-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 10/04/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


تآكل إسرائيل من الداخل

بقلم: د. فوزي الأسمر

يعصب على المراقب من الخارج أن يدخل إلى أعماق الصراع الدائر داخل إسرائيل، والتحديات التي تواجهها حكومة وشعبا. فالواقع أن هناك أكثر من تحد وأكثر من محور يدور فيها هذا الصراع والذي يترك بصماته على كل مجريات الحياة داخل الكيان الصهيوني. ولكن هناك ثلاث تحديات أساسية يواجهها  هذا الكيان .

 

ففي المقدمة يقف الصراع النفسي بين السير في الطريق التي شقتها الحركة الصهيونية له، وبين التعامل مع الواقع المحلي والعالمي. ولهذا السبب تطفو على السطح خلافات أساسية بين اليمين واليسار الصهيوني وبين اليمين الصهيوني والحركات والطوائف الدينية اليهودية الموجودة في إسرائيل. وهناك التحدي الذي يبرزه عرب 1948.

 

فقد كان اليسار الصهيوني دائما حذر من سيطرت اليمين الصهيوني على البلاد. وهذا هو السبب الرئيسي الذي دفع أحد مؤسسي الدولة الصهيونية والحركة العمالية اليهودية، دافيد بن غوريون، بأن يصدر أوامره بقصف وإغراق السفينة "ألطلينا " عندما رست أمام شواطئ تل ــ أبيب (يوم 22 حزيران/ يونيو 1948).

 

السبب في ذلك يعود إلى أن هذه السفينة كانت تحمل على متنها 930 شابا يهوديا قادمين من أوروبا ينتمون إلى منظمة "إتسل" التي كان يتزعمها مناحيم بيغين، مع أسلحتهم وعتادهم. وبالفعل قام مقاتلون من منظمة "الهاجناه" التابعة لليسار الصهيوني بقيادة الجنرال يغال يادين بقصف السفينة وإغراق كل من فيها من البشر مع سلاحهم  وعتادهم. وفي تصريح نسب إلى بن غوريون  يقول فيه: "لو وصلت هذه المجموعة إلى داخل البلاد لاختل توازن القوى وخسرنا السيطرة على الحكم".

 

ولم يكن هذا مجرد عمل عابر أو تصريح لتبرير الأوامر التي أصدرها بن غوريون في حينه، بل كانت هذه عقيدة راسخة في فلسفة حياته. وقد نقلت صحيفة "هآرتس" (31/3/2010 ) في مقال كتبه أحد محلليها السياسيين الرئيسيين، أمير أورن، اقتباسا مطولا  ننقله كما ورد:

"انتظر رئيس المخابرات الإسرائيلية العامة، عاموس مانور، في مبنى الكنيست القديم في القدس، رئيس الوزراء في حينه دافيد بن غوريون والذي إنتهى من إلقاء خطابه، عن نيته في إقامة الحكومة الجديدة  بدون حزب حيروت والحزب الشيوعي الإسرائيلي. وبعد عدة سنوات روى مانور لصديق له وهو رجل الأعمال إسحاق غاديش عن حوار دار بينه (أي بين  مانور) وبين بن غوريون وهما في طريقهما لمكتبه.

 

سأل مانور لماذا حكومة بلا حزب حيروت؟ إنني أفهم أن تقوم حكومة بدون الحزب الشيوعي، ولكن بدون حزب حيروت؟  لماذا؟ إنهم (أي أعضاء هذا الحزب) يهود، وصهيونيون، ووطنيون. وكعادته لم يجب بن غوريون فورا. وعندما وصلا إلى مدخل مكتب رئيس الوزراء، توقف  وأمسك بأحد أزرار معطف مانور وقال له: عاموس، أنهم  متهورون، أعطهم الحكم وقد يعملوا على القضاء على الدولة".

 

فهناك في إسرائيل من يزال يعتقد أن بن غوريون على حق في تقييمه لموقف اليمين الصهيوني. ولعل الصراع الأخير بين بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أقنع الكثيرين بوجهة نظر بن غوريون. ولهذا السبب أعيد نشر هذه الأفكار بعد 37 سنة من وفاته.

 

والتحدي الثاني داخل المجتمع اليهودي في إسرائيل هو موقف المستعمرين والمتدينين اليهود. فقد قويت شوكتهم مع وصول اليمين المتطرف إلى سدة الحكم، وسيطرتهم على الأغلبية في الكنيست. وقد ظهر الصراع بين العلمانيين والمتدينين في أكثر من موقف لدرجة التصادم بين الفريقين وسقوط جرحى.

 

ثم بدأت المطالبة من جانب الأحزاب المتدينة بضرورة تغيير بعض المناهج التعليمية لتتوافق مع التطلعات التي تتبناها هذه الأحزاب، وهو أمر أثار غضب الكثيرين من اليهود في إسرائيل.

 

ولم تقتصر الأمور عند هذه الحد، بل أخذ المستعمرون والمتدينون اليهود بتحدي الحكومة الإسرائيلية، فأقاموا محطة إذاعة خاصة بهم أطلقوا عليها إسم "جالي يسرائيل" (هآرتس 23/2/2010) هذا إضافة إلى الصحف والمطبوعات الأخرى التي تصدرها هذه المستعمرات اليهودية، والتي تحمل النقد والتحريض على الحكومة وحركات السلام في إسرائيل والعالم.

 

وقد أعرب قادة الجيش الإسرائيلي عن قلقهم بسبب رفض بعض الجنود المتدينين تنفيذ أوامر قادتهم المتعلقة بالمستعمرات اليهودية والمستعمرين اليهود وقد طالب هؤلاء القادة بضرورة اقتلاع الأعشاب البرية المتفشية  بالجيش (معاريف 17/11/2009).

 

ورفع المتدينون هذا الوضع درجة إضافية، عندما طلب القائد الروحي الحاخام زلمان ميلامد من الجنود المتدينين القيام بمظاهرات احتجاج أمام معسكراتهم ضدّ أوامر قادتهم التي تطالب بتفريغ بعض المستعمرات (العشوائية). (يديعوت أحرونوت 23/12/2009)

 

وفي مقال مطول نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" واسعة الانتشار قبل سنة (2/6/2009) جاء فيه أن القيادة الدينية تحرض الجنود على الفتك بالفلسطينيين ويقف قادة الجيش لا حول لهم ولا قوة.

 

تقول الصحيفة: "الشيء المخيف هو المسيرة التي نمر بها ... أنظروا ماذا يحدث في جيش الدفاع الإسرائيلي. ففي الحرب الأخيرة في غزة افتخر الجنود الذين يلبسون القبعات (التي يضعها الرجل المتدين اليهودي على رأسه) بعددهم الكبير في الوحدات المقاتلة وبين القادة في الجيش أيضا. ولكن تبين أيضا أن بعض القادة المتدينين في الجيش رافقوا هؤلاء المقاتلين وشجعوهم على القتال، بل وزعت هذه القيادة كتيبات للجنود تطالبهم فيها بمعاملة العدو بوحشية وتحذرهم من الرحمة بهم. وتقول هذه الكتيبات أنه يجب عدم التنازل عن أية قطعة من أرض إسرائيل، لأنه لا يوجد أي حق للفلسطينيين للعيش عليها  وطبعا يجب عدم منحهم دولة".

 

وتبين من استطلاع للرأي العام اليهودي في المستعمرات اليهودية أن 21 بالمائة من الشباب يعتقدون أنه يجب معارضة إخراجهم من مستعمراتهم بقوة السلاح إذا حاول الجيش الإسرائيلي القيام بذلك. كما تبين أن 54 بالمائة من سكان المستعمرات اليهودية لا يعترفون بحق حكومة إسرائيل أن تقرر إخلاء المستعمرات (أجرى هذا الاستطلاع مركز أبحاث ترومان من أجل السلام ومقره القدس ونشر يوم 31/3/2010). هذه صورة مقتضبة عن بعض هذه التحديات التي تقلق الكثير من الإسرائيليين ومن قادة الجيش وقليل من قادة اليمين الحاكم.

 

وأما التحدي الثالث فهو تحدي عرب 48 الذي واكب كل الأجيال العربية في الداخل منذ النكبة الفلسطينية. وقد كُتب الكثير عن التحدي الذي يواجهه الكيان الصهيوني خصوصا من الأجيال العربية التي ولدت وتثقفت وترعرعت  في إسرائيل.

 

وقد جاءت أخر إشارة  إلى ذلك  من  وزير الحرب الإسرائيلي السابق، موشه أرنس في مقال له حمّل فيه حكومات إسرائيل مسؤولية تطرف عرب 48 خصوصا الأجيال الصاعدة كون أن هذه الحكومات لم تعمل على دمج عرب 48 في حياة الدولة. ولإثبات وجهة نظره، أشار أرنس في مقاله إلى مظاهرة "يوم الأرض" التي انطلقت في قرية سخنين في الجليل، حيث رفع المتظاهرون الشباب صور السيد نصر الله، الأمين العام لحزب الله، وصور للشهيد عماد مغنية. (هآرتس 6/4/2010).

 

فالموضوع الذي لم يتطرق إليه الكاتب هو أن دولة صهيونية لا يمكن لها أن تمنح مواطنين غير يهود فرصة الاندماج في الدولة بدون التنازل عن أيديولوجيتها العنصرية. ويرى الكثيرون من المفكرين اليهود أن موضوع عرب 48  وهو أكبر تحد تواجهه إسرائيل منذ قيامها، وأن هذا التحدي يتزايد بشكل مستمر مع مرور السنين.

 

هناك تحديات أخرى تواجه الكيان الصهيوني، ولكن التحديات الثلاثة المذكورة أعلاها هي التي تلعب دورا رئيسا في حياة رجل الشارع اليهودي في إسرائيل والتي يمكنها أن تقرر الكثير بالنسبة له ولمستقبله ومستقبل عائلته.

ـــــــــــ

*كاتب وصحافي فلسطيني يقيم في واشنطن.

FAsmar1@aol.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ