص إلى الاحتماء فى الملاجئ أو النزوح إلى جنوب البلاد , وهذا جزء مما ترغب إسرائيل في القضاء عليها وتجنب وقوعه مرة أخرى 0

قد يقول قائل : بان إسرائيل والولايات المتحدة الاميركية ليستا في وضع مناسب للقيام بذلك التغيير في هذا الوقت بالتحديد ولأسباب كثيرة جدا , وخصوصا ضرب إيران , فنقول ربما ذلك صحيح من نواحي عديدة بالنسبة للولايات المتحدة الاميركية , ولكن لن يعني ذلك كثيرا بالنسبة لإسرائيل , فهي في موقف صعب للغاية داخليا , وتعيش حالة من الرعب المستمر خارجيا , كما أنها لم تعد قادرة على مواصلة خيار السلام مع العرب بالطريقة التي يريدها العرب , ولم يعد أمامها من طريقة سهلة لتحقيق أمنها الاستراتيجي في ظل الطموحات الإيرانية والرغبات السورية والقوة المتمثلة بحزب الله , وغيرها الكثير من المعوقات والتحديات 0

كما ان خيار الحرب بالنسبة لها قد يكون سهلا , خصوصا إذا ما علمنا ان امن إسرائيل سيكون مقدما على امن الولايات المتحدة الاميركية ودول أوربا بأسرها في ذلك الوقت , وبالتالي فمستعمرة الكيان الصهيوني لن تكون وحيدة إذا ما قامت الحرب , بل هي على يقين من ان العالم بأسره سيقف معها حينها , وسيتحمل معها تبعات ما سيحدث , وبالتالي فليكن ما يكون , ولنضع العالم أمام الأمر الواقع 0

خلاصة الأمر , أن هذه الرؤية التحليلية التي تؤكد أن هناك ما يدور ويعد للشرق الأوسط , وتحديدا على المسارات الثلاثة " إيران – سوريا - لبنان " خلال المرحلة القادمة , وعلى وجه الخصوص الفترة الزمنية المحددة سلفا , ليست أكثر من رؤية تحليلية ذاتية قد تحتمل الصواب أو الخطأ ألاستشرافي , و- بتصوري – ان العالم لن يعبر عتبة العام 2011م , سوى بخارطة جيوسياسية جديدة للشرق الأوسط الذي بدأ يتغير أصلا منذ العام 2001م , من خلالها سيتم رسم معالم النظام الإقليمي , وتحديد القوى الإقليمية التي ستعد لاحقا " قوى الثقل الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط ".

ــــــــــ

* باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية , رئيس تحرير صحيفة السياسي التابعة للمعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية

azzammohd@hotmail.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ