-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 26/04/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


لا يُعطى السلامُ لمن يَستَجديه

بقلم: فراس ياغي

حقائق النفس البشرية ليست ظاهرة غريبه، وهي تعبر عن ذاتها في كثير من الاحيان وفقا لهواجس ترافق الانسان في مسيرة حياته، خاصة إذا إعتقد أن فكرته ورؤيته الصادقة يمكن أن تتحقق بمجرد الحديث عنها بشكلٍ مستمر أو من خلال إثبات ذلك بتطبيق المطلوب منه من طرف واحد...ولكن حُسن النية والصدق لا تكفي في زمن المصالح، والدعوة لمفاوضات مع الاحزاب الاسرائيلية والمنظمات اليهودية المختلفة في العالم ليست بذي فائدة، فأصحاب القرار موجودين في الحكم وليسوا المعارضة، والدفاع عن الموقف في عدم تضيع الفرص غير مجدي أبدا في ظل واقع فلسطيني وعربي يتميز بالتجاذبات بين محاور مختلفة، والسلام لا يتم بالحديث المعبر عن نيةٍ شخصيةٍ لدى هذا الزعيم، أو عن أمل يعتريه بداخله منذ عقود من الزمن، وعن أحلام تأتيه في كل لحظه، في منامه وفي صحوته، وحتى الحديث عن السلام كمصلحة أمريكية حيوية في المنطقة أيضا لا يمكن أن يكون بديلا عن الفعل الشعبي الواسع والمقاوم لكل المخططات الاسرائيلية الرامية لتكريس واقع تم تكريسه أصلا، وحتى الادارة الامريكية الحالية والادارات السابقة سوف تأخذ بالحسبان كل هذا الامر الواقع في المفاوضات، ومجرد الاعلان عن الموافقة على مفهوم "تبادل الاراضي" يعني تكريس لواقع الامر الذي فرضته اسرائيل في الضفة الغربية والقدس، فمساحة الضفة الغربية تشمل كل التكتلات الاستيطانية ومناطق الحرام والاغوار وليس مساحة ارض أخرى في الشمال او الجنوب، وسنتيمتر واحد في القدس الشرقية لا يساويه آلآف الدونمات في اي بقعة أخرى رغم أن مفهوم التبادل لا ينطبق على الاراضي التي تم السيطرة عليها في القدس الشرقية والتي يُعَبّر عنها كأحياء عربية...المشكلة ليست في خطابنا ولا في توجهنا ولا في حُسن نيتنا، فأساس كل شيء نابع من عدم وجود جاهزية لدى الجانب "الاسرائيلي" لا في السابق ولا حاليا لدفع استحقاق السلام المبني على أساس حل الدولتين والانسحاب من الاراضي المحتلة عام 1967 كافة وباستقلال تام وبالقدس الشرقية عاصمة لها وحل مشكلة اللاجئين على اساس القرار الدولي 194، وحتى المرحوم "رابين" هو صاحب مقولة "لا تاريخ ومواعيد مقدسة"...الآن، وكما يبدو لسنوات طويلة، التوجه لدى المؤسسة الاسرائيلية هي فرض السلام التي تُريد وعلى طريقتها وفقا لمفاهيمها الامنية والايديولوجية بشكل أو بآخر ومستندة لمفهوم السيطرة على كل شيء وأي شيء حماية لخاصرتها المركزية.

عمر القضية الفلسطينية يؤكد بأن امكانية حل الدولتين اصبح في مهب الريح، فلا قرار التقسيم تم مُراعاته، ولا التنازل عن 78% من أرض فلسطين التاريخية تم احترامه، ولا حتى اتفاق "أوسلو" الهزيل تم تطبيقه، ما يُؤشر، يزيد من القناعة بأن صُناع القرار في إسرائيل حَسموا أنفسهم تجاه الحلول المرحلية والفصل الاحادي الجانب، وما الحديث عن نسبة المؤيدين للسلام التي تصل الى 84% من الاسرائيليين سوى تعبير عن تأييدٍ لسلام من نوع خاص ويأتي بشكل عام وليس كتأييد لدولتين على اساس حدود عام 67 كاملة، وما يُمكن أن يؤسس لفرض السلام لا يكون الا بأن يعلم الاسرائيلي قبل غيره بأن خسائره من الاحتلال أكبر بكثيير من فوائده، فلا يتحقق السلام المنشود بدون جهد على الارض وبدون فعاليات يومية مستمرة شعبية تواجه الاستيطان والجدار وكل الممارسات الاخرى، شرط أن يكون ذلك وفق خطه واضحه وبدعم مباشر من قبل القيادة الفلسطينية بطريقة عَملية وليس نظرية خطابيه...المفاوضات لوحدها لن تجلب لنا سوى جدار آخر ومصادرة أراضي واستيطان وفرض السيطرة والامر الواقع الحالي على عاصمتنا المنشودة القدس الشرقية وتطويره بما يعزز خطة تحويل العرب لمجرد أقلية بنسبة 12% من عدد السكان الكلي، ويكفي فقط النظر في مرآة التفاض التي تعكس حقيقة الامر، وكما يقولون "المرآة تعكس الصورة الحقيقة كما هي، لانها لا تفكر".

إن المصالح الحيوية الامريكية في المنطقة بالفعل بحاجة لحل قضية القضيات، المشكلة الفلسطينية، ولكن هذا لا يعني أن هذه الادارة التي تؤكد يوميا على دعمها لحل الدولتين وعلى جديتها في مواصلة جهود السلام في المنطقة، قادرة على فعل ذلك بدون تحرك عربي فعلي يُهدِّد بمس مصالحها في المنطقة، وبدون مصالحة فلسطينية تَزيل كل المبررات بعدم وجود قيادة فلسطينية قادرة على تبني الحل الشامل، وفي سياق ذلك يجب التأكد من جدية الموقف الامريكي واختباره من خلال مثلا التوجه لِ "مجلس الامن" لاستصدار قرار ملزم لاسرائيل بالغاء القرار العسكري رقم 1649 وتعديلاته والقاضي بترحيل الفلسطينين عن أرضهم، وبغض النظر عن عنوانهم، فهم فلسطينيين اولا ومن حقهم العيش في اي بقعة في فلسطين وفقا لقرارات الشرعية الدولية و"ميثاق جنيف" الذي يؤكد على وحدة الارض المحتلة وعدم احداث اي تغيير عليها...اتخاذ قرار من "مجلس الامن" بهذا الخصوص بدون "فيتو" أمريكي سوف يبين للشارع الفلسطيني بالاساس مدى وعمق التوجه والتغيير في السياسة الامريكية بما يتعلق بعملية السلام، ومدى الجدية التي تتغنى بها هذه الادارة في كل يوم وفي كل زيارة يقوم بها المبعوث الامريكي "ميتشيل"، فالانسان الفلسطيني الذي يلمس بشكل يومي كل شيء على الارض بحاجة لان يعرف مدى التغيير اذا كان هناك تغيير أصلا، وبالذات الموقف الدولي والامريكي على الاخص تجاه هذه الممارسات...الشعب فقد ثقته من زمن بعيد بعملية السلام، وهو غير معني مطلقا بجهود "ميتشيل" وغيره، بل لا يتابعها ولا يرى نتائج لها، وهو مشغول بحياته اليومية المرهقة بسبب الحواجز العسكرية ومصادرة الاراضي وهدم البيوت وجدار الفصل العنصري، وأخير وليس آخراً قرار الترحيل، إضافة الى الاحباط  الذي يسود النخب الواعية والتي عادة هي التي تقود الشارع كنتيجة للانقسام القائم، بل إن الشعب وصل لدرجة يأس الشاعر الشعبي "احمد فؤاد نجم" حين قال في قصيدته "نفسي في صنف حشيش..ينمل الدماغ وينضف النخاشيش..علشان أنسى طابور العيش..وأخش في الغيبوبة..وأنسى مشكلة الانبوبة..وانسى الطلعه الاولى الجويه.. والمصالحه الفلسطينيه..وانسى فتح وانسى حماس..وانسى ...و...الخ" ... فقط، تحرك عبر المؤسسات الدولية وبمختلف أصنافها مع تحرك سلمي وشعبي وتعزيز صمود الانسان الفلسطيني باحياء تشكيل "لجان الاحياء الشعبية" وبالذات في القدس ومناطق "سي" والقيام بخطوات فعليه من قبل السلطة والحكومة لدعم هذا التوجه، كفيل باحداث نقلة نوعية لدى الشارع الفلسطيني وبتوحيد الجهود في مواجهة المخططات الاسرائيلية البعيدة كل البعد عمن يريد تحقيق السلام، لا بمفاوضات مباشرة ولا بمفاوضات غير مباشرة او مفاوضات تقريب وجهات النظر عبر الوسيط الامريكي.

صاحب الحق والضحية المستندة الى مبادئ وأخلاق وقيم لا يمكن أن تقوم دائما بتقديم القرابين لاثبات جديتها وتوقها للسلام، ونحن نقدم ذلك منذ عقدين من الزمن ولا نزال، واليوم جاء الوقت لكي يثبت العالم وعلى رأسه الولايات المتحدة انهم هم من عليهم تقديم هذه القرابين لنا لكي نقبل نحن بالسلام الذي طرحناه منذ عام 1988، فقد ثبت للقاصي والداني أن أكثر زعيم فلسطيني يؤيد السلام ويدعمه بقوة لا يتم اعطاءه شيئا، بل لو قدم الشمس والقمر هدية لهم مقابل السلام لما أعطوه إياه مطلقا، والسبب ليس ضعفه كما يَدعون، ولا قدرته الفريده على تلقي الصدمات والاستمرار بنفس النهج، وإنما لأن السلام يُؤخَذ ولا يُمنح، السلام يأتي كنتيجة لتوازن قوى ليس بالضرورة أن يكون عسكري، توازن بمفهوم المصالح أحيانا، وبمفهوم الاستراتيجيا أحيانا أخرى، السلام لا يُعطى لمن يستجديه، بل لمن يَعمل عليه استنادا لشعبه وقواه ونخبه وشرائحه المختلفه، فتحقيق السلام مع قوى الاحتلال علميا تتأتى كنتيجة للصراع مع حركة التحرر، يحصل الاحتلال على الامن كنتيجة للسلام، وليس العكس، وإتفاق "بلفاست- الجمعة العظيمة" لحل مشكلة إيرلنده الشمالية ماثلة أمامنا..وما تأكيدنا المستمر في خطاباتنا على أننا ننشد السلام إلا تعبير عن رؤيا خيالية لا تستند للواقع الشعبي بشيء، واسقاط نفسي للعجز عن تحقيق هذا الحلم...لقد أصبحنا مريضين نفسيا بمرض المفاوضات والسلام من طرف واحد، في حين الجانب الآخر من الجدار يستمر بخططه، بل يُصرح بها، ويكفي مراهنة "نتنياهو" مع أحد وزراءه، على انه سيضاعف الاستيطان أربعة مرات بعد انتهاء فترة التجميد المزعومة للاستيطان في الضفة بدون القدس بعد خمسة شهور من الآن، فَ "لم يتغير شيء...ولكن كل شيء تغير" على رأي الفيلسوف الفرنسي "جان بول سارتر"

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ